بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد
فأشكر أخي فضيلة الشيخ نزار بن هاشم العباس عن ذوده وذبه بالحق عن عرض الإمام العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ونفعنا الله واياكم بعلمه
في بيان إثبات إنكار المعطلة الجهمية لعلو الله سبحانه وتعالى مع بيان ان الفلاسفة وكفار قريش أثبتوا علوا الله سبحانه وتعالى و قد شذت الجهمية عن جماعة المسلمين فأنكرت صفة العلو الثابتة لله سبحانه وتعالى في كلامه تعالى وتقدس وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم وعليه وعلى هذا المعتقد إجماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وكلام الإمام ربيع هذا لم يأت به من كيسه وإنما مؤكد وناقل ومقرر وشارح لما عليه أئمة السنة والحديث وشيوخ الاسلام من السابقين الذين قاموا في تقرير معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وهذا يدل على بيانهم للحق بدليله مع انصافهم وصدقهم وعدلهم حتى وان كان المنقول عنه من كفار قريش أو من ملاحدة الفلاسفة .
وانكار المعطلة الجهمية مشهور منشور في كتبهم حتى عوامهم يقولون عن الله : ( الله موجود في كل مكان ) أو( الله في كل مكان ).
وقد تضمنت عبارات الجهمية المعطلة وعوامهم معاني باطلة منها :
( اولا )
إنكار علوا الله سبحانه وتعالى على خلقه .
( ثانيا )
عدم تنزيه الله عن الأماكن القذرة كالحشوش وغيرها تعالى ربنا وتقدس.
( ثالثا )
مخالفة كلام الله سبحانه وتعالى في إثباته علوه
( رابعا )
تكذيب خبر الله سبحانه وتعالى وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم .
( خامسا )
مشاققة ومخالفة ومضادة لما عليه إجماع المسلمين .
والعلو صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى ومن اسمائه الحسنى ( العلي )
ولله سبحانه وتعالى
علو القدر
وعلو القهر
وعلو الذات
وقد أتى اثبات علو الله في كلام الله سبحانه وتعالى
في آيات كثيرة منها :
قوله تعالى وتقدس:
{ أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ }
وقوله تعالى وتقدس:{ وَهوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}
وقوله سبحانه وتعالى:{ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}
وقوله عز وجل : { عَالـمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الـمُتَعَالِ }
وقوله تعالى: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}
وقوله سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}
وأما من السنة فالأحاديث متوافرة متظافرة متواتره على إثبات صفة علو الله سبحانه وتعالى منها حديث الجارية وفيه سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم لها( : أين الله؟. قالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أعتقها؛ فإنها مؤمنة)
رواه أحمد ومسلم
ودلت الفطرة السليمة والعقل السليم
مع اجماع أهل الاسلام على هذا المعتقد الطيب.
وهذا الإنكار على الإمام ربيع جاء من رجلين :
[ الأول ]
رجل جاهل ؛ فعليه أن يطلب العلم ومع هذا فليس له التقدم والتجرؤ جهلا فيرد كلام كبار علماء الإسلام اذ هذه الطريقة فيها سفه وطيش وقلة ادب
وقد عرفنا الشيخ ربيع بقبول الحق ومن المشهور عن هذا الإمام قوله : " لو رد علينا طالب علم بالثانوي وهو محق لقبلنا قوله " اذكرها بالمعنى .
وطالب العلم لا يشغب علنا على العلماء بلا وجه حق مع خلوه من الدليل والادب والانصاف بل هذا عين الظلم والاعتساف .
[ الثاني ]
صاحب ضلالة وفتنة
فهذا لا عبرة بكلامه ومردود عليه تشغيبه وسوء فعاله وفساد مقاله .وذلك أنه يريد الانتصار لحزبه من المعطلة الجهمية .
وقول الإمام ربيع أنهم أشر من الفلاسفة وكفار قريش حق
لأن الفلاسفة : لأن الفلاسفة أثبتوا علو الله سبحانه وتعالى على خلقه
وإن تضمن اثباتهم للعلو اثبات اله مجرد عن الأسماء والصفات ويصفونه بالسلوب والعدم .
وأما كفار قريش : فقد ذكر الله عنهم ما يدل على أنهم يثبتون علوه سبحانه وتعالى ؛ قال الله تعالى وتقدس : { قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ }
وهذا إثبات لتوحيد الربوبية ومع هذا لم ينفعهم لعدم اتيانهم بتوحيد الألوهية.
ومن ذلك ما ورد عنهم في السير والتاريخ إثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى
ومن ذلك ابيات أمية ابن أبي الصلت :
" لك الحمد والنَّعماء والمُلك ربنا
فلا شيء أعلى منك جَدًّا وأمجدُ
مَليك على عرش السماء مهيمن
لعزَّته تَعنو الجِباه وتسجدُ
مليك السموات الشِّداد وأرضها
وليس بشيء فوقنا يتأوَّد
تسبِّحه الطير الكوامن في الخفا
وإذ هي في جوِّ السماء تَصَعَّد
ومن خوف ربي سبَّح الرعد حمَده
وسبَّحه الأشجار والوحش أُبَّدُ
من الحقد نيران العداوة بيننا
لأنْ قال ربي للملائكة: اسجُدوا
لآدم لما كمَّل الله خلْقَه
فخرُّوا له طوعًا سجودًا وكدَّدوا
وقال عدوُّ الله للكِبر والشقا:
لطين على نار السموم فسوَّدوا
فأخرَجه العِصيان من خير منزلٍ
فذاك الذي في سالف الدهر يحقِدُ "
وهؤلاء الجهمية المعطلة انكروا صفة العلو فأصبح فعلهم هذا أشر من فعل الفلاسفة وكفار قريش .
ولا يسعنا في ختام كلمتنا هذه الا شكر الاخ الشيخ نزار بن هاشم العباس على موقفه الشجاع الذي انتصر فيه للحق وأهله وليس بمستغرب منه فله وقفات أخرى في الذب عن عرض أئمة الاسلام وعن دين الاسلام. ثبتنا الله واياكم وأخانا الشيخ نزار على التوحيد والسنة ورزقنا الله واياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة
واللهم أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
*.........................*
*كتبه وأملاه الفقير الى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني*.