بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }.
أما بعد:
فقد اطّلعت على رسالة للشيخ هوشيار بن احمد من بلاد الأكراد وفقنا الله وإياه واياكم إلى مايحبه الله ويرضاه.
تحدث فيها عن وقوع بعض الصحابة رضي الله عنهم في الشرك مستدلا بما فهمه من كلام اهل العلم في إيضاحهم وشرحهم لحديث ذات أنواط وهو حديث ابي واقد الليثي رضي الله عنه وسيأتِ ان شاء الله فأتى هوشيار بالفواقر المهلكة اذ رمى صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم بماهم منه براء وهذه سابقة خطيرة جدا من طالب علم ينسب نفسه إلى نهج السلف الصالح ورسالته التي قام بإرسالها الينا وكان عنوانها ( الايضاح والبيان )
https://drive.google.com/file/d/16uu83tmz5LpVCboiWH_fyKauwWS-nRHZ/view?usp=drivesdk
صوتية الألباني رحمه الله
https://drive.google.com/file/d/16wnS4dK5SXKUhuFvMQ8Y5CYjHq_5TfRl/view?usp=drivesdk
قد اشتملت للأسف على قلب الحقائق التي ذكرها العلماء وتجييرها باتهام الصحابة الكرام رضي اللهُ عنهم بما ليس فيهم والكذب عليهم واشتملت كذلك على الكذب على علماء الإسلام وكان عليه تحري الحق في ما كتب وتحري الصدق والعدل والدقة في فهم المعنى المراد والرجوع إلى اهل العلم حينما أراد القيام بتأليف هذه الرسالة.
وقد استشهد بأقوال علماء ومشايخ ذكرهم في رسالته علما بأن أقوالهم ضده وحجة عليه لا له وسنذكر أقوالهم التي استشهد بها من كتبهم التي ذكرنا أسماءها بالصفحة والجزء
وقد بدأ رسالته في كلام الامام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله مستشهدا به على صحة قوله المخالف للشرع فذكر كلام هذا الامام من كتابه ( كشف الشبهات ) صفحة ( ٤٨ ) والتي اعتنى بها ابو صهيب الكرمي حيث
قال رحمه اللهُ تعالى:
" وقول أناس من الصحابة: ( اجعل لنا ذات أنواط )فَحَلف النبي صلى الله عليه وسلم، أن هذا نظير قول بني إسرائيل: {اجْعَلْ لنا إلهَا}.
ولكن للْمُشْرِكين شُبهة يُدلُون بها عند هَذه القصة وهي أَنهم يَقُولُون: إن بني إسرائيل لم يكفروا بذلك، وكذلك الذين قالوا للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اجْعَل لنا ذات أنواط لم يَكفُرُوا .
فالجواب: أن تَقول إِنَّ بَنِي إِسْرائيل لم يعطوا ذلك، وكذلك الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم، لم يعطوا ذلك، ولا خلاف أن بني إسرائيل لو فعلوا ذلك لكفرُوا، وكذلك لا خلاف في أنَّ الذِينَ نَهَاهُمُ النبي صلى الله عليه وسلم لَو لَم يُطِيعُوهُ واتَّخَذُوا ذات أنواط بعد نهيهم لَكَفَرُوا، وَهذا هو المطلوبُ ".
والشاهد من كلامه رحمه اللهُ تعالى :"في أنَّ الذِينَ نَهَاهُمُ النبي صلى الله عليه وسلم لَو لَم يُطِيعُوهُ واتَّخَذُوا ذات أنواط بعد نهيهم لَكَفَرُوا، وَهذا هو المطلوبُ ".
فتبين لنا من كلام هذا الامام رحمه الله تعالى عدم تكفيره لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك لطاعتهم لتوجيه الرسول الكريم صلى اللهُ عليه وسلم وامتثالهم لأمره وليس في كلامه أن الصحابة رضي اللهُ عنهم وقعوا في الشرك أو أشركوا . فكذب هوشيار على هذا الامام الجليل رحمه اللهُ تعالى.
وأما الصوتية التي اجاب فيها الإمام الألباني رحمه الله تعالى على سؤال السائل ونص السؤال والجواب كما هو مكتوب ومدون بعد تفريغه :
" سؤال: هل يجوز الصلاة وراء الإمام المبتدع المشرك ويسجد للقبور، وهذا شيء من الخرافات يا صاح، المأموم الذي يُصلي هو الموحد، نُصلي وراء هذا الإمام، ويقول: عند رسول... وعند الأولياء يجوز حق القبور، وهذا الإمام معروف، يعني هل يجوز الصلاة وراء هذا الإمام في المسجد أم لا؟
الجواب:
كل رجل تعتقد أنه كافر فمن البديهي جدًا ألا تصح صلاة المسلم خلفه، فهذا الذي تقول: بأنه مشرك، وتقول: أنه ينادي غير الله ويعبد غير الله.. إلى آخره، هو بلا شك يقع في الشرك، ولكن هل نستطيع أن نُكفره؟ هل نستطيع أن نُخرجه من الملة والدين؟
لعلك تعلم أن مجرد وقوع الإنسان في الكفر وفي الشرك الأكبر لا يلزم منه أن يُحكم عليه بالرِّدة، مفيش تلازم إلا بعد إقامة الحُجة، أظن أن هذا واضح، لا بد من إقامة الحُجة، يعني مثلًا: لما الرسول عليه الصلاة والسلام خطب يومًا، فقام رجل من الصحابة فقال له: ما شاء الله وشئتَ يا رسول الله. قال: أجعلتني لله ندًّا! قل: ما شاء الله وحده.
فهو في الوقت الذي قال له عليه الصلاة والسلام: ( أجعلتني لله نِدًّا) ، ما قال له: روح جدد إسلامك وجدد عقدك على زوجك، ما قال شيء من هذا. لِما؟ لأنه ما كان يعلم أن قول القائل: (ما شاء الله وشاء محمد) هو شرك، ما كان يعلم من قبل، فهو معذور، لكن هو وقع في الشرك.
فوقوع الإنسان في الشرك شيء والحكم عليه بأنه مشرك شيء آخر؛ هذه نقطة كثير من إخواننا المشايخ لا يُفرقون بينهما، لذلك أنا أقول: إن كان هذا الإمام قد اشتبهتَ به وأقمت عليه الحُجة من كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أئمة المسلمين: أن هذا الذي أنت عليه هو شرك أكبر، ثم أعرض عنك ونأى بجانبه؛ فلا تُصلِّ خلفه. واضح؟"
انتهى جواب الإمام الألباني رحمه الله تعالى
واستشهاده بكلام الألباني رحمه الله تعالى في هذه الصوتية هو حجة عليه فالامام الألباني رحمه الله تعالى لا يكفّر مسلما حتى تقام عليه الحجة الرسالية فكيف تستشهد به على ان الصحابة رضي الله عنهم أجمعين قد وقعوا في الشرك ولو تأمل كلامه لوجد في ثناياه خلاف كلامه بل ضده انظر
اولا:
قوله:" لعلك تعلم أن مجرد وقوع الإنسان في الكفر وفي الشرك الأكبر لا يلزم منه أن يُحكم عليه بالرِّدة، مفيش تلازم إلا بعد إقامة الحُجة، أظن أن هذا واضح، لا بد من إقامة الحجة".
ثانيا :
في قوله رحمه الله تعالى :" فهو في الوقت الذي قال له عليه الصلاة والسلام: (أجعلتني لله نِدًّا) ما قال له: روح جدد إسلامك وجدد عقدك على زوجك، ما قال شيء من هذا. لِما؟ لأنه ما كان يعلم أن قول القائل: (ما شاء الله وشاء محمد) هو شرك، ما كان يعلم من قبل، فهو معذور".
ثالثا :
في قوله رحمه الله تعالى :" فوقوع الإنسان في الشرك شيء والحكم عليه بأنه مشرك شيء آخر؛ هذه نقطة كثير من إخواننا المشايخ لا يُفرقون بينهما ".
فها هو كلام الإمام الألباني رحمه الله تعالى الذي استشهد به هو ضده وعليه لا وحجة عليه؛ واما اعتماده على كلام الشيخ زيد المدخلي رحمه الله تعالى في كتابه ( الفَتْحُ والتسّدِيدُ في شرح
كتاب التوحيد )صفحة ( ١٣٣ - ١٣٤ ) طبعت عام ١٤٣٧ هجري في دار الميراث النبوي
فالشيخ زيد المدخلي يقول رحمه اللهُ تعالى في كتابه المذكور :
" وأما الصحابة الذين هم حُدَثاء عهد بكفر فإنهم لم يفعلوا ولم يعلقوا أسلحتهم؛ لكنهم طلبوا سِدرَة يُعلقون بها أسلحتهم؛ فصار شركهم شركاً أصغر بالقول، فنبههم النبي صلى الله عليه وسلم على بطلان هذه المقالة وخُبثها.
والشرك الأصغر لا يُخرج من الإسلام ولا يُحبط العَمَل؛ فهم لما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم وعلمَهم قبلوا ما أخبرهم به وعَلمُوا أن هذا لا يجوز ".
فالشاهد من قوله رحمه الله تعالى:" فهم لما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم وعلمَهم قبلوا ما أخبرهم به وعَلمُوا أن هذا لا يجوز ".
فذكر رحمه الله تعالى قبول الصحابة رضي اللهُ عنهم لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم وامتثالهم لأمره وعلموا أن هذا لا يجوز "
فأين قول هوشيار إن الشيخ زيد بن هادي المدخلي رحمه اللهُ تعالى وصف الصحابة بأنهم أشركوا أو انهم وقعوا في الشرك فهذا محض كذب وافتراء على الشيخ رحمه اللهُ تعالى.
واما ذكره في رسالته السابقةعن الشيخ عبيد الجابري رحمه الله تعالى ففي رسالة الشيخ عبيد رحمه الله تعالى :(إمْدَادُ السَّلفي بأصول وقواعد في المنهج السلفي )
ضمن مجموعة الرسائل الجابرية في مسائل علمية وفق الكتاب والسنة النبوية الطبعة الأولى بتاريخ ١٤٣٣ هجري والمطبوعة في دار الميراث النبوي ففي صفحة ( ١١٠ - ١١١ ) يقول رحمه الله تعالى :
" فأولاً: من حيث لفظها هي مختلفة، فأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، وأصحاب موسى قالوا: يا موسى!
أليست العبارتان مختلفتين في القول؟
أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نادوه باسم الرسالة، وهذا غاية في التوقير، والتأدب معه، وأصحاب موسى نادوه باسمه في غاية الجلافة، وسوء الأدب.
أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: اجعل لنا ذات أنواط ولم يقولوا: اجعل لنا إلهاً، أما أصحاب موسى: فقد صرحوا ماذا قالوا؟
اجعل لنا إلها كما لهم آلهة!
ومع هذا: لم يفرق نبينا صلى الله عليه وسلم بين المقولتين؛ لأن النتيجة واحدة هي عبادة غير الله سبحانه وتعالى!
أما من حيث الزمان: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزو، وقائلو هذه المقولة يشكلون نحو ألفين أو أكثر من المعسكر، فلم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول مقولته الزاجرة فيهم؛ لأنهم لو كانت منه صلى الله عليه وسلم مجاملة -وحاشاه صلى الله عليه وسلم-؛ ما ارتدعوا عن مقولتهم، ولذهبوا مع الغزو وهم في نفوسهم شيء من الشرك، ولو أنهم ذهبوا وهم يعتقدون ذلك قبل أن يقتلعه من قلوبهم فإن انتصروا: لم يكن انتصارهم انتصار إسلام، أعني: بالنسبة لهذا العدد القائلين هذه المقالة، ولو مات أحد من أصحاب هذه المقالة مات على الكفر ، فزجرهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الزجر الذي سمعتم زجرًا اقتلع راسبة الشرك من قلوبهم، واجتثها منها، ولم يقل: نحن في غزو، وفي حرب مع عدو، وهؤلاء يشكلون سدس المعسكر تقريبًا، لا؛ لابد من التربية والتصفية لابد من سياسة التوحيد، لابد من قلع الشرك من ،قلوبهم واجتثاثه منها حتى لا تبقى له راسبة.
أولاً: تحريم طلب البركة من غير ما جعل الله فيه البركة نصا.
ثانياً: نهي المسلم عن مشابهة المشركين.
ثالثاً: عذر المرء بالجهل فيما يخفى على أمثاله، وهذا في قول أبي واقد "وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهدِ بكفر"؛ لأنه من مُسلمة الفتح، وما بين فتح مكة وغزوة حنين أيام معدودة؛ شهر على الأكثر، فلا يزال القوم في أذهانهم بعض أمور الجاهلية، وهذا حجّة للعذر بالجهل، لكنه مقيد لا على الإطلاق، فيقال: يعذر المرء بالجهل فيما يخفى على أمثاله، فمن ذلكم حديث العهد بالكفر تقع منه أشياء كفرية أو شركية.
فعلى سبيل المثال: لو أن الله أنقذ على يديك رجلاً، فشهد الشهادتين وصار يصلي، ثم لما جاء قبرًا من القبور سجد، فهذا العمل شركي، لكن هل قول في هذا الرجل: هو مشرك؟ لا؛ لأنه يظن جواز ذلك؛ لأنه ما فقه التوحيد حق الفقه، فيُنهى عن هذا الفعل ويبيَّن له أن عمله مثل عمل المشركين،……"
الشاهد من كلامه رحمه الله تعالى :
اولاً:
قوله رحمه الله تعالى:" لأنهم لو كانت منه صلى الله عليه وسلم مجاملة -وحاشاه صلى الله عليه وسلم-؛ ما ارتدعوا عن مقولتهم"،
ثانيا:
قوله رحمه الله تعالى:"ولو أنهم ذهبوا وهم يعتقدون ذلك قبل أن يقتلعه من قلوبهم".
ثالثا :
قوله رحمه اللهُ تعالى:"فزجرهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الزجر الذي سمعتم زجرًا اقتلع راسبة الشرك من قلوبهم، واجتثها منها".
رابعا :
قوله رحمه الله تعالى:" فمن ذلكم حديث العهد بالكفر تقع منه أشياء كفرية أو شركية.
فعلى سبيل المثال: لو أن الله أنقذ على يديك رجلاً، فشهد الشهادتين وصار يصلي، ثم لما جاء قبرًا من القبور سجد، فهذا العمل شركي، لكن هل قول في هذا الرجل: هو مشرك؟ لا؛ لأنه يظن جواز ذلك؛ لأنه ما فقه التوحيد حق الفقه، فيُنهى عن هذا الفعل ويبيَّن له أن عمله مثل عمل المشركين".
فأين وجدت ياهوشيار ان الشيخ عبيد الجابري رحمه الله تعالى رمى الصحابة الكرام رضي اللهُ عنهم بالشرك او الوقوع بالشرك.
واما الشيخ صالح ال الشيخ الذي استشهدت به على ان الصحابة رضي الله عنهم وقعوا بالشرك فبعد الرجوع إلى كتابه ( التمهيد شرح كتاب التوحيد ) الطبعة الأولى لدار الإمام البخاري رحمه الله تعالى
قال صفحة ( ١٥٩ ) :
" وهم لا يَعْلَمُون أن هذا الذي طَلَبُوه غير جائز ، وإلا فَلَا يُظَنُّ بهم أنهم يُخَالِفُونَ أمرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَرْغَبُون في مَعْصِيتِه . وأما شِرْكُهُم فكان في مقالِهِم، وأما الفعلُ فلم يَفْعَلُوا شيئًا من الشرك ".
والشاهد من كلامه :
" فلم يفعلوا شيئا من الشرك ".
فكيف جاز لك أن ترمي هؤلاء المشايخ بانهم رموا الصحابه رضي الله عنهم بالشرك او بالوقوع بالشرك.
وأما حديث ابي واقد الليثي رضي الله عنه فإنه لا يفيد ان بعض الصحابة رضي الله عنهم قد وقعوا في الشرك أو فعلوه والفهم السليم والمعنى الصحيح لهذا الحديث هو ما أتى في فهم سلفنا الصالح انظر ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :"قوله صلى الله عليه وسلم: ( قلتم كما قال قوم موسى: { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: ١٣٨ ]، إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم )، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم مجرد مشابهتهم للكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها، معلقين عليها سلاحهم، فكيف بما هو أعظم من ذلك من مشابهتهم المشركين، أو هو الشرك بعينه ". [ اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ( ٢ / ١٥٧)].
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد بعد أن ذكر حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه في [ باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما ]
" فيه مسائل : المسألة الثالثة : كونهم لم يفعلوا.."
أي لم يفعلوا الشرك ولم يقعوا فيه رضوان الله عليهم .
وفي فتح المجيد شرح كتاب التوحيد عند شرح حديث الباب يقول مؤلفه العلامة عبدالرحمن بن حسن رحمه اللهُ تعالى:" ليس ما طلبوه من الشرك الأصغر، ولو كان منه لما جعله النبي نظير قول نبي إسرائيل (اجعل لنا إلها) وأقسم على ذلك, بل هو من الشرك الأكبر كما أن ما طلبه بنو إسرائيل من الأكبر. وإنما لم يكفروا بطلبهم؛ لأنهم حدثاء عهد بالإسلام; ولأنهم لم يفعلوا ما طلبوه ولم يقدموا عليه بل سألوا النبي فتأمل".
وقال الإمام الألباني رحمه الله تعالى :".. جاء في سنن الترمذي بإسناد صحيح من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه أنهم كانوا في سفر مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمروا بشجرة من سدر عظيمة فقال بعضهم " يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط " هذه الشجرة كان المشركون يعلقون عليها أسلحتهم فأعجب بعض الصحابة ذلك فقالوا اجعل لنا ذات أنواط حيث تناط بها الأسلحة كما لهم ذات أنواط وأنتم تلاحظون معي أن القضية ماهي يعني جوهرية كما يقولون اليوم لأنه اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ما لها علاقة بالعبادة ومع ذلك ماذا كان موقف الرسول عليه الصلاة والسلام تجاه هذه الكلمة اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال :( الله أكبر هذه السنن قلتم كما قال قوم موسى لموسى:{ اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}) شوفوا التحذير البليغ من الرسول عليه السلام أولئك اليهود قالوا لموسى اجعل لنا إلها نعبده كما لهم آلهة المشركون المخالفين لدين موسى عليه السلام في زمانه أن بعض الصحابة هؤلاء ما تكلموا فيما يتعلق بالعبادة والدين وإنما في أمر يعني ماذا نسميه عادي اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فأنكر ذلك عليهم أشد الإنكار وقال هذا يشبه قول اليهود الذين انحرفوا عن التوحيد حينما فارقهم موسى إلى الطور فرجع إليهم فقال اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة الشاهد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ في تحذير أمته عن تقليدهم لغيرهم كل ذلك محافظة على شخصية الأمة لكي لا تذهب صورتها ولا تضيع شخصيتها... "[ متفرقات الألباني رحمه الله تعالى ( ١٦٨ )] .
قال الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى من كتابه ( شرح كتاب التوحيد ) في شرحه لحديث الباب :
"
الشرح:
"يعني: أنهم لم يطلبوا منه أن يجعل لهم إلها يعبدونه من دون الله؛ لأنهم كانوا أجل وأعقل من ذلك، وإنما طلبوا شجرة يأذن لهم النبي فيها فيتبركون بها، ويعلقون عليها أسلحتهم دون أن يُصلُّوا أو يتصدقوا لها، فبين لهم أن ما طلبوا مِن التبرك - ولو لم يكن صلاة ولا صيامًا ولا صدقةً- هو الشرك بعينه.
وفيه إبطال لشبهة مشركي هذا الزَّمان وزّعمهم: إِنَّ مَا يَفعلونه تبرك وتعظيم لا بأس به" انتهى كلامه رحمه تعالى .
وهؤلاء الأئمة الكرام والمشايخ الأجلاء الذين استشهد هوشيار في أقوالهم فهم مع علو منزلتهم العلمية وجلالة قدرهم : لا يبلغوا مد أحد الصحابة رضي اللهُ عنهم ولا نصيفه بشهادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ؛ فهم خير الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم فهم :" أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه ابن عبد البر رحمه الله تعالى من كلام الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وينظر الجامع حديث رقم ( ١٨١٠ )
وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :" إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ ".
رضى الله عنهم فأنزل بذلك ايات تتلى ومن ذلك قوله تعالى :{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} [الفتح : ١٨ ].
وقوله سبحانه وتعالى :{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:١٠٠].
وهم الذين وصفهم الله تبارك وتعالى في قوله تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح : ٢٩ ]
وروى الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى في صحيحيهما من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيرُ النَّاسِ قَرنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ).
وعن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَسُبُّوا أَصحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ ) رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى.
وندين الله بأننا ". نحبُّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرِّط في حب واحدٍ منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكُرهم، ولا نذكُرهم إلا بخير، وحبُّهم دين وإيمان وإحسان، وبُغضهم كفرٌ ونفاق وطغيان"
و ".. مَن أضلُّ ممن يكون في قلبه غلٌّ على خيار المؤمنين، وسادات أولياء الله بعد النبيِّين بل قد فضلهم اليهود والنصارى بخصلة، قيل لليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وقيل للنصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب عيسى، وقيل للرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم! لم يستثنوا منهم إلا القليل، وفيمن سبُّوهم من هو خيرٌ ممن استثنوهم بأضعاف مضاعفة"[ الطحاوية وشرحها] ؛ قال أبو زرعة الرازي رحمه الله تعالى :" إذا رأيتَ الرجل ينتقص أحدًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدَّى إلينا هذا القرآنَ والسنن أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرحُ بهم أولى، وهم زنادقة ".
وهم سلفنا الصالح الذين يرجع إليهم في فهم الكتاب العزيز والسنةالنبوية ففي لغتهم العربية نزل القرآن الكريم وبينهم ومنهم ومن أنفسهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فخاب وخسر من لم يرجع إلى هديهم وفهمهم
وقد رأيت أن هوشيار بن احمد عفا الله عنا وعنه وعنكم ارتكب اخطاء عدة منها على سبيل المثال لا الحصر:
اولاً:
الكذب على صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم بسياقه لكلام اهل العلم ووضعه في غير موضعه الصحيح محاولة منه إيهام طلاب العلم أن الصحابة رضي اللهُ عنهم أنهم وقعوا في الشرك وهذا مسلك خطير وباب موصل الى معتقد الباطنية الروافض المجوس أخزاهم الله تعالى.
ثانيا :
كذبه على هؤلاء الأئمة الكرام والمشايخ الأجلاء في لي اعناق نصوص كلامهم ليتسنى له القول بطعن الصحابةالكرام رضي اللهُ عنهم وهذا منه لا يقبل بل يرد باطله وعليه التوبة النصوح والاستغفار وإعلان رجوعه إلى جادة السلف الصالح ولزوم هديهم.
ثالثا :
نشره مثل هذا الكلام الباطل والذي تضمن وصف الصحابة الكرام رضي الله عنهم بالوقوع في الشرك وكان عليه ان يستتر بستر الله ويترك الباطل والذي من أكبره وأشنعه الطعن في اعراض الصحابة رضي اللهُ عنهم .
وقد كتبت هذه الرسالة شفقة ونصحا ومحبة لجميع طلاب العلم ولطالب العلم هوشيار بن احمد لعلها تكون عظة وعبرة ورجوع عن مااقترفته يداه بحق افضل الناس بعد الانبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وهم الصحابة الكرام رضي اللهُ عنهم
اسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يرزقنا جميعا حب الصحابة الكرام رضي اللهُ عنهم واتباع هديهم وسلوك نهجهم بغير غلو في احد منهم ووالله انني أتقرب إلى الله تعالى ثم أتشرف بالذب عن اعراضهم رضي الله عنهم فلهم قدم صدق في الذب عن دين الله الإسلام وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاب وخسر والله من تعرض لهم بالثلب
فيبتليه الله بموت القلب .
اسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يجعل ما قمت فيه خالصا صوابا متقبلا وان يرزقنا الله وإياكم والأخ هوشيار العلم النافع والعمل الصالح والرزق الحلال الطيب وحسن الخاتمة والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
•••••••••••
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .