الجمعة، 23 يوليو 2021

《 لفظ [ سيد أو السيد ] متى يصح ويباح إطلاقه ومتى يمتنع ويحرم 》



     بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وحده ،والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده،

وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .

أمّا بعد،

فمن خلال مااستنبطه أهل الحديث  من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ذكره الفقهاء في كتبهم نجد أن هنا ثمت مواضع  يصح ويباح فيها إطلاق لفظ سيد وفيه مواضع يمتنع ويحرم من صحة إطلاقه  منها  :


                 [  أوّلا  ]

أن يذكر لفظ سيد على جهة الإطلاق دون تقييد أو على جهة العموم دون تخصيص ففي هذه الحال هو للتحريم أقرب ؛ وذلك أنّ الله سبحانه وتعالى له السيادة المطلقة  من جميع الوجوه ففي مسند الإمام أحمد وصحّحه الإمام الألباني رحمه الله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( السّيدُ الله )، 

و يلحقُ هذا ما ذكرهُ الإمام ابن باز رحمه الله حيث قال :

" تحريضاً على التواضع، وخوفا من الكبر والخيلاء لمن قيل له ذلك، وخوفاً من الغلو أيضاً، قد يغلو ثم دعاه من دون الله أو استغاث به أو عظمه تعظيما لا يليق إلا بالله فلهذا أنكره النبي صلى الله عليه وسلم  وقال: ( السيد الله )”. انتهى كلامه رحمه الله[ من موقعه الرسمي].

فقوله صلى الله عليه وسلم:

( قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان) أي بدون غلو ولا إطراء.


                [  ثانيا  ]

يباح في عبارة :  سيّد الخلق وسيّد بني آدم إذا أطلقت على  رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي هذه الحال يجوز إطلاقها  اجماعا  .

وبهذا مضت السنة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :

( أنا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ يَومَ القِيامَةِ، وأَوَّلُ مَن يَنْشَقُّ عنْه القَبْرُ، وأَوَّلُ شافِعٍ وأَوَّلُ مُشَفَّعٍ )رواه مسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم( ٢٢٧٨)وقوله صلى الله عليه وسلم:

( أنا سيد ولد آدم  ولا فخر ) .

رواه ابن ماجه وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه رحمه الله حديث رقم( ٣٤٩٦ ).


                  [  ثالثا  ]

من الحالات الممنوعة والمحرمة :

إطلاق لفظ سيّد على رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أثناء الصلاة أو في الأذانين فإنه لم يرد في الكتاب أو في السنة ولم يؤثر في  هدي سلفنا الصالح،

إذ هو إطلاق لا أصل له وبدعة منكرة،

فيحرم التلفظ به داخل الصلاة وذلك :

                     ▪︎ ١ ▪︎

 إن هذا اللفظ بهذا الموضع من كلام الناس المحرّم شرعا الإتيان به في الصلاة كما ثبت في السنة تحريم الاتيان بألفاظ لم ترد في كيفية صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم وعملا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي)؛ رواه البخاري رحمه الله.


                  ▪︎  ٢  ▪︎

ولأنّ ألفاظ العبادة توقيفيّة - أي تؤخذ من كلام الله سبحانه وتعالى  وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم فقط - فمن زاد هذا اللفظ أو غيره بلا دليل شرعي فهو محدث والله أعلم بصحة صلاته .

                   ▪︎ ٣  ▪︎


ولأن لفظ  " سيّد " لم يكن معهودا إطلاقه في الصلاة في عصر سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله فإطلاقه بهذه الكيفية خلاف ما عليه هدي السلف الصالح؛ ولو كان خيرا  لسبقونا إليه.

                  ▪︎  ٤  ▪︎

ولا يخفى على شريف علمكم أن التعبير بالألفاظ الشرعية هو المتعين شرعا .


                   [   رابعا   ]

يحرُمُ إطلاق لفظ (سيّد) على الكافر أو المنافق ففي سنن أبي داود رحمه الله  قال الرسوا صلى الله عليه وسلم : ( لا تقولوا للمنافق سيد فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ ).صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود رحمه الله حديث رقم ( ٤٩٧٧). 


                [   خامسا   ]

يتبع ما سبق في أنه لا بأس من إطلاق ما يشعر بالرئاسة أو السيادة على الكافر  مقيدة بوصف إذا كان فيه مصلحة راجحة أو دفع مفسدة أو فيه تأليف له وترغيبه في دخول الإسلام؛

ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم في رسالته إلى  هرقل وفيها  :  ( عظيم الروم )  رواه البخاري ومسلم رحمهما الله. 

فانظر كيف أتى لفظ : " عظيم ". مُقيدا  بــ"الروم".

ومن ذلك  قوله تعالى: {وألفيا سيّدها لدى الباب}،

وعادة بعض العرب إطلاق هذا اللفظ على شيوخ القبائل وكبار الأسرة وأعيان المجتمع   بالسيادة مقيدة بقولهم : سيد بني فلان .


                 [ سادسا ]

إطلاق لفظ سيد على المسلم إذا كان عالما أو ذا صلاح  أو صاحب رئاسة  ووُصِفَه بما فيه وبما عُلمَ من حاله بُعدُه عن العلوّ والغلو والإطراء يجوز ؛ 

ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( إنّ ابني هذا سيّد، ولعلّ الله أن يُصلح به بين فئتين عظيميتين من المسلمين ).

 ومن ذلك ماذكره الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : [ ان أهلَ قريظةَ لما نزلوا على حكمِ سعدٍ أرسلَ إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فجاءَ على حمارٍ أقمرَ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ( قوموا إلى سيدِكم ) . أو (  إلى خيرِكم ),فجاء حتى قعدَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم] رواه ابوداود رحمه الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود رحمه الله حديث رقم  ( ٥٢١٥ ).


والله أعلم ، وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.


~~~~~~~~~~~~~~~~

كتبهُ وأملاه المحتاج إلى رحمة وعفو الله : غازي بن عوض العرماني .