الجمعة، 4 مارس 2022

《 التنبيه على ما يفعله بعض المسلمين في يوم الجمعة فقط مع تنبيه آخر على أمر آخر 》



     بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه وأقتفى

 أما بعد 


فتصلني رسائل عبارة عن صوتيات أو مقاطع فيديو وخاصة في ليلة الجمعة او نهارها فقط  وإرسال الرسائل في هذا اليوم على جهة التخصيص على نحو ما سنذكره غير معهود بين المسلمين سابقا وغير معروف من فعل سلفنا الصالح وهذا الإرسال يتمثل في ارسال مقاطع فيديو للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل من أراد الإرسال أراد الخير وذلك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على صورة لم تكن معروفة [ وكم من مريد للخير لا يصيبه ] فقد أرادوا العمل بالاحاديث الصحيحة بغير فقه لها ومن هذه الأحاديث ماثبت في السنة  وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم  : ( إنَّ من أفضَلِ أيامِكُم يومَ الجُمُعة؛ فأكْثِرُوا علي مِن الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضةٌ عليَّ ) قال: فقالوا: يا رسولَ الله، وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليك، وقد أرَمْتَ؟ قال: يقولون بَليتَ، قال: ( إن الله حرَّم على الأرضِ أجْسادَ الأنبياء).  رواه ابوداود رحمه الله في سننه وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَإِنَّ أَحَدًا لَنْ يُصَلِّيَ عَلَيَّ إِلَّا عُرِضَتْ عَلَيَّ صَلَاتُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا) قَالَ: قُلْتُ: وَبَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَ:  ( وَبَعْدَ الْمَوْتِ، إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ) رواه ابن ماجه رحمه الله في سننه ، وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ؛ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا ) رواه البيهقي رحمه الله في السنن الكبرى وهذا الحديث حسنه الألباني رحمه الله. 

ونحو هذه الأحاديث النبوية الصحيحة ؛ فمع التطور الصناعي التقني المادي البحت وظهور ما يعرف  بالأجهزة الذكية يعمد كثير من المسلمين إلى إرسال مقطع صوتي أو مقطع فيديو فيه  قراءة آية من كلام الله سبحانه وتعالى وهي قول الله عز وجل :{  إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } فيرسلها 

إلى فرد أو  مجموعة  عن طريق برامج التواصل مثل الواتساب أو التليغرام أو قد ينشرها في التطبيقات الأخرى بين المسلمين ويخصص يوم الجمعة ميقاتا معلوما للنشر على جهة التقرب والتعبد لله سبحانه وتعالى ومستنده هو فهمه الخاطئ لفقه هذه الأحاديث النبوية ؛  والا فالفقه والفهم الحقيقي الصادق الصحيح لها . هو أن يتلفظ وينطق بلسانه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الجمعة او يومها كما دل على ذلك منطوق الحديث وأما توزيع الصوتيات المسجلة أو مقاطع الفيديو بهذه الصورة فهذا خلاف ما يفهم من ظاهر معاني ألفاظ سنة الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الأحاديث  ..

وقد يقول قائل :" إنما أردت تنبيه الناس إلى أهمية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم المبارك ".

فيقال له : 

كما قال ابوعبدالرحمن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ كم من مريد للخير لا يصيبه ] فالاخلاص في العبادة يحتاج إلى شرط آخر لتكون عبادته صحيحة ألا هو الصواب ؛ فهل فعله هذا له ما يعضده ويدل عليه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ .

فالإجابة حتما :

 لا يوجد دليل يدل على صحة فعله هذا .

ثم إتماما للفائدة و يتبع ما سبق :

   ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة  تذكير في  أعمال صالحة ؛ وصيغة التذكير ما نصها   :[ غدا صيام يوم الاثنين أو الخميس ] .

وقد يأت هذا التذكير أو التنبيه  في بيان سنة أخرى مثل : [ غدا بداية صيام ايام البيض ]

فيقوم من أراد الخير بنشر ذلك و الأولى بالصواب :

أن ينشر فضل صيام يوم الاثنين أو الخميس او ايام البيض ويذكر الادلة من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم على فضل صيامها ولو تكرر ذلك منه فإنما هو تنبيه على فضل سنة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يورد ما يدل على فضلها وسنيتها من  الأحاديث الصحيحة ؛ ويقتصر على تنبيه أهله وأولاده ومن حوله وقد يقال أن له ان ينشر ذلك مرة أو مرتين . وأما تخصيص وقت معين في تعميم هذا التنبيه وجعله ديدنا وبصفة دائمة ...فلا أعلم ما يدل على هذا العمل .

ودين الله سبحانه وتعالى ولله الحمد كامل فليس بحاجة إلى اجتهاد احد من الناس أو رأيه يقول الله سبحانه وتعالى  : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ } فالحمد لله على " إتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية، في أحكام الدين أصوله وفروعه. فكل متكلف يزعم أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم إلى علوم غير علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل، مبطل في دعواه، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله ودعا إليه، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل لله ولرسوله. { وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ْ} الظاهرة والباطنة { وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ْ} أي: اخترته واصطفيته لكم دينا، كما ارتضيتكم له، فقوموا به شكرا لربكم، واحمدوا الذي مَنَّ عليكم بأفضل الأديان وأشرفها وأكملها "[ من كلام الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية ].

والحمد لله على كمال الدين حمدا كما ينبغي لعظيم وجه ربنا وقديم سلطانه .

والحمد لله على رضاه بدين الإسلام .

رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة .

هذا ما ظهر لي ؛ والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا  

"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

كتبه  :  غازي بن عوض العرماني  .