السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله فضيلة الشيخ اريد الأدلة في إثبات عذاب القبر من القرآن والسنة جزاكم الله خيرا ؛ بارك الله فيك .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد
فعذاب القبر أتى في الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة وعليه جرى اجماع المسلمين
والإدلة من كلام الله سبحانه وتعالى الدالة على عذاب القبر كثيرة نذكر منها قوله تعالى وتقدس :
{ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ . النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }
{ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ . فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ . وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ }.
{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } { وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ . ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ }.
{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ }.
{ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }.
{ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا }.
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ} قال السعدي رحمه الله في لهذه الآية:" وفي القبر عند سؤال الملكين، للجواب الصحيح، إذا قيل للميت :( من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟) " هداهم للجواب الصحيح بأن يقول المؤمن: ( الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي )".انتهى كلامه رحمه الله.
وأما من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم :
ففي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: ( إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ) ثُمَّ قَالَ: ( بَلَى، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ ). قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطِبًا، فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ، ثُمَّ قَالَ: ( لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا ).
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ )
وَفي الصحيحين من حديث البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا غَرُبَتِ الشَّمْسُ، فَسَمِعَ صَوْتًا، فَقَالَ: ( يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا ).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعُو ويقولُ: ( اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِن عَذَابِ القَبْرِ، ومِنْ عَذَابِ النَّارِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ ) رواه البخاري ومسلم رحمهما الله.
قَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ : " وَفِيهِ أَبْلَغ الرَّدّ عَلَى الْمُعْتَزِلَة فِي إِنْكَارهمْ لَهُ وَمُبَالَغَتهمْ فِي الْحَطّ عَلَى أَهْل السُّنَّة فِي إِثْبَاتهمْ لَهُ حَتَّى وَقَعَ لِسُني أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مُعْتَزِلِيّ فَقَالَ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ عَذَاب الْقَبْر فَإِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِن بِهِ وَيُبَالِغ فِي نَفْيه وَيُخَطِّئ مُثْبِته" [ عون المعبود ( ٢ / ٢٧٢ )].
وفي صحيح البخاري رحمه الله
عن عَائِشَةَ رضي الله عنه، أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا،فَذَكَرَتْ عَذَابَ القَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنه رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَذَابِ القَـبْرِ، فَقَالَ: ( نَعَمْ، عَذَابُ القَبْرِ ) قَالَتْ عَائِشَةُ: ( فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ )، وَفِي رِوَايَةٍ: ( عَذَابُ القَبْرِ حَقٌّ ).
وفي صحيح مسلم رحمه الله عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ، عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ، إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ، وَإِذَا بِأَقْبُرٍ سِتَّةٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، فَقَالَ: ( مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ؟).
فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، قَالَ: ( فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟ ).
قَالَ: مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ .
فَقَالَ: ( إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ)
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: ( تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ) قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، فَقَالَ: ( تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ) .قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ .
وفي صحيح مسلم رحمه الله
عن عوف بن مالك الاشجعي رضي الله عنه سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَصَلَّى علَى جِنَازَةٍ يقولُ: ( اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عنْه وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ. قالَ عَوْفٌ: فَتَمَنَّيْتُ أَنْ لو كُنْتُ أَنَا المَيِّتَ، لِدُعَاءِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى ذلكَ المَيِّتِ ).
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر، ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال: ( استعيذوا من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا) رواه أحمد وابوداود رحمهما الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود رحمه الله.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر ).
صححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع ( ٣٦٤٣).
قال الطحاوي رحمه الله في متن العقيدة المشهورة : " وبعذاب القبر لمن كان له أهلاً ، وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله ﷺ ، وعن الصحابة رضوان الله عليهم . والقبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النيران ".
قال شارح الطحاوية ابن أبي العز رحمه الله : " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله ﷺ في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً ، وسؤال الملكين ، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به ، ولا تتكلم في كيفيته ، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته ، لكونه لا عهد له به في هذا الدار ، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول ، ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول . فإن عود الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا ، بل تعاد الروح إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا " واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه ، قبر أو لم يقبر ، أكلته السباع أو احترق حتى صار رماداً ونسف في الهواء ، أو صلب أو غرق في البحر- وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور. وما ورد من إجلاسه واختلاف أضلاعه ونحو ذلك - فيجب أن يفهم عن الرسول ﷺ مراده من غير غلو ولا تقصير، فلا يحمل كلامه ما لا يحتمله ، ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان ، فكم حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله . بل سوء الفهم عن الله ورسله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام ، وهو أصل كل خطأ في الفروع والأصول ، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد . والله المستعان ".
فالحاصل أن الدور ثلاث : دار الدنيا ، ودار البرزخ ، ودار القرار . وقد جعل الله لكل دار أحكاما تخصها ، وركب هذا الإنسان من بدن ونفس ، وجعل أحكام الدنيا على الأبدان ، والأرواح تبع لها ، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح ، والأبدان تبع لها ، فإذا جاء يوم حشر الأجساد وقيام الناس من قبورهم - صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد جميعاً . فإذا تأملت هذا المعنى حق التأمل ، ظهر لك أن كون القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار مطابق للعقل ، وأنه حق لا مرية فيه ، وبذلك يتميز المؤمنون بالغيب من غيرهم . ويجب أن يعلم أن النار التي في القبر والنعيم ، ليس من جنس نار الدنيا ولا نعيمها ، وإن كان الله تعالى يحمي عليه التراب والحجارة التي فوقه وتحته حتى يكون أعظم حراً من جمر الدنيا ، ولو مسها أهل الدنيا لم يحسوا بها . بل أعجب من هذا أن الرجلين يدفن أحدهما إلى جنب صاحبه ، وهذا في حفرة من النار، وهذا في روضة من رياض الجنة ، لا يصل من هذا إلى جاره شيء من حر ناره ، ولا من هذا إلى جاره شيء من نعيمه . وقدرة الله أوسع من ذلك وأعجب ، ولكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علما . وقد أرانا الله في هذه الدار من عجائب قدرته ما هو أبلغ من هذا بكثير. وإذا شاء الله أن يطلع على ذلك بعض عباده أطلعه وغيبه عن غيره ، ولو اطلع الله على ذلك العباد كلهم لزالت حكمة التكليف والإيمان بالغيب ، ولما تدافن الناس ، كما في الصحيح عنه ﷺ : لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع . ولما كانت هذه الحكمة منتفية في حق البهائم سمعته وأدركته " .انتهى كلامه رحمه الله[ شرح الطحاوية لابن أبي العز رحمه الله ].
وهذا ما عليه هدي سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وعن التابعين رحمهم الله جميعا ومن تبعهم بإحسان الي يوم الدين؛ فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : قَالَ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِهِ ، أَلا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ ، وَبِالدَّجَّالِ ، وَبِالشَّفَاعَةِ ، وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ ، وَبِقَوْمٍ يُخْرَجُونَ مِنْ النَّارِ بَعْدَمَا امْتَحَشُوا )
صحح اسناده أحمد شاكر رحمه الله وقد رواه أحمد في المسند وعبدالرزاق والبيهقي والاجري في الشريعة .
وكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ ، فَقِيلَ لَهُ : تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا ؟! قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ )
رواه أحمد والترمذي وابن ماجه رحمهم الله وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه.
ومن فرق الضلال الذين كفروا أمة محمد صلى الله عليه وسلم واستحلوا دماءهم ورأوا الخروج على ولاة الأمور فرقة المعتزلة المعطلة الجهمية ومن هم على معتقدهم من الخوارج والمرجئة فإنهم أنكروا عذاب القبر ولا عبرة بإنكارهم ؛ وذلك ان إنكارهم مبني على تكذيبهم لخبر الوحيين من كلام الله سبحانه وتعالى وكلامه رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمادا على عقولهم الفاسدة وإلا فإن العقل السليم الصريح لا يخالف النقل الصحيح لأن هذه الأخبار أتى بها الوحي من رب العالمين سبحانه وتعالى وهي فوق قدرة البشر ولا تستطيعها العقول البشرية فالله هو الخالق المعبود والخلق خلقه وعبيده .
فعلى المؤمن التسليم و الإيمان لا الجحود والنكران
والعقول البشرية لا تستطيع إدراك خالقها ومعرفته على جهة التفصيل ؛ فمن حكمة الله سبحانه وتعالى ورحمته وفضله أن أرسل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وأنزل عليهم كلامه المقدس فيه الحق والهدى والرشد وأخبار مغيبة عن إدراك البشر وفهومهم ؛ ومن ذلك خبر جزاء من أطاعه وأتقاه وأن من أطاعه في جنة عظيمة وأنه في البرزخ منعم وان قبره روضة من رياض الجنة.
وان من عصاه وكفر به واشرك معه غيره وكذب بالأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام معرض للوعيد من ذلك عذاب القبر في البرزخ فقبره حفرة من النيران ؛ فليس للعقل مدخلا في هذه الأخبار لأنه لا يستطيع إدراكها ولا معرفتها الا بخبر الوحي.
ومنهم من قسم عذاب القبر إلى عذاب معنوي وعذاب حسي وهذا التقسيم محدث باطل منكر والرد عليه ان هذا التقسيم يحتاج إلى خبر من اخبار الوحي من كلام الله سبحانه وتعالى أو من كلامه رسوله صلى الله عليه وسلم .
والوحي انقطع بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو خاتم الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .
وقد أجمع أهل دين الإسلام الصحيح وهم السنة والجماعة أتباع السلف الصالح على الإيمان بعذاب القبر فيجب الإيمان بذلك والتسليم له ؛ نقل الإجماع أهل العلم لتواتر الإدلة من الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة وتظافر هذه الأدلة وتواترها.
لهذا جعله أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح أصلا من أصول الإسلام ومبانيه العظام ومن مسائل العقيدة الصحيحة المجمع عليها بينهم .
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.