بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
فقد سألني أحد طلاب العلم هذا السؤال ونصه :
القرآن كلام الله وكلام الله قديم النوع بصوت سمعه جبريل وليس جبريل عبر عن نفس الله
بصوت إذا شاء
والقرآن قديم النوع حادث الأحاد متى شاء
درس الفكر العلمية
للشيخ/هشام البيلي
هل قال به احد من علماء السلف ؟
.. ما رأيك في الكلام هذا ياشيخنا ؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السنة العمل فيها خير وبركة ومن ذلك البداءة بالسلام وهي تحية أهل الإسلام تحية أهل الجنة فيما بينهم ؛ فعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن السلام اسمٌ من أسماء الله تعالى، وضَعه الله في الأرض؛ فأفشوا السلامَ بينكم) [ صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد( ١٠١٩) .
ثم يلحق ماسبق ملحوظات على هذه الرسالة وصاحبها أهمها :
( أولا )
في عبارته : ( وكلام الله قديم النوع .... )
فالصواب : أن يقال جنس كلام الله سبحانه وتعالى قديم وليس نوعه ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" السلف قالوا : القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وقالوا لم يزل متكلما إذا شاء . فبينوا أن كلام الله قديم ، أي : جنسه قديم لم يزل ..." .[ مجموع الفتاوى( ١٢ / ٥٤ )].
( ثانيا )
قوله :[ والقرآن قديم النوع .....] ..
والصواب :
كما قال شيخ الإسلام ابن تيميةرحمه الله : " ولم يقل أحد من السلف : إن نفس الكلام المعين قديم. وكانوا يقولون : القرآن كلام الله ، منزل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود .ولم يقل أحد منهم : إن القرآن قديم "
[ مجموع الفتاوى ( ١٢ / ٥٦٦ - ٥٦٧ )].
( ثالثا )
ذكر أهل العلم ان لفظ القديم لها معاني عدة وهذه المعاني تحتمل حقا وباطلا فالإجمال والغموض ليس له علاقة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح فسبيلهم هو الايضاح والتبيين ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "
لكن هؤلاء [ يعني الأشاعرة ومن وافقهم ] اعتقدوا أن القرآن وسائر كلام الله قديم العين ، وأن الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته . ثم اختلفوا :
فمنهم من قال : القديم هو معنى واحد ، هو جميع معاني التوراة والإنجيل والقرآن ؛ وأن التوراة إذا عبر عنها بالعربية صارت قرآنا ، والقرآن إذا عبر عنه بالعبرية صار توراة : قالوا : والقرآن العربي لم يتكلم الله به ، بل إما أن يكون خلقه في بعض الأجسام ، وإما أن يكون أحدثه جبريل أو محمد ؛ فيكون كلاما لذلك الرسول ، ترجم به عن المعنى الواحد القائم بذات الرب ، الذي هو جميع معاني الكلام .ومنهم من قال : بل القرآن القديم هو حروف ، أو حروف وأصوات ، وهي قديمة أزلية قائمة بذات الرب أزلا وأبدا ...؛ إذا كلم موسى أو الملائكة أو العباد يوم القيامة فإنه لا يكلمه بكلام يتكلم به بمشيئته وقدرته حين يكلمه ، ولكن يخلق له إدراكا يدرك ذلك الكلام القديم اللازم لذات الله أزلا وأبدا . وعندهم لم يزل ولا يزال يقول : {يا آدم اسكن أنت وزوجك} و : {يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك } {و يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} ونحو ذلك وقد بسط الكلام على هذه الأقوال وغيرها في مواضع .
والمقصود أن هذين القولين لا يقدر أحد أن ينقل واحدا منهما عن أحد من السلف ؛ أعني الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين المشهورين بالعلم والدين ، الذين لهم في الأمة لسان صدق ، في زمن أحمد بن حنبل ولا زمن الشافعي ولا زمن أبي حنيفة ولا قبلهم . وأول من أحدث هذا الأصل هو أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب "
[ مجموع الفتاوى ( ١٧ / ٨٥ )].
( رابعا )
كان عليه وجوبا الرجوع إلى كلام السلف الصالح في وصف أو في صفة كلام الله سبحانه وتعالى ومن ذلك ماذكره ابن قدامة رحمه الله[ لمعة الاعتقاد ( ٢٢ ) فما بعدها بتصرف ] حيث قال رحمه الله : "
: " ومن كلام الله سبحانه القرآن العظيم ، وهو كتاب الله المبين ، وحبله المتين ، وصراطه المستقيم ، وتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين ، على قلب سيد المرسلين ، بلسان عربي مبين ، منزّل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو سور محكمات ، وآيات بينات ، وحروف وكلمات ، من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ، له أول وآخر ، وأجزاء وأبعاض ، متلو بالألسنة ، محفوظ في الصدور ، مسموع بالآذان ، مكتوب في المصاحف ، فيه محكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، وأمر ونهي :{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } .
وقوله تعالى : {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } .
وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا : { لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ } ، وقال بعضهم :{ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } ،؛ فقال الله سبحانه : {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر ، وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف " انتهى كلامه رحمه الله.
( خامسا )
كلام الله سبحانه وتعالى صفة ذاتية فعـلية، فهو صفة ذاتيه باعتبار اتصاف الله بهذه الصفة ازلا وقيامها بذات الله سبحانه وتعالى قيام لاينفك عنه سبحانه وتعالى بوجه من الوجوه فالله تعالى لم يزل ولا يزال متكلما، وقلنا صفة فعلية باعتبار آحاد وقوع الكلام وتجدده ؛ وتعلقه بمشيئته سبحانه وتعالى وقدرته فالله سبحانه وتعالى يتكلم بما شاء كيف شاء متى شاء على ما يليق بوجه ربنا تعالى وتقدس .
( سادسا )
المدعو هشام البيلي له كلام سئ وطعن جلي واضح بوقوعه في عرض الإمام شيخ الإسلام محمد الألباني رحمه الله وذلك برميه بالارجاء ؛ وقد تصدى له اخونا الشيخ سمير القاهري بارك الله فيه فذب عن عرض هذا الإمام جعله الله في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من اتى الله بقلب سليم . وذب الله عن وجهه النار كما ثبت في مسند الإمام أحمد رحمه الله وسنن الترمذي رحمه الله بقوله صلى الله عليه وسلم: ( مَن ردَّ عن عِرضِ أخيه ردَّ اللهُ عن وجهِه النَّارَ يومَ القيامةِ ).صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي.
ثم يتبع هذه الفقرة ....
( سابعا )
من يطعن في الإمام الألباني رحمه الله له صفات سيئة ثبتت عليهم من خلال اقوالهم في كتبهم وأشرطتهم الصوتية منها على سبيل المثال لا الحصر :
[ أ ]
لهم توجه خارجي إخواني حدادي والحدادية هؤلاء أشد واشر جماعة الإخوان الخوارج وذلك في مسائل عقدية هي من أصول مذهبهم منها :
عدم عذره بالجهل ولا يرى إقامة الحجة على من وقع في خطأ عقدي من المسلمين وكذلك يرى ان الخلاف في ترك الصلاة تهاونا وكسلا قولا واحدا وهو القول بكفره ونفي الأقوال الأخرى في هذه المسألة بين أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وكل معه دليل شرعي ثم رتبوا على هذه المسألة تبديع من خالفهم ومن ثم رميه بالإرجاء وتجد هذه المسألة أن ابن قدامة رحمه الله قد تطرق إليها في المغني وغيره من أهل العلم فقد اشترطوا في كفر من ترك الصلاة جحودا أن تقام عليه الحجة الرسالية التي لا يعذر بعدها .
[ ب ]
رأيت احد رموز هذه الجماعات التكفيرية يرمى الإمام الألباني رحمه الله بالارجاء ويثني على سيد قطب وجماعته الاخوانية الخوارج ويضمن كتبه ورسائله أقوال سيد قطب ويمنع من الإستفادة من كتب ورسائل الإمام الألباني رحمه الله بل ويحذر أشد التحذير ويذكر أن بسبب الألباني انتشر الارجاء .
[ ج ]
رأيت ان من يطعن في الإمام الألباني رحمه الله قد منع من التحذير من سيد قطب أو الطعن فيه ويرى وجوب التحذير من الإمام الألباني رحمه الله بلا وجه حق أو سبب يوجب ذلك .
[ د ]
من طعن في الإمام الألباني رحمه الله يرى الثناء على رموز الخوارج الإخوانية ويرى جواز الإستفادة من مؤلفاتهم والتي لا فائدة فيها ؛ ويمنع من الإستفادة من مؤلفات الألباني رحمه الله ويمنع من النشر له .
[ هاء ]
من صفات هؤلاء الذين يطعنون في أئمة السلف واعلام السنة وشيوخ الإسلام أنهم يظهرون محبة السلفية او ينسونها إليهم أو يزعمون محبة الإمام محمد الجامي رحمه الله ومع هذا تجدهم يقرضون ويقدمون لرموز داعش مؤلفاتهم .
وفرقة الحداديه تعتبر الجناح الفكري لداعش .
[ و ]
هؤلاء الضلال لهم تخبطات في العقيدة وفي أصول الدين وخاصة في توحيد الأسماء والصفات ولهم كذلك خبط عشواء في فقه العبادات والأحكام فهم كحاطب ليل ويلاحظ عليهم انهم جمعوا بين الغث والسمين فلا يفرقون بين الحديث الصحيح والضعيف مع مالهم من جرأة في الفتوى بغير علم ولهم أخلاق جافة جلفة شرسة حادة كما هي عادة أخلاق الخوارج .
واعلام السنة وأئمة السلف وشيوخ الإسلام هم اعلام الهدى و مصابيح الدجى فجزاء من كذب عليهم أو تحدث فبهم على جهة الطعن بغير حق فيلحقه ما ذكره الحافظ ابن عساكر رحمه الله في[ كتابه تبين كذب المفتري] حيث قال رحمه الله:
" واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم والارتكاب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغتياب وسبّ الأموات جسيم ، { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }"
انتهى كلامه رحمه الله.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .