الثلاثاء، 1 مارس 2022

《 حكم بيع كلب الماشية والصيد 》



     بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 

أما بعد 

فقد ثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم منْ حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ إِلا كَلْبِ صَيْدٍ ) رواه النسائي رحمه الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن النسائي رحمه الله حديث رقم( ٤٣٠٦) . وصححه شعيب الأرناؤوط رحمه الله في تخريج سنن الدارقطني رحمه الله حديث رقم ( ٣٠٦٢).

من فقه هذا الحديث :

" يتفرع من التفريق بين كلب وآخر ، شيئان اثنان ، أحدهما منصوص عليه بنص صريح معلوم ( أنه من اقتنى كلبا غير كلب ماشية أو ضارية ، نقص من أجره كل يوم قيراط والقيراط مثل جبل أحد ) جاء في بعض الأحاديث ( إلا كلب صيد أو ماشية ) وفي بعض الروايات ( أو زرع ) هنا وقع الخلاف هذا الكلب المستثنى من النهي ، هل يجوز بيعه وشراؤه أم لا؟ لا شك أنه يجوز بيعه وشراؤه للمعنى الذي أشرت إليه مما نقلته عن الفقهاء"[ من كلام الإمام الألباني رحمه الله في سلسلة الهدى والنور شريط رقم ( ٢٠٩)].و "تبيح اقتناء كلب الصيد، وما كان كذلك حل بيعه، وحل ثمنه كسائر الأشياءالمباحة كما حققه الإمام أبو جعفر الطحاوي في [  شرح المعاني ( ٢ / ٢٢٥ - ٢٢٩)] فراجعه فإنه مهم"[ سلسلة الأحاديث الصحيحة( ٦ / ١٥٥ )]." وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : يَصِحّ بَيْع الْكِلاب الَّتِي فِيهَا مَنْفَعَة , وَتَجِب الْقِيمَة عَلَى مُتْلِفهَا . حَكَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ جَابِر وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ جَوَاز بَيْع كَلْب الصَّيْد دُون غَيْره "[  النووي رحمه الله في شرحه لصحيح الإمام مسلم رحمه الله ] . وجوز  المالكية و الاحناف بيع كلب الماشية والصيد عملا بهذا الحديث  ؛ ومن ذلك قول المالكية :  " وفي قوله في الحديث: ( من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشية) دليل على أنه يجوز اقتناء كلب الصيد وكلب الماشية، والاقتناء لا يكون إلا بالاشتراء، ففيه دليل على جواز بيع كلب الماشية والصيد، وهو قول ابن نافع وابن كنانة وسحنون وأكثر أهل العلم، والصحيح في النظر؛ لأنه إذا جاز الانتفاع به، وجب أن يجوز بيعه، وإن لم يحل أكله، كالحمار الأهلي الذي لا يجوز أكله، ويجوز بيعه لمّا جاز الانتفاع به، وهو دليل هذا الحديث على ما ذكرناه" [ البيان والتحصيل لابن رشد المالكي رحمه الله ( ١٧ / ٢٨٨ ) ] .

وقالت الاحناف : " وَأَمَّا بَيْعُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ سِوَى الْخِنْزِيرِ -كَالْكَلْبِ , وَالْفَهْدِ , وَالأَسَدِ وَالنَّمِرِ , وَالذِّئْبِ , وَالْهِرِّ , وَنَحْوِهَا ؛ فَجَائِزٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ".[ بدائع الصنائع للكاساني رحمه الله( ٥ / ١٤٢)]. ومن رأى تحريم بيعه اباح بيعه اضطرارا ؛ قال الحافظ ابن حزم رحمه الله [ المحلى ( ٧ / ٤٩٣)] :

" وَلا يَحِلُّ بَيْعُ كَلْبٍ أَصْلا , لا كَلْبَ صَيْدٍ وَلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ , وَلا غَيْرَهُمَا , فَإِنْ اضْطُرَّ إلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعْطِيه إيَّاهُ فَلَهُ ابْتِيَاعُهُ ". والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. 

----------------------------------------

كتبه : غازي بن عوض العرماني.