بسم الله الرحمن الرحيم
[ بيان أهمية أتباع كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفق هدي سلفنا الصالح وان هذا هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله دينا لعباده ]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد
"فقد أجمع العلماء قديما وحديثا على أن الأصول المعتبرة في إثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ثم إجماع علماء الأمة، واختلف العلماء في أصول أخرى أهمها: القياس، وجمهور أهل العلم على أنه حجة إذا استوفى شروطه المعتبرة، والأدلة على هذه الأصول أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر.
أما الأصل الأول: فهو كتاب الله العزيز وقد دل كلام ربنا عز وجل في مواضع من كتابه على وجوب اتباع هذا الكتاب والتمسك به والوقوف عند حدوده قال تعالى: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:٣] وقال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام:١١٥] وقال تعالى:{ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:١٥، ١٦] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }[فصلت:٤١-٤٢]، وقال تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [ الأنعام:١٩ ]، وقال تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} [إبراهيم:٥٢] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقد جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله ﷺ آمرة بالتمسك بالقرآن والاعتصام به، دالة على أن من تمسك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال ومن ذلك ما ثبت عنه ﷺ أنه قال في خطبته في حجة الوداع: ( إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله) رواه مسلم في صحيحه، وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (إني تارك فيكم ثقلين أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور؛ فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي) وفي لفظ قال في القرآن: ( هو حبل الله من تمسك به كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلال) .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وفي إجماع أهل العلم والإيمان من الصحابة ومن بعدهم على وجوب التمسك بكتاب الله والحكم به والتحاكم إليه مع سنة رسول الله ﷺ ما يكفي ويشفي عن الإطالة في ذكر الأدلة الواردة في هذا الشأن.
أما الأصل الثاني: من الأصول الثلاثة المجمع عليها فهو ما صح عن رسول الله ﷺ من أقواله وأفعاله وتقريره، ولم يزل أهل العلم من أصحاب رسول الله ﷺ ومن بعدهم يؤمنون بهذا الأصل الأصيل ويحتجون به ويعلمونه الأمة، وقد ألَّفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة وأوضحوا ذلك في كتب أصول الفقه والمصطلح، والأدلة على ذلك لا تحصى كثرة؛ فمن ذلك ما جاء في كتاب الله العزيز من الأمر باتباعه وطاعته وذلك موجه إلى أهل عصره ومن بعدهم؛ لأنه رسول الله إلى الجميع، ولأنهم مأمورون باتباعه وطاعته حتى تقوم الساعة؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المفسر لكتاب الله والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره.
ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها، ولم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات وما أوجب الله بها من حدود وعقوبات.
ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى في سورة آل عمران: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران:١٣٢] وقوله تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:٥٩].
وقال تعالى في سورة النساء أيضًا: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}[النساء:٨٠]، وكيف يمكن طاعته، ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله إذا كانت سنته لا يحتج بها، أو كانت غير محفوظة؟ وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له وهذا من أبطل الباطل ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به.
وقال عز وجل في سورة النحل: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:٤٤]، وقال أيضا في آية أخرى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[النحل:٦٤] فكيف يكل الله سبحانه إلى رسوله ﷺ تبيين المنزل إليهم، وسنته لا وجود لها أو لا حجة فيها، ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النور:٥٤] وقال تعالى في السورة نفسها: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{ [النور:٥٦].والله
وقال في سورة الأعراف: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:١٥٨].
وفي هذه الآيات الدلالة الواضحة على أن الهـداية والرحمة في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنته أو القـول بأنـه لا صحة لها أو لا يعتمد عليها؟ فقال في سورة النور: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{ [النور:٦٣] وقال في سورة الحشر: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا { [الحشر:٧].
والآيات في هذا المعنى كثيرة وكلها تدل على وجوب طاعته عليه الصلاة والسلام واتباع ما جاء به؛ كما سبقت الأدلة على وجوب اتباع كتـاب الله والتمسك به وطاعة أوامره ونواهيه، وهما أصلان متلازمان من جحـد واحدًا منهما فقد جحد الآخر وكذب به، وذلك كفر وضلال وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع أهل العلم والإيمان.
وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ في وجوب طاعته واتباع ما جـاء به وتحريم معصيته، وذلك في حق من كان في عصره، وفي حق من يأتي بعده إلى يوم القيامة، ومن ذلك ما ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: ( من أطاعني فقد أَطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله) ، وفي صحيح البخاري عنه أن النبي ﷺ قال: ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله: ومن يأبى، قـال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) .
وخرج أحمد وأبو داود والحاكم بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله ﷺ أنه قال: ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشـك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه) .
وخرج أبو داود وابن ماجه بسند صحيح: عن ابن أبى رافع عن أبيه عن النبي ﷺ قال: ( لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنـه، فيقول: لا ندري ما وجدنا في كـتاب الله اتبعناه)
وعن الحسن بن جـابر قال: سمعت المقدام بن معدي كرب يقول: حرم رسول الله ﷺ يوم خـيبر أشياء ثم قال: ( يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ يحدث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنـا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله) أخرجه الحاكم والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.
وقد تواترت الأحـاديث عن رسول الله ﷺ بأنه كان يوصي أصحابه في خطبته ( أن يبلغ شاهدهم غائبهم ويقول لهم: رب مبلغ أوعى من سامع ) [ في صحيحي البخاري ومسلم رحمهما] .
ومن ذلك ما في الصحيحين أن النبي ﷺ لما خطب الناس في حجة الوداع في يوم عرفة وفي يوم النحر قال لهم:( فليبلغ الشاهد الغائب، فرب من يبلغه أوعى له ممن سمعه) .
فلولا أن سنته حجة على من سمعها وعلى من بلغته، ولولا أنها باقية إلى يوم القيامة لم يأمرهم بتبليغها.
فعلم بذلك أن الحجة بالسنة قائمة على من سمعها من فيه عليه الصلاة والسلام، وعلى من نقلت إليه بالأسانيد الصحيحة.
وقد حفظ أصحاب رسول الله ﷺ سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية وبلغوها من بعدهم من التابعين ثم بلغها التابعون من بعدهم. وهكذا نقلها العلماء الثقات جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن، وجمعوها في كتبهم وأوضحوا صحيحها مـن سقيمها، ووضعوا لمعرفة ذلك قواعد وضوابط معلومة بينهم يعلم بها صحيح السنة من ضعيفها وقد تداول أهل العلم كتب السنة من الصـحيحين وغيرهما وحفظوها حفظا تاما كما حفظ الله كتابه العزيز من عبث العابثين وإلحاد الملحدين وتحريف المبطلين؛ تحقيقا لما دل عليه قوله سبحانه: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩].
ولا شك أن سنة رسول الله ﷺ وحي منزل فقد حفظها الله كما حفظ كتابه، وقيض الله لها علماء نقادًا ينفون عنها تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون؛ لأن الله سبحانه جعلها تفسيرًا لكتابه الكريم وبيانًا لما أجمل فيه من الأحكام، وضمنها أحكاما أخرى لم ينص عليها الكتاب العزيز، كتفصيل أحكام الرضاع، وبعض أحكام المواريث، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها السنة الصحيحة ولم تذكر في كتاب الله العزيز.
ونذكر بعض ما ورد عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة ووجوب العمل بها.
في الصحيحين عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله ﷺ وارتد من ارتد من العرب، قال أبو بكر الصديق : والله لأقاتلنَّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتلهم وقد قال النبي ﷺ: ( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ) . فقال أبو بكر الصديق: أليست الزكاة من حقها والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها، فقال عمر : فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. وقد تابعه الصحابة ﷺ على ذلك فقاتلوا أهل الردة، حتى ردوهم إلى الإسلام وقتلوا من أصر على ردته، وفي هذه القصة أوضح دليل على تعظيم السنة ووجوب العمل بها.
وجاءت الجدة إلى الصديق تسأله عن ميراثها فقال لها: ليس لك في كتاب الله شيء ولا أعلم أن رسول الله ﷺ قضى لك بشيء، وسأسأل الناس، ثم سأل الصحابة فشهد عنده بعضهم بأن النبي ﷺ أعطى الجدة السدس فقضى لها بذلك، وكان عمر يوصي عماله أن يقضوا بين الناس بكتاب الله فإن لم يجدوا القضية في كتاب الله، فبسنة رسول الله ﷺ.
ولما أشكل عليه حكم إملاص المرأة وهو إسقاطها جنينا ميتا بسبب تعدي أحد عليها، سأل الصحابة عن ذلك فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما بأن النبي ﷺ قضى في ذلك بغرة عبد أو أمة فقضى بذلك .
ولما أشكل على عثمان حكم اعتداد المرأة في بيتها بعد وفاة زوجها وأخبرته فريعة بنت مالك بن سنان أخـت أبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي ﷺ أمرها بعد وفاة زوجها أن تمكث في بيته حتى يبلغ الكتاب أجله قضى بذلك رضي الله عنه، وهكذا قضى بالسنة في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة.
ولما بلغ عليًا أن عثمان ينهى عن متعة الحج، أهلَّ علي بالحج والعمرة جميعًا، وقال: ( لا أدع سنة رسول الله ﷺ لقول أحد من الناس).
ولما احتج بعض الناس على ابن عباس رضي الله عنهما في متعة الحج بقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في تحبيذ إفراد الحج قال ابن عباس: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله ﷺ وتقولون: قال أبو بكر وعمر).
فإذا كان من خالف السنة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه العقوبة، فكيف بحال من خالفها لقول من دونهما أو لمجرد رأيه واجتهاده.
ولما نازع بعض الناس عبدالله بن عمر رضي الله عنهما في بعض السنة قال له عبدالله: (هل نحن مأمورون باتباع النبي ﷺ أم باتباع عمر؟).
ولما قال رجل لعمران بن حصين رضي الله عنهما: حدثنا عن كتاب الله وهو يحدثهم عن السنة غضب وقال: (إن السنة هي تفسير كتاب الله ولولا السنة لم نعرف أن الظهر أربع والمغرب ثلاث والفجر ركعتان، ولم نعرف تفصيل أحكام الزكاة إلى غير ذلك مما جاءت به السنة من تفصيل الأحكام).
والقضايا عن الصحابة في تعظيم السنة ووجوب العمل بها والتحذير من مخالفتها كثيرة جدًا.
ومن ذلك أيضًا أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لما حدث بقوله ﷺ: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) قال بعض أبنائه: والله لنمنعهن، فغضب عليه عبدالله وسبه سبًا شديدًا وقال أقول: قال رسول الله وتقول والله لنمنعهن، ولما رأى عبدالله بن المغفل المزني وهو من أصحاب رسول الله ﷺ بعض أقاربه يخذف نهاه عن ذلك وقال له: إن النبي ﷺ ( نهى عن الخذف وقال: إنه لا يصيد صيدا، ولا ينكأ عدوًا، ولكنه يكسر السن ويفقأ العين ) ، ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال: والله لا كلمتك أبدًا، أخبرك أن رسول الله ﷺ ينهى عن الخذف ثم تعود.
وأخرج البيهقي عن أيوب السختياني التابعي الجليل أنه قال: (إذا حُدِّث الرجل بسنة فقال دعنا من هذا، وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال).
وقال الأوزاعي رحمه الله: (السنة قاضية على الكتاب ولم يجئ الكتاب قاضيا على السنة)، ومعنى ذلك: أن السنة جاءت لبيان ما أجمل في الكتاب أو تقييد ما أطلقه أو بأحكام لم تذكر في الكتاب، كما في قول الله سبحانه: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:٤٤].
وسبق قوله ﷺ: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) ، وأخرج البيهقي عن عامر الشعبي رحمه الله أنه قال لبعض الناس: (إنما هلكتم في حين تركتم الآثار) يعني بذلك الأحاديث الصحيحة، وأخرج البيهقي أيضا عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال لبعض أصحابه: (إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبلغا عن الله تعالى).
وأخرج البيهقي عن الإمام الجليل سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله أنه قال: (إنما العلم كله العلم بالآثار).
وقال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر)، وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين)، وقال الشافعي رحمه الله: (متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلم آخذ به فأُشهدكم أن عقلي قد ذهب)، وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولًا وجاء الحديث عن رسول الله ﷺ بخلافه فاضربوا بقولي الحائط)، وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي وخذ من حيث أخذنا). وقال أيضا رحمه الله: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله ﷺ ويذهبون إلى رأي سفيان والله سبحانه يقول: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣] ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك).
وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبر التابعي الجليل أنه قال في قوله سبحانه: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:٥٩]، قال: (الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة).
وأخرج البيهقي عن الزهري رحمه الله أنه قال: (كان من مضى من علمائنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة)، وقال موفق الدين بن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر، في بيان أصول الأحكام ما نصه: (والأصل الثاني من الأدلة سنة رسول الله ﷺ وقول رسول الله ﷺ حجة؛ لدلالة المعجزة على صدقه وأمر الله بطاعته وتحذيره من مخالفة أمره). انتهى المقصود.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي عن أمر رسول الله ﷺ وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنًا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله ﷺ أنه قال: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: فليخش وليحذر من خالف شريعة الرسول باطنًا أو ظاهرًا: أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أي: في قلوبهم من كفرٍ أو نفاقٍ أو بدعة، أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: في الدنيا بقتل أو حدٍّ أو حبس أو نحو ذلك، كما روى الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله ﷺ: ( مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارًا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يقعن في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، قال فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار فتغلبوني وتقحمون فيها ) أخرجاه من حديث عبدالرزاق.
وقال السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" ما نصه:
(اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي ﷺ قولًا كان أو فعلًا بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر، وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة). انتهى المقصود.
والآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة ووجوب العلم بها والتحذير من مخالفتها كثيرة جدا، وأرجو أن يكون فيما ذكرنا من الآيات والأحاديث والآثار كفاية ومقنع لطالب الحق، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه والسلامة من أسباب غضبه، وأن يهدينا جميعا صراطه المستقيم إنه سميع قريب.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان". انتهى من كلام الإمام ابن باز رحمه الله
وقد نشرت هذه الرسالة في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد ( ٥٣) السنة الرابعة عشر عام ١٤٠٢ هجري وهي في مجموع فتاوى ومقالات الإمام ابن باز رحمه الله تعالى ( ٢٥ / ٣٠ ) وهي في موقع الإمام ابن باز رحمه الله الرسمي] .
[ الفصل الأول : توطئة عن أهمية سنية وضع اليد اليمنى على اليد الشمال فوق الصدر أثناء قراءة القرآن الكريم في الصلاة ]
العالم حجة على الجاهل
ومن اثبت حكما بالأدلة وجب الرجوع إلى الأدلة اتباعا لكلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله دينا لعباده ومن أفتى بغير علم ضل وأضل وقال على الله بغير علم وكان عليه امتثالا كلام الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى وتقدس :{ فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون } فأوجب الله سبحانه وتعالى الرجوع إلى أهل العلم عند الجهل وهنا " قاعدة قعدها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يتعلق بالصلاة أولاً ثم فيما يتعلق بمناسك الحج ثانياً وهذه وتلك هي داخلة في عموم قوله تبارك وتعالى :{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} ما هما القاعدتان المتعلقتان إحداهما بالصلاة والأخرى في الحج ؟ أما الأولى فقوله عليه السلام : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) والأخرى : ( خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) وقد كان كذلك وهذا يدل على أنه كما قال تعالى بحق في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { وما ينطق عن الهوى إن هوى إلا وحي يوحى} فعلاً حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ثم توفي عليه الصلاة والسلام وانتقل إلى الرفيق الأعلى لم يدرك الحجة التي جاءت من بعدها وكان أميرها أبوبكر الصديق ثم عمر إلى آخره فقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) يشبه من حيث دلالة عموم النص كقوله تعالى :{ وأقيموا الصلاة} أقيموا الصلاة خطاب لمن للرجال دون النساء للنساء دون الرجال أم للجنسين للجنسين بلا شك .أقيموا الصلاة صلوا نفس التعبير صيغة الجمع المذكر في علم اللغة التي نزل بها القرآن الكريم يدخل فيها النساء خطاب عام : { و أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } لو أن مدع ادعى لا النساء ما بدخلوا في هذا الخطاب هذا بكون أحد رجلين إما أنه جاهل باللغة العربية فيعلم وإما أن يكون مكابراً فيؤدب والتأديب إلو تفاصيل في كتب الفقه وهي وظيفة الحاكم الذي يحكم بما أنزل الله إذن قوله صلى الله عليه وسلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) نص عام يشمل النساء والرجال معاً فإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قولاً وهو رجل بطبيعة الحال أو فعل فعلاً فلا يقال هذا القول أو هذا الفعل خاص بالرجال لأننا قلنا أن القاعدة الخطاب حينما يوجه بصيغة الجمع المذكر يشمل النساء أيضا وهذا له بحث خاص وطويل جداً فلا نعرج عليه الآن فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) نحن أولاً رجال رجال اليوم يختلفون فبعضهم يضع يديه على الصدر وبعضهم دون ذلك وبعضهم على السرة تماماً وبعضهم دون السرة ولذلك أنا كنيت أو نكّتّ حينما قال حينما قلت أن بعضهم يضعون أيديهم في الصلاة عند العورة ولو أنكم تنتبهون فسترون هذه مع الأسف حقيقة واقعة كثير من الناس ينتصبون قائمون بيعملوا هيك كأنه مش لابس لباس يستر به عورته طيب هكذا السنة ؟ أولا لا أصل لهذا في أي كتاب من كتب الحديث بل ولا في أي كتاب من كتب الفقه كتب الفقه التي تروي ما هب ودب من الأحاديث لأن العلم كل علم له أهل اختصاص كتب الفقه خاصة المتأخرة منها تروي من الأحاديث كما يقول العلماء ما لا سنام له ولا خطام حتى هذا لا يوجد ماذا يوجد يوجد في بعض كتب الحديث وبعض كتب الفقه من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة وضع الكف على الكف هكذا مش هكذا هذا يقول به مذهب من المذاهب الأربعة المتبعة عند أهل السنة والجماعة وهو المذهب الحنفي المذهب الشافعي يقول السنة الوضع فوق السرة فوق السرة ممكن أن تفسر بتفسيرين فوق بمعنى محاذي مساوي أو أعلاها وهذا التفسير هو الأقرب وهذا الحديث الأول : ( من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة ) هذا الحديث يرويه أبو داود في سننه وهو الكتاب الثالث من الكتب الستة المعروفة عند علماء المسلمين أهل السنة الكتاب الأول صحيح البخاري والثاني صحيح مسلم الثالث سنن أبي داود الرابع سنن الترمذي الخامس سنن النسائي السادس سنن ابن ماجة هذا الحديث جاء في الكتاب الثالث من الكتب الستة وفي الكتاب الأول من السنن الأربعة سنن أبي داود لكن كتب السنن ليست ككتب الصحاح ليست كصحيح البخاري ومسلم أي أن الإمام البخاري ومسلماً تقصدا إيراد الأحاديث الصحيحة عندهما في هذين الكتابين أما أبو داود وغيره من أصحاب السنن ما قصدوا إيراد الصحيح فقط كما قال السيوطي في أرجوزة له في الحديث في مصطلح الحديث يقول " يروي أبو داود أقوى ما وجد *** ثم الضعيف إذا ما غيره فقد " " يروي أبو داود أقوى ما وجد *** ثم الضعيف إذا ما غيره -أي غير الصحيح- فقد " يعني ما وجد وهذه حقيقة يعرفها كل مشتغل بعلم الحديث ففي أبي داود أحاديث كثيرة ضعيفة منها هذا الحديث من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة على الصلاة ما علة هذا الحديث يرويه عبدالرحمن بن اسحق الواسطي هذا عبدالرحمن بن اسحق الواسطي ضعيف بل هو ضعيف جداً عند الإمام النووي كما صرح بذلك في كتابه المجموع شرح المهذب ونقله الحافظ الزيلعي الذي يعتبر من نوادر علماء الحديث في المذهب الحنفي ، المذاهب الأربعة اليوم في الفقه المذهب الحنفي هو الأشهر يليه المذهب الشافعي يليه مذهب مالك يليه مذهب أحمد هذا في الفقه لكن في الحديث من بين المذاهب الأربعة ينعكس الموضوع مذهب أحمد ثم مذهب الشافعي ثم مذهب مالك وفي الأخير بجي مذهب أبي حنيفة وهذا له أسباب كثيرة كان من آثارها ونتائجها أن العلماء الحنفية الذين اشتغلوا بالحديث قلة جداً بخلاف المشتغلين بالحديث من الشافعية والحنابلة ففيهم كثرة وفيهم بركة ، من نوادر علماء الحنفية الإمام جمال الدين الزيلعي المصري فهذا من كبار علماء الحديث في المذهب الحنفي وهو الذي ألف كتاباً قيما جداً سماه نصب الراية لأحاديث الهداية كتاب الهداية للإمام من كبار علماء الحنفية معروف بكنيته المرغيناني كتاب الهداية في الفقه الحنفي يأتي بأدلة المذهب الحنفي وفي ذلك الكثير من الاحاديث لكن هذه الاحاديث غير مخرجة ولا هي مصححة جاء الإمام الزيلعي فعني عناية خاصة بأحاديث الهداية فألف هذا الكتاب نصب الراية لأحاديث الهداية فهو يخرج كل حديث ذكره المرغيناني في كتاب الهداية لما جاء إلى هذا الحديث حديث :( من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة ) قال قال الامام النووي عبدالرحمن بن اسحق الواسطي ضعيف جدا إذن هذا الحديث لو لم يكن معارضا بحديث أصح منه لا تثبت به سنة فكيف وهناك أحاديث معارضة لهذا الحديث وهي صحيحة منها أن وائل بن حجر وهو كان من ملوك اليمن قبل بعثة الرسول عليه السلام ولما بلغه بعثة الرسول وفد إليه وسمع منه وآمن به فكان من أقيال اليمن من ملوك اليمن كان له عناية خاصة بملاحظة صلاة الرسول عليه السلام ولذلك أحاديثه يعني تملأ فراغاً في هذا الموضوع في صفة صلاة الرسول عليه الصلاة والسلام فهو يقول أنه " رأى النبي صلى الله عليه وسلم واضعاً يده اليمنى على كف ورسغ وذراع يده اليسرى " فلو أن واحداً منكم أراد أن يطبق هذه الصورة لم يستطيع إلا أن يضعها فوق السرة لأن اليمنى على كف والرسغ والساعد هكذا هذا حديث صحيح باتفاق علماء الحديث عارضه ذاك الحديث فلا يقام له وزن لأنه ضعيف الإسناد ثم ذكر الحافظ السيوطي في كتابه الدر المنثور رواية فيها غرابة فيما يبدو لأول الأمر لكن لا غرابة ما دام صحابي الرسول هو الذي فسر الآية بما تسمعون ذكر السيوطي في الدر المنثور في التفسير المأثور هذا كتاب خاص يفسر الآيات مش كما يفعل المتأخرون أصابوا أو أخطأوا بآرائهم لا روايات عن الرسول عليه السلام عن الصحابة عن التابعين وهكذا لما جاء عند سورة النحر :{ إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر } روى بسند قوي عن علي رضي الله عنه أنه قال { فصل لربك وانحر فصل} الصلاة المعهودة وفي بعض الروايات صلاة العيد بقرينة وانحر لكن علي رضي الله عنه فسر وانحر أي ضع يديك في الصلاة عند نحرك هنا الغرابة لأنو هذا المعنى غير متبادر لكن ما دام أن علياً رضي الله عنه وأرضاه فسر هذه الآية وهو أعلم من غيره يضم هذا الحديث إلى حديث وائل بن حجر وهناك أحاديث أخرى ويثبت من مجموع الأحاديث التي وردت في وضع اليدين في الصلاة وهو قائم أن الصحيح الثابت عن الرسول عليه السلام هو الوضع على الصدر أما الوضع تحت السرة فحديثه ضعيف قلت آنفاً هذا فعله عليه السلام النساء ماذا تفعل ؟ يجب أن تقتدي النساء بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا فرق في ذلك ويا سبحان الله عكسوا الآن بعض الناس قالوا لا هذا خاص بالنساء طيب وين الحديث الخاص بالنساء وسيد الرجال والنساء سن لهم جميعاً الوضع على الصدر وأخيراً وختاماً لهذه المسألة أقول سبحان الله أي الموقفين أليق بأدب الوقوف بين يدي الله عز وجل أهذا الذي يقف كأنه يقف وقفة اللا مبالي الكسلان أم هذا الواقف الذي يخضع لرب الأنام كأنه مغلل لكن هذا التغليل ليس من عبد لعبد وإنما خضوعاً من العبد للرب :{ وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } أنا قلت كلمة قلت كلمة في غيبتك يعني تسمعها جيداً أنو أنا لا أرى لمثل الأخ هذا أن يأخذ المسألة قد يأخذ منها الخلاصة قد يأخذ مع الخلاصة شيء من التفصيل لا ننصحه بأن يقف أمام أستاذه ويجادله لا لأن هذا يحتاج إلى قدرة علمية من جهة ويحتاج إلى شيء من التجانس بين المجادل والمجادل معه ولذلك قلنا حسبه أن يعرف السنة وأن يعمل بها ثم يبلغ في حدود ما يستطيع من حوله وهكذا تنتشر السنة وتموت البدعة إن شاء الله " .
انتهى من كلام الإمام الألباني رحمه الله في سلسلة الهدى والنور شريط رقم ( ٧٠١).
[ الفصل الثاني : الأدلة من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم على وضع اليد اليمنى على اليد الشمال فوق الصدر أثناء قراءة القرآن الكريم في الصلاة ]
الدليل الأول :
ف"قوله: ( على الصدر ) هذا الذي ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يثبت غيره؛ وفيه أحاديث :
( الأول )
عن وائل بن حجر:
أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يمينه على شماله، ثم وضعهما على صدره.
أخرجه {أبو الشيخ في " تاريخ أصبهان " (ص ١٢٥) } ، والبيهقي عن مُؤمَّل بن
إسماعيل عن الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه عنه.
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن مؤمل بن إسماعيل متكلم فيه؛ لسوء حفظه، وفي
" التقريب ":
" صدوق سيئ الحفظ ".
ثم أخرجه البيهقي من طريق أخرى عن وائل.
وسنده ضعيف. {وانظر " إرواء الغليل " (٣٥٣) } .
والحديث أورده الحافظ الزيلعي في " نصب الراية" ( ١ / ٣١٤) ، وقال:
" رواه ابن خزيمة في " صحيحه " ". اهـ.
فالله أعلم؛ هل أخرجه من طريق آخر أم رواه من أحد الطريقين المذكورين (*) ؟ وأيما
كان؛ فالحديث يتقوى بـ:
( الحديث الثاني)
وهو ما أخرجه أحمد قال( ٥ / ٢٢٦) : ثنا يحيى بن سعيد عن
سفيان: ثني سماك عن قَبِيصة بن هُلْب عن أبيه قال:
رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته - قال - يضع هذه على
صدره. وصف يحيى: اليمنى على اليسرى فوق المِفصل.
وهذا إسناد حسنه الترمذي - كما تقدم -، ورجاله رجال مسلم، غير قَبِيصة هذا؛
فقال ابن المديني، والنسائي:
" مجهول ". زاد الأول:
" لم يرو عنه غير سماك ". وقال العجلي:
" تابعي ثقة ".
وذكره ابن حبان في " الثقات " مع تصحيح حديثه - كما قال الذهبي-، وفي " التقريب ":
" مقبول ". اهـ. ويشهد له:
( الحديث الثالث)
قال أبو داود ( ١ / ١٢١) : ثنا أبو توبة: ثنا الهيثم - يعني: ابن
حميد - عن ثور عن سليمان بن موسى عن طاوس قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره؛
وهو في الصلاة.
وهذا إسناد مرسل جيد، رجاله كلهم موثقون، وينبغي أن يكون حجة عند الجميع؛
لأنه - وإن كان مرسلاً؛ فإنه - قد جاء موصولاً من أوجه أخرى - كما رأيت -.
ويشهد له ما رواه حماد بن سلمة: ثنا عاصم الجحدري عن أبيه عن عُقْبة بن
صُهْبان قال:
إن علياً رضي الله عنه قال في هذه الآية: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ، قال:
وضع يده اليمنى على وسط يده اليسرى، ثم وضعهما على صدره.
أخرجه البيهقي ( ٢ / ٣٠ ) .
ورجاله موثقون؛ غير والد عاصم الجحدري - واسمه: العَجَّاج البصري -؛ فإني لم
أجد من ذكره، وقد قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره ":
" لا يصح عن علي ".
ثم أخرج البيهقي نحوه عن ابن عباس.
وسنده محتمل للتحسين.
ويشهد لرواية علي: ما أخرجه أبو داود (١ / ١٢٠) من طريق أبي طالوت
عبد السلام عن ابن جَرِير الضَّبيِّ عن أبيه قال:
رأيت علياً رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة.
وهذا إسناد قال البيهقي ( ٢ / ٣٠ ) :
" حسن ".
وهو كما قال - إن شاء الله تعالى (*) -؛ فإن رجاله كلهم ثقات؛ غير ابن جرير
الضَّبِّي - واسمه: غزوان -، ووالده؛ وقد وثقهما ابن حبان، وروى عنهما غير واحد.
وقد علق البخاري حديثه هذا مطولاً في " صحيحه( ٣ / ٥٥) " بصيغة الجزم عن علي.
ومما يصح أن يورد في هذا الباب حديث سهل بن سعد، وحديث وائل - المتقدِّمان -،
ولفظه:
وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد. ولفظ حديث سهل:
كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.
فإن قلت: ليس في الحديثين بيان موضع الوضع!
قلت: ذلك موجود في المعنى؛ فإنك إذا أخذت تُطَبِّق ما جاء فيهما من المعنى؛
فإنك ستجد نفسك مدفوعاً إلى أن تضعهما على صدرك، أو قريباً منه، وذلك ينشأ من
وضع اليد اليمنى على الكف والرسغ والذراع اليسرى، فجرِّب ما قلتُه لك تجدْه صواباً.
فثبت بهذه الأحاديث أن السنة وضع اليدين على الصدر، {وخلافه إما ضعيف،
أو لا أصل له} ! .
ينظر كتاب أصل صفة الصلاة للإمام الألباني رحمه الله ( ١ / ٢١٥ ).
[ الفصل الثالث : الأقوال الأخرى في هذه المسألة ]
.ذهب أبو حنيفة، وسفيان الثوري وغيرهما إلى أن الوضع تحت السرة، واحتجوا
بحديث علي المتقدم، وقد علمتَ أنه حديث ضعيف اتفاقاً؛ فلا يجوز الاحتجاج به، لا سيما وقد ثبت عن راويه - أعني: علياً - من فعله خلافُه - كما سبق -؛ وهو الوضع
فوق السرة لا تحتها!
وقواعد الحنفية تقضي بترك الحديث الذي عمل راويه بخلافه - كما هو مقرر عندهم
في أصول الفقه -؛ فينبغي عليهم أن يتركوا حديث علي - لا سيما وهو ضعيف -، وأن
يأخذوا بفعله، وهو أصح من مَرْوِيِّهِ، ومؤيد بأحاديث أخرى في الباب - كما رأيت -.
وقد أنصف المحقق السندي رحمه الله؛ حيث قال في " حاشية ابن ماجه " - بعد أن
ساق بعض الأحاديث التي أسلفنا ومنها حديث طاوس المرسل -:
" وهذا الحديث - وإن كان مرسلاً؛ لكن المرسل - حجة عند الكل.
وبالجملة؛ فكما صح أن الوضع هو السنة دون الإرسال؛ ثبت أن محله الصدر؛ لا
غير. وأما حديث:
إن من السنة وضع الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة.
فقد اتفقوا على ضعفه. كذا ذكره ابن الهمام نقلاً عن النووي، وسكت عليه ". اهـ.
وأما ما جاء في كتاب " بدائع الفوائد " لابن القيم( ٣ / ٩١) :
" قال - يعني: الإمام أحمد - في رواية المزني: ويكره أن يجعلهما على الصدر.
وذلك لما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه:
نهى عن التكفير. وهو وضع اليد على الصدر ". اهـ.
فإنه استدلال عجيب! فإن الحديث - إن صح - ليس فيه النهي عن التكفير في
الصلاة، وليس كل ما كان منهياً عنه خارج الصلاة يكون منهياً عنه فيها؛ بل قد يكون
العكس؛ فقد أمرنا - مثلاً - بالقيام فيها لله تعالى، ونهينا عنه خارجها لغيره سبحانه
وتعالى، فلا يبعد أن يكون الحديث كناية عن النهي عن الخضوع لغير الله تعالى، كما يُخضَع له تعالى بوضع اليدين على الصدر في الصلاة، فيكون عليه الصلاة والسلام نهى
عن هذا الوضع لغير الله تعالى؛ لما فيه من الخضوع وتعظيم غير الله تعالى.
وبهذا يتحقق أن هذا الحديث لا تعلق له بالصلاة مطلقاً؛ على أن تفسير (التكفير) بما
ذكره الإمام أحمد مما لم نجده فيما عندنا من كتب اللغة؛ بل قال الإمام ابن الأثير في " النهاية ":
" التكفير: هو أن ينحنيَ الإنسان ويطأطئ رأسه قريباً من الركوع، كما يفعل من
يريد تعظيم صاحبه ". وفي القاموس:
" التكفير: أن يخضع الإنسان لغيره - وقال قبل أسطر: - والكَفْرُ - بالفتح -: تعظيم
الفارسيِّ مَلِكَه ". زاد الشارح:
" وهو إيماء بالرأس من غير سجود ".
وهذه النصوص من هؤلاء الأئمة تؤيد ما ذهبنا إليه من أن الحديث لا علاقة له
بالصلاة، وأن المراد به النهي عن الخضوع لغير الله تعالى.
هذا يقال فيما إن صح الحديث، وما أراه يصح؛ فإنا لم نجد له أصلاً في شيء من
الكتب التي بين أيدينا. {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} .
هذا، وإني أستغرب من ابن القيم كيف مرَّ على كلام الإمام أحمد بدون أن يعرج
عليه بأدنى تعليق! وهو من هو في اطلاعه على علم اللغة، والشرع الشريف؛ لا سيما
وأن كلام الإمام مخالف لما اعتمده ابن القيم نفسه في كتاب " الصلاة "؛ حيث ذكر في
سياق صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كان يضع يديه على صدره! فالله تعالى أعلم بأسرار القلوب وخفاياها.
ثم وجدت في " مسائل الإمام أحمد " (ص ٦٢) رواية ابنه عبد الله عنه قال:
" رأيت أبي إذا صلى؛ وضع يديه إحداهما على الأخرى فوق السرة ".
{وقد عمل بهذه السنة الإمام إسحاقُ بن راهويه؛ فقال المروزي في " المسائل " (ص ٢٢٢) :
" كان إسحاق يوتر بنا ... ويرفع يديه في القنوت، ويقنت قبل الركوع، ويضع يديه
على ثَدْيَيْهِ أو تحت الثديين ".
ومثله قول القاضي عياض المالكي في (مستحبات الصلاة) من كتابه " الإعلام "
(ص ١٥ - الطبعة الثالثة / الرباط) :
" ووضع اليمنى على ظاهر اليسرى عند النحر "}" .
[ الفصل الرابع : مناقشة أقوال من قال بخلاف وضع اليد اليمنى على الشمال أثناء القراءة في الصلاة وبيان ضعفها ]
من ذلك قول ابن قدامة رحمه الله :" اختلفت الروايات في موضع وضعِهما؛ فرُوِيَ عن أحمد أنَّه يَضَعُهما تحت سُرَّتِه، وروي ذلك عن علي، وأبي هريرة، وأبي مجلز، والنخعي، والثوري، وإسحاق، وعن أحمد أنَّه يضعهما فوق السُّرَّة، وهو قول سعيد بن جبير، والشافعي، وعنه: أنه مخيَّر في ذلك؛ لأن الجميع مرويٌّ، والأمرُ في ذلك واسعٌ " كما في [ المغني( ١/ ٣٤١)] فالصحيح الثابت عنه صلى الله عليه وسلم هو وضع اليد اليمنى على الشمال في الصلاة أثناء القراءة وأما الأحاديث والآثار الأخرى فغير ثابتة وغير صحيحة و دين الله ماجاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وفي ماذكر يتبين خطأ ماذكره الزركشي وهو قوله :"اختارها ابن أبي موسى، وأبو البركات؛ لورود الأمرِ بهما، قال أبو البركات: وعلى الروايات فالأمر في الأمرين واسعٌ، لا كراهة لواحد منهما " . كما في شرح الزركشي على مختصر الخرقي( ١ / ٥٤٣).
لعدم ثبوت خلاف هذا القول عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام الألباني رحمه الله في كتابه إرواء الغليل في بيانه لضعف دليل من قال بخلاف هذا القول :
" ( ٣٥٣) حديث على رضى الله عنه قال: " أن من السنة فى الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة ". رواه أحمد (ص٩٢) .
* ضعيف.
رواه أحمد فى " المسائل " (ق ٢ / ٦٢ ) لابنه عبد الله وهذا [١] فى زوائد " المسند " ( ١/ ١١٠) (١) وكذا أبو داود (٧٥٦) والدارقطنى (١٠٧) والبيهقى( ٢ / ٣١٠) وكذا ابن أبى شيبة ( ١ /١٥٦ / ١) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد بن زيد السوائى عن أبى جحيفة عن على رضى الله عنه به.
قلت: وهذا سند ضعيف , علته عبد الرحمن بن إسحاق هذا وهو الواسطى وهو ضعيف كما يأتى , وقد اضطرب فيه , فرواه مرة هكذا عن زياد عن أبى جحيفة عنه. ومرة قال: عن النعمان بن سعد عن على.
أخرجه الدارقطنى والبيهقى.
ومرة قال: عن سيار أبى الحكم عن أبى وائل قال: قال أبو هريرة ".
أخرجه أبو داود (٧٥٨) والدارقطنى.
وقال أبو داود: " سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفى ".قلت: ولذلك لم يأخذ الإمام أحمد بحديثه هذا , فقال ابنه عبد الله: " رأيت أبى إذا صلى وضع يديه إحداهما على الأخرى فوق السرة ".وقد قال النووى فى " المجموع " ( ٣ / ٣١٣) وفى " شرح صحيح مسلم " وفى غيرهما: " اتفقوا على تضعيف هذا الحديث لأنه من رواية عبد الرحمن بن إسحاق الواسطى وهو ضعيف باتفاق أئمة الجرح والتعديل ".
وقال الزيلعى ( ١ / ٣١٤ ) : " قال البيهقى فى " المعرفة ": لا يثبت إسناده تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطى وهو متروك ".
وقال الحافظ فى " الفتح ( ٢ / ١٨٦ ) : " هو حديث ضعيف ".
قلت: ومما يدل على ضعفه أنه روى عن على خلافه , بإسناد خير منه , وهو حديث ابن جرير الضبى عن أبيه قال:
" رأيت عليا رضى الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة ".
وهذا إسناد محتمل للتحسين , وجزم البيهقى(٢ / ١٣٠) أنه حسن.
وعلقه البخارى ( ١ / ٣٠١) مختصرا مجزوما.
والذى صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم فى موضع وضع اليدين إنما هو الصدر, وفى ذلك أحاديث كثيرة أوردتها فى " تخريج صفة الصلاة " منها:
عن طاوس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى , ثم يشد بينهما على صدره , وهو فى الصلاة " , رواه أبو داود ( ٧٥٩ ) بإسناد صحيح عنه.
وهو وإن كان مرسلا فهو حجة عند جميع العلماء على اختلاف مذاهبهم فى المرسل , لأنه صحيح السند إلى المرسل , وقد جاء موصولا من طرق كما أشرنا إليه آنفا فكان حجة عند الجميع , وأسعد الناس بهذه السنة الصحيحة الإمام إسحاق بن راهويه , فقد ذكر المروزى فى " المسائل " (ص ٢٢٢) : " كان إسحاق يوترُ بنا ... ويرفع يديه فى القنوت ويقنت قبل الركوع , ويضع يديه على ثدييه , أو تحت الثديين ". ".انتهى كلامه رحمه الله.
قال الإمام ابن باز رحمه الله :" السنة في وضع اليدين في الصلاة على الصدر، هذا هو المحفوظ عن النبي ﷺ من حديث وائل بن حجر، ومن حديث سهل بن سعد، ومن حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، فإنها يفسر بعضها بعضًا، يروى عن علي : "أن من السنة وضع اليدين تحت السرة" لكنه حديث ضعيف عند أهل العلم ليس بصحيح، وإنما المحفوظ وضعهما على الصدر، كما في حديث وائل بن حجر، وفي حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، وفي حديث سهل بن سعد قال: كان الرجل يؤمر أن يضع يمينه على ذراعه اليسرى في الصلاة، كانوا يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، ففسره حديث قبيصة بن هلب عن أبيه وحديث وائل، وأن المراد: يضعهما على صدره وأطراف يده اليمنى على ساعده على ذراعِه ". انتهى كلامه رحمه الله من موقعه الرسمي.
وهذا القول قال به الإمام الألباني رحمه الله في كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم واختيار الإمام ابن باز رحمه الله و العثيمين رحمه الله.
[ الخاتمة : نسأل الله حسنها ]
في رسالتنا هذه ذكرنا الأدلة الشرعية الصحيحة التي تثبت كيفية وضع اليدين أثناء القراءة في الصلاة وجرى بيان ضعف أدلة الأقوال الأخرى ومناقشة من قال بها.
نسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن تكون رسالتنا هذه خالصة لوجه الله تعالى الكريم وان يتقبلها وان ينفع بها الكاتب والقارئ.
رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنه.
ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه وان يجيرنا وإياكم من النار ويسكننا وإياكم وذرياتنا وأهلنا ومن نحب الفردوس الأعلى من الجنة.
والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
°°°°°°°°°°°°°°°°
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.