الثلاثاء، 28 نوفمبر 2023

( إيضاح إجمال وغموض وقع في قصيدة نبطيه مشهورة منتشرة في مقدمتها يقول شاعرها : [ سـلّم على شيخ المشــايخ ابن باز.... اللي فرق درب السياسة عن الدين ])



 بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين

 والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه 

أما بعد 

فمن رحمة الله بالمسلمين ان جعل دينهم الإسلام ؛ دين رحمة وتعاطف وتآلف فأرتضاه الله تبارك وتعالى لعباده دينا :{ ومن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فهو دين كامل شامل موافق للعقل والفطرة والتكوين الخُلُقي والخلْقي للبشر وفي أتباع هذا الدين تكون السعادة والويل للمعرضين عن دين الله سبحانه وتعالى : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}. 

ودين الإسلام مبنى على كلام الله سبحانه وتعالى المنزل غير مخلوق وعلى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفق هدي وفهم سلفنا الصالح. 

ودين الإسلام ليس فيه كهنوت أو تقديس للأشخاص أو رفعهم فوق منزلتهم التي انزلهم الله بها 

 فكل المسلمين رجال دين بخلاف الديانات الباطلة الأخرى ومنها اليهودية والنصرانية

فالمجتمع عندهم مقسم الي رجال دين ومفهوم المخالفة لهذا المصطلح انه يوجد بينهم [ رجال بلا دين]

كما أن بينهم  تقديس للأشخاص ورفعهم فوق منزلتهم حتى عبدوا غير الله مع أنهم عباد عبيد أمثالهم  حتى نشأ بينهم الإلحاد مع شرك وكفر هما سبب كل بلاء فيهم فأدى ذلك إلى فشو الفساد الأخلاقي. 

 والمسلمون :

حاكمهم ومحكومهم 

وخاصتهم وعامتهم

 وكبيرهم وصغيرهم وذكرهم وأنثاهم

 كلهم رجال دين 

 و حسب أعمالهم 

يحصل التنوع الطبعي وفق التكوين البشري 

ووفق اعمالهم  فمنهم 

التاجر

 والمزارع

 والصانع 

والمهندس 

والطبيب

 واصناف أخرى تركناها لكثرتها. 

ومنهم الحاكم والمحكوم

والراعي ورعيته

 ولهم أعمال لا يستطيع أحد ان  يعمل عمل الآخر أو يتقنه. 

فالمزارع له عمل يختلف عن عمل التاجر وهكذا عمل المهندس يختلف عن عمل الطبيب. 

وولاة الأمر لهم شأنهم الجسيم  و منها إدارة شؤون الدولة  وسياسة رعيتهم فلا أحد يستطيع تجاوز حدود عمله واختصاصه ؛ جرى ذلك وفق سنن كونية قضاها الله وقدرها وتعارف عليها الناس وفق عاداتهم واعرافهم وسلومهم

 ووضع لها الشارع الحكيم ضوابط شرعية يمنع ويحرم تجاوزها فولاة الأمر يجب على رعيتهم السمع والطاعة لهم بالمعروف

حتى أتى في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كيفية النصح لهم فوجوب طاعتهم وكيفية النصح لهم  ليست محل اجتهاد لآراء البشر بهذا مضت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وعليه هدي سلفنا الصالح وإجماعهم ثم 

طبيعة عملهم الكبيرة وعظيم شأن اختصاصهم إذ يترتب على الإخلال بها ارتكاب مفاسد عظيمة. 

والإتيان بها وفق ضوابط الشرع يترتب عليه جلب مصالح كبرى وتحقيق مصلحة عامة للرعية وفي طاعتهم كذلك درأ مفاسد عظيمة .....

 ومعلوم ان الشعر ديوان العرب وهذا أمر مشاهد بادية وحاضرة اهتمامهم بالشعر ومما لفت نظري أنه اشتهر وانتشر بيت شعري لأحد شعراء النبط [ النبط مصطلح حادث لعل معناه يدل على أن هذا الشعر بعيد عن الشعر الفصيح والحديث عن الشعر النبطي ليس هذا محل بسطه ]. 

وحيث جرى ضمن ابيات قصيدةالشاعر عبارة هذا نصها : ( اللي فرق درب السياسة  عن الدين ). 

وحصل في ألفاظها إجمال وغموض يحتاج إلى إيضاح بيان شرعي لكثرة من يستمع الي هذه القصيدة ويتأثر بها ؛ فنقول وبالله التوفيق وعليه التكلان وهو المستعان :

 ان هذه العبارة  : ( اللي[ بمعنى الذي] فرق درب السياسة  عن الدين).

تحتمل معنيين ظاهرين

فإن أراد :

           (   أولا   ) 

ما يعنيه الملاحدة في هذا العصر وهم من يعرف حديثا ب :" العلمانية ". 

وتعني :[ فصل الدين عن الدولة]. 

فكلامه باطل وذلك ان أمور  السياسة والاقتصاد وغيرها 

بل الحياة كلها لله سبحانه وتعالى امتثالا لقوله تعالى وتقدس :{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ؛ فالحياة كلها في ثوانيها و ودقائقها وساعاتها والعمر كله ليله لباسا ونهاره معاشا دينا و قربة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة حتى في النية الصالحة يؤجر عليها ومن ذلك جميع الأعمال حتى  السياسة الشرعية يكون فيها أجر عظيم . 

وعمر الإنسان يسأل عنه جميع العباد يوم القيامة  كما في حديث أبي برزة الاسلمي رضي الله عنه وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟) رواه الترمذي رحمه الله تعالى وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي رحمه الله. والسياسة من أمور الدين فالعباد لا تستقيم حياتهم الا بسياسة الحاكم فيؤمن طرقهم ويردع القوي الظالم وينصف الضعيف المظلوم وقد جعلهم الله سببا لصلاح البلاد وتسيير شؤون العباد . 

والحاكم يؤجر على سياسته وإحسانه وعدله لرعيته فالحكام مؤتمنون على رعيتهم فسياستهم إذا أرادوا بها وجه الله والدار الآخرة فهم في عبادة لله سبحانه وتعالى يؤجرون عليها. 

والحكم  من ثمرات التوحيد ومكملاته وليس هو توحيدا مستقلا كما يزعمه خوارج العصر [واعني الإخوانية والإمام الألباني رحمه الله هو من أطلق عليهم هذا الوصف] 

إذا جعلوا التوحيد أربعة أقسام [ توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات وتوحيد الحاكمية] ومصطلح الحاكمية لا يخرج من أنواع التوحيد الثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات فهو من مكمل وثمرة للتوحيد. 

 وإن أراد:

             (    ثانيا   ) 

الحث على عدم أشغال الناس وذلك في منعهم من التدخل في سياسة الحاكم وشؤونه العامة التي بها ينظر المصلحة العامة لمن هم تحت يده وتحذيرهم من ان يكون حديثهم  في مجالسهم وديدنهم الكلام في الحكام على جهة الطعن والذم لهم  ومن ثم التدخل بشؤونهم ومحاولة الولوج في أمورهم واختصاصاتهم كما هي حال الإخوانية الخوارج مع أنهم لم يصلحوا شأن بيوتهم. 

لهذا كبار علماء السنة اتباع السلف الصالح يقولون بهذا الخصوص :" أن من السياسة ترك السياسة ". 

وكلام الشاعر لعله أراد هذا المعنى لكن  فاته اختيار  دقة التعبير و ضبط صياغة جيدة للمعنى المراد لئلا يترتب على ألفاظه الشعرية محظور شرعي. لذا يجب توخي الحذر وسلوك طريق الايضاح والتبيين وترك الغموض والأجمال في ألفاظ أبياته ..

والقصيدة في بقية ابياتها طيبه. 

وفقنا الله واياكم والأخ الشاعر للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه.

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

..............

كتبه : غازي بن عوض العرماني

الاثنين، 27 نوفمبر 2023

رد و تعقيب على كلمة رمز الإخوانية الخوارج المدعو أبي إسحاق الحويني.

https://x.com/Shuounislamiya/status/1729011368756756865?t=icq1c401A5vWe03DDp1Jcg&s=08





بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً 

أما بعد 

فإن كلمه ابي إسحاق الحويني الإخواني تدل على ان الحق مع أهل الإسلام الصحيح وهم أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح والذين يقومون ولا زالوا بنبزهم بالمداخلة أو المدخليين.

وما أمر الجامية وقبلها الوهابية والتيمية والمجسمة والحشوية وعملاء السلطان ونحوها من أوصاف أرادوا بها ذما والله برحمته الواسعه وفضله يريد بيان الحق وأهله. 

وهذا الوصف بالمدخليين  شرف فربيع المدخلي إمام في السنة ومحاربة البدع وأهلها حتى قال عنه الإمام الألباني رحمه الله انه حامل راية الجرح والتعديل في هذا العصر . 

ومفهوم هذه الكلمة الظالمة دلاله واضحة على أن الإمام ربيع المدخلي حفظه الله شوكة في حلوق هؤلاء الضلال المبتدعة وتبرهن على سلامة منهجه 

وبراءته من الإرجاء هو وشيخه الإمام الألباني رحمه الله والذي يرميه به دعاة الخوارج ورموز التكفير في هذا العصر ممن كانت كلماتهم أسس وقواعد  لإنشاء التنظيمات الدموية و أصول لبناء فكر التكفير في العالم الإسلامي فهم  من تسببوا عقديا في ظهور داعش والقاعدة وهم خطر خفي لا يعلم مدى خطورتهم الا الله سبحانه وتعالى ؛ فنسأل الله أن يهديهم أو أن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر فإنهم من الأسباب الرئيسية في ظهور جماعات الخوارج و فرق التكفير في الماضي والحاضر والمستقبل. ومن وليد نتاجهم القتل والتدمير والتفحير وزعزعة الأمن والأمان والاستقرار وتهوين أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف. 

ولهم طريقة ماكرة فإن لهم (فتيا ظاهرة أمام الملأ) لإبعاد أي شبهة تلحقهم 

و( فتيا خاصة باطنية) يظهرون من خلالها عقيدتهم التكفيرية التي تقوم على التكفير وإستحلال دماء المسلمين

وفيها الثناء على قادة التكفير  ومن خالفهم فهو مرجئ لا يقبل قوله. 

وهؤلاء الإخوانية الخوارج سلكوا طريقا ضالا خاطئا يخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه مع مضادته لنهج أئمة الهدى من سلفنا الصالح فلا يستغرب منهم إطلاق مثل هذه الألفاظ الدالة على إفلاسهم وقلة بضاعتهم وسوء مذهبهم وفساده فليس عندهم الا رمي الأبرياء بما ليس فيهم وهذا هو الظلم.

و يلاحظ تقلب الإخوانية الخوارج في الفتيا حسب الهوى ومصلحة الحزب في طريقة يطلق عليها علماء السنة وصف ( التلون ) .

والضلال المبتدعة يطلقون عليها فقه الحركة 

 كفى الله المسلمين شرهم.

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

.............

كتبه : غازي بن عوض العرماني.

الأحد، 26 نوفمبر 2023

( سنة الرسول صلى الله عليه وسلم هي وضع اليد اليمنى على اليد الشمال فوق الصدر أثناء قراءة القرآن الكريم في الصلاة )



بسم الله الرحمن الرحيم


 


 [ بيان أهمية أتباع كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفق هدي سلفنا الصالح وان هذا هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله دينا لعباده ] 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد

 "فقد أجمع العلماء قديما وحديثا على أن الأصول المعتبرة في إثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ثم إجماع علماء الأمة، واختلف العلماء في أصول أخرى أهمها: القياس، وجمهور أهل العلم على أنه حجة إذا استوفى شروطه المعتبرة، والأدلة على هذه الأصول أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر.

أما الأصل الأول: فهو كتاب الله العزيز وقد دل كلام ربنا عز وجل في مواضع من كتابه على وجوب اتباع هذا الكتاب والتمسك به والوقوف عند حدوده قال تعالى: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:٣] وقال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام:١١٥] وقال تعالى:{ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:١٥، ١٦] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }[فصلت:٤١-٤٢]، وقال تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [ الأنعام:١٩ ]، وقال تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} [إبراهيم:٥٢] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقد جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله ﷺ آمرة بالتمسك بالقرآن والاعتصام به، دالة على أن من تمسك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال ومن ذلك ما ثبت عنه ﷺ أنه قال في خطبته في حجة الوداع: ( إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله) رواه مسلم في صحيحه، وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (إني تارك فيكم ثقلين أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور؛ فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي) وفي لفظ قال في القرآن: ( هو حبل الله من تمسك به كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلال) .

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وفي إجماع أهل العلم والإيمان من الصحابة ومن بعدهم على وجوب التمسك بكتاب الله والحكم به والتحاكم إليه مع سنة رسول الله ﷺ ما يكفي ويشفي عن الإطالة في ذكر الأدلة الواردة في هذا الشأن.

أما الأصل الثاني: من الأصول الثلاثة المجمع عليها فهو ما صح عن رسول الله ﷺ من أقواله وأفعاله وتقريره، ولم يزل أهل العلم من أصحاب رسول الله ﷺ ومن بعدهم يؤمنون بهذا الأصل الأصيل ويحتجون به ويعلمونه الأمة، وقد ألَّفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة وأوضحوا ذلك في كتب أصول الفقه والمصطلح، والأدلة على ذلك لا تحصى كثرة؛ فمن ذلك ما جاء في كتاب الله العزيز من الأمر باتباعه وطاعته وذلك موجه إلى أهل عصره ومن بعدهم؛ لأنه رسول الله إلى الجميع، ولأنهم مأمورون باتباعه وطاعته حتى تقوم الساعة؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المفسر لكتاب الله والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره.

 ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها، ولم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات وما أوجب الله بها من حدود وعقوبات.

ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى في سورة آل عمران: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران:١٣٢] وقوله تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:٥٩].

وقال تعالى في سورة النساء أيضًا: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}[النساء:٨٠]، وكيف يمكن طاعته، ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله إذا كانت سنته لا يحتج بها، أو كانت غير محفوظة؟ وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له وهذا من أبطل الباطل ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به.

وقال عز وجل في سورة النحل: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:٤٤]، وقال أيضا في آية أخرى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[النحل:٦٤] فكيف يكل الله سبحانه إلى رسوله ﷺ تبيين المنزل إليهم، وسنته لا وجود لها أو لا حجة فيها، ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النور:٥٤] وقال تعالى في السورة نفسها: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{ [النور:٥٦].والله 

وقال في سورة الأعراف: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:١٥٨].

وفي هذه الآيات الدلالة الواضحة على أن الهـداية والرحمة في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنته أو القـول بأنـه لا صحة لها أو لا يعتمد عليها؟ فقال  في سورة النور: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{ [النور:٦٣] وقال في سورة الحشر: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا { [الحشر:٧].

والآيات في هذا المعنى كثيرة وكلها تدل على وجوب طاعته عليه الصلاة والسلام واتباع ما جاء به؛ كما سبقت الأدلة على وجوب اتباع كتـاب الله والتمسك به وطاعة أوامره ونواهيه، وهما أصلان متلازمان من جحـد واحدًا منهما فقد جحد الآخر وكذب به، وذلك كفر وضلال وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع أهل العلم والإيمان.

وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ في وجوب طاعته واتباع ما جـاء به وتحريم معصيته، وذلك في حق من كان في عصره، وفي حق من يأتي بعده إلى يوم القيامة، ومن ذلك ما ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة  أن النبي ﷺ قال: ( من أطاعني فقد أَطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله) ، وفي صحيح البخاري عنه  أن النبي ﷺ قال: ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله: ومن يأبى، قـال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) .

وخرج أحمد وأبو داود والحاكم بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله ﷺ أنه قال: ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشـك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه) .

وخرج أبو داود وابن ماجه بسند صحيح: عن ابن أبى رافع عن أبيه عن النبي ﷺ قال: ( لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنـه، فيقول: لا ندري ما وجدنا في كـتاب الله اتبعناه) 

وعن الحسن بن جـابر قال: سمعت المقدام بن معدي كرب  يقول:  حرم رسول الله ﷺ يوم خـيبر أشياء ثم قال: ( يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ يحدث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنـا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله)  أخرجه الحاكم والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.

وقد تواترت الأحـاديث عن رسول الله ﷺ بأنه كان يوصي أصحابه في خطبته ( أن يبلغ شاهدهم غائبهم ويقول لهم: رب مبلغ أوعى من سامع ) [ في صحيحي البخاري ومسلم رحمهما] .

ومن ذلك ما في الصحيحين أن النبي ﷺ لما خطب الناس في حجة الوداع في يوم عرفة وفي يوم النحر قال لهم:( فليبلغ الشاهد الغائب، فرب من يبلغه أوعى له ممن سمعه) .

 فلولا أن سنته حجة على من سمعها وعلى من بلغته، ولولا أنها باقية إلى يوم القيامة لم يأمرهم بتبليغها.

 فعلم بذلك أن الحجة بالسنة قائمة على من سمعها من فيه عليه الصلاة والسلام، وعلى من نقلت إليه بالأسانيد الصحيحة.

وقد حفظ أصحاب رسول الله ﷺ سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية وبلغوها من بعدهم من التابعين ثم بلغها التابعون من بعدهم. وهكذا نقلها العلماء الثقات جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن، وجمعوها في كتبهم وأوضحوا صحيحها مـن سقيمها، ووضعوا لمعرفة ذلك قواعد وضوابط معلومة بينهم يعلم بها صحيح السنة من ضعيفها وقد تداول أهل العلم كتب السنة من الصـحيحين وغيرهما وحفظوها حفظا تاما كما حفظ الله كتابه العزيز من عبث العابثين وإلحاد الملحدين وتحريف المبطلين؛ تحقيقا لما دل عليه قوله سبحانه: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩].

 ولا شك أن سنة رسول الله ﷺ وحي منزل فقد حفظها الله كما حفظ كتابه، وقيض الله لها علماء نقادًا ينفون عنها تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون؛ لأن الله سبحانه جعلها تفسيرًا لكتابه الكريم وبيانًا لما أجمل فيه من الأحكام، وضمنها أحكاما أخرى لم ينص عليها الكتاب العزيز، كتفصيل أحكام الرضاع، وبعض أحكام المواريث، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها السنة الصحيحة ولم تذكر في كتاب الله العزيز.

ونذكر بعض ما ورد عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة ووجوب العمل بها.

في الصحيحين عن أبي هريرة  قال: لما توفي رسول الله ﷺ وارتد من ارتد من العرب، قال أبو بكر الصديق : والله لأقاتلنَّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتلهم وقد قال النبي ﷺ: ( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ) . فقال أبو بكر الصديق: أليست الزكاة من حقها والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها، فقال عمر : فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. وقد تابعه الصحابة ﷺ على ذلك فقاتلوا أهل الردة، حتى ردوهم إلى الإسلام وقتلوا من أصر على ردته، وفي هذه القصة أوضح دليل على تعظيم السنة ووجوب العمل بها.

وجاءت الجدة إلى الصديق  تسأله عن ميراثها فقال لها: ليس لك في كتاب الله شيء ولا أعلم أن رسول الله ﷺ قضى لك بشيء، وسأسأل الناس، ثم سأل  الصحابة فشهد عنده بعضهم بأن النبي ﷺ أعطى الجدة السدس فقضى لها بذلك، وكان عمر يوصي عماله أن يقضوا بين الناس بكتاب الله فإن لم يجدوا القضية في كتاب الله، فبسنة رسول الله ﷺ.

ولما أشكل عليه حكم إملاص المرأة وهو إسقاطها جنينا ميتا بسبب تعدي أحد عليها، سأل الصحابة عن ذلك فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما بأن النبي ﷺ قضى في ذلك بغرة عبد أو أمة فقضى بذلك .

ولما أشكل على عثمان  حكم اعتداد المرأة في بيتها بعد وفاة زوجها وأخبرته فريعة بنت مالك بن سنان أخـت أبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي ﷺ أمرها بعد وفاة زوجها أن تمكث في بيته حتى يبلغ الكتاب أجله قضى بذلك رضي الله عنه، وهكذا قضى بالسنة في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة.

ولما بلغ عليًا أن عثمان  ينهى عن متعة الحج، أهلَّ علي  بالحج والعمرة جميعًا، وقال: ( لا أدع سنة رسول الله ﷺ لقول أحد من الناس).

ولما احتج بعض الناس على ابن عباس رضي الله عنهما في متعة الحج بقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في تحبيذ إفراد الحج قال ابن عباس: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله ﷺ وتقولون: قال أبو بكر وعمر).

فإذا كان من خالف السنة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه العقوبة، فكيف بحال من خالفها لقول من دونهما أو لمجرد رأيه واجتهاده.

 ولما نازع بعض الناس عبدالله بن عمر رضي الله عنهما في بعض السنة قال له عبدالله: (هل نحن مأمورون باتباع النبي ﷺ أم باتباع عمر؟).

ولما قال رجل لعمران بن حصين رضي الله عنهما: حدثنا عن كتاب الله وهو يحدثهم عن السنة غضب  وقال: (إن السنة هي تفسير كتاب الله ولولا السنة لم نعرف أن الظهر أربع والمغرب ثلاث والفجر ركعتان، ولم نعرف تفصيل أحكام الزكاة إلى غير ذلك مما جاءت به السنة من تفصيل الأحكام).

والقضايا عن الصحابة  في تعظيم السنة ووجوب العمل بها والتحذير من مخالفتها كثيرة جدًا.

ومن ذلك أيضًا أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لما حدث بقوله ﷺ: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) قال بعض أبنائه: والله لنمنعهن، فغضب عليه عبدالله وسبه سبًا شديدًا وقال أقول: قال رسول الله وتقول والله لنمنعهن، ولما رأى عبدالله بن المغفل المزني وهو من أصحاب رسول الله ﷺ بعض أقاربه يخذف نهاه عن ذلك وقال له: إن النبي ﷺ ( نهى عن الخذف وقال: إنه لا يصيد صيدا، ولا ينكأ عدوًا، ولكنه يكسر السن ويفقأ العين ) ، ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال: والله لا كلمتك أبدًا، أخبرك أن رسول الله ﷺ ينهى عن الخذف ثم تعود.

وأخرج البيهقي عن أيوب السختياني التابعي الجليل أنه قال: (إذا حُدِّث الرجل بسنة فقال دعنا من هذا، وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال).

وقال الأوزاعي رحمه الله: (السنة قاضية على الكتاب ولم يجئ الكتاب قاضيا على السنة)، ومعنى ذلك: أن السنة جاءت لبيان ما أجمل في الكتاب أو تقييد ما أطلقه أو بأحكام لم تذكر في الكتاب، كما في قول الله سبحانه: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:٤٤].

وسبق قوله ﷺ: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) ، وأخرج البيهقي عن عامر الشعبي رحمه الله أنه قال لبعض الناس: (إنما هلكتم في حين تركتم الآثار) يعني بذلك الأحاديث الصحيحة، وأخرج البيهقي أيضا عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال لبعض أصحابه: (إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبلغا عن الله تعالى).

وأخرج البيهقي عن الإمام الجليل سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله أنه قال: (إنما العلم كله العلم بالآثار).

وقال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر)، وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين)، وقال الشافعي رحمه الله: (متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلم آخذ به فأُشهدكم أن عقلي قد ذهب)، وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولًا وجاء الحديث عن رسول الله ﷺ بخلافه فاضربوا بقولي الحائط)، وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي وخذ من حيث أخذنا). وقال أيضا رحمه الله: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله ﷺ ويذهبون إلى رأي سفيان والله سبحانه يقول: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣] ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك).

 وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبر التابعي الجليل أنه قال في قوله سبحانه: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:٥٩]، قال: (الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة).

وأخرج البيهقي عن الزهري رحمه الله أنه قال: (كان من مضى من علمائنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة)، وقال موفق الدين بن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر، في بيان أصول الأحكام ما نصه: (والأصل الثاني من الأدلة سنة رسول الله ﷺ وقول رسول الله ﷺ حجة؛ لدلالة المعجزة على صدقه وأمر الله بطاعته وتحذيره من مخالفة أمره). انتهى المقصود.

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي عن أمر رسول الله ﷺ وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنًا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله ﷺ أنه قال: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: فليخش وليحذر من خالف شريعة الرسول باطنًا أو ظاهرًا: أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أي: في قلوبهم من كفرٍ أو نفاقٍ أو بدعة، أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: في الدنيا بقتل أو حدٍّ أو حبس أو نحو ذلك، كما روى الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله ﷺ: ( مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارًا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يقعن في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، قال فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار فتغلبوني وتقحمون فيها ) أخرجاه من حديث عبدالرزاق.

وقال السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" ما نصه:

(اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي ﷺ قولًا كان أو فعلًا بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر، وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة). انتهى المقصود.

والآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة ووجوب العلم بها والتحذير من مخالفتها كثيرة جدا، وأرجو أن يكون فيما ذكرنا من الآيات والأحاديث والآثار كفاية ومقنع لطالب الحق، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه والسلامة من أسباب غضبه، وأن يهدينا جميعا صراطه المستقيم إنه سميع قريب.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان". انتهى من كلام الإمام ابن باز رحمه الله 

وقد نشرت هذه الرسالة في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد ( ٥٣) السنة الرابعة عشر عام ١٤٠٢ هجري وهي في مجموع فتاوى ومقالات الإمام  ابن باز رحمه الله تعالى ( ٢٥ / ٣٠ ) وهي في موقع الإمام ابن باز رحمه الله الرسمي] .


[ الفصل الأول :  توطئة عن أهمية  سنية وضع اليد اليمنى على اليد الشمال فوق الصدر أثناء قراءة القرآن الكريم في الصلاة ]


العالم حجة على الجاهل 

ومن اثبت حكما بالأدلة وجب الرجوع إلى الأدلة اتباعا لكلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله دينا لعباده ومن أفتى بغير علم ضل وأضل وقال على الله بغير علم وكان عليه امتثالا كلام الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى وتقدس :{ فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون } فأوجب الله سبحانه وتعالى الرجوع إلى أهل العلم عند الجهل وهنا " قاعدة قعدها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يتعلق بالصلاة أولاً ثم فيما يتعلق بمناسك الحج ثانياً وهذه وتلك هي داخلة في عموم قوله تبارك وتعالى :{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} ما هما القاعدتان المتعلقتان إحداهما بالصلاة والأخرى في الحج ؟ أما الأولى فقوله عليه السلام : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) والأخرى : ( خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) وقد كان كذلك وهذا يدل على أنه كما قال تعالى بحق في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { وما ينطق عن الهوى إن هوى إلا وحي يوحى} فعلاً حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ثم توفي عليه الصلاة والسلام وانتقل إلى الرفيق الأعلى لم يدرك الحجة التي جاءت من بعدها وكان أميرها أبوبكر الصديق ثم عمر إلى آخره فقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) يشبه من حيث دلالة عموم النص كقوله تعالى :{ وأقيموا الصلاة} أقيموا الصلاة خطاب لمن للرجال دون النساء  للنساء دون الرجال  أم للجنسين  للجنسين بلا شك .أقيموا الصلاة صلوا نفس التعبير صيغة الجمع المذكر في علم اللغة التي نزل بها القرآن الكريم يدخل فيها النساء خطاب عام : { و أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } لو أن مدع ادعى لا النساء ما بدخلوا في هذا الخطاب هذا بكون أحد رجلين إما أنه جاهل باللغة العربية فيعلم وإما أن يكون مكابراً فيؤدب والتأديب إلو تفاصيل في كتب الفقه وهي وظيفة الحاكم الذي يحكم بما أنزل الله إذن قوله صلى الله عليه وسلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) نص عام يشمل النساء والرجال معاً فإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قولاً وهو رجل بطبيعة الحال أو فعل فعلاً فلا يقال هذا القول أو هذا الفعل خاص بالرجال لأننا قلنا أن القاعدة الخطاب حينما يوجه بصيغة الجمع المذكر يشمل النساء أيضا وهذا له بحث خاص وطويل جداً فلا نعرج عليه الآن فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) نحن أولاً رجال رجال اليوم يختلفون فبعضهم يضع يديه على الصدر وبعضهم دون ذلك وبعضهم على السرة تماماً وبعضهم دون السرة ولذلك أنا كنيت أو نكّتّ حينما قال حينما قلت أن بعضهم يضعون أيديهم في الصلاة عند العورة ولو أنكم تنتبهون فسترون هذه مع الأسف حقيقة واقعة كثير من الناس ينتصبون قائمون بيعملوا هيك كأنه مش لابس لباس يستر به عورته طيب هكذا السنة ؟ أولا لا أصل لهذا في أي كتاب من كتب الحديث بل ولا في أي كتاب من كتب الفقه كتب الفقه التي تروي ما هب ودب من الأحاديث لأن العلم كل علم له أهل اختصاص كتب الفقه خاصة المتأخرة منها تروي من الأحاديث كما يقول العلماء ما لا سنام له ولا خطام حتى هذا لا يوجد ماذا يوجد يوجد في بعض كتب الحديث وبعض كتب الفقه من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة وضع الكف على الكف هكذا مش هكذا هذا يقول به مذهب من المذاهب الأربعة المتبعة عند أهل السنة والجماعة وهو المذهب الحنفي المذهب الشافعي يقول السنة الوضع فوق السرة فوق السرة ممكن أن تفسر بتفسيرين فوق بمعنى محاذي مساوي أو أعلاها وهذا التفسير هو الأقرب وهذا الحديث الأول : ( من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة ) هذا الحديث يرويه أبو داود في سننه وهو الكتاب الثالث من الكتب الستة المعروفة عند علماء المسلمين أهل السنة الكتاب الأول صحيح البخاري والثاني صحيح مسلم الثالث سنن أبي داود الرابع سنن الترمذي الخامس سنن النسائي السادس سنن ابن ماجة هذا الحديث جاء في الكتاب الثالث من الكتب الستة وفي الكتاب الأول من السنن الأربعة سنن أبي داود لكن كتب السنن ليست ككتب الصحاح ليست كصحيح البخاري ومسلم أي أن الإمام البخاري ومسلماً تقصدا إيراد الأحاديث الصحيحة عندهما في هذين الكتابين أما أبو داود وغيره من أصحاب السنن ما قصدوا إيراد الصحيح فقط كما قال السيوطي في أرجوزة له في الحديث في مصطلح الحديث يقول " يروي أبو داود أقوى ما وجد *** ثم الضعيف إذا ما غيره فقد " " يروي أبو داود أقوى ما وجد *** ثم الضعيف إذا ما غيره -أي غير الصحيح- فقد " يعني ما وجد وهذه حقيقة يعرفها كل مشتغل بعلم الحديث ففي أبي داود أحاديث كثيرة ضعيفة منها هذا الحديث من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة على الصلاة ما علة هذا الحديث يرويه عبدالرحمن بن اسحق الواسطي هذا عبدالرحمن بن اسحق الواسطي ضعيف بل هو ضعيف جداً عند الإمام النووي كما صرح بذلك في كتابه المجموع شرح المهذب ونقله الحافظ الزيلعي الذي يعتبر من نوادر علماء الحديث في المذهب الحنفي ، المذاهب الأربعة اليوم في الفقه المذهب الحنفي هو الأشهر يليه المذهب الشافعي يليه مذهب مالك يليه مذهب أحمد هذا في الفقه لكن في الحديث من بين المذاهب الأربعة ينعكس الموضوع مذهب أحمد ثم مذهب الشافعي ثم مذهب مالك وفي الأخير بجي مذهب أبي حنيفة وهذا له أسباب كثيرة كان من آثارها ونتائجها أن العلماء الحنفية الذين اشتغلوا بالحديث قلة جداً بخلاف المشتغلين بالحديث من الشافعية والحنابلة ففيهم كثرة وفيهم بركة ، من نوادر علماء الحنفية الإمام جمال الدين الزيلعي المصري فهذا من كبار علماء الحديث في المذهب الحنفي وهو الذي ألف كتاباً قيما جداً سماه نصب الراية لأحاديث الهداية كتاب الهداية للإمام من كبار علماء الحنفية معروف بكنيته المرغيناني كتاب الهداية في الفقه الحنفي يأتي بأدلة المذهب الحنفي وفي ذلك الكثير من الاحاديث لكن هذه الاحاديث غير مخرجة ولا هي مصححة جاء الإمام الزيلعي فعني عناية خاصة بأحاديث الهداية فألف هذا الكتاب نصب الراية لأحاديث الهداية فهو يخرج كل حديث ذكره المرغيناني في كتاب الهداية لما جاء إلى هذا الحديث حديث :( من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة في الصلاة ) قال قال الامام النووي عبدالرحمن بن اسحق الواسطي ضعيف جدا إذن هذا الحديث لو لم يكن معارضا بحديث أصح منه لا تثبت به سنة فكيف وهناك أحاديث معارضة لهذا الحديث وهي صحيحة منها أن وائل بن حجر وهو كان من ملوك اليمن قبل بعثة الرسول عليه السلام ولما بلغه بعثة الرسول وفد إليه وسمع منه وآمن به فكان من أقيال اليمن من ملوك اليمن كان له عناية خاصة بملاحظة صلاة الرسول عليه السلام ولذلك أحاديثه يعني تملأ فراغاً في هذا الموضوع في صفة صلاة الرسول عليه الصلاة والسلام فهو يقول أنه " رأى النبي صلى الله عليه وسلم واضعاً يده اليمنى على كف ورسغ وذراع يده اليسرى " فلو أن واحداً منكم أراد أن يطبق هذه الصورة لم يستطيع إلا أن يضعها فوق السرة لأن اليمنى على كف والرسغ والساعد هكذا هذا حديث صحيح باتفاق علماء الحديث عارضه ذاك الحديث فلا يقام له وزن لأنه ضعيف الإسناد ثم ذكر الحافظ السيوطي في كتابه الدر المنثور رواية فيها غرابة فيما يبدو لأول الأمر لكن لا غرابة ما دام صحابي الرسول هو الذي فسر الآية بما تسمعون ذكر السيوطي في الدر المنثور في التفسير المأثور هذا كتاب خاص يفسر الآيات مش كما يفعل المتأخرون أصابوا أو أخطأوا بآرائهم لا روايات عن الرسول عليه السلام عن الصحابة عن التابعين وهكذا لما جاء عند سورة النحر :{ إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر } روى بسند قوي عن علي رضي الله عنه أنه قال { فصل لربك وانحر فصل} الصلاة المعهودة وفي بعض الروايات صلاة العيد بقرينة وانحر لكن علي رضي الله عنه فسر وانحر أي ضع يديك في الصلاة عند نحرك هنا الغرابة لأنو هذا المعنى غير متبادر لكن ما دام أن علياً رضي الله عنه وأرضاه فسر هذه الآية وهو أعلم من غيره يضم هذا الحديث إلى حديث وائل بن حجر وهناك أحاديث أخرى ويثبت من مجموع الأحاديث التي وردت في وضع اليدين في الصلاة وهو قائم أن الصحيح الثابت عن الرسول عليه السلام هو الوضع على الصدر أما الوضع تحت السرة فحديثه ضعيف قلت آنفاً هذا فعله عليه السلام النساء ماذا تفعل ؟ يجب أن تقتدي النساء بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا فرق في ذلك ويا سبحان الله عكسوا الآن بعض الناس قالوا لا هذا خاص بالنساء طيب وين الحديث الخاص بالنساء وسيد الرجال والنساء سن لهم جميعاً الوضع على الصدر وأخيراً وختاماً لهذه المسألة أقول سبحان الله أي الموقفين أليق بأدب الوقوف بين يدي الله عز وجل أهذا الذي يقف كأنه يقف وقفة اللا مبالي الكسلان أم هذا الواقف الذي يخضع لرب الأنام كأنه مغلل لكن هذا التغليل ليس من عبد لعبد وإنما خضوعاً من العبد للرب :{ وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } أنا قلت كلمة قلت كلمة في غيبتك يعني تسمعها جيداً أنو أنا لا أرى لمثل الأخ هذا أن يأخذ المسألة قد يأخذ منها الخلاصة قد يأخذ مع الخلاصة شيء من التفصيل لا ننصحه بأن يقف أمام أستاذه ويجادله لا لأن هذا يحتاج إلى قدرة علمية من جهة ويحتاج إلى شيء من التجانس بين المجادل والمجادل معه ولذلك قلنا حسبه أن يعرف السنة وأن يعمل بها ثم يبلغ في حدود ما يستطيع من حوله وهكذا تنتشر السنة وتموت البدعة إن شاء الله " .

انتهى من كلام الإمام الألباني رحمه الله في سلسلة الهدى والنور شريط رقم ( ٧٠١).



[ الفصل الثاني : الأدلة من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم على وضع اليد اليمنى على اليد الشمال فوق الصدر أثناء قراءة القرآن الكريم في الصلاة ] 


الدليل الأول :


ف"قوله: ( على الصدر ) هذا الذي ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يثبت غيره؛ وفيه أحاديث :


            (   الأول   ) 


 عن وائل بن حجر:

أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يمينه على شماله، ثم وضعهما على صدره.

أخرجه {أبو الشيخ في " تاريخ أصبهان " (ص ١٢٥) } ، والبيهقي عن مُؤمَّل بن

إسماعيل عن الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه عنه.

وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن مؤمل بن إسماعيل متكلم فيه؛ لسوء حفظه، وفي

" التقريب ":

" صدوق سيئ الحفظ ".

ثم أخرجه البيهقي من طريق أخرى عن وائل.

وسنده ضعيف. {وانظر " إرواء الغليل " (٣٥٣) } .

والحديث أورده الحافظ الزيلعي في " نصب الراية" ( ١ / ٣١٤)  ، وقال:

" رواه ابن خزيمة في " صحيحه " ". اهـ.

فالله أعلم؛ هل أخرجه من طريق آخر أم رواه من أحد الطريقين المذكورين (*) ؟ وأيما

كان؛ فالحديث يتقوى بـ:


   (  الحديث الثاني) 


 وهو ما أخرجه أحمد قال( ٥ / ٢٢٦)  : ثنا يحيى بن سعيد عن

سفيان: ثني سماك عن قَبِيصة بن هُلْب عن أبيه قال:

رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته - قال - يضع هذه على

صدره. وصف يحيى: اليمنى على اليسرى فوق المِفصل.

وهذا إسناد حسنه الترمذي - كما تقدم -، ورجاله رجال مسلم، غير قَبِيصة هذا؛

فقال ابن المديني، والنسائي:

" مجهول ". زاد الأول:

" لم يرو عنه غير سماك ". وقال العجلي:

" تابعي ثقة ".

وذكره ابن حبان في " الثقات " مع تصحيح حديثه - كما قال الذهبي-، وفي " التقريب ":

" مقبول ". اهـ. ويشهد له:


     ( الحديث الثالث) 


 قال أبو داود ( ١ / ١٢١)  : ثنا أبو توبة: ثنا الهيثم - يعني: ابن

حميد - عن ثور عن سليمان بن موسى عن طاوس قال:

كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره؛

وهو في الصلاة.

وهذا إسناد مرسل جيد، رجاله كلهم موثقون، وينبغي أن يكون حجة عند الجميع؛

لأنه - وإن كان مرسلاً؛ فإنه - قد جاء موصولاً من أوجه أخرى - كما رأيت -.

ويشهد له ما رواه حماد بن سلمة: ثنا عاصم الجحدري عن أبيه عن عُقْبة بن

صُهْبان قال:

إن علياً رضي الله عنه قال في هذه الآية: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ، قال:

وضع يده اليمنى على وسط يده اليسرى، ثم وضعهما على صدره.

أخرجه البيهقي ( ٢ / ٣٠ )  .

ورجاله موثقون؛ غير والد عاصم الجحدري - واسمه: العَجَّاج البصري -؛ فإني لم

أجد من ذكره، وقد قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره ":

" لا يصح عن علي ".

ثم أخرج البيهقي نحوه عن ابن عباس.

وسنده محتمل للتحسين.

ويشهد لرواية علي: ما أخرجه أبو داود (١ / ١٢٠)  من طريق أبي طالوت

عبد السلام عن ابن جَرِير الضَّبيِّ عن أبيه قال:

رأيت علياً رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة.

وهذا إسناد قال البيهقي ( ٢ / ٣٠ )  :

" حسن ".

وهو كما قال - إن شاء الله تعالى (*) -؛ فإن رجاله كلهم ثقات؛ غير ابن جرير

الضَّبِّي - واسمه: غزوان -، ووالده؛ وقد وثقهما ابن حبان، وروى عنهما غير واحد.

وقد علق البخاري حديثه هذا مطولاً في " صحيحه( ٣ / ٥٥) " بصيغة الجزم عن علي.

ومما يصح أن يورد في هذا الباب حديث سهل بن سعد، وحديث وائل - المتقدِّمان -،

ولفظه:

وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد. ولفظ حديث سهل:

كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.

فإن قلت: ليس في الحديثين بيان موضع الوضع!

قلت: ذلك موجود في المعنى؛ فإنك إذا أخذت تُطَبِّق ما جاء فيهما من المعنى؛

فإنك ستجد نفسك مدفوعاً إلى أن تضعهما على صدرك، أو قريباً منه، وذلك ينشأ من

وضع اليد اليمنى على الكف والرسغ والذراع اليسرى، فجرِّب ما قلتُه لك تجدْه صواباً.

فثبت بهذه الأحاديث أن السنة وضع اليدين على الصدر، {وخلافه إما ضعيف،

أو لا أصل له} ! .

ينظر كتاب أصل صفة الصلاة للإمام الألباني رحمه الله ( ١ / ٢١٥ ). 


[ الفصل الثالث : الأقوال الأخرى في هذه المسألة ]


.ذهب أبو حنيفة، وسفيان الثوري وغيرهما إلى أن الوضع تحت السرة، واحتجوا

بحديث علي المتقدم، وقد علمتَ أنه حديث ضعيف اتفاقاً؛ فلا يجوز الاحتجاج به، لا سيما وقد ثبت عن راويه - أعني: علياً - من فعله خلافُه - كما سبق -؛ وهو الوضع

فوق السرة لا تحتها!

وقواعد الحنفية تقضي بترك الحديث الذي عمل راويه بخلافه - كما هو مقرر عندهم

في أصول الفقه -؛ فينبغي عليهم أن يتركوا حديث علي - لا سيما وهو ضعيف -، وأن

يأخذوا بفعله، وهو أصح من مَرْوِيِّهِ، ومؤيد بأحاديث أخرى في الباب - كما رأيت -.

وقد أنصف المحقق السندي رحمه الله؛ حيث قال في " حاشية ابن ماجه " - بعد أن

ساق بعض الأحاديث التي أسلفنا ومنها حديث طاوس المرسل -:

" وهذا الحديث - وإن كان مرسلاً؛ لكن المرسل - حجة عند الكل.

وبالجملة؛ فكما صح أن الوضع هو السنة دون الإرسال؛ ثبت أن محله الصدر؛ لا

غير. وأما حديث:

إن من السنة وضع الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة.

فقد اتفقوا على ضعفه. كذا ذكره ابن الهمام نقلاً عن النووي، وسكت عليه ". اهـ.

وأما ما جاء في كتاب " بدائع الفوائد " لابن القيم( ٣ / ٩١)  :

" قال - يعني: الإمام أحمد - في رواية المزني: ويكره أن يجعلهما على الصدر.

وذلك لما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه:

نهى عن التكفير. وهو وضع اليد على الصدر ". اهـ.

فإنه استدلال عجيب! فإن الحديث - إن صح - ليس فيه النهي عن التكفير في

الصلاة، وليس كل ما كان منهياً عنه خارج الصلاة يكون منهياً عنه فيها؛ بل قد يكون

العكس؛ فقد أمرنا - مثلاً - بالقيام فيها لله تعالى، ونهينا عنه خارجها لغيره سبحانه

وتعالى، فلا يبعد أن يكون الحديث كناية عن النهي عن الخضوع لغير الله تعالى، كما يُخضَع له تعالى بوضع اليدين على الصدر في الصلاة، فيكون عليه الصلاة والسلام نهى

عن هذا الوضع لغير الله تعالى؛ لما فيه من الخضوع وتعظيم غير الله تعالى.

وبهذا يتحقق أن هذا الحديث لا تعلق له بالصلاة مطلقاً؛ على أن تفسير (التكفير) بما

ذكره الإمام أحمد مما لم نجده فيما عندنا من كتب اللغة؛ بل قال الإمام ابن الأثير في " النهاية ":

" التكفير: هو أن ينحنيَ الإنسان ويطأطئ رأسه قريباً من الركوع، كما يفعل من

يريد تعظيم صاحبه ". وفي القاموس:

" التكفير: أن يخضع الإنسان لغيره - وقال قبل أسطر: - والكَفْرُ - بالفتح -: تعظيم

الفارسيِّ مَلِكَه ". زاد الشارح:

" وهو إيماء بالرأس من غير سجود ".

وهذه النصوص من هؤلاء الأئمة تؤيد ما ذهبنا إليه من أن الحديث لا علاقة له

بالصلاة، وأن المراد به النهي عن الخضوع لغير الله تعالى.

هذا يقال فيما إن صح الحديث، وما أراه يصح؛ فإنا لم نجد له أصلاً في شيء من

الكتب التي بين أيدينا. {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} .

هذا، وإني أستغرب من ابن القيم كيف مرَّ على كلام الإمام أحمد بدون أن يعرج

عليه بأدنى تعليق! وهو من هو في اطلاعه على علم اللغة، والشرع الشريف؛ لا سيما

وأن كلام الإمام مخالف لما اعتمده ابن القيم نفسه في كتاب " الصلاة "؛ حيث ذكر في

سياق صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كان يضع يديه على صدره! فالله تعالى أعلم بأسرار القلوب وخفاياها.

ثم وجدت في " مسائل الإمام أحمد " (ص ٦٢) رواية ابنه عبد الله عنه قال:

" رأيت أبي إذا صلى؛ وضع يديه إحداهما على الأخرى فوق السرة ".

{وقد عمل بهذه السنة الإمام إسحاقُ بن راهويه؛ فقال المروزي في " المسائل " (ص ٢٢٢) :

" كان إسحاق يوتر بنا ... ويرفع يديه في القنوت، ويقنت قبل الركوع، ويضع يديه

على ثَدْيَيْهِ أو تحت الثديين ".

ومثله قول القاضي عياض المالكي في (مستحبات الصلاة) من كتابه " الإعلام "

(ص ١٥ - الطبعة الثالثة / الرباط) :

" ووضع اليمنى على ظاهر اليسرى عند النحر "}" .



[ الفصل الرابع : مناقشة أقوال من قال بخلاف وضع اليد اليمنى على الشمال أثناء القراءة في الصلاة وبيان ضعفها ]


من ذلك قول ابن قدامة رحمه الله :" اختلفت الروايات في موضع وضعِهما؛ فرُوِيَ عن أحمد أنَّه يَضَعُهما تحت سُرَّتِه، وروي ذلك عن علي، وأبي هريرة، وأبي مجلز، والنخعي، والثوري، وإسحاق، وعن أحمد أنَّه يضعهما فوق السُّرَّة، وهو قول سعيد بن جبير، والشافعي، وعنه: أنه مخيَّر في ذلك؛ لأن الجميع مرويٌّ، والأمرُ في ذلك واسعٌ " كما في [ المغني( ١/ ٣٤١)] فالصحيح الثابت عنه صلى الله عليه وسلم هو وضع اليد اليمنى على الشمال في الصلاة أثناء القراءة وأما الأحاديث والآثار الأخرى فغير ثابتة وغير صحيحة و دين الله ماجاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وفي ماذكر يتبين خطأ ماذكره الزركشي وهو قوله :"اختارها ابن أبي موسى، وأبو البركات؛ لورود الأمرِ بهما، قال أبو البركات: وعلى الروايات فالأمر في الأمرين واسعٌ، لا كراهة لواحد منهما " . كما في شرح الزركشي على مختصر الخرقي( ١ / ٥٤٣). 

لعدم ثبوت خلاف هذا القول عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام الألباني رحمه الله في كتابه إرواء الغليل في بيانه لضعف دليل من قال بخلاف هذا القول   :

" ( ٣٥٣)  حديث على رضى الله عنه قال: " أن من السنة فى الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة ". رواه أحمد (ص٩٢) .

* ضعيف.

رواه أحمد فى " المسائل " (ق ٢ / ٦٢ ) لابنه عبد الله وهذا [١] فى زوائد " المسند " ( ١/ ١١٠)  (١) وكذا أبو داود (٧٥٦) والدارقطنى (١٠٧) والبيهقى( ٢ / ٣١٠) وكذا ابن أبى شيبة ( ١ /١٥٦ / ١)  عن عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد بن زيد السوائى عن أبى جحيفة عن على رضى الله عنه به.

قلت: وهذا سند ضعيف , علته عبد الرحمن بن إسحاق هذا وهو الواسطى وهو ضعيف كما يأتى , وقد اضطرب فيه , فرواه مرة هكذا عن زياد عن أبى جحيفة عنه. ومرة قال: عن النعمان بن سعد عن على.

أخرجه الدارقطنى والبيهقى.

ومرة قال: عن سيار أبى الحكم عن أبى وائل قال: قال أبو هريرة ".

أخرجه أبو داود (٧٥٨) والدارقطنى.

وقال أبو داود: " سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفى ".قلت: ولذلك لم يأخذ الإمام أحمد بحديثه هذا , فقال ابنه عبد الله: " رأيت أبى إذا صلى وضع يديه إحداهما على الأخرى فوق السرة ".وقد قال النووى فى " المجموع " ( ٣ / ٣١٣)  وفى " شرح صحيح مسلم " وفى غيرهما: " اتفقوا على تضعيف هذا الحديث لأنه من رواية عبد الرحمن بن إسحاق الواسطى وهو ضعيف باتفاق أئمة الجرح والتعديل ".

وقال الزيلعى ( ١ / ٣١٤ ) : " قال البيهقى فى " المعرفة ": لا يثبت إسناده تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطى وهو متروك ".

وقال الحافظ فى " الفتح ( ٢ / ١٨٦ )  : " هو حديث ضعيف ".

قلت: ومما يدل على ضعفه أنه روى عن على خلافه , بإسناد خير منه , وهو حديث ابن جرير الضبى عن أبيه قال:

" رأيت عليا رضى الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة ".

وهذا إسناد محتمل للتحسين , وجزم البيهقى(٢ / ١٣٠)  أنه حسن.

وعلقه البخارى ( ١ / ٣٠١) مختصرا مجزوما.

والذى صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم فى موضع وضع اليدين إنما هو الصدر, وفى ذلك أحاديث كثيرة أوردتها فى " تخريج صفة الصلاة " منها:

عن طاوس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى , ثم يشد بينهما على صدره , وهو فى الصلاة " , رواه أبو داود ( ٧٥٩ ) بإسناد صحيح عنه.

وهو وإن كان مرسلا فهو حجة عند جميع العلماء على اختلاف مذاهبهم فى المرسل , لأنه صحيح السند إلى المرسل , وقد جاء موصولا من طرق كما أشرنا إليه آنفا فكان حجة عند الجميع , وأسعد الناس بهذه السنة الصحيحة الإمام إسحاق بن راهويه , فقد ذكر المروزى فى " المسائل " (ص ٢٢٢) : " كان إسحاق يوترُ بنا ... ويرفع يديه فى القنوت ويقنت قبل الركوع , ويضع يديه على ثدييه , أو تحت الثديين ". ".انتهى كلامه رحمه الله.

قال الإمام ابن باز رحمه الله :" السنة في وضع اليدين في الصلاة على الصدر، هذا هو المحفوظ عن النبي ﷺ من حديث وائل بن حجر، ومن حديث سهل بن سعد، ومن حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، فإنها يفسر بعضها بعضًا، يروى عن علي : "أن من السنة وضع اليدين تحت السرة" لكنه حديث ضعيف عند أهل العلم ليس بصحيح، وإنما المحفوظ وضعهما على الصدر، كما في حديث وائل بن حجر، وفي حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، وفي حديث سهل بن سعد قال: كان الرجل يؤمر أن يضع يمينه على ذراعه اليسرى في الصلاة، كانوا يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، ففسره حديث قبيصة بن هلب عن أبيه وحديث وائل، وأن المراد: يضعهما على صدره وأطراف يده اليمنى على ساعده على ذراعِه ". انتهى كلامه رحمه الله من موقعه الرسمي. 

وهذا القول قال به الإمام الألباني رحمه الله في كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم واختيار الإمام ابن باز رحمه الله و العثيمين رحمه الله. 



[ الخاتمة : نسأل الله حسنها ] 

في رسالتنا هذه ذكرنا الأدلة الشرعية الصحيحة التي تثبت كيفية وضع اليدين أثناء القراءة في الصلاة وجرى بيان ضعف أدلة  الأقوال الأخرى ومناقشة من قال بها. 

نسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن تكون رسالتنا هذه خالصة لوجه الله تعالى الكريم وان يتقبلها وان ينفع بها الكاتب والقارئ. 

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنه. 

ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه وان يجيرنا وإياكم من النار ويسكننا وإياكم وذرياتنا وأهلنا ومن نحب الفردوس الأعلى من الجنة. 

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

°°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.

السبت، 25 نوفمبر 2023

( التنبيه على خطأ فتوى في مسألة تغيير المسافر لنيته في فريضة صلاة الجمعة خلف الإمام المقيم الي فريضة صلاة الظهر )



بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً 

أما بعد 

فهنا ( مسألة انتشرت وصورتها : القول بصلاة الجمعة ظهرا خلف الإمام المقيم لمن كان مسافرا ) 

وهذا القول فيه نظر .

فليس له دليل شرعي يثبت صحة فتواه 

والذي عليه فتوى كبار علماء الإسلام يخالف ويضاد من أفتى بالصورة السابقة وذلك ان فتاوى أئمة السنة وأعلام السلف وشيوخ الإسلام مثل الأئمة الألباني وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله جميعا خلاف فتوى هذا المفتي 

والصواب :

أن يصليها المسافر مع الإمام المقيم صلاة فريضة الجمعة لا صلاة فريضة الظهر .وذلك لمتابعة إمامه ومنعا من اختلاف النيات بغير دليل أو موجب شرعي .

قال الإمام ابن باز رحمه الله :" أما الجمعة فليس على المسافر جمعة ولا تصح منه، بل عليه أن يصلي ظهرا؛ لكن إذا مر على قرية وصلى معهم الجمعة أجزأته عن الظهر، ولا يجوز للمسلم إذا كان غير مسافر أن يترك صلاة الجمعة لا مرة ولا أكثر بل عليه أن يحافظ عليها مع المسلمين؛ لأنها فرض الوقت بإجماع المسلمين، وليس لأحد من المقيمين في بلد أن يتخلف عنها؛ لقول النبي ﷺ: ( لينتهين أقوام عن تركهم الجمعة، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين). أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وقد روي عنه ﷺ الوعيد لمن تخلف عنها ثلاث مرات بالطبع على قلبه، فالواجب الحذر من ذلك والمحافظة على الجمعة مع المسلمين، في حق كل مقيم في البلد، وقد قال الله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الجمعة : ٩ ].

نسأل الله أن يوفق المسلمين للمحافظة عليها وعلى غيرها من كل ما أوجب الله عليهم، وأن يوفقهم للحذر من كل ما حرم الله عليهم، إنه سميع قريب ".[ من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من المجلة العربية، وقد أجاب عنه سماحته بتاريخ ١ / ٢ / ١٤١٩ هجري. وهذه الفتوى في مجموع فتاوى ومقالات الإمام ابن باز رحمه الله تعالى ( ٣٠ / ٢٣٦)وهي منشورة في موقعه الرسمي رحمه الله ] .

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 

.............. 

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني. 

( المؤمن لايخون و لايغدر وتطبيق قاعدة: [ المتسبب والمباشر ] في ما حصل في غزة )






بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً 

أما بعد :

فعن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن).

رواه أبو داود والبزر رحمهما الله ؛ وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود

حديث رقم ( ٢٧٦٩ ) 

وصححه في صحيح الجامع حديث رقم ( ٢٨٠٢ ) عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم وممن رواه أبوهريرة والزبير بن العوام ومعاوية إبن أبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين.

ومعنى الحديث :

ان الإيمان يقيد ويمنع المؤمن من الغدر فلا يقوم بالفتك بالناس فيقتلهم غيلة وغدرا ويخونهم بعد تأمينهم.

فإيمان المؤمن يكون مانعا له من فعل جريمة القتل خيانة وغدرا وغيلة ؛ مما يدل على أن طريقة الخوارج الإخوانية بعيدة كل البعد عن الإيمان الصحيح وعن الإخلاص لله سبحانه وتعالى وبعدهم عن إتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لخيانتهم لخاصة المسلمين وعامتهم وتشويههم صورة الإسلام النقية من شوائب أفعالهم القذرة مع تعاملهم مع أخطر أعداء الإسلام وهم الرافضة المجوس ومساعدتهم من تمكين عبدة النار من رقاب العباد والسيطرة على البلاد والغدر بالمسلمين والإعانة في إراقة دمائهم ؛ وما أمر غزة عنا ببعيد وذلك بقيام حركة حماس الإخوانية الخارجية بمساعدة وتوجيه مباشر من عبدة النار المجوس الإيرانية في الهجوم على دولة اليهود مما تسبب في قتل الآلاف من المسلمين الأبرياء من قبل اليهود الضالين ومن النصارى المغضوب عليهم

كفى الله المسلمين شر هؤلاء الأحزاب المجرمة.

والقاعدة الشرعية تنص على : " أنه إذا اجتمع مسبب ومباشر أحيل الضمان على المباشر ، إلا إذا كانت المباشرة مبنية على السبب ، فإنه يكون على السبب ، أو إذا كان المباشر لا يمكن إحالة الضمان عليه فيكون على المتسبب ". 

وقد ارفقت صورة نتائج ما حصل في غزة من جرائم يندي لها الجبين بعثها إلينا أحد الإخوة الكرام وقد تنقص أو تزيد الأرقام ؛ فاللهم انصر وانتصر لعبادك المستضعفين في غزة ؛ لاحول ولا قوة لنا الا بالله العلي العظيم 

حسبنا الله ونعم الوكيل. 

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 

،،،،،،،،،،،،،،، 

كتبه : غازي بن عوض العرماني.





 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته

حياكم الله اخي الشيخ...

آمين ولكم بمثل. 

ونقول :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً 

أما بعد 

فإن كلام المتحدث في صوتيه هذه فقط لابأس به . 

علما بأن هذا المتحدث لا أعرفه . 

و إتماما للفائدة فقد روى البيهقي رحمه الله في السنن الكبرى أنه 

ذكر مالك بن أنس إحفاء بعض الناس شواربهم فقال : ينبغي أن يضرب من صنع ذلك ، فليس حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الإحفاء ، ولكن يبدي حرف الشفتين والفم . وقال مالك بن أنس : حلق الشارب بدعة ظهرت في الناس...

وعن مالك  رحمه الله : " ليس إحفاء الشارب حلقه ، وأرى أن يؤدب من حلق شاربه . وروى أشهب عن مالك : حلقُهُ مِن البدع ".

وفي رحلة النور الشريط ( ٨٨)... في أجوبة الإمام الألباني رحمه الله بحث مهم عن هذه المسألة فقد أتاه سؤال هذا نصه :

السائل : " فضيلة الشيخ هل صح عن أحد من العلماء أنه قال بأن حلق الشارب بدعة ؟ "

فكانت إجابة الإمام الألباني رحمه الله هي :

" نعم ذلك قول إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس -رحمه الله-، بل أنا أحفظ عنه أنه قال: " حلق الشارب مُثلَة "، والحقيقة أنَّ حلق الشارب أي: استئصاله بالموسى أو بالماكينة الناعِمة هو خلاف السنة.

وهنا بحث لابد لي من شرحه وإن كان قد تأخر الوقتُ بعض الشيء، ولكن من كان محبًّا لسماع العلم فليُطل صبره معي:

سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تنقسم كما تعلمون إلى قول وفعل وتقرير، وقوله عليه الصلاة والسلام في كثير من الأحيان يتحمل وجوهًا مِن المعاني، وفي هذه الحالة لابد لطالب العلمِ مِن تتبع السنة العملية التي تحدد المراد مِن السنة القولية التي تحتمل أكثر مِن معنىً واحد، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يتعلق بالأخذ من الشارب بعضُ الألفاظ التي يمكن أن تفسر بعدة معاني، وذلك هو الذي وقع، كقوله عليه الصلاة والسلام: ( حُفّوا الشارب وأعفوا اللحى ) في لفظ آخر: ( جُزوا ) في لفظ ثالث: ( أنهكوا ) وكل هذه الألفاظ تعطينا المبالغة في الأخذ للشارب أو من الشارب، فهل يا ترى المقصود بهذه الألفاظ هو الشارب كلُّه أو بعضه ؟

هنا وقع الخلاف بين العلماء، وهنا تتدخل السنة العملية التطبيقية لترجيح رأي على رأي، ودفع الاحتمالات الممكنة من لفظ من تلك الألفاظ، وتحديد معنى من تلك المعاني.

سمعتم قوله عليه السلام: ( حُفوا الشارب ) ( جُزّوا ) ( أنهكوا ) معنى ذلك استئصال الشارب كله، لأنه أطلق وقال: ( حُفوا الشارب ) ما قال في هذا اللفظ وفي غيره: بعض الشارب، ولذلك وُجد مِن العلماء قديمًا وحديثًا من يذهب إلى حلق الشارب تمامًا وإعفاء اللحية، لكننا إذا نظرنا إلى شيئين اثنين، أحدهما مِن قوله عليه السلام، والآخر فعله وهو الأهم:

أما قوله فقد بيّن أيضًا أنَّ الحفَّ والأخذ بأي نوع من الأنواع المذكورة في تلك الألفاظ الثلاثة ليس المقصود أخذ الشارب برِمَّته، وإنما المقصود ما يطول على الشَّفَة، المقصود الأخذ من الحافَة، وقوله في اللفظ الأول: ( حُفوا ) لا يعني الاستئصال وإنما يعني الأخذ من الحافة كما في القرآن الكريم: {  وترى الملائكة حافِّين مِن حول العرش }  فحافة الشيء طرفه، تأكد هذا المعنى وترجّح بأحد شيئين اثنين أشرت إليهما آنفًا، أحدهما: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من لم يأخذ مِن شاربه فليس منا )، لم يقل: من لم يأخذ شاربه، وإنما قال: ( مَن لم يأخذ من شاربه فليس منا )، إذن هذا نص أنَّ الأخذ لا يكون للشارب كله وإنما يكون أخذًا لبعضه ". انتهى كلامه رحمه الله.

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة. 

ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه ؛ 

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

.........

كتبه : غازي بن عوض العرماني.

الخميس، 23 نوفمبر 2023

( رسالة في كيفية تشكل الجن بصور مختلفة وعن الإيمان بوجود الجن كفى الله المسلمين شر الأشرار وكيد الفجار وفسقة الجن والإنس )



بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

اما بعد

فقد استمعت الي حديث متحدث وكان موضوعه عن تصور الجن وأشكالها وأنهم

لا يتصورون بصورة القطط 

واستدل بحديث  أَبِي ثَعْلَبَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْجِنُّ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ : صِنْفٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ ، وَصِنْفٌ حَيَّاتٌ وَكِلابٌ ، وَصِنْفٌ يَحِلُّونَ وَيَظْعَنُونَ ). 

رواه ابن حبان  والطبراني  والحاكم رحمهم الله جميعا وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الجامع( ٣١١٤)  ،

ثم ذكر مستدلا لصحة توجهه بالحديث الذي رواه أبو داود والترمذي رحمهما الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ  وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ  :  أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، دَخَلَ فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ، قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ) .

ولاينافي ماجاء في الحديث السابق  من تشكل الجن بصورة الإنسان قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم فيتصورون في صور الحيات والعقارب وغيرها وفي صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وفى صور الطير وفى صور بنى آدم كما أتى الشيطان قريشا في صورة سراقة بن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج إلى بدر". [ مجموع الفتاوى ( ١٩ / ٤٤)]. 

وفي صحيح البخاري رحمه الله ما يؤيد ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فعَن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه قال: وكَّلني رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحِفظِ زَكاةِ رَمضانَ، فأتاني آتٍ فجَعَلَ يَحثو مِنَ الطَّعامِ فأخذْتُه، وقُلتُ: واللهِ لأرفَعَنَّك إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: إنِّي مُحتاجٌ، وعليَّ عيالٌ، ولي حاجةٌ شَديدةٌ، قال: فخَلَّيتُ عَنه، فأصبَحْتُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (يا أبا هُريرةَ، ما فعل أسيرُكَ البارِحةَ؟) ، قال: قُلتُ: يا رَسولُ اللَّهِ شَكا حاجةً شَديدةً وعِيالًا فرَحمْتُه، فخَلَّيتُ سَبيلَه، قال: ( أما إنَّه قد كذَبَكَ وسَيَعودُ ) ، فعَرَفْتُ أنَّه سَيَعودُ؛ لقَولِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّه سَيَعودُ، فرَصدْتُه، فجاءَ يَحثو مِنَ الطَّعامِ، فأخَذْتُه، فقُلتُ: لأرفَعَنَّكَ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: دَعْني فإنِّي مُحتاجٌ وعليَّ عيالٌ، لا أعودُ، فرَحِمْتُه، فخَلَّيتُ سَبيلَه، فأصبَحْتُ، فقال لي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( يا أبا هُريرةَ، ما فعل أسيرُكَ؟) ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ شَكا حاجةً شَديدةً وعيالًا، فرَحمْتُه، فخَلَّيتُ سَبيلَه، قال: ( أمَا إنَّه قد كذَبَكَ وسَيَعودُ)، فرَصدَتُه الثَّالِثةَ، فجاءَ يَحثو مِنَ الطَّعامِ، فأخَذتُه، فقُلتُ: لأرفَعَنَّكَ إلى رَسولِ اللَّهِ، وهَذا آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ، أنَّكَ تَزعُمُ لا تَعودَ، ثُمَّ تَعودُ، قال: دَعْني أعلِّمْكَ كَلِماتٍ يَنفَعُكَ اللهُ بها، قُلتُ: ما هوَ؟ قال: إذا أوَيتَ إلى فراشِكَ، فاقرَأْ آيةَ الكُرسيِّ: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة: ٢٥٥] ، حَتَّى تَختِمَ الآيةَ، فإنَّكَ لَن يَزالَ عليكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، ولا يَقْرَبَنَّكَ شَيطانٌ حَتَّى تُصبِحَ، فخَلَّيتُ سَبيلَه، فأصبَحْتُ، فقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما فعل أسيرُكَ البارِحةَ؟) ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، زَعَمَ أنَّه يُعَلِّمُني كَلِماتٍ يَنفَعُني اللَّهُ بها، فخَلَّيتُ سَبيلَه، قال:( ما هيَ؟) ، قُلتُ: قال لي: إذا أويتَ إلى فراشِكَ فاقرَأْ آيةَ الكُرسيِّ مِن أوَّلِها حَتَّى تَختِمَ الآيةَ: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة: ٢٥٥] ، وقال لي: لَن يَزالَ عليكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، ولا يَقرَبُكَ شَيطانٌ حَتَّى تُصبِحَ وكانوا أحرَصَ شَيءٍ على الخَيرِ- فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَا إنَّه قد صَدَقَكَ وهوَ كَذُوبٌ، تَعلَمُ من تُخاطِبُ مُنذُ ثَلاثِ ليالٍ يا أبا هُريرةَ؟) ، قال: لا، قال: ( ذاكَ شَيطانٌ ) .

" الجن قد يتشكلون بشكل شيءٍ مشاهد ومرئي، وربما يشهد له الحديث الثابت في الصحيح أن رجلاً شاباً من الأنصار كان حديث عهدٍ بعرس، فجاء ذات ليلة فوجد أهله على الباب، فسألهم ما هو السبب، فذكرت له ما في الفراش، فذهب إلى فراشه فوجد فيه حيةً، فأخذ رمحاً فطعنها فماتت هذه الحية ثم مات الرجل فوراً، فلا يدرى أيهما أسرع موتاً الرجل أم الحية. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الحيات التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذو الطفيتين، وهذا يدل على أن هذا كان جناً، وأنه قد تصور بصورة الحية. والحكايات في ذلك كثيرةٌ ومشهورة، ولكن هذا الحديث الصحيح قد يشهد لصحتها. وكما أنه يتصور الملائكة عليهم الصلاة والسلام بأشكالٍ ليست على هيئتهم التي خلقوا عليها، فإن جبريل صلى الله عليه وسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مرة بصورة رجل شديد بياض الثياب شديد بياض الشعر لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه أحدٌ من الصحابة، وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه جلسة المتعبد، ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم الأسئلة المشهورة في الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) . ومن المعلوم أن قدرتهم على التشكل بهذا الشكل إنما هي من الله سبحانه وتعالى، فهو الذي أقدرهم على ذلك. فلا يبعد أن يكون الجن هكذا يستطيعون أن يتصوروا أو يتشكلوا للناس بأشكالٍ متعددة. هذا الذي ظهر لي في هذه المسألة ". [ من كلام الإمام العثيمين رحمه الله.. نور على الدرب شريط رقم ( ١٦ ) وينظر موقعه الرسمي رحمه الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ شَيْطَانُ الْكِلَابِ ، وَالْجِنُّ تَتَصَوَّرُ بِصُورَتِهِ كَثِيرًا ، وَكَذَلِكَ صُورَةُ الْقِطِّ الْأَسْوَدِ؛ لِأَنَّ السَّوَادَ أَجْمَعُ لِلْقُوَى الشَّيْطَانِيَّةِ مِنْ غَيْرِهِ وَفِيهِ قُوَّةُ الْحَرَارَةِ ". انتهى من مجموع الفتاوى ( ١٩ /  ٥٢ ). وقد ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية في ترجمته لأمير المؤمنين الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ان شابا قام بطرده والده من منزلهم في دمشق.

فنام خارج البيت بحيث ان الداخل الي البيت لايراه وفي الليل رأي مشهدا عجيبا وهو مجئ جن  على صورة  فط أسود فأستقبله قط اخر في المنزل .

وطلب القط الأسود منه العشاء فأحضر له .

وبعد إنتهائه من الأكل

اخبره انه جاء من مدينة الكوفة في العراق الان وأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قتل.

فحينما أصبح الغلام أخبر والده بما جرى أمامه. 

وبعد عشرين يوما انتشر  الخبر بوفاته رضي الله عنه تصديقا لكلام هذا القط الأسود. 

ثم "يجب على الإنسان أن يعلم أن الله عز وجل أرسل محمدا ﷺ إلي جميع الثقلين: الإنس والجن، وأوجب عليهم الإيمان به وبما جاء به وطاعته، وأن يحللوا ما حلَّل الله ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله، وأن يوجبوا ما أوجبه الله ورسوله، ويحبوا ما أحبه الله ورسوله، ويكرهوا ما كرهه الله ورسوله، وأن كل من قامت عليه الحجة برسالة محمد ﷺ من الإنس والجن فلم يؤمن به؛ استحق عقاب الله تعالى كما يستحقه أمثاله من الكافرين الذين بعث إليهم الرسول.

وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، وسائر طوائف المسلمين: أهل السنة والجماعة، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن ولا في أن الله أرسل محمدا ﷺ إليهم، وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن، أما أهل الكتاب من اليهود والنصاري، فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين، وإن وجد فيهم من ينكر ذلك. وكما يوجد في المسلمين من ينكر ذلك كما يوجد في طوائف المسلمين؛ كالجهمية والمعتزلة من ينكر ذلك، وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرين بذلك.

وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترًا معلومًا بالاضطرار، ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون، ليسوا صفات وأعراضًا قائمة بالإنسان أو غيره، كما يزعمه بعض الملاحدة، فلما كان أمر الجن متواترًا عن الأنبياء تواترًا ظاهرًا تعرفه العامة والخاصة؛ لم يمكن طائفة كبيرة من الطوائف المؤمنين بالرسل أن تنكرهم، كما لم يمكن لطائفة كبيرة من الطوائف المؤمنين بالرسل إنكار الملائكة، ولا إنكار معاد الأبدان ولا إنكار عبادة الله وحده لا شريك له، ولا إنكار أن يرسل الله رسولا من الإنس إلي خلقه، ونحو ذلك مما تواترت به الأخبار عن الأنبياء تواترًا تعرفه العامة والخاصة، كما تواتر عند العامة والخاصة مجيء موسى إلي فرعون وغرق فرعون، ومجيء المسيح إلي اليهود وعداوتهم له، وظهور محمد ﷺ بمكة وهجرته إلي المدينة، ومجيئه بالقرآن والشرائع الظاهرة، وجنس الآيات الخارقة التي ظهرت على يديه، كتكثير الطعام والشراب، والإخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة التي لا يعلمها بشر إلا بإعلام الله، وغير ذلك.. " انتهى من مقدمة [ رسالة فى ايضاح الدلالة فى عموم الرسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ]. 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 

................... 

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.

الثلاثاء، 21 نوفمبر 2023

( مقاطعة المنتجات والسلع حكم شرعي لابد فيه من إذن ولي الأمر لدلالة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم على صحة اشتراط هذا الأمر )



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

اما بعد

فإن مقاطعة المنتجات والسلع من الدول التي صدر منها اذي للمسلمين يشترط لصحته إذن ولي الأمر دل على ذلك  قصة اسلام الصحابي الجليل ثمامة بن اثال رضي الله عنه وفيه يقول : 

( واللَّهِ، لا يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ) . أخرجه البخاري رحمه الله. 

وسنة الرسول ثلاثة أنواع : قولية أو فعلية أو تقريرية. والحديث هذا يدل على ان أمر المقاطعة يرجع فيه الي ولي الأمر حيث أن ثمامة بن أثال رضي الله عنه  وهو من كبار قبيلة غفار  أحال أمر إيصال السلع ومنها الطعام  أو منعها الي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ولي أمر المسلمين. 

فأقره الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه.

وهنا حجة عقلية بعد أن ذكرنا الأدلة النقلية وهو أن أمر المقاطعة من عدمها يترتب عليه جلب منافع عامة للمسلمين أو دفع ضرر عام عنهم وهذا

من أهم شؤون ولي الأمر واختصاصاته  ؛ فلذا يحرم التقدم قبله بالرأي  اوالافتئات على مقامه لأن هذه الأمور الكبيرة والمصالح العظيمة  لا يعرف جلب المصلحة العامة الراحجة لمن هم تحت يده أو دفع المفسدة عنهم  الا ولي أمرهم . 

ومن هنا يجب التنبيه على أهمية أتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحالات والنوازل 

يقول الله تعالى وتقدس :

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } [النساء: ٥٩]. 

وقال تعالى : {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور: ٥٤]. 

وقال تعالى : {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [آل عمران: ٣٢].

ومن لم يتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لم يؤمن بالله ؛ قال تعالى :

{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا}. [النساء: ٦٥]. فمن يريد رحمة الله فليتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ قال تعالى: { وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون }. [ آل عمران: ١٣٢]. 

وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها الهداية يقول الله تعالى : { وإن تطيعوه تهتدوا}. [ النور: ٥٤] .

وطاعة الرحمن الرحيم تعالي وتقدس في طاعة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وفيها البعد عن الفتن والسلامة والنجاة منها يقول الله تعالى وتقدس { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [ النور : ٦٣ ]. 

وحيث ان هذه الحالات الحادثة والنوازل المدلهمة لها رجال من ذوي الاختصاص والخبرة فيها 

وهم ولاة الأمر الذين طاعتهم في هذا الأمر والرجوع إليهم فيه من طاعة الله سبحانه وتعالى وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ يقول الله تعالى  : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ } [ سورة النساء : ٥٩].

و عن عبد الله بن عمر رضي الله  عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (  السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ، ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا 

أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) .أخرجه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة :" وفي الحديث الآخر ، عن أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (  اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ) . رواه البخاري .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي :( أن أسمع وأطيع ، وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف) . رواه مسلم .

وعن أم الحصين رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول : ( ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله ، اسمعوا له وأطيعوا) رواه مسلم وفي لفظ له : ( عبدا حبشيا مجدوعا ) .

وقال ابن جرير : حدثني علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا ابن أبي فديك ، حدثني عبد الله بن محمد بن عروة عن هشام بن عروة ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سيليكم بعدي ولاة ، فيليكم البر ببره ، ويليكم الفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق ، وصلوا وراءهم ، فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساؤوا فلكم وعليهم ) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (  كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وسيكون خلفاء فيكثرون ) . قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا ؟ قال : ( أوفوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم ) أخرجاه .

وعن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر ; فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية ) . أخرجاه .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من خلع يدا من طاعة ، لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) . رواه مسلم .

وروى مسلم أيضا ، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال : دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة ، والناس حوله مجتمعون عليه ، فأتيتهم فجلست إليه فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ، ومنا من ينتضل ، ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها ، وتجيء فتن يرفق بعضها بعضا ، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه هذه ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر) . قال : فدنوت منه فقلت : أنشدك بالله أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال : سمعته أذناي ووعاه قلبي " انتهى كلامه رحمه الله. 

وقبل ان اختم رسالتي آمل الاطلاع على رسالة وكتاب قمت بفضل الله ورحمته بتأليف كتب ورسائل مضمونها كلها يتحدث عن مقاطعة منتجات  الدول الكافرة بالتفصيل منها :

أولا :


[ كتاب القول المبين في الانتصار لمن بعثه الله رحمة للعالمين مع بيان حكم مقاطعة منتجات بعض الكافرين ].


ثانيا :

رسالة عنوانها :


《 قصة متضمنة فائدة علمية مع بيان حكم مقاطعة منتجات الدول الكافرة 》



https://ghazialarmani.blogspot.com/2023/09/blog-post_13.html?m=1





ثالثا :

رسالة عن سبب إثارة هذا الموضوع ومن الذي يقوم بتهييج الناس وتحريضهَم على المقاطعة بعنوان :

( من يقوم بالتحريض في الغالب الأعم في مسألة مقاطعة المنتجات والسلع جماعات التكفير ومن يسعى الي زعزعة الأمن والاستقرار في الدول )


https://ghazialarmani.blogspot.com/2023/11/blog-post.html?m=1


كفانا الله وإياكم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.

كفانا الله وإياكم شر الأشرار وكيد الفجار وفسقة الجن والإنس.

ورزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة.

رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه.

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

°°°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  :  غازي بن عوض العرماني.

( من يقوم بالتحريض في الغالب الأعم في مسألة مقاطعة المنتجات والسلع جماعات التكفير ومن يسعى الي زعزعة الأمن والاستقرار في الدول )




بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد


فإن حكم المقاطعة له  شأن عام كبير  يعم المسلمين ولا يخص أمره احاد الناس. 

و المقاطعة حكم شرعي عند الأمر بها يستدل لها بأدلة شرعية ثابتة وليست عاطفة أو هوي. 

ثم يترتب عليها مصلحة عامة تبنى على القول بالمقاطعة وهذه المصلحة لا يعرفها و لا يقدرها الا ولي الأمر. 

وأما رموز الأحزاب السياسية مثل جماعة الإخوان الخوارج ؛ فليس لهم حق التقدم والإفتئات على المقام الشرعي لحكام المسلمين ؛ وذلك لأن الحوادث والنوازل التي تحل بالمسلمين ليست من إختصاصهم  وشأنهم فالحكام أدري بالأمور والوسائل التي فيها جلب المصلحة لمن هم  تحت يدهم ويدركون الأشياء التي فيها ضرر لهم فيحرصون على ابعاد المفاسدكلها أو تقليلها وفق استطاعتهم ويبذلون الغالي والنفيس لتجنب رعيتهم الأضرار. ورموز  الجماعة الضالة ليسوا أهلا للتقدم أو التصدر للفتيا أو اخذ الأحكام عنهم وذلك لجهلهم بالعلم الشرعي ولإنحرافهم العقدي المشاهد وبعدهم عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومحاربتهم لهدى  السلف الصالح.

وقد تتبعت من أفتى  في المقاطعة أو قام بنشر فتاوى التحريض بالأمر بالمقاطعة فرأيت أن أغلب من يدعوا إلى ذلك هم من الأحزاب التكفيرية وفي مقدمتها جماعة الإخوان الخوارج. 

ثم اعلم رحمنا الله واياك ان اصل الدعوه الي امر المقاطعه من هذه الجماعات المنحرفة  هو محاولة منازعة ولاة الامر في حق من أهم حقوقهم إذ انه يندرج ضمن السياسه الشرعيه للحاكم بحيث لا ينافسه فيها أحد لخصوصية الأمر وأهميته وعموميته فهو عام للرعية  

والقول بوجوب المقاطعة بلا ضوابط شرعية هو وسيلة فيها تحريض الناس وتهييجهم على ولاة أمرهم. 

وعلى عامة المسلمين الحذر من الشبهات التي يلقيها الكثير من رموز الخوارج الإخوانية والذين جعلوا وسائل التواصل الاجتماعي مرتعا وخيما لنشر زبالة توجههم الخارجي. 

 فلذا يجب على المسلمين 

- طلاب علم وعامة - ان يبتعدوا  عن الاستماع لهم او حضور مجتمعاتهم والتي فيها التهريج والتهييج للأخلال بالأمن والأمان والاستقرار الذي يسود بفضل الله ورحمته ثم فضل ولي الأمر. 

فأحذروهم وحذروا منهم.

فهدف هؤلاء الضلال التشويش على سير الاستقرار والأمن في الدول. 

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة 

ووهب لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه. 

ولمزيد الفائدة العلمية عن حكم المقاطعة مؤملا النظر في مؤلفاتنا التالية :


اولا  :


( مقاطعة المنتجات والسلع حكم شرعي لابد فيه من إذن ولي الأمر لدلالة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم على صحة اشتراط هذا الأمر )


https://ghazialarmani.blogspot.com/2023/11/blog-post_73.html?m=1


ثانيا :


رسالة 《  قصة متضمنة فائدة علمية مع بيان حكم مقاطعة منتجات الدول الكافرة 》



https://ghazialarmani.blogspot.com/2023/09/blog-post_13.html?m=1


ثالثا  :


[  كتاب القول المبين في الانتصار لمن بعثه الله رحمة للعالمين مع بيان حكم مقاطعة منتجات بعض الكافرين  ].


والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. 

°°°°°°°°°°°°

كتبه : غازي بن عوض العرماني.

السبت، 18 نوفمبر 2023

( الإجابة عن صحة عبارة من عدمها ونصها يقول : " تشاء يا عبدي وأشاء؛ فإذا رضيت بما أشاء أعطيتك ماتشاء؛ فقل : الحمد لله")



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد :

فيقول الله تبارك وتعالى في سورة التكوير :{ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(٢٩)}

قال الإمام البغوي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة :

" أي أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله، وفيه إعلام أن أحداً لا يعمل خيراً إلا بتوفيق الله ولا شراً إلا بخذلانه ". 

وعليه فإن العبارة ونصها : " تشاء يا عبدي وأشاء ؛  فإذا رضيت بما أشاء أعطيتك ماتشاء ؛  فقل الحمد لله " .

فيها إجمال يحتاج بيان وتفصيل ؛ فإن أراد في عبارته هذه فقط :" تشاء يا عبدي ... "أن له مشيئة مستقلة غير مشيئة تابعة لمشيئة الله فقوله باطل وهو عين كلام ابي جهل 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله :" قال سفيان الثوري عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى لما نزلت هذه الآية { لمن شاء منكم أن يستقيم }  قال أبو جهل الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فأنزل الله { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} .

فمشيئته نافذة، لا يمكن أن تعارض أو تمانع. وفي هذه الآية وأمثالها رد على فرقة  القدرية النفاة وهم المعتزلة ومن شابههم وماثلهم في نفى القضاء والقدر ، وهم الذين يقولون ان الأمر  مستأنف، وينفون  ‏علم الله تعالى السابق، ويعتقدون أن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها.‏كما أنهم ينفُون قدر الله تعالى، ويقولون: إن الله تعالى لم يخلق أفعال العباد، ويجعلون العبد خالقَ لفِعل نفسه،

وهذا قول واضح الضلال، وفيه كفر بالله تعالى، وتكذيب للمعلوم من الدين بالضرورة ] 

 وفي الآية السابقة  كذلك رد على فرقة القدرية المجبرة وهم الكلابية الاشاعرة ومن نحي نحوهم

وفي معتقدهم  يقولون: " إن العبد مجبور على أفعاله وليس له مشيئة ولا قدرة ولا اختيار، فأفعاله كلها اضطرارية بمنزلة حركة المرتعش، وحركة النائم، وحركة الأشجار عند هبوب الريح، فيقولون: إن الأفعال هي أفعال الله، فالله هو المصلي، والصائم..

فيجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عمل، فيعطلون الأمر والنهي والثواب والعقاب، فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ}... .". الي اخر هذيانهم 

وأما أهل الخير والحق وهم أهل الإسلام الصحيح معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح فيثبتون الإيمان بمشيئة الله، وأنه لا يقع شيءٌ في ملك الله بدون مشيئته ، فأعمالنا وسائر حركاتنا وسكناتنا كلها بمشيئة الله ولا نشاء شيئًا إلا بعد مشيئته جلَّ وعلا.

فالإنسان مُخيَّرٌ بأمر الله تعالى ومُسَيَّرٌ بأمر الله تعالى ، فقد أعطاه الله عقلًا، وأعطاه الله إرادةً، وأعطاه مشيئةً، فهو مُخيَّرٌ من هذه الحيثية، يعمل عن مشيئةٍ، وعن إرادةٍ،  كما في قوله تعالى : { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ. وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ }.

ف؛"يعرف الضَّارَّ من النافع، والطيبَ من الخبيث ، يأكل ويشرب باختياره، يزور إخوانه باختياره، ينام باختياره، يقوم باختياره، له اختيار، يأتي الطاعة باختياره، ويأتي المعصية باختياره، لكن هذا له مشيئة سابقة، وله قدر من الله سابق ، لا يخرج عن ملك الله، ولا عن إرادته جلَّ وعلا  "فالإيمان بالقدر على مراتب أربع، مَن جمعها جمع الإيمانَ بالقدر:

الأول:

 الإيمان بعلم الله بالأشياء، وأنه يعلم كلَّ شيءٍ من أعمالنا وآجالنا وأرزاقنا وغير ذلك.

المرتبة الثانية:

 الكتابة، وأنه كتب ذلك سبحانه وتعالى عنده، كما قال تعالى: { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ}

الثالث: 

أنَّ ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يقع في ملكه ما لا يُريد، قال تعالى: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}. 

الرابعة: 

الإيمان بأنه خالقُ الأشياء ومُقدِّرها، الله خالق كل شيءٍ ، قال تعالى: { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا }.

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة.

ووهب لنا ولكم رزقه وفضله ورحمته وجوده و إحسانه وتوفيقه.

ورزقنا الله تبارك وتعالى وإياكم : العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه.

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني.

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

( صفة اليد لله سبحانه وتعالى وإيضاح كيفية الفرق بين اليد التي هي صفة لله سبحانه وتعالى وبين اليدين التي بمعنى القوة والقدرة والنعمة وفق عقيدة أهل الإسلام الصحيح أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح )



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فإن صفة اليد لله سبحانه وتعالى صفة ذاتية لله سبحانه وتعالى. 

لا يعلم عظيم  صفتها ولا كيفيتها الا الله سبحانه وتعالى فنثبت المعنى ونفوض الكيف إثبات يليق بجلال الله سبحانه وتعالى { ليس كمثله شي وهو السميع البصير }

دل على إثبات هذه الصفة كلام الله سبحانه وتعالى المنزل غير مخلوق وهو القرآن الكريم يقول الله تعالى وتقدس :{ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقال سبحانه: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء} وقال سبحانه:{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} 

وقال  تعالى : { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وقال تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ }. { يد الله فوق أيديهم }. 

وأما الأدلة من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم على إثبات صفة اليد لله سبحانه فمنها :

   قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن؛ وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلوا) رواه مسلم رحمه الله ، وقوله صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم : ( يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض  فإنه لم يغض ما في يمينه، والقسط بيده الأخرى يرفع ويخفض إلى يوم القيامة) . رواه مسلم رحمه الله 

و في صحيح مسلم رحمه الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفؤ أحدكم بيده خبزته في السفر ) .

وفي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى مرفوعاً :( ياخذ الجبَّارُ سماواتِهِ ، وأرضيهِ بيدِهِ ، وقبضَ يدَهُ فجعلَ يقبضُها ، ويبسطُها ، ثمَّ يقولُ : أنا الجبَّارُ ، أنا الملِكُ ، أينَ الجبَّارونَ ؟ أينَ المتَكَبِّرونَ ؟ قالَ : ويتمايلُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، عن يمينِهِ ، وعن شمالِهِ ، حتَّى نظرتُ إلى المنبرِ يتحرَّكُ مِن أسفلِ شيءٍ منهُ ، حتَّى إنِّي لأقولُ : أساقطٌ هوَ برسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ). 

وفي البخاري : باب ما جاء في قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:٦٧]

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي ﷺ حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر. ثم قرأ: { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } [الزمر:٦٧].

وفي رواية لمسلم: ( والجبال والشجر على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، أنا الله) .

وفي رواية للبخاري: ( يجعل السماوات على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع ) أخرجاه في الصحيحين. 

وفي الحديث الصحيح :( لما خلقَ اللَّهُ آدمَ ونفخَ فيهِ الرُّوحَ عَطسَ فقالَ: الحمدُ للَّهِ، فحمِدَ اللَّهَ بإذنِهِ، فقالَ لَهُ ربُّهُ يرحَمُكَ اللَّهُ يا آدمُ، اذهب إلى أولئِكَ الملائِكَةِ، إلى ملأ منهُم جلوسٍ فقل: السَّلامُ عليكُم قالوا: وعليكَ السَّلامُ ورحمةُ اللَّهِ، ثمَّ رجعَ إلى ربِّهِ، قالَ: إنَّ هذِهِ تحيَّتُكَ وتحيَّةُ بَنيكَ، بينَهُم فقالَ اللَّهُ لَهُ ويداهُ مَقبوضتانِ: اختَر أيَّهما شئتَ، قالَ: اختَرتُ يمينَ ربِّي وَكِلتا يدي ربِّي يمينٌ مبارَكَةٌ ثمَّ بسطَها فإذا فيها آدمُ وذرِّيَّتُهُ). أخرجه الترمذي وابن خزيمة رحمهما الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي(٣٣٦٨). 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ، لمَّا خلقَ الخلقَ ، كَتبَ بيدِهِ على نفسِهِ : إنَّ رَحمتي تغلِبُ غَضبي ) رواه ابن ماجه رحمه الله تعالى وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه حديث رقم ( ٣٤٨٦). 

. وفي البخاري ومسلم رحمهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : ( احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عليهما السَّلَامُ عِنْدَ رَبِّهِمَا، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، قالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الذي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِن رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لكَ مَلَائِكَتَهُ، وَأَسْكَنَكَ في جَنَّتِهِ، ثُمَّ أَهْبَطْتَ النَّاسَ بِخَطِيئَتِكَ إلى الأرْضِ، فَقالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الذي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ وَأَعْطَاكَ الألْوَاحَ فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شيءٍ وَقَرَّبَكَ نَجِيًّا، فَبِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، قالَ مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ عَامًا، قالَ آدَمُ: فَهلْ وَجَدْتَ فِيهَا وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، قالَ: نَعَمْ، قالَ: أَفَتَلُومُنِي علَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى)

 وهو في الصحيحين  مروي أيضا من طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

ينظر مجموع الفتاوى ( ٨ / ٣٠٤).

وروى الطبراني رحمه الله في المعجم الكبير عن إبراهيم بنِ عبد الله بن خالد المِصِّيصي، حدثنا حَجَّاج بن محمَّد، حدثنا أبو غسَّان محمَّد بن مُطَرِّف، عن صفوان بن سليم، عن عَطاء بن يَسار، عن عبد الله بن عَمرو، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:  ( إِنَّ المَلاَئِكَةَ قَالَتْ: يَا رَبَّنَا، أَعْطَيْتَ بَنِي آدَمَ الدُّنْيَا يَأْكُلُونَ فيهَا ويَشْرَبُونَ ويَلْبَسُونَ، ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، ولاَ نَأْكُلُ ولاَ نَشْرَبُ ولاَ نَلْهُو، وكَمَا جَعَلْتَ لَهُمُ الدُّنْيَا فَاجْعَلْ لَنَا الآخِرَةَ. قال: لاَ أَجْعَلُ صَالِحَ ذُرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ بِيَدَيَّ كَمَنْ قلتُ لَهُ: كُنْ فَكَانَ) .

وعن مسلم بن يسار رحمه الله : أن عمرَ بن الخطَّاب سأل عن هذهِ الآيةِ : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ } قال : قرأ القعنبيُّ الآيةَ، فقال عمرُ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئل عنها فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ اللهَ عز وجل خلق آدمَ، ثم مسح ظهرَه بيمينِه، فاستخرج منه ذريةً، فقال : خلقتُ هؤلاءِ للجنةِ وبعمل أهلِ الجنةِ يعملون، ثم مسح ظهرَه فاستخرج منه ذريةً، فقال : خلقتُ هؤلاءِ للنارِ وبعمل أهل ِالنارِ يعملون . فقال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ، ففيمَ العملُ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ( إنَّ اللهَ عز وجل إذا خلق العبدَ للجنةِ استعمله بعملِ أهلِ الجنةِ حتى يموت على عملٍ من أعمالِ أهلِ الجنةِ فيدخله به الجنةَ، وإذا خُلق العبدُ للنارِ استعمله بعملِ أهلِ النارِ حتى يموتُ على عملٍ من أعمالِ أهلِ النارِ فيدخلُه به النار ). أخرجه أبو داود رحمه الله تعالى وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود 

حديث رقم  ( ٤٧٠٣).

وفي حديثُ أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا: ( إنَّ اللهَ تعالى يَبسُطُ يَدَه باللَّيلِ؛ ليتوبَ مُسيءُ النَّهارِ، ويَبسُط يدَه بالنَّهارِ؛ ليتوبَ مسيءُ اللَّيلِ، حتى تَطلُعَ الشمسُ مِن مغربِها). 

 وإثبات اي صفة ذاتيه أو فعلية مثل صفة الوجه أو  اليد أو القدم أو الساق أو السمع والبصر والكلام والنزول والمجئ والاستواء  وغيرها من صفات وردت في الكتاب العزيز والسنةالنبوية إنما يأت  امتثالا وطاعة لأمر الله سبحانه وتعالى وتصديق لخبره تعالى ربنا وتقدس.

وإثبات أهل الإسلام الصحيح وهم أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح لأي اسم أو صفة لله سبحانه وتعالى وردت في القرآن الكريم  كلام الله سبحانه وتعالى المنزل غير محلوق أو ثبتت له في السنة النبوية  كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فلا يعني ان أهل السنة والجماعة أتباع السلف أتوا بهذه الأسماء تلقاء أنفسهم و اجتهادا من عقولهم البشرية فهذا لا يقوله عاقل  وإنما اثبتوها  لأن الله سبحانه وتعالى أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته وذلك ان إطلاق الأسماء أو الصفات على الله سبحانه وتعالى لا بد له من إثبات نصوص الوحيين له فلا يثبت هذا الأمر أو ينفى عن الله سبحانه وتعالى الا بدليل شرعي اذ لا يعلم اسماء الله أو صفات الله  الا هو سبحانه أو بإخباره لرسوله صلى الله عليه وسلم بهذه الاسم أو هذه الصفة كما في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم  :( أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك ، سميتَ به نفسَك ، أو علمته أحدًا من خلقِك ، أو استأثرت به في علمِ الغيبِ عندك ....) الحديث رواه أحمد وابن حبان وصححه الإمام الألباني رحمه الله. 

فليست هذه الأسماء المقدسة والصفات العلية الجليلة محل لإجتهاد العقول البشرية بحيث يحدث أو يخترع البشر  ألفاظا ثم ينسبونها الي الله سبحانه وتعالى ومن عمل هذا فهو ظالم مفتري قائل على الله بلا علم يقول الله تعالى وتقدس : { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ؛ فجعل القول على الله بلا علم 

قرينا للشرك ومساويا له  ... 

وهنا أمر آخر لا بد من ملاحظته والانتباه له وهو :

إن إثبات أهل الإسلام الصحيح وهم أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح لهذه الاسماء الحسنى أو الصفات الجليلة العلية للخالق تعالي وتقدس  والتي وردت في الكتاب العزيز والسنةالنبوية والتي ظاهر معناها يماثل أو يشابه صفات المخلوقين فلا يعني انها عين صفات المخلوقين ؛ فتماثل الأسم أو الصفة التي لله سبحانه وتعالى  في المعنى الظاهر لا يوجب الاشتراك في مطلق المماثلة والتشابه ولا يعني انه مثله طبق الأصل في معناه أو كيفيته فلا يقول بهذا القول الا ضال منحرف أو جاهل بعيد عن العلم وأهله ؛ ولهذا تجد في القرآن الكريم وصف البشر بالعزيز 

كما في قوله تعالى :{ قالوا ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر } وتجد وصف الله سبحانه وتعالى لنفسه بالعزيز كما في قوله تعالى :{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

{شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وقد ورد اسم الله العزيز في القرآن الكريم ثمانية وعشرين مرة 

ومعلوم ان عزة البشر مؤقته ومحدودة فليست كعزة الله سبحانه وتعالى وان تماثلت في المعنى العام الظاهر  فعزة الله سبحانه وتعالى تدُلُّ على كَمالِ قَهْرِه وسُلطانِه، وعلى كَمالِ صِفاتِه، وعلى تمامِ تنَزُّهِه عن النَّقصِ؛ تدُلُّ على كَمالِ قَهْرِه وسُلْطانِه في عِزَّةِ القَهرِ، وعلى تمامِ صِفاتِه وكَمالِها وأنَّه لا مَثيلَ لها في عِزَّةِ القَدْرِ، وعلى تمامِ تنَزُّهِه عن العَيبِ والنَّقصِ في عِزَّةِ الامتِناعِ. 

ومثل ذلك قوله تعالى :{ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }

فليس حفظ وعلم المخلوق القاصر مثل 

علم الله وحفظه تعالى ربنا وتقدس يدل على ذلك قوله تعالى : { إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } 

ومثله قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}. وقوله تعالى : {قَالُوا كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} 

هو الدلالة على عظيم حفظ الله وعلمه تعالي ربنا وتقدس فإحاطة علمه وشموله وأزليته وابديته وعلمه وحفظه لكل شيء كبيرًا كان أو صغيرًا، سرًا أو علنًا،  ومثل  ذلك قوله تعالى :{ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين} وقوله تعالى { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ }

فأثبت صفة القوة والحلم لمخلوق وهذا يدل على أن أشتراك اسماء الخالق سبحانه وتعالى مع أسماء المخلوقين في المعنى الظاهر لا يدل على المماثلة فليست قوة المخلوق وحلمه كحلم الله سبحانه وتعالى وقوته 

إذ القوة صِفةٌ ذاتيَّةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، ثابتةٌ بالكِتابِ العَزيزِ، والقويُّ من أسماءِ اللهِ الحسنى يدل على ذلك  قَولُه تَعالَى: { وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} و قولُ الله سُبحانَه وتعالى :{ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } وهكذا صفة الحلم لله سبحانه

فمع كونها اسم من اسماء الله الحسنى  فهي صفةٌ ذاتيَّةٌ فعليَّةٌ ثابتةٌ لله سبحانه وتعالى بالكِتابِ والسُّنَّةِ،يدل لها قولُه تعالى: { قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }. وقَولُه تعالي : { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} .

وفي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى من حديث ابن عباس رضي الله عنهما :أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يقولُ عِنْدَ الكَرْبِ: ( لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ ).

والأمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية كثيرة وما سقناه على سبيل التمثيل لا الحصر 

وفي المعقول ؛ تجد الفرق بين صفات البشر أنفسهم فيما بينهم من حيث اللون أو القوة والضعف  أو الطول أو القصر أو الصحة أو المرض وتختلف صفات البشر المعنوية فهذا كريم وهذا بخيل وهذا شجاع وهذا جبان والصور والأمثلة كثيرة جدا وهذا أمر مشاهد.

ثم إن صفات المخلوقين فيما بينهم تختلف فالبشر بينها وبين الطيور والحيوانات بجميع انواعها اختلاف بين واضح فهذا طائر وهذا يزحف 

وهذا يمشي على قدمين وهذا على أربع 

وهذا يعيش في البحر وهذا يعيش في البركما قال تعالى وتقدس :{ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :( ليسَ في الجنةِ شيءٌ مما في الدنيا إلا الأسماء ).. 

هذه في الجنة المخلوقة التي خلقها الله بيده كما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : (خلق الله أربعة أشياء بيده العرش، والقلم، وآدم، وجنة عدن.

ثم قال لسائر الخلق: كن. فكان).  "صحح اسناده وقال على شرط مسلم رحمه الله ؛ الإمام الألباني رحمه الله في مختصر العلو صفحة ( ١٠٥ ).

 وهذا الإختلاف الكبير والتشابه في الأسماء فقط دون المعنى في صفات خلق الله بينها ؛ فكيف بعظيم صفات الله تعالى ربنا وتقدس. 

فإذا تبين لكل ذي لب وضوح هذا الأمر ادرك  يقينا أن اسماء الحسنى وصفاته العلى الواردة في نصوص الوحيين - كتابا وسنة - لا تماثل ولا تشابه صفات المخلوقين وان تماثلت في المعنى العام لألفاظ المخلوقين  وهذا دليل عقلي يثبته الدليل النقلي من كلام الله سبحانه وتعالى كما ذكرنا سابقا ويدل عليه  قول الله تعالى وتقدس : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ؛ فتعطيل اسماء الله الحسنى وصفاته العلى باطل في الادلة النقلية والحجج العقلية

فإذن رمي أهل السنة بالتمثيل أو التشبيه أو التجسيم قول ضال صدر من معطل لأسماء الله الحسنى وصفاته العلى ويرد بنبزه هذا وتعييره خبر الله سبحانه وتعالى ويكذبه والمعطل الجهمي هو الكاذب الفاجر المفتري

 واسماء الله الحسنى وصفاته العلى هي صفات ذاتيه له لا تنفك عنها بوجه من الوجوه يدل على هذا العقل السليم وقبله النقل الصحيح فما من موصوف الا وله صفة.

والكلام في الصفات إنما هو كلام في الذات 

فمامن ذات الا ولها صفات 

وليس لأي مخلوق إعطاء الخالق صفة لم ترد في الكتاب العزيز أو السنة لإن في هذا الأمر  تقول على الله بلا علم وكذب وافتراء على الله ربنا سبحانه وتعالى.

والواجب امتثال أمر ربنا تبارك في قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} 

وفي القرآن الكريم وهو كلام الله سبحانه وتعالى المنزل غير مخلوق وفي الأحاديث النبوية  نصوص قاطعة لا تقبل التأويل، وقد تلقتها الأمة بالقبول والتصديق . 

" فهل يجوز أن يملأ الكتاب والسنة من ذكر اليد، وأن الله تعالى خلق بيده، وأن يديه مبسوطتان، وأن الملك بيده، وفي الحديث ما لا يحصى، ثم إن رسول الله ﷺ وأولي الأمر لا يبينون للناس إن هذا الكلام لا يراد به حقيقته ولا ظاهره، حتى ينشأ جهم بن صفوان بعد انقراض عهد الصحابة؛[ رضي الله عنهم ] فيبين للناس ما نزل إليهم على نبيهم، ويتبعه عليه بشر بن غياث، ومن سلكوا سبيلهم من كل مغموص عليه بالنفاق؟

وكيف يجوز أن يعلمنا نبينا ﷺ كل شيء حتى (الخرأة)، ويقول: ( ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وحدثتكم به، تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ) ثم يترك الكتاب المنزل عليه وسنته الغراء مملوءة مما يزعم الخصم أن ظاهره تشبيه وتجسيم، وإن اعتقاد ظاهره ضلال، وهو لا يبين ذلك ولا يوضحه؟

وكيف يجوز للسلف أن يقولوا: " أمروها كما جاءت " ، مع أن معناها المجازي هو المراد، وهو شيء لا يفهمه العرب، حتى يكون أبناء الفرس والروم أعلم بلغة العرب من أبناء المهاجرين والأنصار " وينظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( ٦ / ٣٥١ ) فما بعدها من صفحات .


[  كيفية التفريق  بين صفة اليد لله سبحانه وتعالى التي وردت في الوحيين كتابا وسنة وبين صفتي النعمة والقدرة والتي وردت كذلك في نصوص الوحيين ] . 

كتبنا هذا التفريق بناء على طلب احد الاخوة الكرام من طلاب العلم وفي ابيان هذا الفرق  أن يكون طالب العلم  على بينة من أمره تجاه صفة من صفات رب العزة والجلال سبحانه وتعالى. 

مسترشدا بالأدلة الشرعية 

كما أن في الإيضاح والبيان دحض ضلالات أهل الجهل البسيط أو المركب في لغة العرب التي هي لغة كلام ربنا عز وجل في كتابه المنزل القرآن الكريم  . 

كما أن فيه كشف شبهات أهل الضلال ممن يريد الصيد في الماء العكر من أهل التعطيل الجهمي. 


 فنقول ايضاحا للفرق بين صفة اليد لله سبحانه وتعالى وبين غيرها من ألفاظ لها معاني أخرى مختلفة وردت كذلك في كتاب الله سبحانه وتعالى فنقول وبالله التوفيق وعليه التكلان وهو المستعان :

إن لفظ اليدين بصيغة التثنية لم يرد استعماله في لغة العرب بمعنى النعمة ولا في معنى القدرة؛ لأن استعمال لفظ الواحد في الإثنين أو الإثنين في الواحد لا أصل له في لغة العرب التي نزل بها القرآن، فقول الله سبحانه وتعالى : { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:٧٥]،

لا يمكن إتيانه بمعنى القدرة ؛ وذلك أن القدرة صفة واحدة، ولا يجوز في لغة العرب أن يعبر بالاثنين عن الواحد، ولا يمكن اتيانه بمعنى  النعمة؛ وذلك أن نعم الله لا تحصى، فلا يجوز في لغة العرب أن يعبر عن النعم التي لا تحصى بصيغة التثنية .

 ولا يجوز أن يكون " لما خلقت أنا " ؛ لأنهم إذا أرادوا ذلك أضافوا الفعل إلى اليد ، فتكون إضافته إلى اليد ، إضافة له إلى الفعل ، كقوله: { بما قدمت يداك} ، { بما قدمت أيديكم } ، ومنه قوله: { مما عملت أيدينا أنعاما} .

أما إذا أضاف الفعل إلى الفاعل ، وعدى الفعل إلى اليد بحرف الباء ، كقوله: (لما خلقت بيدي) فإنه نص في أنه فعل الفعل بيديه ، ولهذا لا يجوز لمن تكلم أو مشى: أن يقال فعلت هذا بيديك، ويقال: هذا فعلته يداك ؛ لأن مجرد قوله: (فعلت) : كاف في الإضافة إلى الفاعل ؛ فلو لم يرد أنه فعله باليد حقيقة : كان ذلك زيادة محضة ، من غير فائدة . ولست تجد في كلام العرب ولا العجم  إن شاء الله تعالى  أن فصيحا يقول: فعلت هذا بيدي، أو فلان فعل هذا بيديه ، إلا ويكون : فَعَله بيديه حقيقة.

ولا يجوز أن يكون لا يد له ، أو أن يكون له يد والفعل وقع بغيرها.

وبهذا الفرق المحقق :

تتبين مواضع المجاز ومواضع الحقيقة؛ ويتبين أن الآيات لا تقبل المجاز ألبتة من جهة نفس اللغة " ، ينظر مجموع الفتاوى: (٦ / ٣٦٥ – ٣٦٦) .

وهنا قصة وردت في فتاوى الإمام ابن باز رحمه الله أحببنا ذكرها على جهة الاختصار  : 

في" تفسير قوله تعالى: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾

السؤال:

 من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم: ١٣٣٧ ، في ١١ / ٧ / ١٤٠٨ هجري ، الذي نصه: لقد كنا في حلقة تفسير في مسجد بمنطقة (الصليبية) في الكويت، وقد تعرض إمام المسجد إلى تفسير قوله تعالى: { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح:١٠] فقال: قيل معناها: منة الله عليهم، وقيل: قوة الله معهم، وقيل: الله عليم بحالهم ونياتهم.

فتكلم أحد الشباب من إخواننا في الله بعد الدرس، وقال: تفسيرك هذا ليس من عقيدة أهل السنة والجماعة، بل هو من كلام الأشاعرة؛ فغضب الإمام وقال: إن هذا موجود في كتاب الماوردي وابن كثير، فرد الشاب وقال: ليس هذا في ابن كثير وإنما هو عند الماوردي الأشعري.

فلما رأى العامة الشيخ غضبان غضبوا له، ورمى بعضهم الشاب بكلمة (أنت مسيحي) (أنت بوذي)، وكادوا أن يضربوه لولا أن بعضهم حماه. والله يعلم أن هذا الشاب لم يتكلم إلا غيرة على عقيدة المسلمين، ومن باب أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فأشار الشاب أن يقضي فضيلتكم بينهم، فوافق العوام على ذلك، فأفيدونا، ونحن بانتظار ردكم -وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء-.

وفي الإجابة تحدث الإمام ابن باز رحمه الله عن صفة اليد لله سبحانه وتعالى وفق الصواب والحق ووفق الأدلة الشرعية ثم قال رحمه الله :"وبما ذكرنا، يتضح للجميع أن ما ذكره الشاب هو الصواب.

ونسأل الله أن يهدي الجميع لإصابة الحق في القول والعمل؛ إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى. وانصح الإخوة طلاب العلم بقراءة إجابة الإمام ابن رحمه الله على هذا الاستفتاء وهي موجودة في كتابه [ مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز رحمه الله ( ٢٤ / ٢٧٣)].. 

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة. 

ووهب لنا ولكم علما نافعا وعملا صالحا ورزقا طيبا. 

نسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يمن علينا وعليكم بحسن الخاتمة والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 

°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.