بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} أما بعد:
فإن الصلاة بأنواعها هي عبادات تشرع وفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال صلى الله عليه وسلم :( صلوا كما رأيتموني) وقوله صلى الله عليه وسلم :( خذوا عني نسككم ) وإحداث صلاة لم ترد في كلام الله سبحانه وتعالى أو في سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار لذا ؛ فإن أصح الأقوال وأصوبها في مسألة الصلاة على الغائب أنه لايشرع و" لا يُصَلَّى على الغائب إلا على من لم يصلَّ عليه، حتى وإن كان كبيراً في علمه، أو ماله، أو جاهه، أو غير ذلك، فإنه لا يُصلَّى عليه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ودليل ذلك: أن الصلاة على الجنازة عبادة، والعبادة لا تشرع إلا بدليل من الكتاب العزيز اوالسنة النبوية ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على غائب إلا على النجاشي؛ لأنه مات بين أمة مشركة، ليسوا من أهل الصلاة، وإن كان أحد منهم آمَنَ فلا يعرف عن كيفية الصلاة شيئاً. فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه، وهو في الحبشة، والرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وقال: ( إنه مات رجل صالح ) ، وفي بعض الروايات: ( أخوكم، ثم أمرهم أن يخرجوا إلى المصلى) متفق عليه. ثم قال: " وقال بعض العلماء: المراد مصلى الجنائز؛ لأن
" أل " للعهد، وهذه صلاة جنازة، فتحمل على المعهود في صلاة الجنازة، وهو مصلى الجنائز. وهذا القول أقرب إلى الصواب " من الشرح الممتع ( ٥ /٤٣٨ - ٤٤٠ )" للعثيمين رحمه الله .... " ومما يؤيد عدم مشروعية الصلاة على كل غائب: أنه لما مات الخلفاء الراشدون وغيرهم لم يُصَلِّ أحد من المسلمين عليهم صلاة الغائب. ولو فعلوا لتواتر النقل بذلك عنهم، فقابل هذا بما عليه كثير من المسلمين اليوم: من الصلاة على كل غائب، لاسيما إذا كان له ذكر وصيت، ولو من الناحية السياسية فقط ولا يعرف بصلاح أو خدمة للإسلام، ولو كان مات في الحرم المكى وصلى عليه الآلاف المؤلفة في موسم الحج صلاة الحاضر، قابل ما ذكرنا بمثل هذه الصلاة تعلم يقينا أنها من البدع التي لا يمتري فيها عالم بسنته صلى الله عليه وسلم ومذهب السلف رضي في الله عنهم " من كتاب أحكام الجنائز للالباني رحمه الله صفحة ( ٩٣ ).
فتبين لنا أنه يُصلَّى على من له منفعة للمسلمين ، كحال النجاشي رضي الله عنه إذا كان ولي أمر في قومه او كحال عالم نفع الناس بعلمه ، اوتاجر نفع الناس بماله ، وما يشبه هذه الاحوال ف " النجاشي رجل مسلم قد آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدقه على نبوته، إلا أنه كان يكتم إيمانه، والمسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه، إلا أنه كان بين ظهراني أهل الكفر، ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه، فكان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه، إذ هو نبيه ووليه، وأحق الناس به، فهذا - والله أعلم - لعله من الحكم العظيمة التي كانت سببا يدعوه إلى الصلاة عليه بظهر الغيب.
فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان، وقد قضى حقه في الصلاة عليه، فإنه لا يُصِلِّي عليه من كان في بلد آخر غائبا عنه، فإن عَلِمَ أنه لم يُصَلَّ عليه لعائق أو مانع عذر، كان السنة أن يُصَلِّيَ عليه ولا يَتْرُكُ ذلك لبعد المسافة" (سنن أبي داود رحمه الله مع معالم السنن للخطابي [ ( ٣ / ٥٤٢ ) بتصرف ] والعبارات السابقة له رحمه الله..
" ولم يكن مِن هديه وسنته الصلاة على كُلِّ ميت غائب، فقد مات خلق كثيرٌ من المسلمين وهم غُيَّب، فلم يُصلِّ عليهم ...ويذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله قوله " الصواب: أن الغائبَ إن مات ببلد لم يُصلَّ عليه فيه، صُلِّيَ عليه صلاة الغائب، كما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، لأنه مات بين الكفار ولم يُصلَّ عليه. وإن صُلِّيَ عليه حيثُ مات لم يُصلَّ عليه صلاة الغائب؛ لأن الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه. والنبي صلى الله عليه وسلم صَلًّى على الغائب وتَرَكَه، وفِعلُه وتَرْكُه سُنَّة، وهذا له موضع، وهذا له موضع، واللّه أعلم، والأقوال ثلاثة في مذهب أحمد، وأصحها: هذا التفصيلُ " من كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم رحمه الله بتصرف يسير( ١٤٤ - ١٤٥ / ١ )
والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
---------------
كتبه واملاه الفقير الى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .
مساء يوم الاحد ١٠ / ٧ / ١٤٤٠ من هجرة الرسول صلى الله عليه و سلم