الخميس، 29 ديسمبر 2022

《 ما معنى مصطلح جنس العمل المحدث ؟ ومن هي الفرقة الخارجية الضالة التي قامت بإحداثه ؟ وهل ورد هذا اللفظ في الكتاب والسنة ؟ و هل من قام بإحداثه له سلف صالح من امة محمد صلى الله عليه وسلم في قوله هذا ؟ وهل هذا الإصطلاح ورد في لغة العرب ؟ وما مراد الحدادية في نشر هذا المصطلح ؟ وهل إطلاقهم له صحيح ؟ 》




      بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلّا وأنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

﴿يا أيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنها زَوْجَها وبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثِيرًا ونِساءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:

فإن لفظ أو مصطلح [ جنس العمل ] ؛ لفظ حادث ومصطلح محدث ظهر في هذا العصر  من جماعة تنتسب إلى المدعو  محمود الحداد من مصر  أطلق عليها أهل العلم اسم [ الحدادية ] نسبة له؛ وهم فرع من جماعة الإخوان الخوارج . من صفاتهم أنهم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام  يزعمون العلم وهو بعيد عنهم يريدون التصدر والإفتاء وهم جهال وقد قيل:" حب الظهور يقصم الظهور " فنالوا من أعراض كبار علماء الإسلام ورموهم بالفواقر  ولهم [ كبار سن صغار في اهوائهم وتصرفاتهم واخلاقهم  ] يصدرون عنهم في تعضيد باطلهم وتأييدهم على بدعتهم المنكرة.

وقد رأيت ل[ كبيرهم هذا ] تقريظا لكتاب قام بتأليفه أحد منظري داعش ورموزها مع مخالفات عقدية أخرى لكنه يتلون كالحرباء .

و الحدادية تعتبر الجناح الفكري لتنظيم داعش الدموي ؛ وقد رأيت ان اغلب  الاستمداد الفكري للفرق الأخرى من جماعة الإخوان الخوارج يؤخذ من توجيهات الحدادية المنحرفة . 

و لهم طرق في الجدال والمناظرة فهم  يناقشون ويحاورون بالباطل ويتخذون الكذب مطية أثناء النقاش معهم  ويمهون على العوام أو انصاف المتعلمين  وهم اشد تنظيرا من السرورية وغيرها وخاصة في مسائل التكفير التي يزعم منظروها أنهم يتبعون السنة فيها ونهج السلف الصالح ؛ وهذا محض كذب وافترى يعرف ذلك  سبر أغوارهم واطلع على احوالهم .

و إمتحان الحدادية لعامة المسلمين بهذا اللفظ المحدث فمن قال بهذا القول ووافقهم فيه فهو منهم ومن لم يوافقهم رموه بالإرجاء ؛ فلذا تجدهم يطلقون الأوصاف السيئة على أئمة السنة ومن ذلك نبزهم بالإرجاء أمثال الألباني وابن باز  والعثيمين رحمهم الله والحقوا بهم الإمام ربيع المدخلي حفظه الله وغيره كثير ممن لم ير رأيهم وكان على خلاف مذهبهم . بل لم يسلم منهم شيخي الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله ؛ وهذه الفرقة تثير زوبعة  حول مسائل علمية وهي  :

 

         [[      أولا      ]]

مسائل الإيمان ؛ فكلامهم في الإيمان ومسائله هو عين كلام الخوارج .


        [[       ثانيا       ]]


مسألة حكم تارك الصلاة تهاونا وكسلا . انكروا الخلاف فيها وجعلوا القول في هذه المسألة قولا واحدا وهو القول بتكفير تارك الصلاة تهاونا وكسلا وانكروا الأقوال الأخرى وبدعوا من لم يكفر تارك الصلاة تهاونا وكسلا مع وجود ادلة من الشرع تؤيد قوله و أنظر أقوال كبار علماء الإسلام في هذه المسألة ؛ قال شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبدالرحمن الصابوني رحمه الله في رسالته العقدية المشهورة [ شرح عقيدة السلف اصحاب الحديث ] :

حكم تارك الصلاة عمداً :

“واختلف أهل الحديث في ترك المسلم صلاة الفرض متعمدا، فكفره بذلك أحمد ابن حنبل وجماعة من علماء السلف، وأخرجوه به من الاسلام، للخبر الصحيح المروي عن النبيﷺأنه قال:

( بين العبد والشرك[ والكفر ] ترك الصلاة)

[رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه  واحمد رحمه الله في المسند ورواه أهل السنن من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه]

 ([ العَهدُ الَّذي بينَنا وبينَهُمُ الصَّلاةُ ف]من ترك الصلاة فقد كفر)

[ رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه رحمهم الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجة رقم الحديث (٨٨٤)؛ وفي صحيح الترغيب والترهيب رقم الحديث ( ٥٦٤ )].

وذهب الشافعي رحمه الله وأصحابه وجماعة من علماء السلف -رحمة الله عليهم أجمعين- إلى أنه لا يكفر به مادام معتقدا لوجوبها، وإنما يستوجب القتل كما يستوجبه المرتد عن الاسلام، وتأولوا الخبر : من ترك الصلاة جاحدًا كما أخبره سبحانه عن يوسف عليه السلام أنه قال :

{إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون} [يوسف:٣٧]ولم يك تلبس بكفر فارقه، ولكن تركه جاحدا له.”

انتهى كلامه رحمه الله وما بين [  .  ] زيادة قمنا بكتابتها اتماما للفائدة .

وقال الامام أحمد بن حنبل رحمه تعالى :

“ويخرج الرجل من الايمان الى الاسلام فإن تاب رجع الايمان ولايخرجه من الاسلام الا الشرك بالله العظيم أو برد فريضة من فرائض الله جاحدا لها فإن تركها تهاونا وكسلا كان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.” انتهى كلامه رحمه الله .[طبقات الحنابلة بتحقيق حامد الفقي ( ٣٤٣/١)].

قال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى  :

"وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر، وأما الاعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها، ونحن إذا قلنا : أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور.

وعن أحمد في ذلك نزاع، وإحدى الروايات عنه :

 أنه يكفر من ترك واحدة منها وهو اختيار أبي بكر وطائفة من أصحاب مالك، كابن حبيب.

وعنه رواية ثانية :

 لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط،

ورواية ثالثة :

 لا يكفر إلا بترك الصلاة، والزكاة إذا قاتل الامام عليها.

ورابعة :

 لا يكفر إلا بترك الصلاة.

وخامسة : 

لا يكفر بترك شيء منهن وهذه أقوال معروفه للسلف ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى .[مجموع الفتاوى(٣٠٣/٧)] .

وسئل شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى :

” عما يقاتل عليه ؟

وعما يكفر الرجل به ؟

فأجاب : أركان الاسلام الخمسة، أولها الشهادتان، ثم الأركان الأربعة ؛ فالأربعة: إذا أقر بها، وتركها تهاوناً، فنحن و إن قاتلناه على فعلها ، فلا نكفره بتركها ؛

والعلماء : اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود ؛ ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم وهو الشهادتان.”.انتهى كلامه رحمه الله تعالى .[الدرر السنية ( ١ / ١٠٢)]

قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله :

“سألني الشريف عما نقاتل عليه، و ما نكفر به ؟

فقال في الجواب إنا لا نقاتل إلا على ما أجمع عليه العلماء كلهم، وهو الشهادتان بعد التعريف، إذا عرف ثم أنكر ..”.انتهى كلامه رحمه الله تعالى .[ الدرر السنية (٣١٧/١)].

وقال الشيخ عبداللطيف رحمه الله :

“وأخبرتهم ببراءة الشيخ، من هذا المعتقد والمذهب وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله، من الشرك الاكبر والكفر بآيات الله ورسله أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر كتكفير من عبد الصالحين ودعاهم مع الله، وجعلهم أنداداً له فيما يستحقه على خلقه، من العبادات والالهية وهذا : مجمع عليه أهل العلم والايمان.”. انتهى كلامه  رحمه الله تعالى .[الدرر السنية(٤٦٧/١)] .

قال الشيخ العلامة عبداللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله :

“الأصل الثالث: أن الإيمان مركب، من قول وعمل، والقول قسمان: قول القلب، وهو: اعتقاده; وقول اللسان، وهو: التكلم بكلمة الإسلام;

والعمل قسمان: عمل القلب، وهو: قصده، واختياره، ومحبته، ورضاه، وتصديقه;

وعمل الجوارح، كالصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ونحو ذلك من الأعمال الظاهرة;

فإذا زال تصديق القلب، ورضاه، ومحبته لله، وصدقه، زال الإيمان بالكلية .

وإذا زال شيء من الأعمال، كالصلاة، والحج، والجهاد، مع بقاء تصديق القلب، وقبوله،

فهذا محل خلاف،

هل يزول الإيمان بالكلية، إذا ترك أحد الأركان الإسلامية، كالصلاة، والحج، والزكاة، والصيام، أو لا يزول؟

وهل يكفر تاركه أو لا يكفر؟

وهل يفرق بين الصلاة، وغيرها، أو لا يفرق؟

فأهل السنة مجمعون على أنه لابد من عمل القلب، الذي هو: محبته، ورضاه، وانقياده;

والمرجئة، تقول: يكفي التصديق فقط، ويكون به مؤمناً;

والخلاف، في أعمال الجوارح، هل يكفر، أو لا يكفر؟ واقع بين أهل السنة ؛ والمعروف عند السلف: تكفير من ترك أحد المباني الإسلامية، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج;

والقول الثاني :

 أنه لا يكفر إلا من جحدها.” انتهى كلامه رحمه الله. 

[ الدرر السنية(٤٧٩/١)].



        [[       ثالثا     ]]


مسألة العذر بالجهل لهم نفس خارجية خالفوا فيها معتقد أهل السنة والجماعة وبدعوا من لم يقل بقولهم ورموه بالإرجاء ومن فضل الله علينا لنا عدة رسائل في هذه المسألة وللإمام العثيمين رحمه الله رسالة نفيسة في هذه المسألة ؛ علما بأن العذر بالجهل تؤيده إدلة الكتاب العزيز والسنة النبوية .



        [[     رابعا      ]]

من المسائل التي تشددوا فيها وغلوا فيها مسألة ( جنس العمل ) وشنعوا على من خالف قولهم فيها ؛ وانتشر امتحانهم للناس في العالم أجمع فشابهوا المعتزلة في قولهم بخلق القرآن بل وهم مثلهم في ميلهم إلى تكفير عصاة أهل التوحيد والسنة وتبديعهم كبار علماء الإسلام وفي هذه الرسالة 

نلقي الضوء على هذه المسألة  ( جنس العمل ) ؛ فنجد ان هذا اللفظ قد اختلف فيه أهل اللغة في  تحديد ماهيته وفي تعريف معناه على معاني كثيرة متضادة ؛ فالجنس مفرد وجمعه أجناس 

وللفلاسفة تعريف مغاير لتعريف الفقهاء أنظر التعريفات الآتية وانظر البون الشاسع بينها :

فمن ذلك تعريفهم للجنس بأنه : " ما يدل على كثيرِينَ مختلفِينَ بالأنواع، فهو أعمُّ من النوع، فالحيوان جنس، والإِنسان نوع ".

و قيل هو :

 "  النوع والأصل ".

وقيل :

 " مالا يكون بين أفراده تفاوت فاحش بالنسبة للفرد المقصود منه ".

و‏قيل عنه بانه : 

" ‏ طبيعة العمل‏ ".

وقيل هو : 

"  النوع والأصل ".

وقيل :

 " مالا يكون بين أفراده تفاوت فاحش بالنسبة للفرد المقصود منه ".

فهل رأيت كثرة اختلافهم ؟

ثم بعد هذا الاختلاف الكثير الكبير في تعريفه عند أهل  اللغة فهل من أحدث القول ب( جنس العمل ) عنده تعريف؟

ننظر في قولهم ونسألهم 

تنزلا : هل عندكم تعريف ل( جنس العمل ) فتخرجوه لنا ؟

ثم  إصطلاحكم هذا  وقد رأيتم إختلاف أهل اللغة فيه هل تم ضبط تعريفه لديكم ؟

وهل وجد هذا اللفظ في الكتاب والسنة؟

فالجواب : لايوجد في الكتاب والسنة ثم عند سلف الأمة الصالح هذا الاسم بهذا المعنى الذين تريدون تقريره .

ثم هل لكم سلف في إحداثه ؟

فالجواب : ليس لكم سلف في ذلك فلما تمتحنون أهل الإسلام في لفظ محدث ؟

ثم تخرجونهم من السنة وقد تخرجونهم من الملة. 

و أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام إبن تيميه رحمه الله [ اورد كلامهم بالمعنى] قالوا : ان الالفاظ المحدثة أو الحادثة يستفصل عن مراد القائل بها فإن أراد به معنى حقا قبل وإن أراد به معنى باطل رد والمتعين هو التلفظ بالألفاظ الشرعية لوضوحها  وسلامتها من الاشتباه  وبعدها عن الاحتمالات الباطلة أو الإجمال الذي يحتمل الحق والباطل 

ثم نقول تنزلا ماهو تعريف ( جنس العمل )عندكم ؟

نجد أنهم يطلقونه على ( كل أعمال الجوارح والأركان ) فقط . 

وهذا تعريف  لا شك في بطلانه ومخالفته للشرع والاجماع ولغة العرب 

ثم نتساءل :

أليست أعمال القلوب وأقوالها من الأعمال ؟

أليس قول اللسان من الإيمان ؟ فلما اخرجتم أعمال القلوب وأقوالها وقول اللسان من ( جنس العمل ) .

فهذا منكم تخصيص بغير مخصص شرعي .

وتعريفكم هذا هو  الارجاء بعينه اذا انكم اخرجتم قول القلوب وأعمالها مع قول اللسان من مسمى الإيمان وأن هذه الأمور ليست من العمل او جنسه وهذا من الجمع الغريب والتخليط العجيب فأنتم جمعتم بين مذهب الارجاء[ بإخراجكم قول القلوب وأعمالها وقول اللسان من العمل ] وبين مذهب الخوارج في قولكم :[ أن الإيمان فقط هو أعمال الجوارح والأركان ] بل هذا قول لم تقل به الخوارج الاولون  . فصار المتأخرون أشد كذبا وفجورا في الخصومة . وصدق عبدالله بن المبارك رحمه الله  في قوله :" لست مرجئا أرى السيف " .

وأما  (  شرط كمال  ) و ( شرط صحة ) فقد تحدثنا في رسالتنا عن هذه الاصطلاحات مع بيان سلامة كبار علماء الإسلام من الارجاء وهذه الرسالة عنوانها :

《 إيضاح بعض مسائل الإيمان التي غلت فيها فرقة الحداديه الخوارج وخالفت فيها معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح  منها : [ أنواع العمل في مسائل الإيمان ومن ذلك عمل القلب وقوله واعمال الجوارح ] و [ إيضاح معنى " جنس العمل "و " شرط الصحة " و " شرط كمال " والفرق بين هذه المصطلحات] و [ إيضاح مسألة حكم تارك الصلاة تهاونا وكسلا واقوال العلماء فيها بالإدلة   ] و [ إيضاح مسألة العذر بالجهل بالإدلة  وتبديع الفرقة الحدادية لكبار علماء الإسلام في هذه المسألة ] 》


وهذا رابطها :


https://ghazialarmani.blogspot.com/2022/12/blog-post_13.html



والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

••••••••••••••••

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني  .