بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد
فعن عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ فِرْيَةً لَرَجُلٌ هَاجَى رَجُلًا فَهَجَا الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا وَرَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ وَزَنَّى أُمَّهُ )رواه أبن ماجه رحمه الله والبخاري رحمه الله في الأدب المفرد وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الجامع حديث رقم( ١٠٦٦ ). فتعميم السب أو الاحتقار أو التنقص للأسرة أو القبيلة ظلم كبير كما مر معنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم فمامن أسرة أو قبيلة او مجتمع إلا وفيه الطيب والخيب كما يقال فتعميم المدح خطأ يقابله تعميم الظلم والاحتقار والانتقاص فأبناء آدم جميعهم سواسية كأسنان المشط وإنما الفضل والمقياس بتقوى الله سبحانه وتعالى ؛ وجماعات الخوارج والتكفير الإخوانية لها دور كبير في نشر الجاهلية العنصرية في المجتمعات المسلمة مثل ذكر الفضائل الخيالية للفارس الفلاني من القبيلة الفلانية ويذكرون اشعاره ويبالغون في مدحه وإطرائه مع التعرض على جهة الانتقاص للقبائل الأخرى.
فهذا الفارس الجاهلي لم يقم بغزو فارس والروم أو اليهود والنصارى وإنما اغار على مجتمع مسلم فقتل رجالهم من امة محمد صلى الله عليه وسلم واستحل دماءها واستحل نهب اموالهم و حلالهم من غنم او جمال وقد لا تسلم أعراض المسلمات من الهتك والتعرض فهذه هذه هي الفروسية التي يتغنى بها بعض منشدي جماعة الإخوان الخوارج مع تشكيك الجهلة والعوام والضلال من اتباعهم في عقيدة أهل العلم من أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وذلك لإختلاف المنهج والمذهب والعقيدة بين أهل الحق وهم من ذكرت من أهل السنة السلفيين و بين أهل الباطل وهم أهل البدعة والفرقة والجماعات المنحرفة الذين ينشرون الكذب تشويها لسيرة مشايخ السنة السلفيين - حسبنا الله ونعم الوكيل - ثم تبعهم على ذلك فئام من الجهلة ممن عظم نفسه واحتقر غيره من المسلمين ورأى نفسه أعلى وافضل بناء على هواه ومزاجه وميزانه الجاهلي والذي لا يقره شرع ولا عقل ثم بأي أمر رأى هذا الحقير المسكين المتكبر أنه أفضل من غيره
فهو يمرض
ويتغوط
وخرج بشحمه ولحمه من موضع البول مرتين من ذكر والده ومن فرج امه .
ومع هذا فهو يقاسي الهموم والغموم والشدة والضيق
والبلاء والابتلاء ولا يتفكر في نفسه :{ وضرب لنا مثلا ونسي نفسه } : { وفي أنفسكم أفلا تبصرون }.
ثم يموت كما تموت الجيفة النتنة القذرة مدفونة معه توجهاته الفكرية السيئة
وقبر وقبرت معه .
أن اتهام المسلم العامي في عقيدته أو في أخلاقه وجعله فاكهة في مجالس الخائضين بالباطل في أعراض المسلمين ذنب وإثم وكذب وغيبة وبهتان وهي من الحقوق الشرعية الخاصة للمسلم والتي لابد عند التوبة من التحلل من حق الرجل الذي نيل من عرضه فيأتيه ويعتذر منه والا كان خصيما له يوم القيامـة يوم يؤخذ من حسناته وتوضع مع حسنات من اتهمه بالكذب والفجور .
وتوضع سيئات الذي جرى تنقصه على ظهر من اغتابه ممن زعم ظلما وبهتانا أنه افضل منه .
وهذا في حال عوام المسلمين فكيف بمن اغتاب أهل العلم والسنة أتباع السلف الصالح ممن نذروا أنفسهم لنشر التوحيد ومحاربة الشرك والكفر
ونصروا وانتصروا للسنة وأهلها
وحاربوا البدعة واهلها وبينوا فسادها وحذروا من اصحابها وفندوا شبهات أهل الضلال والظلام ؛ يقول الرسول صلى الله عليه : ( يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ قد أذهبَ عنكم عُبِّيَّةَ الجاهليَّةِ وتعاظمَها بآبائِها فالنَّاسُ رجلانِ: برٌّ تقيٌّ كريمٌ على اللَّهِ، وفاجرٌ شقيٌّ هيِّنٌ على اللَّهِ، والنَّاسُ بنو آدمَ، وخلقَ اللَّهُ آدمَ من الترابِ، قالَ اللَّهُ :{ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } .
أخرجه الترمذي وابن حبان رحمهما الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي حديث رقم( ٣٢٧٠ ) .
ويقول الله تعالى وتقدس : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ } .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة : " أي : لا تنفع الأنساب يومئذ ، ولا يرثي والد لولده ، ولا يلوي عليه ، قال الله تعالى : ( ولا يسأل حميم حميما . يبصرونهم ) أي : لا يسأل القريب قريبه وهو يبصره ، ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره ، وهو كان أعز الناس عليه كان في الدنيا ، ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة ، قال الله تعالى : ( يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه . وصاحبته وبنيه . لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) .
وقال ابن مسعود : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد : ألا من كان له مظلمة فليجئ فليأخذ حقه : قال : فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيرا " انتهى كلامه رحمه الله بتصرف يسير.
وفي الحديث الصحيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لَيَدَعَنَّ رجالٌ فخرَهم بأقوامٍ , إنما هم فحمٌ من فحْمِ جهنمَ , أو لَيكونُنَّ أهونَ على اللهِ من الجِعْلَانِ التي تدفعُ بأنفْها النَّتِنَ ) . صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الجامع حديث رقم ( ١٧٨٧ ) من رواية الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه.
و عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه ؛ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَعِضُّوهُ بهن أبيه وَلَا تَكْنُوا ) ؛ رواه أحمد والنسائي رحمهما الله وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ( ٢٦٩ ).
قال الإمام ابن تيميه رحمه الله:
" يدل على جواز التصريح باسم العورة للحاجة ، والمصلحة ، وليس من الفحش المنهي عنه، كما في حديث أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه هن أبيه ولا تكنوا) رواه أحمد ، فسمع أبي بن كعب رجلاً يقول : يا فلان ، فقال : اعضض أير أبيك ، فقيل له في ذلك فقال : بهذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ". انتهى كلامه رحمه الله[منهاج السنة النبوية( ٨ / ٤٠٨ )]. "
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله : " ومعنى: ( تعزى بعزاء الجاهلية ) يعني افتخر بالحسب والنسب، لأن التعزية بمعنى: التقوية.
وقوله: ( أعضوه بهن أبيه ولا تكنوا ) يعني: ذكره، ذكر أبيه يعني قولوا له: عض ذكر أبيك، واضح؟
وإن شاء أن يقوله باسمه المعروف عند العوام.
وهذا مثل قول أبي بكر رضي الله عنه لرسول قريش في صلح الحديبية، قال له: " امصص بظر اللات " : البظر الفرج وهي كلمة تقبيح وتهجين " انتهى كلامه رحمه الله من سلسلة الباب المفتوح رقم ( ب ٢٣٣ ).
اقول كل ما سبق وردت في النهي عن التكلم على جهة الذم والقدح في أعراض عامة المسلمين فكيف بأعراض أهل العلم منهم ؛ روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: " لحوم العلماء مسمومة، من شمها مرض، ومن أكلها مات" .
ومما يؤثر عن الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى في رسالته المشهورة [ تبيين كذب المفتري ] قوله : " واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته – أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمر عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاف على من اختاره الله منهم لِنَعش العلم خلق ذميم ".
انتهى كلامه رحمه.
وعقوبات الله للمتكبر الذي يميل إلى تفضيل عنصره الترابي على غيره أنه يصرف عن علم الكتاب والسنة
قال الله تعالى وتقدس : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ }
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنَّةَ من في قلبه مثقالُ ذَرَّةٍ من كِبرٍ )
وفي رواية في صحيح الإمام مسلم رحمه الله من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:( لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ ).
و " التَّكبُّرُ والتَّعاظُمُ على النَّاسِ مِنَ الصِّفاتِ التي تَدُلُّ على فَسادِ القُلوبِ، ولذلك حَرَّمَ الشَّرعُ الكِبرَ على الخَلقِ؛ لأنَّه يَعني استِعظامَ الذَّاتِ، ورُؤيةَ قَدرِها فَوقَ قَدرِ الآخَرينَ، ولا يَنبَغي هذا إلَّا لله تَعالَى؛ فهو المُستَحِقُّ له، وكُلُّ مَن سِواه عَبيدٌ له سُبحانَه ".
كفانا الله وإياكم شر المتكبرين
وسلمنا الله وإياكم من احوالهم وصفاتهم ومآلهم ؛ قال الله تعالى وتقدس:{إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ }
هدى الله ضال المسلمين ورده إلى الحق والصواب ورزقه معرفه نفسه ومما خلقت و معرفة مآله ومرجعه .
ومما يجدر التنبيه عليه قيام ولاة أمرنا في دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية بسن لوائح وتعليمات بنيت على كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وتراعي المصلحة العامة الراجحة لمن تحت يدهم فالغت اي سلم جاهلي أو قانون عنصري يخالف الكتاب والسنة
ومنعت من أراد سوءا بدماء المسلمين أو اموالهم أو اعراضهم وعاقبتهم أشد العقوبة جزاء لهم وردع لأمثالهم لمن تسول له نفسه الاعتداء على الأنفس والاعراض والاموال.
واصدرت توجيهات سامية بمنع العنصرية الجاهلية بجميع صورها واشكالها فكلنا من المسلمين وفي دولة مسلمة واحدة مباركة و حاكم مسلم مبارك ؛ فجزى الله ولاة أمرنا خير الجزاء وبارك فيهم
ونصرهم على من أراد بهم وبشعبهم شرا .
رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
••••••••••••••••••
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.