السبت، 23 يوليو 2022

《 جهود ولاة الأمر في وأد فتنة : ١ : التفرق الاسري والتناحر القبلي . ٢ : الاختلاف المذهبي الفقهي . ٣ : تعدد الفرق المخالفة لدين الإسلام الصحيح . و النجاة من شر ماسبق هو التمسك بإدلة الكتاب والسنة وفق هدي سلفنا الصالح . 》




   بسم الله الرحمن الرحيم


  [[          المقدمة         ]]


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 


أما بعد 

ففي رسالتنا هذه تحدثنا بفضل الله ورحمته عن شرور الخلاف الاسري والقبلي .

ثم شرور الخلاف المذهبي الفقهي.ثم شرور خلاف الفرق الضالة في أصول الدين وكيف جرت معالجة كل هذه الامور المعقدة وإن علاجها يكمن في أتباع هدي السلف الصالح في فهمهم للكتاب العزيز والسنة النبوية ثم بيان فضل الله وحده لاشريك له ثم فضل ولاة الأمر في إنهاء هذه القضايا الاجتماعية و في رسالتنا هذه تجد حديثنا عن  :


[[  أولا :  شرور اختلاف الأسر والقبائل  وخطورة انتشار التعصب بينها وذلك بفخرها بالأحساب  والطعن في الأنساب كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف عالج الإمام الملك الراشد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله هذه القضية الشائكة  ]]


إختلاف مسميات القبائل واماكنها وانسابها أمر بدهي لا بد منه يقول الله تعالى وتقدس  : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

" ........ جعلهم شعوبًا وقبائل أي: قبائل صغارًا وكبارًا، وذلك لأجل أن يتعارفوا، فإنهم لو استقل كل واحد منهم بنفسه، لم يحصل بذلك، التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون، والتوارث، والقيام بحقوق الأقارب، ولكن الله جعلهم شعوبًا وقبائل، لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها، مما يتوقف على التعارف، ولحوق الأنساب، ولكن الكرم بالتقوى، فأكرمهم عند الله، أتقاهم، وهو أكثرهم طاعة وانكفافًا عن المعاصي، لا أكثرهم قرابة وقومًا، ولا أشرفهم نسبًا، ولكن الله تعالى عليم خبير، يعلم من يقوم منهم بتقوى الله، ظاهرًا وباطنًا، ممن يقوم بذلك، ظاهرًا لا باطنًا، فيجازي كلا، بما يستحق...."[ من كلام الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة ]

فالمطلع على التاريخ الحديث لبلادنا  قبل سنوات توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله وغفر له ثم ما يراه ويسمعه في مجالس كبار السن ؛ وذلك  أننا بفضل الله وحده لاشريك له ثم فضل ولاة أمرنا ؛ لم ندرك هذه الحروب الاهلية الطاحنة التي وقعت بين القبائل والأسر قديما  فقد حدث في القرون المتأخرة قبل قرن من الزمان الشر بين القبائل العربية فأستحلت دماء بعضها بعضا أما من أجل قضية ثأر جاهلي وهذا قليل أو لنهب الأموال وسرقة الماشية من ابل واغنام وابقار وهذا هو الكثير الغالب  ثم تراهم يفتخرون بإراقة دماء المسلمين فالفارس المشهور هو من كان سيفه مسلولا ملطخا بدماء المساكين والابرياء ووصل بهم الحال الى أنهم يأتون الرجل الذي يسكن في الصحراء لوحده فينبهون منه ماله وحلاله وإن جرى منه مقاومة استباحوا دمه .

واصبح القوي يأكل الضعيف وهذا شاهد قوي يدل على عدم سيطرة الدولة التركية العثمانية على معظم أجزاء بلاد المسلمين بل تحكم قبضتها على من ترى فيه الفائدة الاقتصادية و حكمهم يشوبه النقص بحيث يصبح هدفهم الاستيلاء على أموال تلك المدينة أو غيرها بلا إحكام لسيطرتها  اوانفاذا لسلطتها عليها بل تحاول أن تجعل الفتن والقلاقل هي السائدة في مدن الإسلام التي اقتربت منها أو جرى منها سيطرة جزئية عليها . حتى أتى حكم الإمام  الملك الراشد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله بعد توحيده لشبه القارة [ المملكة العربية السعودية ] فأنتشر الأمن والأمان في ربوعها وفي سائر ارجائها وجرى إيقاف وتأديب من كان يستحل دماء المسلمين وينتهب اموالهم واصبحت الأسر والقبائل في أمن وأمان ورغد عيش ورخاء واطمئنان وجمعت بينهم إخوة الدين فكانهم بفضل الله ورحمته أسرة واحدة فهم مجتمع واحد؛ فلله الحمد والمنة.



[[  ثانيا   :  بيان شرورالخلاف المذهبي في المعاملات والعبادات البعيد عن الفقه   ]]


لا شك ان العنصرية القبلية الجاهلية والمتمثلة في اباحة القتل والنهب في المجتمع المسلم القبلي أو غير القبلي وكذا فخرهم بأحسابهم وطعنهم في أنساب خصومهم  من  الفتن العظيمة التي جرت بين  المسلمين لكن في نظري المتواضع أن فتنة المذاهب الفقهية وتقسيم المجتمع المسلم إلى مذاهب فقهية بلا دليل شرعي يوجب ذلك  حتى تطاول بعض المذاهب على بعض ولم يقبلوا  الحق الذي مع الآخر مع إيضاح دليله بل وصل الأمر بين هذه المذاهب الفقهية إلى تحريم التزواج بينهم واستطال الأمر  بإستباحة دماء بعضها كما حصل  في إقليم اصفهان بين الشافعية والاحناف و أول ما حدث سنة ٣٩٣ هجرية بين الشافعية والحنفية في بغداد.

ثم حدثت فتنة اخرى في مدينة مرو ببلاد خُراسان بين الشافعية والحنفية بسبب تغيير احد كبار العلماء وهو الفقيه منصور بن محمد السمعاني المروزي مذهبه من حنفي إلى شافعي فدخلوا في قتال شديد، وعمّت الفتنة المنطقة كلها ؛ ثم حدث بين الحنابلة والشافعية ببغداد سنة ٥٧٣ هجري، وذلك أنه عندما تُوفي خطيب جامع المنصور محمد بن عبد الله الشافعي سنة ٥٧٣ هجري، فرأت الحنابلة منع دفنه في مقبرة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وذلك ان الفقيه الميت من الشافعية ؛ فحدثت فتنة بين اتباع المذهبين تدخل على إثرها الخليفة العباسي المقتفي رحمه الله وأوقف هذه الفتنة . ثم حدثت فتن عدة في أماكن مختلفة وأزمنة متفرقة بين جهلة اتباع المذاهب وعن نتائج شرور هذا التفرق يحدثنا الإمام الألباني رحمه الله مبينا خطورة التفرق المذهبي قائلا : 

" موجود النص في كتب الأحناف منها كتاب " البحر الرائق شرح كنز الدقائق " سؤال هل يجوز لحنفي أن يتزوج بالشافعية ؟ قال لا ، لماذا ؟ لأن الشافعية يشكون في إيمانهم ، وهذا بحث طويل في الحقيقة له علاقة بعلم الكلام ، الشافعي إذا قيل له هل أنت مؤمن ؟ بقول إن شاء الله ، الحنفي إذا قلت له نفس الكلام بقول أنا مؤمن حقا ، يلي يقول أنا مؤمن حقا يشك في إيمان يلي يقول أنا مؤمن إن شاء الله ، والسبب مختلفين في تعريف الإيمان ، هل يدخل في مسمى الإيمان العمل الصالح أم لا يدخل ، قيل وقيل ، فالأحناف يقولون الإيمان شيء والعمل الصالح شيء آخر ، الشوافع يقولون لا ، العمل الصالح من الإيمان ، وهذا بلاشك هو الصحيح الذي يدل عليه نصوص الكتاب والسنة ، بتفرع من هذا الخلاف يلي يعتقد أن الإيمان ليس له علاقة بالعمل الصالح ، لما بتسأله عما في قلبه وهو بعرف أنه مؤمن ولذلك يجزم أنه مؤمن حقا بس هذا بناء على تعريفه للإيمان يلي ما بدخل في مسماه العمل الصالح ، ذاك الثاني الشافعي وأنا معهم في هذه المسألة بقول أنا مؤمن إن شاء الله ، لماذا ؟ لأن مفهوم الإيمان عنده أوسع ، يدخل في الإيمان الأعمال الصالحة ، وهذا صريح القرآن : { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون } إلى آخر الآيات المعروفة ، فلما بقول المسلم الفاهم لعقيدته حقا أنا مؤمن حقا معناه أنه خاشع وهو عن اللغو معرض وهو كذا كذا ، من بقدر يشهد عن نفسه هذه الشهادة ؟ لا أحد ، لكن يلي بقول إن الإيمان هو التصديق فقط بالقلب والإقرار باللسان ، وين هذا ؟ بقول أنا مؤمن حقا بل بعضهم قال إيماني كإيمان جبريل عليه السلام ، من هذا الخلاف جاء الفتوى السابقة جواب لسؤال من سأل هل يجوز للحنفي أن يتزوج بالشافعية ؟ بقول لك لا ، لماذا ؟ لأنها الشافعية بتقول أنا مؤمن إن شاء الله ، فهي تشك بإيمانها ، وهي لا تشك بإيمانها بتشك في الإيمان بمفهوم العمل الصالح مش بالإيمان بمفهوم الحنفية ، وراح زمن يعمل الأحناف يمكن خمسين سنة ما يتزوج الحنفي بالشافعية إلى أن جاء رجل معروف عند الأحناف وله كتاب اليوم من التفاسير ، تفسير أبي السعود ، هذا أبو سعود من شهرته بالإفتاء سمي بمفتي الثقلين ، لأنهم بزعموا أن الجن كان يأتي إليه ويستفتوه فيفتيهم ، جاء دور هذا العالم الفاضل فسأل نفس السؤال السابق هل يجوز للحنفي أن يتزوج الشافعية ؟ شوفوا الجواب الأحسن أو الأسوأ هذا أم ذاك ، قال يجوز تنزيلا لها منزلة أهل الكتاب ، شو رأيكم ؟ هذا سببه هو التحزب المذهبي ، كل مين ماسك المذهب هذا هو دين الله ، لذلك بعض البلاد الإسلامية ما بتعرفوا على شيء اسمه غير المذهب الحنفي ومنها بلادنا نحن ، وتحت منها استنبول كلها تركيا ، ما بعرفوا فقط إلا مذهب أبي حنيفة لا عقيدة ولا فقها ، في المذاهب الأخرى في حاشية ابن عابدين " إذا سئلنا عن مذهبنا قلنا إن مذهبنا حق يحتمل الخطأ وإذا سئلنا عن مذهب غيرنا قلنا خطأ يحتمل الصواب ". انتهى كلامه رحمه الله[ من أشرطة سلسلة الهدى والنور ( ٠٧٣) بعنوان : ماحكم تقليد المذهب ؟ ]

ومن فضل الله علينا ورحمته أن هيأ الله عبده الملك الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بعد توحيد المملكة العربية السعودية فقام بإلغاء تعدد المذاهب في الحرمين الشريفين وأمر بمذهب واحد وهو مذهب أهل الحق والعلم القائم على كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم  وفق هدي السلف الصالح. 

فرحم الله هذا الملك واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة. 

ثم اخيرا وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين  صدر حديثا نظام الأحوال الشخصية ونظام العقوبات وفيهما نرى معالجة قضايا المجتمع بطريقة سليمة  مع الحرص على اتباع أصح المذاهب  والمتبع فيها الدليل من الكتاب والسنة فجزاهم الله خير الجزاء . وفي رأي المتواضع أن الاختلاف المذهبي الفقهي أشد حرمة من الاختلاف القبلي الجاهلي لأن خلاف المذاهب جرى بين علماء والخلاف القبلي جرى بين عوام جهلة لا يفقهون الكتاب والسنة..

مع أن هذا الخلاف وذاك كلاهما شر على المسلمين وداء وبلاء وفرقة .



[[ ثالثا  : شرور  الخلاف في أصول الدين واحداث البدع والعبادات والعقائد المخالفة لدين الاسلام  ]].


قبل  الخلاف القبلي والمذهبي الفقهي حدثت  فرق جديدة تحارب الإسلام بإسم الإسلام نتج عنها خلافات عقدية وعبادات مبتدعة لم يأمر به الله سبحانه وتعالى ولم يأمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم فظهرت الروافض والخوارج  والقدرية والجبرية والمعطلة الجهمية والمعتزلة في عصر القرون المفضلة وظهور

هذه الفرق الضالة والجماعات المنحرفة أخبر عنهالرسول صلى الله عليه وسلم بقوله عليه الصلاةوالسلام :

( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قالوا: من هي يا رسول الله ؟ قال : ( هي الجماعة ) وفي رواية أخرى تفسر الرواية الأولى وهي قوله عليه الصلاة والسلام : ( هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي ) "

[ صححه الألباني  رحمه الله  في صحيح الجامع وفي السلسلة الصحيحة حيث قال فيها: " أخرجه أبو داود ( ٢ / ٥٠٣ - ٥٠٤ ) ، و الدارمي ( ٢ / ٢٤١ ) و أحمد ( ٤ / ١٠٢ )

و كذا الحاكم ( ١  / ١٢٨ ) و الآجري في " الشريعة " ( ١٨  ) و ابن بطة في

" الإبانة " ( ٢ / ١٠٨ / ٢ ، ١١٩ / ١ ) و اللالكائي في " شرح السنة "( ١ / ٢٣ / ١ )

قال الحافظ في  تخريج الكشاف  صفحة (  ٦٣ ) : " و إسناده حسن " .

والحديث أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره ( ١ / ٣٩٠ ) من رواية أحمد ، و لم

يتكلم على سنده بشيء ، و لكنه أشار إلى تقويته بقوله :

" و قد ورد هذا الحديث من طرق " .

و لهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " المسائل " (  ٣ / ٨٣  ) ." هو حديث صحيح مشهور " . و صححه أيضا الشاطبي في " الاعتصام " ( ٣ / ٣٨ ) ].انتهى كلامه رحمه الله. 

وفي هذا العصر ظهر ما يعرف بجماعة التبليغ الصوفية وجماعة الإخوان الخوارج هكذا سماهم الإمام الألباني رحمه الله فقيض الله لهذه الفرق الضالة جهابذة العلماء  فبينوا فساد عقيدتهما وخروجهما عن جادة هدي السلف الصالح وفندوا شبهات رموزها ودعاة ضلالها 

وكان لولاة الامر في المملكة العربية السعودية جهودا جبارة في بيان فساد عقيدة هذه الفرق الضالة والجماعات المنحرفة والمليشيات العسكرية التي هي عبارة عن تنظيمات دموية تكفر المسلمين وتستبيح دماءهم وترى الخروج على ولاة الأمر فصدرت تعليمات كريمة وتوجيهات سامية بحظرها وايقاف دعاتها منعا لشرهم وتجفيفا لمنابع فكرهم المنحرف من أن يصل الى شباب الإسلام وعوامهم ثم حماية لعقيدة المسلمين المبنية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح من سوء فهم هؤلاء الضلال للعقيدة .


[[  كيف تحصل سلامة الفرد والمجتمع من التفرق والتشرذم والشذوذ والبعد عن المعتقدات العنصرية والفكر الجاهلي  والمذاهب الباطله والجماعات الضالة المنحرفة  ]]



يشاهد حقيقة وواقع أن الجهل بالدين 

:{ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } فصاحب الجهل بالكتاب والسنة يتقلب في خمسة من الظلم : كلامه ظلمة ، 

وعمله ظلمة ،

 ومدخله ظلمة ،

 ومخرجه ظلمة ،

 ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات ، .

والشر دركات بعضها اسفل من بعض  

فأخفها وهي شر عظيم العنصرية الجاهلية المجتمعية والمتمثلة في رؤية الكبر القبلي عند بعض أفراد القبائل تجاه بعضهم ولعل  سببه الجهل والبعد عن الفقه في الدين .

وأما أخطر وأعظم  المشاكل  الاجتماعية فتكمن في المشكلة الفكرية وهي الخلاف في الفهم في كيفية أتباع الحق بالإدلة في المسائل العملية والمعاملات وهي مسائل اجتهادية الخلاف فيها خلاف تنوع لا تضاد فبعض أصحاب المذاهب الفقهية جعلوه خلاف تضاد استحلوا فيه المحرمات وانتهكوا الحرمات .

وهؤلاء للأسف ينسبون إلى العلم وأهله فهنا أصبحت قضيتهم أعظم من أهل  الجاهلية القبلية .

 فهؤلاء اهل علم ؛ يقرأون الكتاب والسنة ويعملون فيها ؛ فكيف غاب عنهم هذا البلاء العظيم وهم يشاهدون مغبته ونتائجه السيئة على المجتمع المسلم. 

ثم أعظم من هؤلاء فتنة 

هو الخلاف في أصول الدين وتحريف الكلم عن مواضعه واحداث البدع المكفرة والاهواء المضلة والشرك بالله سبحانه وتعالى وعبادة القبور من دونه تعالى وتقدس إلى غير ذلك من طوام  ففتنة هؤلاء أعظم من فتنة العنصرية المجتمعية 

و اشر من الخلاف المذهبي البعيد عن الفقه والدين . 

وفي حديث الافتراق ونصه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قالوا: من هي يا رسول الله ؟ قال : ( هي الجماعة ) وفي رواية أخرى تفسر الرواية الأولى وهي قوله عليه الصلاة والسلام : ( هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي ) 

ف"إذا كان هذا الحديث يصرح بأن المسلمين سيفترقون إلى ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعين فرقة كلها في النار والفرقة الناجية هي فرقة واحدة، فحري حينئذ بكل مسلم أن يعرف نفسه من أي فرقة هو ؟ أهو من الفرقة الناجية وهي أوصافها بينة ظاهرة ؟ 

أم هو لا سمح الله من فرقة من تلك الفرق الكثيرة التي بلغ عددها في خبر النبي صلى الله عليه وسلم اثنتين وسبعين فرقة، وكل فرقة من هذه الفرق تدعي بأن لها صلة وثقى بالإسلام الذي أنزله الله على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، لكن الحق يقول لهؤلاء المدعين ، والدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء أو كما قال الآخر : " وكل يدعي وصلًا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك " .إذَاً ما هو السبيل وما هو الطريق ليكون المسلم على بينة من أمره على أنه من الفرقة الناجية أم هو من فرقة من تلك الفرق الضالة الزائغة ؟ لا سبيل إلى أن يعرف المسلم في هذا الزمان أنه من الفرقة الناجية إلا بأن يتمسك بحبل الله المتين الذي لا يتعدى القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي هي قرين القرآن الكريم ، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) فرسولنا صلوات الله وسلامه عليه تركنا على المحجة البيضاء النقية ليلها كنهارها لا يضل أو لا يزيغ عنها إلا هالك ، تركنا على الكتاب والسنة وتركنا على طريقة واحدة وليس على طرق متعددة، ولذلك يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم : { وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله }، وأن صراطي هذا مستقيمًا فاتبعوه ، صراطي أي سبيلي أي طريقي وهذا نص في القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أن الطرق الموصلة إلى الله تبارك وتعالى كلها باطلة إلا هذا الطريق الواحد وهو السبيل الذي جاءنا به نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، وأخبرنا ربنا عز وجل في كتابه بالآية السابقة : {وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل }أي الطرق {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}  . ومن رأفته عليه الصلاة والسلام بأمته وحرصه على تبيين الحقائق الشرعية التي جاء بها إليهم أنه صور لنا الطريق والسبيل الذي أمر الله عز وجل أن نسلك عليه والطرق المخالفة المباينة له ، صور الرسول عليه الصلاة ذات يوم ذلك لأصحابه على الأرض حيث خط لهم خطًا مستقيمًا ثم خط من حول الخط خطوطًا قصيرة ، يذكرني هذا ببعض النصب التي ترفع اليوم لإذاعة الشر في الغالب وهي الشاخصة التي يضعونها على الدور لالتقاط إذاعة التليفزيون ، فانتم تجدون كيف فيه خطوط هكذا متوازية ، الرسول عليه السلام صور لأصحابه الكرام الصراط المستقيم والطرق المخالفة له على الأرض حيث خط لهم خطًا مستقيمًا ومن حول هذا الخط المستقيم خطوط قصيرة، وتلا عليهم الآية الكريمة : { وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله }. ثم أوضح ذلك بقوله عليه السلام :  ( هذا صراط الله ) الخط المستقيم هو الصراط الذي قال الله عز وجل : { وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه }، ثم قال عليه السلام : ( وهذه طرق قصيرة وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعوا الناس إليه ) ، على رأس كل طريق من هذه الطرق القصيرة يدعوا السالكين على الطريق المستقيم على السبيل السوي يقول لهم : إلى أين تذهبون ؟ طريق طويل وطويل لا نهاية له ، إليّ إليّ ، هذا هو الطريق الموصل إلى الله ، فمن استجاب لهذا الشيطان فقد ضل عن الصراط المستقيم ، ( هذه طرق وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعوا الناس إليه ) ، الحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة و أدى الأمانة ونصح الأمة بكل ما جاء به صلى الله عليه وسلم ومن ذلك هذا الحديث الذي يوضح الآية السابقة : { وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } .

السبل اليوم وقبل اليوم كثيرة وكثيرة جدًا ، منها القديم ومنها الحديث، فلا منجاة للمسلم إلا بأن يعرف طريق الله ، الطريق الذي ذكره الله عز وجل في الآية السابقة ، ولا سبيل كما قلنا إلى معرفة ذلك إلى بالرجوع إلى الكتاب والسنة ، ولذلك فنحن دائمًا ندعو المسلمين جميعًا في كل أقطار الدنيا إلى أن ينجوا بأنفسهم من أن يقعوا في طريق من طرق الضلال الكثيرة ، وذلك بأن يتعرفوا على الطريق الحق الواحد الذي لا ثاني له وهو طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو الطريق الذي سلكه الأصحاب الكرام ، ثم تابعهم في ذلك الأئمة الأعلام ، كالأئمة الأربعة وغيرهم كلهم كانوا على هذا الطريق المستقيم ، وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر بذلك وحذر أن يتمسك المسلم بشيء لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بالحديث الصحيح الذي أخرجه أصحاب السنن وغيرهم من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : " وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا : يا رسول الله إنا لنراك توصينا وصية مودع فأوصنا ، قال : ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ) " فما العمل كأن قائلًا يقول : فما العمل يا رسول الله ؟ يأتيه الجواب بدون سؤال ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) وفي حديث آخر : ( وكل ضلالة في النار ) " انتهى كلامه رحمه[ سلسلة الهدى والنور  شريط رقم ( ١٨٥ )].


 

[[ الخاتمة : نسأل الله حسنها  ]]


في العلم في كلام الله سبحانه وتعالى وفي كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وفق هدي سلفنا الصالح نور من الظلم وشفاء لما في الصدر ونجاة من شر هذه الفرق الضالة والجماعات المنحرفة والتيارات الفاسدة والتوجهات الشاذة 

فالاختلاف والتفرق تحت أي فكر يخالف دين الإسلام فهو مذموم شرعا   .  والائتلاف والجماعة رحمة

يقول الله سبحانه وتعالى : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} .

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.  

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني  .