الأحد، 25 مايو 2025

( ذكر شىء من قصة نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتضح أمر يحتاج بعضهم الي معرفته في سبب انشاء الأهرامات في مصر فهو دلالة على عظيم فضل دين الإسلام لمن تمسك به و سعادة لهم في الدنيا والآخرة مع حكم تمني الموت بالأدلة )

 



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فيقول الله تعالى وتقدس :{ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } [الآية ٥٥ من سورة يوسف ] 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة :

" فقال يوسف ، عليه السلام : { اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم } مدح نفسه ، ويجوز للرجل ذلك إذا جهل أمره ، للحاجة . وذكر أنه { حفيظ } أي : خازن أمين ، { عليم } ذو علم وبصر بما يتولاه .

قال شيبة بن نعامة : حفيظ لما استودعتني ، عليم بسني الجدب . رواه ابن أبي حاتم .

وسأل العمل لعلمه بقدرته عليه ، ولما في ذلك من المصالح للناس وإنما سأل أن يجعل على خزائن الأرض ، وهي الأهرام التي يجمع فيها الغلات ، لما يستقبلونه من السنين التي أخبرهم بشأنها ، ليتصرف لهم على الوجه الأحوط والأصلح والأرشد ، فأجيب إلى ذلك رغبة فيه ، وتكرمة له " . انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ومن عجيب ما ذكره المؤرخون وبعض الباحثين في الآثار والتاريخ ان نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام هو من قام بوضع الاهرامات خزائن الأرض  وقت  السبع سنوات العجاف التي ورد ذكرها فى القران الكريم وهذا كله جرى بفضل الله سبحانه وتعالى ورحمته لعباده وهذا يبين  عظيم فضل دين الإسلام إذ في التمسك بشرائعه وشعائره واركانه وواجباته وسننه وترك مانهى الله عنه مصالح دنيوية عظيمة وفوائد جسيمة مع ما يناله المسلم الموحد السني، من منزلة كبيرة ودرجة عالية رفيعة في الآخرة فهو دين يجمع لصاحبه  سعادة الدنيا والآخرة

قال الله تعالى على لسان يوسف عليه الصلاة والسلام:{ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }

قال الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:" هذا دعاء من يوسف الصديق ، دعا به ربه عز وجل ، لما تمت النعمة عليه ، باجتماعه بأبويه وإخوته ، وما من الله به عليه من النبوة والملك ، سأل ربه عز وجل ، كما أتم نعمته عليه في الدنيا أن يستمر بها عليه في الآخرة ، وأن يتوفاه مسلما حين يتوفاه . قاله الضحاك ، وأن يلحقه بالصالحين ، وهم إخوانه من النبيين والمرسلين ، صلوات الله وسلامه [ عليه و ] عليهم أجمعين .

وهذا الدعاء يحتمل أن يوسف ، عليه السلام ، قاله عند احتضاره ، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة ، رضي الله عنها; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يرفع أصبعه عند الموت ، ويقول : ( اللهم في الرفيق الأعلى ، اللهم في الرفيق الأعلى ، اللهم في الرفيق الأعلى ).

ويحتمل أنه سأل الوفاة على الإسلام واللحاق بالصالحين إذا حان أجله ، وانقضى عمره; لا أنه سأل ذلك منجزا ، كما يقول الداعي لغيره : " أماتك الله على الإسلام " . ويقول الداعي : " اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين " .

ويحتمل أنه سأل ذلك منجزا ، وكان ذلك سائغا في ملتهم ، كما قال قتادة : قوله : { توفني مسلما وألحقني بالصالحين }لما جمع الله شمله وأقر عينه ، وهو يومئذ مغمور في الدنيا وملكها وغضارتها ، فاشتاق إلى الصالحين قبله ، وكان ابن عباس يقول : ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف ، عليه السلام .

وكذا ذكر ابن جرير والسدي عن ابن عباس : أنه أول نبي دعا بذلك . وهذا يحتمل أنه أول من سأل الوفاة على الإسلام . كما أن نوحا أول من قال : { رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا } [ نوح : ٢٨ ] ويحتمل أنه أول من سأل نجاز ذلك ، وهو ظاهر سياق قتادة ، ولكن هذا لا يجوز في شريعتنا .

قال الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنيا الموت فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) .[ ورواه البخاري ومسلم ، وعندهما : ( لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به إما محسنا فيزداد ، وإما مسيئا فلعله يستعتب ، ولكن ليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي )] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معان بن رفاعة ، حدثني علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : جلسنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ورققنا ، فبكى سعد بن أبي وقاص فأكثر البكاء ، فقال : يا ليتني مت! فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( يا سعد أعندي تتمنى الموت ؟ ).فردد ذلك [ ثلاث ] مرات ثم قال : ( يا سعد ، إن كنت خلقت للجنة ، فما طال عمرك ، أو حسن من عملك ، فهو خير لك )

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو يونس - هو سليم بن جبير - عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدعون به من قبل أن يأتيه ، إلا أن يكون قد وثق بعمله ، فإنه إذا مات أحدكم انقطع عنه عمله ، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا ) تفرد به أحمد .

وهذا فيما إذا كان الضر خاصا به ، أما إذا كان فتنة في الدين فيجوز سؤال الموت ، كما قال الله تعالى إخبارا عن السحرة لما أرادهم فرعون عن دينهم وتهددهم بالقتل قالوا : { ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين }[ الأعراف : ١٢٦ ] وقالت مريم لما أجاءها المخاض ، وهو الطلق ، إلى جذع النخلة { ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا } [ مريم :  ٢٣ ] لما تعلم من أن الناس يقذفونها بالفاحشة; لأنها لم تكن ذات زوج وقد حملت وولدت ، فيقول القائل أنى لها هذا ؟ ولهذا واجهوها أولا بأن قالوا : { يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا } [ مريم : ٢٧ -٢٨  ] فجعل الله لها من ذلك الحال فرجا ومخرجا ، وأنطق الصبي في المهد بأنه عبد الله ورسوله ، وكان آية عظيمة ومعجزة باهرة ، صلوات الله وسلامه عليه ، وفي حديث معاذ ، الذي رواه الإمام أحمد والترمذي ، في قصة المنام والدعاء الذي فيه : ( وإذا أردت بقوم فتنة ، فتوفني إليك غير مفتون  ) .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سلمة ، أنا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو ، عن عاصم ، عن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( اثنتان يكرههما ابن آدم الموت ، والموت خير للمؤمن [ من الفتنة ] . ويكره قلة المال ، وقلة المال أقل للحساب ) .

فعند حلول الفتن في الدين يجوز سؤال الموت ; ولهذا قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في آخر إمارته لما رأى أن الأمور لا تجتمع له ، ولا يزداد الأمر إلا شدة قال : اللهم ، خذني إليك ، فقد سئمتهم وسئموني .

وقال البخاري ، رحمه الله ، لما وقعت له تلك المحن وجرى له ما جرى مع أمير خراسان : اللهم توفني إليك .

وفي الحديث : ( إن الرجل ليمر بالقبر - أي في زمان الدجال - فيقول : يا ليتني مكانك ) لما يرى من الفتن والزلازل والبلابل والأمور الهائلة التي هي فتنة لكل مفتون " .انتهى كلامه رحمه اللهُ تعالى.

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى ووهب لنا ولكم خيري الدنيا والآخرة واتانا جميعا علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا ويسر لنا ولكم حسن الخاتمة ؛ والله  اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

••••••••••

كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني.