بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً
أما بعد
فمن أهم الثروات التي وهبها الله للعرب هو [ الإبل ] فتربيتها والإهتمام والعناية بها ورعايتها
ومن لها موضع مهم عندهم بل في سجل تاريخهم القديم نجد أنه من أجلها قامت أشهر حروب العصر الجاهلي.
من أجل ناقة واحدة فقد قامت حرب البسوس والحرب الأخرى حرب داحس والغبراء.
حروب استمرت سنين طويلة ذكر أهل السير ومن كتب في التاريخ الجاهلي أن كل واحدة منها استمرت أكثر من أربعين عاما .
و الإبل خلق عظيم من مخلوقات الله سبحانه ذكرها الله في القرآن الكريم حينما أرسلها الله آية بينة ومعجزة باهرة تدل على صدق رسالة نبيه الكريم صالح عليه الصلاة والسلام حينما أرسله الله الى ثمود فعقروا الناقة وكذبوا صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فجاءهم عذاب الله.
وخلق الإبل خلق عجيب أنزل الله آية تتلى الي يوم القيامة للتفكر في عظيم خلقها ؛ فقال الله تعالى وتقدس : { أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ }
فالعرب عرفوا بها
فذكرهم الله بهذه النعمة في لفت إنتباهم الي عظيم خلقها وهذا من توحيد الربوبية وهو توحيد الله سبحانه وتعالى بأفعاله كالرزق والإحياء والإماتة ومن أفعاله الخلق ومن مخلوقات الله التي خلق الله سبحانه وتعالى الإبل فذكرها في القرآن الكريم تنبيها على عظيم خلقها من أجل أن يذكر العرب فيتأملوا في ما خلق الله ويتفكروا فيرجعوا الي الله بالتوبة الصادقة السليمة من الشرك فيخلصوا لله ويوحدونه بجميع أفعالهم واقوالهم ونياتهم وهذا هو توحيد الألوهية وهو توحيد الله سبحانه وتعالى بأفعال العباد بأن يصرفوا العبادات كلها الظاهرة والباطنة والقولية الفعلية وان يوحدوا الله في قلوبهم وفي جميع تصرفات ف( لااله الا لله) سبحانه وتعالى.
وكفار قريش أقروا في توحيد الربوبية وإنما حصل الخلاف والشقاق والكفر بتوحيد الألوهية{ اجعل الالهة الها واحدا} فلم ينفعهم توحيد الربوبية مع إقرارهم به وانكارهم لتوحيد الألوهية.
فهذه الإبل التي جعلها الله للناس متاعًا يحملون عليها أثقالهم، ويأكلون من لحومها، ويشربون من ألبانها، ويوقدون من روثها،وينتفعون بجلودها، لهم فيها منافع عظيمة، لهم فيها منافع كثيرة { وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} كما قال جل وعلا: { وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }
فهي آية، وهي مخلوق عظيم فيه منافع كثيرة، الله يقول: { أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} فينظرون ما فيها من المنافع العظيمة، والعبر في خلقتها وفي منافعها.
وفي البحوث العلمية عند الإطلاع عليها نجد أنه قد " ثبت علميا ان ألبان الإبل غذاء ودواء؛ لأنه يحتوي على مواد مثبطه لنشاط البكتريا ويحتوي على نسبة كبيرة من الأجسام المناعية المقاومة للأمراض خاصة للأطفال المولودين حديثاً. ويحتوي لبن الإبل على كمية عالية من فيتامين سي مقارنة بأنواع الحليب الأخرى وهذه رحمة ربانية في تعويض أهل البادية عن نقص هذا الفيتامين لمن يقطن في المناطق الصحراوية حيث لا تتوفر الخضار والفاكهة.
ولألبان الإبل فوائد من ذلك :
انه دواء وشفاء من أمراض الربو والسكر وعلاج نزلات البرد والنزلات الشعبية، ولسرعة التئام الجروج، وفي قرحة المعدة ودواء للسرطان، وأمراض الكبد والتهاباته، لإحتوائه على تركيز عالي من فيتامين ج ولوجود الأملاح المعدنية المهمة لحيوية الجسم، فهو واق من كثير من أمراض الجهاز التنفسي ودهونه لا تشكل على جدران الأوعية الدموية، فالنسبة المنخفضة منه التي لا توجد لدى غير الإبل من بين الحيوانات الأخرى اللبونة لا تؤثر في الجسم ولا تؤدي إلى مشكلات صحية، كما أن تركيب الأحماض الأمينية في لبن الناقة يشبه تركيب هرمون الأنسولين مما يجعله ذا فائدة لمرض السكر، كما ثبت أنه بإضافته إلى بول الناقة بنسبة قليلة جدا من البول يصبح علاجاً فعالاً وناجحاً من أمراض متعددة من بينها أنواع من أمراض الكبد ومن ذلك تليّفها إلى تشمعها إلى التهاباتها الفيروسية ، وعلى كل حال فإن محتوى الحديد فيه يحوي عشرة أضعاف ما في غيره من ألبان، وينظر إليه كمقوّ جنسي ومنشط قوي مثير للشهوة، وما زالت البحوث على قدم وساق في شأن لبن الناقة ".
وهنا فائدة لغوية :
ففي لهجتنا أو لغتنا العامية نجد أن العامة في حديثهم يفرقون بين الحليب واللبن لغة ومعنى والصحيح عدم الفرق:
ففي مجمع اللغة العربية ذكروا ان :" الصَحِيح أنَ الحُلوَ لبن، هذا الاسمُ الأَصلِي له،ُ أمّا كَلِمةُ حليب فهِي فَرعِية جَاءت من الفعل الحَلب، فقِيلَ فِيهِ حليب فهُو فَعِيلٌ بمَعنَى مَفعُول وإلاّ الاسم المُستَقِلُّ الأصلي لبن :{ مِن بَيْنِ فَرثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّاربِينَ}" .انتهى.
وللفوائد المختلفة في هذه الثروة الحيوانية جاء اهتمام ولاة أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في الإبل
ومن أهمها :
إقامة اللقاءات لبيان أهميتها الإجتماعية حيث أنها تعتبر موروث له تاريخ عريق طيب.
ولما لها من أهمية اقتصادية ؛ فهي ثروة عظيمة ذات فوائد كبيرة ومنافع جسيمة فحرصوا على إشراك أهلها ومن له اهتمام فيها على المشاركة والتفاعل في التأكيد على بيان أهميتها وكيفية الإعتناء بهذه الثروة الحيوانية التي في مقدمتها الإبل فجاء التشجيع على التنافس الشريف وعلى البيع والشراء فيها.
ومن أهم الأهداف التعارف ومنع التفاخر العائلي أو القبلي الجاهلي الذي تؤكد عليه ديننا الحنيف ثم توجيهات سامية كريمة من قبل ولاة أمرنا.
فأسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يديم علينا وعليكم الأمن والأمان والاستقرار ورغد العيش والعفو والعافيه ويثبتنا الله وإياكم على دينه وان يحفظ لنا ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته ويكفيهم شر الأشرار وكيد الفجار وفسقة الجن والإنس والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
..........
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.