الثلاثاء، 30 أغسطس 2022

《 إيضاح كبار علماء الإسلام لمعنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراءَ وإن كان مُحقًّا ) 》



       بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

 أما بعد 

فيقول الرسول ﷺ: ( أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراءَ وإن كان مُحقًّا، وأنا زعيمٌ ببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذبَ وإن كان مازحًا، وأنا زعيمٌ ببيتٍ في أعلى الجنَّة لمن حَسُن خلقه) . رواه ابوداود رحمه الله في سننه وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود ( ٤٨٠٠ ) . 

فشد للانتباه ودفعا للاشتباه اذ قد يرى بعض الإخوة طلاب العلم ممن قل نصيبه في العلم على جواز  الاستدلال بهذا الحديث على ترك بيان الحق وتفنيد الشبه إبراء للذمة ونصحا للأمة ولئلا يتبع أهل الضلال في ضلالهم امتثالا لقوله تعالى :{ ولتستبين سبيل المجرمين } .

وقوله تعالى وتقدس:{ وجادلهم بالتي هي أحسن } 

ولم يعلم أن الرد على المخالف أصل من أصول السنة العظام 

و منزلة هذا الأصل رفيعة جليلة

ففيه نشر العلم ونصر الحق وكسر الباطل وازهاقه إن الباطل كان زهوقا وفيه تتبين دقة بحث المسائل العلمية ويتم جلاؤها وكشف خفائها وفيه العلم الجم ؛ وهو من الجهاد في سبيل الله بل أعظم الجهاد وافضله واكبره ولا يقوم به الا الخاصة من أهل العلم ، وهو من افضل صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .[ من فضل الله علينا ورحمته فلنا عدة رسائل في بيان أهمية الرد على المخالف من آخرها تأليفا رسالة لنا بعنوان [ أهمية الردود العلمية ]

وقد أحببنا عرض كلام كبار علماء الإسلام وأئمة السنة واعلام الهدى في شرحهم لهذا الحديث ؛ قال الإمام ابن باز رحمه الله:

" معناه أنه ينبغي له أن يترك الكذب ولو كان في المزح، ويبتعد عن الكذب حتى ولو كان في المزح، فالمؤمن لا يكذب: لا مازحًا، ولا جادًّا.

فهذا فيه الحثّ على حُسن الخلق، وأنه ينبغي للمؤمن أن يُجاهد نفسه في ذلك، ويحرص على طيب الخلق، يقول ﷺ : ( إنَّكم لن تسعوا الناسَ بأموالكم، ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه، وحُسن الخلق ) ، ولا سيَّما مع الأهل والأولاد والإخوان والجيران والجُلساء، وأمَّا مَن ظهر منه ما يُوجب الغلظة عليه فهذا شيءٌ آخر، قال تعالى: { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ }، فمَن ظلم واستحقَّ أن يُغلظ عليه فذاك له شأنٌ آخر ".انتهى كلامه رحمه الله [ من شرحه لكتاب رياض الصالحين  ] .و قال الإمام الألباني رحمه الله في شرحه لهذا الحديث :

" يعني واحد يجادل الآخر إما أن يكون الحق معه أو يكون الحق مع صاحبه ثم في أثناء الجدل طبيعة الإنسان يعني كما قال رب الأنام : { وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً } ؛ فهو ينتصر لنفسه ويعرف أنه يجادل بالباطل ثم يتذكر هذا الحديث فيقطع الجدال فهذا حينما يعلم أنه يجادل بالباطل فيقطع الجدال بالباطل يبنى له بيت في ربض الجنة أما الآخر أي يجادل والحق معه لكن يجادل ويجادل ويرى أن هذا الجدل مع ذلك المبطل لا يؤتي ثمرة الجدال الثمرة المرجوة من مثل قوله تعالى :{ وجادلهم بالتي هي أحسن }  فيبدو له أن هذه المجادلة لا تفيد ولا تحقق الغاية من المجادلة بالتي هي أحسن فيقطع المجادلة والحق معه فهذا يكون جزاؤه عند الله عز وجل أن يبنى له بيت في أعلى الجنة " انتهى كلامه رحمه الله [ فتاوى عبر الهاتف والسيارة ( ١٦٩ )] .

لعل في إيضاح هؤلاء الأئمة كفاية لمن أراد الحق .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني.