الثلاثاء، 16 أغسطس 2022

《 بعض ما ورد من أدلة الكتاب والسنة على تحريم دم الذمي والمعاهد والمستأمن 》


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين،

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين،

أما بعد،

فقد انتشر في وسائل الإعلام المختلفة صور أعمال آثمة فيها عدوان سافر اما على كنائس أهل الذمة[ النصارى ] أو تعمد قتلهم واستحلال دمائهم مع انهم في ظل حكم ولي أمر مسلم وفي ذمته وعهده فخفروا ذمته وذمة المسلمين يسعى فيها أدناهم كما ثبت ذلك في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بسلطانهم وحاكمهم ؟

واتماما للفائدة نذكر معنى هذه المصطلحات الفقهية والفرق بينها  فمعنى :


١ / الذمي : 

هو من له عهد مع المسلمين على ان يقيم في بلاد الإسلام .

٢/ المعاهد :

هو من له عهد مع المسلمين أن لا يحارب المسلمين ولا يحاربونه  وإن كان مقيما في بلاده .  

٣/ المستأمن  :

ما كان خلاف ماسبق فهو من دخل بلاد المسلمين مؤقتا بعهد وميثاق لأي أمر من أمور الدين كالاطلاع على تعاليم الإسلام وسماحته أو لأمر من امور الدنيا 

كالتجارة مثلا يقول تعالى وتقدس  : { وإن احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله } 

 وأهل الذمة عاشوا مئات السنين في ظل حكم الإسلام في اي بلد من بلاد المسلمين ولم يكن ثمت اعتداء أو غدر أو اغتيال لعلم المسلمين  بتعاليم الشرع الحنيف و التي تحث على احترام دماء أهل الذمة والمعاهدين والمستامنين .

وبهذا استفاض الخبر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، ما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى  ومنه قوله تعالى: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون}

وقوله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}

وقوله تعالى: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}

وقوله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً}

قال تعالى في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ : {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}.

فإذا كان الكافر الذي له أمانٌ إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة، فكيف إذا قتل عمداً فإن الجرم يكون أعظم، والإثم يكون أكبر.

وكل آية جاءت بتحريم قتل النفس بغير حق فيدخل فيها قاتل الذمي والمعاهد والمستأمن بغير حق مثل قوله تعالى: {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}،

وقوله الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه النفيس السياسة الشرعية :

“ وأمَّا من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنِّساء والصِّبيان، والراهب والشيخ الكبير، والأعمى والزَّمِن ونحوهم فلا يُقتل عند جمهور العلماء إلاَّ أن يُقاتِل بقوله أو فِعْله لأنَّ القتال هو لِمَن يقاتلنا إذا أردنا إظهارَ دِين الله؛ كما قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. انتهى كلامه رحمه الله .

وأما من السنة فقد قال الإمام البخاري في صحيحه :

“باب إثم من قتل ذمياً بغير جرم: حدثنا قيس بن حفص حدثنا عبد الواحد حدثنا الحسن حدثنا مجاهد عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً)،

ومن ذلك ما جاء في الصَّحيحَين عن نافع: أنَّ عبدالله رضي الله عنه  أخبرَه: أنَّ امرأةً وُجدت في بعض مغازي النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- مقتولة، ( فأنكر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قتْلَ النِّساء والصِّبيان ).

وفي صحيح الإمام مسلم رحمه الله قال :

“باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها:

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح عن سفيان ح وحدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان قال أملاه علينا إملاء ح وحدثني عبد الله بن هاشم واللفظ له حدثني عبد الرحمن يعني ابن مهدي حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاهُ في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا. قال عبد الرحمن هذا أو نحوه وزاد إسحق في آخر حديثه عن يحيى بن آدم قال فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حيان قال يحيى يعني أن علقمة يقوله لابن حيان فقال حدثني مسلم بن هيصم عن النعمان بن مقرن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوه وحدثني حجاج بن الشاعر حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا شعبة حدثني علقمة بن مرثد أن سليمان بن بريدة حدثه عن أبيه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث أميرا أو سرية دعاه فأوصاه وساق الحديث بمعنى حديث سفيان حدثنا إبراهيم حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء عن الحسين بن الوليد عن شعبة بهذا

ومن وصايا أبي بكر رضي الله عنه -واستفاض عنه هذا الأثر- لأمراء الجُند:

“لا تقتلوا امرأةً، ولا صبيًّا، ولا كبيرًا هَرمًا، ولا تقطعوا شجَرًا مُثمرًا، ولا تُخرِّبُنَّ عامرًا، ولا تَعقرنَّ شاةً ولا بعيرًا إلاَّ لمأكلة، ولا تُغرقُنَّ نخلًا ولا تحرقنَّه، ولا تغلل، ولا تجبُن.”

ومن وصايا الخليفة الراشد ابي بكر الصديق -رضي الله عنه- لأمراء أجناده في حرمة قتل الرهبان غير المقاتلين: “وستجد أقواما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله، فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له؛ ‏فإن كانوا مع الكفار -أي شاركوا في قتل وقتال المسلمين

في الكنائس قتلوا‏.”

وهذا في حق من أعلن الحرب على المسلمين فكيف بمن استباح دماء الأبرياء المعصومة شرعا .

وأجمع المسلمون على تحريم القتل بغير حق‏ والأصل في التحريم الكتاب والسنة وما عليه اجماع علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد مر معنا  وصايا الخلفاء الراشدين المهديين رضوان الله عليهم؛

فهذه الأدلة توضح أمور منها :

أولا :

الإجماع على تحريم قتل أهل الذمة والمعاهدين من أطفال ونساء ورهبان في صوامعهم فكيف إذا اجتمع معهم مسلمون فالتحريم أشد والإثم أكبر.

ثانيا :

رأيت من الجهلة من استغل هذه المناسبة المحرمة شرعا في النيل من الإسلام وأهله ومن هذه حاله كحال المجرم الذي قام بتفجير نفسه في الكنيسة بل قد يكون حاله أعظم فخطأ الجماعات الضالة التي تنسب نفسها للإسلام لا تحسب على دين الإسلام ولا تعلق اخطاءهم بالإسلام وأهله؛

فالإسلام واهله بريئون من هذا المجرم الذي غدر وخان بجيران المسلمين  لأن الإسلام يُحرّم ويجرّم بل ويوجب العقوبة على من فعل هذه الفعلة الشنيعة؛ فكيف ينسب إليه ماهو برئ منه ؟

ثالثا :

هذا الفعل يدل على أن للرافضة المجوس الايرانية  ومطاياهم الذين جندوا من قبلهم وأعني التنظيمات العسكرية والمليشيات الدموية  الاخوانية الخوارج  وما تفرّع منها من سفاكي دماء المسلمين ومُستحليه مثل داعش والقاعدة .. فالتهمة موجهة إليهم.

كفى الله المسلمين شرهم..

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

--------------------------------

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني