بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد
فقد وردني طلب مزيد إيضاح من أحد طلاب العلم في بيان معنى عبارة وردت في حديث شريف ونصه :
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى على جنازة ، يقول : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ ) . رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم( ٩٦٣) .
فما معنى : ( وابدله .....زوجا خيرا من زوجه ) .
والجواب في إيضاح هذه العبارة نقول وبالله التوفيق وعليه التكلان :
أن أهل العلم لهم إيضاح في بيان هذه العبارة
فقيل :
يقال هذا الدعاء اذا كان الميت رجلا ؛ وأما اذا كان أمرأة فلا تقال هذه الجملة .
والقول الآخر:
أنه يقال في حق الزوجة كما يقال في حق الزوج لعموم الحديث وعدم تفريقه ؛ ولعل المراد بالإبدال هنا : ابدال الصفات وتغييرها إلى أحسن الأخلاق واطيبها وليس المراد تبديل الذوات .
قال الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع ( ٥ / ٣٢٧ ) : " قوله : ( وزوجا خيرا من زوجه ) أي : سواء كان المصلى عليه رجلا أم امرأة .
وهناك إشكال ؛ لأنه إن كان المصلى عليه رجلا ، وقلنا : ( أبدله زوجا خيرا من زوجه ) ، فهذا يقتضي أن الحور خير من نساء الدنيا ، وإن كان امرأة ، فإننا نسأل الله أن يفرق بينها وبين زوجها ، ويبدلها خيرا منه .
فهذان إشكالان ؟
أما الجواب عن الأول :
( أبدله زوجا خيرا من زوجه ) ، فليس فيه دلالة صريحة على أن الحور خير من نساء الدنيا ؛ لأنه قد يكون المراد خيرا من زوجه في الأخلاق ، لا في الخيرية عند الله عز وجل .
وبهذا الجواب يتضح الجواب عن الإشكال الثاني ، فنقول : إن خيرية الزوج هنا ليست خيرية في العين ، بل خيرية في الوصف ، وهذا يتضمن أن يجمع الله بينهما في الجنة ؛ لأن أهل الجنة ينزع الله ما في صدورهم من غل ، ويبقون على أصفى ما يكون ، والتبديل كما يكون بالعين يكون بالصفة ، ومنه قوله تعالى : { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات}. فالأرض هي الأرض بعينها ، لكنها اختلفت ، وكذلك السموات " .انتهى كلامه رحمه.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
........................................
كتبه: غازي بن عوض العرماني.