الأحد، 21 نوفمبر 2021

《 وصية إلى الإخوة طلاب العلم في بذل الجهد في طلب العلم وعلى فقه المسائل العلمية المختلف فيها ومعرفة كيفية التعامل مع المخطئ من أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح والمخطئ من أهل الأهواء والبدع والفرق والجماعات المنحرفة في ضوء الاطلاع على سيرة وأقوال أئمة السلف الصالح 》


    بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد

فالمطلع على أحوال وسيرة  شيوخ الإسلام وأئمة السنة وكبار علماء السلف يجد الصدق  و العدل والرحمة والانصاف والادب وحسن الخلق والصواب والإخلاص لله رب العالمين  سبحانه وتعالى  وذلك في طريقة تعاملهم مع جميع البشر .

سواء مع المسلم او مع الكافر أو مع السني السلفي أو المبتدع الخلفي فلا ظلم ولا جور ولا حيف ولا كذب بل هو الحق المبين المبني على كلام رب العالمين سبحانه وتعالى وكلام أشرف الأنبياء والمرسلين وهدي السلف الصالحين .

فلا تثريب فقد أتت اوصافهم 

في كتاب الله عز وجل فهاك بعضها وليست كلها ؛ يقول الله سبحانه وتعالى :{ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}{التّائِبونَ العابِدونَ الحامِدونَ السّائِحونَ الرّاكِعونَ السّاجِدونَ الآمِرونَ بِالمَعروفِ وَالنّاهونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحافِظونَ لِحُدودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ}.

وهم يعلمون ويعملون بقوله تعالى :{  إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى }وقوله تعالى وتقدس:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى }  { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}

وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي:( يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا فلا تظالموا ) رواه مسلم.

 وفي صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما  قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إلى اليَمَنِ: ( إنَّكَ سَتَأْتي قَوْمًا أهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إلى أنْ يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فَإِيَّاكَ وكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ، واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإنَّه ليسَ بيْنَهُ وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ).

وسبب كتابة هذه الرسالة حث اخواني طلاب العلم على اغتنام اوقاتهم في طلب العلم والبعد عن توافه الأمور وسقطها ؛  وذلك حينما تقرأ وتشاهد سيرة مشايخ الإسلام الكبار امثال إبن تيميه وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب و الالباني و الجامي وربيع ومقبل - رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ونفعنا الله واياكم بعلم الجميع - يجد  العدل والرحمة والصدق والحق مؤيدا بالادلة النقلية والحجج العقلية في كيفية حكمهم على الرجال ؟.

أو في كيفية التعامل مع المسائل العلمية المختلف فيها بينهم ؟.

ثم مرة أخرى تجدالحكمة والحلم والفقه .

والصبرُ واليقينُ وخشية الله عز وجلَّ مع الرسوخ في العلم وذلك  باتباع ميراث النبوة

فهم ربانيون في مصادر علمهم وفي تربيتهم للناس  وفي تعاملهم وفي دفاعهم المستميت عن هذا الدين فينطبق عليهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :( يحمل هَذَا الْعلمَ منْ كُلِّ خلفٍ عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالينَ ، وانتحال المبطلينَ وَتَأْويل الْجَاهِلين ) [ رواه جمع من الصحابة رضي الله عنهم صححه الإمام أحمد رحمه الله] 

  ولهم شرف ورفعة فهم اخذوا من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عنه  : { لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }

قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية رَحِمَهُ اللهُ :" وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ ؛ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ فَلَا يَبْتَدِعُونَ"[ مجموع الفتاوى ( ١٦ / ٩٦ )].

فهم رحمة للخلق ومنارات بيان وهدى للحق يقول الله سبحانه وتعالى  عنهم : { وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ }

ومن مهامهم الجليلة وأعمالهم الشريفة تصفيةُ العلمِ الشرعي عن تلبيس أهل الضلال والانحراف وتنزيه الشريعة عن الأقوال والبدع الشنيعة فهم يتبعون ولا يبتدعون 

يمشون على بصيرة وهدى   

يقول الله سبحانه وتعالى : {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}

فهم أهل عقيدة صافية وأهل توحيد ونبذ للشرك والبدع والاهواء وهم أهل الفقه و الاستنباط فعلى طالب العلم الرجوع إليهم في تعلمه وتعليمه ودعوته يقول الله سبحانه وتعالى:{ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضِيَ الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : ( مَا مِنْ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ) رواه مسلم رحمه الله .

وعن أَبي هريرةَ رضي الله عنه  قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه ﷺ : ( كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ، قالوا: يَا رسول اللَّه، فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلُوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم ) متفقٌ عليه.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله : " فإنَّ هذه الأمة أكمل الأمم ، وخير أمة أخرجت للناس ، ونبيها خاتم النبيين لا نبي بعده ، فجعل الله العلماء فيها كُلَّما هَلكَ عالم خَلَفه عالم ؛ لئلا تُطمسَ معالم الدين وتَخفى أعلامه .

وكان بنو إسرائيل كلما هلك نبي خلفه نبي ، فكانت تسوسهم الأنبياء ، والعلماء لهذه الأمة كالأنبياء في بني إسرائيل"[ مفتاح دار السعادة ( ١ / ٤٥١)].

فحياة هؤلاء الأئمة: علم و تعليم وعمل  وافتاء وعدم ملل أو كلل في طلب العلم او في الدعوة إلى الله على بصيرة نافذة ويقين خال من الشك والشرك 

وهم مع هذه الخصال الحميده والصفات الطيبه المجيده يوجدون العذر لمن زل من أهل العلم وخاصة إذا عرف عنه أن علمه وعمله ودعوته مصدرها السنة  وان جهاده ودفاعه عن السنة وأهلها .

وانظر وصف الإمامين الجليلين الألباني والجامي للنووي وابن حجر بالامامه مع علمهم بهفواتهم في توحيد الأسماء والصفات وذلك ان مصادر الاستدلال عند جميع  هؤلاء الأئمة هي الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح مع ملاحظة أن المنتقد لهم بحق رأى قصورا في فهم أو خطأ في معنى عبارة أو تأويل محدث خالفوا فيه الشرع وفهم السلف ومدلول لغة العرب  .

وأنهم قد اجتهدوا وسعوا إلى معرفة الحق بالدليل لكن خالفهم ولم يحالفهم الصواب فأخطأوا فحينئذ لا يقال لهم مبتدعة والحال ماذكر .

وأما كيفية تعامل هؤلاء الأئمة مع أهل البدع والأهواء ورموز الفكر الضال مثل جماعة الإخوان فهم مع بيان اخطائهم وتضليل لهم  يقولون عنهم  : هؤلاء مجال دعوتنا .

أي نسعى وفق أصول السنة وقواعد أهل العلم السني وضوابط الشرع إلى دعوتهم إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح. 

ثم ننظر إلى  هؤلاء الأئمة من جهة أخرى وهي في طريقة تعاملهم مع بعضهم البعض 

ولنضرب أمثلة من الواقع على حسن تعاملهم المبني على حسن معتقدهم ف "لقد انتقد الشيخُ حمود التويجري الشيخَ ابن عثيمين في عبارة مجملةٍ تحتمل حقاً وباطلاً صدرت من ابن عثيمين ألا وهي قوله :[ إن الله معنا بذاته ]ثم بين ما قصده ونفى الاحتمال الباطل، ومع ذلك انتقده التويجري وأيَّده الشيخ ابن باز وأثنى عليه خيراً، فما كان من ابن عثيمين إلا أن ينصر التويجري على نفسه بسماحة نفسٍ وصدقٍ وجدّ، ولم يقل أحد منهم :" يحمل مجمل ابن عثيمين على مفصله" ، ولا فكَّر هو في هذا، ولم يقل أحدٌ منهم ذلك مع إمامة ابن عثيمين وجلالة قدره ورسوخ قدمه في العلم وإمامته في السلفية""هؤلاء الرجال الأقوياء وهم القمم العماليق، وإن في مواقفهم هذه لعبرة عظيمة للعقلاء النبلاء، وإن لها دلالات على تقوى وورع وصدق وإخلاص هؤلاء الرجال ولا سيما ابن عثيمين رحمه الله.

فلا مداهنة ولا مجاملة من ابن باز والتويجري ، ولا مراوغة ولا ضجيج ولا مجمل ولا مفصل ولا صخب من ابن عثيمين لأن الجميع يريدون وجه الله تعالى ويحترمون الحق وينصرونه ولو على النفس .

ولقد حققوا قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين}.

وإن هذا لشرفاً كبيراً للسلفية والسلفيين الصادقين.

اللهم اغفر لهم وارفع درجاتهم في عليين " ، من مقال للإمام ربيع المدخلي حفظه الله بعنوان [ إبطال مزاعم أبي الحسن حول المجمل والمفصل ] .

وهنا مثال آخر   جرى بين كل من الأئمة :" الألباني وابن باز والعثيمين" رحمهم الله في مسألة وضع اليد بعد الركوع

فالامام الألباني رحمه الله يقول :

" وضع اليدين بعد الركوع في القيام القصير هذا لم يرد حديث صحيح صريح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه وضع اليمنى على اليسرى بعد أن رفع رأسه من الركوع ، ولذلك فهذا القول لا يُعرف ، أو بالأحرى لا يثبت عن أحد من السلف الصالح ولا التابعين ولا أتباعهم ، وفيهم الأئمة الأربعة المجتهدون ، لا يُعرف عنهم رواية ثابتة ومُتداولة في كتب أتباعهم الذين يروُون عنهم أقوالهم وفتاويهم أن أحدًا منهم قال بأن وضع اليدين بعد الركوع سُنَّة ، كما هو الشأن في وضعهما قبل الركوع ، ليس هناك أيُّ حديث ، ولو جاء الحديث صحيحًا وصريحًا لَسارعنا إليه ؛ لأن الأئمة كلهم أجمعوا على قولهم : [ إذا صح الحديث ؛ فهو مذهبي ]"

والصواب ان:

"نحمل مطلق القيام في حديث وائل : " كان إذا قام " على القيام المقيد في حديث مسلم ، وبذلك يتبيَّن أن الذي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو الوضع في القيام الأول ، وهذا هو السبب أنَّه لا نجد في بطون علماء المسلمين قاطبة من الأئمة الأربعة وغيرهم رواية ثابتة عن أحدهم ؛ أن من السنة وضع اليمنى على اليسرى في القيام الثاني .[ فتاوى الكويت : الشريط السابع ] .

اقول : وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ من الحنفيَّةِ، والمالكيَّةِ ، والشَّافعيَّة، وقولٌ عند الحَنابِلَة.وهو إختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال رحمه الله  : " ولا يستحب ذلك وضع اليدين في قيام الاعتدال عن الركوع؛ لأن السنة لم ترد به، ولأن زمنه يسير يحتاج فيه إلى التهيؤ للسجود ". [شرح العمدة (٢ / ٦٦٢)]

والقول الآخر في المسألة : 

وهو وضع اليمنى على اليسرى بعد الرفع من الركوع إختيار الامامين الجليلين ابن باز والعثيمين رحمهما الله

ومع قوة أدلة الإمام الألباني رحمه الله ؛ انظروا إلى فقهه السني السلفي في كيفية التعامل مع علماء السنة العالمين العاملين بها الداعين إليها أمثال  ابن باز والعثيمين رحمهما الله حيث قال الإمام الالباني رحمه الله :"أنا مثلاً إذا صليت وراء مثلاً ابن باز أقبض لكن إذا صليت وراء هؤلاء الناس الذين لا فقه عندهم ولا مذهب لديهم فألتزم السنة وقولي هذا بوجوب إتباع الإمام يعرفه إخواننا الملازمون لنا، أن هذا القول ليس على إطلاقه عندي، وأنا أقول مثلاً يجب متابعة الإمام الحنفي مثلاً حينما لا يرفع يديه لأنه يقلد إماما مسَلَّم بإمامته لدى جماهير المسلمين منذ أن كان إلى هذا الزمان لكننا إذا ما تيسر لنا بيان السنّة لهذا الإمام وتبيّن لنا أننا قد أقمنا الحجة عليه ثم أصر على إيثار التقليد على السنّة فلا متابعة منا له. وكذلك نقول بعض الشافعية مثلاً يصلون ولا يرفعون أيديهم فنحن نخالف هذا الإمام لأن مناط المتابعة في فهمي للموضوع، أنني لو صليت وراء أبي حنيفة فأنا أقدر رأيه واجتهاده فأفعل فعله وكذلك أقدر من يتبعه لأنه يتبع إمام أما من خالف إمامه كسلاً، جهلاً مسايرة للناس كما هو في المثال الثاني. شافعي المذهب لا يرفع يده فأنا أرفع يدي لماذا؟ لأنه يخالف السنّة أولاً ويخالف إمامه ثانياً، والمسألة بالنسبة للإمام الحنفي على العكس من ذلك فأنا إذا اقتديت بإمام لا أعرفه ولا مناقشة بيني وبينه وأجده لا يرفع يديه بناء على مذهبه أي على إتباعه لإمامه فلا فرق عندي حينئذ صليت وراء الإمام أو تلميذ الإمام مباشرة أو إلى آخر تلميذ هو اليوم على ذاك المذهب، الشاهد من هذا التفصيل هو أننا لا نقول بإطلاق بوجوب متابعة الإمام وإنما فيها تفصيل فإذا اقتديت وراء إمام له رأيه له اجتهاده فأنا حينئذ أعمل القاعدة، أما إذا اقتديت بإنسان وجدته فيما عندي من فهم للقاعدة أنه قد خرج عنها فأنا أظل متابعاً للسنة ولا أتابعه هو على خطأه. لعل في هذا التفصيل تقييداً لذلك الإطلاق الذي على أساسه ورد الإشكال ".[ من شريط سلسلة الهدى والنور رقم(  ٣٨٢)].

 لذا انبه الاخوة طلاب العلم الى أهمية الفقه في الدين وإلى أهمية معرفة كيفية فقه الخلاف في المسائل العلمية ووجوب التفريق في التعامل مع أهل السنة الذين علموا وعملوا ودعوا إلي الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح ونافحوا ودافعوا عنها  وصبروا عليها ثم أخطأ في مسألة أو أخرى اجتهادا رغم محاولتهم بذل الجهد في معرفة الحق بدليله ومع  من كانت البدعة معظمة عنده مدافع عنها وعن أهلها وكان في سلوكه ومذهبه ومنهجه معوجا لا يرى أثر  الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة عليه إلا ما وافق هواه وبدعته فهنا يتبين الفرق  بين هذا وذاك .


ياطلاب العلم :

ابتعدوا عن تفريق أمة محمد صلى الله عليه وسلم بلا دليل ولا بينة واحذروا من تقسيم هذه الأمة تقسيما جاهليا 

خال من الادلة  ؛ ولا يعني كلامي هذا إنكار افتراق الأمة إلى فرق واحزاب وجماعات فهذا حاصل كونا وقدرا وله ادلته المثبتة له شرعا ودينا من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم  وعليه إجماع المسلمين وما حديث الافتراق عنا ببعيد وإنما أردت  تفريق الأمة تفريقا ليس له ما يبرره من أدلة الشرع ثم احرصوا - بارك الله فيكم  - على التمسك بالوحيين - كتابا وسنة-  بفهم سلفنا الصالح فثم النجاة والفلاح والصلاح والعزة والنصر والتمكين .

 وانظروا سيرة الأئمة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ؛ عامة رجال الحديث مثل الإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم مثل   ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب و الالباني وابن باز والعثيمين والنجمي والوادعي والجامي وربيع وعبيد رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ونفعنا الله واياكم بعلم الجميع  كيف ساروا بدعوتهم ؟

وكيف تعاملوا مع غيرهم؟

 واقتدوا ياطلاب العلم بكبار علماء الإسلام في كيفية معرفتهم للمسائل بإدلتها .

وفي كيفية تعاملهم مع بعضهم البعض تعاملا يشوبه العلم والحلم والحكمة والسكينة والاطمئنان والعدل والصدق والانصاف بعيدا عن الكذب والبهتان والافتراء والظلم.

ياطلاب العلم:

عليكم بالتؤدة والسكينة ف"لا تكونوا عُجُلاً مذاييع بُذُرًا، فإن من ورائكم بلاءً مبرِّحًا مُمْلِحًا – وفي بعض الطرق: مُكْلِحًا - وأمورًا متماحِلةً رُدُحًا"[ من كلام  الخليفة الراشد علي بن ابي طالب رضي الله عنه رواه البخاري رحمه الله في الأدب المفرد( ١ / ١٦٩ ) وصححه الإمام الالباني رحمه الله ] .ومعنى الأثر واضحا لطالب العلم. 

وابتعدوا  :

عن النَفَسِ الحدادية في تعاملكم مع إخوانكم[ نسبة إلى محمود حداد يرى تبديع علماء السنة ورميهم بالفواقر وتعتبر فرقته هذه الجناح الفكري للتنظيم الدموي المعروف بداعش ] .

واحرصوا على تعلم العلم وخاصة علم العقيدة وعلم التوحيد والسنة ومعرفة مسائل أصول الدين دقها وجلها .

واشتغلوا في الفقه وفنونه تعلما وتعليما ودعوة وقراءة كتب ورسائل كبار علماء السنة والاستماع إلى صوتيات أئمة السلف الصالح أمثال ما ذكرنا بعاليه .

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح ورزقنا الله وإياكم حسن الخاتمة .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .


▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎


كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني.