بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:
فقد جعل الله - رحمة منه وفضلا - الأمن والأمان سببا مهما في استقرار البشرية والتفاتها الي ما يصلح دينها ودنياها ؛ فطلب العلم النافع والدعوة الي الله وتعليم الناس الخير يتم بفضل الله تعالى ورحمته ثم بفضل الأمن والأمان ومن أطلع على السيرة النبوية لرسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم يجد ان في عام مولده حدثت حادثة تاريخية عظيمة وهي حماية الله تبارك وتعالى لبيته الحرام من ابرهة الحبشي وجيشه وانزال الله رجزه وغضبه وعقابه عليهم واخبار الله بذلك في سورة تتلى الي يوم القيامة وهي سورة الفيل قال الله تعالى وتقدس أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم :{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (٥)}.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في مقدمة تفسيره لهذه السورة المباركة :".. هي مكية .
هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش ، فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل ، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود ، فأبادهم الله ، وأرغم آنافهم ، وخيب سعيهم ، وأضل عملهم ، وردهم بشر خيبة . وكانوا قوما نصارى ، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه قريش من عبادة الأوثان . ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال ، ولسان حال القدر يقول : لم ننصركم - يا معشر قريش - على الحبشة لخيريتكم عليهم ، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد صلوات الله وسلامه عليه ، خاتم الأنبياء .
وهذه قصة أصحاب الفيل على وجه الإيجاز والاختصار والتقريب ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى بتصرف يسير.
وبعد سورة الفيل كما في المصحف تأتِ سورة قريش قال الله عز وجل؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم :{ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (٤)}.ف"هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام ، كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ، وإن كانت متعلقة بما قبلها . كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ; لأن المعنى عندهما : حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله { لإيلاف قريش } أي : لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين". انتهى كلام الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه السورة المباركة
قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه السورة المباركة :" قال كثير من المفسرين: إن الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، والصيف للشام، لأجل التجارة والمكاسب". انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وحينما : " كان المسلمون في مكة في عهده عليه الصلاة والسلام في أذى شديد، ومضايقات من أهل الشرك، حتى أفضى ذلك إلى قتل بعض المسلمين من أهل الشرك، فلما اشتد الأمر على المسلمين أمرهم النبي ﷺ أن يهاجروا إلى بلاد الحبشة، عند ملك فيها لا يظلم من بجواره، وهو النجاشي أصحمة، فهاجروا إلى هناك، هاجر جم غفير منهم من رجال ونساء، وأقاموا هناك في أحسن حال، وفي حماية.
ثم اشتد الأذى بالباقين حتى أجمع رأي الكفرة على قتل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فعند ذلك أذن الله له بالخروج إلى المدينة، بعدما عاقد الأنصار على أن يحموه مما يحمون به نسائهم وأبناءهم، فتمت البيعة بينه وبين الأنصار عند العقبة في منى، واستوثق الأمر في ذلك، فهاجر بعض الأوائل من الصحابة قبل النبي عليه الصلاة والسلام، وتقدم مصعب بن عمير رضي الله عنه يعلم الناس هناك ويرشدهم، وساعده بعض الأنصار كسعد بن معاذ رضي الله عنهما ثم هاجر النبي ﷺ بعد ذلك، وطلبه المشركون، وبذلوا الدية مائة من الإبل لمن رده إليهم ليقتلوه، فحماه الله من شرهم وكيدهم، وأوصله إلى المدينة سالمًا معافى، فلله الحمد والمنة، واستبشر به المسلمون هناك، وقام بذلك". [ دروس و محاضرات والتعليقات على ندوات الجامع الكبير حقيقة الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام للإمام ابن باز رحمه الله تعالى من موقعه الرسمي ].
ياطلاب العلم :
ما سبق ذكره مقدمة في بيان فضل الله علينا ورحمته في استتباب الأمن والأمان في هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية ثم الشكر والتقدير والاحترام موصولا الي من جعلهم سببا في استتباب الأمن والأمان وهم ولاة أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ومن حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :( لا يَشْكُرُ اللهَ مَن لا يَشْكُرُ الناسَ ). رواه أحمد وأبو داود والترمذي رحمهم الله جميعا وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود حديث رقم ( ٤٨١٢).
ومن لوازم ومقتصيات الشكر لولي الأمر الاعتقاد الصحيح في أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف وذلك في العمل بمافيه وما تضمنه من معاني معتبرة شرعا فيجب الوفاء بهذا العهد والميثاق اللذان هما امانة في عنق كل مسلم من مواطني المملكة العربية السعودية تجاه ولي أمره.
وترك الأمور المحدثة والبدع المنكرة ومن ذلك بغض وكراهةٌ الجماعات الضالة والاحزاب السياسية المنحرفة والفرق الخارجية التي تكفر المسلمين وتستحل دماءهم ولها اعتقاد ظالم ضال منحرف مخالف للكتاب العزيز والسنة النبوية و إجماع المسلمين فهم ينشرون إشاعة الذعر والخوف في المجتمع ولهم طرق متنوعة في إيصال الشر والخراب للناس
والحذر والتحذير ووجوب الابتعاد عن رموزها ودعاتها فهم دعاة ضلالة أصحاب شذوذ فكري وهم "الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهَّال الناس بما يلبسون عليه فنعوذ بالله من فتن المضلِّين".
وعليكم ياطلاب العلم بلزوم غرز علماء السنة اتباع السلف الصالح ف" الحمدُ للهِ الذي جعل في كلِّ زمانٍ ثُلَّةً من أهلِ العلمِ يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتابِ الله الموتى، ويُبَصِّرون بنورِ الله أهل العمى، فكم من قتيلٍ لإبليسَ قد أحيوه! وكم من تائهٍ ضالٍّ هدوه! فما أحسن أثرهم على النَّاس وأقبح أثر النَّاس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"[ من خطبة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في كتابة: الرد على الزنادقة الجهمية].
رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الفردوس الأعلى من الجنة ووهب لنا ولكم علما نافعا وعملا متقبلا ورزقا طيبا واحسن الله لنا ولكم الخاتمة انه ولي ذلك والقادر عليه - تعالى ربنا وتقدس - ؛ والله أعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
٠٠٠٠٠٠٠٠٠
كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني.