الثلاثاء، 30 يوليو 2024

[ الحديث عن خلق الحياء ]



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 


فإن عبارة :" ( لاتقل لا حياء في الدين ).

الصواب فيها أن يقول :( لا حرج في الدين )…..إلى آخر العبارة ".

هكذا وصلتني هذه العبارة 

والصحيح

والصواب :

أن يتم صياغة العبارة صياغة صحيحة فصيحة فيقال :" ( لا حياء في طلب العلم وفي تعلم المسائل والأحكام الشرعية ).أو ( لا حياء في بيان الحق )". 

دل على صحة الإتيان بهذه العبارة بهذه الصيغة أدلة الكتاب العزيز والسنة النبوية فمن ذلك :

                  [ أولا ]

من كلام الله سبحانه وتعالى ؛ قوله تعالى وتقدس :{ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً }{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا }.

              [ ثانيا ]

من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم:

عملا بحديث ام سليم وفيه :جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ( إذَا رَأَتِ المَاءَ ).

فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: ( نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا ).

حديث صحيح في البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى .

وقال الإمام أبو عبد الله البخاري رَحِمَهُ اللهُ تعالى: بَابُ الحَيَاءِ فِي العِلْمِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " لاَ يَتَعَلَّمُ العِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلاَ مُسْتَكْبِرٌ ".

وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها : 

[ نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدين ].

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ( إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ ).

فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( هِيَ النَّخْلَةُ ). قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا".

وما سبق من الايات و ما ثبت في السنة لا تتعارض مع ما ثبت في كلام الله سبحانه وتعالى وثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مثل قوله تعالى :{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}وقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين :( والحياء شعبة من الايمان )و وفي سنن أبي داود رحمه الله تعالى وصححه الألباني في صحيح سنن ابي داود و فيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:( إنَّ لِكُلِّ دينٍ خُلُقًا، وإنَّ خُلُقَ الإسلامِ الحياءُ )ومارواه البخاري رحمه الله تعالى :( إنَّ ممَّا أدرك النَّاس مِن كلام النُّبوَّة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) 

وفي الصحيحين من حديث سالِمِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ عن أبيهِ [ رضي الله عنهما ] أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مرَّ على رجلٍ وَهوَ يعِظُ أخاهُ في الحياءِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : ( دَعهُ فإنَّ الحياءَ منَ الإيمانِ).

فالحياء هنا المراد به :" خلق كريم في القلب يقتضي أن ينكف صاحبه عما لا ينبغي من المعاصي، يستحي لا يفعل المعاصي، ولا يفعل الأشياء التي تنتقد عليه، فيمنعه الحياء من فعل الأمور القبيحة فهو من الإيمان وإنما الممنوع هو الحياء المذموم والذي فيه يترك طلب العلم و يبعد فيه عن بيان الحق فهذا ليس من الحياء المحمود الممدوح والذي أتى في الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة الأمر به ".

والله أعلم وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما.

••••••••••

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .