بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }أما بعد:
فإن سبب كتابة هذه الرسالة ذكر الأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة في بيان حكم صبغ الشعر .
فنقول وبالله التوفيق وهو المستعان وعليه التكلان:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ ).رواه مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد، كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة ). رواه أبو داود والنسائي رحمهما الله تعالى وصححه الألباني في صحيح أبي داود حديث رقم ( ٤٢١٢ )وفي صحيح النسائي حديث رقم ( ٥٠٩٠ ) وفي صحيح الجامع
حديث رقم ( ٨١٥٣ ) وفي
صحيح الترغيب حديث رقم ( ٢٠٩٧ ) وفي تمام المنة حديث رقم ( ٨٥ ) وفي هداية الرواة حديث رقم ( ٤٣٨٠ ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم ). متفق عليه .
قال الإمام ابن باز رحمه اللهُ تعالى:
" فالذي أوصي به جميع الرجال والنساء: الحذر من تغيير الشيب بالسواد، وأما تغييره بالحناء والكتم، أو بالسواد المخلوط بشيء آخر؛ حتى لا يكون أسود، يكون بين السواد والحمرة، أو أحمر خالص، أو أصفر، هذا كله مشروع، والنبي عليه السلام قال: ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون؛ فخالفوهم ).
فالسنة أن نخالفهم في الصبغ، لكن لا نصبغ بالسواد الخالص".[ انتهى كلامه رحمه الله تعالى من موقعه الرسمي ].
وأما صبغ الشعر بالأسود لمن أراد خطبة أمرأة ففي منعه من جهتين للأحاديث السابقة المحرمة ولما فيه من خداع وتدليس و غش ؛ والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ) رواه مسلم رحمه اللهُ تعالى في صحيحه .
والحديث الصحيح هو مذهب كل من يخاف الله ويتقه ويخشاه فإذا صح الحديث فهو المذهب وهو المتعبد به
فإذا ثبت إباحة حكم مسألة او تحريمها بالدليل من كلام الله سبحانه وتعالى أو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فالمتعين وجوب العمل بذلك هذا هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده
وأما آراء الرجال وزخرفة أقوالهم إذا عارضت السنة فأضرب بها عرض الحائط ولا تلتفت اليها وذلك ان هو رسول الله الذي أرسله لتبليغه دينه وإقامة الحجة على العباد والرسول صلى الله عليه وسلم كلامه وحي من الله :{ وما ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى}.قال الله تعالى وتقدس:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ }{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
وتفسير هذه الآية الكريمة {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
:" أي : عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله ، فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله ، كائنا ما كان ، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) .
أي : فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنا أو ظاهرا { أن تصيبهم فتنة } أي : في قلوبهم ، من كفر أو نفاق أو بدعة ، { أو يصيبهم عذاب أليم } أي : في الدنيا ، بقتل ، أو حد ، أو حبس ، أو نحو ذلك .
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حولها . جعل الفراش وهذه الدواب اللاتي يقعن في النار يقعن فيها ، وجعل يحجزهن ويغلبنه ويتقحمن فيها ). قال : ( فذلك مثلي ومثلكم ، أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار ، فتغلبوني وتقتحمون فيها ). أخرجاه من حديث عبد الرزاق". انتهى كلام الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة.
قال الإمام مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ الوَهَّابِ رحمه الله تعالى في الأصول الثلاثة : " معنى شَهادةِ أنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللهِ: طاعتُه فيما أمَرَ، وتصديقُه فيما أخبَرَ، واجتِنابُ ما عنه نهى وزَجَر، وأنْ لا يُعبَدَ اللهُ إلَّا بما شَرَع ".
رزقنا الله وإياكم العلم بالسنة والعمل بها والدعوة إليها والثبات عليها.
والله أعلم ؛ وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
•••••••••••
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .