الجمعة، 14 يونيو 2024

[ من التوجيهات السامية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله تعالى ]



بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} 

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عظيما} أما بعد:


فإن من رحمة الله وفضله ان هيأ لنا في هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية ولاة أمر فيهم الخير العظيم والبركة الكثيرة العامة فمن فضل الله ورحمته على أخيكم ثم فضل ولاة أمرنا آل سعود حفظهم الله ان يسروا إيصال العلم النافع فقد تعلمت وتعلم غيري التوحيد والسنة في مدارس وجامعات وجوامع هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية. [ وأسرة آل سعود حفظهم الله أسرة مباركة لهم تاريخ مجيد في نصر دين الإسلام الصحيح من عهد جدهم الأول الإمام الأمير محمد بن سعود رحمه الله وهذا ما شهد به كبار علماء الإسلام فالطيب من معدنه لايستغرب ]. 

وقد ثبت في السنة من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من لم يشكر الناس لم يشكر الله). رواه الترمذي رحمه الله تعالى وصححه الإمام الألباني رحمه الله.

فمن الأمور التي قام بها ولي الأمر والتي هي حسنة من بحور حسناتهم منع وإلغاء أي مظهر اجتماعي جاهلي عنصري يمزق المجتمع وأتى  الشرع بتحريمه وينبذه العقلاء ألا وهو قضية تكافؤ النسب والتي فيها و بسببها يحصل تفتيت المجتمع الي فرق متعادية ومجتمعات متناحرة فجاءت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله بلسما شافيا لعلاج التبعات السيئة لما يعرف بقضية :" تكافؤ النسب". 

والتي تعتبر من الأسباب الرئيسية في هدم كثير من العائلات والأسر وتفريق لحمة  المجتمع المسلم ، وتسببت في التفريق بين الأزواج وتشريد أبنائهم،  فالتوجيهات الكريمة لولاة الأمر جعلت دين الإسلام  هو معيار الكفاءة الحقيقي ، وفي صنيع ولي الأمر هذا تضمن منع  الاعتبارات  العنصرية الجاهلية البعيدة كل البعد عن ديننا الحنيف أو للأعراف الحميدة للمجتمع المسلم .

ويظهر من بعض الجهلة في دين الإسلام سابقا تعليلات عليلة  لا يوافقه عليه الشرع ولا يقره العقل السليم فيحاول فيها هذا الجاهل منع زواج المسلم بالمسلمة تحت ذرائع واهية منها وأهمها مسألة :"عدم تكافؤ النسب"  في المجتمع المسلم  بحجة ان في منع ذلك درأ المفاسد ودفع الشرور. 

وهذا قول  عليل خالٍ من الدليل. 

وفي الواقع المشاهد نجد حدوث مشاكل عائلية بين الأقرباء وفي الأسرة الواحدة فالقريب بل  الأخ نجده قد يمنع زواج ابنته من ابن اخيه أو قريبه لوجود مشاكل بين الأسرتين. 

ثم ينتهي الشر بانتهاء  من قام به  وانتفاء أسبابه. 

 ومع التوجيهات السامية و التعليمات السديدة لولي الأمر التي تمنع و تقف ضد أي تيار فكري فيه تفتيت لحمة المجتمع وفيه تفريق صف المسلمين تنتهي المشاكل والشرور بين الناس ؛ و في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه ونصه :" إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

وعند دراسة معتقد الخوارج [ وهم الذين يكفرون أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويستحلون دمائهم ]

يشاهد  تكبرا وجهلا ومن ذلك تفعيلهم لقضية :"كفاءة النسب"؛في الزواج وهذا في مبثوث منشور في مصادر  المذهب الخارجي  التكفيري . 

ففي كتب الخوارج التي يعتمدون عليها في تكفير المسلمين وإستحلال دمائهم والخروج على ولاة الأمر كتاب اسمه :" مسند الربيع ". وجامع هذا الكتاب  مجهول لايعرف قال الإمام الألباني رحمه الله عنه  : " الربيع بن حبيب  وهو الفراهيدي  : إباضي مجهول ، ليس له ذكر في كتب أئمتنا، ومسنده هذا هو " صحيح الإباضية  وهو مليء بالأحاديث الواهية والمنكرة " انتهى كلامه رحمه الله. [ سلسلة الأحاديث الضعيفة ( ٦ / ٣٠٤ )]. 

و في مسند الربيع هذا  ( ٥٩٦٣ ) يقول :( الأحرار من أهل التوحيد كلهم أكفاء إلا أربعة المولى والحجام والنساج والبقال

". 

ويعني بأهل التوحيد :" من قام بنفي أسماء الله الحسنى وصفاته الجليلة وهم المعطلة الجهمية ". 

ومعنى النساج :" هو من يقوم ببيع النسيج والقماش أو صنعهما . 

وفي معنى البقال نجد عند الرجوع إلى معاجم اللغة العربية ان معنى :" البقال مفرد و جمعه : بقَّالون و بقَّالة. 

بائع البُقول والأغذية غير المطهيّة ونحوهما اشتريت جُبْنًا من البقَّال". 

 ولايعني الاسم المعاصر ؛ المأخوذ من البقالة وان كان قريبا منه في المعنى وهو البقال الذي يقوم في البيع والشراء في محل بيع التموينات الغذائية المعروفة ب" البقالة". 

وهذا أعمال مباحة شرعا وهي من الأسباب التي يجعلها لنيل الرزق والخير وفيه الإكتفاء عن الأعمال المنبوذة كالتسول ونحوه. 

وهذا الخبر الذي ذكره هذا الربيع الكذاب هو خبر مكذوب موضوع على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

ومع أنه خبر مكذوب موضوع فهو مخالف لكلام الله سبحانه وتعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [ سورة الحجرات : الآية ١٣ ] 

ومخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد روى الترمذي رحمه الله تعالى وحسنه وابن ماجة رحمه الله تعالى والحاكم وصححه  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) وحسنه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترمذي وفي إرواء الغليل ( ٦ / ٢٦٦ ) .

ومخالف لهدي السلف الصالح وما عليه جرى عمل الصحابة رضي الله عنهم. 

و تحريم هذا العمل العنصري جرى في دين الإسلام.ومخالف له وان من قام بهذا العمل العنصري الجاهلي فهو مخالف  :" للسنة العملية التي جرى عليها الصحابة [ رضي الله عنهم ] في عهده صلى الله عليه وسلم 

  كما في البخاري وغيره؛ أن أبا حذيفة أنكح سالما ابنة أخيه الوليد بن عتبه وهو مولى لأمرأة من الأنصار". وينظر في هذا إرواء الغليل( ١٨٦٣ ).[ وينظر كتاب الوهابية الرستمية للشيخ عبداللطيف آل الشيخ ].

قال الإمام ابن باز رحمه الله :" " قد زوج النبي ﷺ فاطمة بنت قيس -وهي قرشية- زوجها مولاه أسامة -عتيقه أسامة بن زيد بن حارثة- وتزوج أبوه زيد زينب بنت جحش الأسدية، ثم تزوجها بعده النبي -عليه الصلاة والسلام-... وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة زوج مولاه سالم مولى أبي حذيفة، زوجه بنت أخيه الوليد بن عتبه، وهم أشرف قريش".

" وبلال الحبشي عتيق الصديق تزوج من أخت عبدالرحمن بن عوف وهي زهرية قرشية ".انتهى كلامه رحمه الله من موقعه الرسمي.

ومن أسباب تعظيم قضية تكافؤ النسب عند من يعتقدها هو الكبر ؛ وذلك بتفضيل نفسه  وأسرته الضعيفة على غيره من البشر  وأصله طين و خلق من ماء مهين والمقياس الصحيح هو تقوى الله سبحانه وتعالى فكلنا بني آدم وأكرمنا عند الله سبحانه وتعالى هو التقي.

وتفضيل الجاهلية تفضيل بغير دليل فلا يقره دليل شرع صحيح ولا عقل صريح .

والعاقل يدرك سبب خلقه وأنه خلق الله تعالى لعبادته لا ان يتكبر على خلق الله سبحانه وتعالى.

فالأمراض في هذه الحياة الدنيا والهموم والغموم ثم يعقب ذلك الموت .

وفي طاعة الله عز وجل الخير والبركة والسعادة .

والإعراض عن ذكر الله تعالى له معيشة ضنكا في الدنيا.

قال الله تعالى في ذم الكبر وأهله وعظيم منزلة من سلم من هذه الصفة الذميمة :{ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}  [القصص:٨٣]. وقال تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [الإسراء:٣٧].

وقال تَعَالَى: { وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان:١٨].

وقال تَعَالَى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ إِلَى قَوْله تعالى: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص:٧٦- ٨١] .

وقال سبحانه وتعالى  : { كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }. [غافر: ٣٥].

وقال الله تعالى :{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }. [البقرة: ٣٤].

قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة:" وهذا، وإن كان من الله جل ثناؤه خبرًا عن إبليس، فإنه تقريعٌ لضُربائه من خلق الله الذين يتكبرون عن الخضوع لأمر الله، والانقيادِ لطاعته فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه، والتسليم له فيما أوجب لبعضهم على بعض من الحق".

وصفة الكبر سبب للصرف عن دين الله وعن الفقه في شرع الله؛قال الله تبارك وتعالى:{ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }" [الأعراف: ١٤٦].

فقوم نوح عليه الصلاه والسلام منعهم الكبر من طاعة الله عز وجل قال الله تعالى : { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا }. [نوح: ٧].

وقوم نبي الله هود عليه الصلاة والسلام وهي قبيلة عاد منعهم الكبر قال الله تعالى في وصفهم : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ }. [فصلت: ١٥-١٦].

ومضى  في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم السنة القولية والعملية على تهميش قضية تكافؤ النسب لأنها من العادات والتقاليد الجاهلية التي أبطلها دين الإسلام.

ومن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ماجاء في صحيح مسلم رحمه الله تعالى عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العزُّ إزاري والكبرياء ردائي، فمَن ينازعني عذَّبته).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ( احتجَّتِ النار والجنة، فقالتْ هذه: يَدخُلُني الجبَّارون والمتكبِّرون، وقالت ْهذه: يدخُلُني الضُّعفاء والمساكين، فقال الله لهذه: أنتِ عَذَابي أعذِّبُ بكِ مَن أشاء، ورُبَّما قال: أُصيبُ بكِ مَن أشاء، وقال لهذه: أنتِ رحْمَتي أرحمُ بكِ مَن أشاء، ولكلّ واحدةٍ منكما مِلْؤُها). رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

 وعن سُراقة بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: ( يا سُراقة، ألا أخبرك بأهل الجنة وأهل النار).

قال: بلى يا رسول الله، قال: ( أمَّا أهل النار فكلُّ جعظري جوَّاظ مستكبر، وأمَّا أهل الجنَّة الضعفاء المغلوبون).

صحيح الترغيب ( ٢٩٠٣).

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: ( إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي وفاجر شقي أنتم بنو آدم وآدم من تراب ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن ).

رواه أحمد رحمه الله تعالى في المسند ورواه أبو داود رحمه الله تعالى والترمذي رحمه الله تعالى وحسنه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة حديث رقم ( ٢٧٠٠ ).

وعن عبدالله بن مسعود رضِي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مِثقال ذرَّة من كبر).

فقال رجل: إنَّ الرجل يحبُّ أنْ يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، قال: ( إنَّ الله جميلٌ يحبُّ الجمال، الكبر بطَر الحق وغمْط الناس).رواه الامام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه.

غمط الناس: احتقارهم وازدراؤهم.

 وعن ابن عمر  رضِي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( مَن تعظَّم في نفسه أو اختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان).رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد رحهما الله تعالى.

وصححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب ( ٢٩١٨).

 وعنْ سلمةَ بنِ الأَكْوَع رضي الله عنه : أَن رجُلًا أَكَل عِنْدَ رسولِ اللَّه ﷺ بشِمالِهِ، فَقَالَ: ( كُلْ بِيَمِينِكَ ).قالَ: لا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: ( لا اسْتَطَعْتَ، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الكِبْرُ)قَالَ: فما رَفَعها إِلى فِيهِ. رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه.

وعن حَارثَةَ بنِ وَهْبٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّه ﷺ يقولُ: ( أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ، جَوَّاظٍ، مُسْتَكْبِرٍ متفقٌ عَلَيْهِ).متفق عليه.

ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يُحشَر المتكبِّرون يوم القيامة أمثال الذرِّ في صُور الرجال يَغشاهم الذل من كلِّ مكان، فيُساقون إلى سجن في جهنم يقال له: بُولُس، تعلوهم نار الأنيار يُسقَون من عُصارة أهل النار طينةَ الخبال).

رواه الإمام أحمد والترمذي رحمهما الله تعالى وصححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترمذي رحمه الله حديث رقم ( ٢٤٩٢).

ومن آثار سلفنا الصالح في محاربتهم لصفة الكبر الذميمة 

ما قاله الأحنف بن قيس رحمه الله ونص قوله : "عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين كيف يتكبر ".

سير أعلام النبلاء (٥ / ٤٣ ).

وقال محمد بن علي رحمه الله: "ما دخل قلبَ امرئ من الكبر شيء إلا نقص من عقله مقدار ذلك".( ٤ / ٤٠٨ ).

وفي حلية الأولياء ( ٢ / ٣٨٤) ؛كان يزيد بن المهلب ذا تِيه وكبر، رآه مطرِّف بن الشخِّير يسحب حلته، فقال له: "إن هذه المشية يبغضها الله، قال: أوَما تعرفني؟ قال: بلى، أوّلك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة".

قال بعض السلف رحمهم الله تعالى : " أوَّل ذنب عُصِي الله به الكبر؛ قال الله - تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }. [البقرة: ٣٤]."وفي كتاب التواضع والخمول لأبن أبي الدنيا رحمه الله ( ٢٢٩) أنه: سُئِل سَلمانُ عن السَّيِّئةِ التي لا تنفَعُ معها حَسَنةٌ، فقال: " الكِبْرُ ".يقول شيخ الإسلام ابنُ تَيميَّةَ رحمه الله تعالى [ كتاب العبودية ( ٩٩ ) : " الكِبْرُ ينافي حقيقةَ العُبوديَّةِ كما ثبت في الصَّحيحِ: عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (يقولُ اللَّهُ: العَظَمةُ إزاري، والكِبْرِياءُ ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عذَّبتُه) [ صحيح مسلم رحمه الله تعالى ]. فالعَظَمةُ والكِبْرِياءُ من خصائصِ الرُّبوبيَّةِ، والكِبْرِياءُ أعلى من العَظَمةِ؛ ولهذا جعلها بمنزلةِ الرِّداءِ، كما جَعَل العَظَمةَ بمنزلةِ الإزارِ".

وفي كتاب شعب الإيمان للحافظ البيهقي رحمه الله تعالى ( ١٠ / ٤٩٨ )يقول حاتم الأصم رحمه الله تعالى:" أصل المعصية ثلاثة أشياء : الكبر والحرص والحسد ".

وفي كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم رحمه الله تعالى ( ٧ / ٢٧٢ )؛قال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى:" من كانت معصيتُه في الشَّهوةِ فارجُ له التَّوبةَ؛ فإنَّ آدمَ عليه السَّلامُ عصى مشتهيًا فغُفِر له، وإذا كانت معصيتُه في كِبرٍ فاخْشَ على صاحبِه اللَّعنةَ؛ فإنَّ إبليسَ عصى مستكبرًا فلُعِن ".

وفي خاتمة هذه الرسالة الدعاء لولاة أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود  وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود  بأن يجزيهم الله خير الجزاء وان يبارك فيهم وأن يحفظهم وينصرهم الله على من عاداهم وان يعز  فيهم الإسلام والسنة. آمين. 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  :  غازي بن عوض العرماني.