الجمعة، 14 يونيو 2024

( قصة أصحاب السبت وما فيها من فوائد وعبر )


بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فهذه قصة أصحاب السبت نوردها من كتاب ( معالم التنزيل ) لمؤلفه أبي محمد، الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء البغوي رحمه الله وهو معروف بالسنة 

وصفه الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء عند ترجمته للإمام البغوي بقوله :" على منهاج السلف حلاً وعقداً ".

وفي مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٥٤) يثني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على تفسير البغوي رحمه الله بقوله : " والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي لكن صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة، والآراء المبتدعة".

وفي هذه الرسالة التنبيه على وجوب أهمية طاعة الرسل عليهم الصلاة والسلام وعظيم جرم مخالفتهم .

وان وجوب طاعة الرسل عليهم الصلاة والسلام من طاعة الله فهم رسل الله .

ومنهم وأفضلهم وسيدهم وخاتمهم رسولنا الكريم الأمين محمد بن عبدالله الهاشمي  صلى الله عليه وسلم والذي أتى وجوب طاعته بالكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة وفي اجماع المسلمين؛قال الله تعالى في بيان أهمية وجوب اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم والحذر من مخالفة سنته 

:{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة:"وقوله : {فليحذر الذين يخالفون عن أمره }أي : عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله ، فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله ، كائنا ما كان ، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).

أي : فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنا أو ظاهرا { أن تصيبهم فتنة } أي : في قلوبهم ، من كفر أو نفاق أو بدعة ، { أو يصيبهم عذاب أليم } أي : في الدنيا ، بقتل ، أو حد ، أو حبس ، أو نحو ذلك .

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حولها . جعل الفراش وهذه الدواب اللاتي [ يقعن في النار ] يقعن فيها ، وجعل يحجزهن ويغلبنه ويتقحمن فيها ). قال : ( فذلك مثلي ومثلكم ، أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار ، فتغلبوني وتقتحمون فيها ). أخرجاه من حديث عبد الرزاق". انتهى كلامه رحمه الله.

ونعود إلى موضوع الرسالة ولبها فقد وردت قصة أصحاب السبت في الكتاب العزيز قال الله تعالى:{ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }

[ سورة الأعراف : الآية ١٦٣ ]

قال الإمام البغوي رحمه في تفسيره لهذه الآية الكريمة:

" قوله تعالى : { واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر }قيل : هي " مدين " ، أي : سل يا محمد هؤلاء اليهود الذين هم جيرانك سؤال توبيخ وتقريع عن القرية التي كانت حاضرة البحر أي : بقربه . قال ابن عباس : هي قرية يقال لها " إيلة " بين " مدين " و " الطور " على شاطئ البحر . وقال الزهري : هي " طبرية الشام " . ( إذ يعدون في السبت ) أي : يظلمون فيه ويجاوزون أمر الله تعالى بصيد السمك ، إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا أي : ظاهرة على الماء كثيرة ، جمع شارع . وقال الضحاك : متتابعة .

وفي القصة : أنها كانت تأتيهم يوم السبت مثل الكباش السمان البيض .

( ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ) كإتيانهم يوم السبت ، قرأ الحسن : " لا يسبتون " بضم الياء أي : لا يدخلون في السبت ، والقراءة المعروفة بنصب الياء ، ومعناه : لا يعظمون السبت ، ( كذلك نبلوهم ) نختبرهم ، ( بما كانوا يفسقون ) فوسوس إليهم الشيطان وقال : إن الله لم ينهكم عن الاصطياد وإنما نهاكم عن الأكل ، فاصطادوا . أو قيل : وسوس إليهم أنكم إنما نهيتم عن الأخذ ، فاتخذوا حيضا على شاطئ البحر ، تسوقون الحيتان إليها يوم السبت ، ثم تأخذونها يوم الأحد . ففعلوا ذلك زمانا ثم تجرأوا على السبت ، وقالوا : ما نرى السبت إلا قد أحل لنا ، فأخذوا وأكلوا وباعوا ، فصار أهل القرية أثلاثا ، وكانوا نحوا من سبعين ألفا ، ثلث نهوا ، وثلث لم ينهوا وسكتوا وقالوا : لم تعظون قوما الله مهلكهم؟ وثلث هم أصحاب الخطيئة ، فلما لم ينتهوا قال الناهون : لا نساكنكم في قرية واحدة فقسموا القرية بجدار ، للمسلمين باب وللمعتدين باب ، ولعنهم داود عليه السلام ، فأصبح الناهون ذات يوم ولم يخرج من المعتدين أحد ، فقالوا : إن لهم شأنا لعل الخمر غلبتهم فعلوا على الجدار ، فإذا هم قردة ، فعرفت القرود أنسابها من الإنس ولم تعرف الإنس أنسابها من القرود ، فجعلت القرود يأتيها نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي ، فيقول : ألم ننهكم فتقول برأسها : نعم ، فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم ".

 انتهى كلامه رحمه الله.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

•••••••••••••••••

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .