الثلاثاء، 18 يونيو 2024

[ هل تقسيم التكبير إلى مطلق ومقيد له أصل في كلام الله سبحانه وتعالى وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ؟].




بسم الله الرحمن الرحيم 



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }.

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }.

أما بعد: 

فإن التكبير مشروع من أول الشهر إلى نهاية اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة؛ لقول الله عز وجل: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[ البقرة : ٢٠٣ ]اوهي أيام التشريق؛ ولقول الله سبحانه وتعالى:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [ الحج : ٢٨ ]وهي أيام عشر ذي الحجة .

قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:" قال شعبة وهشيم  عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس : الأيام المعلومات : أيام العشر ، وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به . ويروى مثله عن أبي موسى الأشعري ، ومجاهد ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، وإبراهيم النخعي . وهو مذهب الشافعي ، والمشهور عن أحمد بن حنبل .

وقال البخاري : حدثنا محمد بن عرعرة ، حدثنا شعبة ، عن سليمان ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما العمل في أيام أفضل منها في هذه ). قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال : ( ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل ، يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ).ورواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . وقال الترمذي : حديث حسن غريب صحيح . وفي الباب عن ابن عمر ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وجابر .

قلت : وقد تقصيت هذه الطرق ، وأفردت لها جزءا على حدته ، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، أنبأنا أبو عوانة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن ، من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهم من التهليل والتكبير والتحميد ).

وروي من وجه آخر ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، بنحوه . وقال البخاري : وكان ابن عمر ، وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر ، فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ".انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وموضوع هذه الرسالة هو  :[  تقسيم التكبير إلى ( مطلق )و( مقيد ).

هل أتى  في كلام الله سبحانه وتعالى او في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ؟]

وسبب ذلك سؤال قام بتوجيهه أحد طلاب العلم و يريد معرفة الإجابة عنه .

وعليه نقول وبالله التوفيق وهو المستعان وعليه التكلان :

من قرأ ماكتبه أهل العلم  يجد انه  يرد في عبارات بعضهم تقسيم التكبير إلى ( تكبير مطلق ) و( تكبير مقيد ).

ويكثر الحديث عنه  في أيام عشر ذي الحجة وأيام التشريق. 

و التفريق بين التكبيرين (المطلق )و( المقيد ) بعد الاطلاع على كتب ورسائل من يقول بالفرق بينهما نجدهم يقولون بأن : " التكبير ينقسم إلى قسمين:

( مطلق ) : 

وهو الذي لا يتقيد بشيء ، فيُسن دائماً ، في الصباح والمساء ، قبل الصلاة وبعد الصلاة ، وفي كل وقت.

(  مقيد ) :

 وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات.".

والصحيح الذي عليه أهل التحقيق من كبار علماء السنة أتباع السلف الصالح : انه لا فرق بين التكبيرين ( المطلق ) و ( المقيد ). 

و إنما هو تكبير واحد يبتدئ من أول عشر ذي الحجة وينتهي بنهاية يوم الثالث عشر من ذي الحجة .

ومن ذلك فتوى  اللجنة الدائمة في الفتوى رقم  ( ٦٠٤٣ ) إجابة لسؤال هذا نصه :

س١: 

أمر الله تعالى بذكره مطلقًا أيام التشريق، ما دليله، وما صفته، وعدد مراته ؟

ج١: 

أمر الله تعالى بذكره مطلقًا أيام التشريق، فقال: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } [ البقرة : ٢٠٣ ] ولم يثبت في القرآن ولا في السنة النبوية عقب الصلوات الخمس أيام التشريق تحديد عدد ولا بيان للكيفية، وأصح ما ورد في صفة التكبير في ذلك ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، أنه قال: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا)  وقيل: يكبر ثنتين، بعدهما: لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. جاء ذلك عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

[ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية برئاسة الإمام ابن باز رحمه الله تعالى ].

 قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى في كتاب الشرح الممتع ( ٥ / ١٦٩) : " فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، أنهم كانوا يكبرون عقب صلاة العيد، وما لم يرد عن الشارع من العبادات فالأصل فيه المنع؛ لأن العبادة لابد من العلم بأنها مشروعة ". وفي موضع آخر في  لقاء الباب المفتوح إجابة للسؤال رقم ( ٩٧ ) قال رحمه الله تعالى :" التكبير في عشر ذي الحجة ليس مقيداً بأدبار الصلوات وكذلك في ليلة العيد عيد الفطر  ليس مقيداً بأدبار الصلوات فكونهم يقيدونه بأدبار الصلوات فيه نظرثم كونهم يجعلونه جماعياً فيه نظر  أيضاً  لأنه خلاف عادة السلف , وكونهم يذكرونه على المآذن فيه نظر , فهذه ثلاثة أمور كلها فيها نظر، والمشروع في أدبار الصلوات أن تأتي بالأذكارالمعروفة المعهودة ثم إذا فرغت كبِّر وكذلك المشروع ألايكبر الناس جميعاًبل كل يُكبِّر وحده هذاهوالمشروع كما في حديث أنس أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمنهم المهلُّ ومنهم المكبر ولم يكونواعلى حال واحد ".

وفي سؤال جرى توجيهه للإمام الألباني رحمه الله تعالى ونصه :

" حكم التكبير المُقَيَّد بعد الصلوات وهل يُقَدِّمُه على الأذكار المشروعة أمْ يَبدأ بالأذكار أولاً ؟

فكانت اجابته رحمه الله  :

"ليس فيما نعلَم للتكبير المعتاد دُبُر الصلوات في أيام العيد ليس له وقتٌ محدود في السُّنَّة , و إنما التكبير هو من شعار هذه الأيام ، بل أعتقِد أنَّ تَقييدَها بِدُبُر الصلوات أمْرٌ حادِث لـَمْ يكُن في عهد النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  ؛

فلذلك : يكونُ الجوابُ البَدَهِي أنَّ تقديمَ الأذكار المعروفة دُبُر الصلوات هو السُّنَّة ، أمَّا التكبير فيجوز له في كل وقت".

انتهى كلامه رحمه الله [سلسلة أشرطة الهدى والنور  الشريط رقم ( ٣٩٢ )] .

وفي موضع آخر سؤال جرى توجيهه له رحمه الله ونصه  : هل يُقَيَّدُ التكبير في أيام التشريق فيما بعد الصلوات ؟

فكانت إجابة الإمام الألباني رحمه الله  : " لا ، لا يُقَيَّد ؛ بل تَقييدُهُ مِنَ البدع ؛ إنما التكبير بكلِّ وقتٍ مِن أيام التشريق".

السائل : وأيام العَشْر ؟

الشيخ : "وأيام العَشْر كذلك".

انتهى كلامه رحمه الله. [سلسلة أشرطة الهدى والنور  الشريط رقم ( ٤١٠ )  عند الدقيقة : ( ١٢ : ٣٦ : ٠٠) ] .

وفي كتاب [ قمع المعاند ( ٣٦٠ )] يقول الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله : "ما اعتادَهُ الناس أيام التشريق عَقِبَ الصلوات أنهم يكبرون ، وهذا ليس بمشروع ، بل التكبير مُطْلَق ، أعني أنك تبدأ عَقِبَ الصلوات بالأذكار المشروعة التي تُقالُ عَقِبَ الصلوات ثم تُكَبِّر سواءٌ عَقِبَ الصلوات أمْ في الضحى ، أمْ في نصف النهار ، أو في آخِر النهار ، أو في نصف الليل".

انتهى كلامه رحمه الله.

ولعل في ماذكرنا من نقول علمية عن كبار علماء الإسلام فيها الخير والبركه والهدى والرشاد والكفاية ؛ اذ فيها بيان مشروعية  التكبير المطلق في جميع الأوقات خلال أيام عشر ذي الحجة وأيام التشريق بالأدلة الشرعية . 

وأما تقييد التكبير فليس بمشروع بل هو من البدع والمحدثات ؛ والسنة الإتيان بالأذكار الواردة دبر كل صلاة مفروضة ثم يشرع لك التكبير عقبها و التكبير مشروع في جميع الأوقات   . 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.