بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد
فقد ورد سؤال من طالب علم يقول في سؤاله :" هل يصح إثبات صفة المشي لله عز وجل ؟".
والإجابة:
نقول سائلين الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يوفقنا وإياكم الي الصواب والإخلاص
وأن يتقبل منا ومنكم ان ربي لسميع الدعاء:
ان صفة ( المشي ) لله سبحانه وتعالى من الصفات الاختيارية القائمة بذات الله سبحانه وتعالى المتعلقة بمشيئته عز وجل ؛ وصفة المشي لله سبحانه وتعالى نثبتها له سبحانه وتعالى كما وصف نفسه بذلك في الحديث القدسي الصحيح الثابت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ( مشيا ) يليق بجلال الله عز وجل كما أتى في السنة ؛ من غير تمثيل ولا تحريف ولا تشبيه فاسد ولاتأويل باطل ولا تعطيل كما قال عز من قائل :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }[ الشورى : ١١ ] . فنمر الحديث كما جاء مع إثبات المعنى وتفويض كيفية مشي الله سبحانه وتعالى سبحانه وتعالى إذ ان الكيفية لا يعلمها الا هو تعالى ربنا وتقدس ؛ ففي المسند للإمام أحمد رحمه الله عن شريح رحمه الله قال: سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: يا ابن آدم قم إلي أمش إليك وامش إلي أهرول إليك).
صححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع حديث رقم (٤٣٤٠).
قال الإمام ابن باز رحمه الله تعالى:" وليس مَشيُه كمشيِهم، ولا هرولتُه كهرولتِهم، بل هو شيءٌ يَليقُ باللهِ لا يُشابِهُ فيه خَلْقَه سُبحانَه وتعالى، كسائرِ الصِّفاتِ؛ فهو أعلمُ بالصِّفاتِ، وأعلمُ بكيفيَّتِها عزَّ وجلَّ... المعنى يجبُ إثباتُه للهِ من التقرُّبِ، والمشيِ والهرولةِ، يجبُ إثباتُه للهِ على الوَجهِ اللائقِ به سُبحانَه وتعالى، مِن غيرِ أن يُشابِهَ خَلْقَه في شيءٍ من ذلك ".[فتاوى نور على الدرب
( ١ / ٦٧ )].
قال الإمامُ ابنُ القيِّمِ رحمه الله تعالى [ الصواعق المرسلة( ٣ / ٩١٥)]: " قال تعالى في آلهةِ المشركينَ المعطِّلِين: { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا }؛فجعل سُبحانَه عدمَ البَطْشِ والمشيِ والسَّمعِ والبصرِ دَليلًا على عدمِ إلهيَّةِ مَن عُدِمَتْ فيه هذه الصِّفاتُ؛ فالبطشُ والمشيُ مِن أنواعِ الأفعالِ، والسَّمعُ والبصرُ مِن أنواع الصِّفاتِ، وقد وصَفَ نفْسَه سُبحانَه بضدِّ صفةِ أربابِهم وبضدِّ ما وصفَه به المعطِّلةُ والجهميَّةُ ".انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
ومثل صفة ( المشي ) لله سبحانه وتعالى صفة ( الهرولة ) لله سبحانه وتعالى فهي صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: (إذا تَقَرَّبَ العبدُ إليَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إليه ذِرَاعًا، وإذا تَقَرَّبَ إليَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وإذا أتاني يمشي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).متفق عليه.وهذا الحديث في صحيح البخاري رحمه الله من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه .
والهرولة كذلك هي من الصفات الاختيارية الفعلية القائمة بذات الله سبحانه وتعالى المتعلقة بمشيئته سبحانه وتعالى.
كلامه.
وفي الفرق بين معنى لفظ الصفتين ( المشي ) و ( الهرولة ) في لغة العرب نجد في معاجم اللغة العربية ان معنى الهرولة:
" بفتح فسكون من هرول ، ضرب من العدو بين المشي والعدو ".
و :" هرول هرولة، إذ أسرع في مشيه ".
وعقيدة أهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح ان المعنى معروف والكيف مجهول فتثبت صفتي ( المشي ) و ( الهرولة ) من غير تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل إثبات يليق بجلال الله سبحانه وتعالى.
قال الإمام ابن باز رحمه الله تعالى:" طريقة أهل السنة والجماعة في هذه الأحاديث وأشباهها إمرارها كما جاءت، وعدم تأويلها، وعدم تكييفها، معناها واضح وظاهر، وأنه جلَّ وعلا بفضله وإحسانه أسرع بالخير والإحسان إلى عباده منهم، وهذا مضمون الحديث.
أما معناه: فلا يعلم كيفيته إلا هو عز وجل فهو جلَّ وعلا تقرُّبه إلى عباده ومشيه إليهم هرولةً هذه أمور هو أخبر بها عن نفسه، فلا تُفسَّر بما يُخالف ما جاء في كتابه وسنة نبيه، بل يُقال فيها كما يُقال في غيرها: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١]، :{ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.[الإخلاص:٤]، فتقربه ذراعًا وباعًا ومجيئه هرولةً، كل هذا شيءٌ نسبه لنفسه، فننسبه إليه ونقول: لا يعلم كيفيته إلا هو، كما لا يعلم كيف استواؤه، ولا كيف نزوله في آخر الليل، ولا كيف مجيئه يوم القيامة إلا هو عز وجل، ولا كيف غضبه، ولا كيف رضاه، ولا كيف يضحك ويتقرب ذراعًا وباعًا، وكيف يأتي هرولةً، كل هذا إليه عز وجل لا يعلم كيفيته إلا هو.لكن المعنى من مُقتضى هذا الحديث: أنه أسرع بالخير لنا، وأنه أسرع بالإحسان لنا من فضله وجوده، أما كيفية هذا المعنى، وما صفة هذا المعنى؟ فهذا إليه عز وجل لا يعلم كيف صفاته إلا هو جلَّ وعلا، كسائر الصِّفات".انتهى كلامه رحمه الله تعالى من [ الموقع الرسمي للإمام ابن باز رحمه الله تعالى].
رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح والرزق الحلال وحسن الخاتمة.
. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
•••••••••••
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني.