بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً
أما بعد
فإن كتب رموز الأحزاب السياسية ورسائلهم ومقالاتهم وفي توجيهاتهم المسمومة لأذنابهم يشاهد ميلهم إلى تكفير المجتمعات المسلمة وهذا التكفير يشمل المجتمع كله حكاما و محكومين ظ ثم يعقب القول بالتكفير الحكم الظالم منهم باستحلال دماء الأبرياء المعصومة.
ومن أجل أن يكون لدعاة التكفير قبول عند عامة المسلمين في نشر باطلهم عمدوا إلى نصوص الوحيين لتوظيفها في تسويق منتجات مذهبهم التكفيري ومحاولة لي اعناقها ليتسنى لهم نشر زبالة فكرهم.
ومن آيات القرآن الكريم التي تكثر دندنتهم حولها
استدلالهم بقوله تعالى وتقدس :{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }[ المائدة : ٤٤ ] فحاولوا ان تكون هذه الآية الكريمة دليلا على صحة دعواهم الباطله ؛ لكن دعواهم تبطل وشبهاتهم تفند وذلك بعد الرجوع إلى تفسير السلف الصالح [ والسلف الصالح الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان رحمهم الله] فيتضح أن معنى الآية ضدهم وانها عليهم لا لهم وأنها حجة عليهم.
من كتب السلف الصالح المعتمدة في نقل معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وعرف من قام بتأليفها بحسن المعتقد وسلامة المنهج ونقله الصحيح المتقن عن أئمة السنة وأعلام السلف وشيوخ الإسلام منهم ابن باز رحمه الله حيث قال :
" أحسن كتاب فيما علمت في التفسير: تفسير ابن جرير، وتفسير ابن كثير، وتفسير البغوي، هذه الثلاثة أحسن التفاسير "انتهى كلامه رحمه الله من موقعه الرسمي.
و ابن تيمية رحمه الله يكثر النقل عن ابن جرير الطبري رحمه الله في كثير من كتبه ومنها منهاج السنة النبوية و درء تعارض، العقل والنقل واقتضاء الصراط المستقيم والصارم المسلول وغيرها.
وفي كتاب منهاج السنة النبوية (٧/ ١٧٨) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " من أئمة التفسير الذين ينقلونها بالأسانيد المعروفة، كتفسير ابن جريج، وسعيد بن أبي عروبة، وعبد الرزاق، وابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وغيرهم من العلماء الأكابر الذين لهم في الإسلام لسان صدق، وتفاسيرهم متضمنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير " .
وكتاب تفسير ابن جرير رحمه الله جعل عنوانه هو : [ جامع البيان عن تأويل آي القرآن ]
و ابن جرير رحمه الله هو أبو جعفر، محمد بن جرير الطبري رحمه الله (٢٢٤ - ٣١٠هـ) رحمه الله تعالى وعفا عنه وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
و في تفسيره لهذه الآية الكريمة يقول رحمه الله :"
١٢٠٥٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله: { ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون} ، قال هي به كفر.
قال: ابن طاوس: وليس كمن كفر بالله وملائكته وكُتُبه ورسله.
١٢٠٥٦ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن رجل، عن طاوس: { فأولئك هم الكافرون} ، قال: كفر لا ينقل عن الملة.
قال وقال عطاء: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق".
" حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت عمران بن حدير قال، أتى أبا مجلز ناسٌ من بني عمرو بن سدوس، فقالوا: يا أبا مجلز، أرأيت قول الله: { ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون} ، أحق هو؟ قال: نعم! قالوا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، أحق هو؟ قال: نعم! قالوا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ، أحق هو؟ قال: نعم! قال فقالوا: يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنـزل الله؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدْعون، فإن هم تركوا شيئًا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبًا. فقالوا: لا والله، ولكنك تَفْرَقُ! (٦٨) قال: أنتم أولى بهذا مني لا أرى، وإنكم أنتم ترون هذا ولا تحرَّجُون، ولكنها أنـزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك أو نحوًا من هذا.
حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد، عن عمران بن حدير قال: قعد إلى أبي مجلز نفرٌ من الإبَاضيَّة، قال فقالوا له: يقول الله: { ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون} ، {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} قال أبو مجلز: إنهم يعملون بما يعلمون يعني الأمراء ويعلمون أنه ذنب! (٦٩) قال: وإنما أنـزلت هذه الآية في اليهود! والنصارى قالوا: أما والله إنك لتعلم مثل ما نعلم، ولكنك تخشاهم! قال: أنتم أحق بذلك منّا! أمّا نحن فلا نعرف ما تعرفون! [قالوا]: (٧٠) ولكنكم تعرفونه، ولكن يمنعكم أن تمضوا أمركم من خشيتهم".
" وقال آخرون: معنى ذلك: ومن لم يحكم بما أنـزل الله جاحدًا به. فأما " الظلم " و " الفسق "، فهو للمقرِّ به.
ذكر من قال ذلك:
١٢٠٦٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: { ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: من جحد ما أنـزل الله فقد كفر. ومن أقرّ به ولم يحكم، فهو ظالم فاسقٌ.
قال أبو جعفر:( وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قولُ من قال: نـزلت هذه الآيات في كفّار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نـزلت، وهم المعنيُّون بها. وهذه الآيات سياقُ الخبر عنهم، فكونُها خبرًا عنهم أولى.
فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره قد عمَّ بالخبر بذلك عن جميع منْ لم يحكم بما أنـزل الله، فكيف جعلته خاصًّا؟
قيل: إن الله تعالى عَمَّ بالخبر بذلك عن قومٍ كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكمَ، على سبيل ما تركوه، كافرون. وكذلك القولُ في كل من لم يحكم بما أنـزل الله جاحدًا به، هو بالله كافر، كما قال ابن عباس، لأنه بجحوده حكم الله بعدَ علمه أنه أنـزله في كتابه، نظير جحوده نبوّة نبيّه بعد علمه أنه نبيٌّ ) ".
انتهى كلامه رحمه الله.
ومن كتب التفسير التي شهد لها وشهد لمؤلفيها بالعقيدة الصحيحة والسلامة من المحدثات والبدع كتاب [ معالم التنزيل في تفسير القرآن].
ومؤلفه هو محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي رحمه الله توفي في ( ٥١٠ ) هـ رحمه الله تعالى وعفا عنه وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنه.
قال عنه الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء ( ١٩ / ٤٣٩ ) : ".... كان البغوي يُلقب بمحيي السنة وبركن الدين، وكان سيداً إماماً عالماً علامة زاهداً وله القدم الراسخ في التفسير والباع المديد في الفقه. وتوفي بمرو الروُّذ مدينة من مدائن خراسان في شوال سنة ٥١٦ هـ وعاش بضعاً وسبعين سنة".
انتهى كلامه رحمه الله.
وفي شهادة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ثنائه على كتاب التفسير هذا يقول رحمه الله [ مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٥٤)] :"والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي لكن صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة، والآراء المبتدعة " .
وفي كتاب تفسير الإمام
البغوي رحمه الله يقول مؤلفه :" قوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} و{الظالمون} و{الفاسقون} كلها في الكافرين ، وقيل : هي على الناس كلهم .
وقال ابن عباس وطاوس : ليس بكفر ينقل عن الملة ، بل إذا فعله فهو به كافر وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر .
قال عطاء : هو كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق ، وقال عكرمة معناه : ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به فقد كفر ، ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق .
وسئل عبد العزيز بن يحيى الكناني عن هذه الآيات ، فقال : إنها تقع على جميع ما أنزل الله لا على بعضه ، فكل من لم يحكم بجميع ما أنزل الله فهو كافر ظالم فاسق ، فأما من حكم بما أنزل الله من التوحيد وترك الشرك ، ثم لم يحكم بجميع ما أنزل الله من الشرائع لم يستوجب حكم هذه الآيات . وقال العلماء : هذا إذا رد نص حكم الله عيانا عمدا ، فأما من خفي عليه أو أخطأ في تأويل فلا ".انتهى كلامه رحمه الله.
ومن كتب التفسير السني السلفي تفسير ابن كثير رحمه الله والمعروف ب[ تفسير القرآن العظيم ]
مؤلفه هو أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي توفي عام ٧٧٤ هـ رحمه الله تعالى وعفا عنه وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
قال الإمام ابن باز رحمه الله في ثنائه على كتاب تفسير ابن كثير رحمه الله :" تفسير ابن كثير تفسير عظيم، تفسير سلفي، على طريقة أهل السنة والجماعة، ويمتاز بالعناية بالأحاديث، وتطريقها، وعزوها إلى مخرجيها، فلا أعلم له نظيرًا، كتاب عظيم، ليس له نظير من جهة العناية بتفسير القرآن بالآيات والأحاديث، لكن يفوقه بعض التفاسير الأخرى في العناية بالمعاني والقراءات.
أما من جهة تفسير القرآن بالقرآن، والعناية بالعقيدة السلفية، والعناية بالأحاديث؛ فليس له نظير فيما أعلم، لا ابن الجوزي ولا غيره، وابن الجوزي له أغلاط في العقيدة". [ انتهى كلامه رحمه الله من موقعه الرسمي ].
ومن الفوائد العلمية التي ذكرها الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة قوله :".. قال السدي : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} يقول : ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا ، أو جار وهو يعلم ، فهو من الكافرين به
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر . ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق . رواه ابن جرير .
ثم اختار أن الآية المراد بها أهل الكتاب أو من جحد حكم الله المنزل في الكتاب ".
" وقال عبد الرزاق أيضا : أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال : سئل ابن عباس عن قوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } قال : هي به كفر - قال ابن طاوس : وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله .
وقال الثوري عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق . رواه ابن جرير .
وقال وكيع عن سفيان عن سعيد المكي عن طاوس : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال : ليس بكفر ينقل عن الملة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس في قوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال : ليس بالكفر الذي يذهبون إليه .
ورواه الحاكم في مستدركه ، عن حديث سفيان بن عيينة وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ".
انتهى كلامه رحمه الله.
ومن كتب تفاسير السلف الصالح [ كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ]
ومؤلفه : هو عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي مات سنة ١٣٧٦هـ رحمه الله وعفا عنه وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
قال الإمام محمد الصالح العثيمين رحمه الله في تقديمه لكتاب تفسير شيخه السعدي رحمه الله : " إن تفسير شيخنا عبد الرحمن بن ناصر السعدي المسمى [ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان] من أحسن التفاسير حيث كان له ميزات كثيرة" [ ذكر جملة منها ثم قال :"
ومنها: السير على منهج السلف في آيات الصفات، فلا تحريف ولا تأويل يخالف مراد الله بكلامه، فهو عمدة في تقرير العقيدة".
وفي تفسيره يقول الإمام السعدي رحمه الله :"... { فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفرا ينقل عن الملة، وذلك إذا اعتقد حله وجوازه. وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعمال الكفر قد استحق من فعله العذاب الشديد". انتهى كلامه رحمه الله.
وكما نقل في هذه الرسالة عن أئمة السنة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ونقل عن التابعين رحمهم في تفسيرهم لهذه الكريمة فلا يوجد التعميم والإطلاق في تكفير المسلمين أو وضع حكمها مباشرة على كل مسلم
فالإجمال وترك التبيين والإطلاق وعدم التقييد والتعميم مع وجود المخصص من الأدلة الشرعية والغموض الذي يسلكه أهل الشر والبدع والضلال هذا هو سبلهم المتعددة.
وأما التفصيل والايضاح والتخصيص والتقييد فهو سبيل علماء السنة اتباع السلف الصالح.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
" وعـلـيك بالتفصيل والتبيين فالـ إجمال والإطلاق دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبـطا الـ أذهان والآراء كل زمـان ".
وللعلم فإنه يوجد كتب تفسير للقرآن الكريم حذر منها كبار علماء السنة اتباع السلف الصالح كتفسير في [ ظلال القرآن الكريم لسيد قطب] فقد حذر منه الألباني وابن باز وابن عثيمين والنجمي وغيرهم كثير رحمهم الله جميعا ومنهم ربيع المدخلي حفظه الله في عدة كتب ذكر فيها مفاسد عقدية جسيمة منها تكفيره للمجتمعات المسلمة.
و تكفير المسلمين حكاما ومحكومين من البدع المنتشرة في هذا العصر .
وفي إطلاق التكفير من قبل أهل الجهل والضلال على جميع المسلمين جرأة عظيمة على الله، وقول عليه سبحانه وتعالى بلا علم، فعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: قال رجل: (والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك) رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه.
والتكفير: وهو القيام بإخراج المسلم من الملة، بسبب قول أو فعل أو اعتقاد ارتكبه، لا يقوم به إلا كبار علماء السنة؛ أتباع السلف الصالح، وفق الضوابط الشرعية، ووفق انطباق شروط الكفر عليه، وانطباق الأوصاف الكفرية الثابتة شرعًا عليه، وانتفاء الموانع، ووجود الأسباب ولا يتم ما سبق إلا بعد إقامة الحجة الرسالية عليه، من قبل علماء السنة أتباع السلف الصالح، ووفق الضوابط الشرعية، والتي بعدها ينتفي العذر عن من قام بالكفر أو عمله أو اعتقده، وأما قيام الجهلة ورموز جماعات التكفير بتعميم التكفير؛ فهذا لا عبرة به، ولا ينظر إليه؛ إما لجهل الجاهل، أو بسبب الانحراف في فهم النصوص الشرعية ولي أعناقها لتوافق هوى التكفير عند من قال به، مع مخالفتهم للشرع المنزل في هذا الحكم الشرعي، والذي لا بد له من مستند شرعي بعلم وعدل وإنصاف وحكمة بعيدًا عن الهوى والظلم والجهل والحيف.
والكفر: ضد الإسلام.
وهو نوعان:
▪ كفر في الأصل أو كافر أصلي: وهو الكافر الذي لم يدخل في الإسلام قط.
▪ وكافر مرتد: وهو المسلم الذي عمل أو قال الكفر بعد إسلامه؛ فخرج من الملة أو أخرجه أهل العلم من الملة بعد انطباق وصف التكفير الثابت في الكتاب والسنة، وفق فهم السلف الصالح عليه، وانتفاء الموانع ووجود الأسباب وتوفر شروط التكفير، وكل ذلك بعد إقامة الحجة الرسالية عليه من قبل أهل العلم.
وقد يكون كفر اعتقادي؛ كحال كبار المنافقين.
وأما التطبيق العملي لنتيجة وثمرة التكفير؛ وهو الحكم بالردة، والحكم بقتله بعد الاستتابة، فلا يقوم به إلا قضاة المحاكم الشرعية، الذين جرى تكليفهم من قبل ولاة الأمر بهذا الشأن من غير افتئات ولا تقدمة على منزلة ولاة الأمر، وهذه المنزلة شرعية ثابتة لهم في الكتاب العزيز والسنة النبوية، وعلى هذا جرى إجماع المسلمين، ولما في هذا العمل من العدل والإنصاف والبعد عن الظلم والجهل والحيف.
وأنواع التكفير:
الأول: مطلق: كأن يقال من عمل الكفر أو قال به [ ثم يذكر صورة الكفر؛ كالاستهزاء مثلا]، فهو كافر على جهة العموم أو التعميم، فلا يخص فلان أو فلان.
الثاني: كفر التعيين أو المعين: وذلك بتخصيص الفاعل وذكر اسمه، ولا يقوم به إلا أهل العلم من كبار علماء السنة؛ اتباع السلف الصالح، وفق الضوابط الشرعية، وذلك بعد انطباق الشروط والأوصاف الشرعية المكفرة على من جرى تكفيره، وانتفاء الموانع، ووجود الأسباب، ولا يتم ذلك إلا بعد إقامة الحجة الرسالية عليه، والتي بعدها ينتفي العذر الشرعي عنه.
وأما تطبيق نتيجة التكفير أو ثمرته، كما قلنا سابقًا، -ونكرره هنا- وهو الحكم بالردة بعد الاستتابة، فلا يقوم به إلا قضاة المحاكم الشرعية، الذين جرى تكليفهم من قبل ولاة الأمر بهذا الشأن من غير افتئات، ولا تقدمة على منزلتهم الشرعية الثابتة لهم في الكتاب العزيز والسنة النبوية وعلى هذا جرى إجماع المسلمين.
وهنا نوع آخر لإطلاق الكفر: وهو تكفير القول أو الفعل دون تكفير القائل أو الفاعل، فيقال: فلان عمل الكفر أو قال الكفر، فلا يكفر القائل أو الفاعل؛ وهذا يقوم به أهل العلم لدقتهم ولخشيتهم من الله سبحانه وتعالى، ولبالغ علمهم بأن عامة الناس قد يقول أو يفعل الكفر جهلًا أو متأولًا، أو في حال مثله يعذر شرعًا.
والكفر كذلك أنواع:
▪ منها: ما هو كفر أصغر لا يخرج من الملة.
▪ وكفر أكبر يخرج من الملة.
▪ وكذلك كفر عملي أو كفر اعتقادي.
وسبيل معرفة هذه الأنواع وكيفية معرفتها عند كبار علماء الإسلام، فلا يجسر على إطلاقها إلَّا هم، وأما الجهلة أو الضلَّال؛ فيجب عليهم الكف والسكوت والبعد عن هذا الأمر؛ لأنهم ليسوا من أهله وليست من اختصاصهم وشأنهم؛ مع انحراف هؤلاء الضلَّال عقديًّا، وبعدهم عن السنة وتعاليم الشرع الحنيف.
ومن أراد الاستفادة فعليه بالرجوع إلى كتب ابن تيميه والألباني وابن باز و العثيمين والجامي رحمهم الله وكتب ربيع المدخلي حفظه الله والبحوث العلمية لهيئة كبار العلماء وبحوث اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية.
وفقنا الله واياكم الي مايحبه الله ويرضاه ورزقنا الله وإياكم بسطة في العلم النافع والعمل الصالح وسعة الرزق وحسن الخاتمه.
جعل الله هذه الرسالة خالصة لوجهه الكريم صوابا متقبلة وعفا عن كاتبها ان ربي غفور رحيم ودود حليم
والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
°°°°°°°°°°°°
كتب هذه الرسالة : غازي بن عوض العرماني.