الثلاثاء، 18 يونيو 2024

[ هل تقسيم التكبير إلى مطلق ومقيد له أصل في كلام الله سبحانه وتعالى وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ؟].




بسم الله الرحمن الرحيم 



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }.

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }.

أما بعد: 

فإن التكبير مشروع من أول الشهر إلى نهاية اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة؛ لقول الله عز وجل: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[ البقرة : ٢٠٣ ]اوهي أيام التشريق؛ ولقول الله سبحانه وتعالى:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [ الحج : ٢٨ ]وهي أيام عشر ذي الحجة .

قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:" قال شعبة وهشيم  عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس : الأيام المعلومات : أيام العشر ، وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به . ويروى مثله عن أبي موسى الأشعري ، ومجاهد ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، وإبراهيم النخعي . وهو مذهب الشافعي ، والمشهور عن أحمد بن حنبل .

وقال البخاري : حدثنا محمد بن عرعرة ، حدثنا شعبة ، عن سليمان ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما العمل في أيام أفضل منها في هذه ). قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال : ( ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل ، يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ).ورواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . وقال الترمذي : حديث حسن غريب صحيح . وفي الباب عن ابن عمر ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وجابر .

قلت : وقد تقصيت هذه الطرق ، وأفردت لها جزءا على حدته ، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، أنبأنا أبو عوانة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن ، من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهم من التهليل والتكبير والتحميد ).

وروي من وجه آخر ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، بنحوه . وقال البخاري : وكان ابن عمر ، وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر ، فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ".انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وموضوع هذه الرسالة هو  :[  تقسيم التكبير إلى ( مطلق )و( مقيد ).

هل أتى  في كلام الله سبحانه وتعالى او في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ؟]

وسبب ذلك سؤال قام بتوجيهه أحد طلاب العلم و يريد معرفة الإجابة عنه .

وعليه نقول وبالله التوفيق وهو المستعان وعليه التكلان :

من قرأ ماكتبه أهل العلم  يجد انه  يرد في عبارات بعضهم تقسيم التكبير إلى ( تكبير مطلق ) و( تكبير مقيد ).

ويكثر الحديث عنه  في أيام عشر ذي الحجة وأيام التشريق. 

و التفريق بين التكبيرين (المطلق )و( المقيد ) بعد الاطلاع على كتب ورسائل من يقول بالفرق بينهما نجدهم يقولون بأن : " التكبير ينقسم إلى قسمين:

( مطلق ) : 

وهو الذي لا يتقيد بشيء ، فيُسن دائماً ، في الصباح والمساء ، قبل الصلاة وبعد الصلاة ، وفي كل وقت.

(  مقيد ) :

 وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات.".

والصحيح الذي عليه أهل التحقيق من كبار علماء السنة أتباع السلف الصالح : انه لا فرق بين التكبيرين ( المطلق ) و ( المقيد ). 

و إنما هو تكبير واحد يبتدئ من أول عشر ذي الحجة وينتهي بنهاية يوم الثالث عشر من ذي الحجة .

ومن ذلك فتوى  اللجنة الدائمة في الفتوى رقم  ( ٦٠٤٣ ) إجابة لسؤال هذا نصه :

س١: 

أمر الله تعالى بذكره مطلقًا أيام التشريق، ما دليله، وما صفته، وعدد مراته ؟

ج١: 

أمر الله تعالى بذكره مطلقًا أيام التشريق، فقال: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } [ البقرة : ٢٠٣ ] ولم يثبت في القرآن ولا في السنة النبوية عقب الصلوات الخمس أيام التشريق تحديد عدد ولا بيان للكيفية، وأصح ما ورد في صفة التكبير في ذلك ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، أنه قال: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا)  وقيل: يكبر ثنتين، بعدهما: لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. جاء ذلك عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

[ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية برئاسة الإمام ابن باز رحمه الله تعالى ].

 قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى في كتاب الشرح الممتع ( ٥ / ١٦٩) : " فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، أنهم كانوا يكبرون عقب صلاة العيد، وما لم يرد عن الشارع من العبادات فالأصل فيه المنع؛ لأن العبادة لابد من العلم بأنها مشروعة ". وفي موضع آخر في  لقاء الباب المفتوح إجابة للسؤال رقم ( ٩٧ ) قال رحمه الله تعالى :" التكبير في عشر ذي الحجة ليس مقيداً بأدبار الصلوات وكذلك في ليلة العيد عيد الفطر  ليس مقيداً بأدبار الصلوات فكونهم يقيدونه بأدبار الصلوات فيه نظرثم كونهم يجعلونه جماعياً فيه نظر  أيضاً  لأنه خلاف عادة السلف , وكونهم يذكرونه على المآذن فيه نظر , فهذه ثلاثة أمور كلها فيها نظر، والمشروع في أدبار الصلوات أن تأتي بالأذكارالمعروفة المعهودة ثم إذا فرغت كبِّر وكذلك المشروع ألايكبر الناس جميعاًبل كل يُكبِّر وحده هذاهوالمشروع كما في حديث أنس أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمنهم المهلُّ ومنهم المكبر ولم يكونواعلى حال واحد ".

وفي سؤال جرى توجيهه للإمام الألباني رحمه الله تعالى ونصه :

" حكم التكبير المُقَيَّد بعد الصلوات وهل يُقَدِّمُه على الأذكار المشروعة أمْ يَبدأ بالأذكار أولاً ؟

فكانت اجابته رحمه الله  :

"ليس فيما نعلَم للتكبير المعتاد دُبُر الصلوات في أيام العيد ليس له وقتٌ محدود في السُّنَّة , و إنما التكبير هو من شعار هذه الأيام ، بل أعتقِد أنَّ تَقييدَها بِدُبُر الصلوات أمْرٌ حادِث لـَمْ يكُن في عهد النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  ؛

فلذلك : يكونُ الجوابُ البَدَهِي أنَّ تقديمَ الأذكار المعروفة دُبُر الصلوات هو السُّنَّة ، أمَّا التكبير فيجوز له في كل وقت".

انتهى كلامه رحمه الله [سلسلة أشرطة الهدى والنور  الشريط رقم ( ٣٩٢ )] .

وفي موضع آخر سؤال جرى توجيهه له رحمه الله ونصه  : هل يُقَيَّدُ التكبير في أيام التشريق فيما بعد الصلوات ؟

فكانت إجابة الإمام الألباني رحمه الله  : " لا ، لا يُقَيَّد ؛ بل تَقييدُهُ مِنَ البدع ؛ إنما التكبير بكلِّ وقتٍ مِن أيام التشريق".

السائل : وأيام العَشْر ؟

الشيخ : "وأيام العَشْر كذلك".

انتهى كلامه رحمه الله. [سلسلة أشرطة الهدى والنور  الشريط رقم ( ٤١٠ )  عند الدقيقة : ( ١٢ : ٣٦ : ٠٠) ] .

وفي كتاب [ قمع المعاند ( ٣٦٠ )] يقول الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله : "ما اعتادَهُ الناس أيام التشريق عَقِبَ الصلوات أنهم يكبرون ، وهذا ليس بمشروع ، بل التكبير مُطْلَق ، أعني أنك تبدأ عَقِبَ الصلوات بالأذكار المشروعة التي تُقالُ عَقِبَ الصلوات ثم تُكَبِّر سواءٌ عَقِبَ الصلوات أمْ في الضحى ، أمْ في نصف النهار ، أو في آخِر النهار ، أو في نصف الليل".

انتهى كلامه رحمه الله.

ولعل في ماذكرنا من نقول علمية عن كبار علماء الإسلام فيها الخير والبركه والهدى والرشاد والكفاية ؛ اذ فيها بيان مشروعية  التكبير المطلق في جميع الأوقات خلال أيام عشر ذي الحجة وأيام التشريق بالأدلة الشرعية . 

وأما تقييد التكبير فليس بمشروع بل هو من البدع والمحدثات ؛ والسنة الإتيان بالأذكار الواردة دبر كل صلاة مفروضة ثم يشرع لك التكبير عقبها و التكبير مشروع في جميع الأوقات   . 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.

الاثنين، 17 يونيو 2024

[ تعريف الإيمان في معتقد اهل الإسلام الصحيح وهم أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح ].



بسم الله الرحمن الرحيم 



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 


فإن أهل الإسلام الصحيح وهم أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح يتفقون على أن تعريف الإيمان هو : " قول القلب وعمله ؛ وقول اللسان وعمله ؛ و عمل الجوارح والأركان ".

والسؤال هنا :

ما الفرق بين قول القلب وعمل القلب ؟

وقول اللسان وعمله ؟

وماهي الجوارح  والأركان التي وردت في تعريف  الإيمان ؟

الجواب :


            (   عمل القلب   )

  تحرك القلب في المحبة والنية والإخلاص والصدق والحياء والخوف والرجاء والخشية والإنابة والخشوع والتوكل على الله 

ونحو هذه الأشياء يقال لها عمل القلب .

         

             (  قول القلب   )

 هو مجرد الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وكالتصديق والمعرفة والعلم والإقرار والاعتقاد بذلك .

فلا بد في الإيمان من اتفاق قول القلب وعمله .

(  وقول اللسان   )

هو نطق اللسان بكلمة التوحيد والأذكار ونحوها من الأعمال الخيرية الصالحة التي تنطق باللسان .

وعمل اللسان تحركه بالنطق بها . 

وقيل :

قول اللسان هو عمله .


( عمل الجوارح والأركان )

 

وهي الأيدي والأرجل . 

والمراد بها العبادات التي تعمل بهذه الجوارح كالوضوء والمشي إلى الصلاة والصلاة ونحو هذه الأعمال .

وعقيدة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح يتفقون على أن الإيمان هو : " قول القلب وعمله ؛ وقول اللسان وعمله ؛ و عمل الأركان ".

ودليل كل ماسبق حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ  أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ[ من قول اللسان ]وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عن الطريق [  من عمل الجوارح والأركان] وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَان[ من عمل القلب ] ). رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه حديث رقم ( ٩ ) والإمام مسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم ( ٣٥ )واللفظ له.

والله أعلم وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

••••••••••••

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .

[ صفتي ( المشي ) و ( الهرولة) لله سبحانه وتعالى )].





بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فقد ورد سؤال من طالب علم  يقول في سؤاله :" هل يصح إثبات صفة المشي لله عز وجل ؟".


والإجابة:

نقول سائلين  الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يوفقنا وإياكم الي الصواب والإخلاص 

وأن يتقبل منا ومنكم ان ربي لسميع الدعاء:

 ان صفة ( المشي ) لله سبحانه وتعالى من الصفات الاختيارية القائمة بذات الله سبحانه وتعالى المتعلقة بمشيئته عز وجل ؛ وصفة المشي لله سبحانه وتعالى نثبتها له سبحانه وتعالى كما وصف نفسه بذلك في الحديث القدسي الصحيح الثابت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ( مشيا ) يليق بجلال الله عز وجل كما أتى في السنة ؛ من غير تمثيل ولا تحريف ولا تشبيه فاسد ولاتأويل باطل ولا تعطيل كما قال عز من قائل  :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }[ الشورى : ١١ ] . فنمر الحديث كما جاء مع إثبات المعنى وتفويض كيفية مشي الله سبحانه وتعالى سبحانه وتعالى إذ ان الكيفية لا يعلمها الا هو تعالى ربنا وتقدس ؛ ففي المسند للإمام أحمد رحمه الله عن شريح رحمه الله قال: سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: يا ابن آدم قم إلي أمش إليك وامش إلي أهرول إليك).

صححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع حديث رقم (٤٣٤٠).

قال الإمام ابن باز رحمه الله تعالى:" وليس مَشيُه كمشيِهم، ولا هرولتُه كهرولتِهم، بل هو شيءٌ يَليقُ باللهِ لا يُشابِهُ فيه خَلْقَه سُبحانَه وتعالى، كسائرِ الصِّفاتِ؛ فهو أعلمُ بالصِّفاتِ، وأعلمُ بكيفيَّتِها عزَّ وجلَّ... المعنى يجبُ إثباتُه للهِ من التقرُّبِ، والمشيِ والهرولةِ، يجبُ إثباتُه للهِ على الوَجهِ اللائقِ به سُبحانَه وتعالى، مِن غيرِ أن يُشابِهَ خَلْقَه في شيءٍ من ذلك ".[فتاوى نور على الدرب 

( ١ / ٦٧ )].

قال الإمامُ ابنُ القيِّمِ رحمه الله تعالى [ الصواعق المرسلة( ٣ / ٩١٥)]: " قال تعالى في آلهةِ المشركينَ المعطِّلِين: { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا }؛فجعل سُبحانَه عدمَ البَطْشِ والمشيِ والسَّمعِ والبصرِ دَليلًا على عدمِ إلهيَّةِ مَن عُدِمَتْ فيه هذه الصِّفاتُ؛ فالبطشُ والمشيُ مِن أنواعِ الأفعالِ، والسَّمعُ والبصرُ مِن أنواع الصِّفاتِ، وقد وصَفَ نفْسَه سُبحانَه بضدِّ صفةِ أربابِهم وبضدِّ ما وصفَه به المعطِّلةُ والجهميَّةُ ".انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ومثل صفة ( المشي ) لله سبحانه وتعالى صفة ( الهرولة ) لله سبحانه وتعالى فهي صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: (إذا تَقَرَّبَ العبدُ إليَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إليه ذِرَاعًا، وإذا تَقَرَّبَ إليَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وإذا أتاني يمشي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).متفق عليه.وهذا الحديث في صحيح البخاري رحمه الله من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه .

والهرولة كذلك هي من الصفات الاختيارية الفعلية القائمة بذات الله سبحانه وتعالى المتعلقة بمشيئته سبحانه وتعالى.

كلامه.

وفي الفرق بين معنى لفظ الصفتين  ( المشي ) و ( الهرولة ) في لغة العرب نجد في معاجم اللغة العربية ان معنى الهرولة:

" بفتح فسكون من هرول ، ضرب من العدو بين المشي والعدو ".

و :" هرول هرولة، إذ أسرع في مشيه ".

وعقيدة أهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح ان المعنى معروف والكيف مجهول فتثبت صفتي ( المشي ) و ( الهرولة ) من غير تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل إثبات يليق بجلال الله سبحانه وتعالى.

قال الإمام ابن باز رحمه الله تعالى:" طريقة أهل السنة والجماعة في هذه الأحاديث وأشباهها إمرارها كما جاءت، وعدم تأويلها، وعدم تكييفها، معناها واضح وظاهر، وأنه جلَّ وعلا بفضله وإحسانه أسرع بالخير والإحسان إلى عباده منهم، وهذا مضمون الحديث.

أما معناه: فلا يعلم كيفيته إلا هو عز وجل فهو جلَّ وعلا تقرُّبه إلى عباده ومشيه إليهم هرولةً هذه أمور هو أخبر بها عن نفسه، فلا تُفسَّر بما يُخالف ما جاء في كتابه وسنة نبيه، بل يُقال فيها كما يُقال في غيرها: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١]، :{ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.[الإخلاص:٤]، فتقربه ذراعًا وباعًا ومجيئه هرولةً، كل هذا شيءٌ نسبه لنفسه، فننسبه إليه ونقول: لا يعلم كيفيته إلا هو، كما لا يعلم كيف استواؤه، ولا كيف نزوله في آخر الليل، ولا كيف مجيئه يوم القيامة إلا هو عز وجل، ولا كيف غضبه، ولا كيف رضاه، ولا كيف يضحك ويتقرب ذراعًا وباعًا، وكيف يأتي هرولةً، كل هذا إليه عز وجل لا يعلم كيفيته إلا هو.لكن المعنى من مُقتضى هذا الحديث: أنه أسرع بالخير لنا، وأنه أسرع بالإحسان لنا من فضله وجوده، أما كيفية هذا المعنى، وما صفة هذا المعنى؟ فهذا إليه عز وجل لا يعلم كيف صفاته إلا هو جلَّ وعلا، كسائر الصِّفات".انتهى كلامه رحمه الله تعالى من [ الموقع الرسمي للإمام ابن باز رحمه الله تعالى].

رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح والرزق الحلال وحسن الخاتمة.

. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

•••••••••••

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني.

السبت، 15 يونيو 2024

[ الجمع بين اخبار شرعية ثابتة في الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة ]


بسم الله الرحمن الرحيم 






الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 


أما بعد 


فقد ورد من أحد طلاب العلم استفسارا عن كيفية الجمع بين قول الله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ }


وفي معنى الاية قوله صلى الله عليه وسلم :( هل تدرى أينَ تغربُ هذِهِ؟ قلتُ: اللَّهُ ورسولُهُ أعلم. قالَ: فإنَّها تغربُ في عينِ حاميةٍ ).رواه أبو ذر رضي الله عنه وهو في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود رحمهما الله تعالى وصححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح سنن أبي داود رحمه الله تعالى حديث رقم ( ٤٠٠٢ ).


وكيف تجمع الاية والحديث مع حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس: ( أتدري أين تذهب؟)


قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ( فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يُؤْذَن لها يقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}) .[سورة يس: الآية ٣٨].


متفق عليه.


والجمع سهل يسير فلا بينهما تعارض فقول الله تعالى في ذكره سبحانه وتعالى لأمر ذي القرنين عليه الصلاة والسلام : {وجدها تغرب في عين حمئة } فقد بين اهل العلم السني السلفي ومنهم أئمة التفسير مثل الإمام ابن كثير رحمه في تفسيره لهذه الآية الكريمة حيث قال :" أي : رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه ، وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه ".وهذا المعنى ساقه الامام السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة حيث قال:"رأى الشمس في مرأى العين، كأنها تغرب في عين حمئة، أي: سوداء، وهذا هو المعتاد لمن كان بينه وبين أفق الشمس الغربي ماء، رآها تغرب في نفس الماء وإن كانت في غاية الارتفاع".


فلا تعارض بينهم فالآية الكريمة والحديث النبوي واضح معناهما كما بين ذلك أئمة السلف الصالح في تفسيرهم كما مضى لقوله تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ }


وأما سجود الشمس تحت العرش لله سبحانه وتعالى 


فقد فسر :"الرسول ﷺ لأبي ذر رضي الله عنه، وهو قوله: { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }ذكر النبي ﷺ لأبي ذر، قال: ( يا أبا ذر، أتدري ما مستقرها؟ ).


فقال أبو ذر: الله ورسوله أعلم، قال ﷺ: مستقرها أنها تسجد تحت عرش ربها عز وجل ذاهبة وآيبة بأمره سبحانه وتعالى سجودًا الله أعلم بكيفيته سبحانه وتعالى.


وهذه المخلوقات كلها تسجد لله وتسبح له جل وعلا تسبيحا وسجودا يعلمه سبحانه، وإن كنا لا نعلمه ولا نفقهه كما قال :{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}. [سورة الإسراء: الآية ٤٤ ].


وقال تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ }الآية [سورة الحج: الآية ١٨ ] هذا السجود يليق به لا يعلم كيفيته إلا الله سبحانه، ومن هذا قوله تعالى في سورة الرعد: { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}.[سورة الرعد: الآية ١٥ ].


 فالشمس تجري كما أمرها الله تطلع من المشرق وتغيب من المغرب إلى آخر الزمان، فإذا قرب قيام الساعة طلعت من مغربها، وذلك من أشراط الساعة العظمى كما تواترت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ، فإذا انتهى هذا العالم وقامت القيامة كورت كما قال تعالى: { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ }.[سورة التكوير: الآية ١ ]فتكور ويذهب نورها وتطرح هي والقمر في جهنم؛ لأنهما قد ذهبت الحاجة إليهما بزوال هذه الدنيا.


والمقصود: أنها تجري لمستقر لها ذاهبة وآيبة، ومستقرها سجودها تحت العرش في سيرها طالعة وغاربة كما تقدم ذكر ذلك في الحديث الصحيح، ذلك بتقدير العزيز العليم، وهو الذي قدر عز وجل لها ذلك.


العزيز، ومعناه: المنيع الجناب الغالب لكل شيء، العليم: بأحوال خلقه سبحانه وتعالى. والله ولي التوفيق ".من كلام الإمام ابن باز رحمه الله تعالى.


[مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ( ٨ / ٢٩٤ )].


والله أعلم وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.


٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠


كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني .

الجمعة، 14 يونيو 2024

[ من التوجيهات السامية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله تعالى ]



بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} 

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عظيما} أما بعد:


فإن من رحمة الله وفضله ان هيأ لنا في هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية ولاة أمر فيهم الخير العظيم والبركة الكثيرة العامة فمن فضل الله ورحمته على أخيكم ثم فضل ولاة أمرنا آل سعود حفظهم الله ان يسروا إيصال العلم النافع فقد تعلمت وتعلم غيري التوحيد والسنة في مدارس وجامعات وجوامع هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية. [ وأسرة آل سعود حفظهم الله أسرة مباركة لهم تاريخ مجيد في نصر دين الإسلام الصحيح من عهد جدهم الأول الإمام الأمير محمد بن سعود رحمه الله وهذا ما شهد به كبار علماء الإسلام فالطيب من معدنه لايستغرب ]. 

وقد ثبت في السنة من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من لم يشكر الناس لم يشكر الله). رواه الترمذي رحمه الله تعالى وصححه الإمام الألباني رحمه الله.

فمن الأمور التي قام بها ولي الأمر والتي هي حسنة من بحور حسناتهم منع وإلغاء أي مظهر اجتماعي جاهلي عنصري يمزق المجتمع وأتى  الشرع بتحريمه وينبذه العقلاء ألا وهو قضية تكافؤ النسب والتي فيها و بسببها يحصل تفتيت المجتمع الي فرق متعادية ومجتمعات متناحرة فجاءت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله بلسما شافيا لعلاج التبعات السيئة لما يعرف بقضية :" تكافؤ النسب". 

والتي تعتبر من الأسباب الرئيسية في هدم كثير من العائلات والأسر وتفريق لحمة  المجتمع المسلم ، وتسببت في التفريق بين الأزواج وتشريد أبنائهم،  فالتوجيهات الكريمة لولاة الأمر جعلت دين الإسلام  هو معيار الكفاءة الحقيقي ، وفي صنيع ولي الأمر هذا تضمن منع  الاعتبارات  العنصرية الجاهلية البعيدة كل البعد عن ديننا الحنيف أو للأعراف الحميدة للمجتمع المسلم .

ويظهر من بعض الجهلة في دين الإسلام سابقا تعليلات عليلة  لا يوافقه عليه الشرع ولا يقره العقل السليم فيحاول فيها هذا الجاهل منع زواج المسلم بالمسلمة تحت ذرائع واهية منها وأهمها مسألة :"عدم تكافؤ النسب"  في المجتمع المسلم  بحجة ان في منع ذلك درأ المفاسد ودفع الشرور. 

وهذا قول  عليل خالٍ من الدليل. 

وفي الواقع المشاهد نجد حدوث مشاكل عائلية بين الأقرباء وفي الأسرة الواحدة فالقريب بل  الأخ نجده قد يمنع زواج ابنته من ابن اخيه أو قريبه لوجود مشاكل بين الأسرتين. 

ثم ينتهي الشر بانتهاء  من قام به  وانتفاء أسبابه. 

 ومع التوجيهات السامية و التعليمات السديدة لولي الأمر التي تمنع و تقف ضد أي تيار فكري فيه تفتيت لحمة المجتمع وفيه تفريق صف المسلمين تنتهي المشاكل والشرور بين الناس ؛ و في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه ونصه :" إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

وعند دراسة معتقد الخوارج [ وهم الذين يكفرون أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويستحلون دمائهم ]

يشاهد  تكبرا وجهلا ومن ذلك تفعيلهم لقضية :"كفاءة النسب"؛في الزواج وهذا في مبثوث منشور في مصادر  المذهب الخارجي  التكفيري . 

ففي كتب الخوارج التي يعتمدون عليها في تكفير المسلمين وإستحلال دمائهم والخروج على ولاة الأمر كتاب اسمه :" مسند الربيع ". وجامع هذا الكتاب  مجهول لايعرف قال الإمام الألباني رحمه الله عنه  : " الربيع بن حبيب  وهو الفراهيدي  : إباضي مجهول ، ليس له ذكر في كتب أئمتنا، ومسنده هذا هو " صحيح الإباضية  وهو مليء بالأحاديث الواهية والمنكرة " انتهى كلامه رحمه الله. [ سلسلة الأحاديث الضعيفة ( ٦ / ٣٠٤ )]. 

و في مسند الربيع هذا  ( ٥٩٦٣ ) يقول :( الأحرار من أهل التوحيد كلهم أكفاء إلا أربعة المولى والحجام والنساج والبقال

". 

ويعني بأهل التوحيد :" من قام بنفي أسماء الله الحسنى وصفاته الجليلة وهم المعطلة الجهمية ". 

ومعنى النساج :" هو من يقوم ببيع النسيج والقماش أو صنعهما . 

وفي معنى البقال نجد عند الرجوع إلى معاجم اللغة العربية ان معنى :" البقال مفرد و جمعه : بقَّالون و بقَّالة. 

بائع البُقول والأغذية غير المطهيّة ونحوهما اشتريت جُبْنًا من البقَّال". 

 ولايعني الاسم المعاصر ؛ المأخوذ من البقالة وان كان قريبا منه في المعنى وهو البقال الذي يقوم في البيع والشراء في محل بيع التموينات الغذائية المعروفة ب" البقالة". 

وهذا أعمال مباحة شرعا وهي من الأسباب التي يجعلها لنيل الرزق والخير وفيه الإكتفاء عن الأعمال المنبوذة كالتسول ونحوه. 

وهذا الخبر الذي ذكره هذا الربيع الكذاب هو خبر مكذوب موضوع على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

ومع أنه خبر مكذوب موضوع فهو مخالف لكلام الله سبحانه وتعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [ سورة الحجرات : الآية ١٣ ] 

ومخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد روى الترمذي رحمه الله تعالى وحسنه وابن ماجة رحمه الله تعالى والحاكم وصححه  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) وحسنه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترمذي وفي إرواء الغليل ( ٦ / ٢٦٦ ) .

ومخالف لهدي السلف الصالح وما عليه جرى عمل الصحابة رضي الله عنهم. 

و تحريم هذا العمل العنصري جرى في دين الإسلام.ومخالف له وان من قام بهذا العمل العنصري الجاهلي فهو مخالف  :" للسنة العملية التي جرى عليها الصحابة [ رضي الله عنهم ] في عهده صلى الله عليه وسلم 

  كما في البخاري وغيره؛ أن أبا حذيفة أنكح سالما ابنة أخيه الوليد بن عتبه وهو مولى لأمرأة من الأنصار". وينظر في هذا إرواء الغليل( ١٨٦٣ ).[ وينظر كتاب الوهابية الرستمية للشيخ عبداللطيف آل الشيخ ].

قال الإمام ابن باز رحمه الله :" " قد زوج النبي ﷺ فاطمة بنت قيس -وهي قرشية- زوجها مولاه أسامة -عتيقه أسامة بن زيد بن حارثة- وتزوج أبوه زيد زينب بنت جحش الأسدية، ثم تزوجها بعده النبي -عليه الصلاة والسلام-... وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة زوج مولاه سالم مولى أبي حذيفة، زوجه بنت أخيه الوليد بن عتبه، وهم أشرف قريش".

" وبلال الحبشي عتيق الصديق تزوج من أخت عبدالرحمن بن عوف وهي زهرية قرشية ".انتهى كلامه رحمه الله من موقعه الرسمي.

ومن أسباب تعظيم قضية تكافؤ النسب عند من يعتقدها هو الكبر ؛ وذلك بتفضيل نفسه  وأسرته الضعيفة على غيره من البشر  وأصله طين و خلق من ماء مهين والمقياس الصحيح هو تقوى الله سبحانه وتعالى فكلنا بني آدم وأكرمنا عند الله سبحانه وتعالى هو التقي.

وتفضيل الجاهلية تفضيل بغير دليل فلا يقره دليل شرع صحيح ولا عقل صريح .

والعاقل يدرك سبب خلقه وأنه خلق الله تعالى لعبادته لا ان يتكبر على خلق الله سبحانه وتعالى.

فالأمراض في هذه الحياة الدنيا والهموم والغموم ثم يعقب ذلك الموت .

وفي طاعة الله عز وجل الخير والبركة والسعادة .

والإعراض عن ذكر الله تعالى له معيشة ضنكا في الدنيا.

قال الله تعالى في ذم الكبر وأهله وعظيم منزلة من سلم من هذه الصفة الذميمة :{ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}  [القصص:٨٣]. وقال تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [الإسراء:٣٧].

وقال تَعَالَى: { وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان:١٨].

وقال تَعَالَى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ إِلَى قَوْله تعالى: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص:٧٦- ٨١] .

وقال سبحانه وتعالى  : { كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }. [غافر: ٣٥].

وقال الله تعالى :{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }. [البقرة: ٣٤].

قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة:" وهذا، وإن كان من الله جل ثناؤه خبرًا عن إبليس، فإنه تقريعٌ لضُربائه من خلق الله الذين يتكبرون عن الخضوع لأمر الله، والانقيادِ لطاعته فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه، والتسليم له فيما أوجب لبعضهم على بعض من الحق".

وصفة الكبر سبب للصرف عن دين الله وعن الفقه في شرع الله؛قال الله تبارك وتعالى:{ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }" [الأعراف: ١٤٦].

فقوم نوح عليه الصلاه والسلام منعهم الكبر من طاعة الله عز وجل قال الله تعالى : { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا }. [نوح: ٧].

وقوم نبي الله هود عليه الصلاة والسلام وهي قبيلة عاد منعهم الكبر قال الله تعالى في وصفهم : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ }. [فصلت: ١٥-١٦].

ومضى  في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم السنة القولية والعملية على تهميش قضية تكافؤ النسب لأنها من العادات والتقاليد الجاهلية التي أبطلها دين الإسلام.

ومن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ماجاء في صحيح مسلم رحمه الله تعالى عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العزُّ إزاري والكبرياء ردائي، فمَن ينازعني عذَّبته).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ( احتجَّتِ النار والجنة، فقالتْ هذه: يَدخُلُني الجبَّارون والمتكبِّرون، وقالت ْهذه: يدخُلُني الضُّعفاء والمساكين، فقال الله لهذه: أنتِ عَذَابي أعذِّبُ بكِ مَن أشاء، ورُبَّما قال: أُصيبُ بكِ مَن أشاء، وقال لهذه: أنتِ رحْمَتي أرحمُ بكِ مَن أشاء، ولكلّ واحدةٍ منكما مِلْؤُها). رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

 وعن سُراقة بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: ( يا سُراقة، ألا أخبرك بأهل الجنة وأهل النار).

قال: بلى يا رسول الله، قال: ( أمَّا أهل النار فكلُّ جعظري جوَّاظ مستكبر، وأمَّا أهل الجنَّة الضعفاء المغلوبون).

صحيح الترغيب ( ٢٩٠٣).

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: ( إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي وفاجر شقي أنتم بنو آدم وآدم من تراب ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن ).

رواه أحمد رحمه الله تعالى في المسند ورواه أبو داود رحمه الله تعالى والترمذي رحمه الله تعالى وحسنه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة حديث رقم ( ٢٧٠٠ ).

وعن عبدالله بن مسعود رضِي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مِثقال ذرَّة من كبر).

فقال رجل: إنَّ الرجل يحبُّ أنْ يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، قال: ( إنَّ الله جميلٌ يحبُّ الجمال، الكبر بطَر الحق وغمْط الناس).رواه الامام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه.

غمط الناس: احتقارهم وازدراؤهم.

 وعن ابن عمر  رضِي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( مَن تعظَّم في نفسه أو اختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان).رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد رحهما الله تعالى.

وصححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب ( ٢٩١٨).

 وعنْ سلمةَ بنِ الأَكْوَع رضي الله عنه : أَن رجُلًا أَكَل عِنْدَ رسولِ اللَّه ﷺ بشِمالِهِ، فَقَالَ: ( كُلْ بِيَمِينِكَ ).قالَ: لا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: ( لا اسْتَطَعْتَ، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الكِبْرُ)قَالَ: فما رَفَعها إِلى فِيهِ. رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه.

وعن حَارثَةَ بنِ وَهْبٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّه ﷺ يقولُ: ( أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ، جَوَّاظٍ، مُسْتَكْبِرٍ متفقٌ عَلَيْهِ).متفق عليه.

ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يُحشَر المتكبِّرون يوم القيامة أمثال الذرِّ في صُور الرجال يَغشاهم الذل من كلِّ مكان، فيُساقون إلى سجن في جهنم يقال له: بُولُس، تعلوهم نار الأنيار يُسقَون من عُصارة أهل النار طينةَ الخبال).

رواه الإمام أحمد والترمذي رحمهما الله تعالى وصححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترمذي رحمه الله حديث رقم ( ٢٤٩٢).

ومن آثار سلفنا الصالح في محاربتهم لصفة الكبر الذميمة 

ما قاله الأحنف بن قيس رحمه الله ونص قوله : "عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين كيف يتكبر ".

سير أعلام النبلاء (٥ / ٤٣ ).

وقال محمد بن علي رحمه الله: "ما دخل قلبَ امرئ من الكبر شيء إلا نقص من عقله مقدار ذلك".( ٤ / ٤٠٨ ).

وفي حلية الأولياء ( ٢ / ٣٨٤) ؛كان يزيد بن المهلب ذا تِيه وكبر، رآه مطرِّف بن الشخِّير يسحب حلته، فقال له: "إن هذه المشية يبغضها الله، قال: أوَما تعرفني؟ قال: بلى، أوّلك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة".

قال بعض السلف رحمهم الله تعالى : " أوَّل ذنب عُصِي الله به الكبر؛ قال الله - تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }. [البقرة: ٣٤]."وفي كتاب التواضع والخمول لأبن أبي الدنيا رحمه الله ( ٢٢٩) أنه: سُئِل سَلمانُ عن السَّيِّئةِ التي لا تنفَعُ معها حَسَنةٌ، فقال: " الكِبْرُ ".يقول شيخ الإسلام ابنُ تَيميَّةَ رحمه الله تعالى [ كتاب العبودية ( ٩٩ ) : " الكِبْرُ ينافي حقيقةَ العُبوديَّةِ كما ثبت في الصَّحيحِ: عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (يقولُ اللَّهُ: العَظَمةُ إزاري، والكِبْرِياءُ ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عذَّبتُه) [ صحيح مسلم رحمه الله تعالى ]. فالعَظَمةُ والكِبْرِياءُ من خصائصِ الرُّبوبيَّةِ، والكِبْرِياءُ أعلى من العَظَمةِ؛ ولهذا جعلها بمنزلةِ الرِّداءِ، كما جَعَل العَظَمةَ بمنزلةِ الإزارِ".

وفي كتاب شعب الإيمان للحافظ البيهقي رحمه الله تعالى ( ١٠ / ٤٩٨ )يقول حاتم الأصم رحمه الله تعالى:" أصل المعصية ثلاثة أشياء : الكبر والحرص والحسد ".

وفي كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم رحمه الله تعالى ( ٧ / ٢٧٢ )؛قال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى:" من كانت معصيتُه في الشَّهوةِ فارجُ له التَّوبةَ؛ فإنَّ آدمَ عليه السَّلامُ عصى مشتهيًا فغُفِر له، وإذا كانت معصيتُه في كِبرٍ فاخْشَ على صاحبِه اللَّعنةَ؛ فإنَّ إبليسَ عصى مستكبرًا فلُعِن ".

وفي خاتمة هذه الرسالة الدعاء لولاة أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود  وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود  بأن يجزيهم الله خير الجزاء وان يبارك فيهم وأن يحفظهم وينصرهم الله على من عاداهم وان يعز  فيهم الإسلام والسنة. آمين. 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  :  غازي بن عوض العرماني.

( قصة أصحاب السبت وما فيها من فوائد وعبر )


بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فهذه قصة أصحاب السبت نوردها من كتاب ( معالم التنزيل ) لمؤلفه أبي محمد، الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء البغوي رحمه الله وهو معروف بالسنة 

وصفه الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء عند ترجمته للإمام البغوي بقوله :" على منهاج السلف حلاً وعقداً ".

وفي مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٥٤) يثني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على تفسير البغوي رحمه الله بقوله : " والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي لكن صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة، والآراء المبتدعة".

وفي هذه الرسالة التنبيه على وجوب أهمية طاعة الرسل عليهم الصلاة والسلام وعظيم جرم مخالفتهم .

وان وجوب طاعة الرسل عليهم الصلاة والسلام من طاعة الله فهم رسل الله .

ومنهم وأفضلهم وسيدهم وخاتمهم رسولنا الكريم الأمين محمد بن عبدالله الهاشمي  صلى الله عليه وسلم والذي أتى وجوب طاعته بالكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة وفي اجماع المسلمين؛قال الله تعالى في بيان أهمية وجوب اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم والحذر من مخالفة سنته 

:{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة:"وقوله : {فليحذر الذين يخالفون عن أمره }أي : عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله ، فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله ، كائنا ما كان ، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).

أي : فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنا أو ظاهرا { أن تصيبهم فتنة } أي : في قلوبهم ، من كفر أو نفاق أو بدعة ، { أو يصيبهم عذاب أليم } أي : في الدنيا ، بقتل ، أو حد ، أو حبس ، أو نحو ذلك .

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حولها . جعل الفراش وهذه الدواب اللاتي [ يقعن في النار ] يقعن فيها ، وجعل يحجزهن ويغلبنه ويتقحمن فيها ). قال : ( فذلك مثلي ومثلكم ، أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار ، فتغلبوني وتقتحمون فيها ). أخرجاه من حديث عبد الرزاق". انتهى كلامه رحمه الله.

ونعود إلى موضوع الرسالة ولبها فقد وردت قصة أصحاب السبت في الكتاب العزيز قال الله تعالى:{ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }

[ سورة الأعراف : الآية ١٦٣ ]

قال الإمام البغوي رحمه في تفسيره لهذه الآية الكريمة:

" قوله تعالى : { واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر }قيل : هي " مدين " ، أي : سل يا محمد هؤلاء اليهود الذين هم جيرانك سؤال توبيخ وتقريع عن القرية التي كانت حاضرة البحر أي : بقربه . قال ابن عباس : هي قرية يقال لها " إيلة " بين " مدين " و " الطور " على شاطئ البحر . وقال الزهري : هي " طبرية الشام " . ( إذ يعدون في السبت ) أي : يظلمون فيه ويجاوزون أمر الله تعالى بصيد السمك ، إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا أي : ظاهرة على الماء كثيرة ، جمع شارع . وقال الضحاك : متتابعة .

وفي القصة : أنها كانت تأتيهم يوم السبت مثل الكباش السمان البيض .

( ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ) كإتيانهم يوم السبت ، قرأ الحسن : " لا يسبتون " بضم الياء أي : لا يدخلون في السبت ، والقراءة المعروفة بنصب الياء ، ومعناه : لا يعظمون السبت ، ( كذلك نبلوهم ) نختبرهم ، ( بما كانوا يفسقون ) فوسوس إليهم الشيطان وقال : إن الله لم ينهكم عن الاصطياد وإنما نهاكم عن الأكل ، فاصطادوا . أو قيل : وسوس إليهم أنكم إنما نهيتم عن الأخذ ، فاتخذوا حيضا على شاطئ البحر ، تسوقون الحيتان إليها يوم السبت ، ثم تأخذونها يوم الأحد . ففعلوا ذلك زمانا ثم تجرأوا على السبت ، وقالوا : ما نرى السبت إلا قد أحل لنا ، فأخذوا وأكلوا وباعوا ، فصار أهل القرية أثلاثا ، وكانوا نحوا من سبعين ألفا ، ثلث نهوا ، وثلث لم ينهوا وسكتوا وقالوا : لم تعظون قوما الله مهلكهم؟ وثلث هم أصحاب الخطيئة ، فلما لم ينتهوا قال الناهون : لا نساكنكم في قرية واحدة فقسموا القرية بجدار ، للمسلمين باب وللمعتدين باب ، ولعنهم داود عليه السلام ، فأصبح الناهون ذات يوم ولم يخرج من المعتدين أحد ، فقالوا : إن لهم شأنا لعل الخمر غلبتهم فعلوا على الجدار ، فإذا هم قردة ، فعرفت القرود أنسابها من الإنس ولم تعرف الإنس أنسابها من القرود ، فجعلت القرود يأتيها نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي ، فيقول : ألم ننهكم فتقول برأسها : نعم ، فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم ".

 انتهى كلامه رحمه الله.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

•••••••••••••••••

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .

الخميس، 13 يونيو 2024

[ بيان تفسير السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله لقوله تعالى وتقدس : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }[ المائدة : ٤٤ ] من كتب تفسير السلف الصالح لهذه الآية الكريمة وان تفسيرالخوارج قديما هوتفسيرالإخوانية في هذا العصر لهذه الآية مع إيضاح تعريف التكفير وحكمه وأنواعه ]





بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً

أما بعد

فإن  كتب رموز الأحزاب السياسية ورسائلهم ومقالاتهم وفي توجيهاتهم المسمومة لأذنابهم يشاهد ميلهم إلى تكفير المجتمعات المسلمة وهذا التكفير يشمل المجتمع كله  حكاما و محكومين ظ ثم يعقب القول بالتكفير الحكم الظالم منهم باستحلال دماء الأبرياء المعصومة. 

ومن أجل أن يكون لدعاة التكفير قبول عند عامة المسلمين في نشر باطلهم عمدوا إلى نصوص الوحيين لتوظيفها في تسويق منتجات مذهبهم التكفيري ومحاولة لي اعناقها ليتسنى لهم نشر زبالة فكرهم. 

ومن آيات القرآن الكريم التي تكثر دندنتهم حولها 

استدلالهم بقوله تعالى وتقدس :{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }[ المائدة : ٤٤ ]  فحاولوا ان تكون هذه الآية الكريمة دليلا على صحة دعواهم الباطله ؛ لكن دعواهم تبطل وشبهاتهم تفند وذلك بعد  الرجوع إلى تفسير السلف الصالح [ والسلف الصالح الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم  والتابعون لهم بإحسان رحمهم الله] فيتضح أن معنى الآية ضدهم وانها عليهم لا لهم وأنها حجة عليهم.


من كتب السلف الصالح المعتمدة في نقل معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وعرف من قام بتأليفها بحسن المعتقد وسلامة المنهج ونقله الصحيح المتقن عن أئمة السنة وأعلام السلف وشيوخ الإسلام منهم ابن باز رحمه الله حيث قال :

" أحسن كتاب فيما علمت في التفسير: تفسير ابن جرير، وتفسير ابن كثير، وتفسير البغوي، هذه الثلاثة أحسن التفاسير "انتهى كلامه رحمه الله من موقعه الرسمي. 

و ابن تيمية رحمه الله يكثر النقل  عن ابن جرير الطبري رحمه الله في كثير من كتبه ومنها منهاج السنة النبوية و درء تعارض، العقل والنقل واقتضاء الصراط المستقيم والصارم المسلول وغيرها. 

وفي كتاب منهاج السنة النبوية (٧/ ١٧٨) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " من أئمة التفسير الذين ينقلونها بالأسانيد المعروفة، كتفسير ابن جريج، وسعيد بن أبي عروبة، وعبد الرزاق، وابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وغيرهم من العلماء الأكابر الذين لهم في الإسلام لسان صدق، وتفاسيرهم متضمنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير " .

وكتاب تفسير ابن جرير رحمه الله جعل عنوانه هو  : [ جامع البيان عن تأويل آي القرآن ] 

و ابن جرير رحمه الله هو أبو جعفر، محمد بن جرير الطبري رحمه الله (٢٢٤ - ٣١٠هـ) رحمه الله تعالى وعفا عنه وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة. 

و في تفسيره لهذه الآية الكريمة يقول رحمه الله :"

١٢٠٥٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله: { ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون} ، قال هي به كفر. 

قال: ابن طاوس: وليس كمن كفر بالله وملائكته وكُتُبه ورسله.

١٢٠٥٦ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن رجل، عن طاوس: { فأولئك هم الكافرون} ، قال: كفر لا ينقل عن الملة. 

قال وقال عطاء: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق". 

" حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت عمران بن حدير قال، أتى أبا مجلز ناسٌ من بني عمرو بن سدوس، فقالوا: يا أبا مجلز، أرأيت قول الله: { ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون} ، أحق هو؟ قال: نعم! قالوا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، أحق هو؟ قال: نعم! قالوا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ، أحق هو؟ قال: نعم! قال فقالوا: يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنـزل الله؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدْعون، فإن هم تركوا شيئًا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبًا. فقالوا: لا والله، ولكنك تَفْرَقُ! (٦٨) قال: أنتم أولى بهذا مني  لا أرى، وإنكم أنتم ترون هذا ولا تحرَّجُون، ولكنها أنـزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك  أو نحوًا من هذا.

حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد، عن عمران بن حدير قال: قعد إلى أبي مجلز نفرٌ من الإبَاضيَّة، قال فقالوا له: يقول الله: { ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون} ، {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}  قال أبو مجلز: إنهم يعملون بما يعلمون  يعني الأمراء ويعلمون أنه ذنب! (٦٩) قال: وإنما أنـزلت هذه الآية في اليهود! والنصارى قالوا: أما والله إنك لتعلم مثل ما نعلم، ولكنك تخشاهم! قال: أنتم أحق بذلك منّا! أمّا نحن فلا نعرف ما تعرفون! [قالوا]: (٧٠) ولكنكم تعرفونه، ولكن يمنعكم أن تمضوا أمركم من خشيتهم".

" وقال آخرون: معنى ذلك: ومن لم يحكم بما أنـزل الله جاحدًا به. فأما " الظلم " و " الفسق "، فهو للمقرِّ به.

ذكر من قال ذلك:

١٢٠٦٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: { ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: من جحد ما أنـزل الله فقد كفر. ومن أقرّ به ولم يحكم، فهو ظالم فاسقٌ.

قال أبو جعفر:( وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قولُ من قال: نـزلت هذه الآيات في كفّار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نـزلت، وهم المعنيُّون بها. وهذه الآيات سياقُ الخبر عنهم، فكونُها خبرًا عنهم أولى.

فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره قد عمَّ بالخبر بذلك عن جميع منْ لم يحكم بما أنـزل الله، فكيف جعلته خاصًّا؟

قيل: إن الله تعالى عَمَّ بالخبر بذلك عن قومٍ كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكمَ، على سبيل ما تركوه، كافرون. وكذلك القولُ في كل من لم يحكم بما أنـزل الله جاحدًا به، هو بالله كافر، كما قال ابن عباس، لأنه بجحوده حكم الله بعدَ علمه أنه أنـزله في كتابه، نظير جحوده نبوّة نبيّه بعد علمه أنه نبيٌّ ) ".

انتهى كلامه رحمه الله.


ومن كتب التفسير التي شهد لها وشهد لمؤلفيها بالعقيدة الصحيحة والسلامة من المحدثات والبدع كتاب [ معالم التنزيل في تفسير القرآن]. 

ومؤلفه هو محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي رحمه الله توفي في ( ٥١٠ ) هـ رحمه الله تعالى وعفا عنه وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنه. 

قال عنه الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء ( ١٩ / ٤٣٩ ) : ".... كان البغوي يُلقب بمحيي السنة وبركن الدين، وكان سيداً إماماً عالماً علامة زاهداً وله القدم الراسخ في التفسير والباع المديد في الفقه. وتوفي بمرو الروُّذ مدينة من مدائن خراسان في شوال سنة ٥١٦ هـ وعاش بضعاً وسبعين سنة". 

انتهى كلامه رحمه الله. 

وفي شهادة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ثنائه على كتاب التفسير هذا يقول رحمه الله [ مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٥٤)] :"والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي لكن صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة، والآراء المبتدعة " .

وفي كتاب تفسير الإمام 

 البغوي رحمه الله يقول مؤلفه  :" قوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} و{الظالمون} و{الفاسقون} كلها في الكافرين ، وقيل : هي على الناس كلهم .

وقال ابن عباس وطاوس : ليس بكفر ينقل عن الملة ، بل إذا فعله فهو به كافر وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر .

قال عطاء : هو كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق ، وقال عكرمة معناه : ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به فقد كفر ، ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق .

وسئل عبد العزيز بن يحيى الكناني عن هذه الآيات ، فقال : إنها تقع على جميع ما أنزل الله لا على بعضه ، فكل من لم يحكم بجميع ما أنزل الله فهو كافر ظالم فاسق ، فأما من حكم بما أنزل الله من التوحيد وترك الشرك ، ثم لم يحكم بجميع ما أنزل الله من الشرائع لم يستوجب حكم هذه الآيات . وقال العلماء : هذا إذا رد نص حكم الله عيانا عمدا ، فأما من خفي عليه أو أخطأ في تأويل فلا ".انتهى كلامه رحمه الله.


ومن كتب التفسير السني السلفي تفسير ابن كثير رحمه الله والمعروف ب[  تفسير القرآن العظيم ] 

مؤلفه هو أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي توفي عام ٧٧٤ هـ رحمه الله تعالى وعفا عنه وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة. 

قال الإمام ابن باز رحمه الله في ثنائه على كتاب تفسير ابن كثير رحمه الله :" تفسير ابن كثير تفسير عظيم، تفسير سلفي، على طريقة أهل السنة والجماعة، ويمتاز بالعناية بالأحاديث، وتطريقها، وعزوها إلى مخرجيها، فلا أعلم له نظيرًا، كتاب عظيم، ليس له نظير من جهة العناية بتفسير القرآن بالآيات والأحاديث، لكن يفوقه بعض التفاسير الأخرى في العناية بالمعاني والقراءات.

أما من جهة تفسير القرآن بالقرآن، والعناية بالعقيدة السلفية، والعناية بالأحاديث؛ فليس له نظير فيما أعلم، لا ابن الجوزي ولا غيره، وابن الجوزي له أغلاط في العقيدة". [ انتهى كلامه رحمه الله من موقعه الرسمي ]. 

ومن الفوائد العلمية التي ذكرها الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة قوله :".. قال السدي : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} يقول : ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا ، أو جار وهو يعلم ، فهو من الكافرين به 

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر . ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق . رواه ابن جرير .

ثم اختار أن الآية المراد بها أهل الكتاب أو من جحد حكم الله المنزل في الكتاب ". 

" وقال عبد الرزاق أيضا : أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال : سئل ابن عباس عن قوله : { ومن لم يحكم  بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } قال : هي به كفر - قال ابن طاوس : وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله .

وقال الثوري عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق . رواه ابن جرير .

وقال وكيع عن سفيان عن سعيد المكي عن طاوس : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال : ليس بكفر ينقل عن الملة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس في قوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال : ليس بالكفر الذي يذهبون إليه .

ورواه الحاكم في مستدركه ، عن حديث سفيان بن عيينة وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ".

انتهى كلامه رحمه الله.


ومن كتب تفاسير السلف الصالح [  كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان  ] 

ومؤلفه : هو عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي مات سنة ١٣٧٦هـ رحمه الله وعفا عنه وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.

قال الإمام محمد الصالح العثيمين رحمه الله في تقديمه لكتاب تفسير شيخه السعدي رحمه الله : " إن تفسير شيخنا عبد الرحمن بن ناصر السعدي  المسمى [ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان] من أحسن التفاسير حيث كان له ميزات كثيرة" [ ذكر جملة منها ثم قال :"

 ومنها: السير على منهج السلف في آيات الصفات، فلا تحريف ولا تأويل يخالف مراد الله بكلامه، فهو عمدة في تقرير العقيدة".

وفي تفسيره يقول الإمام السعدي رحمه الله :"... { فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفرا ينقل عن الملة، وذلك إذا اعتقد حله وجوازه. وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعمال الكفر قد استحق من فعله العذاب الشديد". انتهى كلامه رحمه الله.

وكما نقل في هذه الرسالة عن أئمة السنة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ونقل عن التابعين رحمهم  في تفسيرهم  لهذه الكريمة فلا يوجد التعميم والإطلاق في تكفير المسلمين أو وضع حكمها مباشرة على كل مسلم 

فالإجمال وترك التبيين والإطلاق وعدم التقييد  والتعميم مع وجود المخصص من الأدلة الشرعية والغموض الذي يسلكه  أهل الشر والبدع والضلال هذا هو سبلهم المتعددة. 

وأما التفصيل والايضاح  والتخصيص والتقييد فهو سبيل علماء السنة اتباع السلف الصالح. 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

" وعـلـيك بالتفصيل والتبيين فالـ إجمال والإطلاق دون بيان

قد أفسدا هذا الوجود وخبـطا الـ أذهان والآراء كل زمـان ". 

وللعلم فإنه يوجد كتب تفسير للقرآن الكريم حذر منها كبار  علماء السنة اتباع السلف الصالح   كتفسير في [ ظلال القرآن الكريم لسيد قطب] فقد حذر منه الألباني وابن باز وابن عثيمين والنجمي وغيرهم كثير رحمهم الله جميعا ومنهم  ربيع المدخلي حفظه الله في عدة كتب ذكر فيها مفاسد عقدية جسيمة منها تكفيره للمجتمعات المسلمة. 


و تكفير المسلمين حكاما ومحكومين من البدع المنتشرة في هذا العصر . 

وفي إطلاق التكفير من قبل أهل الجهل والضلال  على جميع المسلمين  جرأة عظيمة على الله، وقول عليه سبحانه وتعالى بلا علم، فعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: قال رجل: (والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك)  رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه.

والتكفير: وهو القيام بإخراج المسلم من الملة، بسبب قول أو فعل أو اعتقاد ارتكبه، لا يقوم به إلا كبار علماء السنة؛ أتباع السلف الصالح، وفق الضوابط الشرعية، ووفق انطباق شروط الكفر عليه، وانطباق الأوصاف الكفرية الثابتة شرعًا عليه، وانتفاء الموانع، ووجود الأسباب ولا يتم ما سبق إلا بعد إقامة الحجة الرسالية عليه، من قبل علماء السنة أتباع السلف الصالح، ووفق الضوابط الشرعية، والتي بعدها ينتفي العذر عن من قام بالكفر أو عمله أو اعتقده، وأما قيام الجهلة ورموز جماعات التكفير بتعميم التكفير؛ فهذا لا عبرة به، ولا ينظر إليه؛ إما لجهل الجاهل، أو بسبب الانحراف في فهم النصوص الشرعية ولي أعناقها لتوافق هوى التكفير عند من قال به، مع مخالفتهم للشرع المنزل في هذا الحكم الشرعي، والذي لا بد له من مستند شرعي بعلم وعدل وإنصاف وحكمة بعيدًا عن الهوى والظلم والجهل والحيف.

والكفر: ضد الإسلام.

وهو نوعان:

▪ كفر في الأصل أو كافر أصلي: وهو الكافر الذي لم يدخل في الإسلام قط.

▪ وكافر مرتد: وهو المسلم الذي عمل أو قال الكفر بعد إسلامه؛ فخرج من الملة أو أخرجه أهل العلم من الملة بعد انطباق وصف التكفير الثابت في الكتاب والسنة، وفق فهم السلف الصالح عليه، وانتفاء الموانع ووجود الأسباب وتوفر شروط التكفير، وكل ذلك بعد إقامة الحجة الرسالية عليه من قبل أهل العلم.

وقد يكون كفر اعتقادي؛ كحال كبار المنافقين.

وأما التطبيق العملي لنتيجة وثمرة التكفير؛ وهو الحكم بالردة، والحكم بقتله بعد الاستتابة، فلا يقوم به إلا قضاة المحاكم الشرعية، الذين جرى تكليفهم من قبل ولاة الأمر بهذا الشأن من غير افتئات ولا تقدمة على منزلة ولاة الأمر، وهذه المنزلة شرعية ثابتة لهم في الكتاب العزيز والسنة النبوية، وعلى هذا جرى إجماع المسلمين، ولما في هذا العمل من العدل والإنصاف والبعد عن الظلم والجهل والحيف.

وأنواع التكفير:

الأول: مطلق: كأن يقال من عمل الكفر أو قال به [ ثم يذكر صورة الكفر؛ كالاستهزاء مثلا]، فهو كافر على جهة العموم أو التعميم، فلا يخص فلان أو فلان.

الثاني: كفر التعيين أو المعين: وذلك بتخصيص الفاعل وذكر اسمه، ولا يقوم به إلا أهل العلم من كبار علماء السنة؛ اتباع السلف الصالح، وفق الضوابط الشرعية، وذلك بعد انطباق الشروط والأوصاف الشرعية المكفرة على من جرى تكفيره، وانتفاء الموانع، ووجود الأسباب، ولا يتم ذلك إلا بعد إقامة الحجة الرسالية عليه، والتي بعدها ينتفي العذر الشرعي عنه.

وأما تطبيق نتيجة التكفير أو ثمرته، كما قلنا سابقًا، -ونكرره هنا- وهو الحكم بالردة بعد الاستتابة، فلا يقوم به إلا قضاة المحاكم الشرعية، الذين جرى تكليفهم من قبل ولاة الأمر بهذا الشأن من غير افتئات، ولا تقدمة على منزلتهم الشرعية الثابتة لهم في الكتاب العزيز والسنة النبوية وعلى هذا جرى إجماع المسلمين.

وهنا نوع آخر لإطلاق الكفر: وهو تكفير القول أو الفعل دون تكفير القائل أو الفاعل، فيقال: فلان عمل الكفر أو قال الكفر، فلا يكفر القائل أو الفاعل؛ وهذا يقوم به أهل العلم لدقتهم ولخشيتهم من الله سبحانه وتعالى، ولبالغ علمهم بأن عامة الناس قد يقول أو يفعل الكفر جهلًا أو متأولًا، أو في حال مثله يعذر شرعًا.

 

والكفر كذلك أنواع:

▪ منها: ما هو كفر أصغر لا يخرج من الملة.

▪ وكفر أكبر يخرج من الملة.

▪ وكذلك كفر عملي أو كفر اعتقادي.

وسبيل معرفة هذه الأنواع وكيفية معرفتها عند كبار علماء الإسلام، فلا يجسر على إطلاقها إلَّا هم، وأما الجهلة أو الضلَّال؛ فيجب عليهم الكف والسكوت والبعد عن هذا الأمر؛ لأنهم ليسوا من أهله وليست من اختصاصهم وشأنهم؛ مع انحراف هؤلاء الضلَّال عقديًّا، وبعدهم عن السنة وتعاليم الشرع الحنيف.

ومن أراد الاستفادة فعليه بالرجوع إلى كتب ابن تيميه والألباني وابن باز و العثيمين والجامي رحمهم الله وكتب ربيع المدخلي حفظه الله والبحوث العلمية لهيئة كبار العلماء وبحوث اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية.

وفقنا الله واياكم الي مايحبه الله ويرضاه ورزقنا الله وإياكم بسطة في العلم النافع والعمل الصالح وسعة الرزق وحسن الخاتمه.

جعل الله هذه الرسالة خالصة لوجهه الكريم صوابا متقبلة وعفا عن كاتبها ان ربي غفور رحيم ودود حليم

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

°°°°°°°°°°°°

كتب هذه الرسالة : غازي بن عوض العرماني.

الأربعاء، 12 يونيو 2024

[ فضيلة الصيام في عشر ذي الحجة ]



بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}أما بعد: 

فإن الصحيح الذي عليه جمهور العلماء انه يصام أيام عشر ذي الحجه ؛ امتثالا لعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  ( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ )، قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ( وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ (رواه البخاري رحمه الله وغيره من اهل السنن و" الصيام من الأعمال الصالحة التي يشرع فعلها في هذه الأيام الفاضلة تَقَدَّمَت أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الْعَمَلِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ عَلَى الْعُمُومِ , وَالصَّوْمُ مُنْدَرِجٌ تَحْتِهَا ".[ نيل الأوطار ( ٤ / ٢٨٣ )].

وقد ثبت في صحيح مسلم رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشر ).

وثبت خلاف أثر عائشة رضي الله عنها ما روته هنيدة بن خالد رحمها الله عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر ).رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي رحمهم الله وصححه الامام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود رحمه الله تعالى.

ولأهل العلم قول قوي فيه استحباب الصيام أيام عشر ذي الحجة لمرجحات علمية منها :

        

              ( المرجح الأول )


" مُتَأَوِّلٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ تَرْكُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكُونُ عِنْدَهَا فِي يَوْمٍ مِنْ تِسْعَةِ أَيَّامٍ؛ وَالْبَاقِي عِنْدَ بَاقِي أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنهن، أَوْ لَعَلَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ بَعْضَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَكُلَّهُ فِي بَعْضِهَا , وَيَتْرُكُهُ فِي بَعْضِهَا لِعَارِضِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ".وهذا اختيار الحافظ النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب ( ٦ / ٤٤١ ).


       ( المرجح الثاني )

" أحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ"قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري ( ٢ / ٤٦٠ ).


          (المرجح  الثالث )


"قال الإمام أحمد رحمه الله في التعارض بين هذين الحديثين: إن المثبت مقدم على النافي." [ الشرح الممتع( ٦ / ١٥٤ )].

          (  المرجح الرابع  )


 القاعدة الشرعية تنص على ان :( القول مقدم على الفعل ).

وذلك ان حديث ابن عباس رضي الله عنهما من القول، وحديث عائشة رضي الله عنها من الفعل  ؛ فيقدم القول لإحتمال خصوصية الفعل، أو لحصول عذر . وغير ذلك 

فالذي دلت عليه الأدلة فضيلة صيام عشر ذي الحجة 

وقد ورد للإمام ابن باز رحمه الله سؤال هذا نصه :

" ما رأي سماحتكم في رأي من يقول: صيام عشر ذي الحجة بدعة؟ ".

وهذا جواب  الإمام ابن باز رحمه الله تعالى:

" هذا جاهل يُعلَّم، فالرسول ﷺ حض على العمل الصالح فيها، والصيام من العمل الصالح لقول النبي ﷺ: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر). قالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ( ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) رواه البخاري في الصحيح.

ولو كان النبي ﷺ ما صام هذه الأيام، فقد روي عنه ﷺ أنه صامها، وروي عنه أنه لم يصمها؛ لكن العمدة على القول، القول أعظم من الفعل، وإذا اجتمع القول والفعل كان آكد للسنة؛ فالقول يعتبر لوحده، والفعل لوحده، والتقرير وحده، فإذا قال النبي ﷺ قولًا أو عملًا أو أقر فعلًا كله سنة، لكن القول هو أعظمها وأقواها، ثم الفعل، ثم التقرير، والنبي ﷺ قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام )يعني العشر.

فإذا صامها أو تصدق فيها فهو على خير عظيم، وهكذا يشرع فيها التكبير والتحميد والتهليل؛ لقوله ﷺ: ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ).

وفق الله الجميع".

انتهى كلامه رحمه الله تعالى [ مجموع فتاوى الإمام ابن باز رحمه الله تعالى ( ١٥ / ٤١٨ )].

والله اعلم وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

…………..

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني . 

[ مشروعية الدعاء في أيام عشر ذي الحجة للحاج ولغير الحاج عملا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم بغير تحديد مكان لغير حاج لم يأت تحديده شرعا ]



‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ما رأي فضيلتكم بهذه الملاحظة  ( صوتية وفيها متحدث ينكر بل ويبدع من يدعو يوم عرفه من غير الحجاج )فما رأيكم جزاكم الله خيرا ؟


الجواب :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فإن الدعاء للحاج وغير الحاج مشروع و في حقِّ من حج متأكد لأفضلية ما هو فيه من مناسك الحج ولأن المكان الذي هو فيه معظم مفضل والدعاء مشروع في كل وقت ويتأكد في مثل هذه الأوقات الفاضلة والدعاء من الأعمال الصالحة التي يحبها الله سبحانه وتعالى 

لأدلة ثابتة في الشرع منها :

ما ورد في السنن من  حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه ، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( إن الدعاء هو العبادة ).

ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }.

وفي البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام )- يعني أيام عشر ذي الحجة - قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).

لكن تخصيص يوم عرفة

بعبادة لم يشرعها الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا من البدع المحدثة.

وأما الدعاء في هذا اليوم او في جميع أيام العشر وأيام التشريق من غير تخصيص مكان  لم يأت تخصيصه بالشرع فعمل لا أصل له.

 وهكذا الدعاء مشروع في جميع أيام السنة بغير تخصيص مكان لم يأت تخصيصه بالشرع 

.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

………….

كتبه : غازي بن عوض العرماني .