السبت، 27 نوفمبر 2021

《 توضيح معنى ( وابدله زوجا خيرا من زوجه ) 》


      بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد 

فقد وردني طلب مزيد إيضاح من أحد طلاب العلم في بيان معنى عبارة وردت في  حديث شريف ونصه :

 عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى على جنازة ، يقول : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ ) . رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم( ٩٦٣) .

فما معنى  : ( وابدله .....زوجا خيرا من زوجه ) .

والجواب في إيضاح هذه العبارة نقول وبالله التوفيق وعليه التكلان :

أن أهل العلم لهم إيضاح في بيان هذه العبارة 

فقيل :

يقال هذا الدعاء اذا كان الميت رجلا ؛ وأما اذا كان أمرأة فلا تقال هذه الجملة .


والقول الآخر:

أنه يقال في حق الزوجة كما يقال في حق الزوج لعموم الحديث وعدم تفريقه ؛ ولعل المراد بالإبدال هنا : ابدال الصفات وتغييرها إلى أحسن الأخلاق واطيبها وليس المراد تبديل الذوات .  

قال الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع ( ٥ / ٣٢٧ ) : " قوله : ( وزوجا خيرا من زوجه ) أي : سواء كان المصلى عليه رجلا أم امرأة .

وهناك إشكال  ؛ لأنه إن كان المصلى عليه رجلا ، وقلنا : ( أبدله زوجا خيرا من زوجه ) ، فهذا يقتضي أن الحور خير من نساء الدنيا ، وإن كان امرأة ، فإننا نسأل الله أن يفرق بينها وبين زوجها ، ويبدلها خيرا منه . 

فهذان إشكالان ؟

أما الجواب عن الأول :

 ( أبدله زوجا خيرا من زوجه ) ، فليس فيه دلالة صريحة على أن الحور خير من نساء الدنيا ؛ لأنه قد يكون المراد خيرا من زوجه في الأخلاق ، لا في الخيرية عند الله عز وجل .

وبهذا الجواب يتضح الجواب عن الإشكال الثاني ، فنقول : إن خيرية الزوج هنا ليست خيرية في العين ، بل خيرية في الوصف ، وهذا يتضمن أن يجمع الله بينهما في الجنة ؛ لأن أهل الجنة ينزع الله ما في صدورهم من غل ، ويبقون على أصفى ما يكون ، والتبديل كما يكون بالعين يكون بالصفة ، ومنه قوله تعالى : {  يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات}. فالأرض هي الأرض بعينها ، لكنها اختلفت ، وكذلك السموات " .انتهى كلامه رحمه. 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

........................................

كتبه: غازي بن عوض العرماني. 

《 إيضاح الحق بالادلة الشرعية مفصلة لمقال سلك فيه صاحبه الاجمال وعدم الوضوح وتفضيل أماكن بغير دليل شرعي من الكتاب والسنة 》


       بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلّا وأنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

﴿يا أيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنها زَوْجَها وبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثِيرًا ونِساءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد

فوظيفة العلماء عظيمة في بيان دين الإسلام المحض بالادلة وايضاح ميراث الرسول صلى الله عليه وسلم وفق كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الوجه الصحيح ومن ذلك اقتفاء نهج السلف الصالح في فهمهم للكتاب والسنة .

وذلك ان عامة المسلمين وخاصتهم تستفتيهم في أمور دينهم  امتثالا لقول الله  تعالى وتقدس:{ فأسالوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون } .

وتثق فيهم وتأخذ دينهم عنهم 

وأما أن ضل هذا  أو زل هذا العالم "فزلته تهدم الإسلام " كما ذكر الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وقد قال أهل العلم :" من تتبع زلات العلماء تزندق ".

ومعلوم أن سبيل العلماء:الصادقين ونهج المخلصين هو البيان والايضاح وترك الاجمال والغموض  مع الحرص البالغ على اتباع كلام رب العالمين وسنة أشرف الأنبياء والمرسلين وفق هدي السلف الصالحين وترك الخوض في المتشابه اواتباع الرأي الضعيف المتروك المخالف لشريعة الله سبحانه وتعالى ؛ وقد أطلعت على كلام للدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر سابقا بعد تعميم نشره من خلال موقعه الرسمي حيث قال في صفحته الرسمية في وسيلة التواصل الاجتماعي [ فيس بوك]: "تكلمنا في مقالات سابقة عن المدينة المنورة وأهم أماكنها المباركة، وقد أجلنا الكلام عن المسجد النبوي الشريف لعظم شأنه، وها نحن نفرد له مجموعة مقالات خاصة به، فالمسجد النبوي الشريف أفضل بقعة على وجه الأرض، بل هو أفضل مكان في الوجود، وذلك لأن المسجد النبوي الآن يحتوي على القبر الشريف الذي يضم الجسد الطاهر للنبي صلى الله عليه وسلم، والمكان الذي يضم جسد أعظم المخلوقات هو أفضل الأمكنة على الإطلاق، قال العلماء: إنه أفضل بقاع الأرض حتى المسجد الحرام، وحتى الكعبة المشرفة، وإنه أفضل من السماوات حتى العرش والكرسي، فمن ذلك ما ذكره الإمام السبكي، حيث يقول (أما المدفن الشريف فلا يشمله حكم المسجد، بل هو أشرف من المسجد، وأشرف من مسجد مكة (يعني بيت الله الحرام) وأشرف من كل البقاع، كما حكى القاضي عياض الإجماع على ذلك، أن الموضع الذي ضم أعضاء النبي صلى الله عليه وسلم لا خلاف في كونه أفضل".انتهى كلامه. 

وحيث إن مسألة التفضيل في هذه المسائل  ينبني على إدلة شرعية خبرية توقيفية فلا بد والحال ما ذكر من  دليل ياخذ من  كتاب الله سبحانه وتعالى أو  من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

 وكاتب المقال  لم يتبع هذين المصدرين النقيين الصافيين  بل أتى بإجتهاد خالفهما و زل فيه ولم يحالفه الصواب ولم تعضده الادلة النقلية أو توافقه الحجج العقلية  بل الصواب والحق والصدق والانصاف والأدلة تقف ضده وقد أتى بأقوال ليس له سلف ؛ من ذلك قوله : " أفضل من السموات حتى العرش والكرسي " وهذا قول عظيم بلا دليل شرعي .وتخبطات فكرية وكان يسعه القول وفق الكتاب والسنة. ولزوم جادة أهل العلم الصحيح  وقد اشتمل كلامه على مسائل عدة خلط فيها وخبط وجعلها مسألة واحدة ؛ جهلا وضلالا  والا فكل مسألة تختلف عن الأخرى في :

صيغتها 

وفي نوعها

 وفي ادلتها .

 فشرق وغرب وأتى بعجيب القول وغريبه وفاحشه  .

ثم اعلموا أيها الإخوة الكرام:

أن سبب الرد والايضاح والبيان في رسالتنا  هذه هو حماية جناب التوحيد في أصله أو كماله ابتغاء ما عند الله من عفو وغفران ورفع درجة وفردوس أعلى فلا ينال ماعند الله إلا برحمة الله وفضله .  

جعل الله هذه الرسالة خالصة صوابا متقبلة ونفع الله فيها الكاتب والقارئ ومن أعان على نسخها ونشرها . آمين .   

وعودا على بدء اقول :

قد ذكرنا هذه المسائل ؛ كل مسألة على حدة بإدلتها الشرعية وبيانها وايضاحها وفق الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح .


            (  المسالة الاولى  )


[ افضل البشر والخلق هو رسولنا الكريم وخاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ] 


 فقد  روى الامام مسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم ( ٤٢٢٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ) .

ومن هذا الحديث وغيره من الادلة الشرعية التي تدل على فضل الرسول صلى الله عليه فهم أهل العلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أفضل الخلق وإلى هذا ذهب كثير من أهل العلم منهم 

 الشافعي وعبدالرزاق الصنعاني والنووي  وابن تيميه وابن القيم وابن حجر والمرداوي   والالوسي والطاهر بن عاشور 

 والشنقيطي صاحب اضواء البيان و السعدي وابن باز رحمهم الله وإلى هذا مال  علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ، وقد سئلوا : هل نقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم خير البشر أو خير الخلق ؟ وهل هناك دليل على أنه خير الخلق ، كما يقول كثير من الناس؟

فأجابوا :

"جاء في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة بيان عظم قـدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورفعة مكانته عند ربه تعالى من خلال الفضائل الجليلـة والخصائص الكريمة التي خصه الله بها ، مما يدل على أنه أفضل الخلق وأكرمهم على الله وأعظمهم جاها عنده سبحانه ، قال الله سبحانه : {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء/١١٣] ، وأجنـاس الفضل التي فضله الله بها يصعب استقصاؤها ؛ فمن ذلك : أن الله عز وجل اتخذه خليلا ، وجعله خاتم رسله ، وأنزل عليه أفضل كتبه ، وجعل رسالته عامة للثقلين إلى يوم القيامة ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأجرى على يديه من الآيات ما فاق به جميع الأنبياء قبله ، وهو سيد ولد آدم ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع ، وبيده لواء الحمد يوم القيامة ، وأول من يجوز الصراط، وأول من يقرع باب الجنة ، وأول مـن يدخلها . . . إلى غير ذلك مـن الخصائص والكرامات الواردة في الكتاب والسنة ، مما جعل العلماء يتفقون على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعظم الخلق جاها عند الله تعالى ، قـال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : "وقد اتفق المسلمون على أنه صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق جاها عند الله ، لا جاه لمخلوق أعظم من جاهه ، ولا شفاعة أعظم من شفاعته" .

فمما ذُكر وغيره يتبين أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء ، بل وأفضل الخلق ، وأعظمهم منزلة عند الله تعالى ، ولكن مع هذه الفضائل والخصائص العظيمة فإنه صلى الله عليه وسلم لا يرقى عن درجة البشرية ، فلا يجـوز دعاؤه والاستغاثة به من دون الله عز وجل ، كما قـال تعالى: { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف/١١٠]، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى . [فتاوى اللجنة الدائمة( ٣٥ / ٢٥ )]  .



       ( المسألة الثانية )

[ معتقد  أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح؛ تفضيل صالحي البشر ي على الملائكة عليهم الصلاة والسلام  ]


ينقل الإمام ابن القيم رحمه الله 

عقيدة اهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح  في الصواعق المرسلة ( ٣ / ١٠٢ ) فيقول :" 

ومذهب أهل السنة أن صالحي البشر أفضل من الملائكة ، وإن كانت مادتهم نورا ، ومادة البشر ترابا ".وقد سُئِلَ شَيخ الإسلاَم ابن تيميه رحمه الله [ مجموع الفتاوى ( ٤ / ٣٤٤ )] : عَنْ الْمُطِيعِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ هُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ؟

فَأَجَابَ :

" قَدْ ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ : " إنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ : يَا رَبِّ جَعَلْت بَنِي آدَمَ يَأْكُلُونَ فِي الدُّنْيَا وَيَشْرَبُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ ، فَاجْعَلْ لَنَا الْآخِرَةَ كَمَا جَعَلْت لَهُمْ الدُّنْيَا ؟ قَالَ : لَا أَفْعَلُ ثُمَّ أَعَادُوا عَلَيْهِ قَالَ : لَا أَفْعَلُ ثُمَّ أَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ : وَعِزَّتِي لَا أَجْعَلُ صَالِحَ ذَرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْت بِيَدَيَّ ، كَمَنْ قُلْت لَهُ : كُنْ فَكَانَ " ذَكَرَهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدارمي .

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ قَالَ : مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ . فَقِيلَ لَهُ : وَلَا جِبْرِيلُ وَلَا ميكائيل فَقَالَ لِلسَّائِلِ : " أَتَدْرِي مَا جِبْرِيلُ وَمَا ميكائيل ؟ إنَّمَا جِبْرِيلُ وميكائيل خَلْقٌ مُسَخَّرٌ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَمَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

وَمَا عَلِمْت عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ . وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ : أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَوْلِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ "

انتهى كلامه رحمه الله. 

ويرى الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بقوله أن :" القول الراجح أن يقال : إن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة باعتبار النهاية ، فإن الله سبحانه وتعالى يؤدي لهم من الثواب ما لا يحصل مثله للملائكة فيما نعلم ، بل إن الملائكة في مقرهم- أي : في مقر الصالحين ، وهو الجنة - يدخلون عليهم من كل باب يهنئونهم : ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) .

أما باعتبار البداية فإن الملائكة أفضل ؛ لأنهم خلقوا من نور ، وجبلوا على طاعة الله عز وجل والقوة عليها ، كما قال الله تعالى في الملائكة ملائكة النار : {عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ، وقال عز وجل : {وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} هذا هو القول الفصل في هذه المسألة " [ فتاوى نور على الدرب( ٨ / ٦ )].


         ( المسألة الثالثة )


          [ أفضل البقاع ]


التفضيل أمر توقيفي يحتاج الى دليل من الكتاب أو السنة 

وقلنا مكة أفضل من المدينة 

وذلك لما ثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم  عن عبد الله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمكة وهو واقف بالحزورة‏:‏ ‏(‏والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما خرجت‏)‏‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث صحيح‏.‏ وصححه الإمام الالباني رحمه الله  في صحيح الترمذي حديث رقم ( ٣٩٢٥) وفي رواية‏:‏ ‏(‏إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله‏)‏‏.‏

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمَكَّةَ: ( مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وأَحبَّكِ إلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ) رواه ابن حبان والبزار . والتِّرْمِذِيُّ رحمهم الله أجمعين وَصَحَّحَهُ الترمذي  وصححه الإمام الألباني في صحيح الترمذي ( ٣٦٢٩) .

 والى هذا التفضيل ذهب جمهور الفقهاء من الاحناف والشافعية والحنابلة وقول عند المالكية 

واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن باز رحمهما الله. 

 " فقد ثبت أنها خير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله وإلى رسوله‏.‏ وهذا صريح في فضلها‏.‏ وأما الحديث الذي يروي‏:‏ ‏(‏أخرجتني من أحب البقاع إلى فاسكنى أحب البقاع إليك‏)‏، فهذا حديث موضوع كذب لم يروه أحد من أهل العلم [ مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله( ٦ /١٩٧)].‏

قال الإمام ابن باز  رحمه الله  :" مكة هي أفضل البقاع، وأفضل أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ومن ذلك حديث عبدالله بن عدي بن حمراء أن النبي ﷺ لما وقف في الحزورة، الحزورة قال صاحب النهاية بزنة قسورة فتح الحاء والواو وتسكين الزاي بينهما حزورة، وبعض الناس ينطقها بالتشديد حزورة، والصواب التخفيف، وهكذا الحديبية بعض الناس ينطقها بالتشديد وهي بالتخفيف حديبية، وهكذا قال الشافعي: الناس يشددون وهي بالتخفيف حزورة وحديبية كذا في النهاية، وقال: إنكِ لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن قومك أخرجوني منك لما خرجت وهذا يدل على فضلها وأنها أفضل البقاع، ومن هذا أن الصلاة فيها بمائة ألف صلاة، هذا يدل على أنها أفضل البقاع، فيها الكعبة المشرفة التي هي بيت الله يحجه الناس، قد فرض الله على الناس حج البيت فهي أفضل البقاع وخير البقاع، ثم تليها المدينة " [ من موقع الإمام ابن باز رحمه الله الرسمي بتصرف يسير ] .


       (  المسألة الرابعة )


[ تعظيم قبور الأنبياء والمرسلين والناس الصالحين  على الأماكن المقدسة مثل مكة وتعظيمها تعظيما لا دليل عليه من الشرع    ]



وَسُئِلَ [ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ] عن التربة التي دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل هي أفضل من المسجد الحرام‏؟‏

فأجاب‏:‏

وأما ‏[‏التربة‏]‏ التي دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلا أعلم أحدا من الناس قال‏:‏ إنها أفضل من المسجد الحرام، أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى، إلا القاضي عياض، فذكر ذلك إجماعا، وهو قول لم يسبقه إليه أحد فيما علمناه‏.‏ ولا حجة عليه، بل بدن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من المساجد‏.‏

وأما ما فيه خلق أو ما فيه دفن، فلا يلزم إذا كان هو أفضل أن يكون ما منه خلق أفضل؛ فإن أحدا لا يقول‏:‏ إن بدن عبد الله أبيه أفضل من أبدان الأنبياء، فإن الله يخرج الحي من الميت، والميت من الحي‏.‏ ونوح نبى كريم، وابنه المغرق كافر، وإبراهيم خليل الرحمن، وأبوه آزر كافر‏.‏

والنصوص الدالة على تفضيل المساجد مطلقة، لم يستثن منها قبور الأنبياء، ولا قبور الصالحين‏.‏ ولو كان ما ذكره حقا لكان مدفن كل نبى، بل وكل صالح، أفضل من المساجد التي هي بيوت الله، فيكون بيوت المخلوقين أفضل من بيوت الخالق التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وهذا قول مبتدع في الدين، مخالف لأصول الإسلام‏."[ مجموع الفتاوى ( ٦ / ١٩٨)].

وسئل أيضا عن رجلين تجادلا فقال أحدهما : إن تربة محمد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من السموات والأرض وقال الآخر : الكعبة أفضل . فمع من الصواب ؟

الجواب

فأجاب : الحمد لله . أما نفس محمد صلى الله عليه وسلم فما خلق الله خلقا أكرم عليه منه . وأما نفس التراب فليس هو أفضل من الكعبة البيت الحرام بل الكعبة أفضل منه ولا يعرف أحد من العلماء فضل تراب القبر على الكعبة إلا القاضي عياض ولم يسبقه أحد إليه ولا وافقه أحد عليه . والله أعلم [ مجموع الفتاوى ( ٦ / ١٩٩ )].



          (   الخاتمة    )


قال الإمام ابن باز رحمه الله  : 

" فإن البناء على القبور وتخصيص يوم معين لزيارتها واتخاذها أعياد أمر منكر، النبي عليه السلام قال: ( لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً ) فلا يجوز أن تعظم القبور بالبناء عليها واتخاذها مساجد ولا باتخاذها أعياداً يجتمع إليها في السنة مرة أو مرتين، كل هذا مما أحدثه الناس، وإنما المشروع أن تزار فيما يسر الله من الأيام، من غير تحديد يوم معين، تزار ويدعى للميت ويترحم عليه، كما قال النبي ﷺ:(  زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ) فلا بد من تذكر الموت، فيزورها المؤمن  يزورها الرجل ويسلم على المقبور ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة هذا هو المشروع، من دون شد رحل، أما شد الرحال فلا يجوز شد الرحال إلى القبور، وإنما تشد الرحال إلى المساجد الثلاثة فقط، مسجد الحرام، ومسجد النبي ﷺ والمسجد الأقصى، هكذا بين النبي ﷺ قال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) أما شد الرحال لقبرٍ معين أو لقبور معينة هذا منكر وخلاف السنة.

ثم قصد القبور للدعاء عندها أو الصلاة عندها أو القراءة عندها أيضاً منكر ومن وسائل الشرك، فلا تتخذ محلاً للدعاء والصلاة والقراءة، بل هذا من نوع اتخاذها مساجد، فلا يجوز، ولا يجوز البناء عليها لا بقبة ولا بسقف لا يتخذ قبر مصلى ولا يبنى عليه قبة ولا يفرش ولا يطيب، لأن هذه من وسائل الشرك ووسائل الغلو فيه، فلا يجوز هذا العمل الذي ذكره السائل، من قصد القبر وتغسيله وتعظيمه والاجتماع عنده والتبرك به كلها من المنكرات التي حرمها الله عز وجل، والنبي ﷺ قال: ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وقال:(  ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) .

فلا يجوز أن تتخذ مساجد ولا أن يبنى عليها ولا أن يصلى عندها، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة). فدل على أن القبور ما هي محل مساجد ولا محل قراءة.

وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام فيما رواه جابر .. روى جابر عن النبي ﷺ: (أنه نهى عن تشييد القبور، وعن القعود عليها وعن البناء عليها). رواه مسلم في الصحيح.

فالقبور لا يبنى عليها لا قبة ولا غيرها ولا يبنى عليها مسجد، ولا تتخذ محلاً للدعاء والصلاة والقراءة، ولكن تزار من البلد من دون شد رحل، يزورها أهل البلد أو المار عليها فيسلم عليهم ويدعو لهم ويستغفر لهم، وفيها عبرة وذكرى، بالزيارة يذكر الموت ويذكر الآخرة ويذكر ما صار إليه هؤلاء الأموات فيستعد للقاء الله عز وجل.

هذا هو المشروع فينبغي الحذر مما أحدثه الجهال ومما يفعله الجهال من الغلو في القبور ودعاء أهلها والاستغاثة بهم والنذر لهم وطلب منهم المدد فإن هذا من الشرك الأكبر، كونه يقول: يا سيدي فلان المدد المدد، الغوث الغوث، اشف مريضي انصرنا على أعدائنا هذا من الكفر الأكبر، من الكفر والشرك الأكبر، إنما يطلب من الله هو الذي يمد العباد، هو الذي ينصرهم، هو الذي يشفي المرضى سبحانه وتعالى، أما الميت فليس عنده قدرة، لا يشفي نفسه ولا يشفي غيره، فدعاؤه والاستغاثة به والنذر له والذبح له وطلبه المدد كل هذا من أعمال الجاهلية ومن الشرك الأكبر، فيجب الحذر من ذلك، والله المستعان""التعلق بالقبور ورجاء نفعها ودفع الضرر منها بدعائها أو التمسح بها أو الاستغاثة بها أو الطواف بها كله كفر أكبر، هذا شرك المشركين، هذا ضلال الأولين.

لا يجوز التعلق بالقبور، لا بقبور الصالحين، ولا بقبور الأنبياء ولا غيرهم، فالذي يتعلق بها يطوف بها يرجو نفعها أو يستغيث بأهلها، أو ينذر لهم، أو يتمسح بقبورهم يرجو منهم النفع، أو يستعين بهم أو يذبح لهم، أو يسجد لهم، كل هذا من الكفر بإجماع أهل السنة والجماعة، بإجماع أهل العلم، وهذا شرك المشركين الأولين، الله يقول جل وعلا: { وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } سماهم كفار، وقال جل وعلا: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، وقال سبحانه: { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ . إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} سموه شرك دعاهم.قال النبي ﷺ: ( الدعاء هو العبادة) ، فالذي يدعوهم قد عبدهم، فإذا قال: يا سيدي! انصرني أو اشف مريضي، أو اشفع لي، أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك، أنا متوكل عليك، أنا أرجوك، أنا أخافك، هذا شرك أكبر، هذا ما يفعل إلا مع الله جل وعلا، يخاطب الله، يا رب! انصرني .. اشف مريضي .. أنا أخاف..... مع الله سبحانه، أما مع المخلوق هذا الشرك الأكبر، أو مع النجوم، أو مع الجن، أو مع الأصنام، كل هذا كفر أكبر، هذا شرك المشركين، وهكذا ما يفعله عباد الحسين، أو عباد الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهما، أو عباد العيدروس أو .... زينب أو غير ذلك، كل هذا كفر أكبر، إذا دعاه دعا العيدروس، أو دعا الحسين، أو الحسن، أو استغاث بـعلي رضي الله عنه، أو بالنبي ﷺ، أو استعان به، أو قال: يا رسول الله! انصرني، أو اشفع لي، أو اشف مريضي، أو ثبتني على الدين، هذا كله كفر أكبر.

الشفاعة تطلب منه يوم القيامة بعد البعث والنشور، وفي حياته قبل الموت يقال: اشفع لي يا رسول الله، لا بأس، أما بعد الموت لا، لا يطلب منه لا شفاعة ولا غيرها، لكن حين كان حيًا يقول الصحابي: يا رسول الله! اشفع لنا، استغث لنا، لا بأس؛ لأنه قادر، ويوم القيامة كذلك بعدما يبعث الله الناس وعند شدة الهول يذهب المؤمنون إلى آدم يقولون: اشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من كرب الموقف، يقضي بيننا فيتعذر آدم ويحيلهم إلى نوح، ويتعذر نوح ويحيلهم إلى إبراهيم، ويتعذر إبراهيم ويحيلهم إلى موسى، فيتعذر موسى ويحليهم إلى عيسى فيتعذر عيسى ويقول: اذهبوا إلى محمد، عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال ﷺ: فيأتوني -يأتيه الناس- فأقول: أنا لها أنا لها، ثم يذهب عليه الصلاة والسلام فيسجد بين يدي ربه -يسجد بين يدي الله تحت العرش، ويحمد الله بمحامد يفتحها عليه، يثني عليه كثيرًا حتى يقال له: يا محمد! ارفع رأسك وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع  لا يشفع إلا بعد الإذن؛ لأن الله يقول: { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ }فإذا أذن له شفع في الناس أن يقضى بينهم، ويشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، ويشفع في أناس من العصاة دخلوا النار أن يخرجوا منها شفاعات كثيرة عليه الصلاة والسلام.

وهكذا يشفع المؤمنون في العصاة.. تشفع الملائكة.. يشفع الأفراط، هذا جاءت به النصوص عن النبي ﷺ " [ من الموقع الرسمي للإمام ابن باز رحمه الله  بتصرف يسير ].

رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. 

----------------------------------------

كتبه وأملاه من يرجو عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني.

الخميس، 25 نوفمبر 2021

《 اسم المتكبر والكبير لله سبحانه وتعالى ؛ وصفة الكبرياء لله سبحانه وتعالى ومعنى هذه الأسماء الحسنى والصفات العلى 》


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد:


فإن اسم المتكبر والكبير وصفة الكبرياء أسماء حسنى وصفات علياء لربنا تعالى وتقدس ثبتت - كتابا وسنة - نؤمن بها  على الوجه اللائق بربنا الله سبحانه وتعالى.  ونقول : المعنى معلوم والكيف مجهول .

نثبتها من غير تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف .

 من الادلة على هذه الأسماء الحسنى  والصفات العلى 

قولـه سبحانه  تعالى: { السَّلامُ الـمُؤْمِنُ الـمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الـمُتَكَبِّرُ }

وأما الكبير فقوله تعالى : (ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِوقوله تعالى وتقدس:{ عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال} وقال سبحانه وتعالى : {وأن الله هو العلي الكبير}  وقال تعالى وتقدس : {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحقَّ وهو العليُ الكبيرُ} .

وأما في السنة :

ففي حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما مرفوعا : ( العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني؛ عذبته)

رواه مسلم رحمه الله في صحيحه. وفي صحيح الإمام  البخاري رحمه الله( ٧٤٤٤) وفي صحيح الإمام مسلم رحمه الله(  ١٨٠ ) عن الصحابي الجليل عبد الله بن قيس رضي الله عنه مرفوعاً : ( جنتان من فضَّة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكـبرياء على وجهه في جنة عدن )


وأما ورود اسم الكبير لله ربنا تعالى وتقدس فقد استفاض وتواتر في الأذكار فمنها على سبيل التمثيل لا الحصر ( الله أكبر ) و ( الله أكبر كبيرا )..  

وصفة الكبرياء في قوله 

تعالى وتقدس : { وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }

الذي تكبر عن كل سوء .وشر

 وقيل : المتعظم عما لا يليق به . وأصل الكبر والكبرياء : الامتناع . 

وقيل : ذو الكبرياء وهو الملك .

الذي له الكبرياء والعظمة، المتنزه عن جميع العيوب والظلم والجور.

ومعنى الكبير :

الكبير الذي كل شيء دونه "، 

وقيل :

الذي هو أكبر من كل شيء ، 

وقيل :

الكبير في ذاته وأسمائه وصفاته .

وقوله تعالى : { وله الكبرياء }


"وله العظمة والسلطان في السموات والأرض دون ما سواه من الآلهة والأنداد"[تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله]

وفي [ تفسير ابن كثير رحمه الله ]:

"قال مجاهد : يعني السلطان . أي : هو العظيم الممجد ، الذي كل شيء خاضع لديه فقير إليه . وقد ورد في الحديث الصحيح : " يقول الله تعالى العظمة إزاري والكبرياء ردائي ، فمن نازعني واحدا منهما أسكنته ناري " . ورواه مسلم من حديث الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن الأغر أبي مسلم ، عن أبي هريرة وأبي سعيد ، رضي الله عنهما ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحوه .

وفي تفسير السعدي رحمه الله:" 

أي: له الجلال والعظمة والمجد.

فالحمد فيه الثناء على الله بصفات الكمال ومحبته تعالى وإكرامه، والكبرياء فيها عظمته وجلاله والعبادة مبنية على ركنين، محبة الله والذل له، وهما ناشئان عن العلم بمحامد الله وجلاله وكبريائه ".


والله أعلم  ؛  وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  .

.................

كتبه :  غازي بن عوض العرماني. 

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021

《 أهمية أتباع طريقة السلف الصالح في العناية بتعلم القرآن الكريم وفهمه وتدبره وترك طرق أهل البدع والأهواء 》





    بسم الله الرحمن الرحيم 



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 


فقد روي الإمام البخاري رحمه الله  في صحيحه عن أمير المؤمنين الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال  :( خيركم من تعلم القرآن  وعلمه ).

فتعلم القرآن الكريم من أشرف العلوم واجلها ويشمل هذا التعليم تعلم اتقان لفظ القرآن الكريم مع تدبره معانيه وفهمها

و" علم أن ما عداه - أي القرآن - من كتب الناس وآرائهم ومعقولاتهم بين علوم لا ثقة بها،وإنما هى آراء وتقليد، وبين ظنون كاذبة لا تغنى من الحق شيئا، وبين أمور صحيحة لامنفعة للقلب فيها،وبين علوم صحيحة قد وعروا الطريق إلى تحصيلها، وأطالوا الكلام فى إثباتها، مع قلة نفعها"[إغاثة اللهفان من مصائدالشيطان ( ١ / ٤٤ )].

والعمل بالقرآن الكريم هو المراد فقد "نزل القرآن ليُعمَل به فاتَخَذوا تلاوته عملاً؛ ولهذا كان أهل القرآن هم العاملون به، والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم"[زاد المعاد ( ١ / ٣٢٣)] 

إذ إن  " تدبُّر الكلام إنما ينُتفَع به إذا فُهِم، قال  تعالى : {إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} . فالرسل تبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم، وعليهم أن يبلِّغوا الناس البلاغ المبين، والمطلوب من الناس أن يعقلوا ما بلَّغه الرسل، والعقل يتضمن العلم والعمل؛ فمن عرف الخير والشر، فلم يتَّبع الخير ويحذر الشر لم يكن عاقلاً"[ مجموع الفتاوى( ١٥ / ١٠٨ ) ].

وكان السلف الصالح من فقهاء الصحابة رضي الله عنهم منهم عثمان بن عفان وعبد الله ابن مسعود وأبي بن كعب  رضي الله عنهم أجمعين  :" يأخذون من رسول الله صلى الله عليه وسلم  عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى، حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا العلم والعمل" [ أثر صحيح وهو في مسند الإمام أحمد والبيهقي في الكبرى والطحاوي في شرح مشكل الآثار  وابن جرير في تفسيره ] .

وفي الأثر المشهور الذي أخرجه الخطيب عن مالك عن بن عمر رضي الله عنهما قال : "تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة ".

.و " كان الفاضل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة أو نحوها، ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يرزقون القرآن منهم الصبي والأعمى، ولا يرزقون العمل به"

[ أخلاق أهل القرآن للآجري رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما صفحة ( ١٠ )].

وفي سنن سعيد بن منصور رحمه الله( ١ / ١٧٦)  و سير أعلام النبلاء  ( ٣ / ٣٤٨ ) ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : " قدم على عمرَ رجلٌ، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا. فقلت: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر، ثم قال: مه! فانطلقتُ إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فقلت: قد كنتُ نزلتُ من هذا بمنزلة، ولا أراني إلا قد سقطتُ من نفسه، فاضطجعت على فراشي، حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، فبينا أنا على ذلك، قيل لي: أجب أمير المؤمنين. فخرجتُ، فإذا هو قائم على الباب ينتظرني، فأخذ بيدي، ثم خلا بي، فقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفاً؟ قلت: يا أمير المؤمنين، إنْ كنت أسأتُ، فإني أستغفر الله وأتوب إليه، وأنزلُ حيث أحببت. قال: لتخبرني. قلت: متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقُّوا، ومتى ما يحتقُّوا يختصموا، ومتى ما اختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا. قال: لله أبوك! لقد كنتُ أكتمها الناس حتى جئتَ بها " 

"ويحسن أن نقدم إليكم مثلا يمس حياة كثير من المتعبدين اليوم بحسن نية ولكن بسوء عمل سوء العمل هو الابتداع في الدين اسمعوا القصة التالية القصة يرويها الإمام الدارمي في سننه بإسناده الصحيح " أن أبا موسى الأشعري جاء صباح يوم إلى دار عبد الله بن مسعود فوجد الناس ينتظرونه قال لهم : أخرج أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود كنيته أبو عبد الرحمن قالوا له : لا فجلس ينتظره إلى أن خرج فقال له : يا أبا عبد الرحمن لقد رأيت في المسجد آنفا شيئا أنكرته " وأرجو الانتباه إلى هذه الكلمة والتي تليها " رأيت في المسجد آنفا شيئا أنكرته ومع ذلك لم أر إلا خيرا " كيف يجتمعان؟ رآى خيرا ومع ذلك أنكره حق له ذلك لأنه رآى عبادة لم يرها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم " قال له : ماذا رأيت قال : إن عشت فستراه رأيت في المسجد أناسا حلقا حلقا وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لمن حوله : سبحوا كذا احمدوا كذا كبروا كذا وأمام كل رجل منهم حصى يعد بها التسبيح والتكبير والتحميد قال ابن مسعود : أفلا أنكرت عليهم؟ قال : لا انتظار أمرك أو انتظار رأيك قال أفلا أنكرت عليهم وأمرتهم أن يعدوا سيئاتهم فلن تضيع من حسناتهم عند الله شيء { أحصى كل شيء عددا } قال : لا انتظار أمرك أو انتظار رأيك عاد ابن مسعود إلى داره وخرج متلثما " هكذا " وانطلق إلى المسجد حتى لا يرى ووقف عند الحلقات فرآى ما وصف له أبو موسى فكشف عن وجهه اللثام وقال لهم ويحكم ما هذا الذي تصنعون؟ أنا عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرفوه قالوا يا أبا عبد الرحمن حصى حصى " يعني شغلة بسيطة " حصى نعد به التسبيح والتكبير والتحميد قال : عدوا سيئاتكم وأنا ضامن لكم ألا يضيع من حسناتكم شيء ويحكم ما أسرع هلكتكم هذه ثيابه صلى الله عليه وسلم لم تبل وهذه آنيته لم تكسر " أي إن النبي صلى الله عليه وسلم حديث عهد بمفارقة الأصحاب فما آن لكم أن تحدثوا في الدين ما لم يكن معروفا في عهده عليه الصلاة والسلام فأجابوه والحق أن هذا الجواب هو لسان أكثر المتعبدين ولكن على غيروعلم أن ما عداه - أي القرآن - من كتب الناس وآرائهم ومعقولاتهم بين علوم لا ثقة بها،وإنما هى آراء وتقليد، وبين ظنون كاذبة لا تغنى من الحق شيئا، وبين أمور صحيحة لامنفعة للقلب فيها،وبين علوم صحيحة قد وعروا الطريق إلى تحصيلها، وأطالوا الكلام فى إثباتها، مع قلة نفعها) . إغاثة اللهفان١/٤٤ هدى من ربهم نفوسهم طيبة ونواياهم حسنة ولكنهم لما خالفوا سنة الرسول عليه السلام ما أجروا إن لم يكن قد وزروا قالوا ماذا؟ " قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير " ترى هل تغني النية الصالحة عن العمل الصالح؟

 أي أن يكون عمل الإنسان غير صالح لكن نيته صالحة يكفي؟ لا يكفي وهنا بيت القصيد { فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } كما أن النية الصالحة لا تشفع للعمل الطالح فيجعله صالحا كذلك إذا كان العمل صالحا موافقا للسنة ولكن النية غير صالحة لا يفيده هذا العمل الصالح شيئا إطلاقا فلابد من اجتماع الشرطين المذكورين لما قال أولئك الناس لابن مسعود وهم صادقون فيما يقولون " والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير قال : وكم من مريد للخير لا يصيبه " هذه حقيقة مرة وكم من مريد للخير لا يصيبه أي من أراد الخير اتخذ سبيله سلك السبيل الذي يوصل إلى الخير كما قال عليه الصلاة والسلام مؤكدا لكلمة ابن مسعود بل والله أعلم والآن هذه خاطرة بدرت لي لأول مرة في حياتي والله أعلم أن ابن مسعود أخذ هذه الكلمة من حديثه الذي رواه عن الرسول عليه والسلام :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بين أصحابه يوما فخط لهم على الأرض خطا مستقيما وقرأ الآية الكريمة { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبع السبل فتفرق بكم عن سبيله } وخط خطوطا عن يمين الخط المستقيم ويساره وقال عليه السلام موضحا للخط المستقيم هذا صراط الله وهذه طرق على جنبي الطريق المستقيم وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعوا الناس إليه ) وهذا الحديث يجب أن نأخذ عبرة ما يكفي المسلم أن يعيش هكذا سبهللة فلتان في الحياة أيها الناس اتبعوا الناس لا أيها الناس اتبعوا سيد الناس أي عليكم أن تعرفوا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم في أمور حياتكم الدينية كلها سواء ما كان منها عقيدة أو ما كان منها عبادة أو ما كان منها سلوكا كل ذلك يجب أن يكون معلوما عند كل مسلم يرجو النجاة يوم القيامة كما قلنا آنفا فالظاهر أن ابن مسعود لما قال لهم وكم من مريد للخير لا يصيبه ! يشير إلى هذا الحديث أنهم ما سلكوا الطريق المستقيم وإذن فهم سوف لا يصلون كما قال الشاعر القديم :

" ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس " ، فإذن الذي يرجو النجاة يجب أن يتمسك بسفينة النجاة وهي ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى والنور قال " وكم من مريد للخير لا يصيبه إن محمدا صلى الله عليه وسلم حدثنا فقال : ( سيكون في أمتي أقوام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) " سيكون في أمتي أقوام يمرقون من الدين بسرعة غريبة جدا كما يمرق السهم من الرمية أي من الدابة المرمية العبرة من هذه القصة في خاتمتها " قال الذي حدث بهذه القصة فقد رأيت أولئك الأقوام " أي أصحاب الحلقات حلقات الذكر غير المشروع " قال فقد رأينا أولئك الأقوام يقاتلوننا يوم النهروان " وما معنا هذا الكلام؟ أصحاب الذكر غير المشروع هذه البدعة الصغيرة أودت بهم إلى البدعة الكبيرة وهي الخروج على علي بن أبي طالب الخليفة الراشد ومقاتلتهم له فما كان منه ولم يسعه إلا أن يقاتلهم حتى استأصل شأفتهم ولم ينجوا منهم إلا رجلين أو ثلاثة لذلك اقتبسنا من هذه القصة شبيه ما يذكره بعض الفقهاء " أن الذنوب الصغائر بريد الكبائر " الذنوب الصغائر إذا ما استمر عليها المسلم وأصر عليها فستكون عاقبة أمرها أن توصله إلى الذنوب الكبائر كذلك البدع الصغائر التي يستسهلها بعض الناس وبقولولك يا أخي شو فيها هي لا يفكر تماما كما قال بعض الفقهاء أيضا " لا تستصغر المعصية فإنها عظيمة حينما تتذكر عظمة الله تبارك وتعالى وأنه قد نهاك عنها فيجب أن تنتهي عنها " كذلك أيها المبتلى في بعض البدع تتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى لا تقل : شو فيها .

فيها أن الإسلام قد كمل فإذا ما قلت هذه بدعة حسنة فمعنى ذلك أنك تستدرك على هذا الرب الذي أنزل في القرآن الكريم :{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }[ سلسلة الهدى والنور شريط رقم  ( ٥٣٧ )].

وفي خاتمة رسالتي هذه ؛ فليحرص طالب العلم على معرفة طريقة السلف الصالح في تعلم القرآن الكريم والعمل بما فيه فيعمل بها ويحذر طريقة أهل البدع والأهواء فيجتنبها ؛ وفضائل تدبر القرآن الكريم عديده ومزاياه فريدة  

ف"ليس تحت أديم السماء كتاب متضمن للبراهين والآيات على المطالب العالية من التوحيد، وإثبات الصفات، وإثبات المعاد والنبوات، ورد النحل الباطلة والآراء الفاسدة، مثل القرآن. فإنه كفيل بذلك كله، متضمن له على أتم الوجوه وأحسنها، وأقربها إلى العقول وأفصحها بيانا"[ إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان (  ١ / ٤٤ )]واعلموا  رحمنا الله وإياكم بأن " لَا شَيْء أَنْفَع للقلب من قِرَاءَة الْقُرْآن بالتدبر والتفكر، فَإِنَّهُ جَامع لجمِيع منَازِل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وَهُوَ الَّذِي يُورث الْمحبَّة والشوق وَالْخَوْف والرجاء والانابة والتوكل وَالرِّضَا والتفويض والشكْر والصَّبْر" [ مفتاح دار السعادة( ١ / ١٨٧ )].

والطريقة الصحيحة لكيفية تدبر القرآن الكريم  وفهمه وتامله" فَهُوَ تَحْدِيقُ نَاظِرِ الْقَلْبِ إِلَى مَعَانِيهِ، وَجَمْعُ الْفِكْرِ عَلَى تَدَبُّرِهِ وَتَعَقُّلِهِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِإِنْزَالِهِ، لَا مُجَرَّدُ تِلَاوَتِهِ بِلَا فَهْمٍ وَلَا تَدَبُّرٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}  وَقَالَ تَعَالَى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[ مدارج السالكين( ٤٥١/١ )].

ومن اراد البعد عن الشهوات و الشهوات فعليه بتدبر القرآن الكريم وفهمه " فآيات القرآن تُحيي القلوب كما تحيا الأرض بالماء ، وتحرق خبثها وشبهاتها ،وشهواتها ،وسخائمها ، كما تُحرق النَّار ما يُلقى فيها " [ مفتاح دار السَّعادة ( ١ / ٦١ ) ] .

أيها الإخوة الكرام :

" لا شيء أنفع للقلب من قراءة القران بالتدبر؛ فإنه جامع لمنازل السائرين، وأحوال العاملين ومقامات العارفين وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله، ولو علم الناس ما في تدبره لاشتغلوا به عن كل ما سواه""وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه، فرأيتُ لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته" [مدارج السالكين ( ١/ ١٨٧) و( ٢ / ٥٠٢)].

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة؛ والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

---------------------------------------

كتبه : غازي بن عوض العرماني.

الأحد، 21 نوفمبر 2021

《 رسالة خاصة إلى اخواني طلاب العلم 》


إلى الإخوة الكرام طلاب العلم  

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  .

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد 

فتعلمون أيها الإخوة الكرام أننا نسير في هذه الدنيا الفانية في  طريق ابتلاء واختبار نريد السلامة والعافية منه فيحرص كل مسلم يخاف الله ويتقيه أن يوصل إلى طاعة الله وتوحيده ورضاه ورحمته وإلى الفردوس الأعلى من الجنة  .

وهذا يتم:

 ايجازا:

 بالاخلاص والصواب وسؤال الله القبول .

 وتفصيلا :

بإتباع كلام الله سبحانه وتعالى وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم  وفق هدي السلف الصالح وفهمهم المبارك مع ارادة وجه الله تعالى والدار الآخرة والالحاح على الله بالثبات على التوحيد والسنة وحسن الخاتمة. 

ومن الأمور الموصلة إلى هذا الأمر النصح والوصية ببيان الخطأ وفق ضوابط الشرع والتي منها قواعد العلماء الربانيين وأصول أهل السنة السلفيين .

وحيث أنني اخ محب لكم  قد يبدر مني - نتيجة لطبيعة البشر ولضعف يعتريهم خلقة.

 والكمال:

 عزيز .

 والكمال :

لله سبحانه وتعالى.

 والكمال : في دين الله الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده وهذا الدين مبني على  الكتاب والسنة  وكلاهما وحي يوحى.   

وحيث إن من موجبات  المحبة في ذات الله إيضاح  أخطائي وتقصيري والذي قد ترونه في مؤلفاتي أو صوتياتي .

وقد تخفى عن أخيكم رزقنا الله وإياكم كلمة الحق في الغضب والرضاء إذ الغالب على الناس كما قال الإمام الشافعي رحمه الله  :


" وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ


وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا  " .


ياطلاب العلم:

 تعلمون وتدركون يقينا معنى قول الامام مالك رحمه الله  :" كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

فأقوال جميع البشر

 غير قول رب البشر - سبحانه وتعالى  -

أو قول رسول رب البشر - صلى الله عليه وسلم-

عرضة للخطأ

 غير معصومة.

ولا منزهة عن الزلل ؛ لذا فإنني انبه اخواني طلاب العلم على مراسلتي على الخاص في عرض مالديهم من أخطاء وقعت من أخيهم  فالمؤمن مرآة أخية ورحم الله أمرءا أهدي إلينا عيوبنا ....

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

..................................

غازي بن عوض العرماني.

《 وصية إلى الإخوة طلاب العلم في بذل الجهد في طلب العلم وعلى فقه المسائل العلمية المختلف فيها ومعرفة كيفية التعامل مع المخطئ من أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح والمخطئ من أهل الأهواء والبدع والفرق والجماعات المنحرفة في ضوء الاطلاع على سيرة وأقوال أئمة السلف الصالح 》


    بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد

فالمطلع على أحوال وسيرة  شيوخ الإسلام وأئمة السنة وكبار علماء السلف يجد الصدق  و العدل والرحمة والانصاف والادب وحسن الخلق والصواب والإخلاص لله رب العالمين  سبحانه وتعالى  وذلك في طريقة تعاملهم مع جميع البشر .

سواء مع المسلم او مع الكافر أو مع السني السلفي أو المبتدع الخلفي فلا ظلم ولا جور ولا حيف ولا كذب بل هو الحق المبين المبني على كلام رب العالمين سبحانه وتعالى وكلام أشرف الأنبياء والمرسلين وهدي السلف الصالحين .

فلا تثريب فقد أتت اوصافهم 

في كتاب الله عز وجل فهاك بعضها وليست كلها ؛ يقول الله سبحانه وتعالى :{ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}{التّائِبونَ العابِدونَ الحامِدونَ السّائِحونَ الرّاكِعونَ السّاجِدونَ الآمِرونَ بِالمَعروفِ وَالنّاهونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحافِظونَ لِحُدودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ}.

وهم يعلمون ويعملون بقوله تعالى :{  إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى }وقوله تعالى وتقدس:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى }  { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}

وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي:( يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا فلا تظالموا ) رواه مسلم.

 وفي صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما  قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إلى اليَمَنِ: ( إنَّكَ سَتَأْتي قَوْمًا أهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إلى أنْ يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فَإِيَّاكَ وكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ، واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإنَّه ليسَ بيْنَهُ وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ).

وسبب كتابة هذه الرسالة حث اخواني طلاب العلم على اغتنام اوقاتهم في طلب العلم والبعد عن توافه الأمور وسقطها ؛  وذلك حينما تقرأ وتشاهد سيرة مشايخ الإسلام الكبار امثال إبن تيميه وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب و الالباني و الجامي وربيع ومقبل - رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ونفعنا الله واياكم بعلم الجميع - يجد  العدل والرحمة والصدق والحق مؤيدا بالادلة النقلية والحجج العقلية في كيفية حكمهم على الرجال ؟.

أو في كيفية التعامل مع المسائل العلمية المختلف فيها بينهم ؟.

ثم مرة أخرى تجدالحكمة والحلم والفقه .

والصبرُ واليقينُ وخشية الله عز وجلَّ مع الرسوخ في العلم وذلك  باتباع ميراث النبوة

فهم ربانيون في مصادر علمهم وفي تربيتهم للناس  وفي تعاملهم وفي دفاعهم المستميت عن هذا الدين فينطبق عليهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :( يحمل هَذَا الْعلمَ منْ كُلِّ خلفٍ عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالينَ ، وانتحال المبطلينَ وَتَأْويل الْجَاهِلين ) [ رواه جمع من الصحابة رضي الله عنهم صححه الإمام أحمد رحمه الله] 

  ولهم شرف ورفعة فهم اخذوا من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عنه  : { لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }

قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية رَحِمَهُ اللهُ :" وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ ؛ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ فَلَا يَبْتَدِعُونَ"[ مجموع الفتاوى ( ١٦ / ٩٦ )].

فهم رحمة للخلق ومنارات بيان وهدى للحق يقول الله سبحانه وتعالى  عنهم : { وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ }

ومن مهامهم الجليلة وأعمالهم الشريفة تصفيةُ العلمِ الشرعي عن تلبيس أهل الضلال والانحراف وتنزيه الشريعة عن الأقوال والبدع الشنيعة فهم يتبعون ولا يبتدعون 

يمشون على بصيرة وهدى   

يقول الله سبحانه وتعالى : {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}

فهم أهل عقيدة صافية وأهل توحيد ونبذ للشرك والبدع والاهواء وهم أهل الفقه و الاستنباط فعلى طالب العلم الرجوع إليهم في تعلمه وتعليمه ودعوته يقول الله سبحانه وتعالى:{ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضِيَ الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : ( مَا مِنْ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ) رواه مسلم رحمه الله .

وعن أَبي هريرةَ رضي الله عنه  قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه ﷺ : ( كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ، قالوا: يَا رسول اللَّه، فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلُوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم ) متفقٌ عليه.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله : " فإنَّ هذه الأمة أكمل الأمم ، وخير أمة أخرجت للناس ، ونبيها خاتم النبيين لا نبي بعده ، فجعل الله العلماء فيها كُلَّما هَلكَ عالم خَلَفه عالم ؛ لئلا تُطمسَ معالم الدين وتَخفى أعلامه .

وكان بنو إسرائيل كلما هلك نبي خلفه نبي ، فكانت تسوسهم الأنبياء ، والعلماء لهذه الأمة كالأنبياء في بني إسرائيل"[ مفتاح دار السعادة ( ١ / ٤٥١)].

فحياة هؤلاء الأئمة: علم و تعليم وعمل  وافتاء وعدم ملل أو كلل في طلب العلم او في الدعوة إلى الله على بصيرة نافذة ويقين خال من الشك والشرك 

وهم مع هذه الخصال الحميده والصفات الطيبه المجيده يوجدون العذر لمن زل من أهل العلم وخاصة إذا عرف عنه أن علمه وعمله ودعوته مصدرها السنة  وان جهاده ودفاعه عن السنة وأهلها .

وانظر وصف الإمامين الجليلين الألباني والجامي للنووي وابن حجر بالامامه مع علمهم بهفواتهم في توحيد الأسماء والصفات وذلك ان مصادر الاستدلال عند جميع  هؤلاء الأئمة هي الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح مع ملاحظة أن المنتقد لهم بحق رأى قصورا في فهم أو خطأ في معنى عبارة أو تأويل محدث خالفوا فيه الشرع وفهم السلف ومدلول لغة العرب  .

وأنهم قد اجتهدوا وسعوا إلى معرفة الحق بالدليل لكن خالفهم ولم يحالفهم الصواب فأخطأوا فحينئذ لا يقال لهم مبتدعة والحال ماذكر .

وأما كيفية تعامل هؤلاء الأئمة مع أهل البدع والأهواء ورموز الفكر الضال مثل جماعة الإخوان فهم مع بيان اخطائهم وتضليل لهم  يقولون عنهم  : هؤلاء مجال دعوتنا .

أي نسعى وفق أصول السنة وقواعد أهل العلم السني وضوابط الشرع إلى دعوتهم إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح. 

ثم ننظر إلى  هؤلاء الأئمة من جهة أخرى وهي في طريقة تعاملهم مع بعضهم البعض 

ولنضرب أمثلة من الواقع على حسن تعاملهم المبني على حسن معتقدهم ف "لقد انتقد الشيخُ حمود التويجري الشيخَ ابن عثيمين في عبارة مجملةٍ تحتمل حقاً وباطلاً صدرت من ابن عثيمين ألا وهي قوله :[ إن الله معنا بذاته ]ثم بين ما قصده ونفى الاحتمال الباطل، ومع ذلك انتقده التويجري وأيَّده الشيخ ابن باز وأثنى عليه خيراً، فما كان من ابن عثيمين إلا أن ينصر التويجري على نفسه بسماحة نفسٍ وصدقٍ وجدّ، ولم يقل أحد منهم :" يحمل مجمل ابن عثيمين على مفصله" ، ولا فكَّر هو في هذا، ولم يقل أحدٌ منهم ذلك مع إمامة ابن عثيمين وجلالة قدره ورسوخ قدمه في العلم وإمامته في السلفية""هؤلاء الرجال الأقوياء وهم القمم العماليق، وإن في مواقفهم هذه لعبرة عظيمة للعقلاء النبلاء، وإن لها دلالات على تقوى وورع وصدق وإخلاص هؤلاء الرجال ولا سيما ابن عثيمين رحمه الله.

فلا مداهنة ولا مجاملة من ابن باز والتويجري ، ولا مراوغة ولا ضجيج ولا مجمل ولا مفصل ولا صخب من ابن عثيمين لأن الجميع يريدون وجه الله تعالى ويحترمون الحق وينصرونه ولو على النفس .

ولقد حققوا قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين}.

وإن هذا لشرفاً كبيراً للسلفية والسلفيين الصادقين.

اللهم اغفر لهم وارفع درجاتهم في عليين " ، من مقال للإمام ربيع المدخلي حفظه الله بعنوان [ إبطال مزاعم أبي الحسن حول المجمل والمفصل ] .

وهنا مثال آخر   جرى بين كل من الأئمة :" الألباني وابن باز والعثيمين" رحمهم الله في مسألة وضع اليد بعد الركوع

فالامام الألباني رحمه الله يقول :

" وضع اليدين بعد الركوع في القيام القصير هذا لم يرد حديث صحيح صريح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه وضع اليمنى على اليسرى بعد أن رفع رأسه من الركوع ، ولذلك فهذا القول لا يُعرف ، أو بالأحرى لا يثبت عن أحد من السلف الصالح ولا التابعين ولا أتباعهم ، وفيهم الأئمة الأربعة المجتهدون ، لا يُعرف عنهم رواية ثابتة ومُتداولة في كتب أتباعهم الذين يروُون عنهم أقوالهم وفتاويهم أن أحدًا منهم قال بأن وضع اليدين بعد الركوع سُنَّة ، كما هو الشأن في وضعهما قبل الركوع ، ليس هناك أيُّ حديث ، ولو جاء الحديث صحيحًا وصريحًا لَسارعنا إليه ؛ لأن الأئمة كلهم أجمعوا على قولهم : [ إذا صح الحديث ؛ فهو مذهبي ]"

والصواب ان:

"نحمل مطلق القيام في حديث وائل : " كان إذا قام " على القيام المقيد في حديث مسلم ، وبذلك يتبيَّن أن الذي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو الوضع في القيام الأول ، وهذا هو السبب أنَّه لا نجد في بطون علماء المسلمين قاطبة من الأئمة الأربعة وغيرهم رواية ثابتة عن أحدهم ؛ أن من السنة وضع اليمنى على اليسرى في القيام الثاني .[ فتاوى الكويت : الشريط السابع ] .

اقول : وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ من الحنفيَّةِ، والمالكيَّةِ ، والشَّافعيَّة، وقولٌ عند الحَنابِلَة.وهو إختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال رحمه الله  : " ولا يستحب ذلك وضع اليدين في قيام الاعتدال عن الركوع؛ لأن السنة لم ترد به، ولأن زمنه يسير يحتاج فيه إلى التهيؤ للسجود ". [شرح العمدة (٢ / ٦٦٢)]

والقول الآخر في المسألة : 

وهو وضع اليمنى على اليسرى بعد الرفع من الركوع إختيار الامامين الجليلين ابن باز والعثيمين رحمهما الله

ومع قوة أدلة الإمام الألباني رحمه الله ؛ انظروا إلى فقهه السني السلفي في كيفية التعامل مع علماء السنة العالمين العاملين بها الداعين إليها أمثال  ابن باز والعثيمين رحمهما الله حيث قال الإمام الالباني رحمه الله :"أنا مثلاً إذا صليت وراء مثلاً ابن باز أقبض لكن إذا صليت وراء هؤلاء الناس الذين لا فقه عندهم ولا مذهب لديهم فألتزم السنة وقولي هذا بوجوب إتباع الإمام يعرفه إخواننا الملازمون لنا، أن هذا القول ليس على إطلاقه عندي، وأنا أقول مثلاً يجب متابعة الإمام الحنفي مثلاً حينما لا يرفع يديه لأنه يقلد إماما مسَلَّم بإمامته لدى جماهير المسلمين منذ أن كان إلى هذا الزمان لكننا إذا ما تيسر لنا بيان السنّة لهذا الإمام وتبيّن لنا أننا قد أقمنا الحجة عليه ثم أصر على إيثار التقليد على السنّة فلا متابعة منا له. وكذلك نقول بعض الشافعية مثلاً يصلون ولا يرفعون أيديهم فنحن نخالف هذا الإمام لأن مناط المتابعة في فهمي للموضوع، أنني لو صليت وراء أبي حنيفة فأنا أقدر رأيه واجتهاده فأفعل فعله وكذلك أقدر من يتبعه لأنه يتبع إمام أما من خالف إمامه كسلاً، جهلاً مسايرة للناس كما هو في المثال الثاني. شافعي المذهب لا يرفع يده فأنا أرفع يدي لماذا؟ لأنه يخالف السنّة أولاً ويخالف إمامه ثانياً، والمسألة بالنسبة للإمام الحنفي على العكس من ذلك فأنا إذا اقتديت بإمام لا أعرفه ولا مناقشة بيني وبينه وأجده لا يرفع يديه بناء على مذهبه أي على إتباعه لإمامه فلا فرق عندي حينئذ صليت وراء الإمام أو تلميذ الإمام مباشرة أو إلى آخر تلميذ هو اليوم على ذاك المذهب، الشاهد من هذا التفصيل هو أننا لا نقول بإطلاق بوجوب متابعة الإمام وإنما فيها تفصيل فإذا اقتديت وراء إمام له رأيه له اجتهاده فأنا حينئذ أعمل القاعدة، أما إذا اقتديت بإنسان وجدته فيما عندي من فهم للقاعدة أنه قد خرج عنها فأنا أظل متابعاً للسنة ولا أتابعه هو على خطأه. لعل في هذا التفصيل تقييداً لذلك الإطلاق الذي على أساسه ورد الإشكال ".[ من شريط سلسلة الهدى والنور رقم(  ٣٨٢)].

 لذا انبه الاخوة طلاب العلم الى أهمية الفقه في الدين وإلى أهمية معرفة كيفية فقه الخلاف في المسائل العلمية ووجوب التفريق في التعامل مع أهل السنة الذين علموا وعملوا ودعوا إلي الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح ونافحوا ودافعوا عنها  وصبروا عليها ثم أخطأ في مسألة أو أخرى اجتهادا رغم محاولتهم بذل الجهد في معرفة الحق بدليله ومع  من كانت البدعة معظمة عنده مدافع عنها وعن أهلها وكان في سلوكه ومذهبه ومنهجه معوجا لا يرى أثر  الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة عليه إلا ما وافق هواه وبدعته فهنا يتبين الفرق  بين هذا وذاك .


ياطلاب العلم :

ابتعدوا عن تفريق أمة محمد صلى الله عليه وسلم بلا دليل ولا بينة واحذروا من تقسيم هذه الأمة تقسيما جاهليا 

خال من الادلة  ؛ ولا يعني كلامي هذا إنكار افتراق الأمة إلى فرق واحزاب وجماعات فهذا حاصل كونا وقدرا وله ادلته المثبتة له شرعا ودينا من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم  وعليه إجماع المسلمين وما حديث الافتراق عنا ببعيد وإنما أردت  تفريق الأمة تفريقا ليس له ما يبرره من أدلة الشرع ثم احرصوا - بارك الله فيكم  - على التمسك بالوحيين - كتابا وسنة-  بفهم سلفنا الصالح فثم النجاة والفلاح والصلاح والعزة والنصر والتمكين .

 وانظروا سيرة الأئمة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ؛ عامة رجال الحديث مثل الإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم مثل   ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب و الالباني وابن باز والعثيمين والنجمي والوادعي والجامي وربيع وعبيد رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ونفعنا الله واياكم بعلم الجميع  كيف ساروا بدعوتهم ؟

وكيف تعاملوا مع غيرهم؟

 واقتدوا ياطلاب العلم بكبار علماء الإسلام في كيفية معرفتهم للمسائل بإدلتها .

وفي كيفية تعاملهم مع بعضهم البعض تعاملا يشوبه العلم والحلم والحكمة والسكينة والاطمئنان والعدل والصدق والانصاف بعيدا عن الكذب والبهتان والافتراء والظلم.

ياطلاب العلم:

عليكم بالتؤدة والسكينة ف"لا تكونوا عُجُلاً مذاييع بُذُرًا، فإن من ورائكم بلاءً مبرِّحًا مُمْلِحًا – وفي بعض الطرق: مُكْلِحًا - وأمورًا متماحِلةً رُدُحًا"[ من كلام  الخليفة الراشد علي بن ابي طالب رضي الله عنه رواه البخاري رحمه الله في الأدب المفرد( ١ / ١٦٩ ) وصححه الإمام الالباني رحمه الله ] .ومعنى الأثر واضحا لطالب العلم. 

وابتعدوا  :

عن النَفَسِ الحدادية في تعاملكم مع إخوانكم[ نسبة إلى محمود حداد يرى تبديع علماء السنة ورميهم بالفواقر وتعتبر فرقته هذه الجناح الفكري للتنظيم الدموي المعروف بداعش ] .

واحرصوا على تعلم العلم وخاصة علم العقيدة وعلم التوحيد والسنة ومعرفة مسائل أصول الدين دقها وجلها .

واشتغلوا في الفقه وفنونه تعلما وتعليما ودعوة وقراءة كتب ورسائل كبار علماء السنة والاستماع إلى صوتيات أئمة السلف الصالح أمثال ما ذكرنا بعاليه .

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح ورزقنا الله وإياكم حسن الخاتمة .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .


▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎


كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني.

الأربعاء، 17 نوفمبر 2021

《 شرح عبارة لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله عن تفاضل الأسماء والصفات 》


     بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فقد وردني سؤال من أحد طلاب العلم عن معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ونصه  : 

" وأسماء الله وصفاته تتفاضل, فصفته التي هي الرحمة تفضل على صفته التي هي الغضب وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم: ( إن الله كتب في كتاب موضوع عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي) و في رواية: ( تسبق غضبي) .

وفي الدعاء المأثور: "أسألك باسمك العظيم الأعظم الكبير الأكبر" .. وفى الحديث: ( لقد دعا الله باسمه العظيم)وفي رواية: ( الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى)  [صححه الإمام الألباني رحمه الله ] ثم قال رحمه الله  : " و كذلك فأن الصفة الواحدة قد تتفاضل, فالأمر بمأمور يكون أكمل من الأمر بمأمور آخر, والرضا عن النبيين أعظم من الرضا عمن دونهم, والرحمة لهم أكمل من الرحمة لغيرهم, وتكليم الله لبعض عباده أكمل من تكليمه لبعض, وكذلك سائر هذا الباب و كما أن أسماءه و صفاته متنوعة فهي أيضا متفاضلة كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع " 

[ مجموع الفتاوى( ١٧ / ٢١١ )].

وكما في المرفق من صورة أوراق فتاوى الشيخ رحمه الله 


فالاجابة عن هذا الأمر بإيضاح المقصود من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأن كان واضحا لكن نزول عند رغبة طلاب العلم  فالاجابة من أمور  منها  :

              (   أولا   )


ان معتقد اهل الإسلام الصحيح وهم أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح هو اعتقاد ان كل أسماء الله حسنى وأن صفاته علا وأنها توقيفية مصدرها الكتاب والسنة  فقط .

وتفاضلها كذلك توقيفي يؤخذ من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح 

الذي رواه الإمام البخاري رحمه الله( ٧٤٥٣) والإمام مسلم رحمه الله( ٢٧٥١) 

عَنْ الصحابي الجليل أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  ( لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ) والمراد ب" السبق " هنا  الغلبة كما دل الحديث الصحيح ( لما قضى اللهُ الخلقَ ، كتب في كتابِه ، فهو عندَهُ فوقَ العرشِ : إِنَّ رحمتي غلبتْ[وفي لفظ : تغلب ] غضَبِي ) .وهو في صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله. 

وصفة الغضب ليست مدحا بإطلاق وليست ذما بإطلاق فتمدح في موضع المدح وتذم في موضع الذم 

ولذلك اشتق الله لنفسه أسماء من الرحمة والرأفة والود ونحوها، ولم يشتق لنفسه اسما من الغضب .

والغضب صفة اختيارية متعلقة بمشيئته وقدرته قائمة بذاته وهي صفة ثابتة لله  سبحانه وتعالى على ما يليق بجلال ربنا تعالى وتقدس  وهي على ظاهرها فنثبت المعنى ونفوض الكيف ، وغضبه غضبا يليق بجلاله لا يماثله غضب المخلوقين .

وصفة الرحمة ثابتة لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق بربنا الله تعالى وتقدس  من غير تحريف ولاتمثيل ولا تعطيل ولا تكييف  وهي صفة ذاتية .

و رحمة الله منها ماهو صفة فعليه 

والصفة الذاتية والفعلية من  صفة الرحمة قد سبقت الغضب والذي هو صفة فعلية فقط تتعلق بمشيئة الله وهذا السبق  دل عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم السابق 

هذا من جهة ؛ ومن جهة أخرى فإن آثار رحمة الله شاملة عامة  كما قال تعالى :{ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } ورحمة الله وسعت كل شئ فقد أتت صفات الرحمة { الرحمن الرحيم } بعد إثبات سعة ربوبية الله سبحانه وتعالى على جميع خلقه  :{ الحمد لله رب العالمين } .

وغضب الله على خلقه موجب عدله وحكمته قال الله تعالى وتقدس  : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ } 

بخلاف الغضب فإن صفة الرحمة موجب فضل الله وسعة هذه الرحمة وتعدد الائه ونعمه كما قال الله تعالى وتقدس  : { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا } .


والأمر الآخر الدال على التفضيل  :

             (   ثانيا   ) 

 ما ثبت في السنة وفيها :

سَمِعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو وهو يقولُ: اللهم إني أسألُك بأني أشهدُ أنك أنت اللهُ لا إلَه إلا أنتَ الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكن له كُفُوًا أحدٌ. قال : فقال : ( والذي نفسي بيدِه لقد سألَ اللهُ باسمِه الأعظمِ الذي إذا دُعيَ به أجابَ وإذا سُئِلَ به أعطى )

أخرجه احمد والترمذي والنسائي وابوداود وابن ماجه رحمهم الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي ( ٣٤٧٥ ) .

ومثل ذلك مارواه الصحابي الجليل  انس رضي الله عنه انه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً ورجل يصلي ثم دعا :. اللهم اني أسالك بان لك الحمد لااله الا انت المنان بديع السماوات و الارض ياذا الجلال و الاكرام ياحي ياقيوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم

:( لقد دعا الله تعالى باسمه العظيم الذي اذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى ) .

رواه أحمد و البخاري في الادب المفرد وأبو داود وغيرهم .

وقد صححه ابن حبان والحاكم و الذهبي و الالباني .



              (   ثالثا   ) 


 من الادلة كذلك :

أن الصفة الواحدة قد تتفاضل فالرضا والرحمة عن الرسل عليهم الصلاة والسلام هي اكمل  فيهم من غيرهم .

وكلام الله لبعض الرسل عليهم الصلاة والسلام اكمل من تكليمه لبعض .


            (     رابعا    )


من الادلة كذلك : 

أن شبهة المانع لتفاضل الأسماء والصفات من جنس شبهة من منع تعدد الأسماء والصفات  ؛ وذلك يرجع إلى نفي الصفات كما زعمت الجهمية المعطلة من منع التركيب وارادوا من ذلك منع تعدد أسماء الله الحسنى وصفاته العلى ...

انتهى المقصود والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  .

----------------------------------------


كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني  .

الأحد، 7 نوفمبر 2021

《 الإجابة عن سؤال ورد إلينا في بيان حال جماعة من أهل العلم 》



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على  رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد  

فقد وردنا سؤال هذا نصه :


( شيخنا  ماهو حال :

ابن عربي المالكي .

ابن عابدين الحنفي ).؟


و( ماهو الموقف السلفي من الاستفادة منهما ومن غيرهما من أهل العلم الذين عليهم ملحوظات هل كل شخص له النظر والقراءة في كتبهم افيدونا وفقكم الله وسددكم؟)


فقلت إجابة :

 هذا السؤال ورد إلينا بعد بيان جرى من قبلنا مختصر عن حال ابن حزم والشاطبي والبيهقي والنووي وابن حجر والسفاريني وابن عربي المالكي والامير الصنعاني والشوكاني  رحمهم الله 

وهؤلاء  جهابذة عليهم ملحوظات عقدية في توحيد الأسماء والصفات زلوا فيها اجتهادا ولم يتعمدوا الخطأ فهم دعاة إلى الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح كما هي حال كبار علماء الإسلام وشيوخه لكن وقعوا في تأويلات خالفوا فيها معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح. 

وكتبهم نفيسة يستفاد منها فلا تخلو منها مكتبة طالب العلم ووقوعهم في الخطأ نادرا .

وقد بين أهل العلم مواضع اخطائهم فعلى طالب العلم الاطلاع عليها والرجوع إليها 

وما ذكرته عن هؤلاء الكبار قاله أئمة السنة واعلام السلف أمثال الألباني وابن باز والعثيمين والوادعي والجامي وربيع وعبيد رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ونفعنا الله واياكم بعلم الجميع. 

واما ابن عابدين الحنفي فيستفاد من كتابه وأن كان مهاجما محاربا لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب  رحمه الله بلا بينة ولا دليل و بغير حق وقولنا هذا لمن كان مؤصلا عقديا ومؤهلا علميا والا فابن عابدين معطل جهمي ماتريدي ؛ صوفي قبوري 

يصف أهل التوحيد والسنة بأنهم من الخوارج قال في حاشيته على رد المحتار ( ٤ / ٢٦٢) طبع دار الفكر عن الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله:

" مطلب في اتباع ابن عبد الوهاب الخوارج في زماننا : كما وقع في زماننا في اتباع ابن عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكانوا 

ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقدوا انهم هم المسلمون وان من خالف اعتقادهم مشركون واستباحوا بذلك قتل اهل السنة وقتل علمائهم ".

وفي   نفس الكتاب  في باب البغاة من كتاب الجهاد يبين فرحه وابتهاجه في قتل أهل التوحيد والسنة في الدرعية وعموم نجد  فيقول :" حتى كسر الله تعالى شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف .." وقوله :" عساكر المسلمين " .فكأنه يميل إلى إخراج من ينبزهم بالوهابية من الإسلام ...

فالذي يظهر لي انه لا يقارن في العلماء الذين وقع منهم أخطاء عقديه زلوا فيها اجتهادا من غير تعمد للوقوع في الخطأ وهم من ذكرنا بعاليه.

   وكما يظهر في انتصارهم للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح

ثم قارن حال ابن عابدين الحنفي بحال الأمير  الصنعاني أو الشوكاني رحمهما الله - الجميع من المعاصرين لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله - يتبين لك الفرق فالاميرالصنعاني رحمه الله يظهر فرحه وسروره بدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بخلاف ابن عابدين الحنفي ؛ اذ يقول الامير محمد بن اسماعيل الصنعاني رحمه الله شعرا  في ثنائه على دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله مبينا صحة معتقد هذا الإمام في قصيدة مشهورة :" 

سلام على نجد ومن حل في نجد


وإن كان تسليمي على البعد لا يُجْدِي


لقد صدرت من سفح صنعا سقى الحيا


رُباها وحياها بقهقهة الرعد


سرت من أسير ينشد الريح إن سرت


ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد


يذكرني مسراك نجداً وأهله


لقد زادني مسراك وجداً على وجد


قفي واسألي عن عالم حلَّ سُوحَها


به يهتدي من ضل عن منهج الرشد


محمد الهادي لسنة أحمد


فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي


لقد أنكرت كل الطوائف قوله


بلا صَدَرٍ في الحق منهم ولا ورد


وما كل قول بالقبول مقابَلٌ


ولا كل قول واجب الرد والطرد


سوى ما أتى عن ربنا ورسوله


فذلك قول جل قدراً عن الرد


وأما أقاويل الرجال فإنها


تدور على قدر الأدلة في النقد


وقد جاءت الأخبار عنه بأنه


يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي


وينشر جهراً ما طوى كل جاهل


ومبتدع منه موافق ما عندي


ويعمر أركان الشريعة هادماً


مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد


أعادوا بها معنى سواع ومثله


سغوث وَوَدٌّ بئس ذلك من ود


وقد هتفوا عند الشدائد باسمها


كما يهتف المضطر بالصمد الفرد


وكم عقروا في سُوحِها من عقيرة


أُهِلَّتْ لغير اللّه جهلاً على عمد


وكم طائف حول القبور مُقبِّل


ويلتمس الأركان منهن بالأيدي ".

وفي قصيدته هذا يتبين لك سلفية الأمير الصنعاني رحمه الله وحسن عقيدته 

 وأما من زعم من الصوفية عباد القبور أن الأمير الصنعاني رحمه الله رجع عن ثنائه على الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله فقد كذب،وفجر والقصيده المنسوب إليه في رجوعه هي كذب عليه تردها وتفندها عقيدة الأمير الصنعاني في كتابه  ( تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد) وللعلامة ابن سحمان رحمه الله رسالة في فضح مدعي رجوع الأمير الصنعاني رحمه الله عن ثنائه على الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله. 

ثم أنظر ثناء العلامة الشوكاني رحمه الله  على الدعوة السلفية وأئمتها ومن ذلك قوله في كتابه البدر الطالع صفحة ( ٥٢٦ - ٥٢٧ ) :" وفي سنة ١٢١٥ هجري وَصَل مِن صاحب نجد المذكور مُجلَّدان لطيفانِ، أرسل بهما إلى حضرة مولانا الإمام حفظه الله أحدُهما يشتمل على رسائل لمحمد بن عبدالوهاب، كلُّها في الإرشاد إلى إخلاص التوحيد، والتنفير من الشِّرك الذي يغلبه المعتقدون في القبور، وهي رسائل جيِّدة، مشحونةٌ بأدلة الكتاب والسُّنة، والمجلد الآخَرُ يتضمن الردَّ على جماعة مِن المقصِّرين من فقهاء صنعاء وصعدة، ذاكروه في مسائلَ متعلِّقةٍ بأصول الدين وبجماعة من الصَّحابة، فأجاب عليهم جواباتٍ محرَّرةً مقرَّرة محقَّقة، تدلُّ على أنَّ المجيب من العلماء المحقِّقين، العارفين بالكتاب والسُّنة، وقد هدم عليهم جميعَ ما بنَوْه، وأبطل جميع ما دَوَّنوه؛ لأنَّهم مقصِّرون متعصبون، فصار ما فعلوه خزيًا عليهم، وعلى أهل صنعاء وصعدة، وهكذا مَن تصدَّر ولم يَعرف مقدارَ نفسه".   ثم ذكر دخول بلاد أبي عريش وأشرافها في طاعة صاحب نجد، وتزلزل الدِّيار اليمنيَّة بذلك، والاستيلاء على بعض دِيار تهامة، وقال: "وجرتْ أمورٌ يطول شرحُها، وقد أفردتُ ما بلغني من ذلك في مصنَّف مستقل

وقبلها قال عن الإمام محمد بن سعود رحمه الله في نفس الكتاب صفحة ( ٥٢٦ )  : "وقد رأيتُ كتابًا من صاحب نجد، الذي هو الآن صاحبُ تلك الجهات، أجاب به على بعضِ أهل العِلم، وقد كاتَبَه وسأله بيانَ ما يعتقده، فرأيتُ جوابَه مشتملاً على اعتقاد حَسَن، موافق للكتاب والسُّنة".

وقد زعم بعض الفجرة الكذبه رجوع العلامة الشوكاني رحمه الله عن ثنائه هذا لكن من " طالع كتب الشوكاني وأجوبته المحررة -كـ”الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، وجواب مسائل عالم عسير، وغيرها من رسائل الاعتقاد التي جمعها المؤلف نفسه في كتاب: الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني– ونظر في السياق الذي قيلت فيه قصيدة الشوكاني التي استند إليها صاحب المقال؛ لجزم بخطأ قراءته لكلام الشوكاني رحمه الله.

وكل هذا الرد الجميل على أهل التشغيب تجده في رسالة لأحد الإخوة بعنوان ( تعقيب على مقال "الشّوكاني يردّ على فقه الشيخ محمد بن عبد الوهاب…" المنشور في جريدة السبيل)


  وفي خاتمة رسالتي هذه :

أنبه طلاب العلم أن حال هؤلاء الأئمة لا يقارن بحال رموز الجماعات التكفيرية ورؤوس الخوارج فدعوة الفريقين بينهما 

فرق شاسع 

فما بينهما كما بين الثرى والثريا 

لا في الأسلوب [ فطريقة الحزبيين مخالفة للسنة مضادة لها ].

ولا في الغاية [ فإتجاه أهل الأحزاب إلى الدنيا وشهواتهم واعينهم على المنصب والكرسي].

ولا في الادلة [ فالحزبيون دليلهم الهوى والمنام واتباع المتشابه ويتبع ذلك لي اعناق النصوص الشرعية وتضعيف الادلة الصحيحة أو تأويلها بالباطل أو تصحيح المجمع على ضعفه فعندهم الغاية تبرر الوسيلة ].

ودعوة أئمة  الإخوانية اساسها هي الدعوة الى محاربة الكتاب والسنة ومخالفة هدي سلف الأمة ونشر البدع والأهواء والمنكرات والجماعات والأحزاب الضالة ونشر التكفير واستحلال الدماء المعصومة. 

وتأييد توجه المد الإلحادي وتعظيم أهله كفى الله المسلمين شرهم. 

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني  .



 

الجمعة، 5 نوفمبر 2021

《 توجيه ونصح إلى طلاب العلم 》

بسم الله الرحمن الرحيم 


《 توجيه ونصح إلى طلاب العلم 》


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد: 

فمن الآداب التي تجب على كل سائر الى الله تعالى وتقدس وهذه الآداب  في طلاب العلم آكد ؛ وذلك بالانتباه إلى أهمية الوقت وهو العمر فهو مسؤول عنه كما ثبت في السنة : ( وعن عمره فيما أفناه) فيجعله وقفا على ما يوصله إلى رحمة الله سبحانه وتعالى وعفوه وفضله وإلى معرفة الحق بالدليل وإلى الحرص على الصراط المستقيم الموصل إلى رضوان الله وجنته ويتم له ذلك في العلم بكلام الله سبحانه وتعالى وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم بتشمير ساعد الجد في طلب العلم والنظر في ما يصلح به قوت يومه  ويقيم به أوده ويسد به رمقه من الحلال والابتعاد عن السحت .

وكل وقته يبتغي فيه وجه ربه امتثالا لقوله تعالى:{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } 

"وقوله: { وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي } أي: ما آتيه في حياتي، وما يجريه الله عليَّ، وما يقدر عليَّ في مماتي، الجميع { لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }"[ تفسير الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله لهذه الآية ].

فليس عندي وقت للدفاع عن قبيلتي أو اسرتي أو نفسي ولا ألتفت لذلك  وهذا من السنن التي يحرص عليها طالب العلم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ ، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ ، غَضِبْتَ وَقُمْتَ ، قَالَ: ( إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ ، وَقَعَ الشَّيْطَانُ ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ ) 

أخرجه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده وابوداود رحمه الله في سننه والبزار رحمه الله في مسنده  والبغوي رحمه الله في شرح السنة وحسنه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة حديث رقم( ٢٣٧٦ ).

قال الإمام مقبل الوادعي رحمه الله :" وليس لدينا وقت للمدافعة عن أنفسنا ، لكن عن السنة لو تعاضضنا بالضروس فلا نترك أحدا يتكلم في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سواء أكان شيعيا أو صوفيا أو من الإخوان المسلمين ، فنحن فداء للسنّة وأعراضنا فداء للسنة" [نصائح وفضائح( ١٥٤- ١٥٥)].

وطالب العلم : يحرص على تعلم التوحيد والسنة والدفاع عن دين الاسلام في كشف شبهات أهل الضلال و تفنيد الاراء المنحرفة المخالفة للدين وذلك حينما تلبس لباس التقوى ورد اباطيل أهل الباطل والطغيان والوقوف ضد عادية العدوان وصد صائل أصحاب التيارات الفكرية الشاذة

 والذود عن حماة الدين من شيوخ الإسلام وأئمة السلف وكبار السنة واعلام الهدى  والذب عن عرضهم  فمن طعن فيهم فقد أراد الطعن في دين الإسلام لأنهم حملته فهم(  ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) .

ومن الباطل والبهتان والافتراء الدفاع عن دعاة الخوارج الإخوانية ورموزها فهم يسعون إلى وأد السنة ومحاربة أهل الإسلام الصحيح فمن دافع عنهم فقد أعان على هدم الإسلام. 

ومن صميم مهام طالب العلم الذود عن ولاة أمره بالحق والدليل المبني على كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم و إيضاح الآثار الصحيحة عن سلفنا الصالح المحاربة لذوي التوجهات التكفيرية والشطحات الخارجية فلئن كان العلماء فيهم صلاح الآخرة ففي الحكام صلاح الدين والدنيا ولا تستقيم الحياة الانسانية إلا بإجتماع بشري 

وهذا الاجتماع لا يصلح ولا ينضبط إلا بولي أمر واجب الطاعة بالمعروف نافذ الأمر  عزيز الجانب مهاب محترم 

والا تسلط القوي على الضعيف وانعدم الأمن واستحلت الدماء وانتهكت الاعراض،وانتهبت الأموال فطاعتهم من طاعة الله مالم يأمروا بمعصية .

ولا يضرك رميك من قبل الخوارج بأمور انت برئ منها  

فلم يسلم من أهل الظلم ربنا تعالى وتقدس ورسله وملائكته وعلماء الإسلام فأصبر على الحق علما وعملا ودعوة .  والعاقبة للمتقين .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني.