الخميس، 5 أغسطس 2021

《 حينما يعاقب ولي الأمر أهل الإنحراف الفكري من رموز الخوارج لمصلحة رآها ومن ذلك عظيم خطرهم على ديانة المسلمين وعلى المجتمع المسلم تجد من الجهلة ومن أتباع هذه الرموز من يقارن هؤلاء الخوارج وعقوبتهم في مثل حال وعقوبة الامامين الجليلين أحمد بن حنبل وإبن تيميه رحمهما الله. فهل هذا التمثيل صحيح ؟ وهل يسلم لهم بصحة هذا المقارنة ؟ 》



    بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فنقول إجابة لهذه الشبهة الظالمة :  إن هذا إستشهاد في غير محله وتمثيل ظالم  ومقارنة فيها جور  وذلك لأمور منها  :


                [ أولا ] 


إختلاف الغايةو المقصد فإبن حنبل وإبن تيميه رحمهما الله تعالى أرادوا الله 

والدار الآخرة 

وإبراء الذمة

 وأرادوا النصح لولي الأمر وتبيين الحق بالادلة  بأدب و خلق رفيع وحكمة وحلم وعلم وفق السنة مع محبتهم وشفقتهم على من ولاه الله أمرهم وان تعرضوا لظلم واذى  والدعاء له سرا أو جهرا بالخير والصلاح والسداد  ووجوب تحذير المسلمين من مغبة الخروج عليهم وبيان حكم ذلك وأنه مخالف للشرع والعقل مع ماينتج عنه من إستحلال للدماء بغير حق ...فهل يستوي الفريقان مثلا ؟


الجواب : لا


وهو جواب معروف حتما ...


ولانقول هذا الكلام ظنا أو رجما بالغيب أو تخرصا أو تقولا عليهم معاذ الله .فلا نقول هذا   إلا بما بدر من أقوال وأفعال تدل على موافقة أئمة السنة للسنة بشهادة جميع علماء السنة 


وان هؤلاء الاخوانية الخوارج لهم أفعال وأقوال   تدل على مخالفتهم للشرع ومضادتهم للسنة بل محاربة واضحة للسنة ومحاولة تمييع أصول الاسلام ومبانيه العظام وبهذا شهد  كبار علماء الإسلام كما هو مدون في ميراثهم السني السلفي 

على اختلاف الازمنة  والاعصار  .

وكثرة ماالفوه من كتب و أسفار

وتباعد البلدان والامصار . 

       



                 [ ثانيا ] 


إن هؤلاء الضلال أرادوا الكرسي و الدنيا وشهواتها وحظوظها  لكن لبسوا صوف الضأن على قلوب الذئاب واستغلوا السذج والجهلة ومن لا علم عنده بالشرع أو اطلاع على حالهم فأنخدع بهم كثير من المسلمين .


              [  ثالثا  ]

ثم إن عند هؤلاء الضلال قاعدة معروفة عنهم واشتهروا بها و هي  ..


" الغاية تبرر الوسيلة "  فهم يريدون الدنيا ويتمسحون بالاسلام وعلماء الإسلام وشيوخه لكن الفرق واضح شاسع .



                [ رابعا ] 


هل سمعت

 أو نقل اليك 

أو رأيته في كتاب : 

إن الإمام أحمد بن حنبل أو شيخ الإسلام إبن تيميه رحمهما الله أعتلوا رؤوس المنابر فتهجموا على ولاة الأمر في عصرهم علانية وسبوا   وشتموا بإسم الإسلام 

والاسلام تعاليمه تنص على تحريم مثل هذه التصرفات الرعناء الجاهلية ...


وأقول :


هذه كتبهم 


و هذه مؤلفات 

و كتب ورسائل  تلامذتهم من بعدهم


وهذه عقيدتهم مبثوثة منشورة مشهورة لايوجد فيها الخروج أو تزيينه  اذ لايوجد فيها إلا النصح والمحبة والشفقة على المسلمين عامة وولاة أمر خاصة 


فلم يؤثر عنهم الأمر بالخروج على ولاة أمرهم. 


{  افنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون  }؟

ثم أنظر كلام الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ؛  قَالَ حَنْبَلٌ رحمه الله : " اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ فِي وِلَايَةِ الْوَاثِقِ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَقَالُوا لَهُ : إنَّ الْأَمْرَ قَدْ تَفَاقَمَ وَفَشَا, يَعْنُونَ إظْهَار الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَغَيْر ذَلِكَ, وَلَا نَرْضَى بِإِمْرَتِهِ وَلَا سلْطَانه ، فَنَاظَرَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْإِنْكَارِ بِقُلوبِكُمْ وَلَا تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَة وَلَا تَشُقُّوا عَصَا الْمسْلِمِينَ ، وَلَا تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ وَدِمَاءَ الْمسْلِمِينَ مَعَكُمْ ، وَانْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكُمْ ، وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيح بَرٌّ أَوْ يُسْتَرَاح مِنْ فَاجِر وَقَالَ لَيْسَ هَذَا صَوَاب ، هَذَا خِلَاف الْآثَار "  .[ الآداب الشرعية ( ١ / ٢٢١)].

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم و إن منعوه عصاهم فما له في الآخرة من خلاق".[ مجموع الفتاوى ( ٣٥ / ١٦ - ١٧ )].

وماذكرناه عن هذين الامامين غيض من فيض وعلى سبيل التمثيل لا الحصر 

والا هذا معهود معلوم معروف عنهم فهل يصح مقارنة هؤلاء الأئمة المصلحين برؤوس الخوارج المفسدين وبدعاة الاخوانية المخربين .


ولعلمهم ان وجوب السمع والطاعة لولي الامر فيه السلامة من  الفوضى والابتعاد عن ظهور الفساد , ومنع القوي من أكل  الضعيف , وفيهم يكف سفك الدماء وانتهاك الأعراض , ويحصل الامن والامان  ويرتدع قطاع الطرق واللصوص من الهجوم على الناس , وفي طاعتهم يصبح الناس بأمن  وتنتظم حياتهم فيحرصون على مصالحهم وترتيب معايشهم لذا اتفقت ذوي العقول الراجحة على ضرورة تنصيب إمام عليهم يقيم العقوبات الرادعة على كل ظالم   ويهابه المجرمون , ويحصل الناس على حياة كريمة .

 فتنصيب الإمام مما دل الشرع الصحيح على وجوبه وأتى العقل الصريح بذلك وقد عُلم بالضرورة من دين الإِسلام :

 أنه لا دين إلاَّ بجماعة

ولا جماعة إلاَّ بإمامة 

 ولا إمامة إلاَّ بسمع وطاعة .



                  [ خامسا ] 


علماء السنة سلكوا في فتاواهم وفي دروسهم ورسائلهم وكتبهم  وفي جميع أحوالهم سبيل فقه الكتاب والسنة و ما عليه جرى هدي و فهم سلفهم الصالح لنصوص الوحيين .


فهذا هو مصدر الدين عندهم 


وأما هؤلاء  الإخوانية فتمسكوا بالمتشابه

ولووا أعناق النصوص خدمة لتوجهات حزبهم المشبوه ولهم   سلف وهم الخوارج

 والجهمية المعتزلة فهم من يأخذون منهم  و يصدرون عنهم ...فهل رأيت البون الشاسع بين الفريقين ؟



             [ سادسا ]


علماء السنة أتباع السلف الصالح :

لهم في الأمور حنكة 

وفي تصرفاتهم حكمة

 فهم يعرفون المنكر من المعروف بالادلة .

وعلم في درجات إنكار المنكر ومراتبه 


وأنواع المنكر ودركاته  " كفر - بدعة - معصية " .

و يدركون حجم ضلال كل منكر ومدى خطورته و أنواع المعاصي فهل هي كبيرة أو صغيرة؟

 ويدركون أبعاد البدع والأهواء فيتصرفون بعلم وعدل وإنصاف وحكمة يريدون وجه الله والدار الآخرة  .


ثم يعرفون متى ينكرون 

وكيف ينكرون 

ونوع انكارهم وصيغته

وكيفية الإنكار الشرعي  ومنزلة  من أريد الإنكار عليه .

وكيفية التعامل معه وفق السنة ؟

مع الالمام الكامل في كيفية إنكار المنكر الصحيح. 

والاطلاع على نتائجه وابعاده 

بحيث لايترتب على إنكارهم  منكر أعظم منه أو يتولد منه مفسدة أكبر.


فهم يمشون على نور الوحي وما بني عليه من قواعد شرعية وأصول مرعية بأساليب نبوية سنية  فهم لهم فقه في   درء المفاسد و جلب المصالح وإن درء المفسدة مقدم على جلب المصالح .

ويعرفون اي الخيرين يقدم وأي الشرين يدفع . 

ويعرفون أنواع المصالح والمفاسد  وأقسامهما .



                   [ سابعا ] 


إختلاف الملة والمذهب  فائمة السنة كالإمام إبن حنبل أو شيخ الإسلام إبن تيميه رحمهم الله 


من أهل الإسلام الصحيح "أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح ومن الفرقة الناجية المنصورة وهم اهل السنة والحديث والاثر والفقه والنظر " 


وأما هؤلاء فهم اتبعوا سبيل الخوارج في استدلالهم 

وشبهاتهم 

وفي نتائج أعمالهم 

وحماقاتهم 

فيحرصون على السعي في اهلاك الحرث والنسل وزعزعة الأمن والافتاء بالتكفير واستحلال الدماء المعصومة 

فحقهم التأديب والعقوبة المناسبة  وردعهم   وفق  مايراه ولي الأمر إقتضاء للمصلحة التي له الحق في النظر فيها وتقديرها   بغير افتيات أو تقدمة على مقامه 


فعقوبة هؤلاء الخوارج الإخوانية  قربة وديانة يشكر عليها ولي الامر ويدعى له ؛ . 


اسأل الله الحي القيوم أن يثبتنا وإياكم  على دينه ويجعلنا واياكم من أنصار دينه وأن يكفي المسلمين - رعاة ورعية.  حكاما ومحكومين - شر الأشرار من إخوانية خوارج أو ملاحدة ليبرالية ...والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .