الأربعاء، 25 أغسطس 2021

《 فقه الحديث الصحيح في [ ذبح الموت على هيئة كبش بين الجنة والنار ] 》


    بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فقد أورد احد طلاب العلم مسألة في معنى الحديث [ يؤتى بالموت على كهيئة كبش....الحديث بتمامه سيأت ] 

  هل المذبوح الموت ام غيره ؟

فجرى بحث هذه المسألة ومعرفة فقه الحديث الوارد فيها فنقول وبالله التوفيق وعليه التكلان :

روى [ الإمام البخاري رحمه الله حديث رقم( ٤٤٥٣) والإمام مسلم رحمه الله حديث رقم( ٢٨٤٩)] عَنْ الصحابي الجليل أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، هَذَا الْمَوْتُ ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ ، ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، هَذَا الْمَوْتُ ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ ، فَيُذْبَحُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ ، ثُمَّ قَرَأَ ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ) ، وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا ( وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) .

وفي رواية ابن عمر رضي الله عنهما  مرفوعا ونصه : ( إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ثُمَّ يُذْبَحُ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ ) [رواه الإمام البخاري رحمه حديث رقم( ٦١٨٢) و الإمام مسلم رحمه الله حديث رقم ( ٢٨٥٠)].

والمذبوح : 

هو الموت لوضوح معنى الحديث في لغة العرب  وليس ملك الموت كما يتوهمه بعض الناس جهلا  .

دل على ذلك أمور منها  :

           (   أولا    )

كما هو وارد في نص الحديث بعاليه ..

 

           (   ثانيا   ) 

أن اماتة الخلق وهو ما يعرف  بالموت هو بقضاء الله وقدره وبأمره وتصرفه وفعله واما الموت فهو ذات  منفصل عنه ويصور كبشا في الآخرة بعد استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار  فيذبح على صورة كبش زيادة في النجاة لأهل النجاة واطمئنان ويقين ورزق آخر لأهل النعيم وزيادة شر لأهل الشر والنار .

 والعمل في لغة العرب غير العامل ...وسيأت مزيد تفصيل

وهنا :[ ذابح ومذبوح وذبح أي فعل وفاعل ومفعول  ]

فالذابح : 

من قام بالذبح بأمر الله تعالى وتقدس وبفعل ملائكته . 

ومذبوح :

وهو من أماته الله بإمره بفعل ملك  الموت  [ جنسا او افرادا]. 

وذبح :

وهو فعل الذبح .

وهذه الالفاظ كما تشاهد تختلف 

لفظا ومعنى .


            (  ثالثا   )

ورد في كلام الله سبحانه وتعالى

              [  ١  ] 

 قوله سبحانه وتعالى  :{ الله يَتَوَفَّى ٱلْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا }. [الزمر: ٤٢].

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : (  إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ، ثم يقول : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه ، إن [أمسكت نفسي] فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ). 

                 

                [   ٢   ]

وقوله تعالى وتقدس:{ حتى إذا جاء أحدكم  الموت توفته رسلنا } [ الانعام : ٦١ ].



                [   ٣   ]

وقوله تعالى وتقدس :

{ قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون } [ السجدة : ١١ ].


ففي الآية الأولى " الآمر هو الله سبحانه وتعالى ؛ والآمر بالشئ ينسب الشئ إليه" . 

والآيتان الثانية والثالثة : 

ف"الجمع يكون بأمرين هما :

الأول: 

أن يكون المراد بالرسل الجنس ويكون واحدا وهو ملك الموت .

ثانيا :

أن ملك الموت يقبضها من الجسد ثم يسلمها للملائكة الذين حضروا فيقبضونها " [ من كلام شيخنا الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كلامه عن الجمع بين هذه الآيات بتصرف ] 

وفي موضع آخر قال رحمه الله : " إن ملك الموت له أعوان يعينونه على إخراج الروح من الجسد حتى يوصلوها إلى الحلقوم ، فإذا أوصلوها إلى الحلقوم قبضها ملك الموت .

وقد أضاف الله تعالى الوفاة إلى نفسه ، وإلى رسله أي : الملائكة ، وإلى ملك واحد ... ولا معارضة بين هذه الآيات ، فأضافه الله إلى نفسه ؛ لأنه واقع بأمره ، وأضافه إلى الملائكة ؛ لأنهم أعوان لملك الموت ، وأضافه إلى ملك الموت ؛ لأنه هو الذي تولى قبضها من البدن ". انتهى كلامه رحمه الله من [الشرح الممتع" (٥ / ١١٤)].

" وإخباره أنه يتوفى الأنفس وإضافة الفعل إلى نفسه، لا ينافي أنه قد وكل بذلك ملك الموت وأعوانه، كما قال تعالى: { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ } لأنه تعالى يضيف الأشياء إلى نفسه، باعتبار أنه الخالق المدبر، ويضيفها إلى أسبابها، باعتبار أن من سننه تعالى وحكمته أن جعل لكل أمر من الأمور سببا".[ من  تفسير الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله لقوله تعالى:{ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا } ]

ومن هذا التفاسير السنية السلفية 

وقبل ذلك من فهم  لغة معاني  لغة العرب مع صحة العقل وسلامة الفطرة مع مارزقه الله من معتقد سليم ومنهج حسن يتضح له أن المراد بالمذبوح هو الموت لا غيره .

فلذا أوصي طلاب العلم 

على ترك الخوض في معاني الحديث بغير إدراك لمعناه أو فهم لما احتواه ؛ مع عدم وجود آلة يدرك فيها الحق والصواب من الباطل والخطأ  وان يحرصوا على ترك الخوض فيما يظهر لهم أشكاله وعدم فهمه إذا لم يكن لهم يد في التأصيل العلمي والتأهل العقدي في أصول الدين  .

وأن يتركوا عاجلا مجالسة أهل الأهواء والبدع والأحزاب

وأن يحرصوا على سلامة عقيدتهم وحسن منهجهم وذلك في مجالسة مشايخ السنة السلفيين  ففيه سلامة لقلوبهم من الشبهات والايرادات الفاسدة  فالشبه خطافة 

والقلوب ضعيفة

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة 

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه : غازي بن عوض العرماني.