بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد
فقد أجتمع أهل الأهواء والبدع والفرقة على محاربة أئمة السنة
واعلام الهدى وشيوخ الإسلام في كل زمان ومكان وهذا أمر لا بد منه فأهل الخير واهل الشر وأصحاب الحق وأصحاب الباطل بينهم حرب سجال
والعاقبة للمتقين ومن الأمثلة المعاصرة ما قام به أهل الباطل من عمل مؤامرة ظهرت بصورة مؤتمر
تحت مسمى [ مؤتمر الأمة في مواجهة غلاة التبديع ]
فمن خلال تحليل معنى عنوان هذا المؤتمر وبعد معرفة التوجه العقدي لمن قام بوضعه فهنا أمور يجدر الاشارة إليها ووجوب التنبيه عليها نوجزها في نقاط أهمها :
( أولا )
لفظ [ الأمة ] فمن قرأه واطلع عليه في عنوان مؤتمرهم أو على الصحيح قل مؤامرتهم الدنيئة هذه يجد تلاعب في الالفاظ إذ يوحي عنوانهم أن هنا ثمت إجماع للأمة واتفاق على محاربة من نسب نفسه إلى هذه [ الأمة ] ومحاولة محاربته واقصائه عن هذه [ الأمة ].
والصحيح :
أن من قام بهذا المؤتمر هم [ أمة البدع والأهواء والخوارج الإخوانية ] فقد اجتمعوا على شن غارة على أهل الإسلام الصحيح وهم أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح
والذين جرى تشويههم وذلك بنبزهم وتعييرهم ب[ الجامية والمداخلة وقبل ذلك الوهابية ] فالملاحظ أن هنا
تلبيس
وتعمية
وتغطية
وتمويه من قبل أهل الباطل في تسمية أنفسهم ب[ الأمة ] وغيرهم ليس من [ الأمة ] فمفهومه تكفير صريح وإخراج من الملة الاسلامية .
والسؤال الذي يطرح نفسه و يجب بيانه هو :
من الذي ظلم وافترى وكذب في دعواه ؟
أليس هؤلاء الخوارج الإخوانية المبتدعة الضلال أصحاب الإنحراف الفكري مع محاولتهم تجميل صورتهم القبيحة وتحسينها أمام الملأ " وَتَزْيِينِهَا فِي قُلُوبِ الْعَوَامِّ ، وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ، فَإِنَّ ضَرَرَ هَؤُلَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَضَرَرِ إِبْلِيسَ، وَهُمْ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ، فَلَابُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، وَنِسْبَتُهُمْ إِلَى الْفِرَقِ إِذَا قَامَتْ لَهُ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْهُمْ ؛ كَمَا اشْتُهِرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ. فَرَوَى عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَذَكَرَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ فَوَقَعَ فِيهِ وَنَالَ مِنْهُ ؛ فَقُلْتُ: أَبَا الْخَطَّابِ: أَلَا أَرَى الْعُلَمَاءَ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ فَقَالَ: يَا أَحْوَلُ أَوَلَا تَدْرِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَدَعَ بِدَعَةً فَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُذْكَرَ حَتَّى تُحْذَرَ؟ ، فَجِئْتُ مِنْ عِنْدِ قَتَادَةَ ، وَأَنَا مُغْتَمٌّ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ قَتَادَةَ فِي عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، وَمَا رَأَيْتُ مَنْ نُسُكِهِ وَهَدْيِهِ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي نِصْفَ النَّهَارِ ، وَإِذَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ ، وَهُوَ يَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ ؛ فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ! تَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ؟ قَالَ إِنِّي سَأُعِيدُهَا. قَالَ: فَتَرَكْتُهُ حَتَّى حَكَّهَا. فَقُلْتُ لَهُ: أَعِدْهَا. فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ.
فَمِثْلُ هَؤُلَاءِ لَابُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمْ وَالتَّشْرِيدِ بِهِمْ، لِأَنَّ مَا يَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ضَرَرِهِمْ إِذَا تُرِكُوا، أَعْظَمُ مِنَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِذِكْرِهِمْ وَالتَّنْفِيرِ عَنْهُمْ" [ الاعتصام للشاطبي رحمه الله( ٢ / ٧٣١) ].
( ثانيا )
المتأمل في أسماء المشاركين في[ المؤامرة] جميعهم بلا استثناء من :
المشبوهين
المنحرفين فكريا والفاسدين عقديا وهم من أصحاب الجرائم الكبرى في بلادهم
فبعضهم جرى سحب جنسيته - جزء من عقوبته - لجرائم ارتكبها وفر هاربا خارج دولته .
وبعضهم من المطلوبين أمنيا في دولهم .
وكلهم من أهل الباطل دل على ذلك :
كتبهم
واعمالهم
واهدافهم
وحزبهم الذي أرادوا الانتصار له وهو [ جماعة الإخوان الخوارج] فقد جعلوا أنفسهم هم الأمة وغيرهم ليس من الأمة .
وبسبب هؤلاء الضلال " يَكُونُ فِيهِ - أي في الدين- مَنْ يَدْخُلُ مِنْ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ وَالْكَذِبِ وَالْكِتْمَانِ مَا يُلَبَّسُ بِهِ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُقِيمَ اللهُ فِيهِ مَنْ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ خَلَفًا عَنْ الرُّسُلِ ، فَيَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ فَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ وَيُبْطِلُ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ . فَالْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَثَارَةُ مِنْ الْعِلْمِ الْمَأْثُورَةُ عَنْ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ يَمِيزُ اللهُ بِهَا الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ وَيَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ".[ مجموع الفتاوى( ١١ / ٤٣٥)].
وعند الرجوع الى معتقد أهل السنة والجماعة والى أصول المنهج السلفي المبنية على ادلة الكتاب والسنة واجماع الأمة:
نجد أن من ضل عن الصراط ينسب نفسه ظلما إلى الأمة الاسلامية .
و انتسابه هذا مشكوك في صحته ؛ وذلك لوجود خلاف بين أهل السنة والجماعة. هل هؤلاء الخوارج من المسلمين أم لا ؟
قولان معروفان لأهل السنة .
وهذا الخلاف في حال الخوارج السابقين ؛ وسلفهم واحفادهم من [الإخوانية الخوارج الجدد] فلهم نفس الحكم السابق في الخلاف في اسلامهم من عدمه وهذا يبطل زعمهم أنهم من [ الأمة ] وغيرهم ليس من [ الأمة ] ؟ .
وهنا فواقر عقديه تدل على مخالفتهم بل وحربهم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم
منها على سبيل المثال لا الحصر :
اباحة اللواط
والشذوذ الجنسي
وانتشار الفكر النسوي بينهم وتأييده من قبلهم .
ومن تخطيطهم يتبين لكل صاحب بصيرة محبتهم
لاشاعة الفاحشة بين المسلمين تحت مسمى [ حرية الراي]
مع محاولة :
هدم اصول الدين
وتمييعها
وتهميشها
ويتبع ذلك :
اباحتهم
لتعدد الجماعات الضالة
والفرق المنحرفة .
وقولهم بالتجمع الحزبي
ومن أعمالهم القبيحة المخالفة للشرع والمصادمة للفطر السليمة والعقول الصريحة ؛ اباحة :
المظاهرات
والاضرابات
والاعتصامات
والاغتيالات
والتصفيات الجسدية
والتفجير
وزعزعة الأمن
ومن معتقدهم تعرفهم اذ لا يرون سمعا ولا طاعة لولاة أمرهم.
ويحاولون في حالة عجزهم من الوصول إلى الكرسي أضعاف سلطة وهيبة الحكام المسلمين وتهميشها تحت مظلة الحكم الدستوري الصوري
ونشر فكرة الديمقراطية الكافرة وأن الحكم للجمهور وظهور مايسمى بالانتخابات .
ولهم طرق خبيثة :
في التحريض
وفي التهييج
وافساد ذات البين بين الحاكم وشعبه اذ يلبسون لباس التقوى ظاهرا ويستدرون عطف من يجهل حالهم ومن قل فقهه في الشرع ويستغلون حماسة الشباب الإسلامي وعاطفتهم فيكذبون عليهم ويصورون المسألة لهم بأنها حرب بين الإسلام والكفر
وبين المسلمين والكافرين
ويغلب على اتباعهم صغر السن
كما أتى وصف اتباع هذا الفكر الخارجي على لسان رسول الله صلى الله عليه بأنهم ( حدثاء الأسنان ) . اي صغار سن بلا عقل ولا روية
فيجري تجنيدهم تحت مظلة البيعات السرية
ووضع منظمات سرية وتنظيمات عسكرية سرية ومليشيا وأحزاب باطله باطنية
فكل عمل هؤلاء بالظلم وتحت جنح الظلام وفي السر دون العلن .
ويفتون علنا بتكفير المسلمين - حكاما ومحكومين- ومن ثم يرون استحلال الدماء المعصومة دماء الأبرياء من المسلمين والمعاهدين ..
فهم مخالفون لكلام الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مختلفون في فهم نصوص الوحيين .
الغاية عندهم تبرر الوسيلة
فكل شئ يؤدي إلى وصولهم إلى الكرسي فهو مباح فلا تحريم للحرام مادام يخدم أهدافهم ويحقق طموحاتهم المخالفة للشرع .
ويتبع ذلك
تكفير وتبديع علماء السنة لهذا عقدوا اجتماعهم هذا وهو مؤامرة شارك معهم :
الرافضي
والصوفي
والمعتزلي
والخارجي من اباضي واخواني وملحد علماني وكل هذه الاطياف متفقة على محاربة أهل التوحيد والسنة من حكام وعلماء مصداقا للحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في وصفه للخوارج : ( إنَّ مِن ضِئْضِئِ هذا قَوْمًا يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَقْتُلُونَ، أَهْلَ الإسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأوْثَانِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلَامِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ).رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه.
فالشاهد قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الاوثان) .اذ لهم مؤتمرات ومؤامرات عديدة في مدن مختلفة للنيل من الإسلام وأهله
وكان آخرها مؤتمر الشيشان لمحاربة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح واخراجهم من دائرة الإسلام والسنة .
ولهم جهود عدة في محاربة ولاة أمور المسلمين .
ولهم تصرفات عجيبة إذ يدخلون عصهم في أمر لا يخصهم ويدسون انوفهم القذرة في شؤون ولاة الأمر .
واصدق وصف لهم ماذكره عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الفرق بين الحق والباطل حيث قال رحمه الله:
" وَأَهْلُ الضَّلَالِ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا هُمْ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ: أَهْلُ الْبِدَعِ وَالشُّبُهَاتِ: يَتَمَسَّكُونَ بِمَا هُوَ بِدْعَةٌ فِي الشَّرْعِ وَمُشْتَبِهٌ فِي الْعَقْلِ كَمَا قَالَ فِيهِمْ الْإِمَامُ أَحْمَد، قَالَ: هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ مُتَّفِقُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، يقولون على اللهِ وفي اللهِ وفي كتابِ اللهِ بغيرِ علمٍ، يَحْتَجُّونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ، وَيُضِلُّونَ جُهَّالَ النَّاسَ بِمَا يُشَبِّهُونَ عَلَيْهِمْ.
وَالْمُفْتَرِقَةُ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ تَجْعَلُ لَهَا دِينًا وَأُصُولَ دِينٍ قَدْ ابْتَدَعُوهُ بِرَأيِهِمْ ثُمَّ يَعْرِضُونَ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ؛ فَإِنْ وَافَقَهُ احْتَجُّوا بِهِ اعْتِضَادًا لَا اعْتِمَادًا، وَإِنْ خَالَفَهُ؛ فَتَارَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأوِيلِهِ " .
( ثالثا )
الجرح والتعديل والرد على المخالف أصول عظيمة من أصول الإسلام ومبانيه العظام لها أهل اصحاب :
دراية
وفقه
وعلم
وبصيرة
وعدل
وانصاف
وحكمة
يزنون اقوالهم واحكامهم وأقوال وأفعال من يريدون بيان حاله بميزان الحق والعدل والعلم والانصاف بأدب وحلم وحسن خلق ومجادلة بالتي هي أحسن
وفي هذه الأصول العظيمة يقوم خواص أهل العلم في :
تفنيد الشبهات
وحل العقد المشكلات
وكشف المعضلات
و ازهاق الامورالتي للحق مبطلات .
وايضاح نوازل الالفاظ و المصطلحات
والأحكام وفق احكام الشرع المنزل .
وعملهم هذا :
جليل عظيم فهو امر بالمعروف ونهي عن المنكر .
وهو من جهاد الخاصة
بل من الجهاد الأكبر في سبيل الله قال تعالى وتقدس : { وجاهدهم به جهادًا كبيرًا }
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه في بيان أهمية هذه الأصول :
" وَإِذَا كَانَ النُّصْحُ وَاجِبًا فِي الْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ : مِثْلَ نَقَلَةِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَغْلَطُونَ أَوْ يَكْذِبُونَ كَمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : سَأَلْتُ مَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ - أَظُنُّهُ - وَالْأَوْزَاعِي عَنْ الرَّجُلِ يُتَّهَمُ فِي الْحَدِيثِ أَوْ لَا يَحْفَظُ ؟ فَقَالُوا : بَيِّنْ أَمْرَهُ .وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : إِنَّهُ يَثْقُلُ عَلَيَّ أَنْ أَقُولَ فُلَانٌ كَذَا وَفُلَانٌ كَذَا . فَقَالَ: إذَا سَكَتَّ أَنْتَ وَسَكَتُّ أَنَا فَمَتَى يَعْرِفُ الْجَاهِلُ الصَّحِيحَ مِنَ السَّقِيمِ.وَمِثْلُ أَئِمَّةِ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْمَقَالَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ الْعِبَادَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؛ فَإِنَّ بَيَانَ حَالِهِمْ وَتَحْذِيرَ الْأُمَّةِ مِنْهُمْ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَعْتَكِفُ أَحَبُّ إلَيْك أَوْ يَتَكَلَّمُ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ ؟ فَقَالَ : إذَا قَامَ وَصَلَّى وَاعْتَكَفَ فَإِنَّمَا هُوَ لِنَفْسِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ فَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ هَذَا أَفْضَلُ . فَبَيَّنَ أَنَّ نَفْعَ هَذَا عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ في سَبِيلِ اللهِ ؛ إذْ تَطْهِيرُ سَبِيلِ اللهِ وَدِينِهِ وَمِنْهَاجِهِ وَشِرْعَتِهِ وَدَفْعِ بَغْيِ هَؤُلَاءِ وَعُدْوَانِهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْلَا مَنْ يُقِيمُهُ اللهُ لِدَفْعِ ضَرَرِ هَؤُلَاءِ لَفَسَدَ الدِّينُ وَكَانَ فَسَادُهُ أَعْظَمَ مِنْ فَسَادِ اسْتِيلَاءِ الْعَدُوِّ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ إذَا اسْتَوْلَوْا لَمْ يُفْسِدُوا الْقُلُوبَ وَمَا فِيهَا مِنْ الدِّينِ إلَّا تَبَعًا وَأَمَّا أُولَئِكَ فَهُمْ يُفْسِدُونَ الْقُلُوبَ ابْتِدَاءً"
[ مجموع الفتاوى ( ٢٨ / ٢٣٢)].
يقولُ الإمامُ ابنُ القيم رحمه الله معددا مزايا هذا العمل وفضله :
" القلمُ الثَّاني عشر : القلمُ الجامعُ ، وهو قلمُ الرَّدِّ على المبطلينَ ، ورفعِ سُنَّةِ المحِقَّينَ ، وكشفِ أباطيلِ المبطلينَ -على اختلافِ أنواعِها وأجناسِها- وبيانِ تناقضِهم ، وتهافتِهم ، وخُروجِهم عنِ الحقِّ ، ودُخولهم في الباطلِ .وهَذَا القلمُ -في الأقلامِ- نظيرُ الملوكِ في الأنامِ .وأصحابُهُ أهلُ الحُجَّةِ الناصرونُ لما جاءتْ بهِ الرُّسلُ ، المحاربونَ لأعدائِهم . وهُم الدَّاعونَ إلى اللهِ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ ، المجادلونَ لمنْ خَرجَ عنْ سبيلِه بأنواعِ الجدالِ .وَأَصحابُ هذا القلمِ حَرْبٌ لكُلِّ مُبطلٍ ، وعَدُوٌّ لكُلِّ مُخالفٍ للرُّسلِ ؛ فَهم في شأنٍ وغيرهم منْ أصحابِ الأقلامِ في شأنٍ " .[ التبيان لأقسام القرآن صفحة ( ٢١٠ ) ] .
قال الإمام ابن باز رحمه الله مؤكدا على صحة كلام الأئمة السابقين :
" و لو سكت أهل الحق عن بيانه لاستمر المخطئون على أخطائهم ، و قلدهم غيرهم في ذلك ، و باء الساكتون بإثم الكتمان الذي توعدهم الله في قوله سبحانه { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيَّنَّاه للنَّاس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاَّعنون إلا الذين تابوا و أصلحوا و بيَّنوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم }
و قد أخذ الله على علماء أهل الكتاب الميثاق لتبيننه للناس و لا تكتمونه ، و ذمهم على نبذه وراء ظهورهم ، و حذرنا من اتباعهم . فإذا سكت أهل السنة عن بيان أخطـاء من خالف الكتاب و السنة شَـابَهُوا بذلك أهل الكتاب المغضوب عليهم و الضالين".[ مجموع فتاوي الإمام ابن باز رحمه الله( ٣ / ٧٢)].
( رابعا )
نقول لهؤلاء الضلال :
الحق واضح ابلج ؛ والباطل غامض لجلج .
والحق ماجاء في كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وما عليه هدي سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله وماعليه جرى معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح
وكل ما سبق :
مكتوب في السطور
محفوظ في الصدور
متلو في الألسنة
فحركاتهم مكشوفه
وشبهاتهم مفندة مفضوحة
وأبواب هتك استارهم مشرعة مفتوحة .
وعادة الله في هتك أستار منتقصي أهل العلم معلومة
ف"هَدَى اللهُ الأمةَ الوسطَ لما اختلفوا فيهِ منَ الحقِّ بإذنهِ وهَذا بَيِّنٌ بحمدِ اللهِ عندَ أهلِ العلم والإيمانِ ، مُستقِرٌّ في فطرِهم ، ثابتٌ في قلوبِهم ، يشهدونَ انحرافَ المنحرفينَ في الطَّرفينِ ، وهُم لا إلى هؤلاءِ ، ولا إلى هؤلاءِ ، بلْ هُم إلى اللهِ تعالى ورسولِه مُتحَيِّزونَ ، وإلى محضِ سُنتهِ مُنتسبونَ .يَدينونَ دِينَ الحقِّ أَنَّى تَوجَّهتْ رَكائبهُ ، ويَستقِرُّون مَعه حيثُ استقرَّتْ مَضارِبُه .
لا تَستفزُّهم بَدَواتِ آراءِ المختلفينَ ، ولا تُزلزِلهم شُبهاتُ المبطلينَ ؛ فَهُم الحكَّامُ على أربابِ المقالاتِ ، والمميِّزونَ لما فيها منَ الحقِّ والشبهاتِ .
يَردُّون على كُلِّ بَاطلهِ ، ويُوافقونَه فيما معهُ في الحقِّ ؛ فهم في الحقِّ سِلْمُه ، وفي الباطلِ حَرْبُه .لا يميلونَ مَع طائفةٍ على طائفةٍ ، ولا يجحدونَ حَقَّها لما قَالَتْهُ مِنْ باطلٍ سِواهُ .بلْ هُم مُمتثلونَ قولَ اللهِ تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } .فإذا كَانَ قد نَهى عبادَه أَنْ يَحملَهم بُغضُهم لأعدائِه أَن لا يَعدلوا عليهم -مَعْ ظُهورِ عَداوتِهم ، ومخالفتِهم ، وتكذيبِهم للهِ ورسولهِ- ؛ فكيفَ يَسوغُ لمنْ يَدَّعِي الإيمانَ أَنْ يَحمِلَهُ بُغضهُ لطائفةٍ مُنتسبةٍ إلى الرَّسولِ تُصيبُ وتُخطيءُ على أنْ لا يَعدلَ فيهم ، بلْ يُجرِّدُ لهم العداوةَ وأنواعَ الأذَى
ولَعلَّه لا يَدري أَنَّهم أولى باللهِ ورسولهِ ، وما جاءَ بهِ-منه- عِلماً ، وعملاً ، ودعوةً إلى اللهِ على بصيرةٍ ، وصَبْراً منْ قومهم على الأذى في اللهِ ،وإقامةً لحجةِ اللهِ ، ومعذرةً لمنْ خَالفَهم بالجهلِ ، لا كَمنْ نَصبَ مقالةً صادرة عَنْ آراءِ الرِّجالِ ، فَدَعا إليها ، وعاقبَ عليها ، وعادَى مَنْ خَالفَها بالعصبيةِ وحميةِ الجاهِليَّةِ".
[ من كلام الإمام ابن القيم رحمه الله من كتابه النفيس بدائع الفوائد ( ٢ / ٦٤٩ - ٦٥٠)].
( الخاتمة : نسأل الله حسنها لنا ولكم )
في خاتمة رسالتي هذه :
اعلن تحذيري محبة لعامة المسلمين وخاصتهم - إبراء للذمة ونصحا للأمة ولئلا يتبع هؤلاء الضلال في ضلالهم -
من هذا المؤتمر ممثلا في أصحابه الدعاة ومن قام بالوقوف معه من رابطات وجماعات ومنتديات مشبوهة محاربة للتوحيد والسنة ومعلنة صراحة مذهبهم الباطل في تمييع [ أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف ] فحربهم هذه هي حرب على أدلة الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة ومشاققة لإجماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم
فمن قام بإعداد هذا المؤتمر إنما عنى وقصد علماء السنة أتباع السلف الصالح لوقوفهم بالحق ووفق السنة مع ولاة أمرهم
وهؤلاء الخوارج العصرية الذين تسموا بالإخوانية يريدون إفساد الإسلام على أهل الإسلام مع محاولتهم لهدم اصول سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بأفواههم
{ والله متم نوره ولو كره الكافرون }
لذا فإنني أحذر
من اصحاب هذا المؤتمر بأشخاصهم .
ومن الجمعيات والرابطات العلمية - زعموا - والتي ساعدتهم وساندتهم بوقوفها معهم بالباطل وأقول على كل من قدر على تاديب افرادهم من ولاة الأمر فحكمي فيهم هو حكم شيخ الإسلام ابن تيميةرحمه الله تعالى في أسلافهم من الخوارج السابقين إذ " يَجِبُ عُقُوبَةُ كُلّ مَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِمْ ، أَوْ ذَبَّ عَنْهُمْ ، أَوْ أَثْنَى عَلَيْهِمْ ، أَوْ عَظَّمَ كُتُبَهُمْ ، أَوْ عُرِفَ بِمُسَاعَدَتِهِمْ وَمُعَاوَنَتِهِمْ ، أَوْ كَرِهَ الْكَلَامَ فِيهِمْ ، أَوْ أَخَذَ يَعْتَذِرُ لَهُمْ بِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَدْرِي مَا هُوَ ، أَوْ مَنْ قَالَ : إنَّهُ صَنَّفَ هَذَا الْكِتَابَ وَأَمْثَالَ هَذِهِ الْمَعَاذِيرِ الَّتِي لَا يَقُولُهَا إلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُنَافِقٌ ؛ بَلْ تَجِبُ عُقُوبَةُ كُلّ مَنْ عَرَفَ حَالَهُمْ ، وَلَمْ يُعَاوِنْ عَلَى الْقِيَامِ عَلَيْهِمْ ؛ فَإِنَّ الْقِيَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ ؛ لِأَنَّهُمْ أَفْسَدُوا الْعُقُولَ وَالْأَدْيَانَ عَلَى خَلْقٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ ، وَهُمْ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ؛ فَضَرَرُهُمْ فِي الدِّينِ : أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ مَنْ يُفْسِدُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ دُنْيَاهُمْ وَيَتْرُكُ دِينَهُمْ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَكَالتَّتَارِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ مِنْهُمْ الْأَمْوَالَ وَيُبْقُونَ لَهُمْ دِينَهُمْ" [ مجموع الفتاوى ( ٢ / ١٣٢ )].
واعلان هذا المؤتمر من قبل هؤلاء الخوارج:
يدل على أمور مبشرة لأهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح. فهو يعطي إشارة واضحة على :
[ أ ]
إفلاس انشطة الاخوانية وخسارتها امام الجهود العلمية لمشايخ السنة فبرغم الجهود الكبيرة للاخوانية وتغلغلهم في المناصب وتمكنهم من وسائل الإعلام فجهودهم ذرتها الرياح
وهذا يدل دلالة واضحة على هشاشة الباطل واضمحلاله امام قوة الحق وأصحابه . قال الله تعالى وتقدس : { أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ }.
قال الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة من كلام الله تعالى وتقدس : " شبّه تعالى الهدى الذي أنزله على رسوله لحياة القلوب والأرواح، بالماء الذي أنزله لحياة الأشباح، وشبّه ما في الهدى من النفع العام الكثير الذي يضطر إليه العباد، بما في المطر من النفع العام الضروري، وشبه القلوب الحاملة للهدى وتفاوتها بالأودية التي تسيل فيها السيول، فواد كبير يسع ماء كثيرا، كقلب كبير يسع علما كثيرا، وواد صغير يأخذ ماء قليلا، كقلب صغير، يسع علما قليلا، وهكذا.
وشبه ما يكون في القلوب من الشهوات والشبهات عند وصول الحق إليها، بالزبد الذي يعلو الماء ويعلو ما يوقد عليه النار من الحلية التي يراد تخليصها وسبكها، وأنها لا تزال فوق الماء طافية مكدرة له حتى تذهب وتضمحل، ويبقى ما ينفع الناس من الماء الصافي والحلية الخالصة.
كذلك الشبهات والشهوات لا يزال القلب يكرهها، ويجاهدها بالبراهين الصادقة، والإرادات الجازمة، حتى تذهب وتضمحل ويبقى القلب خالصا صافيا ليس فيه إلا ما ينفع الناس من العلم بالحق وإيثاره، والرغبة فيه، فالباطل يذهب ويمحقه الحق { إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } وقال هنا: { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ } ليتضح الحق من الباطل والهدى والضلال ". انتهى كلامه رحمه الله .
[ ب ]
في اعلانهم هذا :
انتصار للمد السني السلفي مع ضعف امكانات مشايخ السنة السلفيين وقلة من يقف معهم ويؤيدهم ماديا ومعنويا لكن ربهم هو الغني الحميد وهو ناصر الضعفاء والمساكين والناصر لعباده المصلحين وقد حاولت هذه الجماعة الإخوانية الخوارج جاهدة التفريق العقائدي بين الراعي ورعيته في أي دولة لهم وجود فيها وذلك بإيغار صدور العامة على حكامها ومحاولة تهييجهم وتحريضهم على ولاة أمور المسلمين لكن هذه الجهود الضعيفة باءت بالفشل لتأثر العامة بدعوة مشايخ السنة المؤيدة بإدلة الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة الصالح مع خلو الدعوة الاخوانية من نصوص الوحيين وبعدها عن العقل البشري السليم ومصادمتها للفطرة الصحيحة ومحاربتها للمصلحة العامة لأي مجتمع وفرد .
لذا أتى هذا المؤتمر محاولة يائسة لتشويه صورة علماء السنة لكن هيهات هيهات
فالدعوة السنية السلفية هي الإسلام الصحيح وهي سبب لسعادة الإنسان في الدارين .
ومع هذه المبشرات :
فإنه يجب اخذ الحذر وخاصة مع عودة من يقف معهم من الجهات الغربية من اتباع أوباما وهؤلاء لهم ميل مع الرافضة المجوس والاخوانية الخوارج وتأييد ظاهر لهم .
كفى الله المسلمين شرهم.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.