السبت، 21 ديسمبر 2019

《 قصة متضمنة فائدة علمية عن حكم مقاطعة منتجات الدول الكافرة 》

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} أما بعد: فقد 
زرت أحد المشايخ - لعل وقت الزيارة قبل عقدين من الزمان - في مدينة قريبة من بلدتي وكان الهدف من الزيارة محبة هذا الشيخ في الله ولأن أهل العلم يستفاد منهم ولتتم الاستفادة منهم والأخذ عنهم إلا بأمور منها شد الرحل إليهم وزيارتهم ووافق يوم زيارتي له انه كان يوم جمعة بعد مساء صلاة المغرب واستقبلنا افراد من حراسه و في غرفة استقبال الضيوف جلسنا بانتظار قدوم الشيخ علينا والسلام عليه وكانت أمامي ( ماصة ) فوقها ثلاث أوراق فقرأت هذه الوريقات استغلالا للوقت لتأخر مجئ الشيخ 
فتبين لي من خلال اطلاعي عليها أن هذه الوريقات عبارة عن خطبة الجمعة التي القاه الشيخ لهذا اليوم وكان موضوعها ( وجوب مقاطعة منتجات الدول الكافرة الغربية ) ومع انتهاء قراءتي قدم الشيخ وسلمنا على بعض و جرى مني سؤال لهذا الشيخ عن موضوع خطبته من اجل الاستفادة منه 
فسألته عن حكم مقاطعة المنتجات للدول الكافرة 
فافادني بأنه يرى وجوب المقاطعة ....ويخشى الكفر على من لم يرى هذا الرأي
فسألته عن دليله في هذه المسألة وخاصة أنه يرى الوجوب والتكفير والوجوب حكم شرعي وكذلك التكفير فلابد لهما من مستند شرعي مؤيد لهذا الحكم 
فقال : المصلحة الشرعية تقتضي ذلك ...
فقلت له : من يقدر هذه المصلحة الشرعية الراجحة ( لعامة المسلمين ) انت أو انا ام ولي الأمر ؟
فقال : بل ولي الأمر ...
فقلت : إذن بطل استدلالك بهذا الأمر .. اذ لابد من إذن ولي الأمر في هذه المسألة أو قل هذه النازلة ...
ثم سألته : انت ترى الوجوب بدليل عقلي مشروط فكيف إذا كان خصمك معه دليل من الكتاب والسنة وماعليه سلف الأمة من جواز هذا الأمر 
فمن أدلة الكتاب قوله تعالى( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ) 
وثبت في السنة اكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من طعام اليهود مع حربه لهم وتوفي بأبي وامي وروحي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونا عند يهودي واستفاض الخبر بحل هذا الأمر عن صحابة رسول الله صلى الله عليه ورضي الله عنهم واشتهر وانتشر بغير نكير فكان كأنه إجماع أو قل إجماعا على جواز هذا الأمر 
وسؤالي لك ياشيخ : مااحله الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم هل لأحد تحريمه ؟
وماحرموه هل لأحد اباحته وتحليله ؟
فالجواب ان هذا افتئات وتقدمة وقول على الله بلاعلم 
ثم هنا سؤال آخر اوجه لفضيلتك وهو :
ان مااطلقه الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .... فهل يجوز لأحد تقييده أو كان من الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم تعميم لأمر فهل لأحد تخصيصه ؟
فقال : لا ...
ثم استدرك قائلا : 
لكن هنا دليل عقلي 
قلت : تفضل هاته..
قال : إذا كان والدك هجر رجلا لأمر ما بينهما 
فدعاك هذا الرجل إلى وليمة 
فهل يجوز لك زيارة هذا الرجل ؟
فقلت : ذكرت في خطبتك أن من لم يرى وجوب المقاطعة يخشى عليه الكفر ...
وتكفير المسلمين يترتب عليه امور من حرمة ميراثه و تفريق زوجه ودفنه في غير مقابر المسلمين واستحلال دمه لردته من قبل ولي الامر 
وقلت هذا الكلام وليس معك دليل من الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة يؤيد ماذهبت إليه من الحكم بالوجوب أو القول بتكفير مخالفك من اهل الاسلام وهذا امر خطير جدا لاعتمادك على مجرد آراء ظنية قابلة للرد عليها ومناقشتها ونقضها أو رفضها 
وهو الصحيح لمقابلتها الادلة الصحيحة من النقل او العقل 
وأما مثالك الأخير والذي جعلته دليلا عقليا على الوجوب اوتكفير من خالفك فهو مجرد دليل عقلي أو مثال اتيت به من فكرك قد يتصور وجوده بالذهن وقد لايتصور حدوثه وامكانه 
مع ان هذا الرجل الذي ضربته لنا مثلا ودليلا : قد يكون ملكا أو أميرا أو رئيسا يخشى صولته فنأتي إليه مكرهين والاكراه في حال الكفر لايكفر صاحبه إذا أجبر على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان فكيف بغيره من أمور ليست مكفرة ...
وقد يكون هذا الرجل من أهل العلم المصلحين ومن الذين يكون الأخذ عنهم فيه مصلحة راجحة فيها سعادة العبد دنيا وآخرة وقد يكون الذي هجره من العوام الطالحين فهل مثل هذا العالم المصلح يهجر 
الجواب :
لا 
وإذا كان معك دليل عقلي واحد فمع غيرك مئات بل آلاف الأدلة العقلية التي تبين بطلان حكمك في هذه المسألة وفساد تصورك لها 
ثم يافضيلة الشيخ :
هل تقابل أدلة النقل الصحيحة القطعية الثبوت ( كتابا وسنة وقول صاحب استفاض بلانكير ) 
مع أدلة عقلية فاسدة فتجعلها ندا لها ..
فغضب هذا الشيخ علينا و( أراد ضربنا ) وقال : انتم مثل الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم نخشى أن تفتنى نساء بني الأصفر ( وهذا منه قول ظاهر في رمينا بالنفاق )
و خرجنا من بيته سالمين غانمين فالسلامة من مثله لايعدلها شئ وكفى الله المؤمنين القتال فبعد هذه الحادثة يسر الله لنا تأليف كتاب في ( حكم مقاطعة المنتجات الكافرين مع بيان كيفية نصرة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم )
وبعد هذه الزيارة ببضع سنين رأيت هذا الشيخ يميل إلى رأي الحدادية[ الحدادية نسبة الى محمود الحداد مصري يرى تكفير كبار علماء الاسلام بلابينة ولابرهان ويعتبرون الجناح الفكري لداعش ]وينصر مذهبهم ويقعد لهم القواعد الباطلة ...
وسأورد لكم مقتطفات من هذا الكتاب اتماما للفائدة

{ والراجح التفصيل في مسألة المُقاطعة اذ
المنتجات المقاطعة على نوعين :
أولهما :
ماكان في بلاد المسلمين وتملكوها بعقد صحيح وحازوه الى رحالهم فهذا لاينبغي بأي حال من الاحوال مقاطعتها لان هذه المنتجات اصبحت ملكا لمسلم وفي مقاطعتها أضرارا لهذا المسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (لا ضرر ولا ضرار)،
ولأن بعضها قد يدخل في تحريم ما أحل الله من الطيبات…
وهذا فيه «مخالفة للشرع الشريف» [زيد المدخلي رحمه الله تعالى ..الاجوبة الاثرية – بتصرف -]
ثانيهما :
لم تجلب وتستورد من بلاد الكفار، فأمر المقاطعة في هذه النوع يشترط فيه شروط :
الاول :
أن تكون هناك مصلحة راجحة للمسلمين في هذه المقاطعة.
ثانيا :
أن لا يعتقد تحريم المنتجات الغذائية لاهل الكتاب.
ثالثا :
أن لا يترتب عليها منكر أعظم منها أو فيها ضرر على المسلمين.
رابعا :
أن تكون البلاد المراد مقاطعتها محاربة للمسلمين [استفدتها من الامام ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى في شريط صوتي له]
خامسا :
أن يتوفر البديل.
سادسا :
ألا تدعو الحاجة لمنتجاتهم.
سابعا :
يشترط إذن ولي الامر في كل ماسبق لانه أعلم بالمصلحة العامة لمن هم تحت ولايته، ويعرف مدى احتياجهم من عدمه، ولعلمه بما ينفعهم او يضرهم فالامر يرجع فيه الى ولاة الامر..
المصدر : [ كتاب القول المبين في الانتصار لمن بعثه الله رحمة للعالمين مع بيان حكم مقاطعة منتجات بعض الكافرين ...لمؤلفه : غازي بن عوض العرماني]
انتهى ماماردنا ايضاحه 
رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه 
آمين 
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني
مساء يوم الاثنين ٤ - ٣ - ١٤٤٠ من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في بلدة الكدادية حرسها الله .