الاثنين، 8 سبتمبر 2025

( قصة واعظ من اشهرالوعاظ أبياته يتناقلها الناس إلى زمننا الحاضر )

 


بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد: 

ففي هذه الرسالة  فنذكر طرفا من الشعر المملوء حكمة وفيه قوة لفظ وجزالة معنى فمن هذا الشعر قصيدة هذا نصها :


صِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ




فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُ




واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخراً




إنَّ القريـنَ إلى المُقارنِ يُنسبُ




واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهـمْ




بتذلُّـلٍ واسمـحْ لهـمْ إن أذنبوا




ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً




إنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحبُ




وزنِ الكلامَ إذا نطقـتَ ولا تكـنْ




ثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُ




واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ




فالمرءُ يَسلَـمُ باللسانِ ويُعطَبُ




والسِّرُّ فاكتمهُ ولا تنطُـقْ بـهِ




إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ




وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لـمْ يُطوه




نشرتْـهُ ألسنـةٌ تزيـدُ وتكـذِبُ




لا تحرِصَنْ الحِرصُ ليسَ بزائدٍ




في الرِّزق بل يشقى الحريصُ ويتعبُ




ويظلُّ ملهوفـاً يـرومُ تحيّـلاً




والـرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ




كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ




رغَـداً ويُحـرَمُ كَيِّـسٌ ويُخيَّـبُ




وارعَ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْ




واعدِلْ ولاتظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُ




وإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ لهـا




مـن ذا رأيـتَ مسلَّماً لا يُنْكبُ




وإذارُميتَ من الزمانِ بريبـة




أو نالكَ الأمـرُ الأشقُّ الأصعبُ




فاضرعْ لربّك إنه أدنى لمنْ




يدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُ




كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ




إنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُ




واحذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ




يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ




واحذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً




واعلـمْ بـأنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُ




وإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلـدةٍ




وخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ




فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا




طولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغرِبُ




فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي




فالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ ويُوهَـبُ




ومن شعره ايضاً :


متى يَبْلُغُ البُنْيانُ يَومًا تَمامَه اِذا كُنْتَ تَبْنِيهِ وَغَيْرُك يَهْدِمُ؟


متى يفْضل المُثْرِي اِذا ظَنَّ أنَّهُ إذا جادَ بِالشيءِ القَليلِ سَيُعْدِمُ؟




ومنه:


اِذا ما خَلَوْتَ الدهرَ يومًا فَلا تَقُلْ: خَلَوْتُ، وَلكِنْ قُلْ: عَلَيَّ رَقيبُ


فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ ساعَةً ولا أن ما يُخْفَى عليه يغيبُ.


 وجميع هذه الابيات للشاعر صالح بن عبدالقدوس الذي ولد في القرن الأول من القرون المفضلة فأدرك الدولة الأموية ثم الدولة العباسية


كان واعظا مذكرا للناس


وقد صاحب المتكلمة المناطقة اذناب الفلاسفة فكان من جلسائه كبار المعتزلة مثل ابي الهذيل العلاف وغيرهم .


قال عنه فيمن كتب عنه انه كان يميل إلى الديانة المانوية الثنوية وهم الذين يقولون بالهين اثنين ( اله خير واله شر واله نور واله ظلمة ) .


رجح بعض اهل العلم ان القصيدة الزينبية منسوبة اليه ولعل منها ماسبق من ابيات وفيها يقول :


صَرَمتْ حبالَكَ بعـــدَ وصلكِ زينبُ


والدهـرُ فيه تصرُّمٌ وتقلبُ


ذهب الشبابُ فما له مــن عَودة


وأتى المشيب فأين منـه المهرب؟


لا تأمنِ الدهـر الخَئونَ فإنه


لا زال قِدمًا للرجــال يؤدِّب


واقنع ففي بعض القناعة راحـــةٌ


واليأس مما فات فهـو المطلب


واذا طمعتَ كُسيتَ ثــــوبَ مذلة


فلقــد كُسي ثوبَ المذلة أشعبُ


إن الحقــود وإن تقادم عهده


فالحقد باق في الصــــــــدور مغَيَّب


لا خير في ودّ امــــرئ متملق


حـلو اللسان وقلبه يتلهب


يلقاك يحلف أنه بك واثقٌ


وإذا توارى عنك فهــو العقرب


يعطيك من طرف اللسان حـلاوة


ويـــــروغ عنك كما يروغ الثعلب


وصِلِ الكرامَ وإن رمَوكَ بجَفْوة


فالصفحُ عنهم بالتجاوزِ أصوب


واختر قرينك تصطفيه تفاخـرًا


إن القرين إلى المقـــارَن يُنسب


إن الغنيَّ من الرجـــال مكرَّم


وتراه يُرجى مــا لديه ويُرهب


ويُبشُّ بالترحيب عند قـدومه


ويقام عند سـلامه ويُقرّب


ودع الكـذوب فلا يكن لك صاحبًا


إن الكـذوب يَشين حرًّا يصحب


وزنِ الكـلام اذا نطقت ولا تكن


ثرثارة في كـــل نادٍ تخطب


واحفـظ لسانك واحترز من لفظه


فالمرء يسلم باللسـان ويعطب


واحرص على حفظ القلوب من الأذى


فرجوعها بعـد التنافر يصعب


إن القـلـوب إذا تنافر ودُّها


شِبه الزجــاجة كسرُها لا يُشعب


كن ما استطعت عـن الأنام بمعزِل


إن الكثير من الــورى لا يُصحب


واحذر مصاحبة اللئيم فإنه


يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ


واحذر من المظلوم سهمًا صائبًا


واعلم بأن دعــاءه لا يُحْجَب


فلقـد نصحتك إن قبلت نصيحتي


فالنصح أغلى ما يبـاع ويوهب .


وهذه القصيدة نسبت إلى الصحابي الجليل امير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللهُ عنه لكن في ثنايا القصيدة ذكر شخصية معروفة وهي شخصية اشعب والذي ولد بعد وفاة الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفيها يقول :( وإذا طمعت كسبت ثوب مذلة .


فلقد كسي ثوب المذلة اشعب )


ومن إشعاره التي تدل على انحرافه العقدي وخاصة 


فى قضاء الله وقدره :


لَم تَخْلُ أَفعالُنا اللاتي نُذَمّ بها إِحدى ثلاث خِصالٍ في مَعَانيها:


إِما تَفَرُّد مَوْلانا بصنعتها فاللومُ يَسْقُط عَنّا حينَ نأتيها


أو كانَ يَشْرَكُنا فَاللَّوْمُ يَلْحَقُه إِن كانَ يَلْحَقُنا من لائِمٍ فيها


أَوْ لَمْ يَكُنْ لِإِلهي في جِنَايَتِها صُنْعٌ فَمَا الصُّنْعُ إِلا ذَنْبُ جانيها


ومما كتب عنه :


انه يخلط في وعظه فيدس السم بالدسم فيذكر طرفا من المعتقد المانوي الثنوي الفارسي قتله قيل المهدي وقيل هارون الرشيد على الزندقة ؛ فالله اعلم بحاله 


ومآله .


وفي كتاب وفيات الوفيات لابن خلكان رحمه الله تعالى [ ( ٢ / ٤٩٣ ) الشاملة ] : قال أحمد بن عبد الرحمن المعبر: " رأيت صالح بن عبد القدوس في المنام ضاحكاً مستبشراً فقلت له: ما فعل بك ربك، وكيف نجوت مما كنت ترمى به قال: إني وردت على رب لا تخفى عليه خافية، فاستقبلني برحمته وقال: لقد علمت براءتك مما كنت تقذف به. وكان قتله سنة سبع وستين ومائة" .


وفي ختام رسالتي :


أوجه نصيحة إلى الاخوة والأبناء الكرام طلاب العلم وذلك في طلب العلم الشرعي المبني على كلام الله المنزل وعلي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عز وجل فيه :{ وما ينطق عن الهوي . ان هو الا وحي يوحى } [ سورة النجم : الآية ٣ ] وفق فهم وهدي السلف الصالح والأخذ عن علماء السنة اتباع السلف الصالح الذين عرفوا بها - تعلما وتعليما وفهما ونصرا لها ولأهلها ودعوة اليها - والحذر من اهل المتشابه والشبهات والبعد عن رموز الفرق الضالة والجماعات التكفيرية اهل الشذوذ والبدع والخرافات والانحرافات ؛ واهل التفرق والاختلافات ؛{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }. 


( يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينِك ).( اللَّهمَّ اصرِفْ قلوبَنا إلى طاعتِكَ ).


وفقنا الله وإياكم الى مايحبه ويرضاه ورزقنا الله واياكم علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا 


وثبتنا الله على التوحيد والسنة في الحياة وعند الممات ورزقنا الله وإياكم رؤيته في الفردوس الأعلى من الجنة وأحسن الله لنا ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات الخاتمة انه ولي ذلك والقادر عليه والله اعلى وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.


••••••••••


كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .