الخميس، 25 سبتمبر 2025

( مشروعية صلاة الغائب إذا أمر بها ولي الأمر )




بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد: 

فقد جرى بحث حكم ( مسألة صلاة الغائب ) في رسالة عنوانها :

( ايضاح القول الصائب في حكم الصلاة على الغائب )

ورابطها :

http://www.ghazialarmani.com/2023/12/blog-post_20.html


وان الصواب: أن الغائبَ إن مات ببلد لم يُصلَّ عليه فيه، صُلِّيَ عليه صلاة الغائب، كما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، لأنه مات بين الكفار ولم يُصلَّ عليه. وإن صُلِّيَ عليه حيثُ مات لم يُصلَّ عليه صلاة الغائب؛ لأن الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه. والنبي صلى الله عليه وسلم صَلًّى على الغائب وتَرَكَه، وفِعلُه وتَرْكُه سُنَّة، وهذا له موضع، وهذا له موضع، واللّه أعلم، والأقوال ثلاثة في مذهب أحمد، وأصحها: هذا التفصيلُ وهذا قول كبار العلماء وينظر  كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم رحمه الله بتصرف يسير( ١٤٤ - ١٤٥ / ١ ) 

لكن هنا مسألة وهي :

( حكم صلاة الغائب إذا جاء الأمر بها من قبل  ولي الأمر )

فالصحيح أنها في هذه الصورة تكون مشروعة وذلك للأسباب التالية:

  اولا :

طاعة لله وطاعة لرسوله وذلك في  وجوب طاعة ولاة الأمر

فقد أتى الأمر بوجوب طاعتهم 

في كلام الله عز وجل وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا اجماع المسلمين 

قال الامام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:"الصلاة على الغائب الصحيح أنها ليست بسنة إلا من لم يصل عليه، كرجل مات في البحر غرق في البحر ولم يصل عليه فحينئذ نصلي عليه، أما إذا صلي عليه في أي مكان فإنه لا يصلى عليه صلاة غائب، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يصل على الغائب إلا على رجل واحد لم يصل عليه وهو النجاشي، ولو كانت الصلاة على الغائب مشروعة لكان أول من يسنها للأمة محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصحابة رضي الله عنهم كذلك ما أثر عنهم أنهم يصلون على الغائب يموت القواد يموت الخلفاء يموت الأمراء لم يصل عليهم، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقد وفّق للصواب، لكن إذا أمر به ولي الأمر صار طاعة أي: صارت الصلاة على الغائب طاعة، لأنها من طاعة ولي الأمر الذي أمرنا بها قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } ؛ ولقد ضل قوم بلغنا أنه لما أمر ولي الأمر بالصلاة على الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تخلفوا ولم يصلوا وهذا من جهلهم، لأننا نصلي على الغائب بأمر ولي الأمر طاعة لله عز وجل لقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } فإذا قال هذا: أنا أرى أنها بدعة هل إذا أمر ولي الأمر ببدعة نوافق؟ نقول: لا ماهي بدعة لأن هذه مسألة خلافية بين العلماء، ومسائل الخلاف الفقهي ما يقال إنه بدعة لو قلنا إنها بدعة لكان كل الفقهاء مبتدعون، لأن كل واحد يقول للثاني إذا كان على خلاف رأيه يقول أنت مبتدع وهذا لم يقله أحد من العلماء، لذلك نقول: إن اجتهاد هؤلاء الإخوة في غير محله إيه نعم، على كل حال الصحيح أن الصلاة على الغائب ليست بسنة، لكن إذا أمر بها ولي الأمر فهي طاعة لله عز وجل لأنه أمر بها ".[ سلسلة لقاء الباب المفتوح رقم ( ٧ / ٢١٦ ) ].

ثانيا :

ان حكم الحاكم في مثل هذه المسائل يقطع الخلاف ويصار اليه فلذا كانت صلاة الغائب في مثل هذه الصورةمشروعة.


والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير الى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني . 

الأحد، 14 سبتمبر 2025

[ لماذا تم تأليف كتاب( الموسوعة العلمية الخاصة في بيان حقوق ولاة الأمر الواجبة على رعيتهم وبيان الكيفية الشرعية الصحيحة في التعامل معهم وتفنيد شبهات آثارها الخوارج واهل التكفير عليهم )].



بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:

فمن اطلع على وسائل الاعلام 

وتطبيقات التواصل الاجتماعي يجد ان هنا حرب إعلامية ضروس  عالمية كبرى تدور رحاها مستهدفة ظلما جميع ولاة أمور المسلمين في جميع الدول الإسلامية وخاصة الدول العربية والخليجية فالملوك والأمراء والرؤساء لم يسلموا من فتنة الاخوان الخوارج ومعهم الاعلام الرافضي المجوسي و العلمانية الملاحدة فكل يريد أن ينقض ويهجم على اعراض هؤلاء الحكام المسلمين تحت ذرائع وشبهات ووسائل فاجرة والإسلام جاء بتحريم اعراض عموم المسلمين والطعن فيهم فأدلة القران الكريم والسنة النبوية المطهرة وإجماع المسلمين على تحريم لحوم عامة المسلمين وغيبتهم فكيف بولاة الأمر منهم 

ومع هذا النشاط الإعلامي المحموم المسموم هناك اجنحة عسكرية تأخذ أشكال مختلفة فالتنظيمات السرية والمليشيات الدموية وما خبر القاعدة وداعش عنا ببعيد فلذا وجب   إيضاح شعيرة من شعائر الإسلام و شريعة كبيرة من شرائع الإسلام وبيان اصل عظيم من أصول  سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو ( أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر على رعيتهم بالمعروف ) وهذا لا بد إيضاحه وبيانه بقلم  طلاب العلم الشرعي الذين مصدر العلم والهدى والاستدلال عندهم الكتاب العزيز والسنة النبوية وفق النهج الصحيح الذي سار عليه سلفنا الصالح في فهم نصوص الوحيين ومن ذلك بيان الكيفية  الشرعية الصحيحة في التعامل  مع ولاة أمور المسلمين وإيضاح حقوقهم الواجبة على رعيتهم وتفنيد الشبهات التي اثيرت عليهم من قبل جماعات التكفير والخوارج والتي البسوها ظلما لباس التقوى ومعلوم بداهة ان دين الله وهو دين الاسلام الذي ارتضاه الله لعباده برئ من هذه الأخطاء العقدية التي هي حقيقة شبهات لاضلال جهلة  المسلمين فدين الله منها براء براءة  الذئب من دم يوسف عليه الصلاة  والسلام.

ويعلم كل عاقل ان نتائج تكفير المسلمين واستحلال دمائهم والخروج عليهم يترتب عليها فتن عظيمة وشرور جسيمة ومفاسد كثيرة 

ففي فقد ولاة الأمر ينعدم الامن 

والاستقرار ويظهر الخوف وينتشر قطاع الطريق وتنهب الأموال وتنتهك الأعراض وترخص وتستباح دماء الأبرياء ولا يتمكن المسلمون من الوصول إلى تحقيق مصلحة الدين بإقامة عبادة الله في بيوت الله و تحقيق مصالحهم الدنيوية التي فيها معاشهم إلا بوجود ولاة الأمر  و[ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: ( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا معاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا معادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ ).

اخرجه الامام مسلم رحمه اللهُ تعالى من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه ؛ لذا أتى تأليف كتاب ( الموسوعة العلمية في إيضاح كثير من المسائل العقدية المتعلقة بولاة الأمر  في ضوء الكتاب العزيز والسنة النبوية بفهم السلف الصالح  والاجماع منعقد على وجوب العمل  بأصل وجوب السمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف وبيان أثره المبارك في أمن البلاد وجلب الخير للعباد ).

وهذه الموسوعة جاءت اولا وآخرا بفضل الله ورحمته مبنية على الادلة النقلية الصحيحة والحجج العقلية الصريحة في بيان الحق ونصره ورد الباطل وإزهاقه ان الباطل كان زهوقا فصحيح المنقول لا يخالفه بل يؤيده صريح المعقول ؛ وهذه الموسوعة تتضمن رسائل متنوعة  مشتملة على البحث العلمي في المسائل العقدية التالية :

             (  اولا  )

مصطلحات حادثة باطله يتم توظيفها لتزيين الخروج على ولاة الأمر .

            (  ثانيا  )

كيفية التعامل الشرعي الصحيح الثابت بالأدلة الشرعية مع ولاة الأمر .

              ( ثالثا  )

الحقوق والواجبات الشرعية الثابتة  لولاة الأمر . 

            ( رابعا  )

 الخوارج يهملون العمل بالمحكم من النصوص ويعملون بالمتشابه و يحرفون أدلة الشرع .

            ( خامسا  )

تفنيد شبهات الخوارج واهل التكفير المخالفة لنصوص الوحيين وإجماع المسلمين .

             ( سادسا )

   اتفاق اهل السنة والجماعة اتّباع السلف الصالح وإجماعهم على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وتحريم الخروج عليهم .

           ( سابعا  )

بيان عظيم خطر  الخوارج والجماعات التكفيرية والأحزاب السياسية الضالة على المسلمين خاصة وعامة .

وفي ختام رسالتي هذه

اذكر في أهمية عبادة تصرف الي الله تعالى وحده لا شريك له وهذه العبادة بل قل هذا السلاح هو دعاء الله سبحانه وتعالى لولاة امرنا بالخير والبركة والصلاح "ولهذا كان السلف الصالح: كالفضيل بن عياض، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهما يقولون: لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان ".[ من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه اللهُ تعالى في مجموع الفتاوى ( ٢٨ / ٣٩١ ) ].


وفي صفحة (٥١) من كتاب شرح السنة للإمام الحسن بن علي البربهاري رحمه الله نجده يقول :" إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى".

  قال الحافظ ابو نعيم رحمه الله تعالى : حدثنا محمد بن ابراهيم ، ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد بن يزيد البغدادي  ولقبه من دونه  قال سمعت الفضيل بن عياض يقول : لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها الا في الامام . قيل له : وكيف ذلك يا أبا علي ؟ قال : متى ما صيرتها في نفسي لم تحزني ومتى صيرتها في الامام فصلاح الامام صلاح العباد والبلاد . قيل : وكيف ذلك يا أبا علي ؟ فسر لنا هذا . قال : أما صلاح البلاد فإذا أمن الناس ظلم الإمام عمروا الخرابات ونزلوا الارض ، وأما العباد فينظر إلى قوم من أهل الجهل فيقول : قد شغلهم طلب المعيشة عن طلب ما ينفعهم من تعلم القرآن وغيره ، فيجمعهم في دار خمسين خمسين أقل أو أكثر ، يقول للرجل : لك ما يصلحك ، وعلم هؤلاء أمر دينهم ، وانظر ما أخرج الله عز وجل من فيهم مما يزكى الارض فرده عليهم . قال : فكان صلاح العباد والبلاد ، فقبل ابن المبارك جبهته وقال : يا معلم الخير من يحسن هذا غيرك ".انتهى كلامه رحمه الله تعالى. [ كتاب حليه الأولياء لأبي نعيم رحمه الله تعالى ( ٨ / ٩١ )].

 اسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام ان يوفق ولي أمرنا و إمامنا و قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الامين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لما تحب وترضى، وخذ بناصيتهم للبر والتقوى، واحفظهم بحفظك، وأيدهم بنصرك، وارزقهم البطانة الصالحة، وثبتهم على الحق

اللهم وفق ولي أمرنا، وسدد خطاه، واجعله فيه نفع البلاد وصلاح العباد، وارزقه الصحة والعافية، واحفظه من كل سوء ومكروه .اللهم احفظ ولي أمرنا، ووفقه لكل خير، وسدد رأيه، وبارك له في عمره وصحته وعافيته، واجعله اللهم سبباً في عز الإسلام والمسلمين .

اللهم من أراد بولي امرنا سوءا فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره 

اللهم اجعل ما كتبته خالصا لوجهك الكريم صوابا متقبلا نافعا مباركا فيه ؛ اللهم ارزقنا العلم النافع والعمل المتقبل والرزق الواسع الحلال الطيب المبارك ؛ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ؛ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ؛ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك انت الوهاب ؛ اللهم من أراد المسلمين واراد دين الاسلام واراد ولاة امرنا بسوء فأكفنا شره وابعد عن المسلمين كيده ومكره وضره 

والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير الى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني . 

السبت، 13 سبتمبر 2025

( من صفات اهل العلم خشية الله في شأنهم كله ومن ذلك العدل في أحكامهم والصدق في اخبارهم والرحمة وحسن الخلق في تعاملهم مع الناس )



بسم الله الرحمن الرحيم 



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:

فيقول الله تعالى وتقدس :{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }.[ غافر : ٧ ].

قال الامام البغوي رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الاية الكريمة :" قال مطرف : أنصح عباد الله للمؤمنين هم الملائكة ، وأغش الخلق للمؤمنين هم الشياطين "."وأنهم { يستغفرون للذين آمنوا } أي : من أهل الأرض ممن آمن بالغيب ، فقيض الله سبحانه ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب ، ولما كان هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام ، كانوا يؤمنون على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب ، كما ثبت في صحيح مسلم : ( إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك : آمين ولك بمثله  ).".انتهى من كلام الامام ابن كثير رحمه الله تعالى.

وقال الامام السعدي رحمه اللهُ تعالى:" يخبر تعالى عن كمال لطفه تعالى بعباده المؤمنين، وما قيض لأسباب سعادتهم من الأسباب الخارجة عن قدرهم، من استغفار الملائكة المقربين لهم، ودعائهم لهم بما فيه صلاح دينهم وآخرتهم، وفي ضمن ذلك الإخبار عن شرف حملة العرش ومن حوله، وقربهم من ربهم، وكثرة عبادتهم ونصحهم لعباد الله، لعلمهم أن الله يحب ذلك منهم فقال: { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ } أي: عرش الرحمن، الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها وأوسعها وأحسنها، وأقربها من الله تعالى، الذي وسع الأرض والسماوات والكرسي، وهؤلاء الملائكة، قد وكلهم الله تعالى بحمل عرشه العظيم، فلا شك أنهم من أكبر الملائكة وأعظمهم وأقواهم، واختيار الله لهم لحمل عرشه، وتقديمهم في الذكر، وقربهم منه، يدل على أنهم أفضل أجناس الملائكة عليهم السلام، قال تعالى: { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ }

{ وَمَنْ حَوْلَهُ } من الملائكة المقربين في المنزلة والفضيلة { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } هذا مدح لهم بكثرة عبادتهم للّه تعالى، وخصوصًا التسبيح والتحميد، وسائر العبادات تدخل في تسبيح الله وتحميده، لأنها تنزيه له عن كون العبد يصرفها لغيره، وحمد له تعالى، بل الحمد هو العبادة للّه تعالى، وأما قول العبد: "سبحان الله وبحمده" فهو داخل في ذلك وهو من جملة العبادات.

{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } وهذا من جملة فوائد الإيمان وفضائله الكثيرة جدًا، أن الملائكة الذين لا ذنوب عليهم يستغفرون لأهل الإيمان، فالمؤمن بإيمانه تسبب لهذا الفضل العظيم.

ثم ولما كانت المغفرة لها لوازم لا تتم إلا بها -غير ما يتبادر إلى كثير من الأذهان، أن سؤالها وطلبها غايته مجرد مغفرة الذنوب- ذكر تعالى صفة دعائهم لهم بالمغفرة، بذكر ما لا تتم إلا به، فقال: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا } فعلمك قد أحاط بكل شيء، لا يخفى عليك خافية، ولا يعزب عن علمك مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ورحمتك وسعت كل شيء، فالكون علويه وسفليه قد امتلأ برحمة الله تعالى ووسعتهم، ووصل إلى ما وصل إليه خلقه.

{ فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا } من الشرك والمعاصي { وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ } باتباع رسلك، بتوحيدك وطاعتك. { وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } أي: قهم العذاب نفسه، وقهم أسباب العذاب".

وفي تفسير قول الله تعالى وتقدس:{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }[فاطر:٢٨].يقول الامام ابن باز رحمه الله تعالى: " هذه الآية آية عظيمة، وهي تدل على أن العلماء بالله وبدينه وبكتابه العظيم وسنة رسوله الكريم هم أشد الناس خشية لله وأكملهم خوفا منه سبحانه، فالمعنى: إنما يخشى الله الخشية الكاملة هم العلماء بالله، الذين عرفوا ربهم بأسمائه وصفاته وعظيم حقه وتبصروا في شريعته وعرفوا ما عنده من النعيم لمن اتقاه، والعذاب لمن خالفه وعصاه، فهم لكمال علمهم بالله هم أشد الناس خشية لله، وأكمل الناس خوفا من الله وعلى رأسهم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهم أكمل الناس خشية لله سبحانه وتعظيما له ثم خلفاؤهم العلماء بالله وبدينه.

وهم على مراتب في ذلك متفاوتة، وليس معنى الآية أن غيرهم لا يخشى الله، فكل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة يخشى الله عز وجل لكن خشية الله فيهم متفاوتة، فكلما كان المؤمن أبصر بالله وأعلم به وبدينه كان خوفه لله أكثر، وكلما قل العلم وقلت البصيرة قل الخوف من الله وقلت الخشية منه سبحانه.

فالناس متفاوتون في هذا الباب تفاوتا عظيما حتى العلماء متفاوتون في خشيتهم لله كما تقدم، فكلما زاد العلم زادت الخشية لله وكلما نقص العلم نقصت الخشية لله، ولهذا يقول عز وجل :{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }.[البينة:٧-٨] وقال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك:١٣] والآيات في هذا المعنى كثيرة وبالله التوفيق".

[ مجموع فتاوى ومقالات الامام ابن باز رحمه الله تعالى ( ٥ /  ٤٨ )].

وقد بين أئمة السنة أعلام السلف الصالح صفات اهل العلم هؤلاء وبينوا حالهم وميزوا بينهم وبين اهل البدع من اهل الضلال والتكفير ودعاة الخوارج فقال الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لقوله تعالى:{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }[فاطر : ٢٨ ]:"" أي : إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به; لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى - كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل ، كانت الخشية له أعظم وأكثر .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير .

وقال ابن لهيعة ، عن ابن أبي عمرة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : العالم بالرحمن من لم يشرك به شيئا ، وأحل حلاله ، وحرم حرامه ، وحفظ وصيته ، وأيقن أنه ملاقيه ومحاسب بعمله .

وقال سعيد بن جبير : الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل .

وقال الحسن البصري : العالم من خشي الرحمن بالغيب ، ورغب فيما رغب الله فيه ، وزهد فيما سخط الله فيه ، ثم تلا الحسن : { إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور }.

وعن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أنه قال : ليس العلم عن كثرة الحديث ، ولكن العلم عن كثرة الخشية .

وقال أحمد بن صالح المصري ، عن ابن وهب ، عن مالك قال : إن العلم ليس بكثرة الرواية ، وإنما العلم نور يجعله الله في القلب .

قال أحمد بن صالح المصري : معناه : أن الخشية لا تدرك بكثرة الرواية ، وأما العلم الذي فرض الله ، عز وجل ، أن يتبع فإنما هو الكتاب والسنة ، وما جاء عن الصحابة ، رضي الله عنهم ، ومن بعدهم من أئمة المسلمين ، فهذا لا يدرك إلا بالرواية ويكون تأويل قوله : " نور " يريد به فهم العلم ، ومعرفة معانيه .

وقال سفيان الثوري ، عن أبي حيان [ التميمي ] ، عن رجل قال : كان يقال : العلماء ثلاثة : عالم بالله عالم بأمر الله ، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله ، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله . فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض . والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض . والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ، ولا يخشى الله عز وجل ".

ولهذا تجد أئمة السنة واعلام السلف الصالح مثل الألباني وابن باز وربيع المدخلي وقبلهم ابن تيميه وابن عبدالوهاب رحمهم الله جميعا يعرفون الحق ويرحمون الخلق وربهم وسع كل شيء رحمة وعلما

يقول شيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وأئمة الســنــة والجماعة وأهل العلم والإيمان فيهم العلم والعدل والرحمة ، فيعلمون الحق الــذي يـكــونــون بـه موافقين للسنة ، سالمين من البدعة ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم ، كما قال تَــعــالَى :{ كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}ويرحمون الخلق، فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يــقــصــدون الـشــر لهم ابتداء، بل إذا عاقبوهم، وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم، كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق"[ الرد على البكري ( ٢٥٧)].

وفي موضع آخر يقول  شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" الخوارج هم أول من كفر المسلمين: يكفرون بالذنوب، ويكفرون من خالفهم في بدعتهم، ويستحلون دمه وماله، وهذه حال أهل البدع، يبتدعون بدعة ويكفرون من خالفهم فيها، وأهل السنة والجماعة يتبعون الكتاب والسنة ويطيعون الله ورسوله؛ فيتبعون الحق، ويرحمون الخلق".[مجموع الفتاوى(٣ / ٢٧٩)].

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل المتقبل والرزق الحلال الطيب المبارك وأحسن الله لنا ولكم ولجميع المسلمين الخاتمة ؛ والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير الى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني . 

الخميس، 11 سبتمبر 2025

( الشهرة وكيفية علاجها بأدوية الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة)[ الجزء الثاني].



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده ورسوله المصطفى وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه واقتفى 

اما بعد 

فهذه الرسالة الثانية عن مرض الشهرة وكيفية علاجه وقد سبق هذه الرسالة رسالة بعنوان :

([ من فقه الشهرة والرياء والسمعة ومحبة الظهور القاصم للظهور ] الجزء الأول 


https://www.ghazialarmani.com/2025/09/blog-post_5.html?m=1  )


وقد ارسل الينا الاخ الشيخ …….. رسالة الامام العلامة تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله تعالى ونصها :"‏ كتاب ‎التوحيد لا يكفي أن تقرأه مرةً واحدة ؛ بل ينبغي أن تقرأه دائمًا، كُلّما ختمته بدأته من جديد كما أفعل أنا، لأنّ الناس دائمًا في حاجـةٍ إليه ليستيقنَ المُوحّد ويزداد رسوخًا، وليرجع المُشرك عن شِركه ".انتهى كلامه رحمه الله [مجموع رسائله ( ١ / ٣٠٦ )].

وهذا الشيخ قلت عنه إماما لأن الامام ابن باز رحمه الله تعالى وصف الامام الألباني وتقي الدين الهلالي رحمهما الله تعالى بأنهم من المجددين للدين في هذا العصر .

وفي هذه الرسالة للامام تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى ينبه على أهمية كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى لمحاربته للشرك في جميع صوره ومسائله ووسائله وفيه تعظيم توحيد الله سبحانه وتعالى والحرص على اتباع سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وفي هذا اجتماع لشرطي صحة العبادة الإخلاص لله سبحانه وتعالى والصواب ولأن داء الشهرة مرض من أمراض هذا العصر وذلك لتوفر وسائل الاعلام وتطبيقات التواصل الاجتماعي ؛ وهذه الشهرة او قل الرياء والسمعة إذا لم يرد بها وجه الله عز وجل فإنها تأت إلى الأعمال الصالحة فيذرها هباءً وذلك ان العبادة لا بد لها من شرطين 

هما الصواب وذلك في متابعة سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والإخلاص لله عز وجل فهذا الشرط بسبب الرياء معدوم قال الله تعالى وتقدس:{ وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا }

وقال عز من قائل :{ مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } فيفسد الرياء العمل ويبطله فعن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال  : (  أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ يَقْتَتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلانٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )رواه الترمذي رحمه الله تعالى وصححه الامام الالباني رحمه الله تعالى في صحيح الترمذي .

وسبب ذلك حب أن يشتهر المرء ويذكر اسمه وهذا نوع من الرياء و نوع من السمعة وهذان داءان يفتكان في الانسان ومن اطلع على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى ومااشتملت عليه أبوابه  من ايات حكيمة و احاديث نبوية علم من اين أوتي فقد اوتي من نفسه ومحبتها للرياء والسمعة وهذا مرض العصر وهو محبة الشهرة حتى سموا انفسهم بالمشاهير او سماهم غيرهم بذلك ؛ واذا  عرف المرء داءه نتج عنه كيف دواءه وعلاجه وشفاءه وقد اشتملت السبع المثاني سورة الفاتحة على احد الأدوية الفعالة وهو سؤال الله سبحانه وتعالى الاستعانة على عبادته :{ إياك نعبد وإياك نستعين} فيرفع العبد المؤمن يداه الى خالقه وربه سبحانه وتعالى فيسأله الشفاء والعافية من هذا الداء ومن جميع الأمراض الحسية والمعنوية فمن الأدوية النافعة في هذا الباب ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل ). 

فقال له من شاء الله أن يقول :وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ؟ قال :( قولوا اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم ).  رواه أحمد رحمه اللهُ تعالى وصححه الامام الألباني رحمه الله تعالى في  صحيح الجامع .

أعاذنا الله وإياكم من محبة الشهرة والرياء والسمعة وجعل الله ما نكتبه خالصا صوابا متقبلا نافعا مباركا فيه؛ ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل المتقبل والرزق الحلال الطيب المبارك فيه وأحسن الله لنا ولكم ولجميع المسلمين الخاتمة والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .

الاثنين، 8 سبتمبر 2025

( قصة واعظ من اشهرالوعاظ أبياته يتناقلها الناس إلى زمننا الحاضر )

 


بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد: 

ففي هذه الرسالة  فنذكر طرفا من الشعر المملوء حكمة وفيه قوة لفظ وجزالة معنى فمن هذا الشعر قصيدة هذا نصها :


صِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ




فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُ




واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخراً




إنَّ القريـنَ إلى المُقارنِ يُنسبُ




واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهـمْ




بتذلُّـلٍ واسمـحْ لهـمْ إن أذنبوا




ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً




إنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحبُ




وزنِ الكلامَ إذا نطقـتَ ولا تكـنْ




ثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُ




واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ




فالمرءُ يَسلَـمُ باللسانِ ويُعطَبُ




والسِّرُّ فاكتمهُ ولا تنطُـقْ بـهِ




إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ




وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لـمْ يُطوه




نشرتْـهُ ألسنـةٌ تزيـدُ وتكـذِبُ




لا تحرِصَنْ الحِرصُ ليسَ بزائدٍ




في الرِّزق بل يشقى الحريصُ ويتعبُ




ويظلُّ ملهوفـاً يـرومُ تحيّـلاً




والـرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ




كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ




رغَـداً ويُحـرَمُ كَيِّـسٌ ويُخيَّـبُ




وارعَ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْ




واعدِلْ ولاتظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُ




وإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ لهـا




مـن ذا رأيـتَ مسلَّماً لا يُنْكبُ




وإذارُميتَ من الزمانِ بريبـة




أو نالكَ الأمـرُ الأشقُّ الأصعبُ




فاضرعْ لربّك إنه أدنى لمنْ




يدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُ




كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ




إنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُ




واحذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ




يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ




واحذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً




واعلـمْ بـأنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُ




وإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلـدةٍ




وخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ




فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا




طولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغرِبُ




فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي




فالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ ويُوهَـبُ




ومن شعره ايضاً :


متى يَبْلُغُ البُنْيانُ يَومًا تَمامَه اِذا كُنْتَ تَبْنِيهِ وَغَيْرُك يَهْدِمُ؟


متى يفْضل المُثْرِي اِذا ظَنَّ أنَّهُ إذا جادَ بِالشيءِ القَليلِ سَيُعْدِمُ؟




ومنه:


اِذا ما خَلَوْتَ الدهرَ يومًا فَلا تَقُلْ: خَلَوْتُ، وَلكِنْ قُلْ: عَلَيَّ رَقيبُ


فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ ساعَةً ولا أن ما يُخْفَى عليه يغيبُ.


 وجميع هذه الابيات للشاعر صالح بن عبدالقدوس الذي ولد في القرن الأول من القرون المفضلة فأدرك الدولة الأموية ثم الدولة العباسية


كان واعظا مذكرا للناس


وقد صاحب المتكلمة المناطقة اذناب الفلاسفة فكان من جلسائه كبار المعتزلة مثل ابي الهذيل العلاف وغيرهم .


قال عنه فيمن كتب عنه انه كان يميل إلى الديانة المانوية الثنوية وهم الذين يقولون بالهين اثنين ( اله خير واله شر واله نور واله ظلمة ) .


رجح بعض اهل العلم ان القصيدة الزينبية منسوبة اليه ولعل منها ماسبق من ابيات وفيها يقول :


صَرَمتْ حبالَكَ بعـــدَ وصلكِ زينبُ


والدهـرُ فيه تصرُّمٌ وتقلبُ


ذهب الشبابُ فما له مــن عَودة


وأتى المشيب فأين منـه المهرب؟


لا تأمنِ الدهـر الخَئونَ فإنه


لا زال قِدمًا للرجــال يؤدِّب


واقنع ففي بعض القناعة راحـــةٌ


واليأس مما فات فهـو المطلب


واذا طمعتَ كُسيتَ ثــــوبَ مذلة


فلقــد كُسي ثوبَ المذلة أشعبُ


إن الحقــود وإن تقادم عهده


فالحقد باق في الصــــــــدور مغَيَّب


لا خير في ودّ امــــرئ متملق


حـلو اللسان وقلبه يتلهب


يلقاك يحلف أنه بك واثقٌ


وإذا توارى عنك فهــو العقرب


يعطيك من طرف اللسان حـلاوة


ويـــــروغ عنك كما يروغ الثعلب


وصِلِ الكرامَ وإن رمَوكَ بجَفْوة


فالصفحُ عنهم بالتجاوزِ أصوب


واختر قرينك تصطفيه تفاخـرًا


إن القرين إلى المقـــارَن يُنسب


إن الغنيَّ من الرجـــال مكرَّم


وتراه يُرجى مــا لديه ويُرهب


ويُبشُّ بالترحيب عند قـدومه


ويقام عند سـلامه ويُقرّب


ودع الكـذوب فلا يكن لك صاحبًا


إن الكـذوب يَشين حرًّا يصحب


وزنِ الكـلام اذا نطقت ولا تكن


ثرثارة في كـــل نادٍ تخطب


واحفـظ لسانك واحترز من لفظه


فالمرء يسلم باللسـان ويعطب


واحرص على حفظ القلوب من الأذى


فرجوعها بعـد التنافر يصعب


إن القـلـوب إذا تنافر ودُّها


شِبه الزجــاجة كسرُها لا يُشعب


كن ما استطعت عـن الأنام بمعزِل


إن الكثير من الــورى لا يُصحب


واحذر مصاحبة اللئيم فإنه


يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ


واحذر من المظلوم سهمًا صائبًا


واعلم بأن دعــاءه لا يُحْجَب


فلقـد نصحتك إن قبلت نصيحتي


فالنصح أغلى ما يبـاع ويوهب .


وهذه القصيدة نسبت إلى الصحابي الجليل امير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللهُ عنه لكن في ثنايا القصيدة ذكر شخصية معروفة وهي شخصية اشعب والذي ولد بعد وفاة الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفيها يقول :( وإذا طمعت كسبت ثوب مذلة .


فلقد كسي ثوب المذلة اشعب )


ومن إشعاره التي تدل على انحرافه العقدي وخاصة 


فى قضاء الله وقدره :


لَم تَخْلُ أَفعالُنا اللاتي نُذَمّ بها إِحدى ثلاث خِصالٍ في مَعَانيها:


إِما تَفَرُّد مَوْلانا بصنعتها فاللومُ يَسْقُط عَنّا حينَ نأتيها


أو كانَ يَشْرَكُنا فَاللَّوْمُ يَلْحَقُه إِن كانَ يَلْحَقُنا من لائِمٍ فيها


أَوْ لَمْ يَكُنْ لِإِلهي في جِنَايَتِها صُنْعٌ فَمَا الصُّنْعُ إِلا ذَنْبُ جانيها


ومما كتب عنه :


انه يخلط في وعظه فيدس السم بالدسم فيذكر طرفا من المعتقد المانوي الثنوي الفارسي قتله قيل المهدي وقيل هارون الرشيد على الزندقة ؛ فالله اعلم بحاله 


ومآله .


وفي كتاب وفيات الوفيات لابن خلكان رحمه الله تعالى [ ( ٢ / ٤٩٣ ) الشاملة ] : قال أحمد بن عبد الرحمن المعبر: " رأيت صالح بن عبد القدوس في المنام ضاحكاً مستبشراً فقلت له: ما فعل بك ربك، وكيف نجوت مما كنت ترمى به قال: إني وردت على رب لا تخفى عليه خافية، فاستقبلني برحمته وقال: لقد علمت براءتك مما كنت تقذف به. وكان قتله سنة سبع وستين ومائة" .


وفي ختام رسالتي :


أوجه نصيحة إلى الاخوة والأبناء الكرام طلاب العلم وذلك في طلب العلم الشرعي المبني على كلام الله المنزل وعلي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عز وجل فيه :{ وما ينطق عن الهوي . ان هو الا وحي يوحى } [ سورة النجم : الآية ٣ ] وفق فهم وهدي السلف الصالح والأخذ عن علماء السنة اتباع السلف الصالح الذين عرفوا بها - تعلما وتعليما وفهما ونصرا لها ولأهلها ودعوة اليها - والحذر من اهل المتشابه والشبهات والبعد عن رموز الفرق الضالة والجماعات التكفيرية اهل الشذوذ والبدع والخرافات والانحرافات ؛ واهل التفرق والاختلافات ؛{ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }. 


( يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينِك ).( اللَّهمَّ اصرِفْ قلوبَنا إلى طاعتِكَ ).


وفقنا الله وإياكم الى مايحبه ويرضاه ورزقنا الله واياكم علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا 


وثبتنا الله على التوحيد والسنة في الحياة وعند الممات ورزقنا الله وإياكم رؤيته في الفردوس الأعلى من الجنة وأحسن الله لنا ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات الخاتمة انه ولي ذلك والقادر عليه والله اعلى وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.


••••••••••


كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .

الأحد، 7 سبتمبر 2025

( الغنى والفقر بيد الله وهو من قضاء الله وقدره الدائر بين الفضل والحكمة فيغني العبد فضلا ورحمةً و يفقر عبده عدلا وحكمةً )



بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:

فقد اطلعني احد طلاب العلم على ما تم نشره في وسائل التواصل الاجتماعي ممن رأيته أُطلِق عليه  :( المختص ) الذي تحدث في مسألة عظيمة من مسائل الايمان وهي احد اركان الايمان بالله سبحانه وتعالى وهو ركن الايمان بالقضاء والقدر فرأيته يخلط ويخبط خبط عشواء فيقرر اخيرا :" ان الفقر اختيار الإنسان وليس من قدر الله ". 

وهذا الكلام باطل في الادلة النقلية الصحيحة وفي الحجج العقلية الصريحة فقد استفاضت وتواترت ادلة الكتاب العزيز والسنة النبوية في ان من يرزق خلقه هو الله سبحانه وتعالى وهذا مقتضى أسماء الله تعالى وصفاته فهو الرازق الرزاق فالفقر والغنى من قضاء وقدر وهو مكتوب على بني ادم من الله سبحانه وتعالى وهو دائر بين حكمة الله ورحمته وفضله فيغني من يشاء من عباده فضلا ورحمة ويفقر من يشاء من عباده عدلا وحكمة وهذه الأرزاق قسمها الله بين عباده قال الله عزوجل :{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }{ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}قال التابعي الجليل مجاهد رحمه اللهُ تعالى : " ما جاءها من رزق فمن الله عز وجل ، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعا ".

وفي الصحيحين من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال :حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- قالَ: ( إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ….)وقال تعالى وتقدس:{ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} ؛ قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:" وأما إذا ما امتحنه ربه بالفقر { فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } يقول: فضيَّق عليه رزقه وقَتَّره، فلم يكثر ماله، ولم يوسع عليه { فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ } يقول: فيقول ذلك الإنسان: ربي أهانني، يقول: أذلني بالفقر، ولم يشكر الله على ما وهب له من سلامة جوارحه، ورزقه من العافية في جسمه" .

قال الله تعالى وتقدس:{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}

قال الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:"وقال الإمام أحمد ، حدثنا ، وكيع ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عبد الله بن أبي الجعد ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، ولا يرد القدر إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر ).

ورواه النسائي ، وابن ماجه من حديث سفيان - وهو الثوري - به"."وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا إبراهيم بن الأشعث ، حدثنا الفضيل بن عياض ، عن هشام بن حسان ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من انقطع إلى الله كفاه الله كل مئونة ، ورزقه من حيث لا يحتسب ، ومن انقطع إلى الدنيا وكله إليها )"انتهى كلامه رحمه الله تعالى بتصرف .

وقد سئل الامام ابن باز رحمه اللهُ تعالى: الفقر هل يدخل في أنواع الابتلاء من الله ؟

فكانت إجابته رحمه الله تعالى:

"كلها ابتلاء، الغنى والفقر، هذا يُبتلى بالسراء، وهذا يُبتلى بالضراء، هذا يُبتلى بالصحة، وهذا يُبتلى بالمرض، هذا يبتلى بالغنى، وهذا يبتلى بالفقر، هذا يبتلى بالوظيفة، وهذا يبتلى بحرمانها، كلها ابتلاء وامتحان".

يؤيد هذا قول الله تعالى وتقدس:{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } وعن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ السَّلَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ، لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ، أَوْ فِي مَالِهِ، أَوْ فِي وَلَدِهِ حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى).رواه احمد وأبو داود رحمهما الله تعالى وصححه الامام الالباني رحمه الله تعالى.

ويقول الله تعالى وتقدس :{ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ }[الرعد : ٢٦ ].

قال الامام البغوي رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:" قوله عز وجل : ( الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) أي : يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء ".

انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ويقول الله تعالى وتقدس :{ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ }[ الشورى :١٩ ]. قال الامام ابن جرير الطبري رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:

القول في تأويل قوله تعالى : { اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ }

يقول تعالى ذكره: الله ذو لطف بعباده, يرزق من يشاء فيوسع عليه ويقتر على من يشاء منهم.{ وَهُوَ الْقَوِيُّ } الذي لا يغلبه ذو أيد لشدته, ولا يمتنع عليه إذا أراد عقابه بقدرته { الْعَزِيزُ } في انتقامه إذا انتقم من أهل معاصيه ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وإتماما للفائدة نذكر ما كتبه الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }[ القمر : ٤٩ ].اذ قال رحمه الله تعالى:" وقوله : {  إنا كل شيء خلقناه بقدر }، كقوله : { وخلق كل شيء فقدره تقديرا } [ الفرقان : ٢] وكقوله : { سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى } [ الأعلى : ١ - ٣ ] أي : قدر قدرا ، وهدى الخلائق إليه ; ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه ، وهو علمه الأشياء قبل كونها وكتابته لها قبل برئها ، وردوا بهذه الآية وبما شاكلها من الآيات ، وما ورد في معناها من الأحاديث الثابتات على الفرقة القدرية الذين نبغوا في أواخر عصر الصحابة . وقد تكلمنا على هذا المقام مفصلا وما ورد فيه من الأحاديث في شرح " كتاب الإيمان " من " صحيح البخاري " رحمه الله ، ولنذكر هاهنا الأحاديث المتعلقة بهذه الآية الكريمة :

قال أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان الثوري ، عن زياد بن إسماعيل السهمي ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، عن أبي هريرة قال : جاء مشركو قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخاصمونه في القدر ، فنزلت : { يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر } .

وهكذا رواه مسلم والترمذي وابن ماجه ، من حديث وكيع ، عن سفيان الثوري ، به .

وقال البزار : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا الضحاك بن مخلد ، حدثنا يونس بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : ما نزلت هذه الآيات : { إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر  }، إلا في أهل القدر .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سهل بن صالح الأنطاكي ، حدثني قرة بن حبيب ، عن كنانة حدثنا جرير بن حازم ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة ، عن ابن زرارة ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تلا هذه الآية : { ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر } ، قال : ( نزلت في أناس من أمتي يكونون في آخر الزمان يكذبون بقدر الله ) .

وحدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا مروان بن شجاع الجزري ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : أتيت ابن عباس وهو ينزع من زمزم ، وقد ابتلت أسافل ثيابه ، فقلت له : قد تكلم في القدر . فقال : أو [ قد ] فعلوها ؟ قلت : نعم . قال : فوالله ما نزلت هذه الآية إلا فيهم : { ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر  }، أولئك شرار هذه الأمة ، فلا تعودوا مرضاهم ولا تصلوا على موتاهم ، إن رأيت أحدا منهم فقأت عينيه بأصبعي هاتين .

وقد رواه الإمام أحمد من وجه آخر ، وفيه مرفوع ، فقال :

حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا الأوزاعي ، عن بعض إخوته ، عن محمد بن عبيد المكي ، عن عبد الله بن عباس ، قال : قيل له : إن رجلا قدم علينا يكذب بالقدر فقال : دلوني عليه - وهو أعمى - قالوا : وما تصنع به يا أبا عباس قال : والذي نفسي بيده لئن استمكنت منه لأعضن أنفه حتى أقطعه ، ولئن وقعت رقبته في يدي لأدقنها ; فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( كأني بنساء بني فهر يطفن بالخزرج ، تصطفق ألياتهن مشركات ، هذا أول شرك هذه الأمة ، والذي نفسي بيده لينتهين بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله من أن يكون قدر خيرا ، كما أخرجوه من أن يكون قدر شرا ).

ثم رواه أحمد عن أبي المغيرة ، عن الأوزاعي ، عن العلاء بن الحجاج ، عن محمد بن عبيد ، فذكر مثله . لم يخرجوه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني أبو صخر ، عن نافع قال : كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه ، فكتب إليه عبد الله بن عمر : إنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر ، فإياك أن تكتب إلي ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر ).

رواه أبو داود ، عن أحمد بن حنبل ، به .

وقال أحمد : حدثنا أنس بن عياض ، حدثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة ، عن عبد الله بن عمر ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لكل أمة مجوس ، ومجوس أمتي الذين يقولون : لا قدر . إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم ) .

لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة من هذا الوجه .

وقال أحمد : حدثنا قتيبة ، حدثنا رشدين ، عن أبي صخر حميد بن زياد ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( سيكون في هذه الأمة مسخ ، ألا وذاك في المكذبين بالقدر والزنديقية ) .

ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث أبي صخر حميد بن زياد ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح غريب .

وقال أحمد : حدثنا إسحاق بن الطباع ، أخبرني مالك ، عن زياد بن سعد ، عن عمرو بن مسلم ، عن طاوس اليماني قال : سمعت ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( كل شيء بقدر ، حتى العجز والكيس ) .

ورواه مسلم منفردا به ، من حديث مالك .

وفي الحديث الصحيح : ( استعن بالله ولا تعجز ، فإن أصابك أمر فقل : قدر الله وما شاء فعل ، ولا تقل : لو أني فعلت لكان كذا ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ).

وفي حديث ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء ، لم يكتبه الله لك ، لم ينفعوك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يكتبه الله عليك ، لم يضروك . جفت الأقلام وطويت الصحف ).

وقال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن سوار ، حدثنا الليث ، عن معاوية ، عن أيوب بن زياد ، حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة ، حدثني أبي قال : دخلت على عبادة وهو مريض أتخايل فيه الموت ، فقلت : يا أبتاه ، أوصني واجتهد لي . فقال : أجلسوني . فلما أجلسوه قال : يا بني ، إنك لما تطعم طعم الإيمان ، ولم تبلغ حق حقيقة العلم بالله ، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره . قلت : يا أبتاه ، وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره ؟ قال : تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك . يا بني ، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن أول ما خلق الله القلم . ثم قال له : اكتب . فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة ) يا بني ، إن مت ولست على ذلك دخلت النار .

ورواه الترمذي عن يحيى بن موسى البلخي ، عن أبي داود الطيالسي ، عن عبد الواحد بن سليم ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن الوليد بن عبادة ، عن أبيه ، به . وقال : حسن صحيح غريب .

وقال سفيان الثوري ، عن منصور ، عن ربعي بن خراش ، عن رجل ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع : يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، بعثني بالحق ، ويؤمن بالموت ، ويؤمن بالبعث بعد الموت ، ويؤمن بالقدر خيره وشره ).

وكذا رواه الترمذي من حديث النضر بن شميل ، عن شعبة ، عن منصور ، به . ورواه من حديث أبي داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن منصور ، عن ربعي ، عن علي ، فذكره وقال : " هذا عندي أصح " . وكذا رواه ابن ماجه من حديث شريك ، عن منصور ، عن ربعي ، عن علي ، به .

وقد ثبت في صحيح مسلم من رواية عبد الله بن وهب وغيره ، عن أبي هانئ الخولاني ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة )زاد ابن وهب : ( وكان عرشه على الماء ) [ هود : ٧ ] . ورواه الترمذي وقال : حسن صحيح غريب ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ولو ذهبنا نذكر الايات الكريمة والأحاديث النبوية الصحيحة الشريفة على ان الله هو الرزاق لطال الوقت وهذا من توحيد الربوبية الذي أقر به الكفار ثم يأتِ جاهل فينكر هذا الأمر ويزعم انه ( مختص ) اي انه من ذوي الاختصاص في العلم وهذا من الجهل المركب .

ومن الحجج العقلية الصريحة التي ترد قول هذا القائل :" ان الفقر اختيار وليس من قدر الله انه لا يتصور عقلا أن يعرض على الانسان الغنى والفقر فيختار الفقر فهذا امر يستحيل حدوثه 

وفي هذا القول مشابهة لقول نفاة القدر نفاة القدر الذين يقولون بأن الأمر مستأنف اي  أن العباد مستقلون بإراداتهم وقدراتهم في أفعالهم، وليس لله فيها مشيئة أو خلق وهم بهذا ينفون علم الله السابق، ويرون أن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها، وينسبون خلق أفعال العباد إليهم استقلالاً

تعالى الله ربنا وتقدس علوا كبيرا .

والمصيبة تعظم حينما يتاح لهذا الجاهل الوسيلة لنشر ماعنده من خزعبلات وجهل فيصل كلامه إلى الناس فيضلون بسببه فعلم القضاء والقدر من علم العقيدة ومن علم توحيد الله سبحانه وتعالى وهو علم يرجع فيه إلى كلام الله عز وجل المنزّل وهو القران الكريم والي كلام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في سنته المدونة وفق هدي السلف الصالح ولزوم جادتهم فهذا من العلم والعلم لايؤخذ إلا من أهله من المختصين من ذوي الاختصاص بصدق وحق وليس ادعاء ذلك اذ :( يحمِلُ هذا العِلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الجاهِلينَ وانتحالَ المبطلينَ وتأويلَ الغالينَ ).

و:( إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا ).


رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل المتقبل والرزق الطيب المبارك وأحسن الله لنا ولكم الخاتمة .

اسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يجعل كتابتي لهذه الرسالة خالصا صوابا متقبلا نافعا مباركا فيها انه ولي ذلك والقادر عليه ؛ والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

••••••••••

كتبه واملاه الفقير الى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .

الجمعة، 5 سبتمبر 2025

( من فقه الشهرة والرياء والسمعة ومحبة الظهور القاصم للظهور )



بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:

فمن خلال معاجم اللغة العربية يتبين أن تعريف الشهرة هو :"كَوْنُ اسْمٍ أو شخص أو شَيْء مَعْروفًا لدى النَّاس مَعْرِفةً واسِعة بَعيدة المدى، ظُهورُ شيء وانْتِشارُه " 

او سُمْعة وذكر معروف عند الناس " او صاحب " صِيت ذائع ". ومن ذلك ان يحب بعضهم اشتهار ذكره و ذيوع صيته وقد يدخل حب الشهرة الرياء والسمعة والرياء" مصدر راءى يرائي رياءً فهو مرائي، والمعنى: أنه يفعل العمل ليراه الناس، يصلي ليراه الناس، يتصدق ليراه الناس، قصده أن يمدحوه وأن يثنوا عليه وأن يعرفوا أنه يتصدق أو أنه يصلي أو يحج لذلك أو يعتمر لذلك، أو ما أشبه ذلك، وهكذا إذا قرأ ليمدحوه ويسمى السمعة، إن كان بالأقوال تسمى السمعة، أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر يمدح ويثنى عليه لا لله وحده سبحانه وتعالى فهذا من الرياء في الأفعال، ويقال لما يسمع: سمعة، ويقول النبي ﷺ: ( من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به).

ويقول عليه الصلاة والسلام: ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه؟ فقال: الرياء، يقول الله يوم القيامة للمرائين: اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء)[صححه الامام الالباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب (٣٢).

ويقول عليه الصلاة والسلام: ( يقول الله عز وجل : أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه).[ رواه الامام مسلم رحمه اللهُ تعالى في صحيحه].

فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن تكون أعماله لله وحده، يصلي لله يصوم لله يتصدق لله، يرجو ثوابه يرجو مغفرته سبحانه، وهكذا يأمر بالمعروف ينهى عن المنكر.. يحج.. يعتمر.. يعود المريض، يطلب ما عند الله من الأجر، لا رياء الناس ولا حمد الناس ولا سمعتهم، هذا هو الواجب على المؤمن كما قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.[الكهف:١١٠].

نسأل الله لنا ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق" 

و" الإخلاص: هو قصد الرب -جل وعلا- بالعمل، هذا هو الإخلاص، أن يقصد المسلم بعمله وجه الله، والدار الآخرة، هذا المخلص، قال الله -جل وعلا-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:٥] وقال سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }[غافر:١٤].

فالمخلص هو الذي يقصد بعمله وجه الله، بصلاته .. بصومه .. بصدقاته .. بحجه.. بغير ذلك من العبادات يقصد وجه الله، يقصد التقرب إلى الله لا لغيره، لا رياء ولا سمعة، ولا لقصد الدنيا، وإنما يفعل ما يفعل يرجو ثواب الله، ويرجو إحسانه عز وجل هذا هو الإخلاص.وأما الرياء كونه يفعل لأجل يرائي الناس لأجل يمدحه الناس هذا منكر، ومن الشرك، قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء:١٤٢]. 

فالرياء منكر ومن الشرك يجب الحذر منه، كون الإنسان يصلي حتى يمدح، أو يتصدق حتى يمدح، أو يقرأ حتى يمدح هذا الرياء لا يجوز هذا، يجب الحذر من ذلك، والواجب عليك الحذر من الوساوس، دائمًا دائمًا، يجب عليك إخلاص العمل لله، وأن يكون قصدك وجه الله في صلاتك وقراءتك وصومك وغير ذلك، وتجاهدي نفسك في ذلك، وتتعوذي بالله من الشيطان.كل ما خطر شيء من الوساوس، أو الرياء قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، صدقًا وإذا فعلت هذا صدقًا؛ كفاك الله شر الشيطان، وأعانك عليه.ومحبة السمعة والرياء" يفسد العمل الذي قارنه، إذا صلى يرائي، أو تصدق يرائي، أو قرأ حزبًا من القرآن يرائي به؛ بطل هذا العمل؛ لقوله ﷺ في الحديث الصحيح: ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال: الرياء يقول الله يوم القيامة للمرائين: اذهبوا إلى من كنتم تراؤون في الدنيا، هل تجدون عندهم من جزاء )يقول الله عز وجل :( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه).

فالذي يقرأ ليُحمد، ويُثنى عليه ذلك الشيء الذي قرأه بهذه النية ثمن، أو ثمنين، أو جزء، أو أكثر بهذه النية قد حبط عمله فيه لا ثواب له، وعليه إثم، وهكذا أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، أو سبح وهلل يرائي لا ثواب له، بل عليه وزر، نسأل الله العافية".انتهى من كلام الامام ابن باز رحمه الله تعالى.

قال الامام الالباني رحمه الله تعالى[ سلسلة الهدى والنور

سلسلة الهدى والنو( ١٩١)متحدثا عن أهمية الإخلاص لله تعالى ]ما نصه :" قلت بأن الرجل الذي يشار إليه بالبنان فهو في الحقيقة على خطر ، ما هو الخطر الذي قد يتعرض له ، والإشارة إليه كما قلنا قبل أن يأتي سائر إخواننا هو صالح ، هو عالم ، هو مصلح يفيد الأمة ، ولإفادته بنوع من هذه الفوائد أو غيرها أشير إليه بالبنان وهو من أجل ذلك على خطر ، لماذا ؟ لأنه معرض ليفسد عمله الصالح بأن لا يبتغي بذلك وجه الله تبارك وتعالى ، وبقدر ما هو في خطر بقدر ما هو في أجر بالغ كبير جدا فيما لو ثبت وحفظ نفسه من أن يفسد عمله بأن يحب الظهور وأن يحب الكلام من الناس بأن يقولوا فلان كذا وكذا ، فبذلك يفسد عمله وإلا كان له حسنات تزن جبال الدنيا وتفوقها كثرة ووزنا ، أما الخشية التي أشرت إليها آنفا فيكفي في ذلك قول ربنا تبارك وتعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ، والإخلاص في العبادة تستوجب أن لا يقصد بذلك شيئا من أمور الدنيا أو حطامها ، وقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أول من تسعر بهم النار يوم القيمة ثلاثة عالم ومجاهد وغني ) هنا تمكن خطورة المشهور بشيء من هذه الأوساط الطيبة العلم والإنفاق في سبيل الله والجهاد كذلك في سبيل الله ، مع ذلك الخطورة تتجلى لنا في هذا الحديث الصحيح ( أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة : عالم ، ومجاهد ، وغني، يؤتى بالعالم يوم القيامة فيقال له أي عبدي ماذا فعلت فيما علمت ؟ يقول يا رب نشتره بين الناس في سبيلك فيقال له كذبت إنما فعلت ذلك ليقول الناس فلان عالم وقد قيل ) وقد قيل أي إن الذي ابتغيته من وراء عملك وبثك ونشرك إياه بين الناس قد حصلته ، وهو الظهور والإشارة إليه بالبنان كما يقولون عندنا في بلاد الشام وفي سوريا بصورة خاصة " فلان العالم مثل الصحن الصيني من أين ترنه بجاوب "، ما شاء الله ، في هذا العالم تمكن الخطورة لأنه يخشى قد يكون هو في بادئ أمره قصد العلم لوجه ربه ولكن بسبب تحدث الناس عنه فقد تميل به نفسه إلى حب الظهور ، وقديما قال بعض الصوفية " حب الظهور يقطع الظهور " وأنا أقول بعض الصوفية لأنه ليس كل ما يقوله الصوفية هو خلاف الشريعة الإسلامية بل فيها ما هو موافق لها وفيها ما هو مخالف لها ، لأن الصوفية كمذهب من المذاهب أو طريقة من الطرق لم تنزل من السماء وحيا من الله على شيخ الطريقة وإنما هو رأي واجتهاد وسعي منه إلى إصلاح الناس بطريقة أو بأخرى ، فهذه الكلمة فيها من الحكمة ما شاء الله " حب الظهور يقطع الظهور " معنى مجازي وجميل وجميل جدا ، لذلك أول من ذكرهم الرسول عليه السلام هو العالم لأن مركزه حساس وخطر جدا أن تميل به الأهواء والشهوات وأخطرها ليس حب المال فقط وإنما كمان حب الظهور والجاه والمنزلة ونحو ذلك ... لما قال هذا الرجل ما قال ليقال له وقيل له كذبت ، إنما فعلت ذلك ليقول الناس فلان عالم وقد قيل ، وقد قيل له أو عنه ، ( خذوا به إلى النار ) والعياذ بالله ، من هو ؟ هو العالم ، المفروض أن يكون كما قال الله عزوجل في الآية الكريمة :{ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات }. وإذا هذا العالم يصبح بعلمه في الدركات من النار والعياذ بالله ، قال في الحديث ( ثم يؤتى بالمجاهد فيقال له ماذا فعلت بما أنعمت عليك من قوة فيقول يا رب قاتلت في سبيلك فيقال - والعياذ بالله - له كذبت إنما جاهدت ليقول الناس فلان بطل ، فلان شجاع وقد قيل - أيضا في حق هذا الرجل الثاني إنه فعلا شجاع وهو الذي رمى إليه شجاعته - فقيل ، خذوا به إلى النار )، ولذلك نقف هنا قليلا عند هذا الحديث أن المسلم المجاهد حقا هو الذي لا يبتغي بجهاده كالعالم حقا كلاهما لا يبتغي بعلمه جزاء ولا شكورا إنما كل منهم يجاهد في سبيل الله ، هذا بعلمه وهذا بشجاعته وقوته وبطولته ، فإذا ما انحرف بهم القصد والنية كان عاقبتهم أسوء من عاقبة الجاهل ، لذلك جاء في بعض الآثار وليس في بعض الأحاديث المرفوعة وإنما في بعض الآثار عن السلف الصالح وهو فيما أذكر أبو الدرداء رضي الله عنه قال " ويل للجاهل مرة وويل للعالم سبع مرات " طبعا التسبيع هنا هو للتكثير وليس للتحديد ، لكن المقصود ويل للجاهل مرة لأنه قد يكون معذورا ، وويل للعالم سبع مرات لأنه يكون على خطر ، نعود إلى تمام الحديث ( ثم يؤتى بالغني فيقال له ماذا عملت فيما أنعمت عليك من مال ؟ فيقول يا رب أنفقته في سبيلك ، فيقال له كذبت إنما أنفقت ليقول الناس فلان كريم وقد قيل خذوا به إلى النار )، ولذلك قال عليه السلام، انتهى الحديث إلى هنا ، عطفا عليه أقول قال عليه السلام في الحديث الصحيح المتفق عليه بين علماء المسلمين والذي قال فيه بعض العلماء إنه ثلث الدين ، ثلث الإسلام قائم على هذا الحديث المشهور : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه )، فإنما الأعمال بالنيات ، أعود إلى أول الكلام فمن كان صالحا ويشار إليه بالبنان فهو على خطر من هذه الحيثية أنه لا يشار عادة لإنسان بالبنان إلا بعد أن ظهر ، وهذا الظهور قد يقسم الظهور ويكسرها بسبب أن يغلب عليه حب الدنيا وأن يغلب عليه كراهية الموت فحينئذ يفسد عمله كله وعلى العكس من ذلك ، فإذا ثبت بعد أن نبت وظهر ولم يتأثر بثناء الناس عليه وبظهوره بينهم فإن له أجرا لا يحصيه أكبر كمبيوتر معروف اليوم في الدنيا ، ذلك لقوله عليه السلام : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ) ذلك لأن العالم حينما يدل الناس على الخير فكما جاء في الحديث في صحيح مسلم أيضا : ( الدال على الخير كفاعله ) وفي الحديث الآخر : ( من دعا إلى هدى كان له أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء )، فتصوروا معي كم يكون أجر هذا الإنسان الداعي إلى الله المخلص في دعوته إلى الله ، لا يحصيها إلا الله عز وجل عددا ، ومن هنا قال العلماء إن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو أكثر الأنبياء والرسل أجرا وثوابا لأنه هو الذي كان سبب هداية الأمة ، هداية الأمة والأمة في لغة العلماء تنقسم إلى قسمين : أمة دعوة ، وأمة إجابة ، فكل من جاء بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم داخل في أمة الدعوة ، فمن استجاب لدعوة الرسول عليه السلام دخل في القسم الثاني وهو أمة الإجابة أي أجاب الرسول عليه السلام وخضع له ، فتصوروا منذ بدأ الرسول عليه الصلاة والسلام بدعوته للناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإلى تفصيل هذه الكلمة الطيبة علما وتطبيقا عملا ، تصوروا كم وكم جاء من بعده من الملايين الملايين حسنات هؤلاء ربما يكون الواحد منهم له حسنات كالجبال ، كل هذه الحسنات من كل هؤلاء الأفراد تكتب في صحيفة الرسول عليه الصلاة والسلام ، ومن هنا يظهر أهمية العالم العامل بعلمه والمخلص في دعوته إلى الله إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكنّ هذا العالم كما يشترط فيه أن يكون عاملا في علمه وأن لا يكون قوالا ليس فعالا ، كذلك يشترط فيه أن يكون علمه مستقا فقط من كتاب الله ومن سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مع الإخلاص الذي أشرت إليه آنفا ، ولهذا قال الله عز وجل في كتابه :{ قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين }، على بصيرة أنا ، ليس الرسول فقط بل ومن اتبعه عليه الصلاة والسلام ، ولا تكون البصيرة إلا كما قال الل تعال أيضا في القرآن الكريم :{ فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }، فقد قال العلماء علماء التفسير في هذه الآية أنها دلت على أن النجاة عند الله عز وجل إنما يكون بشرطين اثنين : أن يكون عمله صالحا ، وأن يكون لوجه الله خالصا ، أما أن يكون عمله صالحا فواضح في الآية ، أما أن يكون لوجه الله خالصا فهو قوله تعالى في آخرها : { ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } لأن الشرك ليس كما يظن بعض الناس أن تقول إن مع الله خالقا آخر وليس أيضا الشرك فقط أن تعتقد أن فلانا من الأولياء أو الصالحين يستحق شيئا من الخضوع والعبادة من دون الله عز وجل ، ليس هذا وذاك فقط هو الشرك بل أيضا أن تقصد بعمل صالح تقوم به بينك وبين الله ، إنما تقصد به غير وجه الله تبارك وتعالى كما سبق إلى ذكره آنفا وأضيف إلى ذلك أخيرا لأني أخشى أن أكون قد أطلت عليكم ، ليكون الحديث بعد ذلك بيننا سجالا ألا وهو قوله عليه السلام : ( بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والمجد والتمكين في الأرض ومن عمل منهم عملا للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب )، نسأل الله عزوجل أن يجعل عملنا خالصا وأن يجعله لوجه الله خالصا وأن لا يشّرك أحدا في عملنا هذا الصالح وإنما لوجه الله تبارك وتعالى ، هذا ما عنّ في الخاطر الكليل ذكره بتلك المناسبة مناسبة الإشارة بالبنان والشهرة بين الأنام والحمد لله رب العالمين ، والآن مدونا بمددكم ." انتهى كلامه رحمه تعالى .

و عن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ ) رواه الترمذي رحمه الله تعالى وصححه وصححه الامام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترمذي وفي صحيح الجامع ( ٥٦٢٠).

وعن مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ ) رواه احمد وابن ماجه رحمهما الله تعالى وصححه الامام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح سنن ابن ماجه وفي صحيح الجامع(٢٦٧٤).

وعن سعد بن أبي وَقَّاصٍ فِي إِبِلِهِ فَجَاءَهُ ابْنُهُ عُمَرُ فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ ، فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ : أَنَزَلْتَ فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ الْمُلْكَ بَيْنَهُمْ ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ فَقَالَ : اسْكُتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ ) .رواه الامام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه.

وَقَالَ الذَّهَبِيُّ رحمه اللهُ تعالى فِي سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ ( ٢ / ٤٧١ ): " وَرَوَى: مُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ، وَكُنْتُ فِيْمَنْ صَعِدَ الثُّلْمَةَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى رُئِيَ مَكَانِي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ أَحْمَرُ، فَمَا أَعْلَمُ أَنِّي رَكِبْتُ فِي الإِسْلاَمِ ذَنْباً أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنْهُ أَيْ: الشُّهْرَةَ "

قَالَ الذَّهَبِيُّ رحمه اللهُ تعالى فِي سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ ( ٧ / ٣٩٤): " عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ طَالُوْتَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَم يَقُوْلُ: مَا صَدَقَ اللهَ عَبْدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ.

قُلْتُ: عَلاَمَةُ المُخْلِصِ الَّذِي قَدْ يُحبُّ شُهرَةً، وَلاَ يَشعُرُ بِهَا، أَنَّهُ إِذَا عُوتِبَ فِي ذَلِكَ، لاَ يَحرَدُ وَلاَ يُبرِّئُ نَفْسَه، بَلْ يَعترِفُ، وَيَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْ أَهدَى إِلَيَّ عُيُوبِي، وَلاَ يَكُنْ مُعجَباً بِنَفْسِهِ؛ لاَ يَشعرُ بِعُيُوبِهَا، بَلْ لاَ يَشعرُ أَنَّهُ لاَ يَشعرُ، فَإِنَّ هَذَا دَاءٌ مُزْمِنٌ ".انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وقال ابن المبارك رحمه اللهُ تعالى: قال لي سفيان: إياك والشهرة، فما أتيت أحداً إلا وقد نهى عن الشهرة " [ السير  ( ٧/ ٢٦٠)].

وقال عاصم الأحول رحمه الله تعالى :  "كان أبوالعالية إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام فتركهم " [ السير  ( ٤/٢١٠)].

قال مخلد بن الحسين رحمه اللهُ تعالى قال أيوب رحمه اللهُ تعالى: " ما صدق عبد قط، فأحب الشهرة " [ السير ( ٦ / ٢٠ )].

وفي قول الله تعالى وتقدس :{ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.[ال عمران : ١٨٨ ]

قال الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة :"  يعني بذلك المرائين المتكثرين بما لم يعطوا ، كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (  من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة ) وفي الصحيح : ( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ) .

واما قول الله تعالى وتقدس :{ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }[الشعراء : ٨٤].

فلا يستدل بها على محبة الشهرة فمعنى هذه الاية كما فسرها سلفنا الصالح :"  أي : واجعل لي ذكرا جميلا بعدي أذكر به ، ويقتدى بي في الخير ، كما قال تعالى : { وتركنا عليه في الآخرين . سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين }[ الصافات : ١٠٨ - ١١٠ ] .

قال مجاهد ، وقتادة : { واجعل لي لسان صدق في الآخرين } يعني : الثناء الحسن . قال مجاهد : وهو كقوله تعالى : { وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين }[ العنكبوت : ٢٧] ، وكقوله : { وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين }[ النحل : ١٢٢] .

قال ليث بن أبي سليم : كل ملة تحبه وتتولاه . وكذا قال عكرمة ".انتهى كلام الامام ابن كثير رحمه اللهُ تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة.

ولأن امر الشهرة وحب الظهور من أنواع الرياء والسمعة وهذا العمل يخل في توحيد الله ذكره الامام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كتابه النفيس [ التوحيد] حيث قال :"باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

وقوله تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ  أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: ١٥ - ١٦ ].

وقال رسول الله ﷺ: ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطى رضي وإن لم يعط سخط؛ تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع) [ أخرجه الامام البخاري في صحيحه].

قال الإمام ابن باز رحمه الله تعالى في شرحه لهذا الباب من كتاب التوحيد :

" الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد 

فهذه الترجمة عقدها المؤلف في الحث على الإخلاص في الأعمال، وأن يراد بالأعمال وجه الله والدار الآخرة لا الدنيا وحطامها، ولهذا قال رحمه الله: "باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا" يعني عمله الأخروي عمله الطاعات، ينبغي له بل الواجب عليه الإخلاص في عمله من صلاة وصيام وقراءة وجهاد وغير ذلك، قال تعالى:؛{ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠]، 

وقال تعالى: { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٨٨] 

وقال جل وعلا: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} [هود: ١٥] يعني لا ينقصون { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: ١٦] ففي هذا الحث على الإخلاص في الأعمال سواء جهاد أو صلاة أو قراءة أو صيام أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو غير هذا يجب أن يفعلها العبد لله وحده لا للدنيا أو 1 الرياء، بل يفعلها لله وحده، ولهذا قال جل وعلا محذرًا من العمل السيئ: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} [هود: ١٥] يعني لا ينقصون: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: ١٦] والآية الأخرى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: ٢٠ ] فالواجب الإخلاص في الأعمال لله وحده، فيصلي لله ويصوم لله ويتصدق لله لا لمراءة الناس، ويحج لله ويعتمر لله لا لمراءة الناس وحمدهم وثنائهم".انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ومما ينتبه له ماذكره الامام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرحه لكتاب رياض الصالحين ( ٦٢٩ ) حيث قال رحمه الله :

" إذا دار الأمر بين أن يلمع نفسه ويظهر نفسه ويبين نفسه ، وبين أن يخفيها ، فحينئذ يختار الخفاء ، أما إذا كان لابد من إظهار نفسه فلابد أن يظهرها وذلك عن طريق نشر علمه في الناس وإقامة دروس العلم وحلقاته في كل مكان ، وكذلك عن طريق الخطابة في يوم الجمعة والعيد وغير ذلك ، فهذا مما يحبه الله عز وجل " .

انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

الخاتمة :

من علاج محبة الشهرة والرياء والسمعة ما ثبت من حديث مَعقِلُ بنُ يَسارٍ رضي الله عنه : أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ لِأبي بَكرٍ: ( يا أبا بكرٍ، لَلشِّركُ فيكم أخْفى من دبيبِ النَّملِ، والذي نفسي بيدِه لَلشِّركُ أخْفى من دَبيبِ النَّملِ، ألا أدُلُّك على شيءٍ إذا فعلتَه ذهب عنك قليلهُ وكثيرهُ؟ قل: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك أن أُشرِكَ بك وأنا أعلمُ، وأستغفِرُك لما لا أَعلمُ ) اخرجه الامام البخاري رحمه الله تعالى في الادب المفرد وصححه الامام الالباني رحمه الله تعالى في صحيح الادب المفرد حديث رقم ( ٥٥١ ).

جعل الله ماكتبته في هذه الرسالة نافعا مباركا خالصا صوابا متقبلا ؛ ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل المتقبل والرزق الحلال الحلال الوفير الكثير الطيب المبارك .

والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

٠٠٠٠٠٠٠

كتبه واملاه الفقير الى عفو الله مولاه: غازي بن عوض بن حاتم العرماني . 

الخميس، 4 سبتمبر 2025

[ الجواب عن إشكال قال به أحد المشايخ فهمه من قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :( سَيَخْرُجُ قَوْمٌ في آخِرِ الزَّمانِ، أحْداثُ الأسْنانِ، سُفَهاءُ الأحْلامِ، يقولونَ مِن خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ…..الحديث)فقال هذا الشيخ أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الخوارج ولم يذكر الروافض وعلل السبب وفي كتابة هذه الرسالة ايضاح لاشكاله هذا ]



بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .


﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أما بعد:


فإن الشيخ ناصر القفاري بارك الله فيه وفي علمه  وهو من اهل العلم الذين لهم جهود علمية كبيرة في فضح معتقد الروافض  وتفنيد شبهاتهم في عدة مؤلفات نفع الله فيها و في مقطع جرى نشره وتداوله إعلاميا  يقول فيه :" ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حذر من الخوارج ولم يحذر من الرافضة" ؛ وتحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من الخوارج ثبت في حديث الخليفة الرابع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله : إذا حَدَّثْتُكُمْ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَدِيثًا، فَواللَّهِ لَأَنْ أخِرَّ مِنَ السَّماءِ، أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أكْذِبَ عليه، وإذا حَدَّثْتُكُمْ فِيما بَيْنِي وبيْنَكُمْ، فإنَّ الحَرْبَ خِدْعَةٌ، وإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ( سَيَخْرُجُ قَوْمٌ في آخِرِ الزَّمانِ، أحْداثُ الأسْنانِ، سُفَهاءُ الأحْلامِ، يقولونَ مِن خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، لا يُجاوِزُ إيمانُهُمْ حَناجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فأيْنَما لَقِيتُمُوهُمْ فاقْتُلُوهُمْ، فإنَّ في قَتْلِهِمْ أجْرًا لِمَن قَتَلَهُمْ يَومَ الْقِيَامَةِ) .


أخرجه الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى في صحيحيهما.


وقد ذكر هذا الشيخ أسبابا في تحذير الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الخوارج  


حيث قال :" لماذا ذُكِر الخوارج وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الخوارج ولم يثبت حديث صحيح بشأن الرافضة؟.


ورأى فضيلته ان أسباب ذلك هي :"


ان الخوارج قد يغتر بهم ويغتر بهم الناس فهم أصحاب عبادة وقراءة قرآن وأصحاب قيام ليل حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة[ رضي الله عنهم] : ( تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وصيامكم عند صيامهم ويقرأون القرآن لكن لا يتجاوز حناجرهم بمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية)؛لكن الرافضة معلوم شأنهم ومفضوح أمرهم ولذلك لم يرد فيهم حديث هم زنادقة والدنيا تتسع للملاحدة لكن العقيدة لا تتسع ". انتهى كلام الشيخ ناصر القفاري 


وإتماما للفائدة التي ذكرها الشيخ ناصر نقول قد ورد في منهاج السنة  ( ٧ / ٧٨ )  لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله : ‏"القرابة الدينية أعظم من القرابة الطينية،والقرب بين القلوب والأرواح أعظم من القرب بين الأبدان".انتهى كلامه رحمه الله تعالى ؛ وحيث :"  ان العلم رحم بين أهله".فقد احببت زيادة إيضاح وبيان 


في هذه المسألة التي تطرق الي  ذكرها الشيخ ناصر القفاري بارك الله فيه. فنقول وبالله التوفيق وعليه التكلان:


              (   اولا   )


ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حذر امته من الشر واهله وثبت تحذيره من الفتن واهلها ومن الأمور المحدثة فما من خير إلا دل أمته عليه ومامن شر إلا نهى أمته عنه وفي حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بهذا الخَيْرِ، فَهلْ بَعْدَ هذا الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: ( نَعَمْ، ) قُلتُ: وهلْ بَعْدَ ذلكَ الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: ( نَعَمْ، وفيهِ دَخَنٌ )، قُلتُ: وما دَخَنُهُ؟ قالَ: ( قَوْمٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ منهمْ وتُنْكِرُ )، قُلتُ: فَهلْ بَعْدَ ذلكَ الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: ( نَعَمْ، دُعَاةٌ إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا )، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقالَ: ( هُمْ مِن جِلْدَتِنَا، ويَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا )، قُلتُ: فَما تَأْمُرُنِي إنْ أَدْرَكَنِي ذلكَ؟ قالَ: ( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ ) ، قُلتُ: فإنْ لَمْ يَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ ولَا إمَامٌ؟ قالَ: ( فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أَنْ تَعَضَّ بأَصْلِ شَجَرَةٍ، حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وأَنْتَ علَى ذلكَ ).اخرجه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود رحمهم اللهُ تعالي .




           (   ثانيا   )


ذكر اهل العلم ان الروافض باطنية قدرية لاعتناقهم أصول العقيدة الاعتزالية فهم نفاة للقدر وقال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مواضع من كتبه انهم :" يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر المحض  ". 


وقد ثبت في السنة النبوية الصحيحة تحذيره من مجوس هذه الأمة ففي حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :( القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هذه الأمةِ : إن مَرِضوا فلا تَعودُوهم ، وإن ماتوا فلا تَشْهَدُوهم ) رواه احمد وأبو داود رحمهما الله تعالى وصححه الامام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح سنن أبي داود رحمه الله تعالى برقم ( ٤٦٩١ )وفي رواية :(  إنَّ لكلِّ أمَّةٍ مجوسًا، وإنَّ مجوسَ أمَّتي يقولونَ: لا قدَرَ، فإنْ مَرِضوا فلا تَعودوهم، وإن ماتوا فلا تَشهَدوهُم )رواه ابن أبي عاصم وأحمد وأبوداود رحمهم الله تعالى وصححه الامام الالباني رحمه اللهُ تعالى في تخريجه لكتاب السنة برقم ( ٣٣٩ ).




           (  ثالثا   )


ذكر اهل العلم ان الروافض باطنية  من غلاة الجهمية المعطلة وقالوا انهم  ليسوا من امة محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الاعتبار  ؛ فلا يشملهم الحديث الذي فيه التحذير  من الخوارج ؛ قال الامام ابن القيم رحمه الله تعالى في الكافية الشافية:


ولقد تقلد كفرهم خمسون في … عشر من العلماء في البلدان


واللالكائي الإمام حكاه عنـ … ـهم بل حكاه قبله الطبراني


فذكر رحمه الله تعالى أن خمسمائة عالم كفَّروا الجهمية


وكان بعض الأئمة يسميهم الزنادقة.


وروى اهل العلم عن عبد الله بن المبارك ويوسف بن أسباط، وغيرهما من أهل العلم والحديث أنهم قالوا: أصول اثنتين وسبعين فرقة هي أربع:الخوارج، والروافض، والمرجئة، والقدرية، قيل لابن المبارك: فالجهمية؟ قال: ليست الجهمية من أمة محمد ﷺ.




               (   رابعا   )


من اطلع على معتقد الروافض يجد انهم خرجوا عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وخرجوا على اهل السنة والحدوا في كلام الله سبحانه وتعالى وطعنوا في الرسول صلى الله عليه وسلم وفي امهات المؤمنين وفي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ويرون تكفير المسلمين وحل دمائهم وهذا هو مذهب ومنهج الخوارج علما بأنهم يعتنقون مذهب المعتزلة الجهمي الخارجي في العقيدة وفي أصول الدين وهذا هو مذهب الزيدية و الاباضية الخوارج فهم خوارج بهذا الاعتبار .


ولعل في ماذكرنا الخير والبركة والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.


٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠


كتبه واملاه الفقير الى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .