بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾
أما بعد
فهنا شبهة يرددها من قل فقهه؛ وتأثر بجماعة التصوف القبوري التي يطلق عليها في هذا العصر جماعة التبليغ أو جماعة الأحباب أو جماعة الدعوة والصحيح ان دعوتهم دعوة جوفاء خالية من العلم يظهرون التنسك والتصوف والزهد وحسن الأخلاق وكل ذلك اما جهل منهم أو تصنع ويجمعها انها دعوة تخالف دعوة الانبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وتضاد كلام الله سبحانه وتعالى وتصادم نهج سلفنا الصالح
ولأن طريقة هذه الجماعة هي الدعوة إلى الجهل والضلال بغير هدى من الله تعالى وقد رأيت ان رموزها ودعاتها يتمسكون بالمتشابه ويتركون المحكم فمن اهم شبهاتهم استدلالهم الضعيف بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بلغوا عني ولو آية،....... )الحديث رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب أحاديث الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل حديث رقم: ( ٣٤٦١ ).
ووجه استدلالهم بهذا الحديث قولهم :" ان من حفظ اية أو حديثا فله ان يدعو عموم الناس إلى الله سبحانه وتعالى؛ ليس بهذه الآية فقط أو هذا الحديث فقط بل عليه وجوب نشر العلم ولو كان جاهلا عاميا لا يعرف قراءة هذه الآية على الجهة الصحيحة فقراءته فيها لحن جلي ولا يعرف فقهها ؛ فله دعوة الناس والتصدر والفتيا و الكلام في النوازل والحوادث التي تحتاج إلى بيان حكم فيها
كما أنه لا يعرف النطق الصحيح للحديث هذا أو ذاك مع عدم المام في فقهه".
وهذا فقه ضال اعوج جرهم الي زيارة مساجد أهل الضلال والبدع والتي بنيت على القبور ويتبع ذلك وسائل شركية أو فعل الشرك كالطواف بها والذبح والنحر و النذر لها وشد الرحل الي قبور هذه المساجد بل ودعائهم من دون الله سبحانه وتعالى وهذا هو عين الشرك بالله تعالى ربنا وتقدس ثم يتعاهدون فيما بينهم كما تواتر النقل عنهم من خبر علماء السنة الثقات انهم يقومون بالبيعة البدعية لأمراء الطرق الصوفية الشركية وهذا فيه مخالفة لكلام الله سبحانه وتعالى القائل :{ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
قال الإمام البغوي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة : " { قل} يا محمد { هذه} الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها { سبيلي} سنتي ومنهاجي . وقال مقاتل : ديني ، نظيره قوله : { ادع إلى سبيل ربك} ( النحل - ١٢٥ ) أي : إلى دينه . { أدعو إلى الله على بصيرة} على يقين . والبصيرة : هي المعرفة التي تميز بها بين الحق والباطل { أنا ومن اتبعني} أي : ومن آمن بي وصدقني أيضا يدعو إلى الله . هذا قول الكلبي ، وابن زيد قالوا : حق على من اتبعه أن يدعو إلى ما دعا إليه ، ويذكر بالقرآن .
وقيل : تم الكلام عند قوله : { أدعو إلى الله } ثم استأنف : { على بصيرة أنا ومن اتبعني} يقول : إني على بصيرة من ربي ، وكل من اتبعني .
قال ابن عباس : يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على أحسن طريقة وأقصد هداية ؛ معدن العلم ، وكنز الإيمان ، وجند الرحمن .
قال عبد الله بن مسعود : من كان مستنا فليستن بمن قد مات [ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ] أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة ، وأبرها قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه ، [ فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم في آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم ] ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم .
قوله تعالى : { وسبحان الله } أي : وقل سبحان الله تنزيها له عما أشركوا به . { وما أنا من المشركين} ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :( إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا ). رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى في الصحيحين
من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.
والفقه الصحيح والفهم الصواب لهذا الحديث هو ما فهمه علماء السنة اتباع السلف الصالح منهم الإمام بن باز رحمه الله تعالى فقد ورده سؤال هذا نصه مع جواب الإمام ابن باز رحمه الله تعالى :"
السؤال :
بعض الناس يفهم أن بلغوا عني ولو آية على ظاهره، ويخرج إلى القرى وإلى الدول ويدعو الناس ثم يتعرض إلى الفتاوى الكبرى بحيث ممكن يقع في حرج؟
وهنا جواب الإمام ابن باز رحمه الله تعالى حيث قال : إذا عَلَّم الناس القرآن، إذا خرج يعلّم القرآن فلا حرج، لكن لا يجوز له يدخل فيما لا يعنيه، لا يجوز له يتكلم في العلم وهو على غير بصيرة، لكن يعلّمهم القرآن، يعلّمهم الفاتحة، يعلّمهم المُفَصّل، جزاه الله خيرًا يعلمهم، تعليم القرآن متيسّر ولو ما كان عنده علم، يعلمهم القرآن، يقول النبيﷺ: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه) .
تعلّمنا على ناس لا يعرفون شيئًا من العلم، لكن أخذنا عنهم القرآن ونحن صغار، فيهم خير وفيهم بركة غفر الله لهم، صبروا على التعليم وصبروا على توجيه الطلبة ولو ما كان عندهم علم، لكن عندهم صبر على تعليم الناس القرآن وتردداه عليهم وتفقيههم فيه حتى يحفظوه، هذا عمل شرعي، يقول عثمان عن النبي ﷺ: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ( بلغوا عني ولو آية) " انتهى كلامه رحمه الله من موقعه الرسمي.
وكلام الإمام ابن باز رحمه الله لمن كان عالما بالقراءة الصحيحة للقرآن الكريم وليس عالما باحكامه ولا مسائله فكيف بمن لا يعرف القراءة الصحيحة وتلاوته للقرآن الكريم فيها لحن مع جهل في العلم النافع والعمل الصالح ثم يجعل نفسه داعيا الي الله سبحانه وتعالى فيتصدر ويفتي ويحكم احكاما عانت منها أمة محمد صلى الله عليه وسلم لان دعوته جهل وضلال وعلى غير بصيرة فبسببه انتشرت الفرق الضالة والجماعات المنحرفة والتيارات الفكرية المحاربة للسنة وظهرت التنظيمات السرية الدموية وجرى تكفير المسلمين واستحلت الدماء البريئة المعصومة وتكلم بغير فقه وابيح الخروج على ولاة الأمر وقربت أهل البدع والأهواء ونشرت بسببهم الأفكار الضالة وطعن في أعلام الهدى وأئمة السنة اتباع السلف الصالح؛ فإننا لله وانا اليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل.
لكن ابشروا بالخير ياامة محمد صلى الله عليه وسلم فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه
:( لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظاهِرِينَ علَى الحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ كَذلكَ) .
رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه من حديث الصحابي الجليل ثوبان رضي الله عنه.
وغير ذلك من آيات وأحاديث تبشر بحفظ الله ورعايته لهذا الدين قال الله تعالى وتقدس :{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
والله هو الحافظ لدين الإسلام من التغيير التبديل فهو الدين الباقي الذي ارتضاه الله دينا لعباده.
وحفظ الله للدين هو بحفظ اهله وحملته الذين ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
جعلنا الله واياكم من حملته أهل الفهم السليم والفقه الصحيح ورزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة
ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه وجعلنا الله واياكم من المقبولين الفائزين المباركين أينما كنا وان يثبتنا وإياكم على دينه وتوحيده واتباع سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
°°°°°°°°°°°
كتبه واملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.