الجمعة، 1 سبتمبر 2023

[[ الرد على الخطأ العقدي للواعظ محمد بن علي الشنقيطي في تأويله المخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح لصفة ضحك الله سبحانه وتعالى ؛ وفي رسالتنا هذه إيضاح معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح في صفة الضحك لله سبحانه وتعالى مع إيضاح المعتقد الفاسد للكلابية الذين أطلقوا على أنفسهم الاشاعرة ]]




بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}

أما بعد: 

فأثناء كتابتي رسالة مختصرة عن معتقد الكلابية في توحيد الأسماء والصفات وهم الذين أطلقوا على أنفسهم الاشاعرة عرض علي احد الاخوة المشايخ الكرام كلاما للواعظ  محمد بن علي الشنقيطي في شرحه لأحاديث ورد فيها صفة ضحك الله سبحانه وتعالى فقال هذا الواعظ مبينا معنى هذه الصفة : " وضحك الله بمعنى الرضى ؛ يعني يضحك له  رضى". انتهى كلامه عفا الله عنا وعنه وعنكم ووفقنا واياه وإياكم الي هداه وتقواه واتباع سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وفق هدي سلفنا الصالح.

وهذا المعنى الذي ذكره الواعظ محمد بن علي الشنقيطي هو عين التأويل الباطل المخالف للكتاب العزيز والسنة النبوية و يخالف معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح ويضاد لغة العرب

صفة الضحك لله سبحانه وتعالى صفة ثبتت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث صحيحة تمر كما جاءت من غير تأويل باطل لها  فمن هذه الأحاديث :

حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(  يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ ؛ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ). 

رواه البخاري رحمه الله (٢٨٢٦) ، ومسلم رحمه الله ( ١٨٩٠). 

وفي حديث  آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا: وفيه أن الرجل يظل يدعو ويلح ، ويرجو من الله أن يدخله الجنة بعدما أخرجه من النار ، وجعله على باب الجنة، حتى يقول : أَيْ رَبِّ، لاَ أَكُونَنَّ أَشْقَى خَلْقِكَ 

فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْهُ .

فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ، قَالَ لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ .

فَإِذَا دَخَلَهَا ، قَالَ اللَّهُ لَهُ: تَمَنَّهْ 

فَسَأَلَ رَبَّهُ ، وَتَمَنَّى، حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ، يَقُولُ : كَذَا ، وَكَذَا .حَتَّى انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ، قَالَ: اللَّهُ ذَلِكَ لَكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ 

هذا الحديث  رواه البخاري رحمه الله ( ٧٤٣٧) ومسلم رحمه الله ( ١٨٢ ).

وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا  ؟

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلاَ يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلاَنِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ .

فَلَمَّا أَصْبَحَ ، غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فَعَالِكُمَا  .فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} رواه البخاري رحمه الله ( ٣٧٩٨)  ومسلم رحمه الله ( ٢٠٥٤). 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ؛ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) ، فَقَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْلِمُ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ)

أخرجه البخاري رحمه الله ( ٢٨٢٦)ومسلم رحمه الله( ١٨٩٠). واللفظ له 

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(  ثَلَاثَة يُحِبهُمْ الله ، ويضحك إِلَيْهِم ، ويستبشر بهم :

الَّذِي إِذا انكشفت فِئَة ، قَاتل وَرَاءَهَا بِنَفسِهِ لله عز وَجل ؛ فإمَّا أَن يُقتل ، وَإِمَّا أَن ينصره الله عز وَجل ، ويكفيه ؛ فَيَقُول : انْظُرُوا إِلَى عَبدِي هَذَا ، كَيفَ صَبر لي بِنَفسِهِ. وَالَّذِي لَهُ امْرَأَة حَسَنَة ، وفراش لين حسن ؛ فَيقوم من اللَّيْل ، فَيَقُول : يذر شَهْوَته ، ويذكرني ، وَلَو شَاءَ رقد. وَالَّذِي إِذا كَانَ فِي سفر ، وَكَانَ مَعَه ركب ، فسهروا ، ثمَّ هجعوا ؛ فَقَامَ من السحر ، فِي ضراء وسراء). 

وهذا الحديث رواه الطبراني رحمه الله في الكبير و البيهقي رحمه الله في الأسماء والصفات وهو حديث حسن أورده الإمام الألباني رحمه الله في سلسلته الصحيحة ( ٣٤٧٨). 

وروى أحمد وابن ماجه  والطبراني - رحمهم الله - في الكبير عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ ) قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ يَضْحَكُ الرَّبُّ، قَالَ: (نَعَمْ) ، قُلْتُ: لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا. 

 وهذا الحديث صححه  شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  [ مجموع الفتاوى( ٣ / ١٣٩)]

وتلميذه الإمام ابن القيم رحمه الله [زاد المعاد ( ٣/٥٩١)] . وحسنه الإمام الألباني رحمه الله  في السلسلة الصحيحة ( ٢٨١٠). وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  ( عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنَ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، ثَارَ عَنْ فِرَاشِهِ وَوِطَائِهِ مِنْ بَيْنَ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي، وَرَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، وَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فِي الِانْهِزَامِ ، وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَرَجَعَ حَتَّى هُرِيقَ دَمُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، رَجَعَ رَجَاءً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقًا مِمَّا عِنْدِي حَتَّى هُرِيقَ دَمُهُ)  .

رواه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في مسنده

وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة حديث رقم ( ٣٤٧٨).

وصفة ضحك الله سبحانه وتعالى من الصفات الاختيارية التي يتصف بها الرب عز وجل فتقوم بذاته بمشيئته وقدرته ; مثل كلامه وسمعه وبصره وإرادته ومحبته ورضاه ورحمته وضحكه وغضبه وسخطه ; ومثل خلقه وإحسانه وعدله ; ومثل استوائه ومجيئه وإتيانه ونزوله ونحو ذلك من الصفات التي جاءت في كلام الله سبحانه وتعالى في الكتاب العزيز وجاءت في السنة النبوية نمرها كما جاءت. 

وعلى إثبات صفة الضحك لله تعالى وتقدس جرى اجماع شيوخ الإسلام والائمة الإعلام؛ قال شيخ الإسلام ابنُ تيميَّةَ رحمه الله : "  أمَّا الضَّحِكُ فكثيرٌ في الأحاديثِ. ولفظُ البَشْبَشةِ جاء أيضًا أنَّه يتبشبَشُ للدَّاخِلِ إلى المسجِدِ كما يتبشبَشُ أهلُ الغائِبِ بغائِبِهم إذا قَدِمَ، وجاء في الكِتابِ والسُّنَّةِ ما يلائِمُ ذلك ويناسِبُه شَيءٌ كثيرٌ.

فيقالُ لِمن نفى ذلك: لمَ نفَيتَه؟ ولمَ نفيتَ هذا المعنى، وهو وَصفُ كمالٍ لا نَقْصَ فيه، ومن يتَّصِفُ به أكمَلُ ممَّن لا يتَّصِفُ به؟".

[ النبوات ( ١ / ٤٤٩)]

، قال ابنُ قُدامةَ المقدسِيُّ رحمه الله :" قَولُه: (يَضحَكُ اللهُ إلى رجُلَينِ قَتَل أحَدُهما الآخَرَ، ثمَّ يَدخُلانِ الجَنَّةَ)، فهذا وما أشبَهَه ممَّا صَحَّ سَنَدُه وعُدِّلت رواتُه، نؤمِنُ به، ولا نرُدُّه ولا نجحَدُه، ولا نتأوَّلُه بتأويلٍ يخالِفُ ظاهِرَه، ولا نُشَبِّهُه بصِفاتِ المخلوقينَ، ولا بسِماتِ المحْدَثينِ، ونَعلَمُ أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى لا شبيهَ له ولا نظيرَ { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، وكُلُّ ما تخَيَّل في الذِّهنِ أو خَطَر بالبالِ، فإنَّ اللهَ تعالى بخِلافِه". [ لمعة الاعتقاد ( ١١)].

قال الإمام أبو القاسِمِ الأصبهانيُّ رحمه الله :" قال أهلُ السُّنَّةِ: ما جاء عن الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصِّفاتِ بأسانيدَ صِحاحٍ فهو حَقٌّ. وقال أحمَدُ في روايةِ حَنْبَلٍ: يَضحَكُ اللهُ، ولا نعلَمُ كيف ذلك إلَّا بتصديقِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وقد نَصَّ أحمَدُ على القَولِ بظاهِرِ الأخبارِ مِن غيرِ تَشبيهٍ ولا تأويلٍ". [الحجة في بيان المحجة ( ١ / ٤٧٣)].

قال الإمام البَغَويُّ رحمه الله :" كُلُّ ما جاء به الكِتابُ أو السُّنَّةُ مِن هذا القَبيلِ في صِفاتِ اللهِ سُبحانَه وتعالى، كالنَّفْسِ، والوَجهِ، والعَينِ، واليَدِ، والرِّجْلِ، والإتيانِ، والمجيءِ، والنُّزولِ إلى السَّماءِ الدُّنيا، والاستواءِ على العَرشِ، والضَّحِكِ، والفَرَحِ فهذه ونَظائِرُها صِفاتٌ للهِ عزَّ وجَلَّ، وَرَد بها السَّمعُ، يَجِبُ الإيمانُ بها، وإمرارُها على ظاهِرِها مُعرِضًا فيها عن التأويلِ، مُجتَنِبًا عن التشبيهِ، مُعتَقِدًا أنَّ الباريَ سُبحانَه وتعالى لا يُشبِهُ شَيءٌ مِن صِفاتِه صِفاتِ الخَلْقِ، كما لا تُشبِهُ ذاتُه ذواتِ الخَلْقِ؛ قال اللهُ سُبحانَه وتعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .

وعلى هذا مَضى سَلَفُ الأُمَّةِ وعُلَماءُ السُّنَّةِ، تلَقَّوها جميعًا بالإيمانِ والقَبولِ، وتجَنَّبوا فيها عن التَّمثيلِ والتَّأويلِ، ووكَلوا العِلْمَ فيها إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ، كما أخبَرَ اللهُ سُبحانَه وتعالى عن الرَّاسِخينَ في العِلْمِ، فقال عزَّ وجَلَّ: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} ". [شرح السنة ( ١/ ١٦٨ - ١٧١)]. 

قال الإمام ابنُ بطة رحمه الله :" (بابُ الإيمانِ بأنَّ الله عَزَّ وجَلَّ يَضحَكُ) ، قال الشَّيخُ: اعلَمُوا رَحِمَكم اللهُ أنَّ مِن صِفاتِ المؤمنِينَ مِن أهلِ الحَقِّ تصديقَ الآثارِ الصَّحيحةِ، وتلَقِّيَها بالقَبولِ، وتَرْكَ الاعتراضِ عليها بالقياسِ، ومُواضَعةَ القَولِ بالآراءِ والأهواءِ؛ فإنَّ الإيمانَ تصديقٌ، والمؤمِنُ هو المصَدِّقُ؛ قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ ؛{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، فمِن علاماتِ المؤمنين أن يَصِفوا اللهَ بما وَصَف به نَفْسَه، وبما وصَفَه به رسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ممَّا نقَلَتْه العُلَماءُ، ورواه الثِّقاتُ مِن أهلِ النَّقلِ، الذين هم الحُجَّةُ فيما رَوَوه من الحلالِ والحرامِ والسُّنَنِ والآثارِ، ولا يقالُ فيما صَحَّ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كيف؟ ولا لمَ؟ بل يتَّبِعون ولا يبتَدِعون، ويُسَلِّمون ولا يُعارِضون، ويتيَقَّنون ولا يشُكُّون ولا يرتابون، فكان ممَّا صَحَّ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، رواه أهلُ العَدالةِ، ومن يَلزَمُ المؤمنينَ قَبولُ روايتِه وتَرْكُ مخالفتِه: أنَّ اللهَ تعالى يَضحَكُ، فلا يُنكِرُ ذلك ولا يجحَدُه إلَّا مبتَدِعٌ مذمومُ الحالِ عند العُلَماءِ، داخِلٌ في الفِرَقِ المذمومةِ وأهل ِالمذاهِبِ المهجورةِ، عَصَمَنا اللهُ وإيَّاكم من كُلِّ بِدعةٍ وضَلالةٍ برحمتِه " و" سألتُ أبا عُمَرَ محمَّدَ بنَ عبدِ الواحِدِ صاحِبَ اللُّغةِ عن قَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ضَحِكَ ربُّنا مِن قُنوطِ عِبادِه، وقُرْبِ غِيَرِه )، فقال: الحديثُ معروفٌ، وروايتُه سُنَّةٌ، والاعتراضُ بالطَّعنِ عليه بِدعةٌ، وتفسيرُ الضَّحِكِ تكَلُّفٌ وإلحادٌ". [ الإبانة الكبرى ( ٧ / ٩١ )و (٧ / ١١٢)].

و أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح متفقون على إثبات صفة الضحك لله تعالى على الوجه اللائق به سبحانه، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل؛ عملا بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}

يثبتون اللفظ؛ والمعنى عندهم معقول؛ والكيف مجهول .

وفرق المعطلة الجهمية وما تفرع منها  كالمعتزلة ثم  الكلابية : الذين اطلقوا على أنفسهم كذبا وزورا الاشاعرة والصواب : انهم كلابية. 

إذ أن ابا الحسن الأشعري رحمه الله تبرأ من معظم معتقدهم كما يعلم ذلك من اطلع على كتابه الإبانة وغيره من كتبه؛ قال شيخ الإسلام ابنُ تيميَّةَ رحمه الله مبينا حال  ابي الحسن الأشعري رحمه الله :

" كانت خِبرتُه بالكلامِ خِبرةً مُفصَّلةً، وخِبرتُه بالسُّنَّةِ خِبرةً مُجمَلةً؛ فلذلك وافَق المُعتَزِلةَ في بعضِ أصولِهم التي التزموا لأجْلِها خِلافَ السُّنَّةِ، واعتقد أنَّه يمكِنُه الجمعُ بَينَ تلك الأصولِ وبين الانتِصارِ للسُّنَّةِ، كما فعل في مسألةِ الرُّؤيةِ والكلامِ والصِّفاتِ الخَبَريَّةِ، وغيرِ ذلك، والمُخالِفونَ له من أهلِ السُّنَّةِ والحديثِ ومن المُعتَزِلةِ والفلاسفةِ يقولونَ: إنَّه متناقِضٌ، وإنَّ ما وافق فيه المُعتَزِلةَ يُناقِضُ ما وافَق فيه أهلَ السُّنَّةِ "بل جُمهورُ المُخالِفينَ للأشعريِّ من المُثبتةِ والنُّفاةِ يقولونَ: إنَّ ما قاله في مسألةِ الرُّؤيةِ والكلامِ معلومُ الفسادِ بضرورةِ العَقلِ؛ ولهذا يقولُ أتباعُه: إنَّه لم يوافِقْنا أحَدٌ من الطَّوائِفِ على قَولِنا في مسألةِ الرُّؤيةِ والكلامِ، فلمَّا كان في كلامِه شَوبٌ من هذا وشَوبٌ من هذا، صار يقولُ من يقولُ: إنَّ فيه نوعًا من التجَهُّمِ، وأمَّا من قال: إنَّ قَولَه قَولُ جَهمٍ، فقد قال الباطِلَ، ومن قال: إنَّه ليس فيه شيءٌ من قولِ جَهمٍ، فقد قال الباطِلَ، واللهُ يحِبُّ الكلامَ بعِلمٍ وعَدلٍ، وإعطاءَ كُلِّ ذي حقٍّ حقَّه، وتنزيلَ النَّاسِ منازِلَهم ". [ مجموع الفتاوى ( ١٢ / ٢٠٤ - ٢٠٥)].

و" أبو الحَسَنِ الأشْعَريُّ لمَّا رَجَعَ عن مَذهَبِ المُعْتَزِلةِ سَلَكَ طَريقةَ ابنِ كُلَّابٍ، ومالَ إلى أهْلِ السُّنَّةِ والحَديثِ، وانْتَسَبَ إلى الإمامِ أَحْمَدَ، كما قد ذَكَرَ ذلك في كُتُبُه كلِّها، كـالإبانةِ، والمُوجَزِ، والمَقالاتِ، وغَيْرِها، وكانَ مُخْتلِطًا بأهْلِ السُّنَّةِ والحَديثِ كاخْتِلاطِ المُتكلِّمِ بهم " [ درء تعارض العقل والنقل (  ٢ / ١٦)].

وممن ذكر  ابتعاد ابي الحسن الأشعري رحمه الله عن معتقد الكلابية في توحيد الأسماء والصفات الإمامان الجليلان محمد بن عبدالوهاب وابن باز رحمهما الله. 

وصاحب الحق يتبع الحق بدليله من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفق هدي السلف الصالح ولا يهمه أو يضره انه قول فلان أو فلان  من الناس بل الحق يحرص على الأخذ به بعد معرفته بالأدلة الشرعية. وترك الباطل وأهله. 

والكلابية هذه النحلة الضالة  يثبتون أسماء الله الحسنى  ثم يؤلونها وفق هواهم ويثبتون سبعا من صفات الله سبحانه وتعالى وهو إثبات فيه غش ودخل ودغل إذ أن هذه الصفات  لها معاني عندهم عقلية غير صحيحة الكلابية  فيما بينهم يختلفون في معانيها. 

وحيث ان الشرع مبنى على الكتاب العزيز والسنةالنبوية فليس للمسلم  دين غير ذلك يقدمه لكن الكلابية  قدموا العقل مطلقا على النقل وهو المنقول أو ما نقل من كلام الله تبارك وتعالى القرآن الكريم ومن نقل بالاخبار الصحيحة من السنة التي هي كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا تحيروا و دحضت حجتهم؛ قسموا النقل الي متواتر واحاد وهذا القسم الاخير لا يقبلونه حجة في العقيدة فيردون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وخبره. 

ثم لهم طريقة أخرى في ابطال العمل ب( المتواتر ) فلهم طرق في توهين العمل به اما عن طريق تأويله التأويل الباطل ثم يقسمون المتواتر الي ظني الحجة قطعي الثبوت أو قطعي الحجة قطعي الثبوت ثم الاخير يحاولون التملص من العمل به عن طريق تأويله التأويل الباطل المخالف للشرع واللغة العربية والعقل  والكلابية هؤلاء مختلفون بينهم في بيان معتقدهم وإيضاحه إذ أن كل شيخ منهم له طريقته مع اتفاقهم على مخالفة الكتاب والسنة ومفارقة هدي السلف الصالح وبعدهم عن لغة العرب والفهم السليم. 

وقد يقول قائل هؤلاء المعطلة الجهمية ان الإمام البخاري وابن عبدالبر رحمهما الله قد جرى منهم تأويل الضحك فيقال لهم ان هذه النسبة إليهم غير صحيحة كما حقق ذلك كبار علماء الإسلام منهم أمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر رحمه الله  فمع كثرة نسخ صحيح البخاري وشدة اهتمام العلماء سلفًا وخلفًا بها، فإن هذا الكلام عن البخاري لم يوجد في واحد منها، ولا في غيره من مصنفاته؛ وقد أشار إلى هذا أكابر شرَّاح صحيح البخاري:

يقول الحافظ ابن حجر: “ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري”[ فتح الباري ( ٨ / ٦٣٢)]. 

وهكذا الحال مع الإمام ابن عبدالبر رحمه الله فإنه لم يثبت عنه في أي كتاب من كتبه صحة نسبة هذا الكلام اليه لكن أهل الباطل لهم طرق في تقوية لباطلهم فلذا اجازوا الكذب على أئمة السنة وأعلام السلف الصالح وهم يخالفونهم كما هو ثابت عنهم.

وأود ان ألفت أنظار طلاب العلم الي ان هذه النحلة الضالة الكلابية في هذا العصر  خلط كثير منهم الي مذهبهم الباطل مذهب المعتزلة و التصوف القبوري و الإخوانية الخوارج 

فقد اجتمع فيهم  الشر كله 

ومن ذلك محاولة توحيد الاديان وتقريب الفرق الباطلة في محاولتهم  الفاشلة للوصول إلى حلمهم الدنيوي للسعي وراء الكرسي 

ولهم مع هذا تلون عجيب. 

كفى الله المسلمين شرهم. 

وحيث ان ما تفوه به الواعظ الشنقيطي معلنا عنه حيث انتشر كلامه هذا  في وسائل التواصل الاجتماعي لذا جرى منا التحذير من طريقته هذه إبراء للذمة ونصحا للأمة ولئلا يتبع في ضلاله. 

وقبل ان اختم كلامي :

ان لولاة أمرنا ال سعود في مملكتنا الغالية المملكة العربية السعودية جهد كبير في إيصال العقيدة الصحيحة للعالم؛ فقد جعلهم الله سببا لي في معرفتي للحق بالدليل من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفق هدي سلفنا الصالح فقد جرى منهم تهيأت المدارس في جميع المراحل والمساجد لنشر العلم النافع وبيان العمل  الصالح وانفقوا الأموال الطائلة لإفادة الناس ونشر العلم بينهم فلهم على شخصي الضعيف ايادي بيضاء ومعروف كبير ولهم مني المحبة وصادق الود وصالح الدعاء بأن يبارك بولاة أمرنا ويمدهم بالصحة والعافية وييسر لهم البطانة الصالحة الناصحة وان يكفيهم شر الأشرار وكيد الفجار وفسقة الجن والإنس 

وفقنا الله واياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه كما نسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يهب لنا رزقا حسنا وعفوا وغفرانا ورحمة والفردوس الأعلى من الجنة. 

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

°°°°°°°°°°°°

كتبه من يطلب من الله  رحمته وعفوه وغفرانه : غازي بن عوض العرماني.