الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد
فما أسباب انتشار الأمور الشركية والعبادات البدعية في كثير من البلاد الإسلامية ؟
او بصيغة أخرى نعيد السؤال :
ما أسباب ابتعاد بعض الناس عن التوحيد[ الإخلاص ] والسنة[ الصواب] ؟
فالاجابة لأمور منها :
( أولا )
قلة من يدعو إلى التوحيد والسنة فأهل هذا الاختصاص قلة وندرة ...
( ثانيا )
كثرة الدعاة الجهلة في علم توحيد الله سبحانه وتعالى وفي علم سنة رسوله صلى الله عليه وسلم مع كثرة دعاة الباطل من حزبيين وحركيين واتجاهات أخرى مشبوهة ساعدهم على ذلك ....
( ثالثا )
وسائل الإعلام بأنواعه و ظهور مايعرف بالتواصل الاجتماعي
وانتشارها في يد من يجهل العلم الشرعي أو يجهل حال دعاة الباطل .
( رابعا )
جهل الكثيرين بالعواقب الخطيرة في ترك الدعوة إلى التوحيد والسنة ففي ترك التوحيد انتشار الدعوات الشركية والبدع والأهواء
وفي هذا خلل في أمور الدين
يترتب عليه عقوبات دنيوية
وفي ترك السنة انتشار العبادات البدعية وكثرة الجماعات التكفيرية والتنظيمات الدموية وفي هذا خلل في الدين والدنيا كما هو مشاهد .
[[ شبهة وتفنيدها ]]
قال احدهم موجها سؤاله إلينا وهذا السؤال من قائله إما جهلا وإما عن فكر توجه حزبي : انتم تدعون إلى التوحيد والسنة...فلما لا نراكم تدعون إلى الصلاة ؟.
فالجواب عن هذه الشبهة بأمور منها :
[ أولا ]
الدعوة إلى التوحيد والسنة هي دعوة إلى الصلاة . فالوازع الديني إلى الاهتمام بالصلاة هو معرفة التوحيد والسنة فحينما تعلم عظيم من عصيته وشدة جرم مخالفة ربك رجعت إلى الصلاة خاشعا اواها منيبا مخلصا واقمتها بشروطها واركانها وواجباتها ومستحباتها وفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن لم يعرف عظمة الله باسمائه الحسنى وصفاته العلا هان عليه ترك الصلاة .
[ ثانيا ]
دعواكم وقولكم هذا فيه نظر فهي دعوى عارية عن الصحة فمن تمام توحيد الله سبحانه وتعالى الاتيان وجوبا ببقية الأركان..
فالركن الأول من أركان الإسلام هو [ التوحيد : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ] ولا بد من الاتيان ببقية الأركان اذ فيه كمال التوحيد وتمامه وفيه أتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. وليس هنا أعظم من يدعو إلى الصلاة وفق السنة من علماء السنة أتباع السلف الصالح وما عداهم فدعوته يشوبها البدعة والاهواء والشرك.
[ رابعا ]
جميع العبادات بما فيها الصلاة قد يدخلها الشرك إما ابتداء وذلك في الصلاة لغير الله سبحانه وتعالى فهذا عين الشرك .
أو في الاثناء مثل من صلى لله سبحانه وتعالى فخالطها الرياء و السمعة.
فلا يخلصك من ذلك ولا ينجيك من الله إلا توحيد الله: { أن الله لا يغفر أن يشرك بها ويغفر مادون ذلك لمن يشاء} .
[ خامسا ]
أنظر وصف الرسول صلى الله عليه وسلم للخوارج :( تحقر صلاتكم عند صلاتهم وصيامكم عند صيامهم )
فهل نفعهم ذلك :
الجواب : لا
أنظر تكملة الحديث السابق وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ؛ لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد )
لأنهم خالفوا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم
الذي قال : ( صلوا كما رأيتموني اصلي )
فلا بد من شرطين لصحة العبادة هما :
الإخلاص وهو[ التوحيد ] .
والصواب وهو [ أتباع السنة ]
فمعنى [ شهادة لا إله إلا الله ]
: أنَّه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله، فهو وحدَه سبحانه المستحقُّ بأنْ تصرفَ له جميعُ العباداتِ، وتكونَ خالصةً له دون سواه، قال تعالى وتقدس : {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } وتوحيد الله بربوبيته والوهيته واسمائه الحسنى وصفاته العلا وافراده بالعبادة ونبذ الشريك عنه سبحانه وتعالى فهو الإله المعبود بحق وغيره آلهات باطلة من صنع البشر وما سوى الله سبحانه وتعالى ف :{ أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار }..
واما [ شهادة ان محمدا رسول الله ]
فمعناها : طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع وهذا هو اتباع السنة في جميع عباداتك والا كانت حابطة لا تقبل عند الله .
وقد رأينا من يصلي صلاتنا الواردة في الكتاب والسنة فيصرفها لغير الله فيصرفها لصاحب ضريح أو لمشهد ثم يقرن ذلك بالدعاء الشركي .
وقد رأينا من يفعل ذلك السنة ومعتقده جهمي معطل أو صوفي قبوري ....
وتنتظمهم خيط سبحة الاخوانية الخوارج.
فعليكم عبادالله بالتوحيد والسنة ..
تعلما
وتعليما
ودعوة الى الله سبحانه وتعالى
بنهج سني سلفي
وصبر على الأذى في الدعوة إلى التوحيد والسنة.
وفي صحيح السنة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( طوبى لِلْغُرَباءِ ، قيل : و مَنِ الغُرَباء يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ناسٌ صالِحُونَ قَلِيلٌ في ناسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أكثرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ )رواه الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما واخرجه الإمام أحمد رحمه الله في المسند وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة( ١٦١٩ ) .
ومعنى الحديث و" التفسير الشرعي وهو الذي ينبغي الاعتماد عليه ؛ لأن الرسول - عليه السلام - قد فسَّره بنفسه حين قال في بعض الأحاديث الصحيحة : ( طوبى شجرة في الجنة يمشي الراكب تحت ظلِّها مئة عام لا يقطعها ) . ( طوبى شجرة يمشي الراكب تحتها ) أي : تحت ظلِّ أغصانها مئة عام لا يقطعها ، فهذه الشجرة هي للغرباء ، بشَّرَهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بهذه الشجرة الطَّيِّبة ، وفي اعتقادي كما أنه من المهمِّ أن نعرف ما لهؤلاء الغرباء يجب أن نعرف ، بل هذا أوجب بالمعرفة مَن هم هؤلاء الغرباء ؟ لأني أخشى أن يكون الأمر كما قال الشاعر :
" وكلٌّ يدَّعي وصلًا بليلى *** وليلى لا تقرُّ لهم بذاكَ "
قد يظنُّ بعض الناس أن الغرباء هم المتمسِّكون بدينهم مهما كان هذا الدين صحيحًا أو منحرفًا ، وقد وقد ، فلدفعِ مثل هذه القدقدة التي يُدندن حولها كثير من الناس في بحوثهم وأقوالهم تسأله سؤال ، بيقول لك : قد يكون كذا ، وقد يكون كذا ؛ فما أعطاك شيئًا مطلقًا بهذه القدقدة ، فخَلَاصًا منها أرى أنه من الأوجب أن نعرف هؤلاء الغرباء الذين بشَّرَهم سيد الأنبياء بأن لهم طوبى ، وقد قال - تعالى - : { طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } هي هذه الشجرة ؛ فمن هم هؤلاء الغرباء ؟
لقد جاء في وصفهم ثلاث روايات ، ولا تخالف بينها كما قد يظنُّ البعض ؛ لأنها معاني قد تلتقي في فردٍ أو أفراد وقد لا تلتقي ، الرواية الأولى تقول : قالوا : مَن هم يا رسول الله ؟ قال : ( هم ناسٌ قليلون صالحون بين ناسٍ كثيرين ، مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) . إذًا من صفة هؤلاء الغرباء وصفًا معنويًّا كأولئك الغرباء وصفًا مادِّيًّا حينما يُهاجر من بلده إلى بلد أخرى لا أحد يعرفه وهو منبوذ مِن بينهم مهجور ، كذلك الغريب الموصوف في هذا الحديث بصفة النَّبذ المعنوي قال : ( هم ناسٌ قليلون صالحون بين ناسٍ كثيرين ، مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) .
ولا شك أن الصلاح نوعان ، أحدهما فكري ، والآخر عمليٌّ وخلقيٌّ ، ولقد اعتاد الناس حتى الناس الطَّيِّبين الاهتمام بالناحية الثانية من الغربة وهو العمل الصالح والخلق الصالح ، لكن لا يفكِّرون أبدًا أنَّ الغرابة المُثْلى والتي صاحبُها أحقُّ بأن يكون له طوبى هو الغرابة في العقيدة ، ( مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) ، ( مَن يعصيهم ) في عقيدتهم ، وهي الأسُّ والأصل في الدعوة ، ثم في أخلاقهم ، ثم في أعمالهم ؛ فهم غرباء في كلِّ شيء في ذلك المجتمع ؛ ولذلك فهم يُخالَفون ويُعصَون ولا يطاعون ، هذا وصف في الرواية الأولى .
ولعله من المناسب أن يُذكر ههنا بأنَّ لأمثال هؤلاء الغرباء القليلون الصالحون الذين يعيشون في مجتمع كثير وكبير ، ( مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم لهم أجر خمسين شهيدًا ) ، فقد قال - عليه الصلاة والسلام - في بعض الأحاديث الصحيحة أنه يكون ناس غرباء في آخر الزمان لهم أجر خمسين ، قالوا : منَّا يا رسول الله أم منهم ؟ قال : ( لا ، منكم ) ؛ لهم أجر خمسين من شهداء صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وجاء تفسير ذلك في بعض الأحاديث ، وهذا التفسير كأني أشعر بأنه تفسير للقلَّة سبب القلَّة والكثرة ، قال : ( لأنَّكم تجدون على الحقِّ أنصارًا ، ولا يجدون على الحقِّ أنصارًا ) ، هذا منتهى الغربة"
[ كلمة للإمام الألباني رحمه الله عن معنى حديث : ( فطوبى للغرباء ) شريط رقم( ٢١٠ ) ]
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
..........
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .