الخميس، 16 يونيو 2022

《 شرح الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله الشارح لهذه الرسالة : غازي بن عوض العرماني 》



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرسالة التدمرية 

 : " فالكلامُ في بابِ التوحيدِ والصِّفاتِ هوَ منْ بابِ الخبَرِ الدائرِ بينَ النفيِ والإثباتِ، والكلامُ في الشرْعِ والقدَرِ هوَ منْ بابِ الطَّلَبِ والإرادةِ الدائرِ بينَ الإرادةِ والْمَحَبَّةِ، وبينَ الكَرَاهَةِ والبُغْضِ، نَفْيًا وإِثباتًا " .



       [[      الشرح        ]]


شرح العبارة الأولى بتوفيق الله واتكالا عليه نقول : 

[ فالكلامُ في بابِ التوحيدِ والصِّفاتِ هوَ منْ بابِ الخبَرِ الدائرِ بينَ النفيِ والإثباتِ ]


التوحيد هنا عام  فيشمل توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية 

ويشمل كذلك توحيد الأسماء والصفات 

وهذا أتى في الكتاب والسنة وأخبر الله سبحانه وتعالى  عن التوحيد باقسامه الثلاثة في كلامه تعالى ربنا وتقدس وأخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم  ...

واي خبر يحتمل الصدق أو الكذب فأما أن يقابل الخبر بالتصديق أو بالتكذيب  

ومااتى في كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فمنزه عن الكذب 

:  { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } 

قال الإمام البغوي رحمه الله: 

"قوله عز وجل : { وتمت كلمة ربك } قرأ أهل الكوفة ويعقوب " كلمة " على التوحيد ، وقرأ الآخرون { كلمات } بالجمع ، وأراد بالكلمات أمره ونهيه ووعده ووعيده ، { صدقا وعدلا }  أي : صدقا في الوعد والوعيد ، وعدلا في الأمر والنهي ، قال قتادة ومقاتل : صادقا فيما وعد وعدلا فيما حكم ، { لا مبدل لكلماته }

قال ابن عباس : لا راد لقضائه ولا مغير لحكمه ولا خلف لوعده ، {وهو السميع العليم}قيل : أراد بالكلمات القرآن لا مبدل له ، لا يزيد فيه المفترون ولا ينقصون " .انتهى كلامه رحمه الله. 

فالواجب على العباد 

الإيمان والتسليم والرضى والتصديق  ..


ويضاف إلى التصديق بأخبار الله سبحانه وتعالى :

طاعة أمر الله بتوحيده ونبذ الشريك عنه .

فأعظم أمر  أمر الله به هو توحيده سبحانه وتعالى 

وأعظم نهي نهى الله سبحانه وتعالى عنه هو الشرك بالله سبحانه وتعالى .

فالتوحيد يتضمن أعظم الأوامر 

والنواهي ..

فمن لم يطع اعظم أمر أمر  الله وهو توحيده فهو كافر لعدم اتيانه بالأمر العظيم وهو توحيد الله سبحانه وتعالى. 

ومن لم يطع الله في اجتناب أعظم نهي نهى الله عنه سبحانه وتعالى وهو الشرك  فهو مشرك كافر لا ينفعه عمل صالح ولا قول نافع ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا....

 { وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِۦ شَيْـًٔا ۖ}

 { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }

{قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }

 {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}

{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}

{ إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا}

والآيات في بيان توحيد الله ونصره ونشره وتقريره متواترة مستفيضة بل القرآن الكريم والسنة النبوية وإرسال الرسل من أجل بيان هذا التوحيد وأن يعبد الله وحده سبحانه وتعالى وينفى عنه الشريك 

يدل على هذا 

عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الأخرى ونصها :[ والكلامُ في الشرْعِ والقدَرِ هوَ منْ بابِ الطَّلَبِ والإرادةِ الدائرِ بينَ الإرادةِ والْمَحَبَّةِ، وبينَ 

الكَرَاهَةِ والبُغْضِ، نَفْيًا وإِثباتًا ] 

فقوله : [ الكلام في الشرع ] وهذا من توحيد الالوهية. 

وقوله : [ .... والقدر  ] 

و أبن تيميه رحمه الله أراد  ب[ الشرع ] هنا ما شرعه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم اوشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية وهو الدين كاملا 

وهو مااتى في الشرع ومن أعظم ماامر الله به في شرعه هو الأمر بتوحيد الله سبحانه وتعالى وأعظم نهي أتى في الشرع هو النهي عن الشرك بالله سبحانه وتعالى وهذا هو التوحيد الطلبي الارادي وهو توحيد القصد والطلب أو توحيد الالوهية .

وإثبات توحيد الله سبحانه وتعالى وفق مراد الله سبحانه وتعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم مراد محبوب 

وأما الشرك بالله سبحانه وتعالى  فمكروه ومبغوض

 قال الله تعالى وتقدس  : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: 

(اللهمَّ إنِّي أسألك حبَّك وحبَّ مَن يحبك، وحبَّ عمل يقرِّب إلى حبك ) رواه الترمذي رحمه الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي( ٢٥٨٢).

فالمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب ، وأن لا يشرك معه احدا غيره في محبته

وقول ابن تيميه رحمه الله : [ ..    والقدر  ..  ] 

القدر يدخل في توحيد الربوبية لانه من أفعال الله عز وجل ...

ويدخل في توحيد الأسماء والصفات فهو أثر من أثر أسماء الله تعالى وتقدس 

ويدخل في توحيد الالوهية لأن الإيمان به من فعل العباد ..

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.