الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد
فإن تعظيم السلطان بالمعروف من تعظيم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم
وذلك ان من اصول عقيدة أهل الإسلام العظيمة المتفق عليها ومن أصول السنة : [ تعظيم أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف ] .
وذلك لإتيان الامر بتعظيمهم بالمعروف في الكتاب والسنة وعليها هدي السلف الصالح واجماعهم ؛ فالأحسان إلى السلطان بالقول والفعل أصل عظيم وأدب رفيع ثبت في نصوص الوحيين ففي كلام الله سبحانه وتعالى المنزل غير مخلوق وذلك حينما ارسل موسى وهارون - عليهما وعلى رسولنا الصلاة والسلام - إلى فرعون قال تعالى وتقدس لهما : { فقولا له قولا لينا }
وفرعون الذي ظلم نفسه فجعلها في موضع الربوبية وهو عبد لله سبحانه وتعالى فقال : { انا ربكم الأعلى } . تعالى الله علوا كبيرا .
وقال تعالى وتقدس في موضع آخر من كلامه المنزه المنزل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ }.
وبهذا مضت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث الصحيحة الآمرة بالسمع والطاعة بالمعروف للامراء في ما احب العبد أو كره و في المنشط والمكره وفي اثرة عليه ؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ، ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) . وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال :( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ، في منشطنا ومكرهنا ، وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا ، وألا ننازع الأمر أهله . قال : إلا أن تروا كفرا بواحا ، عندكم فيه من الله برهان ).
و عن أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة) . رواه البخاري رحمه الله .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع ، وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف ) . رواه مسلم رحمه الله.
وعن أم الحصين رضي الله عنها : أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول : ( ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله ، اسمعوا له وأطيعوا ). رواه مسلم رحمه الله وفي لفظ له : ( عبدا حبشيا مجدوعا ).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سيليكم بعدي ولاة ، فيليكم البر ببره ، ويليكم الفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق ، وصلوا وراءهم ، فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساؤوا فلكم وعليهم ).وما سبق استفدناه من الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره للأية السابقة .
وروى ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة والطبراني رحمه الله في المعجم الأوسط ( ٦٣١٠) والدارقطني رحمه الله ( ٢ / ٥٥ ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وسيكون خلفاء فيكثرون ) . قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا ؟ قال : ( أوفوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم )
وفي صحيح مسلم رحمه الله عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال : دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - جالس في ظل الكعبة ، والناس حوله مجتمعون عليه ، فأتيتهم فجلست إليه فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ، ومنا من ينتضل ، ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها ، وتجيء فتن يرفق بعضها بعضا ، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه هذه ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ) . قال : فدنوت منه فقلت : أنشدك بالله أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال : سمعته أذناي ووعاه قلبي ..
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من خلع يدا من طاعة ، لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) . رواه مسلم رحمه الله .
وفي الحديث الصحيح المتفق عليه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصا أميري فقد عصاني ) .
والأحاديث بهذا المعنى وتعزيزه وتعظيمه متوافرة متواترة .
واجماع سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين والتابعين رحمهم الله على وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف عملا بالكتاب والسنة وأما ماجرى من عبدالله بن الزبير رضي الله عنه وعن والده ووالدته وعن الصحابة أجمعين فقد انعقدت البيعة ودانت الناس بطاعته فكان هو ولي الأمر وبغي عليه وانعقدت ولاية الامر إلى من بعده بالغلبة والقهر بعد استشهاده رضي الله عنه[ والغلبة والقهر من احد طرق انعقاد ولاية الامر لولي الامر في دين الإسلام ] ...
وأما الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن والده ووالدته والصحابة أجمعين فقد خرج من المدينة النبوية الى الكوفة ولم ينوي أو يأمر بالخروج على ولي الأمر وقد نصحه جمع كبير من الصحابة رضي الله عنهم بعدم الخروج من المدينة و هذا مبسوط ومدون في كتب السير والتاريخ وذكر ذلك جمع من كبار علماء الإسلام منهم ابن تيميه رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى وقد بسطنا هذا الكلام في ردنا على المدعو عبدالعزيز الطريفي في كشف تلبيساته على الجهلة وفي رسالتنا التي فيها الرد على المذكور جرى تفنيد شبهات كثير من الخوارج الإخوانية وكشف زيغ أهل التكفير واستحلال دماء المسلمين فنسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون رسالتنا خالصة صوابا متقبلة وإن يكفي الله المسلمين شر هؤلاء الضلال.
《 لماذا تكرر منا الدفاع عن ولاة الأمر 》
يتساءل بعضهم ممن يجهل سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أو قد يكون فيه نوع تأثر في أفكار الخوارج عن سبب كثرة دفاعنا عن ولي الأمر بالمعروف تمثل ذلك في كتب ورسائل قمنا بتاليفها بهذا الخصوص بفضل الله ورحمته وقد يشطح أحدهم فكريا لحاجة في نفسه او نصرة لمذهبه الحزبي فيتجه إلى إساءة الظن بنا وأننا قد نسعى لأمور دنيوية او حظوظ النفس وشهوات الدنيا فنقول : أن نعمة الأمن والأمان والاستقرار نعمة نغبط عليها حينما تشاهد الفتن في الدول التي حولنا واقول ذلك حقيقة وفي واقع مشاهد محسوس وملموس فحتى كتابة هذه الأسطر يعيش من حولنا في قلاقل ومحن وإحن وفتن وقتل ومقتول واقول لهم :
أليست هذه الأمور محن عظيمة وفتن جسيمة نشكر الله ربنا على ان حمانا منها ثم الشكر موصول إلى من جعله الله سببا في حفظ نعمة الأمن والأمان وهم ولاة أمرنا فقد ثبت في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ) رواه أحمد وأبو داود رحمهم الله والبخاري رحمه الله في الأدب المفرد و صححه الألباني رحمه الله .
وولي أمرنا هو مقام الوالد وذلك في نظره في شؤن من تحت يده ورعايتهم وجلب ما يصلح لهم ودفع ما يضرهم ونحن نعيش في رغد عيش ورخاء فلله الحمد والمنة .
ومن عظيم أعمال ولاة الأمر في دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية تعليم التوحيد والسنة فلهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في معرفتنا ودراستنا دين الإسلام بالادلة وتعلمنا التوحيد والسنة .. ويشاهد الاعتناء في أشرف الأماكن واطهرها واقدسها وذلك في عنايتهم الفائقة في بيت الله الحرام في مكة المكرمة وفي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية وغير ذلك من أماكن ومشاعر مقدسة
وبناء الجوامع والمساجد والعناية بها وبمن قام بشؤونها وحرصهم على تنظيم الحج والعمرة والحج احد أركان الإسلام الخمسة وجرى خدمتهم له بيسر وسهولة وأمن واطمئنان ولو ذهبنا نعدد فضائلهم الحميدة ومزاياهم العديدة وحمايتهم للعقيدة لطال بنا الزمان ...
فالمملكة العربية السعودية اشبه بالقارة مترامية الأطراف وقد بسط الله عليها الأمن والأمان بفضل الله ورحمته وحده ثم فضل ولاة أمرنا آل سعود
يضاف إلى ما سبق :
لعل أهم ما يجعلنا نهتم في الدفاع عن ولاة أمرنا ظهور تيارات فكرية منحرفة تحاول تعصف بالشباب المسلم ومسخه فكريا وتشويهه عقديا وتجعله منكرا للعقيدة الصحيحة للمسلم والتي تربى عليها المسلم جيل بعد جيل والتي بنيت على أدلة الكتاب والسنة وإجماع أهل الإسلام ويريد رموز هذه الاتجاهات المنحرفة والتيارات الفاسدة والتوجهات الشاذة أن يسئ الشباب المسلم الظن بحكامه وولاة أمره ...
وفي رسالتنا هذه حاولت إبراز أهم أسباب الكتابة بهذا الشأن فوجدتها أمورا عظيمة يجدر بنا ايضاحها وبيانها فمن أهمها
[[ أولا ]]
الحرص على العمل بالكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة الصالح واظهار هذا المعتقد الصحيح للنشء المسلم فكتابتنا جزء يسير من عظيم حقوق السلطان المسلم والتي أتت في أدلة دين الإسلام الواردة في كلام الله سبحانه وتعالى وفي كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك في بيان حقوق السلطان ولزوم طاعته ووجوب السمع له بالمعروف فعملنا هذا نحتسبه عند الله ديانة وقربة ..
[[ ثانيا ]]
" معلوم ما يحصل من ولي الأمر المسلم من الخير والهدى والمنفعة العظيمة من إقامة الحدود، ونصر الحق، ونصر المظلوم وحل المشاكل، وإقامة الحدود، والقصاص والعناية بأسباب الأمن والأخذ على يد السفيه والظالم، إلى غير هذا من المصالح العظيمة، وليس الحاكم معصوما إنما العصمة للرسل عليهم الصلاة والسلام فيما يبلغون عن الله عليهم الصلاة والسلام، لكن الواجب التعاون مع ولاة الأمور في الخير والنصيحة فيما قد يقع من الشر والنقص، هكذا فهم المؤمنون، وهكذا أمر الرسول ﷺ أمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور، والنصيحة لهم، كما قال رسول الله ﷺ : ( إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ) الحديث، ويقول عليه الصلاة والسلام: ( الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة قالوا: يا رسول الله لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم).
وقال عليه الصلاة والسلام: ( من ولي عليه والٍ فرآه يأت شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة ).
ولما سئل عن ولاة الأمر الذين لا يؤدون ما عليهم قال ﷺ:( أدوا الحق الذي عليكم لهم، وسلوا الله الذي لكم).
فكيف إذا كان ولاة الأمور حريصين على إقامة الحق، وإقامة العدل، ونصر المظلوم، وردع الظالم، والحرص على استتباب الأمن، وعلى حفظ نفوس المسلمين ودينهم وأموالهم وأعراضهم، فيجب التعاون معهم على الخير وعلى ترك الشر ويجب الحرص على التناصح والتواصي بالحق حتى يقل الشر ويكثر الخير "[ من كلام الإمام ابن باز رحمه الله من موقعه الرسمي رحمه الله].
[[ ثالثا ]]
المطلع على وسائل الإعلام بأنواعها يشاهد انتشار مد الفكر الخارجي ممثلا بجماعة الإخوان
وذلك في كثرة دعاتها ومنظريها مع كثرة من يغتر بهم من شباب الإسلام" لاظهارهم ألفاظ شرعية جواء خالية من معانيها الشريفة مثل :
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
و الجهاد وكلمة حق عند سلطان جائر
و إعادة الخلافة الإسلامية
و نصر المظلوم
واطعام الجائع
والدندنة حوال المساواة المالية بين أفراد الشعب يضاهئون بدعوتهم الدعوة الشيوعية الاشتراكية وهم يظهرون خلاف مايبطنون ...
فظاهرهم اعلان شعائر الإسلام
وباطنهم محاربته ومضادة السنة وأهلها والتحالف مع المجوس الرافضة والملاحدة
وغيرهم من فرق ضالة .
ساعدهم في نشر زباله فكرهم
أن الإعلام العالمي ووسائل التواصل الاجتماعي تأتي للمتلقي الجاهل وتوصله المعلومة الضالة المغرضة في عقر داره سواء في غرفته في داخل بيته مع انتشار الجهل المدقع بالتوحيد والسنة وأحكام الشرع وتعاليم الإسلام .
[[ رابعا ]]
الاختلاط الفكري بين الملل الضالة وخاصة مع الملاحدة من ماركسيين شيوعيين و علمانية وليبرالية وديمقراطية فهذا الاختلاط قلل من اهمية الارتباط الديني بتعاليم عقيدة الإسلام واضعفت أصول السنة في قلوب كثير من العباد وأيدتها توجهات فكرية تتبنى ظاهرا الإسلام مثل فكر جماعة الإخوان الخوارج وتركيزهم على تهميش أصول السنة بما في ذلك [ أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف ] ومحاولة توهينه أما بنشر احاديث ضعيفة وموضوعة في تأييد توجههم أو نشر افكار التيارات الغربية والتي لا تقيم لولاة الامر منزلة بل تحاول ازاحتهم والاطاحة بهم وهذا الأمر قد ياخذ صورا ظالمة شتى منها :
( ١ )
ادعاء الحرية الفكرية في الطعن بالدين أو بالسلاطين .
( ٢ )
أو محاولة التمهيد لما يسمى بالحكومة الدستورية او الملكية أو الأميرية الدستورية لسحب وتهميش وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف واضعاف منزلة وهيبة الملوك والامراء في قلوب رعيتهم .
( ٣ )
ونشر كثير من الأفكار والتيارات والتوجهات التي تضعف منزلة هؤلاء الحكام ..
( ٤ )
اثارة الشبه والشكوك حول دين الإسلام واحكامه واصوله بما فيها أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف.
وهذه التصرفات التي يبثونها محرمة شرعا لأمور منها:
( أولا )
مخالفة هذه الأفكار والتيارات والفرق والمذاهب واصحابها من منظرين ورموز لدين الإسلام
ومصادمتهم لادلة الكتاب والسنة واجماع المسلمين .
فهم يحاولون القضاء على دين الإسلام لكن الله ينصر دينه ويعلي كلمته : { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }.
( ثانيا )
الديمقراطية والعلمانية والليبرالية والشيوعية والتي هي من زبالة الفكر البشري الفاسد لا تصلح اساسا في بلاد الإسلام او غيرها من بلدان العالم وذلك لمخالفتها لدين الاسلام واصوله وقيمه وعادات أهل الإسلام واخلاقهم وسلوكهم ومصادمتها للفطرة البشرية السليمة .
مع مضادتها لطبيعة التكوين الاجتماعي للبشر المبني على الترابط المكون من أسرة أو قبيلة او فخذ اومدينة نشأت على فطر سليمة في الغالب
فالديمقراطية والعلمانية نشأت في مجتمع غالبه لا يعرف الرباط المقدس بين الزوجين بل في مجتمع توالد غالب افراده عن طريق الزنى والسفاح ..
فأظهر هؤلاء الضلال الملاحدة طقوس أقوام سابقة ارسل الله إليهم رجزه وعذابه عليهم مثل قوم لوط واتيانهم المنكر في ناديهم فهاهم اليوم يطالبون بما يخالف الطبيعة البشرية ويؤيد الشذوذ الجنسي والانحلال الخلقي والأمراض الروحية وانتشار الادواء النفسية فكثر الانتحار وانتشر وقلت بل انعدمت الأخلاق القويمة فظهرت أخلاق تنكرها الجاهلية الأولى فالاولون الاقدمون مع كفرهم أطهر وأشرف منهم فحياة هؤلاء الذين يطالبون بالتقدمية والتطور إنما هي حياة بهيمية حيوانية :
{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا }
" أي : أسوأ حالا من الأنعام السارحة ، فإن تلك تعقل ما خلقت له ، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له ، وهم يعبدون غيره ويشركون به ، مع قيام الحجة عليهم ، وإرسال الرسل إليهم "[ من تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله لهذه الآيةالكريمة].
فظهرت دعوة المساواة المثلية
ومساواة الرجل بالانثى مع مخالفة الرجل للأنثى
:{ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ }
وذلك لاختلاف الخلق - بضم الخاء المعملة الفوقية - الباطن والخلق - بفتح الخاء المعملة الفوقية- الظاهر والتكوين مع عورتها وضعفها وما يعتريها من الحيض والنفاس .
وانتشرت فيروسات وميكروبات
مسببة لأمراض فتاكة لم تكن معروفة سابقا مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( يا مَعْشَرَ المهاجرينَ ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ : لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا ، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم ، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا ، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم ، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم ، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم )
أخرجه ابن ماجه رحمه الله في سننه والطبراني رحمه الله في الأوسط و الحاكم رحمه الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع( ٧٩٧٨ ) من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
[[ خامسا ]]
إختلاف كيفية النصح للسلطان فالفرق الضالة المنحرفة فكريا مثل الاخوانية الخوارج و الملاحدة العلمانية تختلف بل تضاد سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن العظيم .. ففي مستنقعات الفكر الغربي الكافر تجد الفوضى العارمة وزعزعة الأمن وخلخلة الهدوء والاستقرار ونهب المحلات وانتهاك الأعراض وقتل الأنفس والطعن علانية في عرض السلاطين امام الجماهير والتي اكتظت بها ساحاتهم وشوارعهم بسبب نشاط اصحاب وسيلة النصح لديهم وهذا النصح - زعموا - يأخذ صور شتى مباحة عندهم منها :
المظاهرات
والاضطرابات
والاضرابات
والانقلابات العسكرية
والتنظيمات سرية
والمليشيات العسكرية
كل ذلك من أجل فرض رأيهم وإن كان رأيا فاسدا كاسدا مشؤما
فهذه الوسائل الالحادية العلمانية في عجرها وبجرها ومفاسدها ونتائجها السيئة تم نقلها كاملة مصداقا لقول الرسول صلى عليه وسلم: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ) فقد جرت فتوى الاخوانية بجوازها واباحة فعلها داخل نطاق الدول الإسلامية وتحديدا ضد الحكام المسلمين
فتشبهوا بملل الكفر و الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) وهو حديث صحيح.
وترتب على هذه الأمور المحدثة مفاسد عظيمة لا يعلم مدى خطورتها إلا الله سبحانه وتعالى
فخرجت الآلاف من بيوتها على الحاكم المسلم وتجرأت عليه الجماهير
ونيل من منزلته الشرعية واستحل دمه بغير مبرر شرعي
واصبحت دول بلا حاكم وكثرت الاضطرابات وقل الأمن ونهبت الأموال وانتهكت الأعراض واصبحت السبل مرتعا خصبا لقطاع الطريق من جماعات التكفير فلا حول ولا قوة الا بالله وهم مع هذا البلاء العظيم خالفوا سنة رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم في كيفية النصح للحاكم ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أراد أن ينصح السلطان فلا يبذل [ فلا يبدها ] له علانية، ولكن ليأخذ بيده، فيخلو به، فإن قبل منه ذلك، وإلا كان أدى الذي عليه ) .
رواه الإمام أحمد في مسنده( ١٥٣٦٩) والحاكم ( ٥٢٦٩) وصححه وابن أبي عاصم في السُنة ( ١٠٩٦) والبيهقي في السنن الكبرى ( ١٦٤٣٧) والطبراني في المعجم الكبير ١٧ / ٣٦٧ ) وصححه الألباني رحمه الله في ظلال الجنة تخريج كتاب السنة لابن ابي عاصم رحمه الله.
وفي الحديث :
اشتراطات ثلاث لتوجيه النصح لولي الامر:
( أولها )
فلا يبذلها له علانية( لا يبدها علانية ) :
وهذا نص صريح في منع اعلان الإنكار على ولي الأمر فهل نأخذ براي فلان أو فلان أو نأخذ بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم . فلا شك أن الواجب المتعين على كل مسلم أتباع ماجاء في كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يخالف في هذا إلا جاهل فيعلم أو ضال نسأل الله له الهداية أو أن يكفي الله المسلمين شره.
( الثاني )
يأخذ بيده :
بحيث لايكون حوله احد يسمع النصيحة ابعد عن الرياء وأبلغ في النصح وإغلاق لابواب الشر التي يتضمنها النصح علانية .
( الثالث )
وليخلوا به :
مثل الأول والثاني وأتى به للتأكيد على أهمية وجوب النصح سرا لما يترتب على العلن شرور عظيمة .
وقد رأيت مجموعة من رموز الخوارج الإخوانية يريدون تضعيف هذا الحديث هوى وليا لاعناق النصوص تبعا لتوجهات حزبهم و ليتسنى لهم جواز الطعن و [ النهيق ] علانية على ولاتهم .
قال الإمام الألباني رحمه الله في تعليقه على مختصر صحيح مسلم : "يعني: المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملإ، لأن في الإنكار جِهارًا ما يٌخشى عَاقِبَتُه، كما اتَّفق في الانكار على عثمان جِهارًا، إذ نشأَ عنه قتله".
يؤيد ذلك ما ذكره الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه
:" قيل لأسامة ابن زيد رضي الله عنه : لو أتيت فلانا -يعنون عثمان رضي الله عنه- فكلمته.
قال: ( إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أن أسمعكم، إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه ).
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدَّثَنَا أبو النضر: ثنا الحشرج بنُ نَبَاتة العِبْسِيُّ: حَدَّثَنا سعيدُ بنُ جُمْهانَ قال: أتَيتُ عبدَ اللهِ بنَ أبي أَوفى وهو مَحجوبُ البَصرِ، فسَلَّمتُ عليه، قال لي: مَن أنتَ؟ فقُلتُ: أنا سعيدُ بنُ جُمْهانَ، قال: فما فَعَلَ والدُكَ؟ قال: قُلتُ: قَتَلَتْه الأزارقةُ، قال: لَعَنَ اللهُ الأزارقةَ، لَعَنَ اللهُ الأزارقةَ، حَدَّثَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّهم كِلابُ النَّارِ، قال: قُلتُ: الأزارقةُ وَحدَهم أم الخَوارجُ كلُّها؟ قال: بلِ الخَوارجُ كلُّها، قال: قُلتُ: فإنَّ السُّلطانَ يَظلِمُ النَّاسَ، ويَفعَلُ بهم، قال: فتَناوَلَ يدي فغَمَزَها بيَدِه غَمزةً شَديدةً، ثُمَّ قال: ( وَيحَكَ يا ابنَ جُمْهانَ، عليك بالسَّوادِ الأعظمِ، عليك بالسَّوادِ الأعظمِ، إنْ كان السُّلطانُ يَسمَعُ منك، فأْتِه في بَيتِه، فأخبِرْه بما تَعلَمُ؛ فإنْ قَبِلَ منك، وإلَّا فدَعْه؛ فإنَّكَ لستَ بأعلمَ منه )رواه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده وحسنه الإمام الألباني رحمه الله في تخريجه لكتاب السنة لابن ابي عاصم رحمه الله.
قال الإمام ابن باز رحمه الله : " ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
أما إنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنا، وينكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب؛ لعموم الأدلة.
ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر من فعلها لا حاكما ولا غير حاكم ".[ من موقعه الرسمي رحمه الله ].
[[ الخاتمة : نسأل الله حسنها ]]
محاربة اي فكر ضال تجاه العقيدة الصحيحة يتضمن محاربة اي توجه منحرف ضد ولاة الأمر ..
فديننا الإسلام لا بد له من جماعة وهذه الجماعة لا بد لها من إمام يضبط أمورها وينظم شؤونها اذ الادلة الشرعية من نقلية وعقلية تدل على وجوب السمع والطاعة للسلطان بالمعروف لما يترتب على ذلك من جلب مصالح عظيمة ودرأ مفاسد كبيرة وابعاد شرور جسيمة يدرك ذلك العقلاء
و دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية قد شهد لها كبار علماء الإسلام بشرعيتها ونصرها للإسلام والمسلمين وقد نقلت كلام الأئمة الألباني وابن باز والعثيمين ومقبل الوادعي والنجمي وزيد المدخلي وربيع المدخلي ومحمد امان الجامي رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ونفعنا الله وإياكم بعلم الجميع قد ذكرته في احد رسائلنا الماضية وهاهو الإمام ابن باز رحمه الله يقول :
" هذه الدولة السعودية دولة مباركة نصر الله بها الحق، ونصر بها الدين، وجمع بها الكلمة، وقضى بها على أسباب الفساد وأمن الله بها البلاد، وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله، وليست معصومة، وليست كاملة، كلٌّ فيه نقص فالواجب التعاون معها على إكمال النقص، وعلى إزالة النقص، وعلى سد الخلل بالتناصح والتواصي بالحق والمكاتبة الصالحة، والزيارة الصالحة، لا بنشر الشر والكذب، ولا بنقل ما يقال من الباطل؛ بل يجب على من أراد الحق أن يبين الحق ويدعو إليه، وأن يسعى في إزالة النقص بالطرق السليمة وبالطرق الطيبة وبالتناصح والتواصي بالحق هكذا كان طريق المؤمنين وهكذا حكم الإسلام، وهكذا طريق من يريد الخير لهذه الأمة، أن يبين الخير والحق وأن يدعو إليه، وأن يتعاون مع ولاة الأمور في إزالة النقص، وإزالة الخلل، هكذا أوصى الله جل وعلا بقوله سبحانه: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }
ويقول سبحانه: { وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } فالدين النصيحة، الدين النصيحة، فمن أهم الواجبات التعاون مع ولاة الأمور في إظهار الحق، والدعوة إليه، وقمع الباطل والقضاء عليه وفي نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة بالطرق الشرعية "[ الموقع الرسمي للإمام ابن باز رحمه الله تعالى ]
فاللهم ارزقنا العمل النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .
•••••••••••••••••••
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني.