الخميس، 30 يونيو 2022

《 ما أسباب انتشار الأمور الشركية والعبادات البدعية ؟ او بصيغة : ما أسباب ابتعاد بعض الناس عن التوحيد[ الإخلاص ] والسنة[ الصواب] مع شرح لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( طوبى للغرباء) 》






الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فما أسباب انتشار الأمور الشركية والعبادات البدعية في كثير من البلاد الإسلامية ؟

او بصيغة أخرى نعيد السؤال :

  ما أسباب ابتعاد بعض الناس عن التوحيد[ الإخلاص ] والسنة[ الصواب] ؟

فالاجابة لأمور منها :

           (  أولا   )


قلة من يدعو إلى التوحيد والسنة فأهل هذا الاختصاص قلة وندرة  ... 


            (     ثانيا    ) 

كثرة الدعاة الجهلة في علم توحيد الله سبحانه وتعالى وفي علم  سنة رسوله صلى الله عليه وسلم مع كثرة دعاة الباطل من حزبيين وحركيين واتجاهات أخرى مشبوهة ساعدهم  على ذلك ....

                  (  ثالثا  )

وسائل الإعلام بأنواعه و ظهور مايعرف بالتواصل الاجتماعي

وانتشارها في يد من يجهل العلم الشرعي أو يجهل حال دعاة الباطل .

           (   رابعا   )

جهل الكثيرين بالعواقب الخطيرة في ترك الدعوة إلى التوحيد والسنة ففي ترك التوحيد انتشار الدعوات الشركية والبدع والأهواء 

وفي هذا خلل في أمور الدين 

يترتب عليه عقوبات دنيوية 

وفي ترك السنة  انتشار العبادات البدعية وكثرة الجماعات التكفيرية والتنظيمات الدموية وفي هذا خلل في الدين والدنيا كما هو مشاهد  .


         [[   شبهة وتفنيدها   ]]


قال احدهم موجها سؤاله إلينا وهذا السؤال من قائله  إما جهلا وإما عن فكر توجه حزبي : انتم تدعون إلى التوحيد والسنة...فلما لا نراكم تدعون إلى الصلاة ؟.


فالجواب عن هذه الشبهة بأمور منها  :

                [  أولا   ]

الدعوة إلى التوحيد والسنة هي دعوة إلى الصلاة . فالوازع الديني إلى الاهتمام بالصلاة هو معرفة التوحيد والسنة فحينما تعلم عظيم من عصيته وشدة جرم مخالفة ربك رجعت إلى الصلاة خاشعا اواها منيبا مخلصا واقمتها  بشروطها واركانها وواجباتها ومستحباتها وفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن لم يعرف عظمة الله باسمائه الحسنى وصفاته العلا هان عليه ترك الصلاة .

               [  ثانيا  ]


دعواكم وقولكم هذا فيه نظر فهي دعوى عارية عن الصحة فمن تمام توحيد الله سبحانه وتعالى الاتيان وجوبا ببقية الأركان..

فالركن الأول من أركان الإسلام هو [ التوحيد :  شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ] ولا بد من الاتيان ببقية الأركان اذ فيه كمال التوحيد وتمامه وفيه أتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. وليس هنا أعظم من يدعو إلى الصلاة وفق السنة من علماء السنة أتباع السلف الصالح وما عداهم فدعوته يشوبها البدعة والاهواء والشرك. 

              [    رابعا   ]

جميع العبادات بما فيها الصلاة قد يدخلها الشرك إما ابتداء وذلك في الصلاة لغير الله سبحانه وتعالى فهذا عين الشرك .

أو في الاثناء مثل من صلى لله سبحانه وتعالى فخالطها الرياء و السمعة. 

فلا يخلصك من ذلك ولا ينجيك من الله إلا توحيد الله: { أن الله لا يغفر أن يشرك بها ويغفر مادون ذلك لمن يشاء} .


              [  خامسا   ]

أنظر وصف الرسول صلى الله عليه وسلم للخوارج :( تحقر صلاتكم عند صلاتهم وصيامكم عند صيامهم ) 

فهل نفعهم ذلك  :

الجواب   : لا 

أنظر تكملة الحديث السابق وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ؛ لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد )

لأنهم خالفوا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم 

الذي قال : ( صلوا كما رأيتموني اصلي ) 

فلا بد من شرطين لصحة العبادة هما :

الإخلاص  وهو[    التوحيد    ] .

والصواب  وهو   [ أتباع السنة  ]  

فمعنى [ شهادة لا إله إلا الله ] 

 : أنَّه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله، فهو وحدَه سبحانه المستحقُّ بأنْ تصرفَ له جميعُ العباداتِ، وتكونَ خالصةً له دون سواه، قال تعالى وتقدس : {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } وتوحيد الله بربوبيته والوهيته واسمائه الحسنى وصفاته العلا وافراده بالعبادة ونبذ الشريك عنه سبحانه وتعالى فهو الإله المعبود بحق وغيره آلهات باطلة من صنع البشر وما سوى الله سبحانه وتعالى ف :{ أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار }..

واما  [ شهادة ان محمدا رسول الله ] 

فمعناها : طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع وهذا هو اتباع السنة في جميع عباداتك والا كانت حابطة لا تقبل عند الله .

وقد رأينا من يصلي صلاتنا الواردة في الكتاب والسنة فيصرفها لغير الله فيصرفها لصاحب ضريح أو لمشهد ثم يقرن ذلك بالدعاء الشركي .

وقد رأينا من يفعل ذلك السنة  ومعتقده جهمي معطل أو صوفي قبوري ....

وتنتظمهم خيط سبحة الاخوانية الخوارج. 

فعليكم عبادالله بالتوحيد والسنة ..

تعلما 

وتعليما

ودعوة الى الله سبحانه وتعالى 

بنهج سني سلفي 

وصبر على الأذى في الدعوة إلى التوحيد والسنة. 

وفي صحيح السنة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم  : 

( طوبى لِلْغُرَباءِ ، قيل : و مَنِ الغُرَباء يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ناسٌ صالِحُونَ قَلِيلٌ في ناسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أكثرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ )رواه الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما واخرجه الإمام أحمد رحمه الله في المسند وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة( ١٦١٩ ) .

ومعنى الحديث و"  التفسير الشرعي وهو الذي ينبغي الاعتماد عليه ؛ لأن الرسول - عليه السلام - قد فسَّره بنفسه حين قال في بعض الأحاديث الصحيحة : ( طوبى شجرة في الجنة يمشي الراكب تحت ظلِّها مئة عام لا يقطعها ) . ( طوبى شجرة يمشي الراكب تحتها ) أي : تحت ظلِّ أغصانها مئة عام لا يقطعها ، فهذه الشجرة هي للغرباء ، بشَّرَهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بهذه الشجرة الطَّيِّبة ، وفي اعتقادي كما أنه من المهمِّ أن نعرف ما لهؤلاء الغرباء يجب أن نعرف ، بل هذا أوجب بالمعرفة مَن هم هؤلاء الغرباء ؟ لأني أخشى أن يكون الأمر كما قال الشاعر :

" وكلٌّ يدَّعي وصلًا بليلى *** وليلى لا تقرُّ لهم بذاكَ "

قد يظنُّ بعض الناس أن الغرباء هم المتمسِّكون بدينهم مهما كان هذا الدين صحيحًا أو منحرفًا ، وقد وقد ، فلدفعِ مثل هذه القدقدة التي يُدندن حولها كثير من الناس في بحوثهم وأقوالهم تسأله سؤال ، بيقول لك : قد يكون كذا ، وقد يكون كذا ؛ فما أعطاك شيئًا مطلقًا بهذه القدقدة ، فخَلَاصًا منها أرى أنه من الأوجب أن نعرف هؤلاء الغرباء الذين بشَّرَهم سيد الأنبياء بأن لهم طوبى ، وقد قال - تعالى - : { طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } هي هذه الشجرة ؛ فمن هم هؤلاء الغرباء ؟

لقد جاء في وصفهم ثلاث روايات ، ولا تخالف بينها كما قد يظنُّ البعض ؛ لأنها معاني قد تلتقي في فردٍ أو أفراد وقد لا تلتقي ، الرواية الأولى تقول : قالوا : مَن هم يا رسول الله ؟ قال : ( هم ناسٌ قليلون صالحون بين ناسٍ كثيرين ، مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) . إذًا من صفة هؤلاء الغرباء وصفًا معنويًّا كأولئك الغرباء وصفًا مادِّيًّا حينما يُهاجر من بلده إلى بلد أخرى لا أحد يعرفه وهو منبوذ مِن بينهم مهجور ، كذلك الغريب الموصوف في هذا الحديث بصفة النَّبذ المعنوي قال : ( هم ناسٌ قليلون صالحون بين ناسٍ كثيرين ، مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) .

ولا شك أن الصلاح نوعان ، أحدهما فكري ، والآخر عمليٌّ وخلقيٌّ ، ولقد اعتاد الناس حتى الناس الطَّيِّبين الاهتمام بالناحية الثانية من الغربة وهو العمل الصالح والخلق الصالح ، لكن لا يفكِّرون أبدًا أنَّ الغرابة المُثْلى والتي صاحبُها أحقُّ بأن يكون له طوبى هو الغرابة في العقيدة ، ( مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) ، ( مَن يعصيهم ) في عقيدتهم ، وهي الأسُّ والأصل في الدعوة ، ثم في أخلاقهم ، ثم في أعمالهم ؛ فهم غرباء في كلِّ شيء في ذلك المجتمع ؛ ولذلك فهم يُخالَفون ويُعصَون ولا يطاعون ، هذا وصف في الرواية الأولى .

ولعله من المناسب أن يُذكر ههنا بأنَّ لأمثال هؤلاء الغرباء القليلون الصالحون الذين يعيشون في مجتمع كثير وكبير ، ( مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم لهم أجر خمسين شهيدًا ) ، فقد قال - عليه الصلاة والسلام - في بعض الأحاديث الصحيحة أنه يكون ناس غرباء في آخر الزمان لهم أجر خمسين ، قالوا : منَّا يا رسول الله أم منهم ؟ قال : ( لا ، منكم ) ؛ لهم أجر خمسين من شهداء صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وجاء تفسير ذلك في بعض الأحاديث ، وهذا التفسير كأني أشعر بأنه تفسير للقلَّة سبب القلَّة والكثرة ، قال : ( لأنَّكم تجدون على الحقِّ أنصارًا ، ولا يجدون على الحقِّ أنصارًا ) ، هذا منتهى الغربة"

[ كلمة للإمام الألباني رحمه الله عن معنى حديث : ( فطوبى للغرباء ) شريط رقم( ٢١٠ ) ]

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.


..........

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  :  غازي بن عوض العرماني  .

الأحد، 26 يونيو 2022

《 بعض جهود شيخنا غازي بن عوض العرماني في الدفاع عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم واصولها بما في ذلك [ أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف ] 》

بسم الله الرحمن الرحيم 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

 فقدأحببنا عرض  طريقة شيخنا غازي بن عوض العرماني على من نجد له جهودا مخلصة في مجتمعنا الغالي  وذلك في نشر السنة ومحبة لولاة أمرنا ووفاءمنا  ورد جزء يسير من جميل  ولاة أمرنا آل سعود حفظهم الله ورعاهم وذلك في الدفاع عن طريق قلم شيخنا  المتواضع عن ملوك وأمراء دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية وقد 

تمثلت طريقته حفظه الله في أمور منها :


                ( أولا  )

التأكيد على أهمية أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر مدللا على هذا في ذكر أدلة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة. 


             (  ثانيا )

محاربة الإرهاب وذلك في تفنيد الشبهات التكفيرية ودراسة أفكارهم الشاذة وبيان فسادها  والتحذير من رموز الجماعات المنحرفة مثل جماعة الإخوان الخوارج وغيرها من الفرق الضالةوالتنظيمات المشبوهة . 


[[  الآلية المستخدمة في إبراز طريقته هذه تتمثل في أمور منها ]]  :


             (   ١   )

التركيز على وجوب طاعة ولاة الأمر قربة وعبادة وذلك في 

القاء الدروس والمحاضرات والدعوة في الملتقيات العامة وفي خطب الجمعة .


               (   ٢    )


كثرة مؤلفات شيخنا بارك الله فيه وفيها مابين كتب ورسائل حتى وصلت اكثر من [ ٥٠٠ كتابا ورسالة] بفضل الله وحده ثم فضل ولاة أمرنا بارك الله فيهم واعز الله فيهم الإسلام ونصرهم على عدوهم .


               (   ٣   )


استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من وتسب و تويتر وفيسبوك وغيرها .


                (   ٤   )

استخدام القنوات التلفزيونية وقنوات اليوتيوب وقناة خاصة باسم الشيخ على اليوتيوب .


                (   ٥   )

استخدام الشبكة العنكبوتية[  النت  ] ففضيلته له مدونة وموقع .


واتقدم بالشكر للإخوة المحبين لولاة أمرنا آل سعود الذين شاركوا معنا في المساهمة في انشاء هذه الجهود المباركة .


كما أن عمل شيخنا وعملنا هذا المتواضع نحسبه ردا لجزءا يسير من فضل ولاة أمرنا 

وفضلهم علينا كبير يصعب 

الوفاء به كاملا .

فنحن بنعمة وأمن وأمان في ظل قيادة حكيمة رحيمة بعد فضل الله ورحمته فهم لنا نعمة من الله سبحانه وتعالى 

وكل ما سبق وفاء لجميل و فضائل ولاة أمرنا آل سعود حفظهم الله واياديهم البيضاء علينا وقد ثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من لم يشكر الناس لم يشكر الله ) .

ففضلهم - بعد فضل الله  -  علينا كبير  .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

الجمعة، 24 يونيو 2022

السؤال : اذا اراد المقيم أن يسافر فهل له أن يجمع بين فرضين كالجمع بين صلاة الظهر و العصر او بين المغرب والعشاء ؟

 


الجواب:

يجوز ان يجمع بين فرضي الصلاة كالجمع بين صلاة الظهر و العصر او بين المغرب والعشاء في هذه الحالة 

عملا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بالمَدِينَةِ، في غيرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ. قالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَسَأَلْتُ سَعِيدًا: لِمَ فَعَلَ ذلكَ؟ فَقالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كما سَأَلْتَنِي، فَقالَ: أَرَادَ أَنْ لا يُحْرِجَ أَحَدًا مِن أُمَّتِهِ " .

رواه مسلم رحمه الله .

وفي رواية :

" جمعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بينَ الظُّهرِ والعصرِ والمغربِ والعشاءِ بالمدينةِ من غيرِ خوفٍ ولا مطرٍ فقيلَ لابنِ عبَّاسٍ ما أرادَ إلى ذلِك قالَ أرادَ أن لا يحرجَ أمَّتَه "

رواه ابوداود رحمه الله في سننه وصححه الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود ( ١٢١١ ).وهذا اختيار أئمة السنة منهم الألباني وابن باز والعثيمين رحمهم الله تعالى .

[ رفع الاستار لإبطال أدلةالقائلين بفناء النار ]

كتاب نفيس جدا من تأليف الإمام الألباني رحمه الله وهو مقدمة لرسالة الأمير الصنعاني رحمه الله في الرد على الإمامين ابن تيميه وابن القيم رحمهما الله وناقشهما في مسألة القول ب[ فناء النار] وابطال ادلتهما  ولعله تبين للألباني رحمه الله أن هذا القول قال به ابن تيميه في بداية طلبه للعلم فتبعه تلميذه ابن القيم وانتصر له وأن لهما أقوال تفيد خلاف قولهم الأول  وكأنهما تراجعا عنه ..ثم ناقش ابن القيم رحمه الله في مسألة الوعد والوعيد في هذا

الكتاب النفيس ومن التقصير في حقه أن اتحدث عنه برسالةمختصرة  فلا بد لطالب العلم من الاطلاع على ذخائره العلمية.اخوكم :غازي بن عوض العرماني.

《 الـهـيـام 》



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  

أما بعد 

فإن الهيام لفظ معناه يدل على شدة الحب و تدل على الجنون في الحب والعشق .ومن ذلك هام على وجهه حبا في معشوقته   

و" وهام فلانُُ هُيَاماً: اشتدَّ عطشه وبفلانة هُيَاماً: شُغِفَ حبّاً بها فهو هائم "والهيام : داء يـصـيـب الابـل فـتـهـيـم لا تـرعـى.ويعالج أصحاب الإبل إذا أصيبت بهذا الداء بإطعام الناقة افعي.

وقيل : نـاقـة هـيـمـى اي عـطـشـى تشرب فلا تروى :{  فـشـاربـون شـرب الـهـيـم }.

والذي يظهر لنا انها من ألفاظ الصوفية وهو رتبة أعلى من العشق[ بين ذكر وأنثى وفيه معنى الايلاج بينهما ] .

ومثل ذلك العشق الإلهي وكل هذه اصطلاحات صوفيةمستوحاة من شطحات عقدية منحرفة .

فلا تطلق في حق الله سبحانه وتعالى او في حق رسوله صلى الله عليه وسلم لما فيها من الغلو .

متضمنة معاني مستهجنة في لغة العرب وليست من أساليب سلفنا الصالح في كلامهم والمبني على لغة العرب الفصحى وعلى ألفاظ الشرع المنزل.

فليتنبه لذلك.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

.......

كتبه :

غازي بن عوض العرماني

الثلاثاء، 21 يونيو 2022

《 أبشروا ياعباد الله فإن لنا رب يضحك [ وفي هذه الرسالة الحديث عن صفة الضحك لله سبحانه وتعالى الواردة الثابتة في سنة الرسول صلى الله عليه ] 》



        بسم الله الرحمن الرحيم 



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

 

أما بعد  

فقد ثبت في  الكتاب العزيز والسنة النبوية أن لربنا الله تعالى وتقدس أسماء حسنى وصفات علا  تدل على واسع رحمته وعظيم مغفرته  فهو الرحمن الرحيم الغفور الغفار الودود العفو التواب ؛ وثبت في الوحي :( أن رحمة الله سبقت غضبه ) ( والله يفرح بتوبة عبده .....  ) 

وثبتت صفة الضحك لله سبحانه في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث وصفة ضحك الله سبحانه وتعالى من الصفات الخبرية الفعلية الاختيارية القائمة بذات الله[ اغاظة ورد على المعتزلة لأنهم ينكرون صفات الله ]  المتعلقة بمشيئة سبحانه وتعالى وقدرته[ اغاظة وردا على الأشاعرة لأنهم ينكرون هاتين الصفتين]  فنثبت هذه الصفة على الوجه اللائق لله  سبحانه وتعالى ؛ فالمعنى معقول والكيف مجهول . وإثبات هذه الصفة يكون من غير تمثيل  ولا تعطيل ولا تحريف ولا تشبيه باطل ولاتأويل فاسد :{ ليس كمثله شى وهو السميع البصير } .

قَالَ الإمام مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الآجري رَحِمَهُ اللَّهُ في كتابه الشريعة ( ٢ / ١٠٥١ ) :

" اعْلَمُوا ، وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِلرَّشَادِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ :

أَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَصِفُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .وَهَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ ، مِمَّنِ اتَّبَعَ وَلَمْ يَبْتَدِعْ .وَلَا يُقَالُ فِيهِ: كَيْفَ؟ بَلِ التَّسْلِيمُ لَهُ , وَالْإِيمَانُ بِهِ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَضْحَكُ . كَذَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَنْ صَحَابَتِهِ . وَلَا يُنْكِرُ هَذَا إِلَا مَنْ لَا يُحْمَدُ حَالُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ .

وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ ، وَلَا قُوَّةَ إِلَا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ " .

انتهى كلامه رحمه الله .

ومن الأحاديث التي وردت في صفة الضحك لله تعالى ربنا وتقدس ما ثبت في صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 ( مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا ؟)

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلاَ يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلاَنِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ .فَلَمَّا أَصْبَحَ ، غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:

( ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فَعَالِكُمَا ؛ ) فأَنْزَلَ اللَّهُ : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ }

وفي صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله من حديث  أبي هريرة رضي الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :  ( يَضْحَكُ اللَّهُ لِرَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أحَدُهُما الآخَرَ كِلاهُما يَدْخُلُ الجَنَّةَ)، قالوا: كيفَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: ( يُقْتَلُ هذا فَيَلِجُ الجَنَّةَ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ علَى الآخَرِ، فَيَهْدِيهِ إلى الإسْلامِ، ثُمَّ يُجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ، فيُسْتَشْهَدُ ). 

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(  ثَلَاثَة يُحِبهُمْ الله ، ويضحك إِلَيْهِم ، ويستبشر بهم :

الَّذِي إِذا انكشفت فِئَة ، قَاتل وَرَاءَهَا بِنَفسِهِ لله عز وَجل ؛ فإمَّا أَن يُقتل ، وَإِمَّا أَن ينصره الله عز وَجل ، ويكفيه ؛ فَيَقُول : انْظُرُوا إِلَى عَبدِي هَذَا ، كَيفَ صَبر لي بِنَفسِهِ . وَالَّذِي لَهُ امْرَأَة حَسَنَة ، وفراش لين حسن ؛ فَيقوم من اللَّيْل ، فَيَقُول : يذر شَهْوَته ، ويذكرني ، وَلَو شَاءَ رقد . وَالَّذِي إِذا كَانَ فِي سفر ، وَكَانَ مَعَه ركب ، فسهروا ، ثمَّ هجعوا ؛ فَقَامَ من السحر ، فِي ضراء وسراء ) رواه الطبراني رحمه الله في الكبير والبيهقي رحمه الله في الأسماء والصفات والحاكم رحمه الله في المستدرك ومال إلى تحسينه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة(٣٤٧٨ )

وفي حديث آخر في قصة الرجل الذي ورد في السنة انه  آخر من يدخل الجنة وقد اكتفينا بذكر الشاهد من الحديث  وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أَيْ رَبِّ، لاَ أَكُونَنَّ أَشْقَى خَلْقِكَ .فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْهُ .فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ، قَالَ لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ ). رواه البخاري ومسلم رحمهما الله. ومن الادلة حديث أَبِي رَزِينٍ رضي الله عنه  قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ ) قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ يَضْحَكُ الرَّبُّ، قَالَ: ( نَعَمْ ) ، قُلْتُ: لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا .وفي رواية عَنْ عَائِشَةَ بنت الصديق رضي الله عنهما  قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَضْحَكُ مِنْ إِيَاسَةِ الْعِبَادِ وَقُنُوطِهِمْ ، وَقُرْبِهِ مِنْهُمْ ) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَوَ يَضْحَكُ رَبُّنَا؟ قَالَ: (أَيْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّهُ لَيَضْحَكُ) ، قَالَ: فَقُلْتُ إِذًا لَا يَعْدِمُنَا مِنْهُ خَيْرًا إِذَا ضَحِكَ " .

رواه احمد رحمه الله في المسند  وابن ماجه رحمه الله  في سننه والطبراني رحمه الله في المعجم الكبير وابن خزيمة رحمه الله في التوحيد وعبدالرزاق الصنعاني رحمه الله  في مصنفه  والحاكم رحمه الله في المستدرك  وعبد الله بن أحمد رحمه الله في  زوائد المسند وحسنه ابن تيميه رحمه الله في مجموع الفتاوى( ٣ / ١٩٣ ) وابن القيم رحمه الله رحمه الله في زاد المعاد ( ٣ /٥٩١ ) و مال بل وانتصر الى صحة هذا الحديث حيث قال رحمه الله: " هَذَا حَدِيثٌ كَبِيرٌ جَلِيلٌ ، تُنَادِي جَلَالَتُهُ وَفَخَامَتُهُ وَعَظَمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ ، لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني ، وَرَوَاهُ أَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي كُتُبِهِمْ ، وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ ، وَقَابَلُوهُ بِالتَّسْلِيمِ وَالِانْقِيَادِ ، وَلَمْ يَطْعَنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِيهِ ، وَلَا فِي أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ.وَقَالَ ابن منده : رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّنْعَانِيُّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعِرَاقِ بِمَجْمَعِ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ الدِّينِ : جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ ، وأبو حاتم ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يُتَكَلَّمْ فِي إِسْنَادِهِ ، بَلْ رَوَوْهُ عَلَى سَبِيلِ الْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ ، وَلَا يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا جَاحِدٌ أَوْ جَاهِلٌ أَوْ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ " . انتهى كلامه رحمه الله. وحسنه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة  ( ٢٨١٠ ) .

ومما أيدني في المضي قدما في الكتابة في هذا الموضوع بعد توفيق الله وفضله ورحمته امران هما :

أولا: 

بيان أهمية  صفة الضحك لله سبحانه وتعالى .

ثانيا :

 قول الصحابي الجليل رضي الله عنه: [  يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَوَ يَضْحَكُ رَبُّنَا؟ ].

قَالَ: (أَيْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّهُ لَيَضْحَكُ) ، قَالَ: [ فَقُلْتُ إِذًا لَا يَعْدِمُنَا مِنْهُ خَيْرًا إِذَا ضَحِكَ ]. وفي رواية : [  يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ يَضْحَكُ الرَّبُّ ] ، قَالَ: ( نَعَمْ ) ، قُلْتُ: [ لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ ].وفي حاشية السندي رحمه الله    شرح سنن ابن ماجه رحمه(  ١ / ٧٨ ) يقول السندي رحمه الله :

" الْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى يَضْحَكُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَأْيُوسًا مِنَ الْخَيْرِ بِأَدْنَى شَرٍّ وَقَعَ عَلَيْهِ ، مَعَ قُرْبِ تَغْيِيرِهِ تَعَالَى الْحَالَ مِنْ شَرٍّ إِلَى خَيْرٍ وَمِنْ مَرَضٍ إِلَى عَافِيَةٍ وَمِنْ بَلَاءٍ وَمِحْنَةٍ إِلَى سُرُورٍ وَفَرْحَةٍ " "وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُ سُبْحَانَهُ فِي خَلْقِهِ أَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ الْيُسْرَ مَعَ الْعُسْرِ، وَأَنَّ الشِّدَّةَ لَا تَدُومُ ، فَإِذَا انضمَّ إِلَى ذَلِكَ قُوَّةُ الْتِجَاءٍ وَطَمَعٍ فِي فَضْلِ اللَّهِ ، وَتَضَرُّعٌ إِلَيْهِ ودعاء ؛ فتح اللهم عَلَيْهِمْ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ مَا لَا يَخْطُرُ عَلَى الْبَالِ "[ شرح خليل هراس رحمه الله لكتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله(  ١٧١ ) ].

وفقنا الله وإياكم إلى ما يحبه الله ويرضاه ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة ؛ اللَّهمَّ مالِكَ الملْكِ تُؤتي الملكَ من تشاءُ وتنزِعُ الملكَ ممَّن تشاءُ وتُعِزُّ من تشاءُ وتُذِلُّ من تشاءُ بيدِك الخيرُ إنَّك على كلِّ شيءٍ قديرٌ رحمنَ الدُّنيا والآخرةِ ورحيمَهما تعطيهما من تشاءُ وتمنعُ منهما من تشاءُ ارحَمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ من سواك ..اللَّهُمَّ اكْفِني بحلالِك عن حرامِك، وأغْنِني بفَضْلِك عمَّن سِواك...اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل ومن غلبة الدين وقهر الرجال .. اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شئ فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ وأنت الآخر فليس بعدك شئ وأنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ اقض عنا الدين وأغننا من الفقر  ...اللهم إني عبدُك ، وابنُ عبدِك وابنُ أمتِك ، ناصيتي بيدِك ، ماضٍ فيّ حكمُك ، عدلٌ فيّ قضاؤُك ، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك ، سميتَ به نفسَك ، أو علمته أحدًا من خلقِك ، أو استأثرت به في علمِ الغيبِ عندك أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ، ونورَ صدري ، وجلاءَ حزني ، وذهابَ همي وغمي ...

 والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  .

""""""""""""""""""""""""""""""

كتب هذه الرسالة  :  غازي بن عوض العرماني كان الله في عونه وعفا عنه وغفر له ورحمه  .

الاثنين، 20 يونيو 2022

《 كتاب تعبير الرؤيا ويتضمن : ما سبب التحدث في الرؤى والكتابة فيها ؟ ما تعريفها ؟ وماانواعها ؟ ومن يقوم بتعبيرها وتأويلها وأصحاب الاختصاص فيها ؟ ما أهميتها ؟ ما آدابها ؟ وما ضوابطها ؟ 》




      بسم الله الرحمن الرحيم 



    [[        المقدمة        ]]


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} أما بعد: 

فيقول الرسول  ﷺ :  ( ذهبت النبوة وبقيت المبشرات ) سئل عن المبشرات؟ قال:( هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له) فالرؤى من المبشرات  بالخير ،  وهي تسر المؤمن و لا تضعفه عن عمل صالح ، فلا يزال مجدًا في العمل الصالح، يقول الرسول ﷺ : ( إذا اقترب الزمان - يعني إذا قرب أمر الآخرة أمر الساعة-  لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدق الناس حديثًا أصدقهم رؤيا، والرؤيا جزء من ست وأربعين جزءًا من النبوة ) فهذا يدل على أن الرؤيا الصالحة لها شأن عظيم وأنها جزء من ست وأربعين جزءًا من النبوة، وأنها لا تكاد تكذب في آخر الزمان إذا رآها المؤمن الصدوق، فينبغي للمؤمن أن يتحرى الصدق في كل شيء، وأن يتحرى الاستقامة في أعماله كلها لأنه كلما استقام في دينه كانت الرؤيا أقرب إلى الصدق، فعلى حسب صدقه في يقظته واستقامته في يقظته وصلاحه تكون رؤياه، ويقول ﷺ:(  من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ) الشيطان لا يتمثل في صورته عليه الصلاة والسلام، لا قد يدعي أنه رآه وهو ما رأى صورته ولا رآه في صورته فيكون هذا من تسويل الشيطان ومن ألاعيب الشيطان، قد يراه في صورة شيخ كبير هرم، قد يراه في صورة شباب، وليس هو النبي عليه الصلاة والسلام، إنما يراه في صورة مربوع القامة أجمل الناس ليس في لحيته إلا شعيرات قليلة من الشيب، أما إذا رآه هرمًا شيخًا كبيرًا أو شابًا أو ما أشبه ذلك مما يخالف صورته فلم يره، وإنما يكون قد رآه إذا رآه في صورته، و لو قدر أنه رآه لا يكون سعيدًا برؤيته إلا إذا عمل بطاعة الله واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم  وفق هدي سلفنا الصالح ولو رآه مع مخالفة الشرع فلا ينفعه ذلك فقد رآه جم غفير من الناس وهو حي عليه الصلاة والسلام وماتوا على الكفر والضلال كالذين قاتلهم الصديق رضي الله عنه وغيرهم كثير فالرؤيا التي ليس معها عمل لا تنفع حتى في اليقظة، و في حياته ﷺ رآه جم غفير من الكفرة ومن المنافقين ومن أصحاب مسيلمة الكذاب ومن أصحاب الأسود العنسي ولم ينتفعوا بالرؤيا لعدم إيمانهم، فالرؤيا إنما تنفع المؤمن الصادق المستقيم، نسأل الله السلامة.لكن لا ينبغي للإنسان أن يعتمد عليها بل يجتهد في العمل الصالح والاستقامة"،[ مستفاد من كلام الإمام ابن باز رحمه الله بتصرف من موقعه الرسمي رحمه الله].



 [[ الفصل الأول  :  ما أسباب التحدث في الرؤى و الكتابة عن موضوعها  ]]


لأسباب أهمها   :

  [   أولا    ]

بيان ان الرؤى هي فتوى كما  سنذكر في ثنايا رسالتنا هذه وبين ذلك  بإدلة من الكتاب والسنة  .

فأغلب من رأيت ممن  يقوم بتاويل الرؤى وتفسير وتعبيرها ممن ليسوا من أهل العلم الشرعي . واذا كان عندهم علم في الشرع وفي علوم الآلة فعنده انحراف فكري في توحيد الله سبحانه  وتعالى  او انحراف في فهم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مع عدم موافقتهم أو اتباعهم  لهدي السلف الصالح وهذا غالب أعم  .


  [    ثانيا    ]

بما ان الفتاوى لها أهل يرجع إليهم فيها امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى  : { فأسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } 

وقلنا ان الرؤى من الفتاوى التي لابد أن يقوم بتعبيرها عالم من العلماء ويقوم بتفسيرها وفق أصول علمية وقواعد شرعية يستحضر فيها إدلة الكتاب والسنة وليست متاحة لأي مدع فيقول فيها بما شاء كيف شاء بلا علم ولاهدى ولا كتاب منير .


  [    ثالثا    ]

رأيت بعض العوام وانصاف المتعلمين اتخذوها حرفة أو وظيفة يتكسبون من ورائها  

  لجمع الأموال وصرف أنظار الناس إليهم ساعدهم على ذلك

...

 [    رابعا    ]

 ان الناس في هذه البلاد المبارك يؤمنون بالله سبحانه وتعالى ويؤمنون برسوله  عليه الصلاة والسلام فهم مسلمون فحينما يسمعون الآيات الكريمة وأحاديث السنة  النبوية في الرؤى وفضلها مع ما يرونه من منامات ورؤى شخصية فياملون الوصول إلى من يقوم بتعبيرها ولو كان جاهلا أو صاحب هدف دنيوي يسعى إليه من حظوظ الدنيا واطماعها ..مع عاطفة عاصفة من قبل أكثر النساء تجاه احلامهن ومحاولة السعي في تعبيرها أو تحقيقها.


 [   خامسا   ]

بعض من يدعي تعبير الرؤى  يستدرج من يريد تعبير رؤياه إلى أمور شركية مثل استخدام السحر أو إلى فساد خلقي 

اعاذنا الله وإياكم من ذلك وكفى الله المسلمين شرهم .


  [   سادسا  ]

تعبير الرؤى من قبل هؤلاء الجهلة بخلاف ما عليه أصول علم الرؤيا وقواعده يؤدي إلى أمور فيها شر على صاحب الرؤيا وقد ثبت في السنة :(  الرؤيا على جناح طائر مالم تعبر  ) ويتبع ما سبق ...


  [    سابعا     ] 

 تمكين الاجهزة الإعلامية بأنواعها ووسائل التواصل الاجتماعي  إلى وضع  ركن يقوم به من نصب نفسه من هؤلاء الجهلة  بتعبير الرؤى التي تعرض عليهم فيقومون بتفسيرها أمام الملأ 

وقد تكون حلما وليست رؤيا فيفسرها حسب هواه بعيدا عن العلم واصوله وضوابطه وقواعده ويتبع هذا أنه ليس من الأدب عرض الرؤى ام الملأ بل من الخطورة  فقد يسبقه المشاهد اوالسامع  إلى تفسيرها بغير علم مع جهله وقد يكون عدوا لصاحب الرؤيا وقد ثبت في السنة : ( الرؤيا على جناح طائر مالم تعبر فإذا عبرت وقعت ) 

والرسول صلى الله عليه وسلم حينما يطلب من الصحابة رضي الله عنهم قص رؤياهم وذلك لعلمه  بعدم تقدمهم بين يديه صلى الله عليه وسلم في تفسير الرؤى إلا بعد إذنه مع ماهم فيه  من منزلة عالية في العلم والادب ورحمة الخلق لهذا انبه إلى عظيم خطورة عرض الرؤى على بعض الجهلة أمام الملأ .

" فليحذر العاقل من ذكر الرؤيا لكل أحد، وليحذر أيضًا أن يقص رؤياه على غير ذي رأي عالم بالتأويل. والأولى بالعاقل أن يكتم ما يراه في منامه من المكروه ولا يذكره لأحد من الناس ولو كان أقرب قريب إليه. وأما ما يراه من الحسن الذي يعجبه فإنه يذكره لمن يحبه "

وسيأتي ذكر آداب الرؤى في موضعه إن شاء الله.



    [[  الفصل الثاني  : ما هي الرؤى ؟ وما هو تعريفها  ؟ وما انواعها  ]]  


قبل أن ندخل في تعريف الرؤى يستحسن  معرفة أنواع الرؤيا استدلالا بما ثبت في السنة وذلك لأن لكل نوع تعريف يختص به  و يختلف عن النوع الآخر وهذا التقسيم يدل عليه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم 

فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم  :  ( الرؤيا الصالحة من الله، والحلُم من الشيطان ) رواه البخاري ومسلم رحمهما الله. 

وقوله صلى الله عليه وسلم  :

(الرُّؤْيا ثَلاثَةٌ: فَرُؤْيا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، ورُؤْيا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطانِ، ورُؤْيا ممَّا يُحَدِّثُ المَرْءُ نَفْسَهُ ) رواه البخاري ومسلم رحمهما الله

فعلى هذا يكون تعريف الرؤى والأحلام بناء على معرفة كل نوع من انواعها فتكون على هذا النحو :  

النوع الأول:

 [ الرؤيا الصالحة ] :

هي ما يراه النائم أثناء نومه فيها بشرى وخير وسرور لمن رآها .

النوع الثاني: 

[ حلم من الشيطان ] :

هي الأحلام التي فيها ما يحزن ويسوء من رآها .

النوع الثالث :

[ أضغاث الأحلام ]:

 و هي ما يحدث المرء نفسه . .



[[ الفصل الثالث  :  من الذي يقوم بتعبير الرؤى وتأويلها ومن هم أهلها و أصحاب الشأن والاختصاص ]]


  فاالجواب على السؤال  :

 ان من يقوم بتعبير الرؤى وتأويلها وتفسيرها هم أهلها وأهل الشأن و الاختصاص فيها وهم الرسل والأنبياء  عليهم الصلاة والسلام  واتباعهم من وراث علم الكتاب والسنة وفق هدي وفهم سلف الأمة الصالح وليست مرتعا خصبا لكل جاهل 

 فعندما تريد أن تعرف من هم أهل  تعبير الرؤيا ؟

وما هي صفاتهم ؟

لا بد من النظر الى أمور منها :


 [        أولا       ] 

أدلة الكتاب والسنة  تذكر الرؤى على أنها فتوى  أنظر قول الله تعالى وتقدس  :{ افتوني في رؤياي }

ووجه الاستدلال بها من وجوه أهمها: 


         الوجه الأول:

في قوله تعالى: { افتوني}

والرؤى كما ترى فتوى والفتوى خاصة بأهل العلم فلا يقوم جاهل بالافتاء .

والفتوى علم والله عز وجل يقول وقوله الحق :{ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }

والعلم لايؤخذ من الجهلة  وقد حذر  الرسول صلى الله عليه وسلم من سؤال الجهلة في قوله صلى الله عليه وسلم: ( 

إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا ) رواه البخاري ومسلم رحمهما الله من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما 

 

           الوجه الثاني:

ذكر أهل التفسير أن ملك مصر "جمع الكهنة والحزاة وكبراء دولته وأمراءه وقص عليهم ما رأى ، وسألهم عن تأويلها ، فلم يعرفوا ذلك "،

فدل على أن للرؤيا أهل هم الرسل و الأنبياء  عليهم الصلاة والسلام ويتبعهم ورثتهم من أهل العلم السني السلفي فلا يتعدى على هذا المقام الرفيع إلا متجاوز حده ظالم مبير جاهل  .


  [     ثانيا   ]

وردت الرؤى في كلام الله سبحانه وتعالى مبشرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومحذرة مثل قوله سبحانه وتعالى: { إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}

:{ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ }

{ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ }


    [    ثالثا   ]

في بشارة الله سبحانه وتعالى  لإبراهيم الخليل عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام في قوله تعالى  : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ  فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ  قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ  إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ  وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ }


    [   رابعا   ] 

قال تعالى وتقدس عن يوسف عليه الصلاةوالسلام انه قال :{ 

إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }

وقال تعالى وتقدس: 

{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }

فالشاهد قوله تعالى وتقدس: { وعلمتني من تأويل الاحاديث} 

اي تعبير الرؤى كما قال أهل العلم بالتفسير .

 فانظر رحمنا الله وإياكم إلى قول يوسف عليه الصلاة والسلام: { وعلمتني.  }

فقظ ذكر آلاء الله وانعامه عليه وما تفضل فيه عليه من علم ومن ذلك تأويل الرؤى فدل على عظيم شانها وعلو شأن من قام بتعبيرها من الرسل عليهم الصلاة والسلام واتباعهم من ورثتهم .

فالحذر من تأويل الرؤى على كل مبغض وجاهل وسيأتي مزيد إيضاح في آداب الرؤى إن شاء الله  .


[[   الفصل الرابع  :  ما أهمية الرؤى      ]]



تكمن أهمية الرؤى في أمور نجملها فيما يلي  :


    [   أولا   ]


تحدثنا سابقا عن من يقوم بتأويل الرؤى وأنهم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام واتباعهم من أهل العلم والحلم والحكمة والفقه فدل على جلالة قدرها وعظيم منزلتها وقد "  سئل مالك رحمه الله تعالى أيفسر الرؤيا كل أحد ؟ قال : أبالنبوة يلعب قيل : له أيفسرها على الخير ، وهي عنده على الشر لقول من يقول : الرؤيا على ما أولت فقال : الرؤيا جزء من أجزاء النبوة أفيتلاعب بأمر النبوة ". [الجامع لابن ابي زيد القيرواني(  ٢٦٠ - ٢٦١ ) 

والتمهيد (  ١ / ٢٨٨ ) فتح الباري ( ١٢ / ٣٦٣ )]

و الرؤى جرت على الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ووقعت رؤياهم حقا ولأهميتها كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابه رضي الله عنهم عن من رأى رؤيا ليعبرها له  لما فيها من الخير والبشارة لكل مسلم . 


    [    ثانيا     ]

ان الرؤى تقع في دين الإسلام بمنزلة عظيمة فهي جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة روى الامام البخاري رحمه الله من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، والإمام مسلم رحمه الله  من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ) .

وفي رواية : ( إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيا المُؤْمِنِ، ورُؤْيا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِن سِتَّةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وما كانَ مِنَ النُّبُوَّةِ فإنَّه لا يَكْذِبُ)

علما بأنه لا يؤخذ منها حكما شرعيا . 


   [    ثالثا     ]

فيها بشارة للمؤمن وإدخال السرور عليه .


   [   رابعا    ]

 قد يؤدي تعبيرها بغير علم إلى مفاسد عظيمة وشرور جسيمة على الصاحب الرؤيا وما رؤيا أصحاب حادثة الحرم المكي وماوقع من جريمة نكراء عنا ببعيد  . 

فليتنبه لذلك .


[[  الفصل الخامس :   من ابجديات علم الرؤى وآدابها وضوابط تعبيرها    ]]


من ذلك :


   [   أولا    ]

التفريق بين الرؤيا الصالحة والحلم وهذا لايعرفها إلا أهل العلم بالسنة فتأول وتعبر  وتفسر رؤيا الرحمن ويهمل حلم الشيطان مع آداب سنذكرها حينما يأتيه حلم الشيطان

وضابط رؤياء الرحمن رؤية ما يسره ويدخل الفرح والبشاشة والسرور عليه .

وضابط حلم الشيطان : 

ما يكدر الخاطر و يحزنه وفيه إساءة له .



    [   ثانيا    ]

لا يجوز الكذب في الرؤيا 

عملا بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ) رواه البخاري رحمه الله 

 وعن وَاثِلَةَ بْن الْأَسْقَعِ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ ، أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ) رواه البخاري رحمه الله .


     [   ثالثا   ] 

لا تقصص رؤياك على كل أحد فقد يكون عدوا أو جاهلا فيعبرها تعبيرا خاطئا فيه إضرار بصاحب الرؤيا 

فيجب أن يكون معبر الرؤيا عالما أو مودا حبيبا  لمن يريد قص رؤياه عليه عملا بقول

بما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( وَكانَ يقولُ لاَ تُقصُّ الرُّؤيا إلاَّ على عالمٍ أو ناصحٍ )وقول الرسول صلى الله عليه وسلم  : ( الرُّؤْيا على رِجْلِ طائرٍ، ما لمْ تُعَبَّرْ، فإذا عُبِّرَتْ سقَطتْ، ولا يَقُصُّها إلَّا على حَبيبٍ، أو لَبيبٍ، أو ذِي مَوَدَّةٍ ).

وفي رواية :( رؤيا المؤمِنِ جزءٌ مِنْ أربعينَ جُزْءًا مِنَ النبوَةِ ، وَهِيَ علَى رِجْلٍ طائِرٍ ، ما لم يُحَدِّثْ بِها ، فإذا تَحَدَّثَ بِها سقَطَتْ ، ولا تُحَدِّثْ بها إلَّا لبيبًا ، أوْ حبيبًا )

رواه الصحابي الجليل أبو رزين لقيط بن عامر العقيلي رضي الله عنه واخرجه أحمد وابوداود والترمذي وابن ماجه رحمهم الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع( ٣٤٥٦ ).

واللبيب هو العاقل والذي يجمع العقل والحكمة والعلم هم أهل العلم والفضل ولخطورة الرؤى وعظيم منزلتها أن لا تذكر الرؤى إلا عالم مود محب لك فقد لا يفرق بعضهم بين رؤى الرحمن وحلم الشيطان لجهله فيقصها على المعبر فإذا كان المعبر جاهلا فهنا مكمن الخطورة وإذا كان عالما فقد افلح صاحب الرؤيا وذلك ان العالم حينما يقص عليه الرؤيا يعرف نوعها 

وهل هي رؤيا خير أو حلم شر  فيعبرها على موضع الخير لهذا قال الرسول صلى الله عليه : ( الرؤيا على جناح طائر مالم تعبر فإذا عبرت وقعت ) 

فقوله صلى الله عليه وسلم: ( على جناح طائر ) 

 يعني انها  مُعلَّقةٌ لا قَرارَ لها  فلا تَقَعُ ولا تَتحقَّقُ.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ( فإذا عبرت وقعت ) وفي رواية :( ما لم يُحدِّثْ بها فإذا 

تَحدَّثَ بها سَقَطَتْ ) اي وقعت وتحققت بناء على تعبير المعبر لها فآمل الانتباه لهذا الأمر. 

في ذكره تعالى لقصة يوسف عليه  الصلاة والسلام وحواره مع والده يعقوب عليه الصلاة والسلام عن رؤياه التي قصصه على والده يقول الله سبحانه وتعالى: 

{ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة: 

" ومن هذا يؤخذ الأمر بكتمان النعمة حتى توجد وتظهر ، كما ورد في حديث : " استعينوا على قضاء الحوائج بكتمانها ، فإن كل ذي نعمة محسود "انتهى كلامه رحمه الله. 

وفي السلسلة الصحيحة ( ١ / ١٨٦ ) ذكر الإمام الألباني رحمه الله فائدة ننقلها قال رحمه الله : " ( على رجل طائر ) أي أنها لا تستقر ما لم تعبر . كما قال الطحاوي و الخطابي

و غيرهما . و الحديث صريح بأن الرؤيا تقع على مثل ما تعبر ، و لذلك أرشدنا رسول الله

صلى الله عليه وسلم إلى أن لا نقصها إلا على ناصح أو عالم ، لأن المفروض فيهما

أن يختارا أحسن المعاني في تأويلها فتقع على وفق ذلك ، لكن مما لا ريب فيه أن

ذلك مقيد بما إذا كان التعبير مما تحتمله الرؤيا و لو على وجه ، و ليس خطأ محضا

و إلا فلا تأثير له حينئذ و الله أعلم .

و قد أشار إلى هذا المعنى الإمام البخاري في " كتاب التعبير " من " صحيحه "

بقوله ( ٤ / ٣٦٢ ) :

" باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب " .

ثم ساق حديث الرجل الذي رأى في المنام ظلة و عبرها أبو بكر الصديق ثم قال :

فأخبرني يا رسول الله - بأبي أنت - أصبت أم أخطأت ، قال النبي صلى الله عليه

وسلم : " أصبت بعضا ، و أخطأت بعضا " ......" انتهى كلامه رحمه الله .

وفي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( ١٢ / ٤٣٢ )في :

( قوله باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب )

قال الإمام ابن حجر رحمه الله  : 

 " وعند سعيد بن منصور بسند صحيح عن عطاء كان يقال الرؤيا على ما أولت وعند الدارمي بسند حسن عن سليمان بن يسار عن عائشة قالت كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر يختلف يعني في التجارة فأتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت ان زوجي غائب وتركني حاملا فرأيت في المنام أن سارية بيتي انكسرت وأني ولدت غلاما أعور فقال خير يرجع زوجك إن شاء الله صالحا وتلدين غلاما برا فذكرت ذلك ثلاثا فجاءت ورسول الله صلى الله عليه و سلم غائب فسألتها فأخبرتني بالمنام فقلت لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك وتلدين غلاما فاجرا فقعدت تبكي فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال مه يا عائشة إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على خير فان الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها وعند سعيد بن منصور من مرسل عطاء بن أبي رباح قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت إني رأيت كأن جائز بيتي انكسر وكان زوجها غائبا فقال رد الله عليك زوجك فرجع سالما الحديث ولكن فيه أن أبا بكر أو عمر هو الذي عبر لها الرؤيا الأخيرة وليس فيه الخبر الأخير المرفوع فأشار البخاري إلى تخصيص ذلك بما إذا كان العابر مصيبا في تعبيره وأخذه من قوله صلى الله عليه و سلم لأبي بكر في حديث الباب أصبت بعضا وأخطأت بعضا فإنه يؤخذ منه أن الذي أخطأ فيه لو بينه له لكان الذي بينه له هو التعبير الصحيح ولا عبرة بالتعبير الأول قال أبو عبيد وغيره معنى قوله الرؤيا لأول عابر إذا كان العابر الأول عالما فعبر فأصاب وجه التعبير وإلا فهي لمن أصاب بعده إذ ليس المدار إلا على إصابة الصواب في تعبير المنام ليتوصل بذلك إلى مراد الله فيما ضربه من المثل فإذا أصاب فلا ينبغي أن يسأل غيره وان لم يصب فليسأل الثاني وعليه أن يخبر بما عنده ويبين ما جهل الأول قلت وهذا التأويل لا يساعده حديث أبي رزين ان الرؤيا إذا عبرت وقعت إلا أن يدعى تخصيص عبرت بان عابرها يكون عالما مصيبا فيعكر عليه قوله في الرؤيا المكروهة ولا يحدث بها أحدا فقد تقدم في حكمة هذا النهي أنه ربما فسرها تفسيرا مكروها على ظاهرها مع احتمال أن تكون محبوبة في الباطن فتقع على ما فسر ويمكن الجواب بأن ذلك يتعلق بالرائي فله إذا قصها على أحد ففسرها له على المكروه أن يبادر فيسال غيره ممن يصيب فلا يتحتم وقوع الأول بل ويقع تأويل من أصاب فان قصر الرائي فلم يسأل الثاني وقعت على ما فسر الأول " انتهى كلامه رحمه الله. 



  [    رابعا    ] 


ذكرنا في رسالتنا هذه أن الرؤى فتوى والفتوى تؤخذ من أهل العلم ومن آداب المفتي أن لا يجيب عن أي سؤال فمن لم يحسن لا أدري فقد أصيبت مقاتله وكان الصحابة رضي الله عنهم اجمعين يتدافعون الفتيا 

ومن أشهر مقالات السلف الصالح  : " اجرأكم على الفتيا أجرأكم على النار " فلذا لا يتساهل كل معبر في تعبير كل ما يعرض له من رؤى   .

ولا يكثر تعبيرها .

فلينتبه لهذا الأمر. 



   [     خامسا    ] 


من رأى حلما ازعجه فعليه باتباع السنة فقد " ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاثًا وليستعذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاثًا ثم لينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحدًا ) هكذا السنة، وفي لفظ آخر يقول ﷺ: ( إذا رأى أحدكم ما يحب فليحمد الله وليحدث بذلك من يحب، وإذا رأى ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات ثم لينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحدًا)  فهذا يا أخي هو السنة. نعم ".[ من كلام الإمام ابن باز رحمه الله من موقعه الرسمي رحمه الله] .


[[  الخاتمة  :  نسأل الله حسنها   ]]


قال الحافظ ابن قتيبة الدينوري رحمه الله في مقدمة كتابه الرؤيا  :

 " كل عالم بفن من العلوم، يستغني بآلة ذلك العلم لعلمه، خلا عابر الرؤيا: فانه يحتاج إلى أن يكون عالماً بكتاب الله عز وجل وبحديث الرسول ﷺ. ليتعبرهما في التأويل.

وبأمثال العرب، والأبيات النادرة، واشتقاق اللغة، والألفاظ المبتذلة عند العوام، وأن يكون مع ذلك أديباً لطيفاً ذكياً، عارفاُ بهيئات الناس وشمائلهم وأقدارهم وأحوالهم، عالماً بالقياس حافظاً، ولن تغنى عنه معرفة الأصول، إلا أن يمده الله بتوفيق، يسدد حكمه للحق، ولسانه للثواب، وأن يحضره الله تعالى تسديده، حتى يكون طيب الطعمة، نقياً من الفواحش، طاهراً من الذنوب، فإذا كان كذلك، أفرغ الله عليه من التوفيق ذَنوباً، فجعل له من مواريث الأنبياء نصيباً " .انتهى كلامه رحمه الله .

وقد كتبت هذا الرسالة نصيحة مشفق لكل مسلم وذلك في بيان منزلة علم الرؤى وعظيم شأنها وعلو منزلتها وخطورة عرض المنامات والرؤى  على الجهلة وانصاف المتعلمين ..وقد يكون دجالا من الدجاجلة .  

فعلى كل مسلم:

أن يحرص  على تأويل الرؤى التي رآها ورأى  فيها خيرا والتي هي رؤى الرحمن على أهل العلم المحبين الناصحين المودين له   وان يجتنب من عرضها على كل من قلة بضاعته في علم الكتاب والسنة مع مخالفته الواضحة لهدي السلف الصالح  و قد يأتي بمحاذير شرعية في تاويله للرؤى ومن ذلك استخدامه السحر والشعوذة وادعاء علم الغيب الذي استاثر لله بعلمه ف"علم الغيب إلى الله عز وجل  وليس عند الرسول ﷺ ولا غيره شيء من علم الغيب، فهو مختص بالله عز وجل ، كما قال الله عز وجل : { قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} . وقوله عز وجل  لنبيه ﷺ في سورة الأعراف: { قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ويقول عز وجل : { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } فالغيب عند الله عز وجل ومختص به عز وجل ، يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، يعلم ما يكون في الآخرة وما في الجنة والنار "والمقصود أن علم الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل ، وما أوحاه الله إلى الرسل هو من علم الغيب الذي أطلعهم عليه عز وجل  في حياتهم، وهم أطلعوا الناس عليه وعلموه للناس، وقد صح عن رسول الله أنه قال: ( يذاد أناس عن حوضي يوم القيامة، فأقول: يا رب أمتي ) وفي لفظ يقول: ( أصحابي أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول: سحقًا سحقًا لمن بدل بعدي) رواه مسلم رحمه الله .

فبين ﷺ أنه لا يعلم ما أحدث الناس بعده، وفي لفظ آخر: ( يذاد أناس عن حوضي فأقول: يا رب أمتي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال عيسى ابن مريم: { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }. رواه البخاري رحمه الله "انتهى المقصود  من كلام الإمام ابن باز رحمه الله بتصرف يسير .[ مجموع فتاوى ومقالات للإمام ابن باز  ( ٢٨ / ٣٢٦ )].

 والحذر أيها الإخوة الكرام من النتائج العكسية المضرة لمن عرض رؤياه على غير أصحابها من أهل العلم 

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  .

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني . 

السبت، 18 يونيو 2022

《 من أصول اعتقاد أهل الإسلام المتفق عليها ومن اصول السنة العظيمة وجوب السمع والطاعة للسلطان بالمعروف فمن أنكر هذا الأصل فقد خالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وشذ عن إجماع المسلمين 》



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فإن تعظيم السلطان بالمعروف من تعظيم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم 

وذلك ان من اصول عقيدة أهل الإسلام العظيمة  المتفق عليها ومن أصول السنة    :  [  تعظيم أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف  ] .

وذلك لإتيان الامر بتعظيمهم بالمعروف في الكتاب والسنة وعليها هدي السلف الصالح واجماعهم ؛ فالأحسان إلى السلطان بالقول والفعل أصل عظيم وأدب رفيع ثبت في نصوص الوحيين ففي كلام الله سبحانه  وتعالى المنزل غير مخلوق وذلك حينما ارسل موسى وهارون  - عليهما وعلى رسولنا الصلاة والسلام - إلى فرعون  قال تعالى وتقدس لهما  :  { فقولا له قولا لينا } 

وفرعون الذي ظلم نفسه فجعلها في موضع الربوبية وهو عبد لله سبحانه وتعالى  فقال  :  { انا ربكم الأعلى } . تعالى الله علوا كبيرا .

وقال تعالى وتقدس في موضع آخر من كلامه المنزه المنزل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ }.

وبهذا مضت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث الصحيحة الآمرة بالسمع والطاعة بالمعروف للامراء في ما احب العبد أو كره  و في المنشط والمكره وفي اثرة عليه ؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (  السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ، ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) . وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال :( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ، في منشطنا ومكرهنا ، وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا ، وألا ننازع الأمر أهله . قال :  إلا أن تروا كفرا بواحا ، عندكم فيه من الله برهان  ).

و عن أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (  اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)  . رواه البخاري رحمه الله .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع ، وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف ) . رواه مسلم رحمه الله. 

وعن أم الحصين رضي الله عنها : أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول : ( ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله ، اسمعوا له وأطيعوا ). رواه مسلم رحمه الله  وفي لفظ له :  ( عبدا حبشيا مجدوعا ).

عن أبي هريرة رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  ( سيليكم بعدي ولاة ، فيليكم البر ببره ، ويليكم الفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق ، وصلوا وراءهم ، فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساؤوا فلكم وعليهم  ).وما سبق استفدناه من الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره للأية السابقة .

 وروى ابن جرير الطبري رحمه الله  في تفسيره لهذه الآية الكريمة  والطبراني رحمه الله في المعجم الأوسط ( ٦٣١٠)  والدارقطني رحمه الله ( ٢ / ٥٥ ). 

وعن أبي هريرة  رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وسيكون خلفاء فيكثرون ) . قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا ؟ قال : ( أوفوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم )

وفي صحيح مسلم رحمه الله عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال : دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - جالس في ظل الكعبة ، والناس حوله مجتمعون عليه ، فأتيتهم فجلست إليه فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ، ومنا من ينتضل ، ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها ، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها ، وتجيء فتن يرفق بعضها بعضا ، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه هذه ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ) . قال : فدنوت منه فقلت : أنشدك بالله أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال : سمعته أذناي ووعاه قلبي ..

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (  من خلع يدا من طاعة ، لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) . رواه مسلم رحمه الله .

وفي الحديث الصحيح المتفق عليه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصا أميري فقد عصاني ) .

والأحاديث بهذا المعنى وتعزيزه وتعظيمه متوافرة متواترة .

واجماع سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين والتابعين رحمهم الله على وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف عملا بالكتاب والسنة وأما ماجرى من عبدالله بن الزبير رضي الله عنه وعن والده ووالدته وعن الصحابة أجمعين فقد  انعقدت البيعة ودانت الناس بطاعته   فكان هو ولي الأمر وبغي عليه وانعقدت ولاية الامر إلى من بعده بالغلبة والقهر بعد استشهاده رضي الله عنه[ والغلبة والقهر  من    احد طرق انعقاد ولاية الامر لولي الامر في دين الإسلام ] ...

وأما الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن والده ووالدته والصحابة أجمعين فقد خرج من المدينة النبوية الى الكوفة ولم ينوي أو يأمر بالخروج على ولي الأمر وقد نصحه جمع كبير من الصحابة رضي الله عنهم بعدم الخروج من المدينة و هذا مبسوط ومدون في كتب السير والتاريخ وذكر ذلك جمع من كبار علماء الإسلام منهم ابن تيميه رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى وقد بسطنا هذا الكلام في ردنا على المدعو عبدالعزيز الطريفي في كشف تلبيساته على الجهلة  وفي رسالتنا التي فيها الرد على المذكور  جرى تفنيد شبهات كثير من الخوارج الإخوانية وكشف زيغ أهل  التكفير واستحلال دماء المسلمين فنسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون رسالتنا خالصة صوابا متقبلة وإن يكفي الله المسلمين شر هؤلاء الضلال. 


《 لماذا تكرر  منا  الدفاع عن ولاة الأمر 》


يتساءل بعضهم ممن يجهل سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أو  قد يكون فيه نوع تأثر في أفكار الخوارج  عن سبب كثرة دفاعنا عن ولي الأمر بالمعروف  تمثل ذلك في كتب ورسائل قمنا بتاليفها بهذا الخصوص بفضل الله ورحمته وقد يشطح أحدهم فكريا لحاجة في نفسه او نصرة لمذهبه الحزبي فيتجه إلى إساءة الظن بنا وأننا قد نسعى لأمور دنيوية او حظوظ النفس وشهوات الدنيا  فنقول : أن نعمة الأمن والأمان والاستقرار نعمة نغبط عليها حينما تشاهد الفتن في الدول التي حولنا واقول ذلك حقيقة وفي واقع مشاهد محسوس وملموس   فحتى كتابة هذه الأسطر  يعيش من حولنا في قلاقل ومحن وإحن وفتن وقتل ومقتول واقول لهم :

أليست هذه الأمور محن عظيمة وفتن جسيمة نشكر الله ربنا على ان حمانا منها  ثم الشكر موصول إلى  من جعله الله سببا في حفظ نعمة الأمن والأمان وهم ولاة أمرنا فقد ثبت في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  ( لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ)  رواه أحمد وأبو داود رحمهم الله والبخاري رحمه الله في الأدب المفرد و صححه  الألباني رحمه الله .

وولي أمرنا هو مقام الوالد وذلك  في نظره في شؤن من تحت يده ورعايتهم وجلب ما يصلح لهم  ودفع ما يضرهم ونحن  نعيش في رغد عيش ورخاء فلله الحمد والمنة .

ومن عظيم أعمال ولاة الأمر في دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية تعليم التوحيد والسنة فلهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في معرفتنا ودراستنا   دين الإسلام بالادلة وتعلمنا  التوحيد والسنة .. ويشاهد  الاعتناء في أشرف الأماكن واطهرها واقدسها وذلك في  عنايتهم الفائقة في بيت الله الحرام في مكة المكرمة وفي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية وغير ذلك من أماكن ومشاعر مقدسة

وبناء الجوامع والمساجد والعناية بها وبمن قام بشؤونها  وحرصهم على تنظيم الحج والعمرة والحج احد أركان الإسلام الخمسة وجرى خدمتهم له بيسر وسهولة وأمن واطمئنان ولو ذهبنا نعدد فضائلهم الحميدة ومزاياهم العديدة وحمايتهم للعقيدة لطال بنا الزمان ...

فالمملكة العربية السعودية اشبه بالقارة مترامية الأطراف وقد بسط الله عليها الأمن والأمان بفضل الله ورحمته وحده ثم فضل ولاة أمرنا آل سعود 

يضاف إلى ما سبق :

لعل أهم ما يجعلنا نهتم في الدفاع  عن ولاة أمرنا ظهور تيارات فكرية منحرفة  تحاول تعصف بالشباب المسلم ومسخه فكريا وتشويهه عقديا  وتجعله منكرا للعقيدة الصحيحة للمسلم والتي تربى عليها المسلم جيل بعد جيل والتي بنيت على أدلة الكتاب والسنة وإجماع أهل الإسلام ويريد رموز هذه الاتجاهات المنحرفة والتيارات الفاسدة والتوجهات الشاذة أن  يسئ الشباب المسلم الظن بحكامه وولاة أمره ...

وفي رسالتنا هذه  حاولت إبراز أهم أسباب  الكتابة بهذا الشأن   فوجدتها أمورا عظيمة يجدر بنا ايضاحها وبيانها فمن أهمها     



                [[     أولا       ]]


الحرص على العمل بالكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة الصالح واظهار هذا المعتقد الصحيح للنشء المسلم فكتابتنا جزء يسير من عظيم حقوق السلطان المسلم والتي أتت في أدلة  دين الإسلام  الواردة في كلام الله سبحانه وتعالى وفي كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك في بيان حقوق السلطان ولزوم طاعته  ووجوب السمع له بالمعروف فعملنا هذا نحتسبه عند الله ديانة وقربة ..


             [[      ثانيا       ]]


 " معلوم ما يحصل من ولي الأمر المسلم  من الخير والهدى والمنفعة العظيمة من إقامة الحدود، ونصر الحق، ونصر المظلوم وحل المشاكل، وإقامة الحدود، والقصاص والعناية بأسباب الأمن والأخذ على يد السفيه والظالم، إلى غير هذا من المصالح العظيمة، وليس الحاكم معصوما إنما العصمة للرسل عليهم الصلاة والسلام فيما يبلغون عن الله عليهم الصلاة والسلام، لكن الواجب التعاون مع ولاة الأمور في الخير والنصيحة فيما قد يقع من الشر والنقص، هكذا فهم المؤمنون، وهكذا أمر الرسول ﷺ أمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور، والنصيحة لهم، كما قال رسول الله ﷺ : ( إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ) الحديث، ويقول عليه الصلاة والسلام: ( الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة قالوا: يا رسول الله لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم).

 وقال عليه الصلاة والسلام: ( من ولي عليه والٍ فرآه يأت شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة ).

 ولما سئل عن ولاة الأمر الذين لا يؤدون ما عليهم قال ﷺ:(  أدوا الحق الذي عليكم لهم، وسلوا الله الذي لكم).

 فكيف إذا كان ولاة الأمور حريصين على إقامة الحق، وإقامة العدل، ونصر المظلوم، وردع الظالم، والحرص على استتباب الأمن، وعلى حفظ نفوس المسلمين ودينهم وأموالهم وأعراضهم، فيجب التعاون معهم على الخير وعلى ترك الشر ويجب الحرص على التناصح والتواصي بالحق حتى يقل الشر ويكثر الخير "[ من كلام الإمام ابن باز رحمه الله من موقعه الرسمي رحمه الله].


            [[       ثالثا      ]]

المطلع على وسائل الإعلام بأنواعها يشاهد انتشار مد الفكر الخارجي ممثلا بجماعة الإخوان 

وذلك في كثرة دعاتها ومنظريها مع كثرة من يغتر بهم من شباب الإسلام"  لاظهارهم ألفاظ شرعية جواء خالية من معانيها الشريفة مثل :

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 و الجهاد وكلمة حق عند سلطان جائر 

و إعادة الخلافة الإسلامية

 و نصر المظلوم

 واطعام الجائع 

والدندنة حوال المساواة المالية بين أفراد الشعب يضاهئون بدعوتهم الدعوة الشيوعية الاشتراكية وهم يظهرون خلاف مايبطنون ...

فظاهرهم اعلان شعائر الإسلام 

وباطنهم محاربته ومضادة السنة وأهلها والتحالف مع المجوس الرافضة والملاحدة 

وغيرهم من فرق ضالة .

ساعدهم في نشر زباله فكرهم 

أن الإعلام العالمي ووسائل التواصل الاجتماعي تأتي  للمتلقي الجاهل وتوصله المعلومة الضالة المغرضة في عقر داره سواء في غرفته  في داخل بيته  مع انتشار الجهل المدقع بالتوحيد والسنة وأحكام الشرع وتعاليم الإسلام   .



              [[      رابعا     ]]


الاختلاط الفكري بين الملل الضالة وخاصة مع الملاحدة من ماركسيين شيوعيين و علمانية وليبرالية وديمقراطية فهذا الاختلاط  قلل من اهمية الارتباط الديني بتعاليم عقيدة الإسلام واضعفت أصول السنة في قلوب كثير من العباد وأيدتها توجهات فكرية تتبنى ظاهرا الإسلام مثل فكر جماعة الإخوان الخوارج وتركيزهم على تهميش أصول السنة بما في ذلك [ أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف ] ومحاولة توهينه أما بنشر احاديث ضعيفة وموضوعة في تأييد توجههم  أو نشر افكار التيارات الغربية والتي لا تقيم لولاة الامر منزلة بل تحاول ازاحتهم والاطاحة بهم وهذا الأمر قد ياخذ صورا ظالمة شتى  منها :

             (   ١   )


ادعاء الحرية الفكرية في الطعن بالدين أو بالسلاطين  .


              (  ٢  )

أو محاولة التمهيد لما يسمى بالحكومة الدستورية او الملكية أو الأميرية الدستورية لسحب وتهميش وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف واضعاف منزلة وهيبة الملوك والامراء في قلوب رعيتهم .


            (   ٣   )

ونشر كثير من الأفكار والتيارات والتوجهات  التي تضعف منزلة هؤلاء الحكام ..


               (    ٤    )

اثارة الشبه والشكوك حول دين الإسلام واحكامه واصوله بما فيها أصل وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف. 


وهذه التصرفات التي يبثونها  محرمة شرعا لأمور منها: 


               (   أولا   )

مخالفة هذه الأفكار والتيارات والفرق والمذاهب واصحابها من منظرين ورموز  لدين الإسلام 

ومصادمتهم لادلة الكتاب والسنة واجماع المسلمين .

فهم يحاولون القضاء على دين الإسلام لكن الله ينصر دينه ويعلي كلمته : { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }.


            (  ثانيا  )

الديمقراطية والعلمانية والليبرالية والشيوعية والتي هي من زبالة الفكر البشري الفاسد   لا تصلح اساسا في بلاد الإسلام او غيرها من بلدان العالم  وذلك لمخالفتها لدين الاسلام واصوله وقيمه وعادات أهل الإسلام واخلاقهم وسلوكهم ومصادمتها للفطرة البشرية السليمة .

مع مضادتها لطبيعة التكوين  الاجتماعي للبشر المبني على الترابط المكون من أسرة أو  قبيلة او فخذ اومدينة نشأت على فطر سليمة  في الغالب

 فالديمقراطية والعلمانية نشأت في مجتمع غالبه لا يعرف الرباط المقدس بين الزوجين بل في مجتمع توالد غالب افراده عن طريق الزنى والسفاح ..

 فأظهر هؤلاء الضلال الملاحدة طقوس أقوام سابقة ارسل الله إليهم رجزه وعذابه عليهم مثل قوم لوط واتيانهم المنكر في ناديهم فهاهم اليوم يطالبون بما يخالف الطبيعة البشرية ويؤيد الشذوذ الجنسي والانحلال الخلقي والأمراض الروحية وانتشار الادواء النفسية فكثر الانتحار وانتشر وقلت بل انعدمت  الأخلاق القويمة فظهرت أخلاق تنكرها الجاهلية الأولى   فالاولون الاقدمون مع كفرهم  أطهر وأشرف منهم  فحياة هؤلاء الذين يطالبون بالتقدمية والتطور إنما هي حياة بهيمية حيوانية :  

{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا }

" أي : أسوأ حالا من الأنعام السارحة ، فإن تلك تعقل ما خلقت له ، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له ، وهم يعبدون غيره ويشركون به ، مع قيام الحجة عليهم ، وإرسال الرسل إليهم "[ من تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله لهذه الآيةالكريمة].

فظهرت دعوة المساواة المثلية 

ومساواة الرجل بالانثى مع مخالفة الرجل للأنثى 

:{ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ }

وذلك لاختلاف الخلق  - بضم الخاء المعملة الفوقية - الباطن والخلق - بفتح الخاء المعملة الفوقية-  الظاهر والتكوين مع عورتها  وضعفها وما يعتريها من الحيض والنفاس .

وانتشرت فيروسات وميكروبات 

مسببة لأمراض فتاكة لم تكن معروفة سابقا مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم  : (  يا مَعْشَرَ المهاجرينَ ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ : لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا ، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم ، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا ، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم ، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم ، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم )

أخرجه ابن ماجه رحمه الله في سننه والطبراني رحمه الله في الأوسط و الحاكم رحمه الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع( ٧٩٧٨ ) من حديث الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.



       [[         خامسا       ]]

إختلاف كيفية النصح للسلطان فالفرق الضالة المنحرفة فكريا مثل  الاخوانية الخوارج و الملاحدة العلمانية تختلف بل تضاد سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن العظيم .. ففي مستنقعات الفكر الغربي الكافر تجد الفوضى العارمة وزعزعة الأمن وخلخلة الهدوء والاستقرار  ونهب المحلات وانتهاك الأعراض وقتل الأنفس والطعن علانية في عرض السلاطين امام الجماهير والتي اكتظت بها ساحاتهم وشوارعهم بسبب نشاط اصحاب وسيلة النصح لديهم وهذا النصح - زعموا - يأخذ صور شتى مباحة عندهم منها :

المظاهرات 

والاضطرابات 

والاضرابات 

والانقلابات العسكرية 

والتنظيمات  سرية 

والمليشيات العسكرية

 كل ذلك من أجل فرض رأيهم وإن كان رأيا فاسدا كاسدا مشؤما

فهذه الوسائل الالحادية العلمانية في عجرها وبجرها ومفاسدها ونتائجها السيئة تم نقلها كاملة مصداقا لقول الرسول صلى عليه وسلم:  ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ) فقد جرت فتوى الاخوانية بجوازها واباحة فعلها  داخل نطاق الدول الإسلامية وتحديدا ضد الحكام المسلمين  

فتشبهوا بملل الكفر و الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) وهو حديث صحيح. 

وترتب على هذه الأمور المحدثة مفاسد عظيمة لا يعلم مدى خطورتها إلا الله سبحانه وتعالى 

فخرجت الآلاف من بيوتها على الحاكم المسلم وتجرأت عليه الجماهير 

ونيل من منزلته الشرعية واستحل دمه بغير مبرر شرعي 

واصبحت دول بلا حاكم وكثرت الاضطرابات وقل الأمن ونهبت الأموال وانتهكت الأعراض واصبحت السبل مرتعا خصبا لقطاع الطريق من جماعات التكفير فلا حول ولا قوة الا بالله  وهم مع هذا البلاء العظيم خالفوا سنة رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم في كيفية النصح للحاكم ومن ذلك قوله  صلى الله عليه وسلم :  ( من أراد أن ينصح السلطان فلا يبذل [ فلا يبدها ] له علانية، ولكن ليأخذ بيده، فيخلو به، فإن قبل منه ذلك، وإلا كان أدى الذي عليه ) .

رواه الإمام أحمد في مسنده( ١٥٣٦٩) والحاكم ( ٥٢٦٩) وصححه وابن أبي عاصم في السُنة ( ١٠٩٦)  والبيهقي في السنن الكبرى ( ١٦٤٣٧)  والطبراني في المعجم الكبير ١٧ / ٣٦٧ ) وصححه الألباني رحمه الله في ظلال الجنة تخريج كتاب السنة لابن ابي عاصم رحمه الله.

وفي الحديث :

اشتراطات ثلاث لتوجيه النصح لولي الامر:

                 (  أولها  )


فلا يبذلها له علانية( لا يبدها علانية )  :

 وهذا نص صريح في منع اعلان الإنكار على ولي الأمر فهل نأخذ براي فلان أو فلان أو نأخذ بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم  . فلا شك أن الواجب المتعين على كل مسلم أتباع ماجاء في كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يخالف في هذا إلا جاهل فيعلم أو ضال نسأل الله له الهداية أو أن يكفي الله المسلمين شره.


           (    الثاني  )

يأخذ بيده : 

بحيث لايكون حوله احد يسمع النصيحة ابعد عن الرياء وأبلغ في النصح وإغلاق لابواب الشر  التي يتضمنها النصح علانية .


                  (  الثالث ) 

وليخلوا به : 

مثل الأول والثاني   وأتى به للتأكيد على أهمية وجوب النصح سرا لما يترتب على العلن شرور عظيمة .

وقد رأيت مجموعة من رموز الخوارج الإخوانية يريدون تضعيف هذا الحديث هوى وليا لاعناق النصوص تبعا لتوجهات حزبهم و ليتسنى لهم جواز الطعن و [ النهيق ] علانية على ولاتهم .

قال الإمام الألباني رحمه الله  في تعليقه على مختصر صحيح مسلم : "يعني: المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملإ، لأن في الإنكار جِهارًا ما يٌخشى عَاقِبَتُه، كما اتَّفق في الانكار على عثمان جِهارًا، إذ نشأَ عنه قتله". 

يؤيد ذلك ما ذكره الإمام  البخاري رحمه الله في صحيحه 

:" قيل لأسامة ابن زيد رضي الله عنه : لو أتيت فلانا -يعنون عثمان رضي الله عنه- فكلمته.

قال: ( إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أن أسمعكم، إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه ).

قال الإمام أحمد رحمه الله: حدَّثَنَا أبو النضر: ثنا الحشرج بنُ نَبَاتة العِبْسِيُّ: حَدَّثَنا سعيدُ بنُ جُمْهانَ قال: أتَيتُ عبدَ اللهِ بنَ أبي أَوفى وهو مَحجوبُ البَصرِ، فسَلَّمتُ عليه، قال لي: مَن أنتَ؟ فقُلتُ: أنا سعيدُ بنُ جُمْهانَ، قال: فما فَعَلَ والدُكَ؟ قال: قُلتُ: قَتَلَتْه الأزارقةُ، قال: لَعَنَ اللهُ الأزارقةَ، لَعَنَ اللهُ الأزارقةَ، حَدَّثَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّهم كِلابُ النَّارِ، قال: قُلتُ: الأزارقةُ وَحدَهم أم الخَوارجُ كلُّها؟ قال: بلِ الخَوارجُ كلُّها، قال: قُلتُ: فإنَّ السُّلطانَ يَظلِمُ النَّاسَ، ويَفعَلُ بهم، قال: فتَناوَلَ يدي فغَمَزَها بيَدِه غَمزةً شَديدةً، ثُمَّ قال: ( وَيحَكَ يا ابنَ جُمْهانَ، عليك بالسَّوادِ الأعظمِ، عليك بالسَّوادِ الأعظمِ، إنْ كان السُّلطانُ يَسمَعُ منك، فأْتِه في بَيتِه، فأخبِرْه بما تَعلَمُ؛ فإنْ قَبِلَ منك، وإلَّا فدَعْه؛ فإنَّكَ لستَ بأعلمَ منه )رواه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده وحسنه الإمام الألباني رحمه الله في تخريجه لكتاب السنة لابن ابي عاصم رحمه الله.

قال الإمام  ابن باز رحمه الله : " ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.

أما إنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنا، وينكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب؛ لعموم الأدلة.

ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر من فعلها لا حاكما ولا غير حاكم ".[ من موقعه الرسمي رحمه الله ].


 [[ الخاتمة : نسأل الله حسنها  ]]


محاربة اي فكر ضال تجاه العقيدة الصحيحة يتضمن محاربة اي توجه منحرف ضد ولاة الأمر  ..

فديننا الإسلام لا بد له من جماعة وهذه الجماعة لا بد لها من إمام  يضبط أمورها وينظم شؤونها اذ الادلة الشرعية من نقلية وعقلية تدل على وجوب السمع والطاعة للسلطان بالمعروف لما يترتب على ذلك من جلب مصالح عظيمة ودرأ مفاسد كبيرة وابعاد شرور جسيمة يدرك ذلك العقلاء

و دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية قد شهد لها كبار علماء الإسلام بشرعيتها ونصرها للإسلام والمسلمين وقد نقلت كلام الأئمة الألباني وابن باز والعثيمين ومقبل الوادعي والنجمي وزيد المدخلي وربيع المدخلي ومحمد امان الجامي رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ونفعنا الله وإياكم بعلم الجميع قد ذكرته في احد رسائلنا الماضية وهاهو الإمام ابن باز رحمه الله يقول :

 " هذه الدولة السعودية دولة مباركة نصر الله بها الحق، ونصر بها الدين، وجمع بها الكلمة، وقضى بها على أسباب الفساد وأمن الله بها البلاد، وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله، وليست معصومة، وليست كاملة، كلٌّ فيه نقص فالواجب التعاون معها على إكمال النقص، وعلى إزالة النقص، وعلى سد الخلل بالتناصح والتواصي بالحق والمكاتبة الصالحة، والزيارة الصالحة، لا بنشر الشر والكذب، ولا بنقل ما يقال من الباطل؛ بل يجب على من أراد الحق أن يبين الحق ويدعو إليه، وأن يسعى في إزالة النقص بالطرق السليمة وبالطرق الطيبة وبالتناصح والتواصي بالحق هكذا كان طريق المؤمنين وهكذا حكم الإسلام، وهكذا طريق من يريد الخير لهذه الأمة، أن يبين الخير والحق وأن يدعو إليه، وأن يتعاون مع ولاة الأمور في إزالة النقص، وإزالة الخلل، هكذا أوصى الله جل وعلا بقوله سبحانه: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }

 ويقول سبحانه: { وَالْعَصْرِ  إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ  إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }  فالدين النصيحة، الدين النصيحة، فمن أهم الواجبات التعاون مع ولاة الأمور في إظهار الحق، والدعوة إليه، وقمع الباطل والقضاء عليه وفي نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة بالطرق الشرعية "[ الموقع الرسمي للإمام ابن باز رحمه الله تعالى ]

فاللهم ارزقنا العمل النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

•••••••••••••••••••

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني.

الخميس، 16 يونيو 2022

《 شرح الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله الشارح لهذه الرسالة : غازي بن عوض العرماني 》



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرسالة التدمرية 

 : " فالكلامُ في بابِ التوحيدِ والصِّفاتِ هوَ منْ بابِ الخبَرِ الدائرِ بينَ النفيِ والإثباتِ، والكلامُ في الشرْعِ والقدَرِ هوَ منْ بابِ الطَّلَبِ والإرادةِ الدائرِ بينَ الإرادةِ والْمَحَبَّةِ، وبينَ الكَرَاهَةِ والبُغْضِ، نَفْيًا وإِثباتًا " .



       [[      الشرح        ]]


شرح العبارة الأولى بتوفيق الله واتكالا عليه نقول : 

[ فالكلامُ في بابِ التوحيدِ والصِّفاتِ هوَ منْ بابِ الخبَرِ الدائرِ بينَ النفيِ والإثباتِ ]


التوحيد هنا عام  فيشمل توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية 

ويشمل كذلك توحيد الأسماء والصفات 

وهذا أتى في الكتاب والسنة وأخبر الله سبحانه وتعالى  عن التوحيد باقسامه الثلاثة في كلامه تعالى ربنا وتقدس وأخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم  ...

واي خبر يحتمل الصدق أو الكذب فأما أن يقابل الخبر بالتصديق أو بالتكذيب  

ومااتى في كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فمنزه عن الكذب 

:  { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } 

قال الإمام البغوي رحمه الله: 

"قوله عز وجل : { وتمت كلمة ربك } قرأ أهل الكوفة ويعقوب " كلمة " على التوحيد ، وقرأ الآخرون { كلمات } بالجمع ، وأراد بالكلمات أمره ونهيه ووعده ووعيده ، { صدقا وعدلا }  أي : صدقا في الوعد والوعيد ، وعدلا في الأمر والنهي ، قال قتادة ومقاتل : صادقا فيما وعد وعدلا فيما حكم ، { لا مبدل لكلماته }

قال ابن عباس : لا راد لقضائه ولا مغير لحكمه ولا خلف لوعده ، {وهو السميع العليم}قيل : أراد بالكلمات القرآن لا مبدل له ، لا يزيد فيه المفترون ولا ينقصون " .انتهى كلامه رحمه الله. 

فالواجب على العباد 

الإيمان والتسليم والرضى والتصديق  ..


ويضاف إلى التصديق بأخبار الله سبحانه وتعالى :

طاعة أمر الله بتوحيده ونبذ الشريك عنه .

فأعظم أمر  أمر الله به هو توحيده سبحانه وتعالى 

وأعظم نهي نهى الله سبحانه وتعالى عنه هو الشرك بالله سبحانه وتعالى .

فالتوحيد يتضمن أعظم الأوامر 

والنواهي ..

فمن لم يطع اعظم أمر أمر  الله وهو توحيده فهو كافر لعدم اتيانه بالأمر العظيم وهو توحيد الله سبحانه وتعالى. 

ومن لم يطع الله في اجتناب أعظم نهي نهى الله عنه سبحانه وتعالى وهو الشرك  فهو مشرك كافر لا ينفعه عمل صالح ولا قول نافع ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا....

 { وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِۦ شَيْـًٔا ۖ}

 { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }

{قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }

 {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}

{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}

{ إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا}

والآيات في بيان توحيد الله ونصره ونشره وتقريره متواترة مستفيضة بل القرآن الكريم والسنة النبوية وإرسال الرسل من أجل بيان هذا التوحيد وأن يعبد الله وحده سبحانه وتعالى وينفى عنه الشريك 

يدل على هذا 

عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الأخرى ونصها :[ والكلامُ في الشرْعِ والقدَرِ هوَ منْ بابِ الطَّلَبِ والإرادةِ الدائرِ بينَ الإرادةِ والْمَحَبَّةِ، وبينَ 

الكَرَاهَةِ والبُغْضِ، نَفْيًا وإِثباتًا ] 

فقوله : [ الكلام في الشرع ] وهذا من توحيد الالوهية. 

وقوله : [ .... والقدر  ] 

و أبن تيميه رحمه الله أراد  ب[ الشرع ] هنا ما شرعه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم اوشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية وهو الدين كاملا 

وهو مااتى في الشرع ومن أعظم ماامر الله به في شرعه هو الأمر بتوحيد الله سبحانه وتعالى وأعظم نهي أتى في الشرع هو النهي عن الشرك بالله سبحانه وتعالى وهذا هو التوحيد الطلبي الارادي وهو توحيد القصد والطلب أو توحيد الالوهية .

وإثبات توحيد الله سبحانه وتعالى وفق مراد الله سبحانه وتعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم مراد محبوب 

وأما الشرك بالله سبحانه وتعالى  فمكروه ومبغوض

 قال الله تعالى وتقدس  : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: 

(اللهمَّ إنِّي أسألك حبَّك وحبَّ مَن يحبك، وحبَّ عمل يقرِّب إلى حبك ) رواه الترمذي رحمه الله وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي( ٢٥٨٢).

فالمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب ، وأن لا يشرك معه احدا غيره في محبته

وقول ابن تيميه رحمه الله : [ ..    والقدر  ..  ] 

القدر يدخل في توحيد الربوبية لانه من أفعال الله عز وجل ...

ويدخل في توحيد الأسماء والصفات فهو أثر من أثر أسماء الله تعالى وتقدس 

ويدخل في توحيد الالوهية لأن الإيمان به من فعل العباد ..

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.