الجمعة، 4 يوليو 2025

( ماذا تعرف عن [ مصطلح التطبيع ] ؟ ومن هي الفرقة الضالة التي قامت بإحداثه وإشهاره إعلاميا ؟ وما سبب ذلك ؟ )

 


بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 



فقد ظهر في هذا العصر واشتهر وانتشر إعلاميا  مصطلح ( التطبيع ):

ويراد به حكم  صلح ولاة أمور المسلمين مع اليهود أو مع أي دولة يقوم به ولاة أمور المسلمين بعقد هذا الصلح وقد يكون الأمر انه لا بد منه وضرورة إجرائه لمصلحة عامة للدولة الإسلامية.

وهذا المصطلح كما يظهر فيه تخوين واتهام عقيدة أهل الإسلام من حكام المسلمين ومن تحت أيديهم بأمور هم منها براء.

وقد  ثبت في السنة النبوية أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عقد صلحًا مع اليهود ومع كفار قريش، ومسألة الصلح مع اليهود أو مع غيرهم من الملل الكافرة مسألة تجري فيها أحكام الشرع وهي جائزة  للمصلحة العامة التي يقدرها ويرعاها ولي الأمر، وأصل إباحتها ثابت في سنة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فـ"قد صالح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أهل مكة، ولم يوجب ذلك محبتهم ولا موالاتهم، بل بقيت العداوة والبغضاء بينهم، حتى يسر الله فتح مكة عام الفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا، وهكذا صالح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يهود المدينة لما قدم المدينة مهاجرًا صلحًا مطلقًا، ولم يوجب ذلك مودتهم ولا محبتهم، لكنه عليه الصلاة والسلام كان يعاملهم في الشراء منهم والتحدث إليهم، ودعوتهم إلى الله، وترغيبهم في الإسلام ، ومات صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله"، و"الصلح مع الكفار من اليهود وغيرهم إذا دعت إليه المصلحة أو الضرورة لا يلزم منه مودة، ولا محبة، ولا موالاة: أنه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لما فتح خيبر صالح اليهود فيها على أن يقوموا على النخيل والزروع التي للمسلمين بالنصف لهم والنصف الثاني للمسلمين ولم يزالوا في خيبر على هذا العقد، ولم يحدد مدة معينة، بل قال صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (نقركم على ذلك ما شئنا) وفي لفظ: (نقركم ما أقركم الله) فلم يزالوا بها حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه" من كلام الامام ابن باز رحمه اللهُ تعالى ينظر [ مجموع فتاوى ومقالات الامام ابن باز رحمه الله تعالى ( ٨ / ٢١٩ )].

و[ زاد المعاد للامام ابن القيم رحمه الله تعالى ( ٣ / ١١٤ - ١١٧ )]  وللمزيد ينظر صحيحي الإمامين  البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى وباقي كتب السنن والبداية والنهاية لابن كثير رحمه الله تعالى و طبقات بن سعد رحمه اللهُ تعالى و دلائل النبوة للبيهقي رحمه الله تعالى و سير أعلام النبلاء للذهبي رحمه الله تعالى].

ويجري الصلح مع الدول الكافرة وفق المصلحة العامة الراجحة التي يرعاها ويقدرها ولي الأمر في أي دولة مسلمة من غير افتئات على منزلته أو تقدمة بين يديه.

والشريعة الإسلامية وهي الملة الحنيفية جاءت بتوحيد الله ونبذ الشريك عن الله وعبادة الله وفق ما شرع الله ووفق سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بفهم سلف الأمة الصالحين من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ومن محاسن شريعة الإسلام: أنها جاءت بتحصيل المصالح وإكمالها، وتعطيل المفاسد وتقليلها.

وحزب الاخوانية الخارجي  تكلم هوى بلا علم في مسألة الصلح وفي طريقته هذه  تدخل صريح في:

أولًا: 

تصرفات الحاكم المسلم الخاصة فيه وفي شؤونه وحقوقه الشرعية، والتي يحرم شرعا التقدمة أو الإفتئات عليها، فقد تكلم بأمر ليس من أهله وليس من ذوي الاختصاص بهذا الشأن الذين قام بتمكينهم ولي الأمر. 

ثانيًا: 

منافسة ولي الأمر في طريقة سياسته وحكمه وأشغاله عن رعاية دولته ومصالحها والنظر في رعاية مصالح من هم تحت يده.

ثالثًا: 

والأدهى من ذلك وأشر رمي الحاكم المسلم - عينا- بالعلمنة والإلحاد بسبب هذا الصلح وإخراجه من الملة بلا بينة ولا برهان ومن غير ضابط شرعي؛ وهذا دلالة على قلة فقه المتكلم وجهله ومخالفته سبيل الراسخين في العلم " إذ أن من السياسة ترك السياسة " كما يقول أهل العلم مع سلوكه لطرق أهل الضلال وتعطشهم للتكفير وما ينتج عنه من إباحة للدماء المعصومة.

ومسائل المعاهدات والاتفاقيات والمصالحة من عدمها بين الدول الإسلامية وغيرها من دول الكفر هي شأن خاص لولي أمر الدولة المسلمة، فلا يتقدم على شأن الحاكم المسلم من غير طلب منه إلا جاهل أو ضال سالك سبيل أهل الأهواء والبدع خاصة إذا علم أن لهذا العمل أصل في الشرع وكان فيه نفع للمسلمين في حال ضعف المسلمين وقوة عدوهم، وكل ما سبق  يعرف خوافيه ويقدره ويرعاه هو ولي الأمر وحده فقط.

ولشيوخ الإسلام وكبار العلماء بيان واضح جلي في هذه المسألة مبني على أدلة الوحي، ومن تحدث بغير هدى بلا بينة وكان كلامه عار من الأدلة النقلية أو العقلية؛ فقد خالف أهل الحق، وسلك سبيل الجاهلين، وطعن في ولاة الأمر من حكام ( لتقدمه على شأن من شؤونهم الخاصة) وعلماء ( لافتياته عليهم وتصدره بلا علم).

وهذا الاصطلاح ( التطبيع ) محدث مبتدع لغة وشرعا وهو منكر في ذاته فلا وجه صحيح لاطلاقه  ولا معنى له .

ومعلوم بداهة أن قضية المعاهدات والاتفاقات والصلح والسلام هي شأن خاص بولاة الأمر ولما لهم من علم وإدراك في معرفة جلب المصلحة العامة لدولتهم ويعرفون كيفية دفع المفاسد العظيمة والشرور الكبيرة عن من تحت أيديهم، فمن تحدث في ذلك من عامة المسلمين جاهلا ضالا، فقد تقدم على ولاة أمره، وفي هذا التصرف مخالفة للشرع واضحة.

كفى الله المسلمين شر الفتن واهلها والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  .

••••••••••

كتبه واملاه الفقير إلى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني  .