بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}أما بعد
فان إشاعة إطلاق التكفير بغير حق وبغير ضوابط شرعية على اهل الاسلام من قبل أهل الجهل والضلال ظاهرة انتشرت في هذا العصر ويعمم اهل الجهل والضلالة تكفيرهم على جميع المسلمين ثم يسثني فرقته الضالة ففي فتاواهم المنتشرة جرأة عظيمة على الله سبحانه وتعالى وقول عليه بلا علم، فعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: قال رجل: (والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك) رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم ( ٢٦٢١).
وقد يعرّف التكفير: بأنه القيام بإخراج المسلم من الملة، بسبب قول أو فعل أو اعتقاد ارتكبه، وهذا العمل لا يقوم به إلا كبار علماء السنة؛ أتباع السلف الصالح، وفق الضوابط الشرعية، ووفق انطباق شروط الكفر عليه، وانطباق الأوصاف الكفرية الثابتة شرعًا عليه، وانتفاء الموانع، ووجود الأسباب ولا يتم ما سبق إلا بعد إقامة الحجة الرسالية عليه، من قبل علماء السنة أتباع السلف الصالح، ووفق الضوابط الشرعية، والتي بعدها ينتفِ العذر عن من قام بالكفر أو عمله أو اعتقده، وأما قيام الجهلة واهل الضلال من رموز جماعات التكفير بتعميم التكفير على عامة المسلمين فهذا لا عبرة به، ولا ينظر إليه؛ إما لجهل الجاهل، أو بسبب الانحراف في فهم النصوص الشرعية ولي أعناقها لتوافق هوى التكفير عند من قال به من رموز دعاة التكفير مع مخالفتهم للشرع المنزّل في هذا الحكم الشرعي، والذي لا بد له من مستند شرعي ويطبق الحكم بعلم وعدل وإنصاف وصدق وحكمة بعيدًا عن الهوى والظلم والجهل والحيف.
والكفر: ضد الإسلام.
وهو نوعان:
▪ كفر في الأصل أو كافر أصلي: وهو الكافر الذي لم يدخل في الإسلام قط.
▪ وكافر مرتد: وهو المسلم الذي عمل أو قال الكفر بعد إسلامه؛ فخرج من الملة أو أخرجه أهل العلم من الملة بعد انطباق وصف التكفير الثابت في الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة، وفق فهم السلف الصالح عليه، وانتفاء الموانع ووجود الأسباب وتوفر شروط التكفير، وكل ذلك بعد إقامة الحجة الرسالية عليه من قبل أهل العلم فقط وليس من أمثال من عرف بالجهل والتكفير أمثال رموز جماعة الاخوان الخوارج .
وقد يكون نوع الكفر كفر اعتقادي؛ كحال كبار المنافقين.
وأما التطبيق العملي لنتيجة وثمرة التكفير؛ وهو الحكم الشرعي بالردة، والحكم بقتله بعد الاستتابة، فهذا يقوم به قضاة المحاكم الشرعية الذين جرى تكليفهم من قبل ولاة الأمر من غير افتئات ولا تقدمة على منزلة ولاة الأمر، وهذه المنزلة شرعية ثابتة لهم في الكتاب العزيز والسنة النبوية، وعلى هذا جرى إجماع المسلمين، ولما في هذا العمل من العدل والإنصاف والبعد عن الظلم والجهل والحيف.
وأنواع التكفير:
الأول: مطلق: كأن يقال من عمل الكفر أو قال به [ ثم يذكر صورة الكفر؛ كالاستهزاء مثلا]، فهو كافر على جهة العموم أو التعميم، فلا يخص فلان أو فلان.
الثاني: كفر التعيين أو المعين: وذلك بتخصيص الفاعل وذكر اسمه، ولا يقوم به إلا أهل العلم من كبار علماء السنة؛ اتباع السلف الصالح، وفق الضوابط الشرعية، وذلك بعد انطباق الشروط والأوصاف الشرعية المكفرة على من جرى تكفيره، وانتفاء الموانع، ووجود الأسباب، ولا يتم ذلك إلا بعد إقامة الحجة الرسالية عليه، والتي بعدها ينتفي العذر الشرعي عنه.
وأما تطبيق نتيجة التكفير أو ثمرته، كما قلنا سابقًا، -ونكرره هنا- وهو الحكم بالردة بعد الاستتابة، فلا يقوم به إلا قضاة المحاكم الشرعية، الذين جرى تكليفهم من قبل ولاة الأمر من غير افتئات، ولا تقدمة على منزلتهم الشرعية الثابتة لهم في الكتاب العزيز والسنة النبوية وعلى هذا جرى إجماع المسلمين.
وهنا نوع آخر لإطلاق الكفر: وهو تكفير القول أو الفعل دون تكفير القائل أو الفاعل، فيقال: فلان عمل الكفر أو قال الكفر، فلا يكفر القائل أو الفاعل؛ وهذا يقوم به أهل العلم لدقتهم في إعطاء الوصف الصحيح الصادق لخشيتهم من الله سبحانه وتعالى من أن يظلموا أحدًا من الناس، ولبالغ علمهم بأن عامة الناس قد يقول أو يفعل الكفر جهلًا أو متأولًا، أو في حال مثله يعذر شرعًا.
والكفر كذلك أنواع:
▪ منها: ما هو كفر أصغر لا يخرج من الملة.
▪ وكفر أكبر يخرج من الملة.
▪ وكذلك كفر عملي أو كفر اعتقادي.
وسبيل معرفة هذه الأنواع وكيفية معرفتها عند كبار علماء الإسلام السلفيين، فلا يجسر على إطلاقها إلَّا هم، وأما الجهلة أو الضلَّال؛ فيجب عليهم الكف والسكوت والبعد عن هذا الأمر الخاص بالعلماء لأنهم ليسوا من أهله وليست من اختصاصهم وشأنهم؛ مع انحراف هؤلاء الضلَّال عقديًّا، وبعدهم عن السنة وتعاليم الشرع الحنيف.
وفي مسألة التكفير وما نتج عنه من استحلال دماء الأبرياء المعصومة، ينظر فيها المؤلفات العلمية التي تحدثت عن معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح مثل:
١:
جميع كتب تفاسير أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح في هذا الباب، ومنها: تفسير ابن جرير الطبري والبغوي وابن كثير والسعدي رحمهم الله جميعا.
٢:
من تطرق إلى شرح مسائل التكفير من أهل الحديث من شراح الصحيحين والسنن والمسانيد وكتب السنة الخاصة في العقيدة وعرف بحسن المعتقد وسلامة المنهج .
٣:
كتاب مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله.
٤:
كتاب شرح الطحاوية لابن أبي العز رحمه الله.
٥:
كتب الامام الالباني رحمه الله تعالى.
٦:
كتاب مجموع فتاوى الإمام ابن باز رحمه الله.
٧:
مجموع الفتاوى للإمام محمد العثيمين رحمه الله.
٧:
كتب الامام محمد أمان الحامي رحمه الله تعالى.
٨:
كتب الامام ربيع المدخلي حفظه الله تعالى .
٩:
بحوث علمية نفيسة صدرت عن هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية واللجنة الدائمة للإفتاء تحارب التكفير وما نتج عنه من استحلال دماء الأبرياء المعصومة.
والله اعلى واعلم وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
كتبه واملاه الفقير الى عفو الله مولاه : غازي بن عوض بن حاتم العرماني .