الخميس، 12 أكتوبر 2023

[ في وقت يوم ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم - إن ثبت صحة تحديد هذا اليوم - لايجوز تخصيصه بإحداث عبادة الا ما دل الدليل الشرعي - من كلام الله سبحانه وتعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم - على مشروعية فعلها ]




بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

اما بعد

فقد اطلعني احد الاخوة طلاب العلم  الكرام على  فتوى للشيخ محمد بن علي الشنقيطي متحدثا عن حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم 

فوجدته قد قسم حكم الاحتفال الي صور وأنواع وجعل لكل صورة من هذه الصور حكما وهذه الصور التي ذكرها هي :

        " من جعله عيدا فذهب الي تحريم هذه الصورة.قسم اجتمع في قلبه فرح في هذا الشهر لأن به ولد الرسول صلى الله عليه وسلم و اجتمع كذلك حزن في هذا الشهر بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر وكان الاخير منهما الحزن بوفاته فذهب الفرح بولادته بوفاته صلى الله عليه وسلم." 

ولم يعلق حكما على هذا القسم.

ثم قال :

" الثالث :

في زمن جهل قدر النبي صلى الله عليه وسلم وهنا من تهجم عليه صلى الله عليه وسلم ؛ فلما لايكون شهر مولده

 وشهر بعثته 

وشهر هجرته

 وشهر وفاته

مناسبة للحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن سيرته وعن قدره ومكانته مع عدم اعتقاد هؤلاء ان هذا عيد

وعمموا الشهر فاجتهدوا فيه مالا يجتهدون في غيره  فقد اجتهدوا وهم بين الأجر والاجرين وهم قرب للصواب "

ثم قال في موضع اخر :

" اقل أمرهم انه من المباحات ؛ فلا شئ في ذلك واستدل بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صام يوم الاثنين معللا صلى الله عليه وسلم قوله بأنه يوم ولد فيه وفي صيام يوم عاشوراء لانه يوم نجاه الله فيه موسى الكريم عليه الصلاة والسلام فصامه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وأمر امته  بصيامه وهؤلاء اجتهدوا ولعل في اجتهادهم صوابا أو ثوابا.

والقسم الاخير من جعله عيدا على جهة التشبه باليهود والنصارى فجعله محرما لعلة التشبه."

ذكرت هذه الأقسام بمثل  كلامه ولم ازد فيه او انقص

فنقول وبالله التوفيق والسداد في بيان فساد هذه التقسيمات كلها دون استثناء :

ان قوله بتحريمه كونه عيدا مثل الأعياد أو جعلوه عيدا تشبها باليهود والنصارى كلام طيب جرى فيه وفق أصول الدين وقواعد الشرع وماعليه علماء السنة اتباع السلف الصالح

لكن زعمه انه :[ في زمن جهل قدر النبي صلى الله عليه وسلم وهنا من تهجم عليه صلى الله عليه وسلم ؛ فلما لايكون شهر مولده

 وشهر بعثته 

وشهر هجرته

 وشهر وفاته

مناسبة للحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن سيرته وعن قدره ومكانته مع عدم اعتقاد هؤلاء ان هذا عيد

وعمموا الشهر فاجتهدوا فيه مالا يجتهدون في غيره  فقد اجتهدوا وهم بين الأجر والاجرين وهم قرب للصواب 

ثم قال في موضع اخر : اقل أمرهم انه من المباحات ؛ فلا شئ في ذلك واستدل بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صام يوم الاثنين معللا صلى الله عليه وسلم قوله بأنه يوم ولد فيه وفي صيام يوم عاشوراء لانه يوم نجاه الله فيه موسى الكريم عليه الصلاة والسلام فصامه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وأمر امته  بصيامه وهؤلاء اجتهدوا ولعل في اجتهادهم صوابا أو ثوابا] .

والجواب عن قول الشيخ 

بأن ما قاله هو احد صور الاحتفال بيوم ميلاد أو ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم وتقسيمه هذا تقسيم لا عبرة به فهو تقسيم مبتدع غير مقبول لعدم وجود أصل شرعي يثبت صحة كلامه وتقسيمه هذا فجميع هذه التقسيمات التي ذكرها باطله وذلك ان هذا فيه

       (   اولا  ) 

انه قام بتخصيص عبادة لله سبحانه وتعالى بغير دليل شرعي أو بغير مخصص شرعي 

 

             (  ثانيا ) 

 ان تقسيمه ثم تجويز احد الأقسام انه من المباحات شرعا ثم قال :"وان من عمل ذلك هو بين الأجر و الأجرين" اي إقرار منه بصحة هذا العمل المحدث .

وهذا فيه إباحة وتجويز ظاهره التشريع بغير دليل شرعي يدل على صحة  هذا العمل.. وقول له : فما دليلك على الإباحة وعلى ان فاعله مابين الأجر  والأجرين  فهذا افتيات وتقدمة وقول على الله بلا علم. 

ثم قال مستدلا على تجويز هذا الأعمال  " بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صام يوم الاثنين لأن يوم الاثنين ولد فيه ". 

فالجواب عن هذه الشبهة :

ان صيام يوم الاثنين مع ذكر سببه وأنه يوم ولد فيه ثبت شرعا فقد روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ : ( فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ ) .

لكن زيادة العبادات الأخرى غير الصيام بغير دليل شرعي أو استمرار العبادة شهرا كاملا فرحا بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يثبت صحة هذا الفعل شرعا و لا يجوز القياس بالعبادات إذ لا يشرع القياس في العبادات، لأن العبادات مبنية على نصوص الكتاب والسنة فلا يدخلها النظر والاعتبار بخلاف الأحكام الشرعية الأخرى اذا كان القياس صحيحا وفق الأصول العلمية. 

وفي موضع اخر قال :

" يجتهدون في هذا الشهر [ في الأعمال الصالحة] ما لا يجتهدون في غيره" ... فما دليلك على زيادة الاجتهاد في هذا الشهر؟

فهذا إحداث عبادة بغير دليل شرعي.

وانكار الشنقيطي ان يكون عيدا لفظا ثم الاحتفاء بهذا اليوم والاحتفال فيه بهذه الطريقة التي ذكرها كل يوم أو شهر سنويا أليس هذا عيدا عمليا يخالف قولك ؟

وهذه الطريقة التي ذكرتها تخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ترد عن أو في هدي السلف الصالح و لو تأملنا شروط وجود البدعة المنصوص على ضلالتها من الشارع لوجدنا مطابقة هذا الفعل لهذه البدع فهي :

اولا :

تخالف السنة لأنها  لم تأت بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فكل ما عارض السنة من الأقوال أو الأفعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهاد فهذه هي البدعة  .

ثانيا :

كل أمر يتقرب إلى الله به، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالزيادة بالدين منهي عنها وهذا الفعل من الزيادة والبدع في الدين .

ثالثا :

كل أمر لا يمكن أن يشرع إلا بنص أو توقيف، ولا نص عليه، فهو بدعة إلا ما كان عن صحابي وهذا العمل الذي ذكره الشنقيطي  تشريع لم يأت بنص أو توقيف ولم يؤثر عن الصحابة رضي الله عنهم. 


رابعا :

ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار  ففي هذا العمل غلو و مشابهة لفعل ملل الكفر في وضع ايام محددة بالسنة لتقديس كبارهم. ومن ذلك الاحتفال بعيد ميلاد المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام في الديانة النصرانية الوثنية. 


خامسا :

ما نص على استحبابه بعض العلماء سيما المتأخرين منهم ولا دليل عليه ؛ والشنقيطي  نص على استحباب العمل في يوم ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بغير دليل شرعي ثم جعلت صاحبه بين الأجر والأجرين وليس معك دليل صحيح صريح يدل على صحة هذا الفعل. 


سادسا :

 كل عبادة لم تأت كيفيتها إلا في حديث ضعيف أو موضوع.

و لأهل الضلال أحاديث موضوعة مكذوبة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في فضيلة الاحتفاء بميلاده صلى الله عليه وسلم. 

سابعا :

الغلو في العبادة وهذا الأحداث المذكور لا شك انه غلو محرم شرعا. 

ثامنا :

 كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود مثل : المكان أو الزمان أو صفة أو عدد ".

وهذا الشرط الثامن ينطبق على هذا الفعل فهو تخصيص زمان لعبادة بغير مخصص شرعي وهو الدليل من كلام الله سبحانه وتعالى أو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم . ينظر :[ كتاب أحكام الجنائز (٢٤٢)].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" والعبادات مبناها على التوقيف والاتِّباع ، لا على الهوى والابتداع، فالأدعيةُ والأذكارُ النبويَّةُ هي أفضل ما يتحرَّاه المتحري من الذكر والدعاء ، وسالكها على سبيل أمانٍ وسلامةٍ ، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنها لسانٌ ، ولا يحيط بها إنسانٌ ، وما سواها من الأذكار قد يكون محرَّماً ، وقد يكون مكروهاً ، وقد يكون فيه شركٌ مما لا يهتدي إليه أكثرُ النَّاسِ ، وهي جملةٌ يطول تفصيلها .وليس لأحدٍ أنْ يَسُنَّ للنَّاسِ نوعاً من الأذكار والأدعية غير المسنون، ويجعلها عبادةً راتبةً يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس، بل هذا ابتداعُ دينٍ لم يأذن الله به...

وأما اتخاذ وردٍ غيِر شرعيٍّ، واستنانُ ذكرٍ غيرِ شرعيٍّ، فهذا مما يُنهى عنه، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية ، والأذكار الشرعية : غايةُ المطالبِ الصحيحةِ ونهايةُ المقاصدِ العليَّة ، ولا يَعدلُ عنها إلى غيرها من الأذكارِ المحدَثة المبتدعةِ إلاّ جاهلٌ أو مفرِّطٌ أو متعَدٍّ ". [ مجموع الفتاوى ( ٢٢ / ٥١٠ - ٥١١)]. 

وقد اتفق كبار أئمة السلف علماء السنة مثل ابن تيميه وابن القيم وابن باز والألباني والعثيمين وغيرهم كثير على :" ان العبادة إذا ورد الأمر فيها مطلقا دون تحديد لوقتها ؛ تخصيص وقت لها بلا دليل شرعي يعتبر من البدع "

و " النبي ﷺ أكمل لنا الدين ولم يذكر لنا احتفال ببدعة المولد النبوي  لا في القرآن والسنة، انت يا من تحتفل في زمان الفتن هل انت اعلم وافهم من الرسول ﷺ ؟ 

 إما ان تقول ان النبي ﷺ لم يبلغ ما انزل الله

 وإما ان تقول عن نفسك اعلم وافهم من النبي ﷺ  وكلا القولين مصيبة عظيمة ؛ والذين يخالفون دين الله وسنة رسوله ﷺ ثم يدعون محبته وذلك في مخالفة سنته فالله سبحانه وتعالى يبين كذبهم قال الله تعالى : {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ}، ان صدق المحبة يكون في اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم "

رزقنا الله وإياكم رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة 

ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمه والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. 

°°°°°°°°°°°°°°

كتبه واملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .