الاثنين، 9 مايو 2022

《 بيان ان لا تضاد ولا تضارب ولا تعارض بين حديثي الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من قتل دون ماله فهو شهيد ) والحديث الآخر : ( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ) وتفنيد احد شبهات الخوارج الإخوانية المحاربين لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم 》



بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 

أما بعد 

فإن لأهل الشبه شبها واهواء يلقونها على الجهلة في سعي منهم لاستقطاب من قل علمه ونصيبه وجعله وقودا في نار الفتن التي يؤججونها في العالم أجمع ومن ذلك مااطلعت عليه من كلام لأحد دعاة التحريض والتهييج والتكفير  محاولة منه في اضلال العوام الجهلة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أو لتأكيد فكرة الخروج على ولي الأمر وترسيخها  بين اتباعه  معرضا بمن يسميهم بغلاة الطاعة و اتباع السلطان  وذلك عند تطرقه و استدلاله الاعوج  بحديث :( من قتل دون ماله فهو شهيد ) في تأصيل لفكرهم المنحرف في جواز الخروج على ولي الأمر  ...

فما ادري ما هو الرابط بين هذا الحديث وبين فكرة الخروج على ولي الأمر   ..

فليس في هذا الحديث ما ينصر مذهبهم الخارجي بل السنة ضدهم ؛ ومعلوم أن طريقة أي مبتدع  في أي زمن هو نصر بدعته فتجده تجاه نصوص الشرع المخالفة لبدعته يسلك طرقا ملتوية منها على سبيل المثال لا الحصر:

                 ( أولا )

أضعاف سند النص الشرعي [ رواية ]  وتوهينه وتكذيب ماجاء فيه من أخبار. 

أو 

                 (  ثانيا )

لي عنق نصوص الوحيين وتطويعها وفق أهوائهم [  دراية وذلك في ايراد كلام باطل باطني يخالف ظاهر متن النص ] وفي مذهبهم المحدث هذا خالفوا الشرع المنزل وجانبوا لغة العرب وحاربوها  وضادوا العقل السليم والفطر السوية

وثمرة السوء لهذا المذهب  :

محاولة نسف دين الإسلام والغائه وتقويض اركانه وهدم أصوله وأسسه ومبادئه السامية

والذي يظهر لي ان من اهدافهم في استشهادهم بهذا الحديث 

محاولة توهين الحديث الصحيح [ رواية ودراية ]

والذي رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ).فحينما كل ومل الإخواني الخارجي وادرك عجزه   في توهين هذا الحديث [ رواية ] لجأ  إلى طريقة فاشلة وهي ضرب الأحاديث الصحيحة بعضها في بعض وهذه الطريقة إنما تمشي على من قلة بضاعتهم في العلم 

من العوام والشباب الجاهل والذي هو محل لنشر فكرهم الخبيث لسرعة تأثرهم وقلة علمهم وشدة اندفاعهم العاطفي   فلذا تجد انطباق وصف الرسول صلى الله عليه وسلم للخوارج  عن طريق صفتين لهما هما   :

الصفة الأولى:

وذلك في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم  لهم ب : ( أنهم حدثاء الأسنان ) .

أي أنهم   صغار السن ؛ عندهم 

حماس وعاطفة غير منضبطة بضوابط الشرع واندفاع اهوج اعوج .

والثانية من صفاتهم  :    

في قوله صلى الله عليه وسلم :

( يأخذون من قول خير البرية )

اي أنهم يعتقدون فيستدلون ثم يستشهدون على صحة مذهبهم المنحرف بكلام الله سبحانه وتعالى أو كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو كلام احد العلماء المتبوعين وذلك في  تحريف كلامهم خدمة لتوجهاتهم الحزبية الفكرية المنحرفة.

 فالحديثان صحيحان كما سيأتي بيانه  فليس بينهما تعارض أو تضارب 

ف [ الحديث الأول ]

 وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ ) ؛ رواه البخاري ومسلم وابوداود و الترمذي والنسائي رحمهم الله من حديث  سعيد بن زيد وعبدالله بن عمرو رضي الله عنهم وصححه الألباني رحمه الله .

وفي رواية للإمام مسلم رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ : جاء رجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ فَقَال: يَا رسولَ اللَّه أَرأَيت إنْ جاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: (  فَلا تُعْطِهِ مالكَ ) قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَاتلني؟ قَالَ: ( قَاتِلْهُ ). قَالَ: أَرأَيت إنْ قَتلَني؟ قَالَ: ( فَأنْت شَهيدٌ ) قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: ( هُوَ فِي النَّارِ ) .

و[ الحديث الثاني ]قول الرسول صلى الله عليه وسلم  : ( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ) .

رواه الإمام مسلم رحمه الله من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه .

ف[ الحديث الأول ] وهو قوله صلى الله عليه وسلم  : ( من قتل دون ماله فهو شهيد ) 

ف"فيه دليل على فوائد:

               أوّلا: 

جواز مدافعة الإنسان عن ماله، جواز مدافعته عن ماله، والتّعبير بالجواز هل هو لنفي التّحريم فلا ينافي الوجوب أو هو جائز حكمًا؟ والفرق بينهما واضح، إذا قلنا الجواز لنفي التّحريم ، صار لا ينافي الوجوب وعلى هذا فيجب عليه أن يدافع عن ماله، ولكنّ الأمر ليس كذلك، بل المدافعة عن المال جائزة وليست بواجبة، ووجه هذا : أنّ للإنسان أن يتبرّع بماله لأيّ واحد من النّاس، ولو كان يجب عليه أن يحفظ ماله لنفسه حرم عليه أن يتبرّع به لأحد، إذن فله أن يدافع عن ماله ويقاتل، فلو جاءك إنسان وقال: أعطني السّيّارة أنا أريد سيّارتك غصب تقول لا، إن قاتلك فقاتله فإن لم يندفع إلاّ بالقتل فاقتله، فإذا قتلته فهو في النّار، وإذا قتلك فأنت شهيد.

وهل يلزمه الدّفاع عن نفسه وعن حرمته؟

الجواب: نعم يلزمه أن يدافع عن نفسه وعن حرمته، إلاّ إذا كان في زمن فتنة فإنّه لا يلزمه الدّفاع، لأنّه إذا دافع فربّما تراق دماء كثيرة بسبب مدافعته لأنّ المقام مقام فتنة، ربّما إذا قتل هذا الصّائل في الفتنة تقتل جميع قبيلته، ولهذا لما طلب من أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه أن يقاتل دونه حينما حصر في بيته أبى وقال: " لا تقاتلوا " ، لأنّه خاف أن يكون بالمقاتلة تراق دماء كثيرة في مدينة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ، فاستسلم رضي الله عنه حتى قتل، وهذا لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إنّها ستكون فتنة فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل ) ، لأنّ الفتنة -نسأل الله أن يقينا وإيّاكم شرّها- ليست بهيّنة، غوغاء النّاس وعامّتهم والجهّال السّفهاء كلّها تطيش كما يطيش القدر من فوق النّار فيراق يمينا وشمالا، إذن يلزم الدّفع عن نفسه  إلاّ في الفتنة، فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل، أمّا إذا كان في غير فتنة فيجب أن يدافع عن نفسه، لأنّه مأمور بحفظ نفسه قال الله تعالى: ( ولا تقتلوا أنفسكم ) ، ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )." انتهى كلام الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله . [ بلوغ المرام ؛ كتاب الديات بتصرف يسير ].

وهذا الحديث أصل عند الفقهاء فيما يسمى ب[ دفع الصائل ] وهو المعتدي 

وقد بين أهل العلم كيفية المدافعة  إذ " يجب على المصول عليه رعاية التدريج ، والدفع بالأهون فالأهون ، فإن أمكنه الدفع بالكلام ، أو الصياح ، أو الاستغاثة بالناس ، لم يكن له الضرب . أما إذا لم يندفع الصائل إلا بالضرب ، فله الضرب . ولو أمكن بقطع عضو ، لم يجز إهلاكه .ولو كان الصائل يندفع بالسوط والعصا ، ولم يجد المصول عليه إلا سيفا أو سكينا ، فالصحيح أن له الضرب به . والمعتبر في حق كل شخص حاجته ". انتهى من كلام الحافظ النووي رحمه الله  [ روضة الطالبين ( ١٠ / ١٨٧ )] .

فليس في الحديث معارضة ولا تضارب مع الحديث الثاني

فالحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فأسمع وأطع ) وذلك 

 أن أخذ ولي الأمر المال من رعيته على نوعين :

     [ النوع الأول : أخذ المال بحق ] :

وهذا يكون على جهة  رد مال مسروق من صاحبه أو مال عام منهوب  أو أخذ منه تعزيرا اقتضاء لمصلحة عامة او دفع مفسدة متوقعة حماية لأرواح من تحت يده من رعيته مثل مايؤخذ من قيمة قطع إشارة المرور اثناء إضائتها باللون الأحمر ردعا للسفهاء من تجاوزها لما في ذلك من منع حوادث نتيجتها فيها قتل روح بريئة ونحو هذه الأمور والامثلة كثيرة و التي في اصدارها صلاح للمسلمين في عاجل أمرهم أو آجله .

[النوع الثاني : أخذ المال بغير حق ] 

مثل أن يأخذ ولي الأمر مال مسلم بغير حق وإنما ظلما وعدوانا فحال المسلم تجاه هذا الحاكم  السمع والطاعة للادلة التالية :

                 أولا:

امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (  تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وإنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ).

وهو حديث صحيح  فليس هنا تضاد أو تضارب أو تعارض بين الادلة فهذا الحديث يخصص ويبين حديث : ( من قتل دون ماله فهو شهيد ).

 وَلعل منها حديث عَبْدِاللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله  قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ : ( إنَّهَا ستَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: يَا رسُولَ اللَّهِ، كَيفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذلكَ؟ قَالَ: تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ ). متفقٌ عليه.

ولعل منها كذلك حديث ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما : أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: ( مَنْ كَرِه مِنْ أَمِيرِهِ شيْئًا فَلْيَصْبِر، فإنَّهُ مَن خَرج مِنَ السُّلطَانِ شِبرًا مَاتَ مِيتَةً جاهِلِيةً ) متفقٌ عَلَيْهِ.


               ثانيا :

يؤيد ذلك أن المسلم يجب عليه ترك القتال في الفتنة وهذا محل اتفاق بين علماء المسلمين 

وإنكار المنكر  بطريقة اشهار السلاح في وجه ولي الأمر في هذه الحال من الفتن المحرمة والتي يترتب عليها مفسدة عظيمة  " فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكرُ منه، وأبغضُ إلى الله ورسوله  صلى الله عليه وسلم فإنه لا يسوغ إنكارُه، وإن كان الله يُبغضه ويَمقت أهلَه، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كلِّ شر وفتنة إلى آخر الدهر، وقد استأذن الصحابةُ رسولَ الله  صلى الله عليه وسلم  في قتال الأمراء الذين يؤخِّرون الصلاة عن وقتها، وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: ( لا، ما أقاموا الصلاة )، وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَن رأى من أميره ما يكرهه فليصبِرْ، ولا ينزعنَّ يدًا من طاعةٍ) " .[ أعلام الموقعين لابن القيم ( ٣ / ٤ ) ].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "الفتنة إذا وقعت عجَز العقلاءُ فيها عن دفع السفهاء، وهذا شأن الفتن، كما قال - تعالى -: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ وإذا وقعت الفتنةُ لم يسلَم من التلوُّث بها إلا مَن عصمه الله"[منهاج السنة النبوية( ٤ / ٣٤٣) ].

 "ولهذا استقرَّ أمرُ أهل السنة على ترك القتال في الفتنة؛ للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاروا يذكُرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جَوْر الأئمة، وترك قتالهم "  

[ منهاج السنة النبوية ( ٤ / ٣١٥ - ٣١٦ )].

              ثالثا :

 " الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا وشرا عظيما، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم، ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير " .[مجموع فتاوى الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله( ٨ / ٢٠٤ )]. -

 "ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر فطلب إزالته فتولد منه ما هو اكبر منه فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عزم على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم ومنعه من ذلك مع قدرته عليه خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه كما وجد سواء".[إعلام الموقعين( ٤ / ٣ )]


 ( اخيرا  ؛ نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة )


يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)  رواه الترمذي رحمه الله في سننه والبخاري رحمه الله في كتاب الأدب المفرد وصححه الإمام الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة حديث رقم (  ٢٣١٨ ).

ف"من جمع الله له بين عافية بدنه ، وأمن قلبه حيث توجه ، وكفاف عيشه بقوت يومه ، وسلامة أهله ، فقد جمع الله له جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها ، فينبغي أن لا يستقبل يومه ذلك إلا بشكرها ، بأن يصرفها في طاعة المنعم ، لا في معصية ، ولا يفتر عن ذكره "[ فيض القدير ( ٦ / ٨٨ )] فمن النعم العظيمة الأمن 

فغياب ولاة الأمر  عن حكم الأرض وعن بسط الأمن بين الرعيه فيه فساد عظيم  وذلك ان هذا الأمر هو العام الغالب  في سفك الدماء المعصومة ومن ذلك قتل المسلم شهيدا دون ماله أو عرضه فولي الأمر هو من يحافظ على أمن وسلامة من تحت يده فلا يرضى أن يقتل ان يهتك عرضه  أو أن يعتدى على ماله وبوجود ولي الأمر ووجوب السمع والطاعة لهم " تنتظم مصالح العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الناس لا يصلحهم إلا إمام بر أو فاجر، إن كان فاجرا عبد المؤمن فيه ربه، وحمل الفاجر فيها إلى أجله.

وقال الحسن في الأمراء: هم يلون من أمورنا خمسا: الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود، والله ما يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن - والله - إن طاعتهم لغيظ، وإن فرقتهم لكفر " [جامع العلوم ( ٢ / ١١٧ )].

وولاة الأمر جعلهم سببا فى توطين الأمن والأمان والاستقرار والهدوء والسكينة والاطمئنان فهؤلاء الخوارج الإخوانية لا يرضون لأي مسلم بهذه الأمور النافعة والتي ناتجها الرفعة والعز والعلم الجالب لتقوى الله ومحبته فالخوف والحرب والقلاقل والفتن تبعد الناس عن السكينة وعن العلم 

 فطاعة الله وتوحيده واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم سبب في الأمن والأمان 

ومن ذلك وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف يقول الله سبحانه وتعالى: 

{ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }

قال الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة  : 

" قال الله تعالى فاصلا بين الفريقين : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا } أي: يخلطوا { إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } الأمن من المخاوفِ والعذاب والشقاء، والهدايةُ إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقا، لا بشرك، ولا بمعاص، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة. وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها. ومفهوم الآية الكريمة، أن الذين لم يحصل لهم الأمران، لم يحصل لهم هداية، ولا أمن، بل حظهم الضلال والشقاء " انتهى كلامه رحمه الله. 

 لهذا تجد إتفاق كبار علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم  على وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف وتحريم الخروج عليهم وهذا مبسوط مشهور منشور في معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح  .

قال الإمام أبو عثمان الصابوني  رحمه الله في متن عقيدته المشهورة   : "يرى أصحاب الحديث الجمعةَ والعيدين وغيرَهما من الصلوات خلفَ كلِّ إمام مسلم، برًّا كان أو فاجرًا، ويرَوْن جهاد الكفرة معهم، وإن كانوا جَوَرة فَجَرة، ويرون الدعاءَ لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، ولا يرون الخروج عليهم بالسيف، وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجَوْر والحيف، ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل"[عقيدة السلف أصحاب الحديث للإمام أبي عثمان الصابوني رحمه الله ].

فيا شباب الإسلام:

عليكم بالسنة 

عليكم بهدي سلفنا الصالح وفهمهم .

اتركوا دعاة الخوارج الإخوانية 

وشبهاتهم وعليكم في طلب العلم السني السلفي على يد مشايخ السنة السلفيين ومن اراد ذلك سعى له سعيه فعرفهم وادركهم واستمع لهم يقول  أيوب السختياني رحمه الله : "إن من سعادة الحَدَث والأعجميّ أن يوفقهما الله لعالمٍ مِنْ أهل السنة"[شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي ( ١ / ٦٦ )] . وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة  .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. 

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني