الأحد، 27 فبراير 2022

《 هل ثواب الأعمال الصالحة بما فيها إهداء ثواب تلاوة القرآن الكريم يصل إلى الميت ؟ 》


لأهل العلم أقوال ثلاثة  في هذه المسألة  :


          [[  القول الأول  ]]

وهو القول بالجواز  وهذا 

إختيار جمع من أهل العلم منهم  شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح ( ١ / ١١٧ ) إلى وصول ثواب ذلك ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وتنازعوا في وصول الأعمال البدنية: كالصوم والصلاة وقراءة القرآن، والصواب أن الجميع يصل إليه، أي يصل ثوابها إلى الميت ".

[ مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله( ٢٤ /٣١٥ ) .


 

             [[ القول الثاني  ]] 


 التوسط وهو اختيار الإمام الألباني رحمه الله وهو قوله في جواز تخصيص الولد بذلك حيث قال رحمه الله : " 

أنا ما أقول يا أخي بالجواز مطلقاً، أنا أقول: بأن كسب الولد .. كما قال عليه السلام: ( أطيب الكسب كسب الرجل من عمل يده، وإن أولادكم من كسبكم وقال تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [.يس: ١٢ ].

وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ( إذا مات الإنسان )وفي رواية: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) فهذا الولد الصالح فعله الصالح ينفع والديه؛ لأنه أثر من آثار الوالدين، {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [ يس: ١٢ ] ولا أقول بأن القراءة هذه تفيد غير الوالدين أو أي يعني: فعل صالح يفيد غير الوالدين، ولعلكم تذكرون أن بعض العلماء المتقدمين يقولون: بأن صدقة المتصدق عن بعض المسلمين تصلهم هذه الصدقة ولو كانوا غير الوالدين، نحن في هذا الموقف نحدد الوصول للوالدين، فصدقة الولد تصل إلى الوالدين، وكل عمل صالح كعتق الرقاب والعبادات بصورة عامة تصل إلى الوالدين لما ذكرنا آنفاً من عموم الأدلة.

أما أن ينتفع من هذه المبرات أو هذه العبادات غير الوالدين ومنها تلاوة قرآن نحن ما نقول بهذا العموم؛ ولذلك فينبغي إعادة النظر في ذالك الكلام حتى لا ينسب إلينا ما لا نقول به، نحن نقول فقط بهذا التحديد الضيق ".انتهى كلامه رحمه الله. 

[ سلسلة الهدى والنور شريط رقم ( ٣٦٦ ) ] .


       [[   القول الثالث   ]]


المنع لعدم الدليل وهذا إختيار الإمام ابن باز رحمه الله  

وفي منع هذه المسألة يقول رحمه الله : 

" هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم:

من أهل العلم من يقول: إن قراءة القرآن تصل إلى الميت، إذا قرأ وثوبها للميت تصل إليه، كما يصل إليه الصدقة والدعاء والحج عنه والعمرة وأداء الدين ينتفع بهذا كله، فقالوا: إن هذا مثل هذا، إن قراءة القرآن أو كونه يصلي له، أنه يلحقه كما تلحقه الصدقة وتنفعه الصدقة والحج عنه والعمرة والدعاء.

وقال آخرون: لا؛ لعدم الدليل؛ لأن العبادات توقيفية لا يفعل منها شيء إلا بالدليل، لا مجال للرأي فيها، فالعبادات توقيفية بمعنى أنها تتلقى عن الله وعن الرسول ﷺ لا بالرأي والهوى والقياسات لا، العبادات توقيفية قال الله قال رسوله، ما شرعه الله في كتابه أو رسوله ﷺ في السنة فهذا هو الذي يؤخذ به ويعمل به، وما لا فلا، وهذا هو الصواب أن القراءة لا تهدى هذا هو الصواب، لا يشرع أن تهدى وهكذا الصلاة لا يصلي أحد عن أحد؛ لعدم الدليل، لأنه ما كان النبي ﷺ يفعل هذا عن أقاربه، وما فعله الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عن أقاربهم.

فالمشروع لنا أن نتبع طريقهم وسبيلهم فلا نقرأ عن الميت ولا لغير الميت، يعني: نثوب القراءة له ولا نصلي له ولا نصوم له؛ لأنه لم يرد إلا إذا كان عليه دين صوم رمضان ولم يقضه يصام عنه، كما قال ﷺ: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، لكن لا يقاس عليه الصلاة ولا تقاس عليه القراءة، العبادات ما هي بمحل قياس، القياس في أمور أخرى غير العبادات.

فالمؤمن حق عليه أن يلتزم بما شرعه الله ويؤدي العبادة كما شرعه الله، ولا يحدث شيئاً لم يشرعه الله؛ لقول النبي ﷺ: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ).رواه مسلم في الصحيح؛ ولقوله ﷺ: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق على صحته، وقوله ﷺ في خطبة الجمعة: ( إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ).رواه مسلم أيضاً.

فالمؤمن يتبع ولا يبتدع فيقرأ لنفسه ويصلي لنفسه يرجو ثواب الله، أما أنه يهدي صلاته أو قراءته إلى حي أو ميت فهذا ليس بمشروع على الصواب فينبغي تركه، وإن قال آخرون من أهل العلم: إنه يفعل، فالاعتبار بالأدلة الشرعية لا بأقوال الناس، يقول الله عز وجل : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }. [النساء: ٥٩ ]، ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى: ١٠ ] فهذه المسألة إذا رددناها إلى الله وإلى رسوله لم نجد في الكتاب العزيز ولا في السنة المطهرة ما يدل على أننا نصلي عن فلان أو نقرأ عن فلان، ونهدي له ثواب قراءتنا وصلاتنا، ولا صومنا، لكن جاء في السنة تصدق الصدقة عن الميت نافعة، والدعاء له بالمغفرة والرحمة نافع بإجماع المسلمين، هكذا الحج عنه والعمرة عنه، إذا كان ميتاً أو عايشاً لا يستطيع الحج لهرمه أو لمرض لا يرجى برؤه لا بأس أن يحج عنه ويعتمر، وهكذا إذا كان عليه دين قضاه أخوه المسلم ينفعه، أما أن يصام عنه تطوع أو يصلى عنه أو يقرأ عنه هذا ليس عليه دليل، فلا ينبغي أن يفعل ولا يشرع، عملاً بالأدلة الشرعية ووقوفاً عندها، والله ولي التوفيق " .[ من الموقع الرسمي للإمام ابن باز رحمه الله ].


 الترجيح:

الذي يظهر لي بعد  الرجوع إلى دواوين شيوخ الإسلام وعلماء السنة وأئمة السلف الصالح رحمهم الله ومااستنبطوه من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم رجحان القول الثالث اختيار الإمام ابن باز رحمه الله وهو القول :[  بمنع وصول ثواب  الأعمال الصالحة إلى الميت بما فيها القرآن الكريم إلا ما دل الدليل  من كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على وصوله ] ومعلوم بداهة ان العبادات توقيف تؤخذ من  الكتاب والسنة ولا يصح القياس فيها .والذي يظهر لي قوة قول الإمام ابن باز رحمه الله وذلك لاعتماده على الأدلة النقلية والحجج العقلية التي لامناص  من الرجوع إليها والاعتماد عليها وترك ما سواها فهذا هو دين الإسلام و أئمتنا وشيوخنا نحبهم في الله لكن والله إن الحق أحب إلينا فإذا وجد الدليل الشرعي الذي يثبت صحة العبادة  فهذا هو دين الإسلام فدين الله مبني على كلام الله سبحانه وتعالى وعلى كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ومعلوم بداهة بل هذا المتفق عليه: ان العبادات توقيف تؤخذ من  الكتاب والسنة ولا يصح القياس فيها .والأصل في العبادات المنع إلا لنص ، والأصل في العادات الإباحة إلا لنص ؛ قال الإمام الألباني رحمه الله :

" ندور مع الدليل حيث دار ، ولا نتعصب للرجال ، ولا ننحاز لأحد إلا للحق ، احفظ هذا فإنه هام جداً ".[ التوسل أنواعه وأحكامه(  ٤٨ )بتصرف]

. رحم الله شيوخ الإسلام وأئمة السنة واعلام الهدى ومصابيح الدجى ابن تيمية وابن القيم والالباني وابن باز وغيرهم ممن لم نذكر  وجمعنا الله واياهم وإياكم في الفردوس الأعلى من الجنة. 

ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا  .

••••••••••••••••••••••••••••••

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني  . 

السبت، 26 فبراير 2022

《 بيان جواز إثبات عقد النكاح اليكترونيا عن طريق ابشر للتوثيق ومناقشة من منع ذلك 》



بسم الله الرحمن الرحيم 

فقد اطلعت على رسالة للشيخ ................... والذي يعمل في كلية الشريعة في جامعة أم القرى في مكة المكرمة ورأيت فيها امورا تحتاج إيضاح وعبارات مجملة تحتاج تبيين وقد جعلت رسالته بين معكوفتين هكذا[[ ]] كما سيأت و رسالته التي نريد الرد عليها ومناقشة صاحبها في أقواله هذا نصها : 

[[ حكم ضغط الزر بالموافقة في الإيجاب والقبول بدلاً من اللفظ في عقد النكاح لفضيلة الشيخ د. ...............

——————

استحدث في هذا العصر عقد النكاح عن طريق برامج مراسلات الإلكترونية تصل إلى الولي والزوج والزوجة والشهود  بالموافقة من عدمها مع تحديد المهر والشروط، فتكون الموافقة من هذه الأطراف عن طريق الضغط على  أزرة الموافقة ، فهل يغني ذلك عن التلفظ بالإيجاب والقبول ؟

————-

النكاح ينعقد بالإيجاب والقبول  من طرفي العقد ، وهو الولي والزوج ، وللزوجة الفسخ إذا لم ترض بالعقد ، ولا يصح النكاح بغير التلفظ ، ولا تجزيء فيه الإشارة إلا لمن كان معذوراً في النطق كالأخرس، وذلك للأسباب التالية :


١ -  لقوله صلى الله عليه وسلم :( واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى ) والكلمة لا تكون كلمة في أصل الوضع اللغوي إلا باللفظ، لا بالإشارة والحركة على الأزرة  ونحوهما.

والقاعدة : ما لا يحتاج إلى إضمار ، أولى مما يحتاج إلى إضمار - كما سبق تقريره في القواعد -.


فإن قيل : إن كلمة الله : تحتمل أن المراد هو ما ذكر : الكلمة التي أمر الله تعالى بها وهي لفظ النكاح - الإيجاب والقبول -.


و قيل كلمة الله أي القرآن .

وقيل : هي إباحته وحكمه.

وقيل : كلمة الله هي كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذ لا تحل مسلمة لغير مسلم.


والقاعدة : إذا جاء الاحتمال بطل به الاستدلال، إذا كان راجحاً أو مساوياً.


والجواب : أن الاحتمال الأول هو الراجح وغيره مرجوح .

وذلك : لأن الاحتمال الأول هو الظاهر من اللفظ ، لأنه لا يحتاج إلى تأويل .

والقاعدة : تفسير الشيء بمادته أولى من تفسيره بغير مادته - كما سبق في القواعد -.

ولأن القرينة تدل على المعنى الأول : فالاستحلال بالزواج لا يكون إلا بلفظ الإيجاب والقبول الصادر من أهله .


ولأن ( كلمة الله ) وإن أطلقت على معان متعددة، فإن القاعدة : الاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك في الحكم - كما تقدم في القواعد -.


ولأن القاعدة : لا يجوز فرض العمومات في المضمرات.

والقاعدة : النص إذا كان يحتمل أكثر من معنى بحسب أوضاع متعددة لا يحمل على جميع تلك المعاني. - وكل هذه القواعد تقدم تقريرها في القواعد -.


فإن قيل :  الإيجاب والقبول يكون حقيقة وحكمًا.

حقيقيٌّ بالتلفظ به، وحكميٌّ بكل ما دل على القبول والإيجاب من إشارة ونحوها .


فالجواب : نحن نتكلم على ما علق النص الحكم على الاستحلال به وهو الكلمة .

فما اشترط فيه الشارع الكلام لا ينعقد إلا به، وما لم يشترط فيه الكلام ، فإن العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.


٢ - ولأن ضغط الزر بالموافقة لا تستلزم الموالاة بين الإيجاب والقبول ، وقد يتقدم القبول على الإيجاب، وقد يكون الفاصل طويلاً فلا ينعقد به العقد كعقد البيع ، بجامع المعاوضة في كل .

فإن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما فرق بين المتلاعنين ، قال الرجل : يارسول الله مالي، قال : ( إن كنت صادقاً فما استحللت من فرجها، وإن كنت كاذباً فذاك لك أبعد ).

هذا دل على أن المهر في مقابلة الاستمتاع بالبضع.


٣ - ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الأيم حتى تستأمر ) فالبكر وجود المانع من نطقها وهو الحياء، ولم يتوفر في الثيب المانع - غالباً- فلا بد من نطقها بالموافقة أو أمرها به ، مما يدل على اعتبار اللفظ في عقد النكاح عند عدم وجود المانع .


٤ - ولأن عقد النكاح يحتوي على الخطاب اللفظي، والخطاب الوضعي.


والقاعدة : أن الإشارة تنزل منزلة المقول في خطاب التكليف عند وجود العذر، و تنزل منزلة  المقول في خطاب الوضع ولو من غير عذر.       - إذا كانت مفهمة  -  وقد تم توضيحها في القواعد الفقهية والأصولية - .

والأمر بإنكاح الأيامى - من لم يتزوج - خطاب تكليف ، فلا يكون بالإشارة والضغط بدون لفظ إلا من عذر كالأخرس.

(وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ)


٥ - ولعدم حضور الشهود للإيجاب والقبول - عند من يشترط الشهادة في عقد النكاح .


٦ - ولأن هذه الضغطة تحتمل أن تكون من الولي أو من غيره، ويحتمل أن تكون من الزوجة أو غيرها، وتحتمل ممن عرف موافقتهم فضغط عنهم ولم يحصل من طرفي العقد ، فكانت محتملة ، وعقد النكاح لا ينعقد بالاحتمال، لأن اليقين لا يزول إلا بيقين مثله.

والقاعدة : الأصل في الأبضاع التحريم .


وذهب جمع من أهل العلم : أن عقد النكاح سائر العقود : ينعقد بما دل عليه من لفظ أو فعل ، لأن العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.

فكل ما اعتبره الناس نكاحاً بأي فعل أو قول فهو عقد صحيح.

والجواب : أن الأدلة السابقة تدل على استثناء عقد النكاح من سائر العقود ، فلا ينعقد إلا باللفظ، والله تعالى أعلم .


تنبيه :  ذهب الجمهور إلى عدم انعقاد الإيجاب والقبول  بالكتابة للغائب، لكونها كناية، والنكاح لا ينعقد بالكناية .


والقول الثاني: ينعقد الإيجاب والقبول بالكتابة للغائب، وهو مذهب الحنفية وقول عند الشافعية والحنابلة وهو ظاهر اختيار ابن تيمية = ، والشوكاني ؛ وذلك لأن الكتاب للغائب كالخطاب للحاضر.

ومذهب الجمهور أرجح بناء على ما سبق في توضيح أصل المسألة .والله أعلم .

كتبه / د . .................../ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة ]] انتهى كلامه وفقنا الله وإياكم وإياه إلى مايحبه الله ويرضاه وهذا ردنا عليه فنقول إجابة عن الاحتمال الذي وجد في رسالته وايضاح لها وتبيين لبعض ما ورد فيها من اجمال : 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا  

أما بعد 

فقد أطلعت على رسالة الشيخ .......... كما ذكرناها في مقدمة رسالتنا هذه . وقد نشرها في مدونة له خاصة فيه فأقول :

 يفترض من فضيلته دفعا للاشكال ورفعا للإيهام وبعدا عن نشر المسائل العلمية المجملة المحتملة أن يأت بهذه المسألة مفصلة ف[ الحكم على الشئ فرع عن تصوره ]:


                 ( أولا )

 بيان الحكم في استخدام التقنية الإلكترونية عن طريق نظام ابشر في إثبات العقود وحفظ الحقوق فهذه المسألة التي ذكرها من أردنا الرد عليه لها صورتان :


الصورة الأولى وهي ماذكرها بقوله : 

[[ استحدث في هذا العصر عقد النكاح عن طريق برامج مراسلات الإلكترونية تصل إلى الولي والزوج والزوجة والشهود  بالموافقة من عدمها مع تحديد المهر والشروط، فتكون الموافقة من هذه الأطراف عن طريق الضغط على  أزرة الموافقة ]] فما حكم هذه الطريقة اذا كان فيها ايجاب وقبول يسبق هذه العملية لتوثيق الزواج وهذا هو الذي يحصل في واقع المجتمعات المسلمة ؟

.واستخدام التقنية الحديثة جرى بناء على توجيه ولي الأمر في توثيق العقود وإثبات الحقوق لرعيته

فهنا المسألة لها حكم  

ولا يتصور إحسان الظن منا في المجتمع المسلم وافراده أن يأت أحد من الشارع فيقوم بهذا الزواج الوهمي والمفترض حدوثه تصورا لا واقعا ولا شرعا ولا عقلا فلا بد أن يسبق ذلك ما تعارف المجتمع بحصوله من رغبة الزوجين ببعضهما وحدوث الرؤية الشرعية ومن ثم وجوب موافقة ولي الأمر وتحديد المهر والشروط ومن ثم معرفة الشهود وتحديد أسمائهم وبهذا جرى العرف وعليه عمل المسلمين ف" الإيجاب و القبول يتم في مجلس العقد بعد ان تتم المصادقة من اطراف العقد يحضر المأذون للمجلس و يتاكد من وثائقهم و يتحقق من الشروط و المهر لان البعض يصادق ولا يعلم ماذا دون في العقد .. لكن اذا حضر الماذون يقرأ عليهم العقد كامل واذا تمت الموافقه من الكل على ماتم تدوينه مسبقا . اجرى لهم العقد وبعض الاحيان و نحن في مجلس العقد يختلفون على المهر او الشروط ويعاد العقد للوزاره للتعديل " [ افادنا بذلك الشيخ أبوسليمان حفظه الله من ماذوني عقود المحكمة في محكمة بريدة ].


ثم 

               ( ثانيا )

ان يذكر المسألة الأخرى التي لها حكم آخر مختلف وهي الصورة الثانية بحيث تكون هكذا كما ذكرها برسالته ونصها :

[[هل تغني هذه الطريقة عن التلفظ بالايجاب والقبول ؟]] فهنا :

فرق بين المسألتين كما يشاهد وإعطاء الفهم الحق لكل مسالة هو سبيل أهل العلم وقد يكون لمؤلف الرسالة وجه لبحثها بين طلابه وليس له :

              [ أ ]

  دمجهما او إعلانها في حكم واحد .


               [ ب ] 

ومن ثم يأت إلى جهة حكومية مختصة معلنا رأيه في هذه القضية التي هي من صميم عملهم ومن أوليات اختصاصهم 

وكان المفترض أن يكون سرا ابتعادا عن اللغط والغلط وعن اثارة الرأي العام في أمور أجمل فيها الحكم ولم يبينه ؛ ولأن طريق النصح والتوجيه الشرعي الصحيح لولي الأمر ونوابه المبني على ادلة الشرع والذي يجب عليه وعلى كل مسلم سلوكه لتبعية هذه الجهة المراد الإنكار العلني عليها لولاة الأمر .

ولأن في منع هذه التقنية بعد بيان الفرق بين الصورتين واختلاف الحكمين فيهما إنما هو منع أمر يراد به توثيق العقود وحفظها وعدم تضييعها ومثله مثل عقود النكاح الورقي للتوثيق وهذا الاخير من الأمور المتفق على جواز العمل فيه بين الجميع . 

وقد حدثت في منع التقنية الحديثة سابقا فتن وقتال بين ولي امر المسلمين حينما أراد إدخالها اقتضاء للمصلحة الشرعية التي يعرفها ويقدرها وينفذها ويرعاها ويدركها ولاة الأمر وبين عوام عباد جهلة يرون منع هذه الأجهزة تورعا جهلا منهم بجواز استخدامها مع أن أهل العلم اباحوها بعد النظر في جوازها شرعا لما لها من فوائد جليلة لخدمة الإسلام وأهله. 

والالفاظ المجملة التي تحتمل عدة معاني لا ينبغي الحكم عليها جملة إلا بعد بيان الفرق بينها والاستفصال عن كل معنى فإن كان حقا قبل وإن كان باطلا رد ؛ يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى( ١٢ / ١١٤ ) :

"ثم التعبير عن تلك المعاني إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال عبر بغيرها أو بين مراده بها بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي، فإن كثيرا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة ومعان مشتبهة حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها، ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره فضلا عن أن يعرف دليله ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئا بل يكون قوله نوع من الصواب وقد يكون هذا مصيبا من وجه وهذا مصيبا من وجه وقد يكون الصواب في قول ثالث".

وقال أيضا رحمه الله في موضع آخر من الفتاوى( ١٢ / ٤ ) : "ليس لأحد أن يبتدع اسما مجملا يحتمل معاني مختلفة لم ينطق به الشرع ويعلق به دين المسلمين ولو كان قد نطق باللغة العربية كيف إذا أحدث اللفظ معنى آخر"

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في نونيته :

" وعـلـيك بالتفصيل والتبيين فالإجمال والإطلاق دون بيان

قد أفسدا هذا الوجود وخبـطا الأذهان والآراء كل زمـان".


فالموافقة عن طريق الإقرار الالكتروني بنظام أبشر حاله كحال التوقيع في العقد الورقي او في دفتر الضبط وهذا إجراء نظامي للتوثيق فقط ؛ و يسبقه الايجاب والقبول والموافقة في مجلس العقد بحضور جميع الأطراف والذين بهم يصح عقد نكاح الزوجين .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. 

.....................................

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .

الخميس، 24 فبراير 2022

《 آيات السكينة 》



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 

أما بعد 

فهذه آيات السكينة آيات عظيمة من كلام ربنا عز وجل فيها سكينة للانفس التي تعاني من القلق و الاكتئاب وعدم الاطمئنان وقلة الهدوء والسكينة فقراءتها تعالج الأهواء والادواء وتسكن الروح وتطمئنها فيلقي الله في قلوب عباده الصالحين سكونا ووقارا وعزة ورفعة وخشوعا، فتثبت القلب عند المخاوف ، فلا تزلزله الفتن ، ولا تؤثر فيه المحن ، بل يزداد إيمانا ويقينا فكلام الله ربنا سبحانه كله شفاء وعافية ودواء يقول الله سبحانه وتعالى :{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا } .

 " أي : يذهب ما في القلوب من أمراض ، من شك ونفاق ، وشرك وزيغ وميل ، فالقرآن يشفي من ذلك كله . وهو أيضا رحمة يحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه ، وليس هذا إلا لمن آمن به وصدقه واتبعه ، فإنه يكون شفاء في حقه ورحمة . وأما الكافر الظالم نفسه بذلك ، فلا يزيده سماعه القرآن إلا بعدا وتكذيبا وكفرا . والآفة من الكافر لا من القرآن ، كما قال تعالى : { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد }وقال تعالى : { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون}[ من كلام الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية ] .

.قال الإمام البغوي رحمه الله:

"قيل : من ليس للتبعيض ومعناه : وننزل من القرآن ما كله شفاء أي : بيان من الضلالة والجهالة يتبين به المختلف ويتضح به المشكل ويستشفى به من الشبهة ويهتدى به من الحيرة فهو شفاء القلوب بزوال الجهل عنها ورحمة للمؤمنين .قال قتادة : لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان قضى الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ".[ من تفسيره لهذه الآية بتصرف].

" فالشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب، من الشبه، والجهالة، والآراء الفاسدة، والانحراف السيئ، والقصود السيئة

فإنه مشتمل على العلم اليقيني، الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير، الذي يزول به كل شهوة تخالف أمر الله، ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها.وأما الرحمة، فإن ما فيه من الأسباب والوسائل التي يحث عليها، متى فعلها العبد فاز بالرحمة والسعادة الأبدية، والثواب العاجل والآجل".[ من كلام الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة ].

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

" وقد ذكر الله سبحانه السكينة في كتابه في ستة مواضع :

الأولى : 

قوله تعالى : { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} .

الثاني : 

قوله تعالى : { ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.

الثالث :

 قوله تعالى : { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا }.

الرابع : 

قوله تعالى : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} .

الخامس : 

قوله تعالى : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا }.

السادس :

 قوله تعالى : { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ }.

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور : قرأ آيات السكينة . وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها ، من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة ، قال : فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي : اقرأوا آيات السكينة ، قال : ثم أقلع عني ذلك الحال ، وجلست وما بي قَلَبَة . وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه ، فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته . وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف ، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه ، ويوجب له زيادة الإيمان ، وقوة اليقين ، والثبات ، ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم الهجرة ، إذ هو وصاحبه في الغار ، والعدو فوق رءوسهم ، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما ، وكيوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار لا يلوي أحد منهم على أحد ، وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكم الكفار عليهم ، ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس ، وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه عن حملها ، وهو عمر ، حتى ثبته الله بالصدِّيق رضي الله عنه .

وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : رأيت النبي ينقل من تراب الخندق حتى وارى التراب جلدة بطنه وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه :

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا

وفي صفة رسول الله في الكتب المتقدمة : إني باعث نبيا أميا ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا متزين بالفحش ، ولا قوال للخنا ، أسدده لكل جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، ثم أجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره ، والحكمة معقوله ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والعدل سيرته ، والحق شريعته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه "[ مدارج السالكين ( ٢ / ٥٠٢ - ٥٠٤) بتصرف ]. 

نسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يمن علينا وعليكم بالشفاء العاجل والصحة والعافية أن يلهمنا الصبر ويشفي صدورنا ويذهب غيظ قلوبنا ويتوب علينا 

وأن يرزقنا وإياكم الأمن والأمان والوقار والسكينة والاطمئنان والتوحيد والسنة والإيمان وأن يهب لنا من فضله فرزق ربنا ماله من نفاد وأن يمن علينا وعليكم بالعلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة 

لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب رزقنا الله وإياكم الاستغفار والانابة والتوبة والرجوع إليه سبحانه وتعالى ؛ والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

••••••••••••••••••••••••••••••••

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .

الأربعاء، 23 فبراير 2022

《 خطأ وضلال إستشهاد جماعة الاخوانية الخوارج في سجن دعاتهم رموز الخوارج الذين يرون تكفير المسلمين - حكاما ومحكومين - واستحلال دمائهم في أن سجنهم مثل سجن الإمام أحمد بن حنبل أو شيخ الإسلام إبن تيميه رحمهما الله أو غيرهم من أئمة السنة وشيوخ الإسلام فهذا إستشهاد في غير محله لأمور يؤيدها النقل والعقل والفطر السليمة 》


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه وأقتفى  .

أما بعد 

فقد ذكرنا في رسالة سابقة مستقلة  عن 《 علامات الحزبيين الظاهرة وصفات جماعات التكفير 》 وذكرنا  في هذه الرسالة  فقرة جعلنا  عنوانها : ( العلامة الخامسة ) وقلنا فيها :

" إذا رأيت أو سمعت الداعية مطلوبا عند الجهات الأمنية بإستمرار او تم إيقافه لمصلحة امنية راجحة أو جرى منعه من الحديث والفتيا وايقافه عن إلقاء الدروس فهذه علامة تدل على سوء معتقده وفساد منهجه فإبتعد عنه فإن هذه علامة ظاهرة على إنحرافه العقدي وشذوذه الفكري في الغالب الأعم إذ أن الجهة الامنية  لاتطلب أو توقف أو تمنع إلا كل منحرف مخالف للسنة وأصولها ومن ذلك [  أصل  وجوب السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف ]  فتراه يخالف السنة وذلك في مخالفته لتعليمات ولاة أمره المبنية الكتاب والسنة ووفق ماعليه عقيدة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وافتراء لمصلحة شرعية راجحة عامة للمسلمين  و تصب في صالح اخوانه المواطنين.. 

ثم اذا اطلعت على ما يكتبه ويذكره دعاة جماعة الاخوانية الخوارج عن دعاتهم وتقديسهم لهم واعطائهم هالات اعلامية ليست وفق حجمهم الحقيقي وإطلاق ألفاظ تبجيل ومصطلحات تفخيم لهم لا مبرر لها مع وجود فتاوي لهم فيها تحريض وتهييج للعامة وفيها اباحة وسائل الخروج على ولاة أمورهم يحكم بضلالهم  وانحرافهم ثم يتبع ذلك وصفهم لسجن دعاتهم دعاة الضلال والانحراف ورموز الخوارج الذين يرون تكفير المسلمين - حكاما ومحكومين - واستحلال دمائهم في وصفهم  لسجنهم انه مثل  سجن الإمام أحمد بن حنبل أو شيخ الإسلام إبن تيميه رحمهما الله أو غيرهم من أئمة السنة وشيوخ الإسلام فهذا وصف  وإستشهاد في غير محله لأمور يؤيدها النقل والعقل والفطر السليمة منها  :



                    [ أولا ] 


إختلاف الغاية و المقصد فإبن حنبل وإبن تيميه رحمهما الله تعالى أرادوا الله والدار الآخرة وإبراء الذمة بالنصح للأمة وفق الشرع المطهر واتباع لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم  مع محبتهم وشفقتهم على ولي الأمر الذي ظلمهم وآذاهم من غير قصد منه وإنما حمله على ذلك الجهل بالشرع وتصديق فتاوى أناس أرادوا به الشر ومع ذلك لا ينسون الدعاء له بالخير وتحذير المسلمين من مغبة الخروج عليه وبيان حكم تحريم  ذلك وأن الخروج عليه يخالف الشرع الصحيح والعقل السليم مع ماينتج عن هذا الخروج من مفاسد عظيمة منها اختلال الأمن وما يترتب عليه من إستحلال للدماء البريئة المعصومة بغير حق ..

مع علمهم أن سجنهم تم بفتاوى ظالمة صدرت من علماء مبتدعة ضلال ظلمة  يلتقون مع دعاة الاخوانية الخوارج في عدة عقائد منحرفة وقد احسن الظن في هؤلاء من رضي فتاواهم جهلا بالشرع وخفاء معتقدهم السئ عليه  وجرى ذلك منه بنية طيبه .

.فهل يستوي الفريقان مثلا ؟


الجواب معلوم شرعا وعقلا وهو   بالنفي :(  لا )


وهو جواب معروف حتما ...


ولانقول هذا الكلام في هؤلاء الضلال إلا بما بدر منهم من أفعال سيئة  تدل على عقيدة سيئة مبنية على مخالفتهم للشرع ومضادتهم للسنة ومشاققة لاجماع المؤمنين واتباع لغير سبيلهم .

ثم يتبع ماسبق 



                   [ ثانيا ] 


إن هؤلاء الضلال يريدون الكرسي ويريدون الدنيا وحظوظها وإرادة الشر بالمسلمين كما هو واضح في تصرفاتهم التي دل الكتاب والسنة على انحرافها ثم إن عند هؤلاء الضلال قاعدة معروفة هي  ..



                   [ ثالثا ] 


" الغاية تبرر الوسيلة "  فهم يريدون الدنيا ويتمسحون بالاسلام وعلماء الإسلام وشيوخه لكن الفرق واضح شاسع .



                   [ رابعا ] 


هل سمعت أو نقل اليك أو رأيته في كتاب : إن الإمام أحمد بن حنبل أو شيخ الإسلام إبن تيميه رحمهما الله يعتلون رؤوس المنابر فيتهجمون على ولاة الأمرفي عصرهم علانية ويسبون ويشتمون بإسم الإسلام  ...


وأقول : هذه كتبهم و هذه مؤلفات و كتب ورسائل  تلامذتهم من بعدهم وهذه عقيدتهم مبثوثة منشورة مشهورة لايوجد فيها الخروج أو تزيينه  فلايوجد فيها إلا النصح والمحبة والشفقة على المسلمين عامة وولاة أمر  فلم يؤثر عنهم الأمر بالخروج على ولاة أمرهم. 

يقول الله سبحانه وتعالى:{ افنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون  } ؟



              [ خامسا ] 


إن علماء السنة عندهم فقه الكتاب والسنة و فهم سلفهم الصالح لنصوص الوحيين 

فهذا هو مصدر الدين عندهم فهم يسيرون وفق ذلك ويحرمون ويحرمون مخالفته 

وأما هؤلاء  الإخوانية الخوارج فلهم أهواء ورغبات وشبهات فيتمسكون بالمتشابه فكرهم عقيدة الخوارج التي حذر منها الرسول صلى وسلم عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم وعلى سوء عقيدتهم إجماع أهل العلم فهم يأخذون عن هؤلاء الخوارج  و يصدرون منهم ...فهل رأيت البون الشاسع بين الفريقين ؟



               [ سادسا ]


علماء السنة أتباع السلف الصالح يعرفون درجات إنكار المنكر ومراتبه وأنواع المنكر ( كفر - بدعة - معصية ودركاتها ثم يدركون حجمها وخطورتها و هل هي كبيرة أو صغيرة ويدركون أبعاد البدع والأهواء فيتصرفون بعلم وعدل وإنصاف وحكمة يريدون الله والدار الآخرة  ) وصفة من أريد الإنكار عليه ومنزلته وكيفية التعامل معه وفق السنة ؟

وكيفية إنكار المنكر  ونتائجه بحيث لايترتب على إنكارهم  منكر أعظم منه أو يتولد منه مفاسد أكبر فهم يمشون على نور الوحي وما بني عليه من قواعد شرعية وأصول مرعية بأساليب نبوية سنية  فلهم فهم و فقه في  درء المفاسد و جلب المصالح وإن درء المفسدة أعظم من جلب المصلحة

ويعرفون أنواع المصالح وأقسام المفاسد  . فتصرفاتهم من اقوال وأفعال وفتيا ودعوة وبيان حكم شرعي تصدر بفقه الكتاب والسنة ووفق نهج سلف الأمة بعلم وعدل وإنصاف وحكمة وحق وصدق وإخلاص وصواب يتبعون ولا يبتدعون. ومن أجمل الأوصاف التي أطلقت عليهم فهم أحق بها وأهلها 

:"الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة ........ فنعوذ بالله من فتن المضلين "من كلام الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في مقدمة رسالته [ الرد على الزنادقة والجهمية بتصرف ].




                 [ سابعا ] 


إختلاف المذهب بين دعاة الفتنة وعلماء السنة فهؤلاء الائمة هم أئمة السنة كالإمام إبن حنبل أو شيخ الإسلام إبن تيميه رحمهم الله من أهل الإسلام الصحيح "أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح ومن الفرقة الناجية المنصورة وهم اهل السنة والحديث والاثر والفقه والنظر " وأما هؤلاء فهم خوارج عصرية كما وصفهم بذلك علماء هذا العصر "وَأَهْلُ الضَّلَالِ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا هُمْ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ رحمه الله : أَهْلُ الْبِدَعِ وَالشُّبُهَاتِ: يَتَمَسَّكُونَ بِمَا هُوَ بِدْعَةٌ فِي الشَّرْعِ وَمُشْتَبِهٌ فِي الْعَقْلِ. كَمَا قَالَ فِيهِمْ الْإِمَامُ أَحْمَد، قَالَ: هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ مُتَّفِقُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، يقولون على اللهِ وفي اللهِ وفي كتابِ اللهِ بغيرِ علمٍ، يَحْتَجُّونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ، وَيُضِلُّونَ جُهَّالَ النَّاسَ بِمَا يُشَبِّهُونَ عَلَيْهِمْ.

وَالْمُفْتَرِقَةُ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ تَجْعَلُ لَهَا دِينًا وَأُصُولَ دِينٍ قَدْ ابْتَدَعُوهُ بِرَأيِهِمْ ثُمَّ يَعْرِضُونَ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ؛ فَإِنْ وَافَقَهُ احْتَجُّوا بِهِ اعْتِضَادًا لَا اعْتِمَادًا، وَإِنْ خَالَفَهُ؛ فَتَارَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأوِيلِهِ؛ وَهَذَا فِعْلُ أَئِمَّتِهِم، وَتَارَةً يُعْرِضُونَ عَنْهُ وَيَقُولُونَ: نُفَوِّضُ مَعْنَاهُ إلَى اللَّهِ؛ وَهَذَا فِعْلُ عَامَّتِهِمْ.[ من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الفرقان بتصرف ]

 فحقهم التأديب والعقوبة والزجر على حسب مايراه ولي الأمر إقتضاء للمصلحة التي يعرف قدرها بغير افتيات أو تقدمة على مقامه 

فعقوبة هؤلاء الخوارج الإخوانية  قربة وديانة بشكر عليها ولي الامر ويدعى له بالنصر والتمكين وخلاص البلاد والعباد من مثل هؤلاء الخوارج الفحرة ؛ اسأل الله الحي القيوم أن يثبتنا وإياكم  على دينه ويجعلنا من أنصار دينه وأن يكفي المسلمين - رعاة ورعية.  حكاما ومحكومين - شر الأشرار وكيد الفجار وفسقة الجن والإنس من إخوانية خوارج أو ملاحدة ليبرالية .

نسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يجعلنا وإياكم من أنصار دينه وحملة العلم الصادقين المخلصين كما نسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة وأن يهبنا واياكم الإخلاص والصواب والصلاح والقبول في القول والعمل والنية والاهل والذرية. 

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا  .

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني. 

《 مناقشة الاخوانية الخوارج في كذبهم على علماء السنة اتباع السلف الصالح ووصفهم لهم بأنهم [ مرجئة مع الحكام خوارج مع الدعاة ] وتفنيد هذه الشبهة وبيان فسادها وأن هذه العبارات هي الوصف الحقيقي المستحق لهم والحق الواقع المنطبق عليهم 》

 


    بسم الله الرحمن الرحيم 



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا  

اما بعد 

فهنا عبارات يذكرها دعاة ورموز وافراد الاخوانية الخوارج يرمون بها علماء الإسلام الصحيح وهم أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح

 على جهة النبز والتعيير والتهكم والسخرية

 وارادوا في إطلاقها تشويه أهل العقيدة الصحيحة لئلا يؤخذ العلم عنهم وهذه أسلوب دعايات تجارية فاشلة إلى مذهبهم الباطل الخارجي المخالف للكتاب والسنة واجماع المسلمين ومضاد لأصول أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وقواعدهم العلمية 

وفي رسالتنا هذه سنقوم بتفكيك ألفاظ هذه العبارات وبيان معناها مع ايضاح المعنى المقصود لهؤلاء الضلال في إطلاقهم لها وتفنيد كل عبارة أرادوا بها شرا في شيوخ الإسلام وأئمة السنة واعلام الهدى ومصابيح الدجى وافساد باطلهم ودفع صائلهم بالكتاب والسنة وآثار السلف الصالح وهديهم

 ونناقشهم في هذه العبارات المجملة الباطلة عبارة عبارة وسترون إن شاء الله انقلاب السحر على الساحر

قال الله تعالى وتقدس: { إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ }

 " أي: كيدهم ومكرهم، ليس بمثمر لهم ولا ناجح، فإنه من كيد السحرة، الذين يموهون على الناس، ويلبسون الباطل، ويخيلون أنهم على الحق "[ من تفسير الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله لهذه الآية ]

وقد تطرق إلى هذه العبارات الإمام الألباني رحمه الله ورد على أصحابها وبين فسادها بقوله رحمه الله:" لأنه تقسيم محدث مبتدع وداخل فيما أشرت إليه آنفًا بأنه تلاعب بالألفاظ فنحن مرجئة مع الحكام بيّنا لهم أننا مع الذي شرع الأحكام والتي جعل الكفر قسمين إلى آخره فلسنا مرجئة إلا بالنسبة لهؤلاء الذين يسمون الأشياء بغير أسمائها وأخشى ما أخشاه أن يشملهم وعيد قوله عليه السلام في غير هذه المسألة : (يسمونها بغير اسمها)

[ سلسلة الهدى والنور شريط رقم( ٨٤٩ )].

 نبدأ بفضل الله ورحمته فعليه توكلنا ومنه سبحانه وتعالى نطلب السداد والتوفيق والإخلاص والصواب والعدل والصدق والانصاف والاعانة والاغاثة والمدد فنقول وبالله التوفيق:

   

《 مناقشة الفقرة الأولى: وهي عبارة [ مرجئة مع الحكام ] عند هؤلاء الخوارج وماذا يعنون بها 》؛ فأقول : الحق إن أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح لا يتكلمون بالحكام علنا ولا يظهرون مساوءهم جهرا ولا يأمرون بالخروج عليهم ويدعون لهم بالصلاح ويطبقون كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في كيفية التعامل مع السلاطين وفق هدي السلف الصالح وصدورهم تجاههم سليمة مملوءة بالنصح لهم بعيدة عن الغل عليهم او الغش لهم ففلاح وصلاح هؤلاء الحكام هو صلاح وفلاح لرعيتهم . وان وجد خطأ أو تقصير أو ظلم منهم فسبيل التعامل معهم يكون وفق الشرع فينصحون سرا عملا بالسنة النبوية ولا يظهرون ذلك لأحد .واما المرجئ فهو من يؤخر العمل ؛ وأهل السنة يعملون وفق الكتاب والسنة بفهم سلف الامة الصالح؛فهم يرون الإيمان قول اللسان وعمل الاركان واعتقاد الجنان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ويؤدون حقوق ولاة الأمر الشرعية الواجبة عليهم شرعا وفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم دون تأخير فيسألون الله الذي لهم ويؤدون الذي عليهم منشرحة صدورهم بذلك .ومن خالف ذلك فهو المرجئ الخارجي .فقد ثبت في دواوين السنة أن من نتائج الخروج على ولاة الأمر السيئة ظهور عقيدة المرجئة ففي السنة لعبدالله بن الإمام أحمد رحمهما الله ( ١ / ٣١٩) ؛ قال قتادة رحمه الله:"إنما أحدث الارجاء بعد هزيمة ابن الاشعث "والمرجئة يعتقدون التكفير ؛ ويؤول بهم الحال الى قتل المسلمين ، واستحلال دمائهم ؛ ففي الكتاب اللطيف لابن شاهين رحمه الله صفحة ( ١٧ ) قيل لعبد الله بن المبارك رحمه الله : ترى رأي الإرجاء؟ 

فقال ابن المبارك رحمه الله: " كيف أكون مرجئاً فأنا لا أرى السَّيفَ؟ " .

وفي السنة لعبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله( ١ / ٢١٧ ) عن أبي إسحاق الفزاري رحمه الله قال: سمعت سفيان والأوزاعي يقولان: " إن قول المرجئة يخرج إلى السيف " . 

وفي معتقد الصابوني رحمه الله والذي جمع فيه عقيدة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح بسنده الصحيح إلى أحمد بن سعيد الرباطي رحمه الله أنه قال: قال لي عبد الله بن طاهر:" يا أحمد! إنكم تبغضون هؤلاء القوم [يعني المرجئة] جهلاً، وأنا أُبغضهم عن معرفة؛ أولاً: إنهم لا يَرَوْن للسلطان طاعة ".

فالخوارج والمرجئة مذهبان خارجيان اختلفا في الاسم واجتمعا بالسيف .

فهؤلاء الخوارج هم المرجئة 

ثم ماذا يعني القائل بقوله : " أهل السنة السلفيون مرجئة مع الحكام ؟

 فنقول له :

ماذا تقصد بكلمة مرجئة؟

فإن كان مقصودك بذلك بدعة الإرجاء التي هي :تأخير العمل عن مسمى الإيمان وأنه لا يضر مع الإيمان معصية فهذا من أبطل الباطل وأكذب الكذب عنهم وهذا معلوم لدى القاصي والداني ممن قلت بضاعته في العلم الشرعي فضلا عن أهله وها هي كتبهم شاهدة بنقيض ذلك بل فيها التشنيع والنكير على هذه البدعة النكراء.

قال سعيد بن جبير :"ومثل المرجئة مثل الصابئين".

وقال شريك عن المرجئة : " هم أخبث قوم وحسبك بالرافضة خبثا ولكن المرجئة يكذبون على الله".

والأقوال عن السلف في ذم المرجئة وبيان سوء مذهبهم أكثر من أن تحصر حتى أن الإمام الخلال رحمه الله عقد مجلدا في كتابه السنة للرد على المرجئة :

 وهو الجزء الرابع والخامس.

وما تكاد تقرأ كتابا من كتب العقيدة والسنة إلا وقد تعرضوا له بالرد على هؤلاء المبتدعة .

ولكن القوم:"أعني المفترين يرمون أهل السنة بما ليس فيهم لأن موقفهم من الحاكم المتلبس بالظلم أو الفسق موافق للنصوص الشرعية وماعليه عمل السلف الصالح من عدم الخروج عليه وإثارة الفتن والقلاقل في أوساط المجتمعات لأنهم ؛ أي أهل السنة والجماعة السلفيين : لا يكفرونه بل يرون السمع والطاعة في المعروف مع المناصحة الصادقة وفق هدي السلف.

بينما أهل البدع من أصحاب الحركات المشبوهة يكفرون الحكام قاطبة من غير تفصيل إستدلالا بقوله تعالى :{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }

ونسوا أو تناسو أن الكفر عند أهل العلم كفران :كفر إعتقادي :يخرج من الملة وكفر عملي :لا يخرج من الملة [ إلا بعد إقامة الحجة ] وعلى ذلك جاتءت النصوص من الكتاب والسنة بتسمية بعض الأعمال كفرا وهي غير ناقلة عن الملة بمجرد الفعل منها :

ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم : ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) 

وقال عليه الصلاة والسلام : ( اثنتان من الناس هما بهم كفر :الطعن في النسب والنياحة على الميت).

قلت :

وبعد أن تقرر أن هذا الأصل وهو أن الكفر كفران نأت إلى قول ربنا عزوجل :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }.

فننظر هل الحكم بغير ما أنزل الله من الكفر الأكبر أو الأصغر وما هي أقوال أهل العلم في ذلك ؛قال ابن عباس[ رضي الله عنهما في تفسيره لهذه الآية: "هو به كفره، وليس كمن كفر بالله، وملائكته، وكتبه ورسله"

وقال أيضا :

" ليس بكفر ينقل من الملة".

وقال عطاء رحمه الله :

" كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسوق دون فسوق "

وقال سفيان رحمه الله : " أي ليس كفرا ينقل من الملة".

قال ابن جرير الطبري رحمه الله : " وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفّار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت، وهم المعنيون بها، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبراً عنهم أولى.

فإن قال قائل: فإن الله تعالى قد عمّ بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصاً؟!

قيل: إن الله تعالى عمّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كلّ من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، هو بالله كافر؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما"

قلت : والغريب أن هؤلاء الذين يكفرون الحكام المتلبسين بالظلم والفسق يجهلون أو يتجاهلون أن الحكم في الآية عام فيتناول كل من لم يحكم بما أنزل الله سواء كانوا أمراء أم مشايخ قبائل الذين يتحاكمون بالعادات وسوالف البادية ويتناول أيضا مشايخ الطرق الصوفية والأحزاب المبتدعة ونحو ذلك بل حتى على نطاق رب البيت مع رعيته فلماذا يقتصرون في حكمهم على حكام المسلمين فقط؟ !

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ”وإذا كان من قول السلف: [ إن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق ] فكذلك في قولهم: [ إنه يكون فيه إيمان وكفر]ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملّة، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ قالوا: كفروا كفراً لا ينقل عن الملة، وقد اتّبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة.

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله : " والصحيح: أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين: الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة؛ فهذا كفر أصغر. وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مُخيّر فيه، مع تيقُنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر. إن جهله وأخطأه، فهذا مخطئ، له حكم المخطئين".

فهذه أقوال أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين استناروا بنور الوحي فأبانوا الحق في هذه المسألة الخطيرة التي حقيقة هي مزلة قدم كثير ممن ينتسبون إلى الدعوة إلى الله تعالى فضلا عن غيرهم فماذا يقال : 

عن كل هؤلاء الأخيار؟

 أيقال أنهم مرجئة مع الحكام؟ قال تعالى :{ فماذا بعد الحق إلا الضلال }

إن الواجب :

 أن نقفوا أثر هؤلاء الأبرار حتى نسعد إن شاء الله تعالى في الدنيا والآخرة - و - إن الحقيقة التي ينبغي ان تعلم أن الذين يستحقون أن يوصمو بالإرجاء هم أهل البدع كما تبين آنفا ولله الحمد والمنة "[ التعليقات الجلية على كتاب الخطوط العريضة لأدعياء السلفية بتصرف ].

و طريقة التعامل مع الملك أو الريس أو الأمير او الوزراء ليست اجتهاديه بل هي شرعية دينية وفق الوحي المنزل و من الوحيين السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفق ماعليه عقيدة أهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح .

بالنصيحة سرا وفقا للشرع فليست علانية كما هو نهج الاخوانية الخوارج

ومن يقوم بها هم اهل العلم او من علم ان هذا الامر منكر شرعا فناصحه سرا ولا يقوم بالنصح العوام لجهلهم او صاحب هدف سئ او غرض خبيث يريد تهييج الرعية على راعيها

وكذلك الدعاء له بظهر الغيب

هذا اذا اخطأ فكيف إذا لم يظهر منه خطأ إلا ارادة تكفيره وتحريض الناس عليه 

وقد ثبت في السنة والاثار الصحيحة عن سلفنا الصالح فإنه :" لما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه : قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه : ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه، إلا أسمعكم؟ إني أكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرًا لا أحب أن أكون أول من افتتحه.ولما فتح الخوارج الجهال باب الشر في زمان عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان رضي الله عنه علنا عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية رضي عنهما ، وقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة رضي الله عنهما وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنا، حتى أبغض الكثيرون من الناس ولي أمرهم وقتلوه، وفي السنن عن عياض بن غنم الأشعري رضي الله عنه ، أن رسول الله ﷺ قال: ( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه )" [ من كلام الامام ابن باز رحمه الله بتصرف يسير ] والحديث صححه الامام الالباني رحمه الله ؛ وروى ابن ابي شيبه رحمه الله عن سعيد بن جبير رحمه الله قال: قال رجل لابن عباس-رضي الله عنهما-: آمر أميري بالمعروف؟ قال: إن خفت أن يقتلك, فلا تؤنب الإمام, فإن كنت لا بد فاعلا فيما بينك وبينه . وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله عن سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الْأَزَارِقَةُ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُمْ كِلَابُ النَّارِ "، قَالَ: قُلْتُ: الْأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ أَمِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا؟ قَالَ: " بَلِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا ". قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً ، ثُمَّ قَالَ: " وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ، فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ، وَإِلَّا فَدَعْهُ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ "هذا المعنى الشرعي السابق هو مراد الاخوانية الخوارج بقولهم :[ مرجئة مع الحكام ] فهم يريدون الخروج على الحاكم في اقوالهم وأفعالهم اوتزيين الخروج عليه ؛ فحينما يقوم علماء الإسلام الصحيح أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح في تفنيد 

شبهات هذا الجماعات الضالة ومن ذلك ايضاح [ أصل وجوب السمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف] بالادلة الشرعية ؛ وأما الإنكار على ولي الأمر علانية فهذا خلاف السنة ويترتب عليه مفاسد عظيمة وأما النصح سرا فهذه طريقة نبوية شرعية أتت في الكتاب والسنة وفي هدي سلف الامة بيناها في مقدمة رسالتنا هذه فليست محلا لإجتهاد جماعات الخوارج الإخوانية  فهم ليسوا اهلا للنصح والتوجيه والارشاد وليسوا من أهلها وليس عندهم علم يفرقون فيه بين الحق والباطل أو بصيرة نافذة تمنعهم من هذه الشبهات أو خلق طيب وصبر يمنعهم من ارتكاب الشهوات؛ فمذهبهم قائم على الشدة والقسوة والفظاظة وسوء الخلق وتكفير المسلمين وإستحلال دمائهم ...

ومن خالفهم في ذلك وعمل بالشرع واطاع الله سبحانه وتعالى واطاع رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل وفق هدي السلف الصالح فهو حسب زعمهم الباطل [ مرجئ مع الحكام ].

اعاذنا الله وإياكم من باطلهم وكفى الله المسلمين شرهم.

《 مناقشة العبارة الثانية : وهي قولهم إن علماء اهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح خوارج مع الدعاة 》


 ذكرنا في مناقشة الفقرة الأولى طريقة علماء الإسلام الصحيح أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح في كيفية تعاملهم مع ولاة أمرهم وأنها طريقة شرعية دينية مبنية على نصوص الوحيين كتابا وسنة بفهم سلفهم واجماعهم وأن طريقتهم ليست اجتهادية بل الاتباع وليس الهوى والاتباع وفي مناقشة هذه الفقرة نبين ان طريقتهم في فضح شبهات الخوارج أرادوا بها النصح والتوجيه والارشاد وايضاح طريق أهل الحق المبين من المؤمنين واستبانة سبيل المجرمين نصحا للأمة وابراء للذمة ولئلا يتبع أهل الباطل في باطلهم عملا بقوله تعالى : { وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ }

" فإن سبيل المجرمين إذا استبانت واتضحت، أمكن اجتنابها، والبعد منها، بخلاف ما لو كانت مشتبهة ملتبسة، فإنه لا يحصل هذا المقصود الجليل".[ من تفسير الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله لهذه الآية ].

ولا يقوم بهذا العمل إلا الرسل واتباعهم من خواص أهل العلم فهو من الجهاد الأكبر قال الله تعالى وتقدس : { وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا } " يعني : بالقرآن ، قاله ابن عباس [ رضي الله عنهما ] {جهادا كبيرا } ، كما قال تعالى : { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم } " [ من تفسير الإمام الطبري رحمه الله لهذه الآية الكريمة بتصرف يسير ].

فحينما رأى أهل الباطل شبههم تتهاوى امام بيان أهل الحق ويتم تفنيد شبهاتهم بالادلة النقلية وتفسد بالحجج العقلية لم يكن باستطاعتهم إلا الفجور في الخصومة ورمي أهل الحق بالكذب والزور والبهتان والافتراء ومن ذلك وصفهم بهذه العبارة الباطلة ؛ 

ثم " نقول ماذا تقصد بلفظة الخوارج؟

أتريد أن أهل السنة يكفرون المسلمين بكبائر الذنوب؟

أم تعد الرد على دعاتكم من أهل البدع والضلال تكفيرا لهم؟

فإن كان الأولى :

فما أشبه الليلة بالبارحة , ففي الأمس كان أعداء الدعوة السلفية ينقمون على الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله دعوته إلى توحيد الله الخالص من شوائب الشرك والبدع ويطلقون عليه وعلى مناصريه بأنهم خوارج واليوم نسمع من دعاة الحزبية المقيتة من يرمي أهل السنة بذلك وهكذا تتشابه قلوب أهل الباطل في القديم والحديث

قال تعالى : {تشابهت قلوبهم }

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) .

ولقد أحسن القائل : " والطيور على أشكالها تقع "

قال ابن غنام رحمه الله ما حاصله :"وأشر الناس والعلماء إنكارا عليه-يعني محمد بن عبد الوهاب رحمه الله -وأعظمهم تشنيعا وسعيا بالشر إليه ؛ سلمان بن سحيم وأبوه محمد فقد اتهم في ذلك وأنجد وجد التحريش عليه والتحريض وافتوا للحكام والسلاطين والأشرار بأن القائم بدعوة التوحيد خارجي وأصحابه خوارج ".

وإن كان الثاني : 

فهذا وشأنكم أما نحن فلا نعده تكفيرا وإنما بيانا ونصيحة ورحمة على المردود عليه بل يعد ذلك علما من علوم الشريعة المطهرة، ألا و هو علم الجرح و التعديل ، الذي به حفظ الله لهذه الأمة دينها قال تعالى : { إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ }

قال الشيخ العثيمين رحمه الله : " لله الحمد ما ابتدع أحد بدعة ، إلا قيض الله له بمنه و كرمه من يبين هذه البدعة و يدحضها بالحق ، و هذا من تمام مدلول قول الله تبارك و تعالى : {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ}"

و لكن ماذا يقال عن أناس يقلبون حقائق الأمور و كأنَّهم لم يسمعوا إلى قوله تعالى : { وَ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأيَتِ وَ لِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ }.

و قد أخذ أهل العلم بجواز التكلم في الشخص بغير حضرته للمصلحة واستدلوا بأدلة منها :

ما جاء في الصحيحين و اللفظ للبخاري من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم فلما رآه قال : ( بئس أخو العشيرة) او (بئس ابن العشيرة) فلما جلس تَطَلَّقَ النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم في وجهه و انبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت عائشة : يا رسول الله ، حين رأيت الرجل قلت له : كذا و كذا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ في وجهه و انبسطت إليه فقال صلى الله عليه و على آله و سلم :( يا عائشة مَتَى عهدتني فاحشاً، إن شر الناس عند الله منْزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره ).

قال الخطيب البغدادي رحمه الله : " ففي قول النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم للرجل بئس رجل العشيرة دليل على أن اخبار المخبر بما يكون في الرجل من العيب على ما يوجب العلم و الدين من النصيحة للسائل ليس بغيبة؛ إذ لو كان غيبة لما أطلقه النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم ".و ثبت في مسلم من حديث فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة فقال النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم : ( فإذا أحللت فآذنيني) قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان و أبا جهم خطباني، فقال رَسولُ الله صلى الله عليه و على آله و سلم :( أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، و أما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد).

قلت : لذا فقد فقه السلف رضوان الله تعالى عليهم هذا الأمر جيداً و سطروا في ذلك المؤلفات؛ حفاظاً على السنة المطهرة من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين و تأويل الجاهلين، فمن تلكم المؤلفات في باب الجرح و العديل، [ كتاب الكمال في أسماء الرجال للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي المتوفى سنة ٦٠٠ هجري]، ثُمَّ جاء [ الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي المتوفى سنة ٧٤٦ هجري و قام بتهذيبه في كتاب سماه تهذيب الكمال في اسماء الرجال ] و يقال أنه لم يكمله، و أكمله [.الحافظ علاء الدين مغلطاي المتوفى سنة ٧٦٢ هجري ] و [ لأبي حفص عمر بن علي ابن الملقن كتاب سماه إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال ]..و قد اهتم العلماء بالتهذيب، فقد ألف [ الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة ٧٤٨ هجري كتاباً سماه تهذيب تهذيب الكمال] ثٌمَّ قام ب[اختصاره في كتاب له سماه الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة] و جاء [ الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة ٨٢٥ هجري فألف كتابه تهذيب التهذيب و يقع في اثني عشر مجلداً] ، ثُمَّ[ اختصره في كتاب تقريب التهذيب ] الذي خرج قريباً محققاً بتحقيق أبي الأشبال صغير أحمد الباكستاني، و جاء بعد الحافظ بن حجر [ الحافظ صفي الدين أحمد بن عبد الله الخزرجي،فألف كتاباً سماه خلاصة تهذيب تهذيب الكمال في أسْماء الرجال و يقع في ثلاثة مجلدات]

و السوأل الذي يوجه لهؤلاء المفترين على أهل السنة أن يقال : 

هل كل هذه المؤلفات من السب و الشتم و الغيبة؟

إذا أننا لا نجد فيها إلا فلاناً كذاباً أو متروكاً أو ضعيفاً أو سيء الحفظ ، أو به غفلة أو متهماً بالكذب و ما شابه ذلك، نبئونا بعلم إن كنتم صادقين؟

و قد يقول قائلهم :

 إن هناك فرقاً بين علم الجرح و التعديل لأجل حفظ الشريعة و بين نقدكم اللاذع لمن خالف الشريعة فهو يعد من قبيل الغيبة ، فنقول ما قاله الحافظ بن رجب رحمه الله :

 "و لا فرق بين الطعن في رواة حفاظ الحديث و لا التمييز بين من تقبل روايته منهم و من لا تقبل و بين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب و السنة و تأول شيئاً منها على غير تأويله ، و تمسك بما لا يتمسك به ، ليحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه و قد أجمع على جواز ذلك أيضاً".[التعليقات الجلية على كتاب الخطوط العريضة لأدعياء السلفية بتصرف]

فأهل العلم السني أتباع السلف الصالح ممن هم على " معتقد أهل السنة والجماعة " يعرفون الجماعات المنحرفة - أفرادا ودعاة ورموزا  - من خلال :

معتقدهم ومنهجهم وتصرفاتهم وعلاماتهم وسماتهم وخصائصهم التي دونوها  في :

كتبهم 

ورسائلهم 

وفي صوتياتهم 

وما ثبت عنهم شرعا بغير ماسبق  مستمدين بيان ضلال هؤلاء الخوارج مما ثبتت عنهم من صفات وردت في  سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أو ماأثر عن سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..وأعيد واكرر إن هذا لانقوله افتراء بل هو ماوجد  مكتوبا في مؤلفاتهم التي سطروها بأناملهم وأتى مدونا عنهم 

أو ماصدر عنهم من قيح افواههم وزبالة فكرهم 

واما العامي الجاهل - ممن سلمت له فطرته وصح له عقله ونجا من شبهاتهم  - فتظهر له من هؤلاء الضلال 

أقوال وأفعال تدل على ضلالهم وإنحرافهم وأن عليه وجوب الحذر منهم والإبتعاد عنهم ننبه عليها بعلامات 


 أهمها :


        ( العلامة الاولى ) 

كلامهم في ولي الأمر على جهة الاستياء من سياساته أو تصرفاته وخوضهم في

أمور هي من صلب أعمال ولاة الأمر وتدخل سافر في مجال خصوصياته ..فتجد حديثهم عن العلاقات الخارجية للدولة أو إقتصادها أو التمسح بالدين بتهويل المنكرات وتعظيمها ليتسنى لهم النيل من أعراضهم وتهييج العامة عليهم  


        ( العلامة الثانية ) 

من علاماتهم الظاهرة 

تأييدهم للبدع الحادثة المنكرة المخالفة للاسلام مثل قيام الثورات او الانقلابات العسكرية

أو المظاهرات

أو الإضرابات

 أو الإعتصامات

أو التفجيرات

أو العمليات الإنتحارية أو الإعجاب بالديمقراطية ومحبتهم تحويل نظام الحكم إلى دستوري وإلغاء سلطة ولاة الامر وإن كانت مبنية على الشرع أو هو مطبق للشرع ومدح عادات الكفر وطريقة حياتهم وان خالفت الشرع لإن السياسة وشهوات الدنيا أخذت لبهم فلها يجاهدون ويقاتلون

 ويفتون

ويحللون

ويحرمون 

و " الغاية عندهم تبرر الوسيلة "   .


          ( العلامة الثالثة ) 

أقوال كبار علماء الأمة المبنية على الكتاب والسنة وماأُثر عن السلف الصالح لا تعجبهم ولا يلقون لها بالا ولايرفعون بها رأسا  فتجد إعجابهم في أقوال أصحاب الشذوذ الفكري من ملاحدة كفرة او منحرفين  أو من غلاة الخوارج الإخوانية المعاصرين بل يرمون كبار العلماء بالعمالة للسلطان أو وصفهم بألقاب خارجة عن حدود الشرع والأدب .



         ( العلامة الرابعة ) 

هناك أصول للسنة متفق عليه بين علماء الإسلام يعرفها طلاب العلم ويعرف العامي هذه الأصول بالرجوع إلى أقوال كبار العلماء المدونة في رسائلهم او اشرطتهم الصوتية او سؤالهم او بالبحث عنها بمحرك البحث [ جوجل] بصيغة السؤال التالي ونصه  : " ماهي أصول السنة المتفق عليها عند أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح ؟ " أو بعبارة أخرى تدل على هذا المعنى ؛ ثم يضيف إسم الشيخ مثلا : الألباني أو إبن باز أو العثيمين رحمهم الله أو ربيع المدخلي حفظه الله شريطة ان لايسأل إلا هؤلاء او من هو مثلهم من مشايخ السنة المعروفين بسلامة المنهج وحسن المعتقد . 


       ( العلامة الخامسة ) 

إذا رأيت أو سمعت الداعية مطلوبا عند الجهات الأمنية بإستمرار او هو مسجون عندهم أو منعوه من الحديث للناس وإلقاء الدروس والفتياء فإبتعد عنه فهذه علامة ظاهرة على إنحرافه وشذوذه الفكري في الغالب الأعم إذ أن الجهة الامنية في الغالب الاعم - وخاصة في المملكة العربية السعودية- لاتطلب أو تسجن أو تمنع إلا كل منحرف مخالف للسنة وأصولها ومن ذلك أصل " السمع والطاعة لولاة الامر بالمعروف "   فيخالف تعليمات ولاة أمره وإن كانت هذه التعليمات وفق الشرع و تصب في صالح المواطن.. 

وأما الإنكار على ولي الأمر فله طريقة نبوية شرعية أتت في الكتاب والسنة وفي هدي سلف الامة فليست محلا لإجتهاد جماعات الخوارج الإخوانية  وقد نهبنا على هذه الطريقة في ثنايا عدة كتب ورسائل لنا وافردناها مستقلة في عدة رسائل  ..فلذا لا تتعجب من رمي الخوارج الإخوانية لأهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح بهذه العبارات والاوصاف ومن ذلك[ خوارج مع الدعاة ؛ اي دعاة الفتنة من جماعاتهم الضالة المنحرفة فكريا ] وذلك لمشاهدتهم زخرف شبهاتهم تتساقط وتتهاوى امام الحق وأهله كما قال تعالى وتقدس : { كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ }

" جعل الله تعالى هذا مثلا للحق والباطل ، أي : أن الباطل كالزبد يذهب ويضيع ، والحق كالماء والفلز يبقى في القلوب . وقيل : هذا تسلية للمؤمنين ، يعني : أن أمر المشركين كالزبد يرى في الصورة شيئا وليس له حقيقة ، وأمر المؤمنين كالماء المستقر في مكانه له البقاء والثبات ".[ من تفسير الإمام البغوي رحمه الله لهذه الآية الكريمة ] .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎ ▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني

السبت، 19 فبراير 2022

《 الحكمة والعلم والحلم والعدل والصدق والانصاف وحسن الخلق أمور لا بد منها في الدعوة الي الله سبحانه وتعالى 》



    بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه ومن سار على سنته واقتفى 

أما بعد 


فذكر احد أهل العلم [ لعله ابن غنام أو ابن بشر في تاريخهما أو غيرهما رحم الله أموات المسلمين] إن لم أكن واهما : كان المبتدعة على إختلاف مذاهبهم في الحرمين الشريفين قبل حكم دولة التوحيد والسنة المملكة العربية السعودية لهما وإبان تولي الدولة المغولية التركية القبورية شأنهما فكان بعضهم يظهر  التسبيح بالسبحة حينما يرى أحدا من أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح وهم من ينبزونهم ب[ الوهابية] إغاظة لهم لعلمهم بكراهتهم لهذه المساهمة الهندية الحادثة ؛ وكلامي هذا لا يفهم منه شدة الإنكار على أصحاب هذه المسابح فالعلم والحلم والحكمة والسكينة مع الصدق وحسن الخلق وطيب التعامل والعدل والانصاف وهذه الخصال لا بد من التحلي بها حتى في إنكار المنكر الأعظم وهو الشرك بالله أو في بيان المعروف الأعظم وهو توحيد الله سبحانه وتعالى فهي أمور لا بد منه فإنتم تعلمون ان من أهل العلم الفضلاء بل من الأئمة الأعلام الذين يقتدي بهم من خفيت عليه بدعة السبحة وذلك لاعتماده على آثار اعتقد صحة سندها فقال بجوازها ..

وخاصة في هذا العصر الذي كثرت فيها وسائل الاعلام وتنوعت وسائل التواصل الاجتماعي وتعددت برامجها  مع موافقة خروج  جماعة الإخوان الخوارج وكثر من ينتسب إليها وهي من شوهت رحمة وعطف ومحبة وسماحة الإسلام بآراء شاذة ومليشيات عسكرية وتنظيمات دموية استبيحت تحت لوائها الغادر  الدماء البريئة المعصومة وانتهكت فيها الأعراض الطاهرة وانتهبت فيها الأموال من أصحابها وظهرت جماعات التكفير وفرق الضلال وتوجهات الإلحاد والعلمنة واللبرلة   وتحدثت فيها الرويبضة مع قلة علماء التوحيد والسنة وندرتهم فلله الأمر من قبل ومن بعد

سائلين الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن ينصر ولاة الأمر في هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية على أعدائهم ويكفيهم شر الأشرار وكيد الفجار وفسقة الجن والإنس كما أسأل الله العظيم أن يعلي بهم كلمته وأن يرفع بهم رايته ويعز فيهم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .

جعلنا الله وإياكم من أنصار دينه وحملة العلم الصادقين المخلصين الذابين عن التوحيد والسنة وأهلها وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا  ..

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه: غازي بن عوض العرماني.

الخميس، 17 فبراير 2022

《 بيان حكم التسبيح قربة لله سبحانه وتعالى بالسبحة المشهورة المتداولة القديمة وحكم السبحة الإلكترونية التي ظهرت حديثا بالإدلة الشرعية

  》



      بسم الله الرحمن الرحيم


      [[       المقدمة     ]]


 إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا .

من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأ شهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه .

{ يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون }

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }.

 {يَا أ يها الذين آ منوا اتقوا الله وقولوا قَو لاً سَديداً يُصلح لَكُم أَ عما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُو بَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً }

أ ما بعد 

ففي رسالتنا هذه تحدثنا عن 

أولا: 

المقدمة وتشتمل على تعريف السبحة لغة واصطلاحا .

ثانيا:

أصل السبحة ومنشأها .

ثالثا :

أسباب انتشار هذه البدعة في المجتمعات المسلمة مع مناقشة علمية لمن قال بجوازها .

رابعا :

الإدلة الشرعية على عدم جواز استخدام السبحة بنوعيها على جهة التعبد لله سبحانه وتعالى. 

خامسا :

الخاتمة ؛ نسأل الله حسنها. 


       (  تعريف السبحة لغة واصطلاحا )

خيط منظوم فيه خرزات  او عقد منظوم يقال له قلادة ، وهذه القلادة مكونة من مجموعة من حبات الخرز المثقوب يجمعها خيط يمرر من خلال ثقوب في هذه الخرزات لتشكل حلقة وعقدا بحيث تجمع نهايتي الخيط ليمرر بقصبة واسم السبحة أو المسبحة مفرد وجمعها سبحات ومسابيح  وهي  مأخوذة من التسبيح لأنها آلة وعقد منظوم أعد للتسبيح بخرزاته  وكذا اعد للتكبير والتهليل والتحميد وغلب على هذا العقد المنظوم ؛ اسم السبحة من إطلاق الجزء وإرادة الكل .

فالاسم عربي والالة وهي العقد منشأها واصلها مابين البوذية والبراهمة والنصرانية .

و تعريفها اصطلاحا :

     خرزات منظومة في خيط يضبط بها عدد التسبيحات خلف الصلاة أو في أي وقت .


   [[ الفصل الأول : أصل السبحة  ومنشأها ]]


ذكر الشيخ بكر أبوزيد رحمه الله وكذلك صاحب كتاب مساهمة الهند : 

إن" إحصاء الذكر بالسبحة من اختراع الهند, اخترعه الدين البرهمي فيها, ومنا تسرب إلى بلاد وأديان أخرى.

والسبحة تسمى بالسنسكريتية (جَبَ مَالاَ ) معناه: عقد الذكر.

عندما ظهر الدين البوذي بالهند اختار رهبانه سبحة الفرقة الوِشْنَويّة أي ذات مائة وثمان حبات. وافترق الدين البوذي في فرقتين عظيمتين: مَهايانا, وهِنايانا, فانتشرت عقيدة مهايانا في معظم آسيا الشمالية -نيبال, وتيبت, والصين, واليابان, ومنغوليا, وكوريا, وقطنت دعاتها فيأرمينية, وقفقاسيا, والإسكندرية, والأنطاكية, وتدمر. وأما الفرقة هِنايانا فانتشرت عقيدتها في الغالب في جنوب آسيا, جنوب الهند, وسيلان, وبنغال, وبورما, وسيام, وانتشر استعمال السبحة بين رهبان هاتين العقيدتين في تلك البلاد المختلفة, فلما ظهرت النصرانية أخذ رهبانها استعمالها منهم. لم يعرف المسلمون استعمالها عند ظهور الإِسلام "انتهى من كتاب مساهمة الهند [( ٩٤ - ١٠٥) ومن حكم السبحة للشيخ بكر أبوزيد رحمه الله] .


          [[ استطراد واستدراك مع  تنبيه وتنويه ]]

 الشيخ بكر أبوزيد رحمه الله له كثير من الكتب النفيسة أجاد فيها وأفاد" فلقد كان له ماض جيد في انتقاد البدع وأهلها بصفة عامة وانتقاد التقليد والتحزب أقرت عيون أهل السنة والحق مثل (هجر المبتدع) و (الرد على المخالف) و (حكم الإنتماء)، وألف كتيبات في انتقاد أشخاص معينين أقل بدعا وأقل خطرا من سيد قطب بما لا يقاس وكتبهم أقل شرا وخطرا من سيد قطب بما لا يقاس وأيده السلفيون انطلاقا من منهج السلف الصالح، فماذا يكون خطر الصابوني وكتبه، الرجل الذي لا يعرف له أتباع"

وله كتب زل فيها

 منها رسالة مال فيها الى إنكار تصنيف الناس وتصنيف الناس واختلاف فرقهم أتى في كلام الله سبحانه وتعالى القائل : { وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ  إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } وقال تعالى وتقدس : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ  إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } وقوله تعالى وتقدس:وعلا: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ } وقال سبحانه وتعالى :{ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } 

{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}وورد كذلك في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم كما ثبت في سنته صلى الله عليه وسلم وفيها يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفَرَّقَتْ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كلها في النار إلا واحدة  )

ولما سئل عن الفرقة الناجية قال: (هم من كان على ما أنا عليه وأصحابي) ، وفي رواية أخرى قال: (هي الجماعة) 

رواه من الصحابة رضي الله عنهم أبو هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، وأنس بن مالك، وعوف بن مالك الأشجعي، وأبي أمامة الباهلي، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن عوف المزني، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي الدرداء، وواثلة بن الأسقع  رضي الله عنهم أجمعين

وهو حديث صحيح في المسند و السنن وصححه جمع من أهل العلم منهم الإمام الألباني رحمه الله في رسالة مستقلة عن هذا الحديث .

وعلى إختلاف الناس وتعدد فرقهم وتصنيفهم جرىإجماع المسلمين فالنقل الصحيح يؤيد ذلك والعقل السليم يثبته ولا يخالف في هذا إلا مكابر ؛ وانظر علماء السنة وماالفوه من كتب ورسائل في تصنيف الناس إلى جهمية معطلة وخوارج ورافضة واباضية ومرجئة واشاعرة وكلابية وكرامية واسماعيلية    وهذا أمر معروف مقرر لا ينكر فعجبا لأمره؛ وقد  كتب بمر أبوزيد ردا فيها نصرة ودفاع عن رمز الاخوانية الخوارج المدعو سيد قطب فقد انتصر له في رسالة مشهورة رد بها على الإمام ربيع المدخلي حفظه الله  قام بتفنيدها الاخير وكشف شبهاتها في كتاب له عنوانه ( الحد الفاصل بين الحق والباطل ) .قام بإيضاح الحق بالدليل وبين عوار عبارات ابوزيد وظلمها للحق وأهله ووقوفه مع أهل الباطل والجماعات المنحرفة وتأييدها للفرق الضالة].ومما قال الشيخ ربيع حفظه الله عنه :

" ولما كان لكتاب (التصنيف) ولهذا (الخطاب) من الآثار الخطيرة على الشباب في بلدان كثيرة، كالمملكة العربية السعودية، والكويت، والإمارات العربية، وقطر، والجزائر وغيرها من البلدان التي شغلتني وشغلت غيري بالاتصالات والشكاوى المرة للآثار الكبيرة التي نشأت عن توزيع هذه الأوراق بكثافة لم يعهد لها نظير وفرح أهل الفتن بـها، وارتفعت رؤوسهم بعد انتكاسها.

رأيت أنه لا بد من الرد الحاسم الذي أسأل الله أن يكشف به الغمة، ويرفع به منار الحق، ويدحض به الباطل ويضع به الأمور في نصابـها.وقد وقع الشيخ بكر في الذب عن سيد والثناء عليه وعلى أسلوبه وعظم كتبه وأوجب الإستفادة منها وساعد أنصاره بكتاب (التصنيف) بل وبكتاب (لاجديد في الصلاة) وهذا (الخطاب) وتَكلَّف المعاذير عن سيد ولم يعاون في القيام عليه وعلى أنصاره المتشربين لمنهجه وكره نقده والكلام فيه بل ذعر من ذلك ذعرا شديدا . أيذهب السلفيون إلى رؤساء هذا الحزب ليقبلوا رؤوسهم مستغفرين تائبين من تصنيف الناس، وتائبين مستغفرين من مجرد ذكر البدعة والمبتدعين؟!!

وهل يقومون بجولات إلى حزب التبليغ وأحزاب القطبيين يقسمون لهم جهد أيمانـهم أنـهم سوف يذوبون في غمارهم ولن ينبسوا ببنت شفة في انتقادهم مهما أمعنوا في الابتعاد عن منهج السلف ومهما أمعنوا في تقديس الأشخاص، ومهما أمعنوا في محاربة المنهج السلفي ومحاربة أهله، وتدمير تجمعاته، واحتلال مؤسساته في مشارق الأرض ومغاربـها؟!" [ من كتاب الحد الفاصل بين الحق والباطل للشيخ ربيع حفظه الله ]


[[ الفصل الثاني  :  أسباب انتشار  السبحة في المجتمعات المسلمة 》 :

عند دراسة أسباب ظهور السبحة في المجتمع المسلم  نجد اسبابا عدة في انتشارها منها :

                  ((   السبب الأول : من أسباب انتشار بدعة السبحة ))

 جل من رأى جوازها اعتمد  في اتخاذها وفي تجويزها واباحتها على أحاديث موضوعة  

اي مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آثار في رفع إسنادها إلى الصحابة رضي الله عنهم  نظر  من ذلك :


  ( الأحاديث الضعيفة والموضوعة ومنها )


              (    أ    )

عن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها قالت : (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلَافِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهَا ، فَقَالَ : لَقَدْ سَبَّحْتِ بِهَذِهِ ، أَلَا أُعَلِّمُكِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَبَّحْتِ بِهِ ، فَقُلْتُ : بَلَى عَلِّمْنِي . فَقَالَ : قُولِي : سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ) رواه الترمذي ( ٣٥٥٤) بسند ضعيف ، فيه : هاشم بن سعيد الكوفي ، قال عنه ابن معين : ليس بشيء . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث .

كما في تهذيب التهذيب ( ١٧ / ١١ ).

ولذلك قال الترمذي بعد روايته له :

"هذا حديث غريب ، لا نعرفه من حديث صفية إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي ، وليس إسناده بمعروف" انتهى .

وقد ضعفه الإمام الألباني رحمه الله في ضعيف الترمذي وقال عنه : منكر .

ورواه الطبراني في الدعاء صفحة ( ٤٩٤) وفي سنده : يزيد بن متعب مولى صفية .

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

"يزيد لم يوجد له ترجمة" انتهى من كتاب السبحة صفحة( ١٨)  .


             (    ب   )

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : (أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى - أَوْ قَالَ حَصًى - تُسَبِّحُ بِهِ ، فَقَالَ : أَلَا أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ)  .

قوله : (دَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى) لم يبين في شيء من طرق الحديث من هي؟ فيحتمل أنها صفية رضي الله عنها كما في الحديث الأول ، ويحتمل أنها جويرية رضي الله عنها ، وحديثها في صحيح مسلم ، ولكن ليس فيه ذكر للنوى أو الحصى .

قال الإمام الألباني رحمه الله :

" خزيمة هذا مجهول ، قال الذهبي نفسه في " الميزان " : خزيمة ، لا يعرف ، تفرد عنه سعيد بن أبي هلال ، وكذا قال الحافظ في " التقريب " : إنه لا يعرف ، وسعيد بن أبي هلال مع ثقته حكى الساجي عن أحمد أنه اختلط ، وكذلك وصفه بالاختلاط يحيى كما في " الفصل " لابن حزم ( ٢ / ٩٥ ) ، ولعله مما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث ، فإن بعض الرواة الثقات عنه لم يذكروا في إسناده خزيمة فصار الإسناد منقطعا ، ولذلك لم يذكر الحافظ المزي عائشة بنت سعد في شيوخ ابن أبي هلال ، فلا يخلو هذا الإسناد من علة الجهالة أو الانقطاع ، فأنَّى للحديث الصحة أو الحسن ؟! " انتهى من 

السلسلة الضعيفة ( ٨٣).

وقد ضعف هذين الحديثين الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله ، فقال :"وحديثا صفية وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما ، في ثبوت كل منهما نظر"  

[السبحة تاريخها وحكمها صفحة ( ١٦)].


             (     ج     )

في رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسبح بالحصى

قال الإمام  الألباني رحمه الله:"  موضوع. وآفته عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي. قال فيه الذهبي :" وهو متهم" [ميزان الاعتدال( ٤ / ١٨٠)] وفيه صالح بن علي النوفلي لم أجد من ترجم له،

وروى أبو داود في سننه عن " شيخ من طفاوة"!! أنه رأى أبا هريرة معه كيس حصى أو نوى يسبح بها حتى إذا أنفذ ما في الكيس ألقاه إلى جارية سوداء عنده فتعيد الحصى في الكيس فتدفعه إليه ليعيد التسبيح به. [ سنن أبي داود( ٢ / ٢٥٣)]. وفيه هذا الشيخ الطفاوي فإنه مجهول

[ ما ورد من آثار ضعيفة عن الصحابة رضي الله عنهم تبيح اتخاذ السبحة]

 مثال ذلك :


              (     ا      )

ما رواه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي هريرة رضي الله عنه :" أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة" ؛ فنعيم بن المحرر مجهول ولهذا قال شعيب الأرناؤوط: « لم أقف له على ترجمة» [سير أعلام النبلاء( ٦ / ٦٢٤)].

وأما رواية « نعم المذكر السبحة». فهي موضوعة [سلسلة الضعيفة( ١ / ١١٠) رقم ( ٨٣)] جل رواته مجهولون.


          (      ب    )

 رواية عن سعد بن أبي وقاص « أنه دخل مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم  على امرأة وبين يديها نوى او حصى تسبح به فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟ فقال: سبحان الله عدد ما خلق في السماء...». [ رواه أبو داود ( ١ / ٢٥٣) والترمذي ( ٤ / ٢٧٧ )]. من طريق عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه عن خزيمة عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها.وهذا آفته خزيمة فإنه لا يُعرف كما أفاد الحافظ في التقريب ترجمة رقم(١٧١٢). وبهذا يتبين خطأ الحاكم في تصحيحه وموافقة الذهبي له.

وتفرد عنه سعيد بن أبي هلال وهو مع ثقته حكى أحمد أنه قد اختلط.

 

              (    ج     )

رواية أخرى عن صفية قالت: « دخل علي رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن فقال: يا بنت حبي ما هذا؟ قلت: أسبح بهن. قال: قد سبحتُ منذ قمتُ على رأسك أكثر من هذا. قلت: علمني يا رسول الله. قال: قولي سبحان الله عدد ما خلق الله من شيء...» [ رواه الترمذي ( ٤ / ٢٧٤)  والحاكم ( ١ / ٥٤٧)]. وضعفه الترمذي قائلا « هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي، وليس إسناده بمعروف».

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وتبعه الشوكاني واغتر به السيوطي. فإن فيه هاشم بن سعيد. أورده الذهبي نفسه في الميزان وقال « قال ابن معين: ليس بشيء». وكنانة مجهول الحال، لم يوثقه إلا ابن حبان على طريقته في توثيق المجاهيل.[ بعض ما سبق عن رسالة (بدعة السبحة) ]

 فجميع الأحاديث والآثار في هذه المسألة ضعيفة السند فلا يفرح بها ولا يعتمد عليها  فليتنبه لذلك مع مخالفتها للسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة ومخالفتها لهدي الصحابة رضي الله عنهم كما في الآثار الصحيحة الثابتة عنهم .


(( السبب الثاني :  من أسباب انتشار بدعة السبحة )) 


تأثر العوام ببعض أقوال  أهل العلم وهؤلاء العلماء إنما مالوا إلى هذا القول نظرا لاعتمادهم على أحاديث  و آثار  موضوعة  دلت بمعناها الظاهر على جواز اتخاذ السبحة وانتشرت فتاوى هؤلاء العلماء في المجتمعات المسلمة مما أدى إلى تمادي الناس في استعمالها  ومن قال بإباحة السبحة والتصريح بعدم القول  ببدعتها اعتمادا كما ذكرنا على هذه الاثار الضعيفة .

وفي القول بالجواز تكرر الخطأ من وجوه أهمها 

                   أولا :

عدم الاطلاع على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في أمره بالتسبيح بالانامل فقط والأمر يقتضي الوجوب الا لصارف وليس هنا ثمت صارف  وكذلك

              ثانيا :

 عدم مشروعية هذا العمل عند الصحابة رضي الله عنهم 

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه النفيس [ رفع الملام عن الأئمة الأعلام ] :" وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة يتعمد مخالفة رسول الله ﷺ، فإنهم متفقون اتفاقًا يقينيًا على وجوب اتباع النبي ﷺ وعلى أن كل أحدٍ من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ﷺ، لكن إذا وجد لواحد منهم قولٌ قد جاء حديث صحيح بخلافه، فلا بد له من عذرٍ لتركه".

ومع عذرنا لبعضهم في زلته هذه مع بذله للاجتهاد في هذه المسألة ولعلمنا بسيرته العطرة في الانتصار للكتاب والسنة وسلامة منهجه وحسن معتقده

 فيوجد العذر لهذا  العالم الذي بذل جهده في معرفة الحق بدليله وكان اعتماده على ادلة الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح لكنه زل اجتهادا وليس متعمدا الخطأ فله منزلته الرفيعة عندنا 

ولا ينقص ذلك من علو رتبته وامامته ومع ذلك  يبين الخطأ بالدليل لعامة المسلمين ويعذر المخطئ المجتهد فهذا العالم حبيبنا لكن الحق أحب إلينا

ولئلا يتبع في زلته فيكون عليه اثم من اتبعه في زلته لذا جرى بيان الزلة والحق فيها بالادلة  

 لأن الحق واضح ابلج والباطل غامض لجلج

وهنا يتبين عدم صحة عبارة احد العلماء في قوله :" وليس ببدعة لأن له أصلا وهو تسبيح بعض الصحابة - رضي الله عنهم- بالحصى".وذلك لعدم صحة هذا الأثر الذي اعتمد عليه هذا العالم  وضعف سنده ووهاء متنه لمضادته السنة ومخالفته لهدي الصحابة رضي الله عنهم.


 (( السبب الثالث ؛ من أسباب انتشار السبحة )) 


قلنا في السبب الثاني افتاء بعض أهل العلم بجوازها مما جعلها تنتشر بين العوام انتشار النار في الهشيم .

وهنا تعاطي بعض عامة المسلمين السبحة واستعملوها اما على جهة  العبادة او العادة  وانتشر كذلك اهداؤها مع السواك فخلطوا السنة بالبدعة بل رأيت من يصور القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى المنزل غير مخلوق ويضع فوقه السبحة فكأن ذلك نوع من العبادة والتقرب إلى الله في هذا العمل فإننا لله وانا اليه راجعون.


 (( السبب الرابع ؛ وهو تعدد الفرق الضالة والجماعات المنحرفة فكريا ))


الجماعات المنحرفة فكريا والفرق الضالة دينهم هو هواهم و ماتشتهي أنفسهم فمع كثرتهم وقلة بركتهم تجد القاسم  المشترك بينهم أعمال كثيرة منحرفة من بينها اتخاذ السبحة قربة وديانة وهذا ظاهر في الرافضة والزيدية والاباضيةوالصوفية وسائر مذاهب المعطلة الجهمية

وتجمعها -  كخيط العقد في انتظامه للخرزات - جماعة الإخوان الخوارج فهي تجمع مابين دفتي معتقدها الضال الملحد بأنواعه والخوارج والتكفير على تعدد فرقها و حتى انضوى إليها من  لا مذهب له فهي سبب عظيم في انتشار هذه البلية بين المسلمين وجعلها دينا يتدين فيه 

حتى  استخدمت المسبحة لأغراض مختلفة؛ تارة كتميمة أو تعويذه أو غيرها، وكان بعض الضلال والجهلة يرى قدسيّتها، حتى أنّ منهم من كانوا يغسلون السبحة التي يحملونها بالماء، ويشربونها كدواء ..وأشرأبت فتنة هذه المساهمة الهندية وأُشرٍب حبها كثير من الصالحين منهم من ينتسب إلى العلم وأهله وكثير من عامة الناس على جهة العبادة أو العادة فلله الأمر من قبل ومن بعد .


[[ الادلة الشرعية على عدم جواز استخدام السبحة على جهة التعبد لله سبحانه وتعالى ]]


                (    أولا   )

فيها  مشابهة ملل الكفر في عبادتهم وتقربهم إلى اوثانهم واصنامهم فالسبحة مأخوذة من ديانة البراهما فهي من اخترع هذه السبحة كما مر معنا في مقدمة هذه الرسالة وكما ذكر ذلك كل من تحدث عن السبحة في نشاتها وفي أصلها وفي شكلها وفي طريقة التعبد والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من تشبَّهَ بقومٍ فهوَ منهم ) رواه الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وأخرجه الإمام أحمد رحمه الله في المسند ( ٥١١٤) وأبو داود رحمه الله في سننه ( ٤٠٣١ ) وصححه الإمام الالباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود رحمه الله .

وفي هذا الحديث أصل نبوي في التحذير من مشابهة ملل الكفر في أفعالهم واقوالهم واشكالهم وهيئاتهم وملابسهم فكيف بعبادتهم التي ضلوا فيها ؛ فمن زعم جواز التعبد لله بالسبحة فقد زعم في رأيه الناقص أن ديننا غير  كامل  والله تعالى وتقدس يقول :{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } فمن لم يكن دينا عند نزول هذه الآية من دين الإسلام فليس بعده بدين

 وقد ينسحب هذا الحكم على من فعلها على جهة العادة اذا كان عالما بالادلة عامدا .


             (     ثانيا    ) 


مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم  وسنته وكما هو معلوم أن الأصل في العبادات التوقيف أي تؤخذ حكم العبادات من إدلة الكتاب والسنة  فقط فلا يتجاوزها إلى آراء البشر أو إلى ديانات فيها يعبد الصنم والوثن ودين مبني على الكتاب والسنة 

                [      أ       ]

 السبحة مخالفة لهدي الرسول  صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : (  رأيت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه )

 رواه أبو داود رحمه الله في سننه وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود رحمه الله( ١٥٠٢ ) .



             [       ب       ] 

مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه بقوله :(قالَ لنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عليكنَّ بالتَّسبيحِ والتَّهليلِ والتَّقديسِ واعقِدنَ بالأناملِ فإنَّهنَّ مسؤولاتٌ مستنطقاتٌ ولا تغفلنَ فتنسينَ الرَّحمةَ ) ٠

[ من حديث يسيرة بنت ياسر رضي الله عنهما وهو حديث صحيح حسنه الإمام  ابن حجر رحمه الله في تخريج مشكاة المصابيح ( ٢ / ٤٣٩ ). والامام الالباني رحمه  الله في صحيح سنن أبي داود رحمه الله(١٥٠١)]

وكما هو مقرر في أصول الفقه ان الأمر يقتضي الوجوب إلا لصارف يصرفه عن الوجوب إلى الندب أو الاستحباب ولا صارف هنا له  علما ان الأمر هنا عام لأمة محمد صلى الله عليه وسلم رجالا ونساء ولا يوجد ما يخصص أحد الجنسين عن الآخر.


             (       ثالثا      )


مخالفة هدي السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم

قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة ( ١ / ١١٠ ) عند تخريجه لحديث (  نعم المذكّر السبحة) : ثم إن الحديث من حيث معناه باطل عندي لأمور :

الأول :

 أن السبحة بدعة لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده صلى الله عليه وسلم فكيف يعقل أن يحض صلى الله عليه وسلم  أصحابه على أمر لا يعرفونه ؟ والدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح في " البدع والنهي عنها" عن الصلت بن بهرام قال : مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح به فقطعه وألقاه ، ثم مر برجل يسبح بحصا فضربه برجله ثم قال : لقد سَبقتم ، ركبتم بدعة ظلما ، ولقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ، وسنده صحيح إلى الصلت ، وهو ثقة من اتباع التابعين "  . انتهى كلامه رحمه الله .

قال الإمام ابن وضاح رحمه الله في كتابه النفيس[  البدع  والنهي عنها( ٢٣)]: " حدثنا أسد عن جرير بن حازم عن الصلت بن بهرام قال مر ابن مسعود بامرأة معها تسبح  به فقطعه وألقاها ثم مر برجل يُسبحُ بحصى فضربه بِرجلِهِ ثم قال لقد جئتم ببدعة ظلماً أو لقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علماً ."  انتهى 

وفي صفحة ( ١٨ ) من كتاب البدع لابن وضاح رحمه الله : " نا أسد ، عن عبد الله بن رجاء ، عن عبيد الله بن عمر ، عن يسار أبي الحكم ، أن عبد الله بن مسعود حدث أن أناسا بالكوفة يسبحون بالحصا في المسجد ، فأتاهم ، وقد كوم كل رجل منهم بين يديه كومة حصا ، قال : فلم يزل يحصبهم بالحصا حتى أخرجهم من المسجد ، ويقول : « لقد أحدثتم بدعة ظلما ، أو قد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما "انتهى 

و قال أيضا صفحة ( ١٨ ) م : " حدثني إبراهيم بن محمد ، عن حرملة ، عن ابن وهب قال : حدثني ابن سمعان قال : بلغنا عن عبد الله بن مسعود أنه رأى أناسا يسبحون بالحصا ، فقال : ( على الله تحصون ، لقد سبقتم أصحاب محمد علما ، أو لقد أحدثتم بدعة ظلما  ) " انتهى كلامه رحمه. 

وقال ابن وضاح رحمه الله في كتابه البدع صفحة ( ٢٦ ) : وبلغني أن ابن مسعود - رضي الله عنه-مر على رجل وهو يقول لأصحابه : سبحوا كذا ، وكبروا كذا ، وهللوا كذا ، قال ابن مسعود : ( على الله تعدون ، أو على الله تسمعون ، قد كفيتم الإحصاء والعدة ) انتهى كلامه رحمه الله. 

وفي مصنف ابن أبي شيبة رحمه الله( ٢ / ١٦٢) : (  فصل في من كره عقد التسبيح :

حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال : كان عبد الله يكره العدد ويقول أيمن على الله حسناته ) انتهى كلامه رحمه الله. 

وكان ابن عمر  رضي الله عنهما ينهى أيضا عن عد الذكر ففي مصنف ابن أبي شيبة رحمه الله ( ٢ / ١٦٢): ( فصل في من كره عقد التسبيح :حدثنا أزهر السمان عن بن عون عن عقبة قال قال سألت بن عمر رضي الله عنهما: عن الرجل يذكر الله ويعقد . فقال : تحاسبون الله ؟!) انتهى كلامه رحمه الله. 

وفي مصنف ابن أبي شيبة رحمه الله( ٢ / ١٦٠ ) قال رحمه الله: حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن التيمي عن أبي تميمة عن امرأة من بني كليب قالت : رأتني عائشة أسبح بتسابيح معي . فقالت : اين الشواهد يعني الأصابع. ) انتهى كلامه رحمه الله. 


قال ابن وضاح رحمه الله في كتابه البدع صفحة ( ٢٥ ) : قال نا زهير بن عباد ، عن يزيد بن عطاء ، عن أبان بن أبي عياش قال :  سألت الحسن عن النظام من الخرز والنوى ونحو ذلك ، يسبح به ؟ فقال : ( لم يفعل ذلك أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا المهاجرات  )  قال أبان : فقلت للحسن : فإن سبح الرجل وعقد بيده ، قال : ( لا أرى بذلك بأسا  ) انتهى كلامه رحمه الله 

وفي مصنف ابن أبي شيبة رحمه الله( ٢ / ١٦٢): فصل في  من كره عقد التسبيح :

حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم :( أنه كان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسابيح التي يسبح بها ) انتهى كلامه رحمه الله. 


قال في كتاب المدخل ( ٢ / ٢١٨)  : " ثم نرجع الآن إلى بقية ما أحدثوه في بعض الجوامع فمن ذلك السبحة التي أحدثوها وعملوا لها صندوقا تكون فيه وجامكية لقيمها وحاملها والذاكرين عليها وهذا كله مخالف للسنة المطهرة ولما كان عليه السلف رضي الله عنهم وقد تقدم ذكر حالهم في الذكر كيف كان ثم إن بعض من اقتدى بمن أحدثها زاد فيها حدثا آخر وهو أن جعل لها شيخا يعرف بشيخ السبحة وخادما يعرف بخادم السبحة إلى غير ذلك وهي بدعة قريبة العهد بالحدوث فينبغي لإمام المسجد أن يتقدم إلى إزالة كل ما تقدم ذكره على قدر استطاعته مع أن هذا متعين على سائر المسلمين لكن في حق الإمام آكد لأن المسجد من رعيته وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته والله الموفق " انتهى كلامه رحمه الله.


              (    رابعا    )


استخدام السبحة فيه ابعاد لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهجر لها والسنة هي عقد التسبيح بأنامل اليد اليمنى ف "لو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة وهي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت مع اتفاقهم على أنها أفضل لكفى فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح بالأنامل "[ السلسلة الضعيفة( ١ / ١١٧ )].كما أن في استخدامها طريقة سيئة لهدم دين الإسلام وذلك بالعمل بالاحاديث الضعيفة والموضوعة والاثار التي لايصح نسبتها إلى الصحابة رضي الله عنهم .


    [[       الخاتمة ؛ نسأل الله حسنها    ]]

بين بفضل الله وحده سبحانه وتعالى حكم السبحة وهي الخرزات المنظومة وأنها بدعة أتت من الهند من دين البراهمة الوثني وهكذا حكم السبحة الإلكترونية ومن اعتمد على اباحتها استدل بإدلة السبحة القديمة والتي جعلها اصلا الحق فيها فرعها الاليكتروني وهذه السبحة أتت من دول الغرب وحكمها حكم السبحة القديمة وادلة تحريمها هي عين أدلة تحريم السبحة القديمة .

وقد آثرنا الاختصار وترك التطويل ؛ والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎

كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه  : غازي بن عوض العرماني.