الأحد، 16 يناير 2022

مسألة : [هل يشترط و يلزم قيام عبادة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحققها من إزالة المنكر ؟ ]



الجواب :

 [  الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ] عبادة شرعية تؤدى وفق الشرع علم في أولها وحلم في أثنائها وصبر في آخرها 

فإذا أديت هذه العبادة الجليلة وفق شرطي صحة العبادة [ الإخلاص والصواب ] فالحمد لله  لأن المراد تأدية هذه العبادة وفق الشرع المنزل

فالسلطان ونوابه لهم من القدرة والتمكين مالا يتوفر في غيرهم فلهم من القوة و بسط اليد و نفوذ الأمر على من تحت يدهم ماليس لغيرهم ويجري ذلك إن شاء الله وفق المصلحة الشرعية التي يعرفها ويقدرها ويراها وينفذها ولاة الأمر مالم يترتب على إنكارهم منكر أعظم من أمرهم فيرى ولي الأمر أو نائبه تركه درأ للمفاسد وفيه جلب للمصالح ؛ اذ أن درأ المفاسد أولى من جلب المصالح كما هو مقرر عند أهل العلم والفقه  ف"إذا اجتمع محرمان لا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما، لم يكن فعل الأدنى في هذه الحال محرماً في الحقيقة، وإن سمى ذلك ترك واجب وسمى هذا فعل محرم باعتبار الإطلاق لم يضر، ويقال في مثل هذا: ترك الواجب لعذر، وفعل المحرم للمصلحة الراجحة، أو للضرورة، أو لدفع ما هو أحرم، وهذا كما يقال لمن نام عن صلاة أو نسيها إنه صلاها في غير الوقت المطلق قضاء... وهذا –باب التعارض- باب واسع جداً لا سيما في الأزمنة والأمكنة التي نقصت فيها آثار النبوة وخلافة النبوة، فإن هذه المسائل تكثر فيها، وكلما ازداد النقص ازدادت هذه المسائل، ووجود ذلك من أسباب الفتنة بين الأمة، فإنه إذا اختلطت الحسنات بالسيئات وقع الاشتباه والتلازم، فأقوام قد ينظرون إلى الحسنات فيرجحون هذا الجانب وإن تضمن سيئات عظيمة، وأقوام قد ينظرون إلى السيئات فيرجحون الجانب الآخر وإن ترك حسنات عظيمة، والمتوسطون الذين ينظرون الأمرين قد لا يتبين لهم أو لأكثرهم مقدار المنفعة والمضرة، أو يتبين لهم فلا يجدون من يغنيهم العمل بالحسنات وترك السيئات، لكون الأهواء قارنت الآراء.

فينبغي للعالم أن يتدبر أنواع هذه المسائل، وقد يكون الواجب في بعضها العفو عند الأمر والنهي في بعض الأشياء، لا التحليل والإسقاط؛ مثل أن يكون في أمره بطاعة فعلاً لمعصية أكبر منها، فيترك الأمر بها دفعاً لوقوع تلك المعصية، مثل أن ترفع مذنبا إلى ذي سلطان ظالم فيعتدي عليه في العقوبة ما يكون أعظم ضرراً من ذنبه، ومثل أن يكون في نهيه عن بعض المنكرات تركاً لمعروف هو أعظم منفعة من ترك المنكرات، فيسكت عن النهي خوفاً أن يستلزم ترك ما أمر الله به ورسوله مما هو عنده أعظم من مجرد ترك ذلك المنكر.

فالعالم تارة يأمر وتارة ينهى وتارة يبيح وتارة يسكت عن الأمر والنهي أو الإباحة . فأما إذا كان المأمور والمنهي لا يتقيد بالممكن: إما لجهله وإما لظلمه ولا يمكن إزالة جهله وظلمه فربما كان الأصلح الكف والإمساك عن أمره ونهيه "[ مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله( ٢٠ / ٥٧ - ٦١ ) بتصرف ] .

فالضرر لايزال بضرر أعظم منه  

يدل على صحة هذا الأصول الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم رحمهما الله من حديث ام المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

( يا عائِشَةُ، لَوْلا أنَّ قَوْمَكِ حَديثُو عَهْدٍ بشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ، فألْزَقْتُها بالأرْضِ، وجَعَلْتُ لها بابَيْنِ: بابًا شَرْقِيًّا، وبابًا غَرْبِيًّا، وزِدْتُ فيها سِتَّةَ أذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ، فإنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْها حَيْثُ بَنَتِ الكَعْبَةَ )

"وهذا يبين أنه يجوز لولي الأمر أن يؤخر أو يدعم قول إذا كان في ذلك مصلحة كبرى وترك أسباب الفتنة، ولهذا ترك إرجاع البيت على قواعد إبراهيم... تأليفًا لقلوبهم لئلا[ يرجعوا إلى ]الكفر "[ من الموقع الرسمي للإمام ابن باز رحمه الله بتصرف يسير ] .

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 

"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

كتبه : غازي بن عوض العرماني