بسم الله الرحمن الرحيم
《 المقدمة 》
الحمد لله على رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد :
فأشاهد كما يشاهد غيري من الإخوة طلاب العلم الكرام بل و مما لفت نظري إطلاعي عل رسائل تنشر في وسائل الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي من أناس شرقوا بدعوة الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وقاموا بالعداء الظاهر لها وعداوة هؤلاء إنما هي بغض لما يحمله وينشره ويبثه وينصره ويؤيده من كلام الله سبحانه و تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على ولزومه لجادة سلفنا الصالح فبفضل الله وحده ثم قيام هذه الدعوة المباركة انتشر التوحيد والسنة وقد تبين لنا أن من يطعن في ذات الشيخ او في دعوته يبثون شبها ضعيفة لاتمس ذات الدعوة أو ذاته وإنما يغالطون فيها و يكابرون عن قبول الحق بعدما تبين لهم .
وهذا الأمر إنما يسري ويجري بين الجهلة وانصاف المتعلمين ومن شبههم الضعيفة شبهة أن بلاد الشيخ هي بلاد نجد ، و( نجد هي قرن الشيطان ) كما أتى ذلك في الحديث الصحيح ، وتتمته : ( ان فيها الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان ) .
ورأيت أن من تبنى هذه الترهات هم مجموعة من ذوي التوجهات الفكرية المنحرفة الذين أمات الله على يد هذا الإمام أهواءهم وتلاشت بدعهم
ومن أهم الفرق الضالة في هذا العصرفرقة الأحباش في لبنان ولعلها نشأت بدعم رافضي و فرق التعطيل الجهمي[ معتزلة . ماتريديه. اشاعرة]
و فرقة الإخوانية الخوارج ومنهم الحداديه[ سبق أن اتهموه بالإرجاء لانه وقف ضد إنتشار فكر تكفير المسلمين وإستحلال دمائهم بأدنى الحيل والشبه]
والإجابة عن هذه الشبهة نذكرها في عدة فصول في هذه الرسالة إيضاحا للحق واماتة للباطل من هذه الفصول :
《 الفصل الأول : بلاد اليمامة وماورد فيها من أحاديث تبين فضلها 》
ثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يبين فضلها بما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه حديث رقم ( ٣٣٥٢) ومسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم( ٤٢١٧) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ . )الحديث .
وفي هذا الحديث بيان فضل هذه البقعة المباركة " اليمامة " حيث رأى النبي صلى الله عليه وسلم بلاد اليمامة أنها أحد الأماكن التي ستكون مهاجرا له صلى الله عليه وسلم .وهذا البلاد المعنية بخبر الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم هي موطن وسكنى الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله فدل الحديث على بطلان ماذكره هؤلاء الضلال عن الشيخ ودعوته في شبهتهم التي هي في الضعف اوهى من بيت العنكبوت .
قال الإمام عبدالرحمن بن حسن رحمه الله [ مجموعة التوحيد ( ١ / ٤٢٩ )]: " رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم هي حق، وكفى بهذا فضلًا لليمامة وشرفًا لها على غيرها، فإن ذَهاب وهله صلى الله عليه وسلم في رؤياه إليها، لا بد أن يكون له أثر في الخير يظهر، فظهر ذلك الفضل بحمد الله في القرن الثاني عشر " انتهى كلامه رحمه الله ؛ أقول: وهذا التاريخ الذي ذكره الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله هو تاريخ ظهور دعوة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله فقد كانت دعوته إلى توحيد الله سبحانه وتعالى وإلى إحياء سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فانتشر الخير وأهله وظهر الحق و ضيق على الشر وأهله وزهق الباطل قال الله تعالى وتقدس:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } وقال جلا وعز :{ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق }.
وقال سبحانه وتعالى:{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } قال الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: " فلما تبين أنه لا حجة لهم على ما قالوه، ولا برهان لما أصَّلوه، وإنما هو مجرد قول قالوه وافتراء افتروه أخبر أنهم {يُرِيدُونَ} بهذا {أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}.
ونور اللّه: دينه الذي أرسل به الرسل، وأنزل به الكتب، وسماه اللّه نورا، لأنه يستنار به في ظلمات الجهل والأديان الباطلة، فإنه علم بالحق، وعمل بالحق، وما عداه فإنه بضده، فهؤلاء اليهود والنصارى ومن ضاهوه من المشركين، يريدون أن يطفئوا نور اللّه بمجرد أقوالهم، التي ليس عليها دليل أصلا.
{وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} لأنه النور الباهر، الذي لا يمكن لجميع الخلق لو اجتمعوا على إطفائه أن يطفئوه، والذي أنزله جميع نواصي العباد بيده، وقد تكفل بحفظه من كل من يريده بسوء، ولهذا قال: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} وسعوا ما أمكنهم في رده وإبطاله، فإن سعيهم لا يضر الحق شيئًا ". انتهى كلامه رحمه الله. فجزى الله الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله خير الجزاء ولايفوتني الدعاء للمجدد الآخر الذي نصرها ونشرها في ارخاص روحه من أجلها وبسيفه وهو الإمام الامير محمد بن سعود رحمه الله بعد المبايعة التاريخية بين هذين الإمامين الجليلين سائلا الله أن يغفر له وللشيخ ويرحمهما ويعفو عنهما ويسكنهما الفردوس الاعلى من الجنة . آمين.
《 الفصل الثاني : اختلاف اسم وموقع اليمامة عن نجد 》
اختلاف المسمى والموقع ف[ نجد ]يختلف مسماها عن [ اليمامة ] كما هو مشاهد .
و يختلفان كذلك في الموقع الجغرافي ف" اليمامة اسم لإقليم من الجزيرة العربية إلى الجنوب من نجد وليس من نجد "وهذا معلوم لمن أطلع على معاجم البلدان مثل معجم ياقوت الحموي والهمداني وما كتبه العلامة عبدالله بن خميس
والعلامة حمد الجاسر وغيرهم كثير فتجدهم قاموا بتحديد
موقع اليمامه في بقعة خارج حدود نجد إذ اليمامة موقع مستقل مثل نجد والحجاز وغيرها من اقاليم جزيرة العرب.
《 الفصل الثالث : تحديد المراد بنجد المذكورة بالحديث بانها نجد العراق وذلك وفق فهم السلف الصالح ووفق لغة العرب 》
أقول:
ثم لنفترض جدلا صحة القول بأن اليمامة من نجد . فهل نجد هذه هي المقصودة في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب :
بعد توفيق الله وفضله في امرين مهمين هما :
أولهما:
[ لغة العرب ] فالمطلع على جميع معاجم لغة العرب يرى أن معنى لفظ : [ نجد ] هو ما علا وارتفع واشرف . فهضبة وسط جزيرة العرب والمسماة[ نجد ] مرتفعة
و كذلك هضبة العراق والمسماة نجد مرتفعة .فكل ماارتفع من الأرض اطلقوا عليه العرب [ نجدا] فهنا [ نجدان اثنتان ] لا [ نجد واحدة ] فالثانية هي [ نجد العراق ] .
وقبل ذلك يبقى الحكم الفصل في تحديد أيهما المراد في الحديث ماجاء في الشرع فإذا :
ثاني الأمرين[ خبر الرسول صلى الله عليه وسلم وفهم الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين يؤكد لغة العرب في تحديد موقع نجد ] . فهل نجد جزيرة العرب أم نجد العراق ؟
الجواب :
إحيلكم على ملئ ( ومن أحيل على ملئ فليتبع )كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم
فقد ذكر الإمام الألباني رحمه الله في سؤال وجه له :" السائل : شرح على الحديث الشريف بفضائل الشام : ( اللهم بارك في شامنا ويمننا ) .
الشيخ : ( اللهم بارك في شامنا ، اللهم بارك في يمننا ، اللهم بارك في شامنا ، اللهم بارك في يمننا ) ثلاث مرات .
السائل : نعم .
الشيخ : ثم قالوا وفي نجدنا يا رسول الله ؟ قال : ( هناك الزلازل والفتن ، وهناك يخرج قرن الشيطان ) ، نعم .
السائل : الشرح الوارد في الطبعة الموجود بين الأيادي ، وبين أيدينا بقول : " نجد هي العراق "
الشيخ : أي نعم .
السائل : يعني نحن نعرف نجد هي نجد ، والعراق هي العراق ، من أين أتى ابن حجر بهذا التفسير ؟ أو هل هو مقنع ، وأنت نقلته في *مختصر ...
الشيخ : طبعًا هذا كلام العلماء ، من أين جاء ؟ من العلم ، نجد في اللغة العربية : كل أرض مرتفعة فهي نجد .
السائل : نعم .
الشيخ : ففي هناك نجود وليس نجد واحد ، فكل بلد مرتفع بالنسبة لبلد آخر يأخذ اسم نجد ، فالبلاد النجدية المعروفة اليوم هي نجد بلا شك ، لكن هذا لا ينفي أن يكون هناك مكان آخر يسمى لغة : نجد ، وإن كان ليس معروفًا ومشهورًا بأنها نجد كنجد السعودية المعروفة اليوم ، وابن حجر -رحمه الله- من كبار علماء المسلمين والفقهاء والمحدثين ، وهو في الحقيقة نادرة زمانه من حيث أنه جمع هاتين الخصلتين ، هناك أحاديث عديدة تبين من أين جاء هذا الفهم ، أولاً : حديث في صحيح مسلم من رواية عبد الله ابن عمر : أن رجلا جاء إلى ابن عمر وقال له : " يا عبد الله الرجل منا يرى الذبابة تقع على ثوبه فهل يتنجس ثوبه ؟ قال : يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول : ( ألا إن الفتنة هاهنا ، ألا إن الفتنة هاهنا ، ألا إن الفتنة هاهنا ) ، وأشار إلى المشرق ، أي : إلى العراق ، فأنت بقى لما بتلاحظ السائل عراقي ، ويسأل عن الذبابة شو بتحمل هاي الذبابة من النجاسة في أرجلها ؟ لا شيء يذكر ، ولذلك أنكر ابن عمر عليه هذا السؤال ، ولفت نظر الحاضرين : أن هذا الرجل عراقي ، " ما أسألكم عن الصغيرة ، وأركبكم للكبيرة " ، الفتن قتلتم الحسين وفعلتم ما فعلتم إلى آخره ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ألا إن الفتنة هاهنا ) إلى آخر الحديث ، فهذا حديث يدل أن الفتنة التي ذكرت في حديث نجد هي هذه الفتنة التي أشار إليها ابن عمر في هذا الحديث ، علمًا أن راوي حديث البخاري ، وراوي حديث بدل لفظة : ( وفي نجدنا ) قالوا : ( وفي عراقنا ) ، وكما يقول علماء الحديث : " إن الروايات تفسر بعضها بعضا " ، ثم في ملاحظة هذا من حيث الرواية ، من حيث الدراية والفهم : لو قال السائل وفي النجد ، كان ممكن يصير في إشكال ، لكن هو أضاف نجد إليه فقال : " وفي نجدنا " ، أي : هو كان عراقيًا ، ولذلك ما أطلق نجد ، لأنه في نجود كما قلنا آنفا ، فمن هنا قال ابن حجر العسقلاني ، وقال الخطابي وهما من علماء اللغة : بأن المقصود هنا بنجد هي : العراق ، ثم التاريخ يشهد بأن الفتن التي تحدث الرسول عليه السلام كانت محلها العراق ، وليس نجد المعروفة اليوم ، لم يقع هناك إلا ظهور مسيلمة الكذاب وأمثاله ، وقضي على فتنته بمحاربة أبي بكر الصديق وقضاءه على هؤلاء الذين ادعوا النبوة في عهد الخليفة الأول ، فمن هنا وهنا وهنا استقام تفسير نجد في الحديث بأنها العراق .
السائل : جزاك الله خيرا .
[ موقع أهل الحديث والأثر فتوى رقم ( ١٩٠ ) ]
وقد نقلت الفائدة كما هي
وفي موضع آخر يقول رحمه الله : " حديث ( ألا إن الفتنة ها هنا ) إلى آخره وأشار إلى المشرق فلا شك أنّ المراد بها العراق وهي أيضا المراد بالحديث المعروف في صحيح البخاري ( اللهم بارك في شامنا اللهم بارك في يمننا ) و أعادها ثلاثا ثم قال قائل وفي نجدنا يا رسول الله ؟ قال ( هناك الزلازل والفتن وهناك يخرج قرن الشيطان ) فنجد المذكورة في هذا الحديث يتوهم كثير من الناس أن المقصود بها هي البلاد النجدية السعودية وهذا خطأ فاحش بالنسبة للروايات الحديثية التي تصرح بأن المقصود بها هي العراق ذلك أنه يوجد هناك رواية أخرى في هذا الحديث الذي أوله ( اللهم بارك في شامنا ) قالوا ( وفي عراقنا ) رواية مفسرة للفظة الأولى وهي ( في نجدنا ) ذلك لأن نجدا في اللغة العربية هو كل مكان مرتفع بالنسبة للمكان المنخفض فالعراق بالنسبة للمدينة نجد يعني مكان مرتفع هذه الرواية الأولى التي لا تسمح لنا بأن نفسّر قول السّائل وفي نجدنا بنجد المعروفة اليوم وإنما نجد هنا هي العراق رواية أخرى في صحيح مسلم أن رجلا سأل ابن عمر عن ذباب يقع على ثوبه فهل يتنجس ؟ فقال يا معشر أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( ألا إن الفتنة ها هنا ألا إن الفتنة ها هنا ألا إن الفتنة ها هنا يؤم بيده إلى العراق ) فصحيح أن هذه الأحاديث هي تنصب على العراق ولكن ذلك لا يصدق عليها أبد الدهر دائما وأبدا وإنما إذا قانت فتنة هناك فلا شك أنها من عموم هذا الحديث ويمكن والحالة هذه أن ندخل فتنة اعتداء العراق على الكويت هو أو هي من الفتن التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الصحيحة
" .[ سلسلة الهدى والنور - شريط : ٤٥٢] ويقول الإمام الألباني رحمه الله في تخريجه لكتاب فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن الربعي صفحة ( ٢٦ ):" فيستفاد من مجموع طرق الحديث أن المراد من نجد في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم ، وإنما هو العراق ، وبذلك فسره الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني وقد تحقق ما أنبأ به عليه السلام ، فإن كثيرا من الفتن الكبرى كان مصدرها العراق فالحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته . انتهى كلامه رحمه الله.
《 الفصل الرابع : فضل قبيلة بني تميم 》
المعروف ان شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله من قبيلة بني تميم وهذه القبيلة ورد فضلها ومدحها والثناء عليها على لسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما زلت أحب بني تميم منذ ثلاث سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم، سمعته يقول: ( هم أشد أمتي على الدجال)، قال: وجاءت صدقاتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هذه صدقات قومنا )، وكانت سبية منهم عند عائشة فقال: ( أعتقيها؛ فإنها من ولد إسماعيل).
《 الفصل الخامس : الأرض لاتقدس أحدا وإنما تقوى الله وطاعته ولزوم السنة والجماعة 》
ذكر الإمام مالك رحمه الله [ الموطأ( ٢/ ٧٦٩)]أنه
كتب أبو الدرداء إلى سلمان الفارسي رضي الله عنهما: أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: “إن الأرض لا تقدِّس أحدًا، وإنما يقدس الإنسان عمله”.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية شارحا هذا المعنى :
" وهو كما قال سلمان الفارسى ، فإن مكة حرسها الله تعالى أشرف البقاع ، وقد كانت فى غربة الإسلام دار كفر وحرب يحرم المقام بها ، وحرم بعد الهجرة أن يرجع إليها المهاجرون فيقيموا بها ، وقد كانت الشام فى زمن موسى عليه السلام قبل خروجه ببني إسرائيل دار الصابئة المشركين الجبابرة الفاسقين ، وفيها قال تعالى لبنى إسرائيل: { سأريكم دار الفاسقين }
فإن كون الأرض دار كفر أو دار السلام أو إيمان ، أو دار سلم أو حرب ، أو دار طاعة أو معصية ، أو دار المؤمنين أو الفاسقين ، أوصافٌ عارضةٌ لا لازمة ، فقد تنتقل من وصف إلى وصف ، كما ينتقل الرجل بنفسه من الكفر إلى الإيمان والعلم ، وكذلك بالعكس .
وأما الفضيلة الدائمة فى كل وقت ومكان ففي الإيمان والعمل الصالح ، كما قال تعالى: { إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم } . وقال تعالى :{وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين . بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه } . وقال تعالى : { ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله ابراهيم خليلا }" ثم قال رحمه الله:" فلا ينبغي للرجل أن يلتفت إلى فضل البقعة فى فضل أهلها مطلقا ، بل يعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه ، ولكن العبرة بفضل الإنسان فى إيمانه وعمله الصالح والكلم الطيب" ثم قال رحمه الله .
وإذا فضلت جملة على جملة لم يستلزم ذلك تفضيل الأفراد على الأفراد : كتفضيل القرن الثاني على الثالث ، وتفضيل العرب على ما سواهم ، وتفضيل قريش على ما سواهم ، فهذا هذا والله أعلم " انتهى كلامه رحمه الله [ جميع ماسبق من مجموع الفتاوى( ٢٧ / ٤٥ - ٤٧ )] .
《 الفصل السادس : الأرض جميعها موضع ابتلاء واختبار سلمنا الله وإياكم من فتنها وشرورها 》
جاء في حديث :( أن الفتنة تجئ من هاهنا ...) فالذي يفهم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذم أهل نجد بإطلاق، وإنما الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم الاخبار بما سيقع في تلك الجهة من الفتن والزلازل،وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم .
ومثل هذا ما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه حديث رقم( ١٨٧٨) ومسلم رحمه الله في صحيحه حديث رقم( ٢٨٨٥)عن الصحابي الجليل أسامة رضي الله عنه قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة، فقال صلى الله عليه وسلم: ( هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ القَطْرِ ) قال السهسواني رحمه الله [ صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان. طبعة ١٣٩٥ هجري ( ٤٩٩ - ٥٠٠ )]
“وهذه الأحاديث وغيرها مما ورد في هذا الباب دالة على وقوع الفتن في المدينة النبوية، فلو كان وقوع الفتن في موضع مستلزمًا لذم ساكنيه لزم ذم سكان المدينة كلهم أجمعين، وهذا لا يقول به أحد، على أن مكة والمدينة كانتا في زمنٍ موضع الشرك والكفر، وأي فتنة أكبر منهما . بل وما من بلد أو قرية إلا وقد كانت في زمن أو ستصير في زمان موضع الفتنة، فكيف يجترئ مؤمن على ذم جميع مسلمي الدنيا وإنما مناط ذم شخص معين كونه مصدرًا للفتن من الكفر والشرك والبدع”إنتهى كلامه رحمه الله.
《 الفصل السابع : الذم يقع على الحال [ أي من حل في المحل ] لا على المحل[ المكان ] 》
قال الإمام عبدالرحمن بن حسن رحمه الله[ الرسائل والمسائل النجدية ( ٤ / ٢٦٤-٢٦٥ )] : " الذم إنما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل وعلى كل حال، فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن؛ لأن الذم إنما يكون للحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل، وقد تقع المداولة فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محلَّ طاعة في زمن آخر، وبالعكس، فلو ذُمَّ نجدٌ بمسيلمة بعد زواله، وزوال مَن يصدِّقُه، لذُمَّ اليمنُ بخروج الأسود العنسي ودعواه النبوة وما ضرَّ المدينة سكنى اليهود بها، وقد صارت مُهاجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومعقل الإسلام، وما ذُمَّت مكة بتكذيب أهلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة عداوتهم له، بل هي أحب أرض الله إليه" .قال الإمام الألباني رحمه الله[ السلسلة الصحيحة( ٥ / ٣٠٥ )] في رده على هذه الشبهة الضعيفة : “وجهلوا أيضًا أن كون الرجل من بعض البلاد المذمومة لا يستلزم أنه هو مذموم أيضًا؛ إذا كان صالحًا في نفسه، والعكس بالعكس، فكم في مكة والمدينة والشام من فاسق وفاجر، وفي العراق من عالم وصالح”.
《 الفصل الثامن : الخاتمة نسأل الله حسنها 》
إلى عقلاء بني آدم- عليه الصلاة والسلام-.
إلى كل منصف يريد الحق
والى كل من تجرد عن الأهواء الحزبية وسلم من عمى فرق الضلال .
والى كل باحث عن الحق .
:
لايغركم من يريد حجب شمس الحق بغربال الكذب والظلم والافتراء
دعوا من يريد الشر في أهل الخير ودعاة الحق
فقد وهبكم الله عقولا وفهوما تميزون بها بين الحق والباطل وبين الشر والخير فهاهي كتب ورسائل هذا الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله امامكم
منشورة اتحدى أي شخص يجد فيها عبارة أو مقالة تخالف كلام الله سبحانه و تعالى او تخالف كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو تضاد منهج السلف الصالح .
فمؤلفاته - من كتب ورسائل- جميعها هي في بيان توحيد الله سبحانه وتعالى وتجريده من دنس الشرك والبدع والأهواء مع اخلاص العبادة لربنا الله تعالى وتقدس ونبذ الشرك ومنع صرف العبادة لكل وثن وصنم و إيضاح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فالعمل الصحيح لابد له من شرطين هما :
الصحة
والصواب .
وهذان الشرطان وجد في دعوة هذا الإمام نحسبه كذلك والله حسيبه ولانزكي على الله أحدا.
ومن أراد فيه او في دعوته سوءا فهو يريد هدم الإسلام والتوحيد والسنة .
والله ناصر دينه ومعلي كلمته ومبطل جهود اعدائه وناصر اوليائه.
ولا يسعنا في هذا المقام إلا الدعاء بالنصر والتمكين والعز لهذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية حرسها الله
بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله فهم ولله الحمد سبب - بعد فضل الله ورحمته وكرمه وجوده وإحسانه وتوفيقه - في الاستمرار بنشر التوحيد والسنة ونصر اهلها. فنسأل الله أن ينصر فيهما دينه ويعلي بهما كلمته والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
----------------------------------------
كتبه وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني .