الأحد، 20 أكتوبر 2019

حكم دفع زكاة الفطر نقداً

بسم الله الرحمن الرحيم 

《 دفع زكاة الفطر طعام  ليست من مسائل  الإجتهاد  بحيث يسوغ فيها الخلاف  بل هو الأمر  بإتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وإتباع هدي سلفنا الصالح في إتفاقهم على دفع زكاة الفطر طعاما وهي رسالة تضمنت مناقشة الشيخ يوسف بن عبدالله الشبيلي في حكم دفع زكاة الفطر نقودا 》

الحمد الله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد: 

فقد اطلعت على فتوى الشيخ الدكتور يوسف بن عبدالله الشبيلي استاذ الفقه في المعهد العالى للقضاء في جامعة الامام محمد بن سعود  ( رحمه الله ) الإسلامية والمنشور في صحيفة سبق الاليكترونية في  يوم الجمعة الموافق ١٢ / ٩ / ١٤٤٠ هجري 
هذا نص اللقاء كاملا كما ورد في صحيفة سبق {  أوضح أستاذ الفقه في المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الشيخ الدكتور يوسف بن عبدالله الشبيلي، أن مسألة إخراج زكاة الفطر نقوداً أم طعاماً من المسائل الاجتهادية، وفيها خلاف كبير بين أهل العلم منذ القدم.

وقال في هذا الصدد: إن الإشكال في هذه المسألة ليس في الرأي الفقهي وإنما في طريقة تناول الناس لها حتى جعلوها سبباً للخلاف والخصومة.
وفي التفاصيل، قال الشيخ "الشبيلي" في رده على سؤال في برنامج "يستفتونك" عن حكم إخراج زكاة الفطر هل هي نقود أم طعام؟: "هذه المسألة فيها خلاف كبير بين أهل العلم منذ القدم؛ إذ خالف فقهاء الحنفية جمهور أهل العلم في هذه المسألة".
واستغرب أن بعض الناس ينظر إلى الخلاف فيها نظرة تشنج ومنازعة وأن من تبنى رأي إخراجها نقوداً فقد خرج على أقوال أهل العلم وأتى بقول شاذ أو من تمسك بهذا الرأي - إخراجها طعاماً - فهو متشدد.
وأضاف: الإشكال في هذه المسألة ليس في الرأي الفقهي وإنما في طريقة تناول الناس لها حتى جعلوها سبباً للخلاف والخصومة، موضحاً أن النبي فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو بر أو من غيره من قوت البلد، وإذا أخرجه الشخص من الطعام فقد أجزأه باتفاق أهل العلم.
وتابع: وقع خلاف بين أهل العلم في مسألة إخراجها من النقود؛ فنقول: إذا كان الشخص يتبنى رأي إخراج زكاة الفطر نقوداً فالأمر فيه سعة، مضيفاً: فلو أخرجها من النقود، بقيمتها نقوداً، وبناء على فتوى أُفتي بها فلا تثريب عليه في ذلك فالمسألة هذه من المسائل الاجتهادية، ومن قال أنا سأخرجها من الطعام حتى أخرج من الخلاف في هذه المسألة لأن هذا محل اتفاق فقد أبرأ ذمته.} انتهى اللقاء

وحيث ان ماذكره في هذا اللقاء اشتمل على 
(اولا) :
اجمال  يحتاج الى بيان وايضاح وتفصيل يتضح ذلك في عدم تفريقه   بين مسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف وكان عليه  بيان الفرق بين صور المسألتين ليتبين لعموم المسلمين وله  البون الشاسع بينهما 
...........
( ثانيا ) :
 من كلامه يتبين ان القول  بوجوب دفع زكاة الفطر طعاما - وهو الحكم الشرعي المبني على نصوص الوحي من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم و ماعليه اتفاق اهل العلم يعتبره قولا مرجوحا امام القول الاخر 
مع محاولته المساواة  بل تقوية  رأي  الفقهاء   المفتقد للدليل الشرعي وهو اعطاء النقود بدلا عن الطعام في زكاة الفطر   
    《 فصل 》
فنقول : ان الفرق بين  مصطلحي ( المسائل الاجتهادية ) او ( المسائل الخلافية) يكمن في أن المسائل الاجتهادية : هي  المسائل الشرعية التي يتجاذبها أصلان  صحيحان أو أكثر  من نصوص الوحيين - كتابا او سنة -
أو يقال عنها  : بأنها
 المسائل التي 
ورد بحكمها دليل من السنة ، ولكنه مختلف في تصحيحه ، أو ليس صريحاً في بيان الحكم ، بل يكون محتملاً 
أو 
يقال :
هي المسائل التي ليس   فيها دليلٌ يجب العمل به وجوباً ظاهراً  فيسوغ فيها الاجتهاد  إذا عدم فيها الدليل الظاهر الذي يجب العمل به، اما  لتعارض الأدلة، أو لخفاء الأدلة فيها 
     《 فصل 》
واما ( المسائل الخلافية )
فهي أعم من المسائل الإجتهادية إذ أن المسائل الخلافية :
 قد تكون مسائل إجتهاديه مبنية على الدليل و الإستنباط الصحيح أو أنها مسائل  خلافية بين الحق والباطل أوالمصيب والمخطئ 
ومثال ذلك :  المسائل الواضحة التي فيها نص أو إجماع فلا يجوز الإجتهاد فيها مع وجود النص ، والخلاف فيها شر لا يسوغ بل يحرم 
 قال الشاعر : 
وليس كل خلاف جاء معتَبراً ..... إلا خلافٌ له حظ من النظرِ ..
قال إبن القيم رحمه الله في نونيته :
[ العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة هم أولو العرفان
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين الرسول وبين رأي فلان ]
وقد " دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الإجتهاد كما أعتقد ذلك طوائف من الناس، والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الإجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه؛ فيسوغ إذا عدم ذلك فيها الإجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو خفاء الأدلة فيها، وليس في ذكر كون المسألة قطعية طعن على من خالفها من المجتهدين كسائر المسائل التي أختلف فيها السلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها" انتهى مختصراً من الفتاوى الكبرى (٣ /١٦٠).

 ولو قيل ان المسائل الخلافية :
هي المسائل الاجتهادية لكان هذا الامر مضادا للشرع ومخالفا للعقل السليم والفطر السوية إذ أن عدم التفريق بين صور  المسألتين يجيز الشرك بالله على إختلاف صوره ( إذ أنه يوجد من يشرك بالله ويكفربه تعالى ربنا وتقدس ؛ فهل يقول  : 
عاقل فكيف بعالم : إن هذا الخلاف مسألة إجتهاديه وأصحابها بين الأجر والأجرين ؛  وينبني على هذا التأصيل الفاسد :
جواز الشرك والكفر بالله ؛  وينبني عليه كذلك   إباحة  البدع على إختلافها وكثرتها وضلالها 
فلايقول بهذا القول عاقل فكيف  من نصّب نفسه للعلم والدعوة والإفتاء .
 《 فصل 》
ثم ذكر الشبيلي-وفقنا الله وإياكم وإياه إلى مايحبه الله ويرضاه - كلاما أحببنا التعقيب عليه وبيان الحق فيها  وكلامنا مبني على أدلة الشرع مع إتفاق شيوخ الإسلام على القول به والعمل بما فيه  ونود أن نبين أن كلام الشيخ الشبيلي   سنجعله بين قوسين هكذا  ( ..... )  وتعقيبنا عليه خارج هو ماكان خارج  الأقواس. 
 《 فصل 》

في مقاله السابق ذكر  (   إن الإشكال في هذه المسألة ليس في الرأي الفقهي )
فنقول له : إذا كان رأيا فقهيا مجردا من الدليل فلما تساوي آراء الرجال التي هي عرضة للخطأ والضلال  بكلام الشارع المعصوم   ...
ونقول له : إن الإشكال حصل في نشر  رأي بعض الاحناف وليس كلهم إذ جاء عن أبي حنيفة ـ رحمه الله  متحدثا عن زكاة الفطر مانصه : "  المنصوص عليه في الحديث الصحيح فيه لا تعتبر القيمة " انتهى كلامه رحمه الله من [ حاشية رد المحتار لإبن عابدين رحمه الله ( ٢ / ٤٠٠)]

 وتقديم  آراء الرجال  على كلام الشارع 
في مخالفة السنة  وترك إجماع الصحابة رضي الله عنهم في دفع زكاةالفطر نقودا فيه مخالفة  لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا أمر
 لايرتضيه أئمة السنة مثل مالك والشافعي وأحمد بن حنبل   و أبي حنيفة رحمهم الله 

    《 فصل 》
ثم قال الشبيلي :
( وإنما في طريقة تناول الناس لها حتى جعلوها سبباً للخلاف والخصومة)

فنقول إجابة لهذا التساؤل : إن ترك الشرع المنزل - كتابا و سنة - وإختراع اراء شاذة   يعتبر  من الاسباب الرئيسية في حدوث التفرق والاختلاف في امة محمد صلى الله عليه وسلم 
ومن ثمراته : مايترتب عليه من مساوئ كالتكفير والتبديع والتفسيق  وماينتج عن ذلك من إستحلال للدماء المعصومة  من  جماعات التكفير ، 
وشريعتنا  مبنية على الكتاب والسنة ويحق للمسلمين - علماء وطلاب علم وعوام مستفتين - أن يتناولوها بإعتبار أن هذه عبادة مشروعة حصل فيها خلاف حادث لم يكن معروفا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عهد صحابته رضي الله عنهم أو عهد التابعين رحمهم الله 
ودين الاسلام دين الأدلة من كلام -الله تعالى وتقدس- أو كلام  الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم يأت من بعد عهد الشارع قول يخالف الشرع المنزل .
وعليه :
أليس من حق المسلمين ان يتناولوا هذا الرأي  على جهة الذم و الإنكار. 
  《 فصل》
ثم قال  "الشبيلي"( هذه المسألة فيها خلاف كبير بين أهل العلم منذ القدم ؛ إذ خالف فقهاء الحنفية جمهور أهل العلم في هذه المسألة")

فجوابا لكلامه هذا نقول : إن مصادمة أحكام الشرع المبنية على أدلة الوحي بآراء الفقهاء إجتهاد في مقابلة نصوص الوحي كما أن فيها افتيات وتقدمة على الشارع ويخشى على صاحبه أن يكون من المخالفين للشرع برأيه وهذا منكر من القول عظيم أنظر عبارة إبن عباس رضي الله عنهما المشهورة وهي في مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله( ٣١٢١) وفيها يقول رضي الله عنه : أُرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ أَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقُولُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ 
وفي عبارة أخرى للصحابي الجليل عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ونصها :  " أَفَكِتَابَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعُوا أَمْ عُمَرُ"؟[ شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله في مجموع الفتاوى( ٢٦ /٥٠ )]
وقد أجمع العلماء على أن الإجتهاد محله عند عدم النص إذا خفيت النصوص وصار الناس إلى الإستنباط والقياس هذا محل الإجتهاد .
وأما   مسألتنا هذه  فالإجتهاد هنا إجتهاد خاطئ فاسد الإعتبار لمقابلته ورده لنصوص الشارع الحكيم .
ثم يقال له  : نعم  انها  ليست خلافيةلوجود  الدليل الشرعي  مع خلو 
الخصم من أدلة الشرع ؛ وهي كذلك ليست مسألة اجتهادية  لعدم الدليل   الشرعي الذي يثبت صحة الرأي الاخر في  هذه  المسألة .

《 فصل 》
ثم قال - وفقنا الله وإياكم وإياه إلى مايحبه الله ويرضاه -  (واستغرب أن بعض الناس ينظر إلى الخلاف فيها نظرة تشنج ومنازعة)
فنقول جوابا لكلامه هذا : 
أليس الأمر دين ..
ثم هل يسع المسلمون السكوت حينما يشاهدون ويسمعون رأيا يخالف امر رسول الله  صلى الله عليه و سلم ينشر ويشهر في وسائل الإعلام ويجعل هذا القول الساقط قربة يتقرب بها إلى الله برأي فقيه مخالف للشرع و الأمر أدهى وأعظم إذ رد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم  فهو منازعة لكلام الذي لاينطق عن الهوى ( إن هو إلا وحيا يوحى) ...بل رأيت من أهل العلم من يستدل بآية ( أتخذوا أحبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله ) في رد رأي مجيزي دفع النقود في زكاة الفطر ؛ فالمسألة دين وفقنا الله وأياكم وإياه  إلى العلم النافع والعمل الصالح وحسن الخاتمة .
    《 فصل 》

ثم قال وبئس ماقال 

(  وأن من تبنى رأي إخراجها نقوداً فقد خرج على أقوال أهل العلم وأتى بقول شاذ ) 
اقول :  إن الشذوذ هو إتباع صاحب الرأي المخالف للشرع ونقول :  إنه أتى بقول شاذ؛  ونؤكد على وصفه بالشذوذ هذا هو الصواب وقلنا ذلك :
 لمخالفته كلام الرسول صلى الله عليه وسلم .

《 فصل 》
ثم قال 

 ( أو من تمسك بهذا الرأي - إخراجها طعاماً - فهو متشدد)
فجوابا عن هذه الفقرة نقول له  : ليس في إتباع السنة تشدد بل عبادة وقربة الى سبحانه و تعالى  ...ولايقول بهذا القول او يصف من اتبع السنة بذلك الا أصحاب الاهواء والضلال أعاذنا الله من اهوائهم وضلالهم .
  《 فصل 》
ثم قال .
(  الإشكال في هذه المسألة ليس في الرأي الفقهي وإنما في طريقة تناول الناس لها حتى جعلوها سبباً للخلاف والخصومة )
والإجابة عن هذه الفقرة نقول : إن مقابلة نصوص الوحي برأي فقيه يسميها علماء أصول الفقه (فساد إعتبار )

إذ أنه من القوادح للقياس  وهو مخالفة الدليل لنص أو إجماع 

وعليه نقول لإخينا  : إن  رأيك في   هذه  المسألة مردود غير مقبول ؛ وذلك  : إن إثارة آراء الفقهاء المخالفة المصادمة  للشرع ونشرها  بين المسلمين فيها فساد اعتبار  فكيف جاز لك تعميم نشرها وإعلامها وإعلانها في صحيفة سبق 
فهل هذا أسلوب من 
يحب جمع كلمة المسلمين ووحدتهم  ويكره الخلاف والخصومة بينهم 
   
    《 فصل 》

ثم قال(  أن النبي فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو بر أو من غيره من قوت البلد، وإذا أخرجه الشخص من الطعام فقد أجزأه باتفاق أهل العلم)
نقول إجابة لهذه الفقرة : الحمد الله شهد  الشبيلي : أن المسألة فيها دليل من السنة ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم...) وأن فيها ( إتفاق أهل العلم ) 
ونقول لإخينا الشيخ الشبيلي :
فهل نترك سنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الاسوة والقدوة وهو المشرع ومن ترك سنته  فهو على شفا جرف هار فأنهار به .

ثم من يخالف ( إتفاق أهل العلم ) إلا من رغب عن السنة أو أراد الشذوذ والمخالفة  بالبعد عن إتفاق العلماء 
اعاذنا الله وإياكم من الهوى .

《فصل 》

ثم قال عفا الله عنا وعنه وعن المسلمين ( وقع خلاف بين أهل العلم في مسألة إخراجها من النقود؛ فنقول: إذا كان الشخص يتبنى رأي إخراج زكاة الفطر نقوداً فالأمر فيه سعة ) 
ونقول : بل هذا الصنيع هو  تقديم لآراء الرجال المتشددة وترك سعة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فمن لم تسعه السنة فلا وسع الله عليه 

《 فصل 》
ثم قال 
( فلو أخرجها من النقود، بقيمتها نقوداً، وبناء على فتوى أُفتي بها فلا تثريب عليه في ذلك)
أقول جوابا عن هذه الفقرة : إن لهذه العبارة تتمة فيها تكون صوابا وهي ( لاتثريب عليه إذا كان جاهلا بسنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصله الخبر المرفوع  وأما من بانت له السنة فلايسعه إلا إتباعها ....
ثم هل يجوز إبتداع عبادة بآراء أشخاص ولم يأذن بها الشارع المعصوم ؟
فالجواب معروف عند عامة المسلمين وهو :
التحريم والإنكار .

《 فصل 》

ثم قال ( فالمسألة هذه من المسائل الاجتهادية،)
فالجواب عن هذه الفقرة نقول : هذه المسألة ليست من المسائل الإجتهاديه بل هي مسألة خلافية بلا دليل معتبر شرع و هي مقابلة أحكام الشرع القطعية المبنية على نصوص الوحيين في آراء فاسدة الاعتبار .
وهذه المسألة حصل فيها إجتهاد في مقابلة نص سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يصح شرعا  ان يقال ( أنها من المسائل الإجتهاديه) 

  《 فصل 》
ثم قال 
 (ومن قال أنا سأخرجها من الطعام حتى أخرج من الخلاف في هذه المسألة لأن هذا محل إتفاق فقد أبرأ ذمته) 
أقول في صحة هذه العبارة - في مسألتنا هذه -  :  نظر إذ لايوجد خلاف معتبر شرعا  في هذه المسألة بل هو معارضة نصوص الوحي بآراء بشر جهلوا عن غير قصد أو  أنحرفوا عمدا   عن جادة  الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته 
وقد تتبعت الآثار عن سلفنا الصالح فوجدتهم يتفقون على الإطعام وأما مانقل عن بعضهم فلا يعدو كونه :
 أما خبر غير صحيح او في مسألة أخرى وهي مسألة زكاة الأموال فليست في زكاة الفطر كما كذب - بضم الكاف - على شيخ الإسلام إبن تيميه رحمه الله فقد وجدت أن كلامه أراد فيه زكاة الأموال فلايعني زكاة الفطر 
أنظر كلام شيخ الإسلام إبن تيميه ـ رحمه الله ـ في " مجموع الفتاوى  [ ٢ / ٤١ ] حيث قال رحمه الله :"صَدَقَةَ الْفِطْرِ  أَوْجَبَهَا اللَّهُ طَعَامًا كَمَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ طَعَامًا ، وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَجَبَتْ طَعَامًا لِلْأَكْلِ لَا للاستنماء " انتهى كلامه رحمه الله .

 《 فصل 》
التنبيه على أمور مهمة يجب على كل  مسلم تذكرها والعمل بما فيها  وتذكير غيره فيها ننقلها عن شيوخ الإسلام وهذه التنبيهات بنيت على الأدلة من كلام الله تعالى وتقدس وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم  وما عليه هدي سلفنا الصالح  في مسألتنا هذه وهي ان السنة هي  زكاة الفطر طعام كما أن هذا التبيهات تؤخذ وجوبا في مسائل الشرع الأخرى 
ومن اهم هذه الامور :
[اولا ] :
" أن أهم أركان دين الإسلام الحنيف شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله . ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وحده ، ومقتضى شهادة أن محمداً رسول الله ، أن لا يعبد الله سبحانه إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ثانيا ]:
 وزكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين ،
[ ثالثا ]: 
والعبادات الأصل فيها التوقيف ، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه ، الذي قال عنه ربه تبارك وتعالى: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ، وقال هو في ذلك : {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد }، { من عمل عملاً ليس عليه  أمرنا فهو رد }. 
[ رابعا] :
وقد بيَّن هو صلوات الله وسلامه عليه زكاة الفطر بما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة : صاعاً من طعام ، أو صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، أو صاعاً من زبيب ، أو صاعاً من إقط . فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة } . وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : { كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب }، وفي رواية {أو صاعاً من إقط }متفق على صحته . فهذه سنة محمد صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر . 
[ خامسا ] :
ومعلوم أن وقت هذا التشريع وهذا الإخراج يوجد بيد المسلمين وخاصة في مجتمع المدينة الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه في زكاة الفطر ، فلو كان شيء يجزئ في زكاة الفطر منهما لأبانه صلوات الله وسلامه عليه ؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ،ولو فعل ذلك لنقله أصحابه رضي الله عنهم . وما ورد في زكاة السائمة من الجبران المعروف مشروط بعدم وجود ما يجب إخراجه ، وخاص بما ورد فيه ، كما سبق أن الأصل في العبادات التوقيف ،
[ سادسا ]:
 ولا نعلم أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر ، وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها ، ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره من أقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالأمور الشرعية ، وقد قال الله سبحانه :{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وقال عز وجل : {    وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. 
[ سابعا ] :
 أن إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزئ عمن أخرجه ؛ لكونه مخالفاً لما ذكر من الأدلة الشرعية"( ١ )
[ ثامنا ] :
" خطيرة جدا لأنها تعني أن الشارع الحكيم ألا وهو رب العالمين حينما أوحى إلى نبيه الكريم أن يفرض على الأمة إطعام صاع من هذه الأطعمة لايدري   ولا يعرف مصلحة الفقراء والمساكين ، كما عرف هؤلاء الذين يزعمون بأنه إخراج القيمة أفضل ، لو كان إخراج القيمة أفضل لكان هو الأصل وكان الإطعام هو البدل لأن الذي يملك النقود يعرف أن يتصرف بها حسب حاجته إن كان بحاجة إلى الطعام اشترى الطعام ،إن كان بحاجة إلى الشراب اشترى الشراب ، إن كان بحاجة إلى الثياب اشترى الثياب فلماذا عدل الشارع عن فرض القيمة أو فرض دراهم أو دنانير إلى فرض ما هو طعام إذن له غاية ، فلذلك حدد المفروض ألا وهو الطعام من هذه الأنواع المنصوصة في هذا الحديث وفي غيره ، فانحراف بعض الناس عن تطبيق النص إلى البديل الذي هو النقد هذا اتهام للشارع بأنه لم يحسن التشريع لأن تشريعهم أفضل وأنفع للفقير هذا لو قصده ، كفر به لكنهم لا يقصدون هذا الشيء ، لكنهم يتكلمون بكلام هو عين الخطأ ، إذن لا يجوز إلا إخراج ما نصّ عليه الشارع الحكيم وهو طعام على كل حال .
[ تاسعا ]:
وهنا ملاحظة لابد من ذكرها ، لقد فرض الشارع أنواع من هذه الأطعمة لأنها كانت هي المعروفة في عهد النبوة والرسالة لكن اليوم وجدت أطعمة نابت مناب تلك الأطعمة ، اليوم لا يوجد من يأكل الشعير ، بل ولا يوجد من يأكل القمح والحب لأنه الحب يتطلب شيء آخر وهو أن يوجد هناك الطاحونة ويتطلب وجود تنور صغيرأو كبير كما لا يزال موجود في بعض القرى ، فلما هذه الأطعمة أصبحت في حكم المتروك المهجور فيجب حينئذ أن نخرج البديل من الطعام وليس النقود ، لأننا حينما نخرج البديل من الطعام صرنا مع الشرع فيما شرع من أنواع الطعام المعروفة في ذلك الزمان . أما حينما نقول نخرج البديل وهو النقود وردعلينا أن الشارع الحكيم ما أحسن التشريع لأننا نقطع جميعا على أن النقود هي أوسع استعمالا من الطعام ، لكن لما رأينا الشارع الحكيم فرض طعاما ووجدنا هذا الطعام غير ماشي اليوم حينئذ لازم نحط عن بديله . بديل مثلا الأرز أي بيت يستغني عن أكل الأرز ؟ لا أحد ، لا فقير ولا غني إذن بدل القمح بنطلع الأرز أوبنطلع السكر مثلا أو نحو ذلك من أي طعام .
يوجد في بعض الأحاديث الأقط والأقط هو الذي  يسمى هنا بالجميد يمكن الإنسان يطلّع من هذا الطعام لكن حقيقة بالنسبة لنحن في سوريا في العواصم لا يعرف  الجميد لكن في كثيرمن القرى معروف وإذا أخرج الإنسان جميدا لبعض الفقراء والمساكين و الحال تمشي تماما لكن هذا يحتاج إلى شيء من المعرفة انه هذا الإنسان يستعمل الجميد وإلا لا ،الذي أراه أنه لا يغلب استعماله كذلك منصوص في بعض الأحاديث التمر لكن أعتقد أنه التمر في هذه البلاد لا يكثر استعماله كما يستعمل في السعودية مثلا فهناك طعامه مغذي فربما يقيتوهم ويغنيهم عن كثير من الأطعمة ، المهم الواجب ابتداءا وأصالة إخراج شيء من هذه الأنواع المنصوصة في نفس الحديث ولا يخرج إلى طعام آخر كبديل عنه إلا إذا كان لا يوجد حوله فقراء ومساكين يأكلون من هذا الطعام الذي هو مثلا كما قلنا الأقط أو التمر كذلك الزبيب مثلا الزبيب عندنا يؤكل لكن ما هو  ؟ ما هو طعام اليوم يدّخرويقتاتون به فالأحسن فيما نعتقد والله أعلم هو إخراج الأرز ونحو ذلك مثل ما قلنا أو الفريك فهذه الأقوات يأكلها كل الطبقات من الناس"( ٢ )
[ عاشرا  ] :
" العبادات لا يجوز تعدي الشرع فيها بمجرد الاستحسان، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم فرضها طُعمة للمساكين، فإن الدراهم لا تطعم، فالنقود أي الدراهم تُقضى بها الحاجات؛ من مأكول ومشروب وملبوس وغيرها.

 [ الحادي عشر ] :
 إن إخراجها من القيمة يؤدي إلى إخفائها وعدم ظهورها، لأن الإنسان تكون الدراهم في جيبه، فإذا وجد فقيراً أعطاها له فلم تتبين هذه الشعيرة ولم تتضح لأهل البيت. 
[ الثاني عشر ] :
ان إخراجها من الدراهم قد يخطئ الإنسان في تقدير قيمتها فيخرجها أقل فلا تبرأ ذمته بذلك، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم فرضها من أصناف متعددة مختلفة القيمة، ولو كانت القيمة معتبرة لفرضها من جنس واحد، أو ما يعادله قيمة من الأجناس الأخرى. والله أعلم"( ٣ )
[ الثالث عشر  ]:
إن دفع زكاة الفطر طعاما فيه مخالفة لأهل البدع و الأهواء والجماعات التكفيرية المنسوبة للإسلام وهو برئ منها براءة الذئب من دم يوسف عليه الصلاة والسلام إذ أن كل أو جل من قال بدفع زكاة الفطر نقودا هم ممن خالف معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح أما في مقابلة النص الشرعي برأيه كحال بعض فقهاء الاحناف 
أو تجده قبوريا صوفيا أو معطلا جهميا أو اخوانيا خارجيا يرى حل دماء المسلمين فلذا إن في دفع زكاة الفطر طعاما فيه أتباع للسنة وفيه مخالفة لأهل الاهواء والبدع فنسأل الله الحي القيوم ذا الجلال والإكرام أن يجعلنا وإياكم واخانا الشيخ يوسف الشبيلي من المدافعين المنافحين الناصرين الذائدين  عن معتقد أهل السنة والجماعة أتباع السلف وأن يميتنا على التوحيد والسنة   وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن يحسن خاتمتنا 
آمين 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 
كتبه وأملاه الفقير إلى  عفو مولاه : غازي بن عوض العرماني مساء يوم الجمعة ٢٦ / ٩ / ١٤٤٠ من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في  مركز  الكداديه في منطقة القصيم في دولة المملكة العربية السعودية حرسها الله وولاة امرها من كل شر 
-------------------------
( ١ ) المصدر  :
الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله مفتي عام المملكة العربية السعودية سابقا بتصرف يسير  .                             ( ٢ ) المصدر :
سلسلة الهدى والنور لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ( شريط رقم ٢٧٤  الدقيقة : ٥٥ ) بتصرف يسير 
( ٣ ) المصدر :
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله - المجلد الثامن عشر - كتاب زكاة الفطر بتصرف يسير  .