الأربعاء، 2 أكتوبر 2019

حكم تارك الصلاة بالتفصيل

بسم الله الرحمن الرحيم 

《 ابن قدامه يرد على الحداديه الخوارج في مسألة ترك  الصلاة وعدم العذر بالجهل  》*
-----------


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين اما بعد 
فقد قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه الموسوعة المسمى ب[المغني(٢ / ١٥٦)] :
" تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَخْلُو ; إمَّا أَنْ يَكُونَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا , أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ , فَإِنْ كَانَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا نُظِرَ فِيهِ , فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ , وَهُوَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ , كَالْحَدِيثِ الْإِسْلَامِ , وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ , عُرِّفَ وُجُوبَهَا , وَعُلِّمَ ذَلِكَ , وَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ ; لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ , كَالنَّاشِئِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى , لَمْ يُعْذَرْ , وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ادِّعَاءُ الْجَهْلِ , وَحُكِمَ بِكُفْرِهِ ; لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ ظَاهِرَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , وَالْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ , فَلَا يَخْفَى وُجُوبُهَا عَلَى مَنْ هَذَا حَالُهُ , فَلَا يَجْحَدُهَا إلَّا تَكْذِيبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ , وَهَذَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا عَنْ الْإِسْلَامِ , وَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ , فِي الِاسْتِتَابَةِ وَالْقَتْلِ , وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا "  انتهى كلامه رحمه الله .
وفي كلامه رد على الحداديه الخوارج في مسائلهم التي احدثوها وبدعوا المسلمين ومالوا الى تكفيرهم واستحلال دمائهم مؤيدين جماعتهم الام الاخوانية في استحلال دماء المسلمين حكاما ومحكومين 
ومن اهم مسائلهم التي ردها ابن قدامه رحمه الله  وبين فساد حالهم ووهاء مقالهم في :
الاولى  :
بين ابن قدامه رحمه الله ان صاحب  تارك الصلاة جحدا لوجوبها له حالتان 
الحالة الأولى  :
" إِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ , وَهُوَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ , كَالْحَدِيثِ الْإِسْلَامِ , وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ , عُرِّفَ وُجُوبَهَا , وَعُلِّمَ ذَلِكَ , وَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ ; لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ  "
الحالة الثانية :
" إِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ , كَالنَّاشِئِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى , لَمْ يُعْذَرْ , وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ادِّعَاءُ الْجَهْلِ , وَحُكِمَ بِكُفْرِهِ ; لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ ظَاهِرَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , وَالْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ , فَلَا يَخْفَى وُجُوبُهَا عَلَى مَنْ هَذَا حَالُهُ , فَلَا يَجْحَدُهَا إلَّا تَكْذِيبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ , وَهَذَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا عَنْ الْإِسْلَامِ , وَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ , فِي الِاسْتِتَابَةِ وَالْقَتْلِ , وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا " 
 الحالة الثالثة : 
من تركها تهاونا وكسلا فقيل بكفره وقتله مرتدا وهذا مشهور مذهب احمد  و" ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ  إِلَى أَنَّ تَاركَ الصَّلاَةِ تَهَاوُنًا وَكَسَلاً ، لاَ جُحُودًا ، يُقْتَل حَدًّا أَيْ أَنَّ حُكْمَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ حُكْمُ الْمُسْلِمِ فَيُغَسَّل ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ، وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ"[ الموسوعة الفقهية 
 ( ٢٧ / ٥٣ - ٥٤ )]وهذاقول آخر  للامام احمد رحمه الله في هذه المسألة
وحكى اصحاب هذا القول الإجماع على عدم كفره ، فقالوا : 
" ذَلِكَ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّا لا نعلَمُ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ أَحَدًا مِنْ تَارِكِي الصَّلَاةِ تُرِكَ تَغْسِيلُهُ , وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ , وَدَفْنُهُ فِي مَقَابِر الْمُسْلِمِينَ , وَلَا مُنِعَ وَرَثَتُهُ مِيرَاثَهُ , وَلَا مُنِعَ هُوَ مِيرَاثَ مُوَرِّثِهِ , وَلَا فُرِّقَ بَيْنَ زَوْجَيْنِ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ مِنْ أَحَدِهِمَا ; مَعَ كَثْرَةِ تَارِكِي الصَّلَاةِ , وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَثَبَتَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا , وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا فِي أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا , وَلَوْ كَانَ مُرْتَدًّا لَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ ، وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ في تَكفِيره فَهِيَ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ , وَالتَّشْبِيهِ لَهُ بِالْكُفَّارِ , لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ , كَقَوْلِهِ عليه السلام : ( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ , وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) ، وَقَوْلِهِ ( شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ )[  قال  الامام الألباني رحمه الله عنه ( موضوع )  في كتابه ضعيف الجامع الصغير حديث رقم( ٣٢٠٥ )] 
وَأَشْبَاهِ هَذَا مِمَّا أُرِيدَ بِهِ التَّشْدِيدُ فِي الْوَعِيدِ " انتهى كلام ابن قدامه رحمه الله  من كتابه المغني ( ٢ / ١٥٧ )
فمسألة العذر بالجهل اتت الايات والاحاديث مؤيدة للعذر بالجهل وليست قولا لابن تيميه والالباني -رحمهما الله- وربيع حفظه الله .
والخلاف في تركها تهاونا وكسلا خلاف مشهور مدون في جميع كتب السنة ولاينكرها الا ضال او جاهل ولانقول هذا الكلام تساهلا 
ف"أهل السنة السابقون واللاحقون المكفرون لتارك الصلاة وغير المكفرين يعظمون قدر الصلاة ويؤمنون بمكانتها، ويشيدون لها المساجد؛ إعظامًا لقدرها، ويحكمون على تاركها بالفسق، والقتل، وشدة الإثم، ولا يقبلون له شهادة ولا رواية.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الصلاة صفحة (١٣):
"لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة ثم اختلفوا في قتله وفي كيفية قتله وفي كفره".
ثم تأمل قول الإمام محمد بن نصر رحمه الله:
"ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَأْوِيلِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَنِ الصَّحَابَةٍ رَضِيَ الله عَنْهُمْ فِي إِكْفَارِ تَارِكِهَا وَإِيجَابِ الْقَتْلِ عَلَى مَنِ امْتَنَعَ مِنَ إِقَامَتِهَا".
انظر إلى هذا الإمام كيف يصف المختلفين في تارك الصلاة بأنهم من أهل العلم، ولم يقل أهل السنة والمرجئة كما يقول الحداديون القطبيون.
ثم إنه يرى أن الاختلاف بين أهل العلم بعد النبي صلى الله عليه وسلم  والصحابة رضي الله عنهم 
وهذا يدل أن هذا الاختلاف وقع بين أهل العلم من عهد الصحابة رضي الله عنهم ثم في عصر  التابعين وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله  في كتاب الصلاة صفحة ( ١٤) خلال كلامه عن تارك الصلاة وقتله:
"وقال ابن شهاب الزهري، وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة وداود بن علي والمزني: يحبس حتى يموت أو يتوب ولا يقتل".
وساق أدلتهم على عدم قتله.
وهذا يفيد أن سعيد بن المسيب وهو من كبار التابعين لا يكفر تارك الصلاة وكذلك من ذكر بعده.
ثم انظر إلى عدل وإنصاف أهل السنة جميعًا، واحترام بعضهم لبعض حيث يحكي الطرفان هذا الاختلاف ويسوق كل طرف أدلته.
ولا يطعن بعضهم في بعض؛ لأن كل طرف يدرك أن الطرف الذي يخالفه مجتهد يريد الحق، وأنه ليس عنده هوى وإنما يعتمد على نصوص من الكتاب والسنة.
قارن بين منهج علماء السنة ومنهج الخوارج الحدادية تجدهم أشد على أهل السنة وأفجر في خصومتهم لأهل السنة من الخوارج السابقين.
وانظر إلى هذا الحدادي يعترف هنا أن الخلاف حدث بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 
وانظر إلى قول احد الحداديه في رسالة له خالف فيها شيوخ الاسلام وائمة السنة :"فإن من غربة السنة في هذا الزمن المتأخر أن بعض المسائل التي أجمع عليها السلف الصالح من الصحابة والتابعين, صار الخلاف فيها خلافا معتبرا".
فهل يدرك هذا الجاهل أنه يتكلم بغير علم وأنه يخالف محمد بن نصر وغيره من العلماء، وأنه يطعن في أهل السنة حقًّا بغيًا منه وعدوانًا؟!
وليس له سلف في هذا الطعن إلا الخوارج وأهل البدع من المنصورية الذين يقولون في أهل السنة الذين لا يكفرون تارك الصلاة تكاسلًا بأنهم مرجئة، ويقولون: هذا يؤدي إلى أن الإيمان قول بلا عمل.
انظر [البرهان في عقائد أهل الإيمان] لأبي الفضل السكسكي اليمني صفحة ( ٩٤ - ٩٦ )
فهؤلاء هم سلف الحدادية ولاسيما أهل البدع من المنصورية.
وأهل السنة السابقون واللاحقون بريئون من هذه الفرقة الحدادية ومن أقوالها الباطلة وأصولها الفاسدة القائمة على البغي والجهل والهوى القاتل"[ من كلام الامام ربيع المدخلي حفظه الله في رده على الحداديه ..بتصرف ]
والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين  
-----------
* الحدادية: مذهب تكفيري امتداد لجماعة الاخوان الخوارج ويعتبرون الجناح الفكري للفرقة الدموية المسماة داعش ؛ قام بتأسيسه محمود حداد لهم معتقدات تركز على التشدد في المسائل العلمية ( مثل العذر بالجهل واختلاف علماء الأمة في حكم تارك الصلاة اذ يجعلون الخلاف في ترك الصلاة تهاونا وكسلا قولا واحدا خلافا لعلماء الاسلام فقد ذكروا خمسة اقوال في المسألة ومنهم شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله  ثم يبدعون من خالفهم ويرمونه بالارجاء ) بل الميل الى تكفير شيوخ الاسلام وائمة السنة مثل ابن تيميه و محمد بن عبدالوهاب وعبدالرحمن بن حسن والالباني رحمهم الله تعالى والامام ربيع المدخلي حفظه الله واتهامهم بأن لهم مذهبهم الارجاء وانهم سبب نشر الارجاء في العالم اجمع.  ويرون تمزيق دواوين السنة مثل متن الطحاوية وكتب البيهقي و ابن حجر والنووي والسخاوي والسيوطي  رحمهم الله لوقوعهم في اخطاء لكن غلو في الحكم عليهم ومالوا الى تبديعهم والتشدد في ذلك 
ولم يسلكوا سبيل كبار علماء السلف في الحكم عليهم من بيان موضع الخطأ عندهم والتحذير منه و حفظ منزلتهم ورفع قدرهم والامر بقراءة كتبهم وسعو في استحلال دماء المسلمين ولهم مشايخ كبار سن جمعوا بين السرورية والحدادية ويظهرون السنة واتباع السلف الصالح وهم حرب عليهم وعلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ..ولله در الامام ربيع السنة فقد وقف لهم بالمرصاد ففضحهم وكشف شبههم وبين ضعفها ووهاءها ..ولله رسائل عدة في بيان زيف مذهبهم الباطل وتزلفهم ودعواهم اتباع السنة ومن فضل الله علينا ان لنا كتاب ( الرسائل الجلية في فضح شبهات الحداديه ) وهو مطبوع ..فلله الحمد والمنة ..
والحق واضح مبين  ابلج ...والباطل غامض مجمل لجلج ..
==========
كتبه واملاه الفقير الى عفو مولاه: غازي بن عوض العرماني